أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
50087 64045

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منبر الموسوعات العلمية > قسم الأشرطة المفرغة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-28-2009, 12:38 AM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي خذ نسختك من شريط (( الهمة في طلب العلم )) للشيخ علي الحلبي حفظه الله

بسم الله الرحمان الرحيم

إن الحمد لله ؛ نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ؛ أما بعد :

فإنها لحظات مباركة ، أن يكون كلامُـنا عن العلم ، وعن أهل العلم .
عن العلم = إذ هو الوسيلة إلى معرفة الباري ، وهو الطريق إلى تعبده ، والقيام بشرعه .
وعن أهل العلم الذين هم مصابيح الهدى ، وأهل الاقتداء . كما قال الشاعر :

جمال ذي الأرض كانوا في الحياة // وهم بعد الممات جمال الكتـبِ والسير

الكلام عن العلم وأهل العلم ؛ يتطاول إليه كل أحد : يتطاول إليه الوضيع ؛ ليشرف به ، ويتطاول إليه الشريف ؛ ليعظم شرفه .

كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : إن الله يرفع بهذا القرآن أقواما ، ويضع به آخرين .

والكلام عن العلم ، لو فتحنا بابه ، وفسحنا أسبابه ؛ لطال بنا المقال ، ولعظم بنا المقام ، لكن ما نحن فيه ، في هذه الأمسية المباركة = هو باب من تلكم الأبواب ، وسبب من هاتيك الأسباب وهو ( الهمة في طلب العلم ) .
ولقد نظرت في هذا الباب فرأيت الكلام فيه - أيضا - : بحرا متلاطمَ الأمواج ؛ لما فيه من كلام العلماء ، وتطبيقاتهم ، وأفعالهم ، وصنائعهم ، وهممهم - رحمهم الله - .
ولكن لابد من كلمة إنصاف ؛ قبل أن نبدأ بما يوفقنا الله - تعالى - إليه : وهذه الكلمة : مفادها ومضمونها = أننا عندما نتكلم عن همة أهل العلم نحتقر أنفسنا ، ونرى أننا في غيابة الجب بالنسبة لهم ، وهم في أعالي الجبال ؛ كما قال القائل - عندما ذُكِرَ من قبله - :
لا تعرضن مع ذكرنا بذكرهم / ليس الصحيح إذا مشى كالمقعدِ

لا نقول هذا إلا واقعا ملموسا ، وأمرا محسوسا ، ورحم الله من قال - وهو الإمام أبو عمرو بن العلاء - : ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال .
وهذا أبو عمرو بن العلاء من أئمة الحديث ، واللغة ، والقراءات ، يقول هذا القول ؛ فما بالكم بمن بعده بقرون ، وبمن دونه بمفاوز ؟!! ولكن رحم الله من قال :
إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا /// إن التشبه بالكرام فلاحُ

الكلام في ( علو الهمة ) كلام تطببقي ، فعلي ، عملي ، أكثرُ منه كلاما نظريا ، تأصيلا ، مرصوصا ، مرصوفا ! فهذا كل أحد يقدر عليه ، وكل أحد يستطيعه ، لكن البحث إنما هو في ساح العلم ، وفي درب المعرفة : من يَـثْـبُـت ، ومن يصبر ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الثابتين الصابرين .
باب ( علو الهمة ) = باب إذا ذُكِـرَ يشعر المرءُ بعظمة هذا العلم ، وحلاوته ، وطلاوته ، ويتذوق شيئا من صفائه ، ونقاوته ؛ لما في أخبار أهل العلم من ذلك من : قَـصص ، وأخبار ؛ تنتعش بها القلوب ، وتهفو لها الأفئدة ، وتسعد بها العقول .

رأيت من استنبط ذكر ( علوم الهمة ) من كتاب الله ؛ ذكر بعض أهل التفسير في قوله تعالى ( يزيد في الخق ما يشاء ) } سورة فاطر آية (1) { : قال : هو علو الهمة .
وأما من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقوله : إن الله يحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها .
ومعالي الأخلاق هي الأخلاق العالية ، والفضائل السامية ، والآداب الكريمة التي يسعى إليها كل مخلص ، ويجد في تَـطَـلُّـبِـها كلُّ حريص .
أما من سقط دونها ؛ وهو يظن أنه يطلب العلم : فَغَـشَّ ، وخان ، وخدعَ ، وكذبَ ، وافترى ، واستغابَ ، ونمَّ ، وظلم نفسه ، وظلم الآخرين ، وهو يحسب أنه يحسن صنعا ؛ فليس هذا بطالب علم ؛ ولو حفظ الدفاتر ، وقرأَ الكتب ، وصار يشار إليه بالبنان ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : خصلتان لا تجتمعان في منافق : حسن سمت ، وفقه في دين .
النجاة باجتماعهما ؛ أما فقه في دين بغير حسن سمت ، وخلق كريم ، وأدب قويم ؛ فليس ذا خيرا ؛ فليتهم نفسه مَـن تلبس بالأخلاق الرذيلة ، وفَعلَ الفعائل المشينة في نفسه ، وفي الآخرين ، وهو يطلب العلم ويتَـقَـفَّـرُه ، والعلم نورُه الخلق ، وأساسُه السمت الحسن ؛ كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : إنما بعثت ؛ لأتمم مكارم الأخلاق .

ولم تجد أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - لما سئلت عن خلق النبي - أبلغ من أن تقول : كان خلقه القرآن .
والقرآن ؛ ماذا القرآن في القرآن ؟
( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) } سورة الإسراء آية (9) { فالهداية للتي هي أقوم في كل شيء : في العلم ، والعمل ، والخلق ، والسلوك ، والعقيدة ، والتعامل ، لا أن تكون - فقط - في باب : مِـن جمع الكتب ، وحضور الدروس ، وحفظ النصوص ، وأنت عرِيٌّ عن الخلق ، ولم تَـكْسُ نفسك إلا بسيئ الأخلاق ؛ هذا لا ينال صاحبُـه شيئا من العلم المرضي ، ولن يكون ذا همة علية فيما نحن بصدد الكلام عنه ، فالرسول - عليه أفضل الصلاة ، وأتم التسليم - لما قال : إن الله يحب معالي الأخلاق - وفي رواية معالي الأمور - ويكره سفسافها ؛ ذلك إشارة إلى علو الهمة في طلب الحقائق .
وأما كلمات أهل العلم فمنها شيء لطيف ، وجميل .
هذا الإمام ابن الجوزي يقول : تأملت سبب الفضائل ؛ فإذا هو علو الهمة .
ويقول : العلم والعمل توأمان أمهما علو الهمة ؛ فلم تنجب الهمة العالية إلا العلم والعمل مجتمعين ، أما إذا كان علم بلا عمل ، علم مسلوخ عن العمل ، وقول مسلوخ عن الفعل ، وكلام مسلوخ عن الخلق ؛ فهذا ليس من الهدى في شيء ، وإن ظن صاحبه أنه على شيء .

وقال : كمال العقل علو الهمة ، والراضي بالدون دنئ .

- وأيضا - يقول الشاعر :
وهو الإمام الشوكاني ينصح بعلو الهمة في أي أمر من أمور الدين ؛ مما يوفق الله عبدَه إليه ؛ قال :
كن ناسكا تبتلا أولا رائسا تبجلا
وعدٍّ عن محمق قصَر عن أن يُنبلا
يصدُّه قعودُه وعجزُه عن العلا
ومن مشاهير أقوال المتنبي :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم /// وتأتي على قدر الكريم المكارم
وتكبر في عين الصغير صغارها / وتصغر في عين العظيم العظائم

هذا أيضا في باب علو الهمة ، والنبي - عليه الصلاة والسلام - يقول : إن من الشعر حكمة ، وإن من البيان لسحرا .
ويقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - والإمام ابن القيم له من المقال السحر الحلال - إن جاز التعبير - ؛ لما فيه من جمال اللفظ ، وحسن التعبير كل ذلك مصبوغ بنصوص الوحيين الشرفين ومأخوذ منهما ؛ يقول : إذا طلع نجم الهمة في ليل البطالة ، وردفه قمرُ العزيمة أشرقت أرض القلب بنور ربها .
ويقول - رحمه الله - : إنما تفاوت القوم بالهمم ، لا بالصور .
أن تزين نفسك ، وتزخرف ظاهرك ، أو فلنقل : أن نزين أنفسنا ، ونزخرف ظواهرنا ، وحقيقتنا على غير ذلك ؛ فليس هذا ما يرفعنا عند ربنا ، كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أجسامكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم .
إنما تفاوت القوم بالهمم لا بالصور .

