أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
63168 74378

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-29-2009, 11:39 PM
لافي يوسف الشطرات لافي يوسف الشطرات غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 98
Exclamation صدُّ اعتداءات خوارج- مرجئة- الخلف على منهج السّلف (3)

صدُّ اعتداءات خوارج- مرجئة- الخلف على منهج السّلف (3)

الحمدُ لله- تعالى- وحدَهُ، والصّلاةُ والسّلامُ على مَن لا نبيَّ بعدَهُ، محمدٍ- صلّى اللهُ عليه وسلّم-، ورضي اللهُ – سبحانَه- عن آلِه وصحبِه، ...... أمّا بعدُ :

كنتُ قد وعدتُ في الحلقةِ السابقة من سلسلة حلقات «صدِّي» لـ«اعتداءات اليافاويِّ» أن أُجيبه على سؤالاتي التي طرحتُها عليه؛ لأنه يغلبُ على ظنّي أنه (ما زال)، (وما فتئ)، (وما برح)، (وما انفك) (يافاويُّ)-منبر التوحيد- باقياً على جهلِه في (مسائل الإيمان)، وأنّ ردَّه المشؤومَ قد غرَّر به، وأزّه عليه بعضُ الخصوم .
ولما كان من «المروءة مراعاةُ العهودِ، والوفاءُ بالعقود» رأيتُ أني ملزمٌ له بالوفاء؛ راجياً ربّي أن أكون ممن لا يَخُونُ ولا يَعُقُّ ... ولا تُغَيِّره اللئامُ، وأن يعينني أن أعاملَ (اليافويَّ) بضدِّ صنيعِه معنا، فقد مرّت بنا-سابقاً- ليالي وأيامٌ ونحن نحترمُه ونقدِّرُه، ونرفعُه- فوقَ قدره- ونستأمنُه، ولكنّه أبى إلا أن يخونَ ويظلمَ، ويذيعَ السرَّ بكذبٍ وينشرَه:

إِذا لم يكنْ صفوُ الودادِ طبيعةً ..... فلا خيرَ في خلٍ يجئ متكلِّفا
ولا خيرَ في خلٍ يخونُ خليلَه..... ويلقاهُ من بعدِ المودةِ بالجفا
وينكرُ عيشاً قد تقادمَ عهدُهُ ..... ويظهرُ سراً بالأمسِ قد خَفا


وحتى(تتمَّ) الفائدةُ من الإجابة ولا (تنقُص) كان من (اللازم) أو (الواجب)- على خلافٍ لفظيٍّ بينهما- ذكرُ كلِّ سؤالٍ قبلَ الإجابةِ بلا (استثناء)، وقد آنَ- الآنَ- أوانُ الجواب :

س1) ماذا تعني مسائلُ (الأسماء والأحكام) في مباحثِ الاعتقاد- أصولِه وفروعِه-؟
الجواب: هي المسائلُ التي تبحثُ « في أسماءِ الدِّين، مثل مسلم ومؤمن، وكافر وفاسق، وفي أحكامِ هؤلاءِ في الدّنيا والآخرة»، وبذلك« فإنَّ مسائلَ التكفيرِ والتّفسيق هي من مسائلِ(الأسماءِ والأحكام) التي يتعلَّقُ بها الوعدُ والوعيدُ في الدَّار الآخرة، وتتعلَّقُ بها الموالاةُ، والمعاداة، والقتلُ، والعصمةُ، وغيرُ ذلك في الدّار الدنيا».انظر«الفتاوى» (12/468)، (13/38) .
س2) في أيِّ البابينِ- الأسماء أم الأحكام- يندرجُ خلافُ مرجئةِ الفقهاءِ معَ سائرِ أهلِ السّنةِ والجماعة؟
الجواب: بيّنَ شيخُ الإسلام- رحمه الله- أنَّهم لم ينازعوا في شيءٍ من (الأحكام) التي تتعلق بدخول العمل في الإيمان، وإن كان بعضُهم أعلَمَ بالدِّين وأقومَ به من بعض، ولكن تنازعوا في (الأسماء). انظر الفتاوى (7 / 505) .
ولا يُستغربُ مثلُ هذا الكلام، فإن كانت مخالفةُ الكراميِّة في المنافق في (الأسماء) لا في الأحكام- مع قُبحِ قولِها، وشناعةِ بدعتها- عنده-، فمرجئةُ الفقهاءِ من باب أولى .
قال- رحمه الله- في «الفتاوى» (7/550): «وقول ابن كرّام فيه مخالفةٌ في الاسم دون الحكم، فإنه وإن سمّى المنافقين مؤمنين يقول: إنهم مخلدون في النار، فيخالف الجماعةَ في الاسمِ دون الحكم، وأتباعُ جهمٍ يخالفون في الاسمِ والحكمِ جميعاً».
س3) هل الخلافُ بينَ مُرجئةِ الفقهاءِ مع الجماعة خلافٌ لفظيٌّ أم خلافٌ معنويٌّ- في الحكم- أيضاً ؟ وأيهما أكثرُ وقوعاً ؟
الجواب:لا يُتصور- أصالةً- أن يكونَ النزاعُ بين طرفين في الاسم ومع ذلك يوصفُ هذا النّزاعُ بينهم بأنه معنوي، فالنزاعُ اللفظيُّ لا يوجبُ خلافاً معنوياً- يترتبُ عليه اختلافُ الحكم- في الآخرة ، لا العكس؛ أي: أنَّ الخلافَ المعنوي- الحكميَّ- يلزمُ منه الخلافُ في الاسم واللفظ- بداهةً- .
والناظر في كلامِ شيخ الإسلام يجده يصرِّحُ وبكلِّ وضوح أنَّ الخلافَ القائمَ بين مُرجئةِ الفقهاء وجمهورِ أهلِ السّنة، عامتُه- أكثرُه- هو خلافٌ لفظيٌّ اسميٌّ، كما في « مجموع الفتاوى» (7/181، 218، 242، 297، 392، 504، 575) ،( 13/38) .
وممن تابعَ الإمامَ ابنَ تيميةَ في تقريره هذا: العلامةُ الشيخُ محمدُ بنُ إبراهيم- رحمه الله- في« فتاويه» (1/245) بقوله: « الإمام أبو حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان من مرجئة الفقهاء الذين يقولون: (لا تدخل أعمال الجوارح في الإيمان) مع أنهم يقولون بالتّغليظ فيها، إنما مسألة الاسم ـ فقط ـ والجمهور على خلاف هذا».
بل لقد ذهبَ شيخُ الإسلام إلى أبعدَ من هذا، حيثُ لم يحصُر الخلافَ اللّفظيّ في مرجئة الفقهاء بل اعتبرَ كثيراً من نزاعِ الناسِ في مسائلِ الإيمان، ومسائل (الأسماء والأحكام) منه، كما قال-رحمه الله- في «مجموع فتاويه» ( 18/279): «وكثيرٌ من منازعاتِ النّاسِ في مسائلِ الإيمانِ، ومسائلِ الأسماءِ والأحكامِ هي منازعاتٌ لفظيةٌ ، فإذا فُصِّل الخطابُ، زال الارتيابُ، واللهُ سبحانهُ أعلمُ بالصَّواب» .

