أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
59148 74378

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام > مقالات فضيلة الشيخ علي الحلبي -حفظه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-22-2010, 06:18 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي الشِّدَّة؛ لِمَن؟! وعلى مَن؟! ولِماذا؟! وبماذا؟!

الشِّدَّة؛ لِمَن؟! وعلى مَن؟! ولِماذا؟! وبماذا؟!




مِن القواعدِ المُقرَّرَةِ عند كافَّةِ العُلماء -بل العُقلاء!- قولُهُم: (الحُكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوُّرِه)؛ وهي قاعدةٌ لا تَقبلُ كثيراً -ولا قليلاً!- مِن الشكّ والجَدَل، والأخذ والردّ!

ذلكُم أنَّ إغفالَ تصوُّر الأُمور على حقيقتِها -أو التساهُلَ في شيءٍ مِن ذلك- مُوصِلٌ إلى الخَلَل في الحُكْم عليها، أو تحديد النظرة إليها.

وكلَّما كان التصوُّرُ أقربَ إلى الواقعِ: كان الحُكْمُ أدنَى إلى الحقِّ والصواب...

مِن أجلِ ذا؛ وَجَبَ على كُلِّ ذِي نَظَرٍ استيعابُ معرفةِ الأُمورِ المُرادِ بيانُ أحكامها مِن جوانبِها -كافَّةً- قبل خَوْضِ أيِّ بحثٍ فيها، فضلاً عن إصدار الحُكم عليها!

والناظرُ في (منتدياتنا) السلفية المُبارَكَة -هذه- بحمدِ الله- تعالى- يرَى أنَّها -في أغلبِ أمرِها- قائمةٌ على التأصيلِ العلميِّ -مِن جهةٍ-، وعلى الردِّ بالرِّفقِ واللِّينِ -مِن جهةٍ أُخرَى-، بل يرَى أنَّ التأصيلَ هو الأكثرُ وُرُوداً، والأوفرُ وجوداً -أصالةً- بحمدِ الله -تعالى-.

وبالنتيجةِ؛ فالردُودُ التي (قد) تتضمَّنُ (شيئاً!) مِن الشدَّةِ -عندنا- محدودةٌ جدًّا، ومعدودةٌ عَدًّا...

ولو قُورِنَتْ بمَن نَرُدُّ عليهم ممّن ابتدؤونا بالردِّ -أساساً-، وشتمونا وسبُّونَا (!)، ومِن سلفيَّتِنا جرَّدُونا وأخرَجُونا -تَبَعاً-؛ فإنَّها لا تُقارَنُ بها -ولو في أقلِّ وُجوه المُقارنةِ-.

وانظُر: تَرَ!

فكيف -بالله- سنَرُدُّ -عندما نَرُدُّ ولو بالقليل!- على مَن اتَّهَمَنا بالإرجاءِ والجهميَّةِ؟!

وكيف نُجيبُ مَن يطعُنُ في شيخِنا، ويُسَفِّهُ أقوالَهُ بغيرِ عِلمٍ ولا بصيرةٍ؟!

وكيف نسكُتُ -مع أنَّ السُّكوتَ أكثرُ صنيعنا!- على مَن اتَّهَمَنا بالنِّفاق، واللفلفة، والخَلَفِيَّة؟!

وكيف لا نتكلَّمُ فيمَن جَمَعَ ألفاظَ السُّوءِ -والسُّوق!- كُلَّها، ورَمانا بها -جُملةً وتفصيلاً- في صعيدٍ واحدٍ - بغيرِ خوفٍ مِن الخالِق، ولا حياءٍ مِن الخَلْق؟!

وكيف نُواجِهُ مَن طَعَنَ -بالهوَى- في أنسابِنا، وغَمَزَ -بالاختلاق- في أعراضِنا؟!

أفلا يستحقُّ الواحدُ مِن هؤلاءِ أنْ نَرُدَّ عليه (بعض) سُوئِه وباطلِهِ بشيءٍ مِن مثلِه (!) -ولا أقولُ: الصاعَ صاعَيْنِ-!؟

ولو فَعَلْنا ذلك -الصاعَ صاعَيْن-؛ فواللهِ لن نكون له ظالمِين، ولا في أيِّ حقٍّ مُقصِّرين أو مُفَرِّطِين...