وهذا الحديث في صحيح مسلم وبعضُ الناس - بل كثير منهم - يذكره دون وزيادة ( وأعمالكم ) ، ولكن ينظر إلى ( قلوبكم ) فقط ، مع أن الرواية في الصحيح - قال : ( وأعمالكم ) ، وهذا فيه ربط بين الظاهر والباطن ، فالقلب : أصل الإيمان ، والعمل : حكمه تابع لنص الشرعي فيه ، كلا بحسبه .
وقال ابن القيم - أيضا - :
الهمة العلية من استعد صاحبُها للقاء الحبيب .
(( يحبهم ويحبونه )) } سورة المائدة آية (54) { .
تستعد للقاء ربك ، ولا يكون عندك همة علية ، تتحمل المسؤولية ، وتعرف - بها - موضع قدميك ، من عبادة ربك ، ومن علمك بإلهك وخلقك .
وقد سئل الشيخ العلامة فقيه الزمان محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن الأسباب التي تعلو بها الهمة ؛ فذكر ثلاثة :
أولها : الإخلاص ؛ لأن الذي يريد من علمه الدنيا ، لن يبارك الله لك فيه مهما أشير إليه بالأصابع
والله تعالى يقول : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) } سورة البينة آية (5) { .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى .
فالإخلاص هو الأساس .
ثم ذكر - أيضا - ملازمة أهل الفضل ؛ ممن يحثونك على العلم ، من طلبة العلم الذين تنظر إليهم ، وتتنافس معهم ، ((( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )) } سورة المطففين آية (26) { .
لا أن تكون مع أهل الخمول ، والبطالة ، والدَّعَة ، والقعود والانكسار ، فليس هذا دأبَ المحق ، والمجدِ في سيره .
ثم ذكر - رحمه الله - تصبير النفس ؛ لأن النفس تتفلت ، كما أشرنا من قبلُ إلى قوله تعالى (( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) } سورة العصر آية (3) { ، فأعقب ذكر الحق بذكر الصبر ؛ لصعوبة ثبات الرجل ، أو صاحب الحق على حقه ، فإن لم يَـضُـمَّ الصبرُ الحقَّ ؛ فقد يتفلت منه ، والله تعالى يقول (( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين )) } سورة النحل آية (126) { ، ويقول تعالى (( وبشر الصابرين )) } سورة البقرة آية (155) { ، ويقول تعالى (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )) } سورة الزمر آية (10) { فتصبير النفس - كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ومن يتصبر صبره الله .
هذه ثلاثة أركان يسمو بها صاحهبُـا إلى علياء الهمة ، ورفيع درجاتها ، إذا هو اتبعها ، أو بقدر ما يحقق منها ؛ لأن علو الهمة ليست درجة واحدة ، وإنما هي درجات ، يرتفع بها صاحبها بقدر ما يجاهد نفسه في سبيل تحصيلها : إخلاصا لله ، لا أن يقال : كيت وكيت ، أو كذا وكذا !
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المروي من طرق - مما يحسنه بعضُ أهل العلم - قال : من تعلم العلم ليماري به السفهاء ، أو يداري بها العلماء ، أو يجاري به العلماء ، أو يلفت أنظار الناس إليه = فالنارَ النارَ .
والنار هذه أول ما تسعر بثلاثة نفر :
منها : العالم الذي علم القرآن ، ويسأله ربه : فيمَ تعلمتَ العلم ؟
قال : في سبيلك .
قال : كذبت .
علمتَ ؛ ليقال عالم ، وقد قيل ، خذوه إلى النار ؛ فيسحب على وجهه .
وقيل - قديما - :
وعالم بعلمه لم يعملن // معذب من قبل عباد الوثن

نسأل الله أن يعافينا وإياكم ، ويعفو عن كثير .

أما أخبار أهل العلم التطبيقية ، وسيرهم ، وقصصهم ؛ فيجل عنها الحصر ؛ لأن هذا العلم أضحى تاريخا ، تاريخا ممتددا مئات السنين ، في نحو من خمسة عشر قرنا ، ابتداء من جهاد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - والصحابة ، ومرورا بالتابعين ، وتابعيهم ، خير الناس بعد الرسول وأصحابه ، ثم الأئمة الأربعة ، ومن بعدهم إلى هذه الساعة ، لا يخلو قرن من أئمة وعلماء ربانيين ؛ كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : في كل قرن من أمتي سابقون ؛ وهذا الحديث يلتقي قولَ النبي - عليه الصلاة والسلام - المشهور في السنن : إن الله يبعث على رأس كل مئة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها .
ومن من ألفاظ العموم : فقد يكون واحدا ، أو أكثر من اثنين ، أو أكثر من ذلك .

ولقد ذكر الإمام الذهبي في السير في ترجمة الإمام أبي جعفر ابن جرير الطبري - رحمه الله - أنه قال لأصحابه : هل تنشطون لتاريخ العالم : من آدم إلى وقتنا ؟
أن نصنف ، وندون التاريخ من آدم إلى وقتنا !
فماذا قالوا ؟
قالوا : كم قدره ؟
يعني هذا التأليف كم سيكون ؟
فقال لهم : نحو من ثلاثين ألف ورقة !
قالوا : هذا مما تنفى فيه الأعمار ، قبل تمامه !!
فقال : إنا لله ! ماتت الهمم .
فلخص من الثلاثين ألفا عشرها ! في نحو ثلاثة آلاف ورقة ، ألف كتابه ( تاريخ الأمم والملوك ) وهو مطبوع .
ثم قال الإمام الذهبي : وسألهم السؤال نفسه ، وطلب منهم الطلب ذاته في التفسير ، وكان الجواب هو الجواب ، وكان الفعل هو الفعل ، فألف في التفسير كتابه ( جامع البيان في تأويل القرآن ) في ما هو يزيد عن ذلك بقدر يسير ؛ هذا الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله -.
(23:7)
قيل للإمام ابن المبارك - وهو من هو في العلم والرواية ، والزهد ، والعباد ، والجهاد - : إلى كم تكتب الحديث ؟
يعني : أنت دائما معك الكتب والأوراق !
فماذا قال ؟
قال : لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أسمعها بعدُ .
سأستمر ! همة عالية ، لا تعرف الكلل ولا الملل .
لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أسْمَعْهَـا بعدُ ؛ لأن الكلام - في الحقيقة - كالسهام ، قد تسمع الكلمة ؛ فيقع في قلبك أثرُها ، ولا تعرف لها قدرا إلا بمواقعتها .

وأما الإمام أحمد - وقد وصل الشيخوخة - ورُئِيَ معه : دفترُه ، وكتابُـه ، وأقلامُـه - قيل له : يا أبا عبد الله ! إلى متى تطلبُ العلمَ ؟
قال : معي المحبرةُ إلى المقبرة .
وقال عالم - وقد كانت همـتُـه في جمع الكتب ، وانتقائها ، والانتفاع منها .... كتب شعرا يرد فيه على زوجته معاتبته إياه في شراء الكتب قال :
وقائلةٍ ؛..

وقائلة1 أنفقت في الكتب ما حوت يمينك من مال فقلتُ : دعيني
لعلي أرى فيها كتابا يدلني لآخذ كتابي آمنا بيميني
لعل الله يوفقك إلى كتاب كما وفق ابن المبارك إلى كلمة ينفعك الله بها ؛ إذا صاحب ذلك الإخلاصُ لله - تبارك وتعالى - .

ولننظر إلى همم العلماء هذا الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو صغير في أوئل طلبه للعلم ؛ يشرب ماء زمزم بنية أن يصل إلى حفظ ودرجة حفظ الإمام الذهبي ، فجد واجتهد ؛ حتى وصل إليها ، أو كاد .
وهذا السيوطي يشرب ماء زمزم وهو يطلب العلم - وهو لا يزال فتيا - بنية الوصول إلى درجة الحافظ ابن حجر العسقلاني ؛ فوصل إليها ، أو قاربها .

لا يكتفي الواحدُ منهم بدعاء ، أو ذكر دون ممارسة ، ودون تطبيق ، ودون مجاهدة ، بل يجعل ذاك مع هذا قرينين ، لا نفصلان ولا ينفصمان .

