أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
53050 98954

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-19-2014, 08:57 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي عشر ذي الحجة فضلها ، وأعمالها ، وأحكام تختص بها .


منزلة عشر ذي الحجة ( 75 ) .

http://www.islamdeeny.com/books-448.htm

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

عشر ذي الحجة

إن مما اصطفاه الله من الزمان ليكون موضعاً لعبادته وطاعته عشر ذي الحجة وهي الأيام المعلومات ، كما قال – تعالى - : {وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ }[الحج : 28] .

والمتأمل في هذه الأوقات المباركة ، والأزمنة الفاضلة يجد أن الله – تعالى – قد عم كل لحظاتها بأنواع من الطاعات ، والأعمال الصالحات تقود القلوب إلى علام الغيوب .

فصارت لحظاتها مدارج للكمالات توصل العباد إلى رضا رب الأرض والسموات حتى تنعم قلوبهم بتقواه وتأنس نفوسهم بخدمته وطلب رضاه .

فلا عجب بعد ذلك أن تكون هذه الأوقات مختارة ومجتباة ؛ لأجل ما يحصل فيها من تحقيق تقوى الله والوصول إلى ما يحبه ويرضاه .

فجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مَا مِنْ أيَّامٍ ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام " يعني أيام العشر . قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، وَلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ ؟ قَالَ : " وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ " ( رواه البخاري ) .

" وقوله : " العمل الصالح " يشمل : الصلاة ، والصدقة ، والصيام ، والذكر ، والتكبير ، وقراءة القرآن ، وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، والإحسان إلى الخلق ، وحسن الجوار ، وغير ذلك .." (شرح رياض الصالحين : 3/367) .

فالحكمة البديعة في فضل العبادة في هذه العشر على ما عداها من الأيام حتى لو كان جهاداً في سبيل الله إلا في الصورة المستثناة أن المتعبد فيها يصل إلى حقيقة التقوى ، وتحقيق الإيمان والإسلام لما اشتملت عليه من الشعائر العظام التي تفضي بالصادق إلى بذل قلبه وروحه إلى ربه ومولاه .

قال ابن حجر: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة ؛ لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره "(الفتح: 2/460).

فالمقصود من عبادة الله تحقيق ما للقلب والروح من العبودية بقُمص السنن النبوية ، وهذه المواسم فيها من لطائف الربوبية نسائم تحيى بها القلوب ، وتبتهج بها الأرواح ، وتأنس بها النفوس .

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته *** اتعبت جسمك فيما فيه خسران
اقبل على الروح واستكمل فضائلها *** فأنت بالروح لا بالجسم انسان




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-19-2014, 08:59 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي



أهم وظائف عشر ذي الحجة ( 76 )

http://www.islamdeeny.com/books-449.htm

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم


أهم وظائف عشر ذي الحجة

الوظيفة الأولى / التكبير المطلق لما روى البخاري معلقاً ووصله الفاكهي بسند حسن : " أن ابن عمر وأبا هريرة – رضي الله عنهما - كانا يخرجان إلى السوق في أيام عشر ذي الحجة يكبران ويكبر الناس بتكبيرهم " .

الوظيفة الثانية / ترك أخذ شيء من الشعر أو الأظافر لمن يريد أن يضحي لحديث أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ ، فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ ، فَلاَ يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ " (رواه مسلم) .

الوظيفة الثالثة / صيام التسعة أيام لما ثبت عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس .(رواه أبو داود ، برقم : 2437 ، وصححه الألباني ) .

الوظيفة الرابعة / الحج لمن قدر عليه ؛ لأن معظم مناسكه تقع في هذه الأيام العشرة .

الوظيفة الخامسة / نوافل العبادات المحضة كقيام الليل ، والراتبة ، وقراءة القرآن ، وأذكار الصباح والمساء . . . إلخ .

الوظيفة السادسة / نوافل العبادات المتعدية كالصدقة ، وتعليم الناس ، والدعوة . . . إلخ .

الوظيفة السابعة / الأخلاق الاجتماعية كبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، وحسن الجوار ، وإفشاء السلام ... إلخ . وهذه الوظائف الثلاث كلها داخلة ضمن حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:ما العمل في أيام أفضل منها في هذه ، قالوا : ولا الجهاد ، قال : ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء " (رواه البخاري) .

الوظيفة الثامنة / التكبير المقيد فقد صح عن علي رضي الله عنه كما في مصنف ابن أبي شيبة : " أنه كان يكبر بعد صلاة الصبح من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ويكبر بعد العصر " .