نَعَم؛ «الردّ بمجرّد الشتم والتهويل لا يعجِزُ عنهُ أحدٌ! والإنسانُ لو أنَّهُ يُناظِرُ المُشرِكين، وأهلَ الكتاب؛ لكانَ عليه أنْ يذكُرَ مِن الحُجَّةِ ما يُبَيِّنُ به الحقَّ الذي معه، والباطلَ الذي معهم» -كما قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة في «مجموع الفتاوَى» (4/186)-.

ولكنْ؛ فَرْقٌ بين (الشَّتْم والتهويل) -مِن جهةٍ-، وبين (التغليظ والتخشين) -مِن جهةٍ أُخرَى-:

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة في «مجموع الفتاوَى» (28/53):
«إنَّ ما يجري مِن نوعِ تغليظٍ أو تخشين على بعضِ الأصحابِ والإخوان... هي مِن مصالحِ المُؤمنين التي يُصلِحُ اللهُ بها بعضَهم ببعضٍ؛ فإنّ المؤمنَ للمؤمنِ كاليدَيْن تغسِلُ إحداهُما الأُخرَى، وقد لا ينقلعُ الوسخُ إلاّ بشيءٍ مِن الخشونةِ!

لكنّ ذلك يُوجبُ مِن النَّظافةِ والنُّعومةِ ما نَحْمَدُ معه ذلك التخشينَ».

فكيف إذا كان هذا (التغليظ والتخشين) ليس انتصاراً شخصيًّا، أو ردَّةَ فعلٍ ذاتيَّةً؛ وإنَّما هو انتصارٌ للحقِّ وأهلِه، ورَفعٌ للوائِهِ ورايتِه؛ فالأمرُ -والحالةُ هذه- كما قالَ -تعالى-: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِن سَبِيل . إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيم}[الشورى:41-42]؛ وكما قال -سُبحانَهُ-: {لا يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}[النساء:148].

وقد وُجِّهَ شيءٌ مِن الانتقادِ (!) لشيخِنا الإمامِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ- في بعضِ رُدودِهِ (على أهلِ السُّنَّةِ!) في موضوعِ (الشدَّة) -هذا-، فقالَ -رحمهُ اللهُ- في مُقدِّمَةِ «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (1/27-31- ط2) -رادًّا، ومُجيباً، ومُؤَصِّلاً-:
«كثيراً ما يسألُنِي بعضُهم عن سببِ (الشِّدَّةِ) التي تبدُو -أحياناً- في (بعضِ) كتاباتِي في الردِّ على بعضِ الكاتِبين ضدِّي؟

وجواباً عليه أقولُ:
فلْيَعْلَم هؤلاء القُرَّاءُ أنَّنِي -بحمدِ الله- لا أبتدئُ أحداً يرُدُّ عليَّ ردًّا علميًّا لا تَهَجُّمَ فيه، بل أنا له مِن الشاكِرين.

وإذا وُجِدَ شيءٌ مِن تلكَ (الشِّدَّةِ) في مكانٍ ما مِن كُتُبِي؛ فذلك يعودُ إلى أنْ تكونَ ردًّا على مَن ردَّ عليَّ ابتداءً، واشتطَّ فيه، وأساءَ إليَّ بُهتاً وافتراءً...

... ومِثلُ هؤلاء (الظَّلَمَةِ!) لا يُفيدُ فيهم -في اعتقادِي- الصَّفْحُ واللِّينُ، بل إنَّهُ قد يضرُّهُم، ويُشَجِّعُهُم على الاستمرارِ في بغيِهِم وعُدوانِهِم؛ كما قالَ الشاعرُ:



إذا أنتَ أكرَمْتَ الكريمَ مَلَكْـتَهُ ***** وإنْ أنتَ أكْرَمتَ اللَّئيمَ تَمَرَّدَا

ووَضْعُ النَّدَى في موضعِ السَّيْفِ بالعُلَى*****مُضِرٌّ كوَضْعِ السَّيْفِ في مَوضِعِ النَّدَى!



بل إنَّ تحمُّلَ ظُلْمِ مثل هؤلاء المُتصدِّرِين لإرشادِ النَّاسِ وتعليمِهِم، قد يكونُ -أحياناً- فوقَ الطاقةِ البشريَّة.