ولقد رأيتُ في ترجمة بعض أهل الرياسة والسياسة من وصفهم أهل العلم بعلو الهمة وهو : بهاء الدين قَرَاقُوش ، وقراقوش هذا يظنه كثير من الناس شخصية وهمية ؛ يقولون : هذا حكمه كحكم قراقوش !
وكان قراقوش - في الحقيقة - حاكما عادلا ، وهو شخصية حقيقة ذكرها ابن خَـلِّـكان في ( الوفيات )2 : كان بهاء الدين قراقوش خادما لصلاح الدين الأيوبي ؛ ولما رأى صلاح الدين منه الصفات الحسنة = أعتقه ، فلما رأى بعد اعتاقه الصفاتِ الحسنى تزداد وتكمل وتكبر سلمه زمام القصر ؛ يعني : صار رئيسَ ديوان ، فلما رآه قد استقام أكثر ، وأكثر سلمه الديار المصرية ، كل ذلك من علو الهمة ؛ ليس علوم الهمة فقط في الباب ؛ وإنما قد يكون علو الهمة بحسب ما يفتح الله - عز وجل - من ذلك .
قال ابن خلكان بعد أن ذكر موجز هذه السيرة قال : وهو الذي بنى السور المحيط بالقاهرة3 .
قال : وهو الذي بنى المحيط بالقاهرة ، ومصر ، وما بينهما ، وبنى قلعة الجبل ، وبنى القناطر التي بالجيزة على طريق الأهرام ؛ وهي آثار تدل على علو همته .
كلام ابن خلكان في ترجمته .

شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أملى في تفسير قول الله تعالى - ( الرحمان على العرش استوى ) خمسا وثلاثين كراسة ؛ آية واحدة .
وكان له مجلس في التفسير في مسجد بني أمية تحت قبة النسر مكث شهورا طويلة في كل جمعة بعد الصلاة يدرس في التفسير ، ولم يكمل سورة الفاتحة .
الهروي ألف رسالة سماها ( منازل السائرين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين ) من الفاتحة ، آية من الفاتحة ؛ فشرحها الإمام ابن القيم في ثلاث مجلدات .
محمد بن إبراهيم الوزير اليماني كان زيديا ، وترك الزيدية وصار من أهل الاجتهاد ؛ فألف أحد شيوخه رسالة في الرد عليه ، والرسالة في بضع ورقات ؛ فرد عليها في عشر مجلدات ، وهذا ليس موضع العجب ! موضع العجب أنه قال : ألفت هذا الكتاب ، وأنا على رأس جبل ، ليس عندي مراجع ؛ لأنه اعتزل في آخره دهره ، اعتزل ؛ فألف هذا عند اعتزاله .

الإمام ابن القيم ألف ( زاد المعاد ) في خمس مجلدات حال سفره ، حال سفره .
سير العلماء نزهة : نزهة للقلب ، نزهة للعقل ، ونموذج أمثل ؛ لنقارن عجزنا ، وضعفنا ، بكبر همتهم ، وعظيم قدرهم - رحمهم الله - .
وإن كانت المقارنة ظالمة !

ألم تر أن السيف ينقص قدره /// إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

هذه مقارنة غير صحيحة ، لكن ! لا حول ولا قوة إلا بالله .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-28-2009, 12:39 PM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي

يقول ابن القيم - انظروا إلى علو الهمة في باب آخر - قال : حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة بعد الفجر ، ثم جلس يذكر الله إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم التفت إليَّ وقال : هذه غدوتي - أي غداء بدني وروحي - ولو لم أتغدَ سقطت قوتي !!
إذن العلم لا يحتاج إلى معلومات فقط !
يحتاج إلى ذكر ، وخشية .
يحتاج إلى خلق ، وأدب .
يحتاج إلى مجاهدة النفس والهوى .
يحتاج إلى الأخلاق العلية ، والآداب المرضية ؛ حتى يكون ماثلا في نفس صاحبه ، ونافعا لغيره من الناظرين فيه .

الإمام البخاري - رحمه الله - كان يقسم ليله ثلاثة أقسام :
قسم للعبادة .
وقسم للتصنيف .
وقسم للراحة والنوم - إن لبدنك عليك حقا - .
في ثلث النوم - قال : لما كان يأتيني ثلث النوم أستيقظ في الليلة بضعا وعشرين مرة ، أوقد السراج ، وأقيد الفائدة تأتيني ؛ حتى لا أنساها ، ثم أطفئ السراج وأنام ، ثم تأتيني الفائدة ؛ فأوقد السراج وأكتبها ثم أنام هكذا أكثر من عشرين !!
الإمام البخاري قال : ما وضعت في صحيحي هذا حديثا إلا صليتُ ركعتين - استخارة - يستخير الله أن هذا الحديث هل هو أهل لأن يكون في درجة الصحة ، أم أنه ليس كذلك .
هذه سير العلماء ، وأخلاقهم ، وآدابهم - رحهمهم الله - تعالى - .

وفي ذهني أن أذكر شيئا عن شيخنا الألباني ، لكن بعد أن أقرأ لكم - أيها الإخوة - هذا الفصل من كتاب ( قواعد التحديث ) للإمام جمال الدين القاسمي4 .
يقول الشيخ جمال الدين القاسمي : فصل بعنوان ( ذكر أرباب الهمة الجليلة في قراءتهم كتب الحديث في أيام قليلة ) .
قال : ذكر في ترجمة المجد الفيروز أبادي صاحب القاموس5 في ترجمة المجد الفيروز أبادي صاحب القاموس أنه قرأ صحيح مسلم في ثلاثة أيام بدمشق6 ؛ ثم وأنشد قائلا :
قـرأت بحـمد الله جامع مسلم /// بجوف دمشق الشام جـوفٍ لإسلام
على ناصر الدين الإمام ابن جهبل /// بحضرة حفاظ مـشـاهيرَ أعلام
وتـــم بتوفيق الإله وفضله /// قــراءة ضــبـط في ثلاثة أيام

قال : وقرأ الحافظ أبو الفضل العراقي ( صحيح مسلم ) على محمد بن إسماعيل الخباز بدمشق في ستة مجالس متوالية قرأ في آخر مجلس منها أكثر من ثلث الكتاب وذلك بحضور الحافظ زين الدين بن رجب ، وهو يعارض بنسخته 7 ، وفي تاريخ الذهبي في ترجمة إسماعيل ابن أحمد الحيري النيسابوري الضرير ما نصه : ( وقد سمع عليه الخطيب البغدادي بمكة ( صحيح البخاري ) بسماعه من الكُـشْـمِـيـهَـني في ثلاثة مجالس اثنان منها في ليلتين كان يبتدئ بالقراءة وقت المغرب ويختم عند صلاة الفجر والثالث من ضحوة النهار إلى طلوع الفجر)).
قال الذهبي : ( وهذا شيء لا أعلم أحداً في زماننا يستطيعه )8 .

قال : وقال الحافظ السخاوي : ( وقع لشيخنا الحافظ ابن حجر أجل مما وقع لشيخه المجد اللغوي9 ؛ فإنه قرأ ( صحيح البخاري ) في أربعين ساعة وقرأ صحيح مسلم في أربعة مجالس ، سوى مجلس الختم في يومين وشيء ، وقرأ ( سنن ابن ماجه ) في أربعة مجالس ، وقرأ كتاب ( النسائي الكبير ) في عشرة مجالس كل مجلس منها نحو أربع ساعات 10 .

قال : وقرأ ( صحيح البخاري ) في عشرة مجالس كل مجلس منها أربع ساعات .
ثم قال السخاوي : وأسرع شيء وقع له - أي لابن حجر - أنه قراً في رحلته الشامية ( معجم الطبراني الصغير ) في مجلس واحد بين صلاتي الظهر والعصر قال وهذا الكتاب في مجلد يشتمل على نحو ألف حديث وخمسمائة حديث .
11والعبد الضعيف12 جامع هذا الكتاب قد منَّ الله عليه بفضله فأسمع ( صحيح مسلم ) رواية ودراية في مجالس من أربعين يوماً آخرها في (28) من شهر صفر الخير سنة (1316) وأسمع أيضاً ( سنن ابن ماجه ) كذلك في مجالس من إحدى وعشرين يوماً آخرها في (22) من شهر ربيع الأول سنة (1316) ، وأسمع - أيضاً – ( الموطأ ) كذلك مجالس من تسعة عشر يوماً آخرها في (15) من شهر ربيع الآخر سنة (1316) وطالعت بنفسي لنفسي ( تقريب التهذيب ) للحافظ ابن حجر مع تصحيح سهو القلم فيه وضبطه وتحشيته من نسخة مصححة جداً في مجالس من عشرة أيام آخرها في (18) من شهر ذي الحجة سنة (1315) .
أقول : هذه الكتب قرأتها بإثر بعضها13 ؛ فأجهدت نفسي وبصرى حتى رَمِـدتُ14 وبإثر ذلك شفاني الله بفضله وأشفقت من العود إلى مثل ذلك وتبين أن الخِـيَـرَة في الاعتدال ؛ نعم ، لا ينكر أن يكون بعض النفوس لا تتأثر بمثل ذلك ؛ لقوة حواسها وللإنسان بصيرة على نفسه وهو أدري بها . انتهى .