الوظيفة التاسعة / صيام يوم عرفة ، لما ثبت عن أَبي قتادة - رضي الله عنه -، قَالَ : سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ ، قَالَ : " يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ " ( رواه مسلم ).

الوظيفة العاشرة / أعمال العيد ، كصلاة العيد واستماع خطبتها ، والتجمل لها ، وترك الأكل حتى يرجع ويأكل من أضحيته ، ومخالفة الطريق ، وذبح الأضحية ، وتهنئة المسلمين بقول : ( تقبل الله منا ومنكم ) .

***



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-19-2014, 09:03 PM
الأثري العراقي الأثري العراقي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: العراق
المشاركات: 2,016
افتراضي

جَزَاكَ اللهُ خَيراً
( أَجَدْتَّ ) .. ( وَأَفَدْتَّ )
فَـ :
* ( بَارَكَ اللهُ فِيْكَ ) *
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-19-2014, 09:27 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


الايناس في بيان معنى:
{ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ } [المائدة : 97].


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .

أما بعد :

فإن الله – جل في علاه – قد شرع لعباده شرائع الإسلام ، وأحكم مبانيه العظام ، وجعل كل شعيرة منها تتضافر مع أخواتها في تشييد بنائه الشامخ ، و عمارة صرحه الخالد .

فالشرائع الإسلامية من الواجبات والمستحبات روافد إيمانية ومنابع يقينية تسقي شجرة محبة الله – تعالى – في قلوب الصالحين والصالحات .


ولب هذه الشجرة توحيد الله وإخلاص الدين له ، وهو حقيقة الأمر والغاية من الخلق ، كما قال – تعالى - :{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:5] .

ومن رحمة الله – تعالى – بعباده أن جعل لهم من الأزمنة والأمكنة مواسم للطاعات ، وأماكن للقربات ، يظهرون فيها مكنون قلوبهم ، ومحبوس صدورهم من التأله والتعبد .

فمحبتهم لله – تعالى – تجري مع نبض قلوبهم ، ودمع عيونهم شوقاً ووجداً ، فيخرجون مكنون المودة ، وينفسون عن زفرات الشوق والمحبة بالقيام بالواجب والسنة .

ومن تمام منة الله ، وعظيم رحمته ، وكمال لطفه أن جعل لعباده بيتاً لتوحيده ، تراق بفنائه الأشواق ، وتسبل بفيض دموع محبتها الأحداق ، تتعلق القلوب برحابه ، وتأنس النفوس بجنابه . سر أودع في القلوب تسمو به إلى علام الغيوب .

بيت لا يكل الناظر إليه ، ولا يمل الطائف به ، ولا يستحسر العاكف عنده ، لانجذاب قلوبهم إليه ، وتعلق نفوسهم به ؛ لأنه بيت العبادة والإنابة .

ولما رأت أبصارهم بيته الذي *** قلوب الورى شوقا إليه تضرم
كأنهم لم ينصبوا قط قبله *** لأن شقاهم قد ترحل عنهم
فلله كم من عبرة مُهَراقة *** وأخرى على آثارها لا تقدم
إذا عاينته العين زال ظلامها *** وزال عن القلب الكئيب التألم
ولا عجبا من ذا فحين أضافه *** إلى نفسه الرحمن فهو المعظم
كساه من الإجلال أعظم حلة *** عليها طراز بالمُلاحة مُعْلم


ومن لطيف حكمة الله – تعالى – أن أجرى سننه الكونية في صلاح الدنيا وفسادها على مقتضى تعظيم هذا البيت وتبجيله ورعاية حرمته تفخيماً لشأنه ، وقياماً بحقه .

فأسعد الناس قلباً ، وأشرحهم صدراً ، وأقومهم بأمر دينه ودنياه من كان أكثر تعظيماً للبيت الحرام ، كما قال - سبحانه - : { جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ } [المائدة : 97]. قال ابن كثير – رحمه الله - : " أي: يُرْفَع عنهم بسبب تعظيمها السوءُ، كما قال ابن عباس: لو لم يحج الناسُ هذا البيت لأطبق الله السماءَ على الأرض " ( 1/ 413 ) .

قال السعدي – رحمه الله - : " يقوم بالقيام بتعظيمه دينُهم ودنياهم " ( التفسير ) .