ولكنه استثنى-رحمه الله- من عموم المتنازعين الخوارجَ، والمعتزلةَ، وغلاةَ المرجئةِ: كالجهمية، ومَن وافقهم، فهؤلاء- لا محالةَ- أقوالهم منحرفة، ونزاعُهم حقيقيٌّ ومعنويٌّ، في الاسم والحكم .
كما في «الفتاوى» (7/297): «... ولكنَّ الأقوالَ المنحرفةَ قولُ مَن يقولُ بتخليدهم كالخوارج والمعتزلة، وقول غلاة المرجئة الذين يقولون: ما نعلمُ أن أحداً يدخل النار! بل نقفُ في هذا كله». وقد سبق في الجوابِ السّابق قوله: «.. وأتباعُ جهمٍ يخالفون في الاسم والحكم جميعاً».

س4 ) ما المسائلُ الكثيرةُ-لا القليلة- التي(خالفَ) فيها مرجئةُ الفقهاء أهلَ السّنةِ وكان نزاعُهم فيها لفظياً لا معنوياً؟ الجواب: ورد في كلام شيخُ الإسلام ذكرُ بعضِ هذه المخالفات؛ منها :

أ- إخراجهم أعمالَ الجوارح من الإيمان، وأنها ليست جزءاً منه، ولا تدخل في مسماه، وأنَّ لفظ (الإيمان) ليس دالاً عليها بالتضمن والعموم ، وإنما دلالته عليها باللزوم، والفرقُ بين الدلالتين- كما يستفادُ من كلامِ شيخِ الإسلام في عدَّةِ مواضعَ- : أنّ اللّفظَ الدّالَّ على شيءٍ بالتضمُّن لا بدَّ أن يكونَ هذا الشيءُ جزءاً- بعضاً- منه، ومندرجاً- داخلاً- فيه، لا خارجاً عنه، أمّا اللّفظُ الدّالُّ على غيرِه بالالتزام- لا بالتضمن- فإنه لا يكونُ مشتملاً عليه، ويكونُ ذلك الغيرُ خارجاً عن ماهيته- حدّه- لا داخلاً-فيها، وليس جزءاً- بعضاً- منه .

ب- مسألة الاستثناءِ في الإيمان وهو أن يقول الرجل: أنا مؤمنٌ إن شاء الله، قالوا: فمن استثنى في إيمانه فهو شاكٌ فيه، وسموا أهلَ السّنةِ المجِيزينَ له: الشكاكة، ولا شكَّ أنَّ الصوابَ-عادةً- حليفُ أهل السنة، فمَن قال: أنا مؤمن إن شاء اللهُ وهو يعتقدُ أنّ الإيمانَ فعلُ جميعِ الطاعات، وتركُ كلِّ المحرمات، فإن خاف المسلمُ أن لا يكون قائماً بهذه الطاعات، أو ارتكبَ بعضَ المحرَّمات فقد أحسن باستثنائِه.

ج ) منعهم القولَ بزيادةِ الإيمان ونقصانه، أي أنَّ الإيمان-لا يتفاضل- لا يزيدُ ولا ينقُص، والصوابُ- بلا ارتياب-: هو القول بتفاضل الإيمان بدخول الزيادة والنقص فيه، وأنَّ هذا التفاضل يكون من وجوه متعددة: أحدها: الأعمال الظاهرة فإنّ الناس يتفاضلون فيها وتزيد وتنقص، ثانيها: زيادة أعمال القلوب ونقصها، وثالثها: أنَّ نفسَ التَّصديقِ والعلمِ في القلب يتفاضل باعتبار الإجمالِ والتفصيل ، ورابعها: أنَّ نفسَ-كُنهَ- العلمِ والتصديقِ يتفاضلُ ويتفاوتُ كما يتفاضلُ سائرُ صفاتِ الحيِّ ، وسائر الأعراضِ؛ من الحركة والسواد والبياض، وخامسها: أنَّ التفاضل يحصلُ من هذه الأمور من جهةِ الأسبابِ المقتضيةِ لها، فمَن كان مُستندُ تصديقِه ومحبتِه أدلةً توجب اليقين وتُبين فسادَ الشبهة العارضة لم يكن بمنزلة من كان تصديقه لأسباب دون ذلك، وسادسها: أنَّ التفاضل يحصلُ في هذه الأمورِ من جهة دوامِ ذلك وثباتِه، وذِكره واستحضارِه، كما يحصلُ البُغضُ من جهةِ الغفلة عنه، والإعراض والعلم والتصديق والحب والتعظيم وغير ذلك، انظر «مجموع الفتاوى» (7/562)، وما بعدها.

