أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
49663 74378

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-29-2015, 01:26 AM
أبوحمزة أبوحمزة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 66
Post العون في الأوامر و اللطف عند النوازل للشيخ أبي أويس الإدريسي.

بسم الله الرحمن الرحيم
العون في الأوامر
واللطف عند النوازل
===========
من أهم ما ينبغي أن يُستحضر زمن الفتن وتغيرات الأحوال: أهمية (العون في الأوامر)؟!، و(اللطف عند النوازل)؟!، لما بينهما من علاقة وثيقة، وبسبب ما يحصل عند ذلك من ذهول عن النصوص، واضطراب في النفوس، وقد أجمل الإمام ابن القيم - رحمه الله - ذلك في نص نفيس حيث قال:" العبد دائما متقلب بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل، فهو محتاج بل مضطر إلى العون عند الأوامر وإلى اللطف عند النوازل، و(على قدر قيامه بالأوامر يحصل له من اللطف عند النوازل)، فإن كمل القيام بالأوامر ظاهرا وباطنا ناله اللطف ظاهرا وباطنا، وإن قام بصورها دون حقائقها وبواطنها ناله اللطف في الظاهر وقل نصيبه من اللطف في الباطن، فإن قلت: وما اللطف الباطن؟ فهو: ما يحصل للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة وزوال القلق والاضطراب والجزع ، فيستخذى بين يدي سيده ذليلا له مستكينا ناظرا إليه بقلبه ساكنا إليه بروحه وسره قد شغله مشاهدة لطفه به عن شدة ما هو فيه من الألم، وقد غيبه عن شهود ذلك معرفته بحسن اختياره له وأنه عبد محض يُجري عليه سيده أحكامه رضي أو سخط فإن رضي نال الرضا وإن سخط فحظه السخط ، فهذا اللطف الباطن ثمرة تلك المعاملة الباطنة يزيد بزيادتها وينقص بنقصانها" [ الفوائد ص: 202].
هذا مع العلم أنه لا سبيل إلى امتثال أوامره تعالى إلا بمعونته، ولا وصول إلى تحقيق مرضاته إلا بتوفيقه، فموارد الأمور كلها منه ومصادرها إليه فلا مستعان للعباد إلا به ولا متكل إلا عليه كما قال سبحانه على لسان شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب).
والمعنى: "وما توفيقي إلا بالله أي: ما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى لا بحولي ولا بقوتي" [تيسر الكريم الرحمن ص: 387].
فالعبيد متقلبون بين توفيق الله وخذلانه، بل العبد في الساعة الواحدة ينال نصيبه من هذا وهذا، فيطيعه ويرضيه ويمتثل أوامره بمعونته له، ثم يعصيه ويخالف ويغفل عنه بخذلانه له، فهو دائر بين توفيقه وخذلانه، فإن وفقه فبفضله ورحمته، وإن خذله فبعدله وحكمته، وهو المحمود جل وعلا على هذا وهذا.
فمتى شهد العبد هذا (المشهد) وأعطاه حقه علم شدة ضرورته وحاجته إلى التوفيق والمعونة في كل نَفَسٍ وكل لحظة وطرفة عين، وفي كل الأوقات والأحيان، خاصة زمن الإحن والافتتان، ولأجله كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث، أصلح شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك" [ السلسلة الصحيحة رقم : 227].
فبهذا يشهد العبد معونة الله وخذلانه فيسأله توفيقه مسألة المضطر، ويعوذ به من خذلانه عياذ الملهوف ويلقي نفسه بين يديه طريحا ببابه مستسلما له ناكس الرأس بين يديه خاضعا ذليلا مستكينا لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياتا ولا نشورا.
وليعلم أن كثيرا من الناس قد أُغلق عليه باب التوفيق والعون لأمور ستة نُقلت عن شقيق بن إبراهيم البلخي - رحمه الله - حيث قال: "أغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء: (اشتغالهم بالنعمة عن شكرها)، و(رغبتهم في العلم وتركهم العمل)، و(المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة)، و(الاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم)، و(إدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها)، و(إقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها)" [ الفوائد لابن القيم - رحمه الله - ص: 177].
وعلى قدر حرص المرء على القيام بأوامر الله تعالى توفيقا وعونا منه، يحصل له اللطف عند النوازل والفتن متمثلا ذلك في طمأنينة القلب وانشراح الصدر، ومصداق ذلك عمومُ قوله عليه الصلاة والسلام :" تعَرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة " [صحيح الجامع رقم: 2961].
ومن صور ذلك ما حكاه الإمام ابن القيم - رحمه الله - عن شيخه الإمام ابن تيمية - رحمه الله - حيث قال واصفا له: " وعَلِمَ الله ما رأيت أحدا أطيبَ عيشا منه قطُّ، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيبُ الناس عيشا وأشرحهم صدرا، وأقواهم قلبا وأسَرَّهم نفسا، تلُوح نضرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد منا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض، أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحا وقوة ويقينا وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها" [ الوابل الصيب ص:67].

وكم لله من لطف خفـــــي **** يدق خفاه عن فهم الذكـــي
وكم يُسر أتى من بعد عســر**** وفرَّج لوعة القلب الشدي
وكم هَمٍّ تســاء به صباحـــــا **** فتعقبه المسرة بالعشـــــــــي
إذا ضاقت بك الأسباب يوما **** فثق بالواحد الأحد العلي

واعلم أن اللطف في الباطن عند الحوادث والنوازل من آثار اسم الله (اللطيف) سبحانه، والذي معناه كما يقول العلامة الحليمي- رحمه الله - :" هو الذي يريد بعباده الخير واليسر، ويقيض لهم أسباب الصلاح والبر " المنهاج في شعب الإيمان 1/202]. [
ولذا كان " انتظار روح الفرج يعني راحته ونسيمه ولذته، فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفف حمل المشقة ولاسيما عند قوة الرجاء أو القطع بالفرج فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته: ما هو من خفي الألطاف وما هو فرج معجل، وبه وبغيره يفهم معنى اسمه اللطيف " [المدارج 2/167].
وصدق من قال عند قوله تعالى : ( وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم ) : " لا تيأس في (جُب) أحزانك .. ستمر قريبا سيَّارة (الفرج)؟! ".
وللعلاقة القائمة بين العون على الأوامر واللطف عند النوازل كما سبق نقول: من أجلِّ ما يعين على تحقيق هذا اللطف تحقيق الوصل بالله تعالى بأمرين اثنين - خاصة - وهما: (الصلاة) و(الدعاء).
فعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: استيقظ رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ليلة فزعا يقول: " سبحان الله ! ماذا أنزل الله من الخزائن ؟ وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه - لكي يصلين ؟ رُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة "[رواه البخاري -رحمه الله -] .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :" وفي الحديث الندب إلى الدعاء والتضرع عند نزول الفتنة ولا سيما في الليل لرجاء وقت الإجابة لتكشف أو يسلم الداعي ومن دعا له وبالله التوفيق " [الفتح 13/23].
ولذلك قال عبد الله بن الإمام أحمد - رحمه الله -: "كان أبي - أي زمن فتنة القول بخلق القرآن- يقرأ كل يوما سبعا، وكان ينام نومة خفيفة بعد العشاء، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو".
فـ "السعيد من ذلَّ لله وسأل العافية، فإنه لا يوهب العافية على الإطلاق، إذ لا بد من البلاء، ولا يزال العاقل يسأل العافية ( لتغلب) على جمهور أحواله، فيقرب الصبر على يسير البلاء" [صيد الخاطر 275].

كتبه:
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني
عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:03 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.