ولذلك؛ جاءتِ الشريعةُ الإسلاميَّةُ مُراعيةً لهذه الطاقةِ، فلمْ تَقُل -والحمدُ لله- كما في الإنجيل (المزعوم!) -اليوم-: «مَن ضربَكَ على خدِّكَ الأيمن؛ فأدِرْ له الخدَّ الأيسَر، ومَن طَلَبَ منكَ رِداءَكَ؛ فأعطِهِ كِساءك»! بل قال -تعالى-: {فمَن اعتدَى عليكُم فاعتدُوا عليه بمِثلِ ما اعتدَى عليكُم}، {وجزاءُ سيِّئةٍ سَيِّئَةٌ مثلُها}.

وأنا ذاكرٌ بفضلِ الله -تعالى- أنَّ تمامَ هذه الآيةِ الثانيةِ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين.وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِن سَبِيل.إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيم.وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُور}[الشورى:40-43].

ولكنِّي أعتقدُ أنَّ الصفحَ المشكورَ، والصبرَ المأجورَ؛ إنَّما هو فيمَن غَلَبَ على الظنِّ أنَّ ذلك ينفعُ الظالمَ ولا يضرُّهُ، ويُعِزُّ الصابرَ ولا يُذِلُّه؛ كما يدلُّ على ذلك سيرتُهُ -صلّى اللهُ عليه وسلم- العمليَّةُ مع أعدائِهِ...

وأقلُّ ما يُؤخَذُ مِن هذه الآيات -ونحوِها- أنَّها تسمحُ للمظلومِ بالانتِصارِ لنفسِهِ بالحقِّ دونَ تَعَدٍّ وظُلْم؛ كقولِهِ -تعالى-: {لا يُحِبُّ اللهُ الجهرَ بالسُّوءِ مِن القولِ إلاّ مَن ظُلِم}.

والسُّنَّةُ تُؤكِّدُ ذلك وتُوضِّحُهُ؛ كمِثْلِ قولِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لعائشةَ حينَ اعتَدَتْ إحدَى ضَرَّاتِها عليها: «دونَكِ فانْتَصِرِي».

قالَتْ: فأقبَلْتُ عليها، حتَّى رأيتُها قد يَبس ريقُها في فيها، ما تَرُدُّ عليَّ شيئاً، فرأيتُ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلّم- يتهلَّلُ وجهُهُ. -رواهُ البُخاريُّ في «الأدب المُفرد» -وغيرُهُ- بسندٍ صحيحٍ-، وهو مُخرَّجٌ في «الصحيحةِ» (1862)-.

فأرجُو مِن أولئكَ القُرَّاء أنْ لا يُبادِرُوا بالإنكارِ؛ فإنِّي مظلومٌ مِن كثيرٍ ممَّن يدَّعُونَ العِلمَ، وقد يكونُ بعضُهُم ممّن يُظَنُّ أنَّهُ معَنا على منهجِ السَّلَفِ، ولكنَّهُ -إنْ كان كذلك!- فهو ممّن أكَلَ البُغضُ والحسدُ كَبِدَهُ؛ كما جاء في الحديثِ: «دَبَّ إليكُم داءُ الأُمَمِ قبلَكُم: الحسدُ، والبغضاءُ؛ هي الحالِقةُ: حالقةُ الدِّين، لا حالِقةُ الشَّعر» -وهو حديثٌ حَسَنٌ بمجموعِ طريقَيْه عن ابنِ الزُّبَيْر وأبي هريرةَ-.

فأرجُو مِن أولئك المُتسائلِين أنْ يكونُوا واقعيِّين، لا خياليِّين، وأنْ يرضَوا منِّي أنْ أقِفَ في ردِّي على الظالِمِين مع قولِ ربِّ العالَمِين: {ولا تعتدوا إنّه لا يحب المعتدين}؛ غيرَ مُتجاوِبٍ مع ذلك الجاهليِّ القديم:


ألا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا*****فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهِلِينا!


عِياذاً باللهِ أنْ أكونَ مِن الجاهلين»...
ثُمَّ أشارَ -رحمهُ اللهُ- إلى بعضِ مَن رَدَّ عليه، وحالِهم -وقد نَقَلَ بعضَ فاسدِ كلامِهِ وقولِهِ-مُبَكِّتاً-:
«... ونحو هذا مِن الإفكِ الذي لا يصدُرُ مِن كاتبٍ مُخلِصٍ يَبتغِي وجهَ الحقِّ، وينفعُ فيه اللِّينُ والأسلوبُ الهيِّنُ في الرَّدِّ عليه؛ لأنَّهُ مُكابِرٌ شديدُ المُكابَرَةِ والتمحُّل..».