د ) تسميتهم الفاسقَ المِليِّ- صاحب الكبائر: تارك الواجبات، وفاعل المحرمات- مؤمناً كاملَ الإيمان؛ وجعلَه مستحقاً لفظَ الإيمان بإطلاق .
وحتى لا يستجرينَّكم الشيطانُ يا(يافاويّ-المنبر) وحاشيتك، ويجعلكم تشكِّكون في نسبةِ هذا القول لشيخ الإسلام، فسأحيلُكم إلى كلامه مختصراً:
قال-رحمه الله- «الفتاوى» (13/38): « وحدثت (المرجئة) وكان أكثرُهم من أهل الكوفة، .. فصاروا نقيضَ الخوارج والمعتزلة، فقالوا: إنّ الأعمالَ ليست مِن الإيمان، وكانت هذه البدعةُ أخفّ البدع، فإنّ ( كثيراً) من النزاع فيها نزاعٌ في الاسم واللفظ دون الحكم؛ .. فكان في الأعمال: هل هي من الإيمان، وفي الاستثناءِ ونحو ذلك، عامته نزاع لفظي».

وقال- أيضاً- في «الفتاوى» (7 / 505) :«ثم بعد ذلك تنازع الناس في اسم المؤمن والإيمان نزاعاً كثيراً منه لفظي وكثير منه معنوي، فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا في شيء مما ذكرناه من الأحكام وإن كان بعضهم أعلَمَ بالدِّين وأقومَ به من بعض، ولكن تنازعوا في الأسماء: كتنازعهم في الإيمان هل يزيد وينقص؟وهل يُستثنى فيه أم لا؟ وهل الأعمال من الإيمان أم لا ؟ وهل الفاسق المِلِّي مؤمن كامل الإيمان أم لا؟».

وكأني بكم- يا (يافاويَّ) وملقِّنك- وقد غارت أعينُكم في مجاحرِها؛ تسألون أنفسكم: كيف يُدرجُ شيخُ الإسلام خلافَ مرجئةِ الفقهاءِ لأهلِ السّنة في هذه المسائلِ في الخلافِ اللفظيِّ؟!!، وأين يتفقُ أهلُ السنةِ معهم فيها؛ ليصبحَ نزاعُهم فيها-عنده- لا فائدة فيه ؟!!، قلتُ: الجواب سهلٌ على من سهّله الله-تعالى- عليه، راجياً ربِّي أن أكون منهم.

1) وقبل الشروعِ في الجواب، لا بدَّ من التنبيه على أنّ هذه المخالفاتِ متفرّعةٌ من إخراجِ العملِ من مسمّى الإيمان، الذي قام على أصلٍ فاسدٍ وهو أنَّ الإيمان لا يتبعّض، وقد بنى أهلُ البدع جميعاً- ومنهم مرجئةُ الفقهاء- معتقدَهم في مسائل (الأسماء والأحكام) على هذا الأصل الفاسد .
ولما كانت الثمرةُ من إدخالِ العملِ في مسمّى الإيمان هو ترتّبُ الوعدِ- المدح، والثواب، والموالاة- و ترتب الوعيد- الذم، والعقاب ، والمعاداة، وبما أنّ مرجئةَ الفقهاء يوافقون أهلَ السّنة في هذه الثمرة، أصبحَ من الممكن اعتبارُ إخراجهم العملَ الظَّاهرَ من الإيمان لا ثمرة (منه) و(له). وسيأتي من كلام شيخ الإسلام ما يؤيده .
2) أما مسألةُ منعِ الاستثناءِ في الإيمان، فإنَّ مرجئة الفقهاء يتفقون مع أهل السّنة فيها باعتبارات ثلاثة: الأول: إذا أرادَ المستثني الشَّكَّ في أصلِ إيمانه؛ فإنه يُمنعُ من الاستثناء، وهذا مما لا خلاف فيه .انظر «شرح العقيدة الطحاوية» (351).
الثاني: أن يكونَ مرادُ المتكلم بإيمانه الإيمانَ (المقيَّدَ) الذي لا يستلزمُ أنه شاهدٌ فيه لنفسه بالكمال، ولكن ينبغي أن يقرنَ كلامه بما يبين أنه لم يُرد الإيمان المطلق الكامل. انظر «مجموع الفتاوى» (7/449) .
الثالث: إذا عَنى المتكلِّمُ بإيمانه الإيمانَ الذي عُلِّقت به أحكامُ الدنيا، وهو الإيمانُ الظاهر، وهو الإسلام فالمسمّى واحد فى الأحكام الظاهرة . «مجموع الفتاوى» (7/416) .