قال الشيخ علي : كما يقال - وليس بحديث - : ( رحم الله امرأ عرف قدر نفسه ) ، وأصدق من ذلك قول ربنا في كتابه ( بل الإنسان على نفسيه بصيرا ولو ألقى معاذيره ) } سورة القيامة آية (14) { وقصة الرمد هذه ذكرتني بقصة لشيخنا - رحمه الله - في الستينيات ؛ قبل نحو أكثر من أربعين عاما من هذا اليوم ، أصيب شيخُنا بمرض في عينه سمعته يصف هذا المرض بأن اسمه ( الذبابة الطائرة ) ، هذا المرض عند الأطباء اسمه مرض ( الذبابة الطائرة ) ، كأن الواحد يرى في عينه أن هناك ذبابة تطير ، وفي الحقيقة لا يوجد ذبابة تطير ؛ فذهب إلى طبيب ؛ وقال له : أنا عندي كذا .
فقال الطبيب : هذا يوجد بعض علاجات ، لكن أهم شيء أن ترتاح .
قال : كيف أنا أرتاح عنها ؟
أولا : عندي مهنة الساعات ، وأنا مؤلف كتب ، مهنة الساعات تحتاج بصرا دقيقا جدا ، وتأليف الكتب أنا كنت كل الكتب التي أراجع منها مخطوطة ، وقديمة في المكتبة الظاهرية .
قال : إذا أردت أن تشفى فلابد من ذلك .
فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، رضينا .
فجلس أول يوم ، ثاني يوم ، قال : ما المانع أن أتسلى بكتاب ؟!
فقال : رأيت كتابا اسمه ( ذم الملاهي ) للإمام ابن أبي الدنيا له نسخة في الظاهرية ، قال : أنا سأعطيه إلى بعض النساخين ، ينسخه ، فكلما أتاني بأوراق كلما بدأت أنا أنظر فيها بحيث لا أتعب نفسي .
قال : فعلا بدأنا وأنا لا أتعب نفسي ، يأتيني كل يوم بورقتين ثلاث ، وأنا مرتاح ، ولا أجهد نفسي ، ولا عيني ، قال : بعد أيام فإذا به يقول لي : ياشيخ ! هنا سقطت ورقة - في المخطوطة يوجد ورقة ساقطة ورقة ضائعة - هذه الورقة – أتأكد ؟ فعلا وجد ورقة ضائعة ، قال : فسأبحث عن الورقة ، يعني البحث عن الورقة الضائعة أيضا لا يعارض وصية الطبيب ، الذي أوصاني بأن لا أجهد نفسي ، هو بحث ليس فيه مشقة .
قال : فبدأت أبحث وأبحث انتهى من كتب الحديث جميعا ، وهو يبحث عن مخطوطات ، وهو ينسى ! نسي - الآن - أن به مرضا ، وانتهى من كتب التفسير المخطوطة ، الكلام عن المخطوطات ! وانتهى ، وانتهى ، وانتهى ، بعد أن انتهى قال : هذا كنز ! وأنا أبحث عن الورقة وجدت كنزا ، لكنَّ جهدي في الورقة أنساني هذا الكنز ، فقرأ المكتبة من جديد مرة ثانية ، لكن ماذا فعل هذه المرة ؟
أتى بأوراق كل حديث يجده في هذه المخطوطات يدونه في ورقة ، فإذا وجد حديثا آخر يدونه في ورقة ، ثم رتب هذه الأوراق على الحروف ؛ فإذا بالأوراق جمعت أربعين ألف حديث !!
هذا كله وهو يبحث عن الورقة الضائعة ، وبالمناسبة لم يجدها !! لم يجدها !
لكن سبحان الله ! إذا شاء الله أمرا هيأ أسبابه ، كنت مرة أقرأ في جريدة سعودية أظنها جريدة الجزيرة ، فإذا بأحد المحقيق ؛ لأن فيها صفحة تراثية ، فمن يعرف جريدة الجزيرة يرى أن فيها صفحة تراثية ، أو صحيفة المدينة عفوا ، فإذا بأحد المحقيقن ينتقد طبعة ( ذم الملاهي ) التي طبعا شيخنا لم يحققها ؛ لأن الورقة ضائعة ونسي الكتاب ، وشفيت عينه بعد ذلك ، ولله الحمد ؛ لكثرة ما كان يدعو : اللهم عافنا في أبصارنا ، وأسماعنا ، واجعلهما الوارث منا ، هذا كان شيخُـنا شديد اللهج به .
فأنا مرة رأيت في صحيفة المدينة - وأنا في العادة لا أقرأها ، ولكن إذا كنت في عمرة في أو حج ويتيسر لي أشتريها وأنظر ما فيها - فإذا بمحقق ، باحث من علماء المدينة - فيما أذكر - ينتقد الطبعة المصرية من كتاب ذم الملاهي ، ويقول : وقفت على نسخة تركية كاملة ، وهو اعتمد نسخة الظاهرية التي فيها ورقة مفقودة ، وهذه صورة الورقة المفقودة ، ووضعها ، فأتيت بالجريدة لشيخنا وقلت له : هذه صورة الورقة الضائعة التي أنتجت كتاب ( معجم الحديث ) في أربعين مجلدا .
وهكذا العلم ؛ وانظروا صبر العلماء !

الشيخ الألباني - رحمه الله - شيخنا وأستاذنا نسأل الله أن يرحمه في حرب الخليج أصاب جنون في بلادنا في الأحاديث وفي الروايات المكذوبة والموضوعة ؛ حتى صار بعض الخطباء ، يطوف بكتاب ( الجفر ) المكذوب المنسوب بالبهت والافتراء إلى علي - رضي الله عنه - ، وهو كله كتاب سحر وشعوذة ، وخرافات ، يقول : انظروا ! كتاب ( الجفر ) يتحدث عن حرب الخليج ، وكذا ، وكذا ... إلى آخره .
وقام بعض الخطباء في ذلك الوقت بتصوير حديث نقله من ( كنز العمال ) للمتقي الهندي ، و( كنز العمال ) في نحو من خمسين ألف حديث ، هو في الأصل ترتيب لـ ( جمع الجوامع ) للسيوطي ، و( جمع الجوامع ) هو نفسه ( الجامع الكبير ) الذي أراد السيوطي من خلاله أن يجمع السنة ، أول محاولة علمية لجمع السنة موسوعيا = محاولة السيوطي في ( جمع الجامع ) ، لكن فيه مما هب ودب - كما يقال - ؛ لأنه لم يشترط الصحة .
في كنز العمال يوجد رواية عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : تقتتلون شهرا ، ثم يقذف الطير عليكم ، ثم كذا !
فماذا ؟
جاء الخطيب المفوه ! والذي ليس من العلم ، ولا من السنة في شيء ، قال : تقتتلون شهرا = الحرب البرية .
ثم يقذف الطير عليكم = الحرب الجوية .

والناس عقولهم هباء .

ونسبه حديثا للرسول ، وليس هو بحديث ، وعندما بحثنا وجدنا أن كلمة ( ويقذف الطير عليكم ) محرفة من ( ويقذف الصبر عليكم !! ) .
فإذا به - في كتاب ( كنز العمال ) - يعزو الحديث إلى ( تاريخ ابن عساكر ) ، و( تاريخ ابن عساكر ) في ذلك الوقت لم يطبع ، وإنما منه بضعة مجلدات صغيرة طبعت في المجمع العلمي في دمشق ، والنسخة المخطوطة صورتها بعض المكتبات في المدينة النبوية في بضعة عشر مجلدا ، كل مجلد في ألف ورقة مخطوطة ، والورقة المخطوطة هذه كالذارع ، أو الباع .
فالشيخ بدأ يبحث أين ؟
في المخطوطة .