فكيف لو رَأَى شيخُنا -رحمهُ اللهُ- ما يُعامِلُنا به -بظُلمٍ سافِرٍ، واعتداءٍ سافلٍ- كثيرٌ مِن كَتَبَةِ (المنتديات) المُعاصِرِين -وجَهَلَتِهِم-؛ الذين غُذُّوا على التعصُّب! ونَشَؤوا على الحِقد! وتشرَّبُوا التقليد الشديد؟!

كيف لو رأَى تفَنُّنَهُم في سَبِّنا، وتلوُّنَهُم في طرائقِ التقوُّل علينا وتقويلنا؟!

كيف لو رَأَى أساليبَهُم في الهُجومِ على نيَّاتِنا -بمَحضِ الباطلِ-، واستخراجِ مَكنونِ صُدورِنا- بعَيْن التهجُّم-؟!

.. وهذا الجوابُ العلميُّ (الألبانيُّ) الحاسمُ -كُلُّه- يُبَيِّنُ (جانِباً) مِن حالِنا مع خُصومِنا، و(طرفاً) مِن واقعِنا مع الرادِّينَ علينا...

ولو أنْصَفَ المُنتَقِدُ -مِن خُلَّصِ إخوانِنا وأحبابِنا -ولا نتكلَّمُ عن مُناوِئِينا وأعدائِنا! -بعد اطِّلاع-؛ لَعَرَفَ أنَّ رُدودَنا لا تُساوِي عُشرَ رُدودِهم، وأنَّ تغليظَنا وتخشِينَنا لا يُقارِبُ عُشرَ مِعشارِ شَتْمِهِم وسَبِّهِم!!

وكلامُ شيخِنا -رحمهُ اللهُ- ذاك - يتضمَّنُ الجوابَ الفصلَ على الأسئلةِ الأربعةِ المطروحةِ في عُنوانِ هذا المَقالِ:

الشِّدَّةُ:
1- لِمَنْ؟!.... لِلمظلوم المُنتصِر بحقّ...

2- على مَن؟!.... على الظالِم الباغي بالجَوْر...

3- لماذا؟!.... لِردِّ بَهْتِهِ وعُدوانِهِ...

4- وبماذا؟!.... بالحُجَّةِ والبيِّنَةِ -ولو كان معها شيءٌ مِن الإغلاظِ والشِّدَّةِ!-...

وما أجملَ ما قيلَ: (عجبتُ مِن الرَّجُلِ .. يرَى القَذاةَ في عينِ أخيهِ، ويَدَعُ الجِذْعَ في عينِهِ! ويُخرِجُ الضِّغْنَ مِن نَفْسِ أخيهِ، ويَدَعُ الضِّغَنَ في نفسِهِ) -«صحيح الأدب المُفرَد» (685)-.




فالعينُ تُبصِرُ منها ما دَنَا ونَأَى ***** ولا تَرَى نفسَها إلاّ بمِرآةِ!




ولنَنْظُر -كذلك- ما رواهُ أبو نُعَيم في «الحِلية» (6/307) -ممَّا يُمثِّلُ -جدًّا- (شيئاً) ممّا نحنُ فيه!-، عن الرَّبيعِ بنِ صَبِيح، قال:
قلتُ للحَسَنِ: إنَّ -ها هُنا- قوماً يتَّبِعُونَ السِّقْطَ مِن كلامِك؛ لِيَجِدُوا إلى الوقيعةِ فيكَ سبيلاً!

فقال: لا يكْبُرُ ذلك عليك؛ فلقد أطمعْتُ نفسي في جنَّةِ الخُلودِ؛ فطَمِعَتْ...
وأطمعْتُها في مُجاورةِ الرَّحْمن؛ فطَمِعَتْ...

وأطمعْتُها في السلامةِ مِن النَّاس؛ فلمْ أجِد إلى ذلك سبيلاً! لأنِّي رأيتُ النَّاسَ لا يرضَوْنَ عن خالِقِهِم، فعلمتُ أنَّهُم لا يرضَوْنَ عن مخلوقٍ مثلِهِم!