وكما يقال: «
ولكن لنا عَوْدٌ شديدٌ شكائمُه، وشُكُمه»، على مسألة الاستثناء في الإيمان، عند دحضِ كلام مُلَقِّن (اليافاويّ) عند استدلاله بكلام شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى7 /158) : « فالمتأخرون الذين نصروا قول جهم في مسألة الايمان يظهرون قول السلف فى هذا وفي الاستثناء، وفي انتفاء الايمان الذي في القلب حيث نفاه القرآن ونحو ذلك، وذلك كله موافق للسلف فى مجرد اللفظ والا فقولهم فى غاية المباينة لقول السلف ليس فى الأقوال أبعد عن السلف منه..». وسآتي – إن شاء الله تعالى- لاحقاً إلى بيانِ تدليسِه، وتلبيسه المعتادِ من مرجئة- خوارج- الخلف، من أمثاله وأسلافه .
3) وكذلك الحال بالنسبةِ لقولهم: الإيمان لا يزيدُ ولا ينقص، فهو نتيجةٌ مشؤومة لإخراجهم العمل من الإيمان، فقد صرّح كثيرٌ من السّلف بأنّ الإيمان يزيدُ بالطاعةِ، وينقصُ بالمعصية، وسواء كانت الطاعةُ أو المعصيةُ باللسان أو كانت بالجوارح- بالإركان-، فالأمر سيّان، أما من أخرجَ العمل من الإيمان فمِن الطبيعي- عندئذٍ- نفيُه زيادةَ ونقصانَ موجِبها، ومقتضيها، وهو إيمان القلب .ولكن يجدرُ الإشارةُ أنَّ مرجئة الفقهاء وأهلَ السّنة التقتا في:

أ‌- زيادة العمل الصالح الذي على الجوارح ونقصانه، وأنَّ الناس يتفاضلون في الأعمال الظاهرة، وهذا مما اتفق الناسُ على دخول الزيادة فيه والنقصان، لكنَّ نزاعهم فى دخول ذلك في مسمى الإيمان، فالنفاةُ يقولون: هو من ثمراتِ الإيمان ومقتضاه، فأُدخل فيه مجازاً بهذا الاعتبار، وهذا معنى زيادة الإيمان عندهم ونقصه، أي زيادة ثمراته ونقصانها، لا كما دلّس وموّه ملقِّن (اليافاويّ)، كما سيأتي لاحقاً- بإذن الله-، وقد سبقت الإشارةُ إليه آنفاً.انظر «مجموع الفتاوى» (6/479)، (7/562) .

وقد يقول بعضُ المرجئة بتفاضلِ أعمالِ القلوب، بخلاف معرفتها، والصوابُ أنَّ أعمال القلوب ومعارفها تتفاضل، كما قال شيخ الإسلام في«مجموع الفتاوى» (7/408): « وقد يقولون إن أعمال القلب تتفاضل بخلاف معارف القلب، وليس الأمرُ كذلك، بل إيمانُ القلوبِ يتفاضل».
قلتُ:وممن يُعرفُ هذا القول الإمام الطحاويُّ في «عقيدته» حيثُ قال: «والإيمانُ واحدٌ، وأهلُه في أصلِه سواء، والتفاضلُ بينهم بالخشيةِ والتُّقى، ومخالفة الهوى وملازمة الأولى ».

ب – نفيُ التفاضل- الزيادة والنقصان- في المعرفة بالقلب، وهذا بخلاف الصحيح الذي عليه جمهورُ أهل السّنة، قال الحافظ ابنُ رجب الحنبلي في كتابه « فتح الباري شرح صحيح البخاري»: «وأما المعرفةُ بالقلب: فهل تزيدُ أو تنقصُ؟ على قولين: أحدُهما: أنها لا تزيدُ ولا تنقصُ.
قال يعقوب بن بختان: سألتُ أبا عبدالله- يعني: أحمد بن حنبل- عن المعرفة والقول تزيد وتنقص ؟ قال: لا ، قد جئنا بالقول والمعرفة وبقي العمل. ذكره أبو بكرٍ الخلّالُ في كتاب ( السّنة). ومرادُهُ بالقول: التلفظ بالشهادتين خاصة. وهذا قولُ طوائفَ من الفقهاء والمتكلمين»اهـ .
وقال شيخُ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (7/408): «وقد حُكي عن أحمد في التفاضل في المعرفة روايتان، وإنكار التفاضل فى هذه الصفات هو من جنس أصل قول المرجئة..».
س5) هل بدعةُ مُرجئة الفقهاء من جنس اختلاف الفقهاء في الفروع أم الأصول؟
الجواب: ما قاله شيخُ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (12/484): «وأما (المرجئة): فلا تختلفُ نصوصُه- أي: الإمامَ أحمد- أنّه لا يكفِّرُهم؛ فإنّ بدعتَهم من جنسِ اختلافِ الفقهاءِ في الفروع، وكثير من كلامهم يعودُ النّزاعُ فيه إلى نزاعٍ في (الألفاظ والأسماء)؛ ولهذا يُسمَّى الكلامُ في مسائلهم (باب الأسماء) وهذا من نزاعِ الفقهاء، لكن يتعلَّق بأصلِ الدِّينِ فكانَ المنازِعُ فيه مبتدعاً» .
س6) ماذا يلزمُ منْ جَعْلِ بدعةِ مُرجئةِ الفقهاءِ من جنس اختلافِ الفقهاءِ في الفروع-لا الأصول-؟
الجواب: يلزمُ(مَن صنَّفها) كذلك: تسميةُ الكلامِ في مسائلهم (باب الأسماء)-لا الأحكام- الذي يُندرجُ الخلافُ فيه في الخلاف اللّفظي (الاسمي)، ومن ثمرات كون خلافهم لفظياً-عنده- :
أولاً: أنه اختلاف صوري غيرُ حقيقيّ، كما سماه الإمام ابنُ أبي العزِّ الحنفي «شرح الطحاوية» (ص333): «والاختلافُ الذي بينَ أبي حنيفةَ والأئمةِ الباقينَ من أهلِ السنّةِ اختلافٌ (صوريٌّ)...نزاع لفظي، لا يترتبُ عليه فسادُ اعتقاد ».