والسر في ذلك أنه بيت التوحيد الذي تم بناؤه وعلت أركانه على أسس الإخلاص ، فهو أول مكان وضع لبث الوجد والمحبة : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ }[آل عمران:96] .

ولعظيم شأنه عند الله – تعالى - ، وكمال فخره تولى الله – سبحانه – تعليم إبراهيم الخليل موضع بنائه المشرف ، كما قال : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ }[الحج : 26] . " أي: أرشده إليه ، وسلمه له ، وأذن له في بنائه " ( تفسير ابن كثير : 5/413 ) .

وفي هذا كمال الفخر وعظيم الشرف أن يكون الله - تعالى - هو الذي تولى تحديد مكانه وتعليم إبراهيم موضع بنائه . وشيء هذا شأنه يكون مقصوده من أجل المطالب ، وغايته من أرفع المراتب . وذلك المقصود يتحقق بأمرين اثنين :

الأمر الأول /
نفي الشرك ، والكفر بالأنداد ، والبراءة من الطواغيت ، كما قال – تعالى - :{ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا }.

الأمر الثاني / تحقيق التوحيد ، كما قال – تعالى - :{ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } " أي : طهره لهؤلاء الفضلاء ، الذين همهم طاعة مولاهم وخدمته ، والتقرب إليه عند بيته ، فهؤلاء لهم الحق ، ولهم الإكرام ، ومن إكرامهم تطهير البيت لأجلهم ، ويدخل في تطهيره ، تطهيره من الأصوات اللاغية والمرتفعة التي تشوش المتعبدين ، بالصلاة والطواف " قاله السعدي .

فبيت هذا مقصود قيامه ، وعمارة أركانه لهو في غاية الجلال ، وعظيم الحرمة :{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }

ثم شرع الله – تعالى – لعباده أن يقصدوه ، ويتكلفوا الوصول إليه – حسب الطاقة والمكنة – وجعل في قلوبهم مقتضى قصده قائماً – محبة وشوقاً – لأنه ادعى لتعظيمه وتبجيله ، فالقلوب ترحل إليه قبل أبدانها ، والنفوس تكاد من الشوق تخرج من أجسادها .

{ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }

دعاهم فلبوه رضا ومحبة *** فلما دعوه كان أقرب منهم
تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم *** وغبرا وهم فيها أسر وأنعم
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولم تثنهم لذاتهم والتنعم
يسيرون في أقطارها وفجاجها *** رجالا وركبانا ولله أسلموا


نداؤهم في هذا المشهد العظيم ، وهم قاصدين الكعبة المشرفة : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . تعلو بها أصواتهم ، وتعج بها حناجرهم .

أما والذي حج المحبون بيته *** ولبوا له عند المهل وأحرموا
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا *** لعزة من تعنوا الوجوه وتسلم
يهلوان بالبيداء لبيك ربنا *** لك الحمد والملك الذي أنت تعلم


فالمقصود من هذا البيت بشعائره ، ومشاعره ، وأحكامه ، وسننه ، وآدابه هو إقامة التوحيد وإفراد الله بالعبادة وهذا هو المقصود من إيجاد الخليقة ، فإذا عبدوا الله وحده ، وامتثلوا أمره ، وحققوا تقواه أصلح الله لهم أمر معاشهم ومعادهم .

وعلامة قيامهم بما خلقوا له هو تعظيمهم البيت الحرام الذي قام على هذا الأصل المتين ، والمطلب الرفيع .

فإن فرطوا في شأن هذا البيت ولم يعظموه دل على تفريطهم في حق الله وعدم تعظيمه والاستهانة بحقه وتعلق قلوبهم بغيره من القبور والمشاهد ونحوهما .

وعندها يفسد عليهم أمر دينهم ودنياهم ، وتنتابهم المخاوف ، ويتيهون في الضلال {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[الحج : 31] .

يا مالكا ما أعدلك مليك كل من ملك *** لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
عبدك قد أهل لك أنت له حيث سلك *** لولاك يارب هلك لبيك إن الحمد لك




رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-19-2014, 09:29 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


وجزاك الله مثله وبارك فيك وزادك ربي من فضله
أخي الحبيب الفاضل الأثري العراقي



رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-19-2014, 09:30 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


سلوك المحجة
في التشويق لاغتنام عشر ذي الحجة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وعلى آله وصحبه ومن بهداه اقتدى .

أما بعد :

فلا ريب أن الله – تعالى – قد جعل لكل غاية مقصودة طريقاً موصلاً إليها ، وكلما كان المقصود أحب إلى الله كان تعريف السالكين بالطريق الموصلة إليه أتم ، وتذليلها للمتعبدين أكمل .