وروَى أبو نُعَيم (9/147) عن بَحر بن نَصْر، قال: قيل للشافعيِّ: الناسُ يقولونَ: إنَّكَ شيعيّ!
فقال -رحمهُ اللهُ-: ما مَثَلِي ومَثَلُهُم إلاّ كما قالَ نُصَيْبٌ الشَّاعرُ:



ومـا زالَ كِتمانِيكِ حتَّى كأنَّنِي ***** لِرَجْعِ جوابِ السَّائلي عنكِ أعجمُ


لأسلمَ مَن قول الوُشاةِ وتسلمي ***** وهل حيٌّ علـى النـاس يَسْلَمُ



ثُمَّ قالَ: ليسَ إلى السَّلامةِ مِن النّاسِ سبيل! فانظُر إلى ما يُصلِحُ دينَك فالْزَمْهُ؛ [فإذا أصلحتَ ما بينك وبَيْنَ الله -عزَّ وجلَّ-؛ فلا تُبالِ بالنَّاسِ] -وما بَيْنَ المعقوفَيْنِ مِن «الزُّهْد الكبير» (ص105) -للبيهقي-.

ومنهُ: قولُ أبي الدَّرداء -رضي اللهُ عنهُ-: «كان الناسُ ورقاً لا شوكَ فيه، وهُم اليومَ شوكٌ لا وَرَقَ فيه؛ إنْ نقدتَهُم نَقَدُوكَ، وإنْ تَرَكْتَهُم لمْ يترُكُوك». -رواهُ مالك في «الموطَّأ» (978 - محمد بن الحسن)-.


وخِتاماً:
فإنِّي أرجُو ربِّي -سُبحانَهُ- العونَ والتوفيقَ: على أنْ أتمثَّل -عِلماً وعَمَلاً، وواقِعاً وحياةً- مَا قالَهُ مالِكُ بنُ دينار -رحمهُ اللهُ -كما في «الزُّهْد الكبير» (ص101)-:
«منذ عرفتُ الناسَ ما أُبالي مَن حَمِدَنِي، ولا مَن ذَمَّنِي؛ لأنِّي لا أرَى إلاّ حامِداً مُفْرِطاً، أو ذامًّا مُفَرِّطاً»!!




واللهُ -وحدَهُ- المُستعان على ذلك...


... اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن شَرِّ نفسي، وسيِّئاتِ عمَلِي..



* * * * *
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-22-2010, 08:05 PM
بن فرج بن فرج غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: طرابلس / ليبيا
المشاركات: 53
افتراضي شيخنا حفظكم الله ورعاكم ...

الحمد لله ونصلي ونسلم على سول الله :
أما بعد : شيخنا حفظكم الله ورعاكم وقواكم وزادكم بصيرة وثباتا .. ليس مثلي من يجري قلمه أو ما في معنى قلمه ليتعقب على ما تكتبون لكن هي المشاركة كما يسميها أهل المنتديات وهي من باب ( سنشد عضدك بأخيك ونجعل لك برهانا ) فأقول .. لا عليك أن تلتفت الى كل ناعق لا من باب التعالي على النصح ولكن من باب قول الأول : ( أو كلما طن الذباب زجرته ..... ) فإن الزمان يذهب سدى فضلا عما قد يهدر من جهد ذهني وبدني يعيق فيما لاطائل تحته فلو أن كثيرا مما كتب وسيكتب الى ما لا نهاية يسخر في الاثراء العلمي ولا أقول أن تتبع المنتقدين يخلو من ذلك إلا أن هذا الموقع يتابعه أمم قد يقصر كثير منهم على استيعاب ما يطرح فلو فتحتم حلقات شرح تكون على حلقات في أبواب مما فتح الله عليكم تبدؤن فيها بالأهم فالمهم لكان ذلك أجدى وأنفع وفي خلال ذلك وفي طياته التوجيه والنصح والابانة مع التحرير والتقعيد والتأصيل وأظن لا يخفاكم ما سار عليه ريحانة الشام الالباني رحمه الله وكيف كانت مجالسه تسير على نسق التعليم والدعوة والارشاد والنقد والتعقب , وأعلم شيخنا أننا خبرنا القوم وخالطناهم دهرا فالذي ينعشهم هو أن تجعل لهم وقتك و لا يرضون ببعضه بل أمنيتهم وهمهم أن يسلبوه كله وبين الحين والآخر يلتزم شاب جديد ويوفقه الله على حد قولهم لصاحب سنة فيشهر سلاحه ليثبت ولاءه وماهي إلا أيام إلا ويصبح إبن بجدتها ومزيل غشاوتها وهكذا دواليك والحبل يجر وعندنا مثل يتمثل به كبار السن عندنا عندما يروا الامر في تأزم يقولون ( جر حبل تأتيك الجيفة ) ولا حول ولا قوة الا بالله والمعذرة على طغيان الكلمات فالحال كما يقال من بعضه ونحن نعاني من زمن طويل لكن والله يزعجنا ويقظ مضجعنا أنهم يتكلمون في رموز دعوتنا والذين عرفناها بهم وكان لهم الفضل والسبق من مثلكم يرعاكم الله فلو أنهم اكتفوا بنا نحن المغمورين لهان الخطب ولكن المصيبة أنهم يعرفون على من يقعون وكأنهم والعياذ مسيرون من آياد خفية شعروا أو لم يشعروا .. نسأل الله الهداية والتوفيق وأن يحفظ لهذا الدين حملته و يجنب شبابنا ما نراه ونسمعه من التدابر والتشاحن لأمر لهم فيه سعة .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-22-2010, 08:28 PM
ابو عثمان الجزائري ابو عثمان الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 211
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب .ما شاء الله .
بوركتم شيخنا .كان الله لكم .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-22-2010, 09:19 PM
ابو الزبيرالموصلي ابو الزبيرالموصلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: العراق الموصل
المشاركات: 734
افتراضي