ثانياً : أنه خلافٌ لا فائدة فيه؛ كما نصَّ عليه شيخ الإسلام بقوله: في« مجموع الفتاوى» (7/181):« فإذا عرف أنّ الذّم والعقاب واقعٌ في (ترك العمل) كان بعد ذلك نزاعُهم لا فائدة فيه، بل يكونُ نزاعاً لفظياً مع أنهم مخطئون مخالفون للكتاب والسّنة...» .

ثالثاً : أنَّ بدعتهم مِن بدعِ الأقوالِ والأفعالِ؛ لا مِن بدعِ العقائد، كما صرّح به شيخُ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (7/394): « ولهذا لم يكفر أحدٌ من السلف أحداً من «مرجئة الفقهاء» بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال؛ لا من بدع العقائد فإنَّ كثيراً من النزاع فيها لفظيٌّ، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب» .

رابعاً: تهوينُ أمرِ بدعتهم؛ لكونها لم تمنعِ الكثيرَ منْ أهلِ العلمِ والفضلِ من الثّناءِ على أئمةِ مرجئةِ الفقهاء، ورفع منزلتهم، وإعلاءِ شأنهم؛ وأنّ مَن قال منهم باجتهاد وأخطأ فيه، فما لَهُ من فضلٍ في نشرِ العلمِ، وإحياءِ السُّنة ما تنغمرُ فيه هذه المفسدةُ، حتى إنَّ شيخَ الإسلامِ ذهبَ إلى أبعدِ من ذلك، عندما ألحقَ الإمامَ أبا حنيفةَ- أحدَ أئمتهم- بمَن يُشهدُ لهم بالجنّة؛ لاستفاضتِ عدالتُهم بين الناس، وهذا أمر يكفي(يُجزئ)-عنده- للشّهادةِ لهم بالجنةِ لمن كان هذا حاله .
قال- رحمه الله- في « مجموع الفتاوى» (11/518): «وقالت طائفة : بل من استفشى من بين الناس إيمانه وتقواه، واتفق المسلمونَ على الثناء عليه، كعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والفُضَيل بن عِيَاض، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، وعبد الله بن مبارك- رضي الله عنهم- وغيرهم. شهدنا لهم بالجنة؛ لأنّ في «الصحيح»-[البخاري برقم (1367)] - أنَّ النبيَّ مُرَّ عليه بجنازةٍ فأثنوا عليها خيراً، فقال: وجبت... وإذا عُلم هذا فكثير من المشهورين بالمشيخةِ في هذه الأزمان، قد يكونُ فيهم منَ الجهلِ والضَّلال والمعاصي والذَّنوبِ ما يمنعُ شهادة الناس لهم بذلك..».

س7) ماذا يلزمُ إذا كانَ نصُّ السّؤال السابق الاحتمالَ الثاني ، أي: من جنس اختلافِ الفقهاءِ في الأصول - لا الفروع-؟
الجواب:عندها يكونُ الأمرُ كما يقال:«أفجع نائبةً، وأفظع مُلِمَّةً» ولا يعودُ الخلافُ مجردَ نزاعٍ لفظيٍّ، بل ينحدرُ إلى النزاعِ المعنويِّ واللفظيِّ- معاً-، ويصبحُ من الممكنِ تقديرُ مسائلَ يمتنعُ وجودُها؛ مثل انفكاك الظاهرِ عن الباطن، وعدم تحقُّقِ الارتباطِ الذي بينَ البدنِ والقلب-، وبذلك تصحُّ منهم الأقوال الباطلة، والفاسدة، ومنها:

