علماء الحديث والصدق

[أبو مسلم مراد البرجي]

لقد كان علماء الحديث آية من آيات الله في الصدق، لا يخجلون من قول لا أدري، يستعينون على طلبهم للعلم بالعمل الصالح ويتركون ما لا بأس فيه خشية الوقوع فيما فيه بأس . يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أيها الناس من علم منكم شيئا فليقل، ومن لم يعلم فليقل لما لا يعلم الله أعلم" رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/831).
فإن من علم المرء أن يقول لما لا يعلم الله أعلم، والاعتراف بالجهل خير من التقول على الله يغير علم والدخول بين الله وبين عباده بما لم يأذن الله به. وقد سأل يحيى بن سعيد ابنًا لعبد الله ابن عمر عن مسألة، فلم يقل فيها شيئا، فقيل له: إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمام هدى تُسأل عن أمر ليس عندك فيه علم، فقال: "أعظم والله من ذلك عند الله عز وجل، وعند من عرف الله عز وجل، وعند من عقل عن الله عز وجل: أن أقول بما ليس لي به علم أو أن أخبر عن غير ثقة" رواه الخطيب في الكفاية ص33.
والصدق من مؤهلات المحدث الأولى، ومن دونه يعد الراوي مردود الحديث غير مقبوله ولا مستعمله، وإن لم يتحلى بالصدق هجر حديثه، وردت روايته. يقول عبد الله بن خبيق الأنطاكي: "لكل تاجر رأس مال، ورأس مال المحدث الصدق" رواه الخطيب في الكفاية ص 231.
والصدق أداة للتعلم، وبه تفتح مغاليق العلم، وتسهل صعوباته وتلين جوامده وتأنس أوابده، وبه تصفوا قريحة المتعلم ويتفتح ذهنه، وتتسع ذاكرته، وإذا جمع معه العمل كان ذلك مدعاة إلى رسوخ الأقدام في هذا الشأن. قال وكيع: كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به، وكنا نستعين على طلبه بالصوم". رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/1031).
ويقول مخلد بن الحسين: "وإن كان الرجل ليسمع العلم اليسير، فيسود به أهل زمانه، يعرف ذلك في صدقه وورعه، وإنه ليروي اليوم خمسين ألف حديث، لا تجوز شهادته على قلنسوته". رواه الخطيب في الكفاية ص 7.
ويقول أبو بكر بن عياش: "إني لأرجو أن يكون أصحاب الحديث خير الناس، يقيم أحدهم ببابي، وقد كتب عني، ولو شاء أن يرجع ويقول: حدثني أبو بكر جميع حديثه فعل؛ إلا أنهم لا يكذبون". رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث ص3.
ويقول الأعمش: "كان هذا العلم عند أقوام كان أحدهم لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يزيد فيه واوا أو ألفا أو دالا". رواه الخطيب في الكفاية ص 178.
وقد كان أحدهم لا يتحدث بالحديث إلا إذا تيقن به وتأكد منه ووثق بصحته، وإلا توقف عنه. قال الشافعي: "كان مالك إذا شك في الحديث تركه كله". شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي ص127.

[أبو عبيدة الجزائري]

جزى الله الشيخ مراد إبراهيمي على هذه المبادرة الطيبة في المشاركة في هذا المنتدى المبارك ونأمل منه المزيد في علوم الحديث فإن علوم الحديث تخصصه وهو الآن يحظر في دكتوراء بعنوان التصخيفات والأوهام التي وقعت في مجمع الزوائد للهيتمي ونأمل كذلك أن يرفع لنا بعض بحوثه

[عمربن محمد بدير]

مرحبا بالشيخ
مراد براهيمي البرجي
بمنتداه السلفي كل السلفيين
ونرحب بجميع طلبة العلم من الجزائر الذين سجّلوا مؤخرا بالمنتدى
مزيدا من المشاركات العلمية النافعة
وجزاكم الله خيرا...