الورقة الأولى ، الثانية ، المجلد الأول ، الثاني .... فجئته في اليوم الرابع ، فإذا به وجده - أظن إما في ( المجلد التاسع ! ) ، أو ( العاشر !! ) - قلت له : يا شيخنا ! وجدت الحديث ؟
فنظر إلي هكذا 15 ؛ وقال : وجدته ، ولا نامت أعين الجهلاء ، ولا نامت أعين الجلاء ، لم ينم في الأربعة أيام إلا النزر اليسير ، وهو يجد ويبحث في هذا الحديث - رحمه الله تعالى -

هذا من علو الهمة .
هذا من معرفة الواجب الملقى على أكتاف أهل العلم ، فهم يقدرونه قدره ، ويعطونه منزلته .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-28-2009, 01:02 PM
عبدالله المقدسي عبدالله المقدسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: القدس
المشاركات: 545
افتراضي

جزاك الله خيرا.
__________________
[COLOR="Purple"][FONT="ae_Cortoba"][CENTER]كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوما خيلا وعنده عيينة بن حصن بن بدر الفزاري فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أفرس بالخيل منك فقال عيينة وأنا أفرس بالرجال منك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وكيف ذاك قال خير الرجال رجال يحملون سيوفهم على عواتقهم جاعلين رماحهم على مناسج خيولهم لابسو البرود من أهل نجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبت [COLOR="Red"]بل خير الرجال رجال أهل اليمن والإيمان يمان إلى لخم وجذام و عاملة[/COLOR][/CENTER][/FONT][/COLOR]
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-28-2009, 11:28 PM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي

وإياك أخي الكريم .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-28-2009, 11:29 PM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي

أيضا شيخنا - رحمه الله - لما حججنا معه ، وكانت آخر حجة للشيخ - رحمه الله - سنة (1990) كان الشيخ يجلس بعد كل صلاة : ساعة ، وساعتين للفتاوي ، والتوجيه ، والتعليم ، ويجلس من بعد الفجر إلى قريب الزوال - أحيانا - أو ثلاث ، أربع ساعات - على الأقل - وهو يجلس ، ويأتيه الناس ، والوفود ، وهو لا يتحرك ، جالس لا يغير مجلسه ، ولا يغيره قعدته ، ونحن - وإن كنا يومئذ شبابا - ننام ، ونتعب ، ونغير مجلسنا ، ونذهب نغسل وجوهنا عشر مرات ، والشيخ جالس ، وكان ذلك الجمع في تلك السنة فيه نخبة طيبة من إخواننا طلبة العلم المعروفين ، فالشيخ كان - لعلو همته - يجلس - لعله في اليوم - أكثر من عشر ساعات ، ناهيك عن مناسك الحج ، وظروفه ، وحرارته ، و .... و .... إلى آخره .
حتى إني أذكر لما ودعناه وكان عند بيت صهره في جُـدة ، قلنا له : نستودعك الله ، فلم يخرج الكلام من فمه ، كان صوته مبحوحا ، وكان يشير إشارة من شدة التعب ، والإرهاق الذي أصابه .

في نفس السنة كانت آخر عمرة للشيخ وحصل فيها شيء عجيب جدا ؛ أيضا يدل على علو الهمة ، وكنا - ولله الحمد - أيضا - معه في عمرته ، ونحن خارجون من عمان في سيارتين : سيارة أنا ، وبعض الإخوة ، والشيخ وزوجته ، وولده ، قطعنا ( مُـعان ) ، ( مُـعان ) قبل ( حالة عمار ) بنحو خمسين كليو ، أو مئة كيلو ، وبين هذه و( تبوك ) قريب من ذلك ، يعني أوشكنا على الوصول إلى الحدود السعودية ؛ فإذا بالشيخ قبل نحو بخمسين كيلو من الحدود يقف ، وقفت سيارته فجأة ، ونحن قبل قليل كنا جالسين - قبل ساعة كنا جالسين في المسجد ، ، وتغدينا وصلينا ، وارتحنا ؛ فوقوف غير طبيعي ، فنزلنا مباشرة !

خير ! ماذا جرى ؟
( كلمة غير واضحة ) قال : نسينا جوازات السفر !

لا حول ولاقوة إلا بالله .

طيب يا شيخنا ! انتظر ! إن شاء الله المسجد قريب ترجع ، ونحن نذهب قال : لن يرجع سواي ، يا شيخ ؟!
لن يرجع سواي .

الشيخ إذا قال كلمة - حقيقة - صعب أن يتراجع عنها هذا نعرفه عنه - رحمه الله - وجمعنا وإياكم وإياه في جنة الله - .
فرجع .
كنا ننتظر أن يرجع مساء ، هذا الكلام كان - تستطيع أن تقول بعد الظهر بساعة ، قلنا : لعله يصل نصف الليل ، نمنا في فندق ( تبوك ) دخلنا نحن ، فإذا لم يأت الشيخ ، اتفقنا في فندق كذا ، لم يأت .
قلقنا ، ولم يكن يومئذ - أيضا - جولات ، وأمثال ذلك ؛ فاتصلنا من الفندق ببيت الشيخ ، الشيخ لا يجيب ؛ ازداد قلقلنا .
اتصلنا بجار الشيخ وهو أخونا أبو عبد الله ؛ الذي أوصى الشيخ أن يغسله ، أوصى شيخنا في وصيته أن يغسله أخونا أبو عبد الله ، وقام بذلك على خير وجه ؛ جزاه الله خيرا ، وبارك الله فيه ، وفي أسرته ، وفي ذريته .
اتصلنا بأخينا أبي عبد الله قلنا له : القصة كذا وكذا وكذا ، والشيخ لا يجيب .
والآن الضحى : الساعة الثامنة ؟
قال : أنا - الآن - أذهب للشيخ ، وإذا اتصلتم بعد ربع ساعة - إن شاء الله - تجدوه .
فعلا اتصلتُ أنا بالشيخ بعد ربع ساعة ؛ فإذا الشيخ يرفع السماعة ويرد ، السلام عليكم .
السلام .
شيخنا ! ماذا جرى ؟
فقال كلمة عجيبة ! قال : أراد الله أن يعجم عود الألباني : أي أن يختبر صبره !!
أراد الله أن يعجم عود الألباني !
قلت له : زدتني حيرة ! ماذا جرى ؟
قال : ذهبنا من عندكم نريد الجوازات ، أخذنا الجوازات ، ورجعنا إلى الحدود ؛ ففي الحدود قالوا لنا : الجوازات منتهية !!
فرجع مرة ثانية !
قال : واليوم جمعة ، وأنا سأنتظر إلى الغد ؛ لأجدد الجوازات وألحقكم ؛ فأتى إلى الحدود السعودية في (48) ساعة ثلاث مرات !!
أي همة علية هذه ؟! أي همة ؟!

لو أن واحدا منا أصابه ذلك ؛ لماذا قال ؟
قال : اللهُ لم يكتب لي هذه العمرة !!!
كان تشاءم !
لكن سبحان الله ! كأنه نظر بعين بصيرته أن هذه ستكون آخر عمرة له ، وكانت كذلك ، لم يعتمر بعدها ، ولم يحج بعدها - رحمه الله - تعالى - .

وهذا ذكرني بقصة أخرى : أصيب الشيخ بمرض فأوصاه الطبيب أن يصوم أربعين يوما لا يأكل شيئا إلا الماء ، والماء عند الحاجة ؛ فجلس أربعين يوما لم يضع في جوفه لقمة ، وعاش على الماء ، أربعين يوما ، هذه ليست قصة خيالية ، هذه قصة أخبرنا بها شيخنا عن نفسه ، ورأيت الشيخ شعيب الأرناؤوط ، وهو الذي كان مرافقا لشيخنا في دمشق عشرات السنين ، يذكر هذه القصة في إحدى حواشي كتاب ( سير أعلام النبلاء ) للإمام الذهبي ، قال : وأعرف بعضا من أهل العلم - لم يذكر الشيخ - صام أربعين يوما عن الطعام ، لم يدخل جوفه شيء من الطعام ، إلا الماء وبالقدر اليسير .

وبذكر الصوم أتذكر أمرا آخر من علو همته - رحمه الله - لا أتذكر أن شيخنا - رحمه الله - في يوم اثنين ، أو خميس كان مفطرا ، على مدار نحو من ربع قرن عايشته معه ، لا أعلمه أفطر في يوم اثنين أو خميس ، وهذا كثير من الناس لا يعرفونه .