أ – أنه قد يكون الإنسانُ مؤمناً كاملَ الإيمان بقلبه، وهو مع هذا يأتي بالأعمالِ والأقوالِ الظاهرة التي تضادُّ الإيمانَ من كلِّ وجه؛ كسبِّ اللهِ-سبحانه- ورسولِه، ومعاداةِ أولياءِ الله، وهدمِ المساجد، وإهانةِ المصاحف، وغيرها. انظر« مجموع الفتاوى» (7/188) .
ب – وجودُ الإيمان التام-الكامل- في قلب شخصٍ وهو لا يسجدُ لله سجدةً، ولا يصومُ رمضانَ ويزني بأمه وأخته، ويشربُ الخمرَ نهارَ رمضانَ، وهو مع هذا مؤمنٌ تامُّ الإيمان. انظر« مجموع الفتاوى» (7/204)
ج - زعمهم أنَّ مجرد إيمان القلب بدون الظاهر- القول والعمل- ينفعُ في الآخرة، ويكونُ الإيمانُ مقبولاً.وبعضهم حصر إيمان القلب بالتصديق، وأخرج أعمال القلوب من الإيمان. انظر«الفتاوى» (7/554) .
د - أنَّ الله ـ عز وجل ـ فرض على العبادِ الفرائضَ ولم يُرِد منهم أن يعملوها، وليس بضائرٍ لهم أن يتركوها، وحرَّم عليهم المحارمَ فهم مؤمنونَ وإن ارتكبوها، وإنما الإيمانُ عندهم أن يعترفوا بوجوبِ الفرائض وأن يتركوها، ويعرفوا المحارم وإن استحلوها، ويقولون : «إن المعرفة بالله إيمان( يغني) عن الطاعة،..وإن المجتهد والمقصر والمطيع والعاصي جميعاً سيّان . انظر «الإبانة الكبرى » (2/893 ) .
ولا أظنه خافٍ على أحد، أنَّ ما سبقَ ذكرُه من المسائلِ المشؤومة، لا يمكن بأيِّ حالٍ قبولُها من جميع علماءِ السنَّة، بل أنكروها غايةَ الإنكار، وأغلظوا- بسببها- لأصحابها في القول، حتى صرَّحوا بتكفيرهم دون تردد .
فالمخالفُ لأئمة أهلِ السّنة في الأصول يدورُ في مخالفته لهم بين التضّليل، والتغليظ في التبديع،والتكفير ، بخلاف النزاع الواقع بينهم في الفروع، إذ إنهم- ولله الحمدُ والمنّة- وإن اختلفوا في الفروعِ فإنِّهم متَّفقون في الأصول، كما أقرَّ ذلك وارتضاه شيخُ الإسلام كما في «منهاج السّنة » ( 2/606): «ولهذا قال بعضُ شيوخِ المغرب المذهب لمالك والشافعيِّ، والظهور لأحمد، يعني: أنَّ مذاهبَ الأئمةِ في الأصول مذهبٌ واحد، وهو كما قال..» .
قلت: إن كان إخراج العمل الظاهر من الإيمان،- وما يترتب عليه- من فروع المذاهب، فهل يكون عدم التكفير بترك العمل من أصولهم؟!!
وبهذا؛ فإنَّ مجرد الانتساب لأحدِ الأئمة في الفروع دون الأصول لا ينجِّي من الضَّلال، كما نصَّ عليه شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (4/177): « ومن قال: أنا حنبليٌّ في الفروعِ، معتزليٌّ في الأصول، قلنا: قد ضللتَ إذاً عن سواء السبيل..».
كما أنه لا يضرُّهم أن يكون في أتباعهم من يوافقهم في الفروع مع مخالفته لهم في الأصول، كما قال شيخ الإسلام: «الفتاوى الكبرى » (6/77 ) : «وهذا لأنَّ الأئمةَ قد انتسبَ إليهم في الفروع طوائفُ من أهلِ البدعِ والأهواءِ المخالفينَ لهم في الأصول، مع براءةِ الأئمةِ من أولئك الأتباع، وهذا مشهورٌ».
س8) ما العلاقةُ بينَ جوابِ السّؤالين السابقين وكونِ البدعة- عموماً- وبدعة مرجئةِ الفقهاء- خصوصاً- بدعةً مغلّظة أو خفيفة؟
الجواب: إنّ تصنيف َبدعةِ مرجئةِ الفقهاءِ- عند شيخ الإسلام- بكونها خفيفة، بل من أخفِ البدع، وأنها من جنسِ اختلافِ الفقهاءِ في الفروع، فإنه يلزم من هذا التصنيف بقاءُ المخالفِ من أهلِ السّنة مع الإنكار عليه ما وقع فيه من البدعة، ولكن يبقى الأمرُ- معهم- سهلاً غيرَ صعب، كما يُفهم من الإمام الذهبيِّ في «السير» (9/436) حصرُه الصعوبةَ من الأقوال في الغلاة: «وقد كان على الإرجاء عددٌ كثيرٌ من علماء الأمة، فهلا عدّ مذهباً، وهو قولهم: أنا مؤمنٌ حقاً عند الله الساعة، مع اعترافهم أنهم لا يدرون بما يموتُ عليه المسلمُ من كفر أو إيمان، وهذه قولةٌ خفيفة، وإنما الصَّعبُ من قول غلاة المرجئة: إن الإيمان هو الاعتقاد بالأفئدة، وإن تارك الصلاة والزكاة، وشارب الخمر وقاتل الأنفس والزاني وجميع هؤلاء يكونون مؤمنين، كاملي الإيمان، ولا يدخلون النار، ولا يعذّبون أبداً، فردّوا أحاديث الشفاعة المتواترة، وجسّروا كل فاسق وقاطع طريق على الموبقات، نعوذ بالله من الخذلان».
ويؤكد ما ذكر- هنا- ويقوّيه ما قيل فيما سبق قريباً من الثناء على الإمام أبي حنيفة، بل والشّهادة له من شيخ الإسلام بالجنة، ولو كانت بدعته مغلّظةً؛ فعندها لا ينفعه سَبْقٌ في الإسلام، ولا إمامةٌ في الدِّين،