[أبو مسلم مراد البرجي]

جزاكم الله خيرا وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر آمين

[أبو عبد الله الأثري]

حياك الله أخي مراد و بارك الله فيك
و من باب التأكد فحسب ، ألست الأخ مراد الذي كان في مكتبة الشيخ مشهور - حفظه الله - ؟

[أبو مسلم مراد البرجي]

الله يحييك وفيكم بارك الله وأسأل الله لي ولكما التوفيق والجنة آمين

[أبو مسلم مراد البرجي]

قَالَ مَسْلمةُ بنُ القَاسم: كان العُقَيْليُّ جليلَ القدْر، عظيمَ الخَطَر، ما رأيتُ مثلَه، وكان كثيرَ التصانيف، فكان من أتاه من المحدِّثين، قَالَ: اقرأْ مِنْ كِتَابكَ، ولا يخْرِجُ أصلَه، قَالَ: فتكَّلمْنَا في ذلك. وقُلْنَا: إمَّا أنْ يكونَ من أحفظِ النَّاس، وإمَّا أنْ يكونَ مِنْ أكذبِ النَّاس، فاجتَمعنا فاتَّفقنَا على أنْ نكتبَ له أحاديثَ من روايتهِ ونزيدُ فيها وننقصُ، فأتيناهُ لنمتَحِنَه، فَقَالَ لي: اقرأْ فقرأتُها عليه. فلما أتيتُ بالزيادةِ والنقصِ فَطِنَ لذلكَ، فأخذَ مني الكِتَاب، وأَخَذَ القلمَ، فأصلحَها مِنْ حفظه فانصرفنا مِنْ عنده، وقد طابتْ نفوسُنا، وعَلِمنَا أنَّه من أحفظِ النَّاس. انظر تمام القصة في: سير أعلام النبلاء للذهبي: 15/237، وفتح المغيث للسخاوي: 1/274.

[أبو مسلم مراد البرجي]

وقَالَ عبدُ الله بنُ أحمد بن حنبل: سمعتُ رَجُلاً يقولُ ليحيى: تحفظُ عن عبدِ الرزاق، عن مَعْمَر، عن أبي إسحَاق، عن عَاصِم بنِ ضَمْرةَ، عن علي عن النبي : أنه مَسَحَ على الجبائر؟ فَقَالَ: باطلٌ، ما حدّثَ به مَعْمَر قَط. سمعتُ يحيى يقول: عَليهِ مائةُ بَدَنة مُقلدة مُجَللة إنْ كَانَ مَعْمَر حَدّثَ بهذا قَط، هذا باطل، ولو حدّثَ بهذا عبدُ الرزاق كَانَ حَلالَ الدّم، مَنْ حدّثَ بهذا عن عبد الرزاق؟ قالوا له: فلانٌ. فَقَالَ: لا واللهِ ما حدّثَ به مَعْمَر، وعليه حَجةٌ من هاهنا - يعني المسجد - إلى مكة إن كان مَعْمَر حدّثَ بهذا. قَالَ أبو عبدِ الرحمن – عبد الله بن أحمد -: وهذا الحديثُ يروونه عن إسرائيلَ، عن عَمْرو بنِ خَالد، عن زَيد بنِ علي، عن آبائه، عن علي:"أنّ النبي مَسَحَ على الجبائر"، وعَمْرو بنُ خَالد لا يسوي حديثه شيئاً. انظر تمام القصة في: العلل ومعرفة الرجال لأحمد: 3/15رقم3944، شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي: 3/929، وشرح علل الترمذي: 2/753.

[أبو مسلم مراد البرجي]

وقَالَ الحسينِ المروزيُّ: سمعتُ عبدالرحمن بن مهديّ يقولُ: كنتُ عند أبي عَوانةَ فَحدَّثَ بحديثِ الأعمش، فقلتُ: ليس هذا من حديثك، قَالَ: بلى، قلتُ: لا، قَالَ: بلى، فقلتُ: لا، قَالَ: يا سلامة هاتِ الدَّرْج فأخرجه فنظر فيه، فإذا ليس الحَدِيث فيه، فَقَالَ: صدقتَ يا أبا سعيد، صدقتَ يا أبا سعيد، ومَنْ أينَ أُتيتُ بهِ؟ قلتُ: ذُوكِرتَ بهِ وأنت شابٌّ فظننتَ أنك سمعتَهُ. انظر تمام القصة في: المجروحين لابن حبان: 1/54، وتاريخ بغداد للخطيب: 10/245، والجامع لأخلاق الراوي للخطيب: 2/39، والتعديل والتجريح للباجي: 3/1201، وتهذيب الكمال للمزي: 17/440، وشرح علل الترمذي لابن رجب: 1/535.