حتى سأله مرة أخونا الشيخ حسين العوايشة - كما حدثني - قال : يا شيخ ! أنت ما شاء الله دائما تصوم ؟
قال : أنا أصوم لعدة أسباب :
السبب الأول والأعظم : هو الأجر والثواب وتطبيق السنة ، فهذه سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - .
السبب الثاني : أنها عبادة تعين الذهن ولا تضيع الوقت .
فانظر - أيضا - كيف كان يسعى في علو همته إلى الحرص على الوقت ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
وأنا أذكر مرة أنه نادى النجار - نجارا من النجارين - ناداه مرة قال له : أريد أن تقلب باب المكتبة ، بدلا من أن يفتح على الجهة اليمين ، تجعله يفتح على الجهة الشمال .
نظر إليه النجار ! ما السر ؟!
قال : يا شيخ -يمين أو شمال ما المشكلة ؟
قال : تستطيع ؟
قال : طبعا أستطيع ! لكن قل لي ما السبب ؟
قال : أنا وضعت مكتبي هنا ؛ فإذا كان الباب يفتح هكذا ، سأضطر أن أمشي خمس خطوات زائدة لما أصل إلى المكتب ، فأنا أخرج من المكتب خمس صلوات في اليوم والليلة ، وقد أخرج مشوارا لأغراض البيت ، أو لمحاضرة ، أو كذا فهذه سبع مرات ، كل مرة بين ذهاب وإياب هذه حوالي ربع ساعة أو ثلث ساعة ضاعت مني ؟!
في الأسبوع كم سيضيع ؟
في الشهر كم سيضيع ؟
لكن إذا فعلنا هكذا تكون رجل في الباب ورجل على المكتب ؛ فلا أضيع وقتي !! - رحمه الله -
والوقت أنفس ما عنيتُ بحفظه // وأراه أسهل ما عليّ يضيع16
شيخنا الشيخ الألباني - رحمه الله - أول عمل علمي ( حصل انقطاع هنا ) ....

قال : ذهبت أنا ومحمد رشيد رضا إلى - أيضا هذا مثل لعلو الهمة - محاضرة لبعض الكتّاب في مصر - ذكر اسمه ، لكن أنا الآن ذهب عني - قال : فإذا بهذا المحاضر ، يتكلم كلاما يخالف الشرع .
قال : ولم أر من المناسب أن أرد عليه في نفس المحاضرة ؛ لوجود بعض المسؤولين ، والرؤساء ، وما أشبه .
قال : فرجعنا إلى البيت ، وكان الشيخ الهلالي تقي الدين نائما في بيت الشيخ رشيد رضا .
قال : ماذا ستفعل ؟
قال : سأرد عليه .
قال : فنما ؟
فإذا به بعد صلاة الفجر يقول لي : اقرأ هذا الرد .
رشيد رضا يقول للشيخ تقي الدين الهلالي : اقرأ هذا الرد .
قال : متى فعلت ؟ كيف كتبت ؟
قال : بعد أن نمت كتبت الرد ، وذهبت إلى المطبعة ، ونضدت حروفه ، وصححته ، وانتظرت المطبعة حتى طبعت المجلة ، ثم أتيت لك بنسخة ، وهذا هو الرد !!
هذا رشيد رضا !
كان يقوم في مجلته المنار : بالكتابة فيها ، والإجابة عن فتاويها ، والتصحيح لها ، والتوزيع لها ، هذه مجلة المنار في ذلك الوقت الذي لم يكن فيه لا إنترنت ، ولا إيميل ، ولا أي شيء من التكنولوجيا وصلت مجلته إلى روسيا ، والصين ، وأندونيسيا ، وماليزيا ، وتيلاند ، وبلاد الغرب والشرق جميعا
.
إذا رأيت في الفتاوي تأتيه اسفتاءات لا أعرف كيف عرفه الناس فيها ؛ إلا بإخلاصه ، ولا نزكيه على الله ، وإن كان لنا عليه ملاحظات ؛ كما ذكر علماؤنا وأئمتنا - رحمهم الله - .

لكن هو صفحة مشرقة - لا شك ولا ريب - في نصرة السنة والعقيدة ، ويكفي أن شيخنا - رحمه الله - حسنة من حسنات .
الشيخ الألباني - رحمه الله - كان يطالع مجلة المنار ؛ فإذا به يقرأ نماذج من تخريج أحاديث الإحياء للحافظ العراقي نشرها في المنار الشيخ رشيد رضا .
قال : فأعجبني أسلوب النقد الحديثي عند العراقي ، هذا حديث رواه فلان بإسناد كذا ، وفيه فلان ، وهذا مجهول ، يعني عقلية علمية مرتبة ناضجة قوية .
قال : فصرت أبحث في مكاتب الشام عن نسخة من تخريج أحاديث الإحياء .
قال : حتى وجدت نسخة عند مكتبة اسمها المكتبة العربية لصاحابها أحمد عبيد ؛ هذان أخوان في دمشق كانا مشهورين بالكتب ، وبتجميعها وبيعها ، أحمد عبيد ، وحمدي عبيد .
قال : فوجدت النسخة ؛ سألته كم الثمن ؟
قال : كذا وكذا ، وليس معي ثمنها !
قال : فاستأجرتها ، ونسختها ، وهو ينسخها ، علق عليها ؛ فجاءت في نحو من ثلاثة آلالاف صفحة .
والله يا إخواننا ! لو رأيتم خطه في هذا الكتاب ؛ لظننتموه خطاط كمبيوتر ، طباعة في هذا البوم ، وكان عمر يوم ذاك لم يتجاوز عشرين عسنة !
أي همة هذه ؟! فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم علماءَنا وأئمتنا الذين علمونا بفعالهم علو الهمة ، أكبر مما لقنوننا بأقوالهم هذه الأمور المهمة ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح .
الكلام في علو الهمة كثير ، لكنّ الأهم منه تطبيق اليسير منه ؛ حتى نلحق بهذا الركب ، مع إخلاص في الفعل ، وسنة بالعمل ؛ حتى يرضى عنا ربنا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

(( الأسئلة ))

يقول السائل : كيف نفرق بين العالم والمدعي ذلك ؟
الجواب : أنا أقول : النهار ، وشمسُـه لا تحتاج دليلا ، ولا بينةً ، ولكنْ وقت الكسوف هو الذي قد يَعْمى عنه بعض الناس ، فالعالم : علمه ، ونوره ، وهديه ، وسمته أكبر دليل عليه .
والمدعي لذلك = فاشل ، ففشله يغني في الرد عليه .
وإذا شهد للعالم العلماءُ ، سكت من دونهم من الجهلاء .
وهذا ذكرني بقصة صغيرة : جاء رجل إلى بعض إخواننا يطعن في شيخنا : الشيخ الألباني كذا ، والشيخ الألباني كذا .
فقال له : يا فلان ! أسألك سؤالا ؟
قال : نعم .
قال : لو أنك رأيت جماعة من الناس مجتمعين ينادون بأعلى صوتهم : الألباني جاهل ؛ فهل سيصدقهم أحد ؟
قال : لا .
قال : لو قلبنا الصورة ؛ هؤلاء الجماعة أنفسهم اجتمعوا وقالوا عنك : فلان عالم ، هل يصدقهم أحد ؟
قال : لا .
فعرف من نفسه بنفسه أن العلم بحجته ، لا بدعاويه .
والدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-29-2009, 02:28 AM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي

يقول السائل : نرى بعض طلبة العلم من ذوي الهمم العالية ، ولكن لا نراه في الصلاة إلا مسبوقا ، فهل هذا يسوغ ، وهل هو من باب تزاحم المصالح ؟
الجواب : لا !
مصلحة الصلاة والحرص عليها ، والرغبة بها ، أعظم من مصلحة طلب العلم ؛ الذي هو مصلحة موسعة ، والصلاة مصلحة مضيقة ، فالتزاحم لا يدخل في هذا الباب ، قد تدخل بعض صور التزاحم ، لكن ليست هذه منها ؛ لذلك هذا - الحقيقة - من قلة الفقه الذي نحن نريد أن نسعى أن نكون ذوي همم فيه ؛ ثم إذا بنا نخالف أبجدياته .