ولكن شفع له- رحمه الله– (قُربُ) أمرِه وقولِه من الحقِّ، كما عبّر بمعناه العلامةُ المعَلّمي- رحمه الله- في كتابه «التنكيل» (2/364ـ372) بقوله: «وبالجملة؛ فإذا صحَّ قولُ الكوثريِّ: أنّ أبا حنيفةَ لا يقول: إن الأعمال ليست من الإيمان مطلقاً، وإنما يقول: إنها ليست ركناً أصلياً وإنما الركن الأصلي العقد والكلمة فالأمر قريب..».
س9) ما الأمور التي قالها مرجئةُ الفقهاء والتي شفعت لهم عندَ السَّلفِ ومنعت من تكفيرهم، بل لم تُنقص مِن قدرِ كبارهم؟
الجواب: اتفقت مرجئةُ الفقهاءِ وسائرُ أهلِ السّنة على أمورٍ هوّنت من بدعتهم وخففتها؛ ومن هذه الأمور:
أ - أنَّ الأعمالَ المفروضةَ واجبةٌ، وتاركها مستحقٌ للذَّمِّ والعقاب، والإيمان- مع ترك العمل- أي: بدون (العمل المفروض)، ومع فعلِ المحرَّمات يكونُ صاحبُه مستحقاً للذَّم والعقاب .
ب – يجزمون- دونَ توقف،أو نفيٍ للعلمِ، أو الجزم بالنَّفي العام- بدخولِ طوائفَ من أهلِ الكبائر في النّار، كما تقوله الجماعة.
ج – أنَّ مَن يدخل النار من الفسّاق وأهل الكبائر لا يخلدون فيها؛أي: أنّ الله- سبحانه- يعذِّبُ من يعذبُه من أهل الكبائر بالنار ثم يخرجهم بالشفاعة، كما جاءت الأحاديثُ الصحيحة بذلك.
د - يكفِّرون أنواعاً ممن يقول كذا وكذا، لما فيه من الاستخفاف ويجعلونه مرتداً، فلو شتمَ الله ورسوله كان كافراً باطناً وظاهراً . إلا مَن وافقَ جهماً ومَن اتبعه، انظر «مجموع الفتاوى» (7/403) .
( و الغرض بهذا التنبيه على أن السب الصادر عن القلب يوجب الكفر ظاهرا و باطنا
هذا مذهب الفقهاء و غيرهم من أهل السنة و الجماعة خلاف ما يقوله بعض الجهمية و المرجئة القائلين بأن الإيمان هو المعرفة و القول بلا عمل من أعمال القلب..)
هـ - لم ينازعوا في شيءٍ من الأحكام التي تتعلّق بمسائل (الأسماء والأحكام)، والوعد والوعيد.انظر «مجموع الفتاوى» (7/218،297،403،505) .
و - أنَّ الإيمان لابدَّ فيه من تصديق القلب- المتضمن الالتزام- واللسان، قال ابن تيمية- رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (7/397): « هذا هو الإقرار الذي يقوله فقهاء المرجئة: أنه إيمان، وإلا لو قال قائل: أنا أطيعُه، ولا أصدقه أنه رسول الله، أو أصدقه ولا التزم طاعته لم يكن مسلماً ولا مؤمناً عندهم» .
س10) بِمَ يتّفقُ- حقاً لا افتراءً- الإمامُ الألبانيُّ– رحمه الله- وتلاميذُه الأبرارُ مع مرجئة الفقهاء ؟
الجواب: إنَّ الإمام الألبانيّ– رحمه الله- كغيره من أئمةِ وعلماءِ السنّة يلتقي مرجئةُ الفقهاء فيما أصابوا فيه الحقَّ، كالمسائلِ التي سبقَ ذكرُها في جوابِ السّؤالِ السّابق، أمّا أن يُنسبُ الشّيخ للإرجاء، لعدم تكفيره بترك العملِ الظَّاهر، واعتبار هذا القول كافٍ-مجزئٌ- لاتهامه، «فهذا لعمري جَهدُ مَن لا جُهدَ له»، ولو سَلِمَ للمتهِمين فعلُهم-تنزلاً-؛ لَلزِمهم أن يُلحِقوا الأئمةَ الأربعةَ- جميعاً- وغيرَهم بالمرجئة، أو يعترفوا بتناقضِ زعمِهم، وتساقطِ قولهم، كما سيظهرُ بعدَ قليل:
1) لو سأل سائلٌ: هل عملُ الجوارح الذي تنازعَ السّلفُ في تكفير تاركه هو المباني- الأركان- الأربعة فقط، أم غيرها؟!!، فإن كان الأولُ- أي: الأركان- هو الجواب فقد كان الصوابُ بلا ارتياب، أما إن كان الثاني- أي: غيرها- كان الخرابُ اليباب؛ لأنَّ من المتفقِ عليه عندَ العقلاءِ قبلَ العُلماء، أنّ سائرَ واجباتِ الإسلام الزائدةِ على أركانه الخمسة إذا زالت لا يكفرُ تاركُها، وإلا:
2) لو سأل سائلٌ: هل يُقبلُ إسلامُ مَن أتى بها-أي: الواجبات الأخرى- مع تركِه الأركانَ الأربعةَ مجتمعةً عند مَن كفَّر بتركها؟!!، لا شكَّ أنَّ النفيَ هو الجواب، لأنَّ العملَ المشروط في الإسلام- عند من يكفِّر بزواله-أي: العمل- هي المباني الأربعة، بحسب اختلافهم في تعيينها.
3) لو سأل سائلٌ: مَن ثبتَ عنه من الأئمة الأربعة عدمُ التكفير بترك الأركان الأربعة؟
فالجواب: ما قاله شيخ الإسلام في «الفتاوى»(7/371)- عن الإمام أحمد- : « فهو في أكثر أجوبته يكفِّر مَن لم يأتِ بالصّلاة؛ بل وبغيرها من المباني، والكافرُ لا يكونُ مسلماً باتّفاق المسلمين، فعلم أنّه لم يُرِد أنّ الإسلامَ هو مجرّدُ القولِ بلا عمل؛ وإن قُدّر أنّه أراد ذلك، فهذا يكون أنّه لا يُكَفِّر بترك شيء من المباني الأربعة.