والله – سبحانه – يختار من الزمان والمكان والأعيان ما يشاء تخصيصاً بالفضل والإنعام ، كما قال :{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ }[القصص: 68]. وتبعاً لمقتضى علمه وحكمته يكون الاختيار ، فأمره نافذ وحكمه ماضٍ سبحانه هو الملك القهار .

ومن حكمة الله في هذا الاصطفاء أن يجعل في ما وقع عليه الاجتباء سراً لطيفاً ، ومعنى بديعاً لأصحاب القلوب الحية ، والأنفس الزكية لأجله تم التخصيص ، واستُحِق التفضيل .

فمما اصطفاه الله من الزمان ليكون موضعاً لعبادته وطاعته عشر ذي الحجة وهي الأيام المعلومات ، كما قال – تعالى - : {وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ }[الحج : 28] .

وعلق ذكره الذي هو منتهى اللذات التي يمكن أن ينالها العباد في هذه الحياة في ثنايا هذا الزمن الفاضل فيذكروا اسمه {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } " تحريضا على التقرب وتنبيها على مقتضى الذكر " (البيضاوي : ص/123) .

فوصفها الله – سبحانه – ( بالمعلومات ) " للحرص على علمها بحسابها " ( البغوي :5/379) . لأجل إقامة ما يتعلق بها من الشعائر العظام التي بها قوام الدين والدنيا .

ومن ذلك تعظيم البيت الحرام وتطهير أركانه العظام بإقامة التوحيد ونفي التنديد بأن لا يعبد إلا الله ، وإبطال الشرك بكل أحد سواه حتى ينعم الخلق بتعظيمه محبة لجماله ، وخضوعاً لجلاله عند عكوفهم بفناء بيته المعظم ، وطوافهم حول بنائه المفخم .

وهم قائمون له ركعاً سجداً قد امتلأت قلوبهم من جلاله وجماله ، وقد كان الشوق يحدوهم من كل فج عميق قاصدين رضاه مبتغين عفوه راغبين في فضله في الدنيا والآخرة .

فعندها تكتمل في قلوبهم تقواه في رحلة الإيمان التي تم معظمها في هذه العشر العظام المشتملة على ذكره وتلبية ندائه والوقوف في مشاعر الحج عرفة ومزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى مكللين أعمالهم بأكرم الأيام يوم النحر الذي تراق فيه الدماء مؤذنة بتعظيمه وتمجيده وتكبيره وتقديسه وتسبيحه وتنزيهه حمداً له على هدايته ، وشكراً له على توفيقه .

كما قال – تعالى - : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }[الحج : 26 - 29].

ولما كان لهذه العشر هذه المنابع الإيمانية ، والمناهل الربانية عمت بركتها غير أهل الحج ، بأن شُرع لكل أهل الأصقاع الثج ، وهو إراقة الدماء ، تقرباً إلى الله .

فقد جاء عن " مخنف بن سليم قال ونحن وقوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات قال : يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية " (صحيح ، سنن أبي داود ، برقم :2788).

ومن تمام الأضاحي " احترام الشعور لأن الإنسان إذا حج أو أعتمر فإنه لا يحلق رأسه حتى يبلغ الهدي محله فأراد الله عز وجل أن يجعل لعباده الذين لم يحجوا ويعتمروا نصيبا من شعائر النسك " (شرح رياض الصالحين لابن عثيمين : 4/ 352) .

فثبت عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها ، قالت : قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ ، فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ ، فَلاَ يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ " . ( رواه مسلم ) .

ولما كان لأهل الموقف العج - وهو رفع الصوت بالتلبية - فقد شرع الله لسائر العباد الجهر بالتكبير – مطلقاً ومقيداً – إظهاراً للتعظيم والتسبيح والحمد .

فقد قال البخاري: " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا»" .

فالمتأمل في هذه الأوقات المباركة ، والأزمنة الفاضلة يجد أن الله – تعالى – قد عم كل لحظاتها بأنواع من الطاعات ، والأعمال الصالحات تقود القلوب إلى علام الغيوب .

فصارت لحظاتها مدارج للكمالات توصل العباد إلى رضا رب الأرض والسموات حتى تنعم قلوبهم بتقواه وتأنس نفوسهم بخدمته وطلب رضاه .