[أبو مسلم مراد البرجي]

قَالَ نصْر بن حمَّاد الورَّاق:كنا قعوداً على باب شُعْبة؛ نتذاكر، فقلتُ: حَدّثنَا إسرائيلُ، عَنْ أبي إسحاق، عَنْ عبدِ الله بن عطاء، عَنْ عقبة بن عامر، قَالَ: كُنا نتناوبُ رعيَّة الإبل على عهد رسولِ الله ، فجئتُ ذات يومٍ والنبي حوله أصحابه؛ فسمعتُه يقول: " من توضأ، فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فاستغفر الله؛ إلا غفر له". فقلتُ: بخٍ بخٍ! فجذبني رجل من خلفي، فالتفتُّ؛ فإذا عمر بن الخطاب، فَقَالَ الذي قبل أحسن! فقلت: وما قبل؟!قَالَ: قَالَ: "من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ قيل له: ادخل من أي أبواب الجنة شئت".قَالَ: فخرج شُعْبة؛ فَلَطمني، ثم رجع فدخل؛ فتنحَّيت من ناحية، قَالَ: ثم خرج؛ فَقَالَ: ما له يبكي بعد؟! فَقَالَ له عبد الله بن إدريس: إنك أسأت إليه! فَقَالَ شُعْبة: انظر؛ ماذا تحدث! إنَّ أبا إسحاق حدثني بهذا الحَدِيث، عَنْ عبدالله بن عطاء، عَنْ عقبة بن عامر، قَالَ: فقلنا لأبي إسحاق: مَنْ عبد الله بن عطاء؟ قَالَ: فغضب، ومِسعرُ بن كِدَام حاضر، قَالَ: فقلتُ له: لتصححن لي هذا، أو لأُحَرِّقن ما كتبتُ عنك! فَقَالَ مِسعر: عبد الله بن عطاء بمكة. قَالَ شُعْبة: فرحلتُ إلى مكة، لم أُرد الحج، أردتُ الحَدِيثَ، فلقيت عبدالله بن عطاء، فسألته، فَقَالَ: سعد بن إبراهيم حدثني، فَقَالَ لي مالكُ بنُ أنس: سعد بالمدينة، لم يحج العام. قَالَ شُعْبة: فرحلتُ إلى المدينة، فلقيت سعد بن إبراهيم، فسألته، فَقَالَ: الحَدِيثُ من عندكم؛ زياد بن مِخراق حدثني. قَالَ شُعْبة: فلما ذكر زياداً، قلت: أيُّ شيءٍ هذا الحَدِيث؟! بينما هو كوفي، إذ صار مدنياً، إذ صار بصرياً!. قَالَ: فرحلتُ إلى البصرة، فلقيتُ زياد بن مِخراق، فسألته، فَقَالَ: ليسَ هو مِنْ بابَتِك!. قلتُ: حدثني به، قَالَ: لا ترده! قلتُ: حدثني به. قَالَ: حدثني شَهْرُ بنُ حَوشَب، عَنْ أبي ريحانة، عَنْ عقبة بن عامر، عَنْ النبي . قَالَ شُعْبة: فلمّا ذَكَرَ شهر بن حوشب، قلت: دمَّر هذا الحَدِيث، لو صح لي مثل هذا عَنْ رسول الله كان أحب إلى من أهلي ومالي والناس أجمعين . انظر تمام القصة في الضعفاء الكبير للبخاري: 2/191، وتقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: ص167 ، والمجروحين لابن حبان: 1/28-29، والكامل لابن عدي: 4/37، 168، والعلل للدارقطني: 2/114، والحلية لأبي نعيم: 7/148، والتمهيد لابن عبد البر: 1/48ـ 49، والرحلة في طلب الحَدِيث للخطيب: ص59، والكفاية للخطيب: ص 566 ـ 567، القراءة خلف الإمام للبيهقي: ص207 ـ 208، وتاريخ دمشق لابن عساكر: 19/217، وجامع التحصيل للعلائي: ص77.