اسال الله ان يحفظكم ويرعاكم
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-22-2010, 10:59 PM
علي بن محمد أبو هنية علي بن محمد أبو هنية غير متواجد حالياً
نائب المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 523
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن الحلبي الأثري مشاهدة المشاركة
فإنِّي أرجُو ربِّي -سُبحانَهُ- العونَ والتوفيقَ: على أنْ أتمثَّل -عِلماً وعَمَلاً، وواقِعاً وحياةً- مَا قالَهُ مالِكُ بنُ دينار -رحمهُ اللهُ -كما في «الزُّهْد الكبير» (ص101)-:
«منذ عرفتُ الناسَ ما أُبالي مَن حَمِدَنِي، ولا مَن ذَمَّنِي؛ لأنِّي لا أرَى إلاّ حامِداً مُفْرِطاً، أو ذامًّا مُفَرِّطاً»!!




واللهُ -وحدَهُ- المُستعان على ذلك...



جزاكم الله خيراً شيخنا وحفظكم بحفظه
ونرجو ممن ينتقد ردودنا أو يصفها بالشدة أن يبيِّن لنا ماذا نجيب من يقول عنا:
إخوة أبي لهب! وفرعون!! ولينين؟!!!
كبرت كلمة تخرج من أفواههم
اللهم أرنا ثأرنا فيمن ظلمنا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-22-2010, 11:04 PM
عماد عبد القادر عماد عبد القادر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المملكة الأردنية الهاشمية
المشاركات: 3,334
افتراضي

اللهم أرنا ثأرنا فيمن ظلمنا
__________________


كما أننا أبرياء من التكفير المنفلت وكذلك أبرياء من التبديع المنفلت
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-22-2010, 11:29 PM
أبو صهيب الهادي أبو صهيب الهادي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 6
افتراضي

بارك الله فيك
اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-22-2010, 11:39 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا ، لازلنا نسفيد من توجيهاتكم و علمكم و أدبكم ..
حفظك الله و زادك من فضله العظيم.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-22-2010, 11:49 PM
أسامة بن عبد الله الطيبي أسامة بن عبد الله الطيبي غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 393
افتراضي

بارك الله في جهودكم شيخنا
ولكم تمنيت أن يفهم الموافق قبل المفارق أننا لسنا البادئين بالردود
وإنما ردودنا لدمغ باطل كل ذي باطل
والحقيقة:
أن ردودكم -شيخنا- ترس منيع يتترس به كل سلفي مخلص
أسأل الله -تعالى- أن يديم عليكم النعمة
وأسأل الله أن يجري الحق على قلبك ولسانك
وعزاؤنا وعزاؤك شيخنا في هذه الاية الكريمة:
"وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ" [السجدة : 24].
__________________

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-23-2010, 12:12 AM
الدكتور أبو سهيل الحلبي الدكتور أبو سهيل الحلبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: ط¨ظ„ط§ط¯ ط§ظ„ط´ط§ظ…
المشاركات: 569
افتراضي

ماشاء الله ماشاء الله

مقال رائع جدا ومفيد

أحسن الله اليكم فضيلة الشيخ وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم يوم لاينفع مال ولابنون
رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:46 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.