يقول السائل : هل يضر الشخصَ إذا درس ، أو إذا تخصص في غير الشريعة ، ثم طلب العلم خارج الدراسة - علما أن هذه الدراسة تأخذ علما كثيرا - ؟

الجواب : نقول : لا يضيره ؛ فالعلم ليس محصورا في الجامعات ، والكليات ، والمعاهد ؛ وإن كان هذا يعطي منها - أو فيها - شيئا ، والعلم - وسائر العلوم - منها فروض كفاية .
فتخيل لو أن الشباب جميعا درسوا علوم الشرع ، والعلوم الأخرى : من الطب ، والهندسة ، والتكنولوجيا ، وما أشبهها ، من يقوم بها ؟
ومن يغطي حاجة الأمة من فروض الكفاية فيها ؟
لذلك - كما قال الرسول - عليه الصلاة والسلام - : كل ميسَّــر لما خلق له .
فالذي يدرس تخصصا دنويا ، وهو يحتسب النية الصالحة ، وفرض الكفاية ؛ إن شاء الله له أجره ، وهذا معين له على أن يطلب العلم من مظانه ، في مجالس أهله ، في مجالس طلبة العلم ؛ كما قال الأئمة : إحياء العلم مذاكرته .
أما أن يعرض عن هذا من أجل ذاك فلا .

يقول السائل : أرجو أن تعلمني كيف أبدأ بطلب العلم ؛ فأنا منذ خمس سنوات ، وأنا أتابع الأشرطة ، لكن أرى غيري يفوقني علما ؛ فأرشدني ؟
الجواب : أنا أقول : إذا اتبعت الأشرطة التي فائدتها مؤقتة ؛ فلن تنتفع ، وستزداد خمس سنوات أخرى ، وقد تصل إلى خمسين أخرى ، ولن تنتفع ، لكن إذا تابعت الأشرطة التي فيها التأصيل العلمي كأشرطة الشيخ ابن باز ، والشيخ الألباني ، والشيخ ابن عثيمين ؛ فستعيش دهرك كله ، ولن تتمها ، وستستفيد في كل من الفوائد ما لا يعلم به إلا الله ، وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ، وأنا لاحظت أن في أشرطة مشايخنا الثلاثة تخصصات في كل واحد منها شيء غير الثاني فالشيخ ابن عثيمين تأصيلاته معظمها في الفقه ، وفي الأصول ، وإن دخل في أشياء أخرى من العقيدة ، أو من اللغة ، أوالمصطلح ، لكن أهم شيء الصياغة الفقهية المنضبطة في كتبه ، بينما أشرطة الشيخ ابن باز معظمها في باب العقيدة وتأصيلاتها ، وأشرطة شيخنا الألباني معظمها في باب المنهج وتأصيلاته ؛ فلو أن الواحد - لا أريد أن أقول : سمع كل يوم ثلاثة أشرطة !! لا ! لو أنه كل يوم جاهد نفسه أن يسمع شريطا واحدا ، وهذا الشريط ؛ كان معه كراسة ، يسجل الفوائد ، فلنفرض في الشريط لم يجد إلا فائدتين ! لا نريد أن نقول : خمس فوائد ، أو عشر فوائد ! فائدتين سجلهما ، في الشهر كم فائدة ؟ هاه ؟
(60)
في السنة كم فائدة ؟
(720)
في الخمس سنوات ؟ هذه التي أضاعها ، ثم وهو لا يزال - أخونا الكريم - يقارن أن غيره فاقه أم لا ؟
في الخمس سنوات : نحو من أربعة آلاف فائدة !!
والله هذا الذي وصل في خمس سنوات إلى أربعة آلاف فائدة = ينبغي أن نطلب العلم عنده - حقيقة - .
أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
ممكن واحد يأتيه الشيطان يزخرف له ، ويزين ، ويصده ، يقول له : أيش ساعة في اليوم هذه لن تحصل بها علما !!
إذا ما درست عشر ساعات ، وخمسة عشر ساعة = لا تصير طالبَ علم ؛ فإذا به أول يوم خمسة عشر ساعة ، ثاني يوم ساعتين ، ثالث يوم = شغلة طويلة يا أخي !!
فإذا به ينكسر ، وينهزم .
أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .

هذا فضلا عن الكتب ، وأنا لي رسالة اسمها ( عودة إلى السنة ) جمعت فيها اثنين وعشرين علما ؛ وهذه العلوم قسمتها قسمتها على ثلاثة أقسام .
كل علم ذكرت له بمراحله الثلاثة الكتب اللائقة بها .
المرحلة الأولى : في العقيدة : كذا وكذا من الكتب .
المرحلة الثانية : كذا وكذا من الكتب .
المرحلة الثالثة : كذا وكذا من الكتب .
كذلك لو أن الإنسان مع الشريط الذي يسمعه من أشرطه مشايخنا الثلاثة ، قرأ في اليوم عشر صفحات ، خمسة عشر صفحات ؛ لكان ذلك خيرا كثيرا ، لكن أهم شيء التواصل ، والاستمرار وعدم الركون .

يقول الأخ السائل : هل ضغوط الحياة : كالديون ، ومشاكل الأسرة ، وكثرة الأشغال والأحزان ، تعتبر عائقا عن طلب العلم ؛ وكيف يتعدى طالب العلم هذه العقبات ؟

الجواب : أنا أقول : بالعكس ! ينبغي أن تكون هذه سببا للجد أكثر ، وسببا للتحصيل أكثر ، ويذكرني هذا الأمر بمقارنة ؛ قارن فيها بعضُ أهل العلم بين الإمام أبي الوليد الباجي ، والإمام ابن حزم الأندلسي ؛ وكلاهما من علماء الأندلس ، والأندلس في أسبانيا .
ومعاهدة السلام العربية اليهودية التي وُقِّـعَـتْ في مدريد كانت في اليوم الذي ختم خمس مئة سنة بالتمام والكمال على سقوط الأندلس !
انظروا كيف ضبط الكفار وترتيباتهم ؟!
والطاولة التي وَقَّـعوا عليها هي الطاولة التي وقعوا عليها معاهدة انتهاء الحرب العالمية الثانية ؛ أيضا تاريخ آخر ؛ حتى يبنوا مجدهم على أطلالنا !!
عقد العلماء مقارنة بين أبي الوليد الباجي وابن حزم الأندلسيين ؛ وكلاهما عالم فحل ، وله مؤلفات رائعة ، لكنهم فضلوا أبا الوليد الباجي على ابن حزم بشيء غريب جدا !!
وقالوا : أبو الوليد الباجي أفضل من ابن حزم .
بسبب ماذا ؟
قالوا : ابن حزم طلب العلم على مصابيح القصور ؛ لأنه كان أميرا ، بينما أبو الوليد الباجي طلب العلم على مصابيح الشوارع .
كان يذهب إلى الشارع ؛ فيطلب العلم إلى المصباح حتى يذوي ويزول ، ويذهب إلى مصباح آخر حتى يذوي ويزول ، وهكذا في البرد ، والحر ، وكذا ، بينما ابن حزم في القصر ، وهو أمير ، ورئيس ، يطلب العلم هنالك .
إذن ليس الظرف هو المانع من التحصيل .
وكما قلنا لكم : هذا شيخنا - رحمه الله - كيف ذا ؟!
والله يا إخواننا ! رأيت في أوراق شيخنا – أوراق هذه التي تسمونها النتجية ، الروزنامة ، المفكرة يكتب على ظهرها الحديث ، والتخريج ، لا يجد مالا يشتري به ورقا أبيض ، يكتب على ظهور الأوراق ؛ التي قد يكون – أحيانا - يجدها في الطرقات ، وكيف استأجر الكتاب ، وليس معه ثمنه أن يشتري كتابا .
أيهما أفضل : أن تتسخط وتقعد ، أم أن ترضى وتجد ؟
إذا تسخطت وقعدت لن يزيدك بلاؤك إلا بلاءً .
أما إذا رضيت واجتهدت ؛ فإن شاء الله هذا من علامات علو الهمة ؛ التي نحن لا نزال نسلك فيها ، مع الاستعانة بالله .

إذا لم يكن عون من الله للفتى /// فأول ما يقضي عليه اجتهاده

الأخ يقول : بماذا تنصحون بعد كتاب بلوغ المرام في باب حفظ الأحاديث ؟
الجواب : أنا أعكس ؛ فلا أقول : بلوغ المرام هو أول شيء ؛ الذي أراه أن عمدة الأحكام أولى من بلوغ المرام ؛ عمدة الأحكام كلها أحاديث في البخاري ومسلم ، بينما بلوغ المرام فيها ، وفيها ، فالبداية تكون أقوى في الأحاديث الصحيحة الثابتة ، ثم بلوغ المرام في الدرجة الثانية .