فلا عجب بعد ذلك أن تكون هذه الأوقات مختارة ومجتباة ؛ لأجل ما يحصل فيها من تحقيق تقوى الله والوصول إلى ما يحبه ويرضاه .

فجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مَا مِنْ أيَّامٍ ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام " يعني أيام العشر . قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، وَلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ ؟ قَالَ : " وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ " ( رواه البخاري ) .

" وقوله : " العمل الصالح " يشمل : الصلاة ، والصدقة ، والصيام ، والذكر ، والتكبير ، وقراءة القرآن ، وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، والإحسان إلى الخلق ، وحسن الجوار ، وغير ذلك .." (شرح رياض الصالحين : 3/367) .

فالحكمة البديعة في فضل العبادة في هذه العشر على ما عداها من الأيام حتى لو كان جهاداً في سبيل الله إلا في الصورة المستثناة أن المتعبد فيها يصل إلى حقيقة التقوى ، وتحقيق الإيمان والإسلام لما اشتملت عليه من الشعائر العظام التي تفضي بالصادق إلى بذل قلبه وروحه إلى ربه ومولاه .

قال ابن حجر: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة ؛ لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره "(الفتح: 2/460).

فالمقصود من عبادة الله تحقيق ما للقلب والروح من العبودية بقُمص السنن النبوية ، وهذه المواسم فيها من لطائف الربوبية نسائم تحيى بها القلوب ، وتبتهج بها الأرواح ، وتأنس بها النفوس .

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته ** اتعبت جسمك فيما فيه خسران
اقبل على الروح واستكمل فضائلها ** فأنت بالروح لا بالجسم انسان



رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-19-2014, 11:44 PM
ابو ادم ابو ادم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
الدولة: رام الله -فلسطين
المشاركات: 525
افتراضي

جزاك الله خيرا أبا زيد نريد نقلها يا حبيب
__________________
[SIZE="5"]من روائع أقوال العلامة المحدث علي الحلبي :
(( يا إِخواني! إذا دَخَلْنا في العِلمِ؛ فَلْنَعرِف أدَبَ العِلم، وأدبَ أهلِ العِلمِ، وأخلاقَ أهلِ العِلم؛ حتى نَكونَ على سَوِيَّةٍ مِن أمرِنا، وعَلى بيِّنةٍ مِن شأنِنا.
أمَّا أنْ نأخُذَ مِن هُنا شيئًا، ومِن هُنا شيئًا، ومِن هُنا شيئًا، ثم نظنُّ أنَّنا أصبَحنا طَلبةَ عِلمٍ -دُونَما أدَبٍ، ودونَما التَّخلُّقِ بِأخلاقِ أهلِ العِلمِ-؛ فَلا و(ألفُ) لا )).

[من "اللقاء الرابع" في غرفة القرآن الكريم، الدقيقة: (47:45)].[/SIZE]
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-20-2014, 11:44 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


بوركت أخي الفاضل ابو ادم
وجزاك الله مثله
وأحبك الله الذي أحببتنا فيه
ولك ما أردت و " الدال على الخير كفاعله " .
وسلمك ربي من كل سوء



رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-28-2014, 01:12 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


قال ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - :

" لما كان الله - سبحانه و تعالى - قد وضع في نفوس المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام
وليس كل أحد قادراً على مشاهدته في كل عام

فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره
و جعل موسم العشر مشتركا بين السائرين و القاعدين
فمن عجز عن الحج في عام
قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج


ليالي العشر أوقات الإجابة ... فبادر رغبة تلحق ثوابه
ألا لا وقت للعمال فيه ... ثواب الخير أقرب للإصابة
من أوقات الليالي العشر حقا ... فشمر واطلبن فيها الإنابة
" .

( لطائف المعارف : 204 ) .



رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-28-2014, 01:41 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


قال ابن عثيمين - رحمه الله - :

" والعجب أن الناس غافلون عن هذه العشر
تجدهم في عشر رمضان يجتهدون في العمل

لكن في عشر ذي الحجة لا تكاد ترى أحدا فرق بينها وبين غيرها .
فإني أحث أخواني المسلمين على اغتنام هذه الفرصة العظيمة ،
وأن يكثروا في عشر ذي الحجة من الأعمال الصالحة
" .
( من خطبة صوتية له ) .


مواسم الفضل قد لاحت مواكبه *** عشر بعشر ويوم يعدل العشرا
فاغنم ليال أتت جلت مناقبها *** قد ضاعف الله فيها الخير والأجرا




رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.