يقول : كيف نرد على من يعيب على طلبة إنشغالهم بالعلم بينما أهل المعاصي لا يجدون من يذكرهم ويزورهم ، وأهل الكفر في بلادهم لا يجدون من من يسافر إليهم ويدعوهم للإسلام ؟

الجواب : الدعوى باطلة ؛ الدعوى أصلها باطل ، وهل طلبة العلم دائما منكبون على الكتب لا يدعون ولا يذكرون ؟!
هذا غير صحيح ، ها هم إخواننا في هذه الجمعية المباركة عندهم قسم خاص لدعوة الجاليات ، وأسلم من الناس عشرات ومئات زرفات ووحدانا .

ويسافر إخواننا وطلبة العلم ممن نعرف وتعرفون كثيرا إلى بلاد الكفر ، يدعون ، ويعلمون ، ويذكرون : أهل المعاصي ، وأهل الكفر ، وما أشبه من ذلك .
لذلك الدعوى باطلة ، لكن الذي يعترض هذا الاعتراض عنده نظرة معينة ، يريد أن يثبتها ويرسخها ، كما قيل : عنزة ولو طارت .

يقول السائل : أنا لا اقدر أن أركز في القراءة ، ويصعب علي هذا الأمر ؛ فما الحل ؟
الجواب : الحل أن تعود نفسك القراءة ، وابدأ بكتاب الله ، ركز القراءة في كتاب الله سبحانه وتعالى ، وأدم النظر فيها ، وأكثر من القراءة له ، ففي هذا أجر وتعويد ؛ ثم بعد ذلك جاهد نفسك على قراءة عشر صفحات ، خمس صفحات ، لو أعدتها المرة الأولى ، والمرة الثانية ، والمرة الثالثة ، وهكذا .
يا إخواني العقل كأي حاسة من الحواس ، يحتاج إلى تمرين وتدريب ، إذا لم تدرب عقلك وذهنك على الاستنباط والفائدة ، وما أشبه ؛ لا تنتفع ؛ لذلك بمجرد أن تقول : أنا لا أفهم ، أو لا أركز ؛ كأنك تضع العربة أمام الحصان ، وبالتالي تغلق الطريق على نفسك ، لا تقل هذا .
( وقل رب زدني علما ) } سورة طه آية (114) { .

لم يأمر الله - عز وجل - نبينه أن يطلب المزيد من شيء إلا العلم ؛ والعلم يحدو إلى الأمل ، ويدفع إليه .

يقول السائل : عندنا نقول لبعض الشباب : نتعلم من علماء الأمة ، وطلبة العلم الذين تعلموا على العلماء ؛ ودعونا من الدعاة .
يقولون : هؤلاء الدعاة يقولون : قال الله ، قال الرسول ؛ مثل العلماء ؛ فماذا تنصح هؤلاء الشباب ؟

الجواب : نقول هذه قسمة ضيزى ! فالأصل في العلماء أنهم هم الدعاة ، وليس في الأصل من الدعاة أن يكونوا علماء ، نحن الآن نرى دعاة ملأَ ذكرهم السهلَ والجبلَ ، وليسوا من السنة في شيء ، وليسوا من العلم في شيء ، وليسوا من الصواب في شيء ، وإنما أوتوا حسن لسان بقلة علم ؛ فضلا عن الشعوذة والخرافة ، والافتراء على الرسول - عليه الصلاة والسلام - في الأحاديث المخترعة ، والملفقة وما أشبه ذلك .
ومن ذكر منهم حديثا صحيحا ؛ فقد لا يورده في مورده الحق ، وهو حديث صحيح ، وهل كل حديث صحيح يستدل به المستدل به في موضعه الصحيح ؟
لا !
يعني - الآن - لو قيل لأحد : ما الدليل على تكبيرة الإحرام ؟
يقول لك : قال رسول الله : إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ؛ وليضع يديه ، ثم ركبتيه .
الدليل صحيح ؛ لكن الاستدلال غير صحيح .
فهذا ؛ نعم ، قد يستدل بآية ، أو بحديث ، لكن لا يستدل بها على وجهها المرضي ؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه .
ثم هؤلاء الدعاة - إن جاز هذا التعبير - علومهم ، أو معارفهم التي يقدمونها للناس ؛ مؤقتة ، جزئية ، ليست ذات فاعلية مستمرة ، ومؤثرة ، يتكلم الواحد فيهم عن شيء تتفاعل معه في المحاضرة ، أو في الدرس ، لكن لا يؤثر ذلك على تأصيلك العلمي ، وعلى نظرتك العلمية ، وعلى ما يجب أن تكون عليه في باب الدعوة إلى الله ، والالتزام بكتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لذلك نرى هؤلاء الدعاة موسميين !! يرتفع ذكر الواحد منهم ، ثم إذا به ينمحي ، يرتفع الآخر ، ثم إذا به ينمحي ، يرتفع الثالث ، ثم إذا به ينمحي ، بينما العلماء على استقامة واحدة ، وخطهم البياني لا يتذبذب ، بالعكس إنما يزدادون رفعة .
شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره مرفوع إلى هذه الساعة ، والذين كانوا قضاة في عصره ، وكبراء ، ومقدَّمين عند الأولياء ، والله لم نعرفهم ، ولم نسمع بهم ؛ إلا لأن ابن تيمية رد عليهم .
الرد على البكري ، والرد على الأخنائي ، والرد القاضي المالكي ، والله لولا أن ابن تيمية رد عليهم ، ما عرفناهم ، ولا ذكرهم التاريخ .
ابن القيم يقول : كل ناصر للسنة رافع لها له نصيب من قوله تعالى ( ورفعنا لك ذكرك ) } سورة الشرح آية (4) { ، وكل ناقض للسنة منتقص لأهلها له نصيب من قوله تعالى ( إن شانئك هو الأبتر ) } سورة الكوثر آية (3) { .

فهؤلاء جميعا إلى زوال ؛ لأنهم لا يقدمون عقيدة ، ولا يقدمون سنة ، ولا يقدمون منهجا ، يقدمون خليطا ، والخليط ضرره أكثر . الأدوية المركبة ضررها أكثرها من الأدوية المفردة .
فهذه الخلائط التي يقدمونها للناس على أنها حق وهدى = نفعها - إن وجد - محدود ، وضررها ليس له حدود - وللأسف الشديد - .
ولا حول ولا قوة إلا بالله .

والسؤال الأخير - إن شاء الله - الأخ السائل يقول : ما الكتب التي تعيننا في موضع الهمة في طلب العلم ؟
الجواب : سير العلماء ، سير العلماء ، لو قرأت كتاب ( سير أعلام النبلاء ) للإمام الذهبي ، وخاصة من المجلد السادس فما بعد ؛ لأن المجلد السادس والسابع ، وما قبل سير الصحابة ، فهي فيها من الجهاد والحرص ، والتحمل ، والصبر ، أيضا فيها نفع عظيم ، لكن لما بدأ العلم يأخذ صورته المقررة عند العلماء منذ بداية التصنيف الحديثي ترى من السير ومن أخبار أهل العلم ما تصتصغر به نفسك ، وما تهتم لأن تكون كهؤلاء الأخيار الأبرار الأطهار من أهل العلم الكبار في هممهم ، وفي همتهم ، وفي حرصهم ، وفي دأبهم ، وفي جهدهم ؛ لعل الله يحشرنا معهم نسأل الله - تعالى - أن يحسِـن خواتيما ، وأن يتوفانا وهو راض عنا ؛ إنه سميع مجيب .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

تنبيهان :
1 - لقد وضعت اسم السورة ورقم الآية بين } .. { .
2 – الكلام الذي في الحاشية المصدر بـ( قال الشيخ ) ؛ هو من كلام الشيخ علي ، وضعته في الحاشية ؛ ليكون الكلام مرتبطا في الأعلى .

قال أبو عبد الخالق أشرف السلفي – عفا الله عنه - : أنهيت تفريغ هذه المادة بعد صلاة الصبح من يوم الجمعة (8) رجب من عام (1429 هجرية ) الذي يوافقه من التاريخ الصليبي (11) يوليو (2008) م ، ثم راجعتها في اليوم التالي .

عند الساعة (6:10) صباحا . قبل شروق الشمس .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-29-2009, 12:23 PM
أحمد كزلك أحمد كزلك غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 34
افتراضي

بارك الله فيك يا أخانا الحبيب

و

زادك الله توفيقا
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-29-2009, 04:30 PM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي اللهم ثبت شيخنا على الحق

بسم الله الرحمان الرحيم


وفيك بارك الله أخي الكريم أحمد .

.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-29-2009, 04:54 PM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم



وهذا الشريط المفرغ على ملف وورد مضغوط
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-31-2009, 01:51 PM
أشرف السلفي أشرف السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 281
افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم


للرفع .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.