وأكثرُ الرّوايات عنه بخلافِ ذلك، والذين (لا يكفّرونَ) مَن ترك هذه المباني يجعلونها من الإسلام، كالشّافعي، ومالك، وأبي حنيفة، وغيرهم، فكيف لا يجعلها أحمد من الإسلام... وأما تفريقُ أحمدَ بينَ الإسلامِ والإيمان؛ فكان يقولُه تارةً، وتارةً يحكي الخلافَ ولا يجزمُ به، وكان إذا قرن بينهما؛ تارةً يقول: الإسلامُ الكلمة، وتارةً لا يقولُ ذلك، وكذلك التكفيرُ بترك المباني؛ كان تارةً يُكفِّر بها حتى يغضب، وتارةً لا يُكفِّر بها؟!»اهـ .
4) لو سأل سائلٌ: لِمَ قالَ شيخُ الإسلام كلامَه هذا؟
فالجواب : أراد توجيه الإشكالِ الحاصلِ في عبارةِ الإمامِ أحمد- رحمه الله-:(الإسلام هو الكلمة)، ووجهُ إشكاله: أنَّ هذه العبارةَ لا تستقيمُ مع كثرةِ الرواياتِ عن الإمام التي يُكفِّر بها تاركَ الصّلاة وغيرها من المباني، وبهذا: فإنَّ هذا الإشكالَ لا يَرِدُ على أقوالِ سلفِ الإمام- كقتادةَ، والزهريِّ، والشّافعيِّ- الذين سبقوه بتعريف الإسلامِ بأنه القول- الكلمة-؛ لعدمِ ورودِ رواياتٍ عنهم بتكفيرِ تارك المباني الأربعة، أو لم يلتفت إليها شيخ الإسلام-،فبيّن شيخُ الإسلام أنّ العبارة لا تستقيمُ عن أحمد- خاصة- إلا بأحد احتمالين : إما أن يكون مرادُه بها الدخولَ بالإسلام، أو أنَّ الإمام أحمد وافقَ سلفَه الذين لا يكفِّرون بترك العملِ الظاهرِ كلِّه، وعلى رأسها الأركانُ الأربعة.
5) لو سأل سائلٌ: هل صحّت روايةُ الإمامِ أحمدَ: الإسلام هو الكلمة؟فالجواب:
أ) ما قاله شيخُ الإسلام في « مجموع الفتاوى» (7/610)، عندما تعرَّض لتركِ المباني الأربعةِ مع الإقرارِ بوجوبها، وذكرَ أقوالاً للعلماءِ في التكفير بها، فمما قاله: «... الثاني: أنّه (لا يكفر) بترك شيء من ذلك مع الإقرار بالوجوب، وهذا هو المشهور عند كثير من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وهو إحدى الروايات عن أحمد اختارها ابنُ بطة وغيره».
ولا يقال: إنّ قوله: ( بترك شيءٍ من ذلك) معناه: تركُ بعضها؛ لأنّ المشهورَ عنهم عدمُ اشتراطِ أيٍّ منها، ثمَّ لو اشتُرِطَ شيءٌ، فكيف يكون الإسلام الكلمة فقط؟!!، بل سيكونُ الكلمةَ وغيرَها الذي اشتُرط معها.
ب) بل ذهب الإمامُ ابنُ قدامةَ المقدسيُّ إلى تَرجيحِ الرِّواية التي فيها إسلامُ الممتنع، الذي يُصرُّ على ترك الصّلاة ويقدِّمُ الموتَ على أدائها، كما في «المغني» (2/297): «وهذا اختيارُ أبي عبد الله بن بطة، وأنكر قول من قال: إنّه يكفر. وذكر أنّ المذهب على هذا، لم يجد في المذهب خلافاً فيه. وهو قول أكثر الفقهاء؛ منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي»اهـ .
ج) قال الإمامُ ابنُ رجبٍ- رحمه الله- في تضعيفه لهذه الرواية- الإسلام: الكلمة- كما في «شرح صحيح البخاري- كتاب الإيمان» :«واختلف مَنْ فرّق بين الإسلامِ والإيمانِ في حقيقةِ الفرقِ بينهما. فقالت طائفة: الإسلام: كلمةُ الشهادتين، والإيمان: العمل.وهذا مرويٌّ عن الزهريِّ وابنِ أبي ذئب،وهو رواية عن أحمد، وهي المذهب عند القاضي أبي يعلى وغيره من أصحابه... وقد ضعّف ابنُ حامد من أصحابنا هذا القول عن أحمد..»
6) لو سأل سائلٌ: لماذا لا يجتمعُ القولُ بأنَّ الإسلامَ- المنجّي منَ الخلود في النار- هو الكلمة، والتّكفيرُ بتركِ المباني الأربعة ؟
الجواب: لأنَّه لا يُتصورُ أنَّ شيئاً ما يتسبَّبُ خروجُه من دائرة لفظٍ أو اسمٍ معين، حتى يكونَ ذلك الشّيءُ داخلاً في تلك الدائرة، وبعبارةٍ أوضح: لا يُعقلُ أن يخرجَ المرءُ من الإيمان لتركه عملاً ما إلا إذا كان هذا العملُ داخلاً في الإيمانِ وجزءاً منه، ومشروطاً فيه، وكذلك الحالُ بالنسبة للإسلام، أي: لا يخرج المرءُ من الإسلام- (الصّحيح)- المنجِّي من الخلود في النار بترك عمل إلا إذا كان هذا العملُ داخلاً فيه، وشرطاً في وجوده. وقبل الاستطرادِ والتفصيل المبين، أُودُّ أن أُورد ما يعضدُ كلامي ويقويِّه- وإن كان لا يحتاجُ إلى دليل؛ لأنه دالٌ على ذاته بذاته-:
أ) ما سبق من توجيه كلامِ الإمام أحمد، عندما استشكلَ أهلُ العلم قولَه: (الإسلام هو الكلمة)، فحملوه على عدمِ تكفيره تارك المباني، فقد- سبق آنفاً- أنه اكتفى بالكلمةِ في الإسلام الصحيح– لا الكامل، أو الواجب-، وإلا لَنصَّ عليها هنا كما في رواياته الأخرى، أي: لو كان يَشترط لصحةِ الإسلام عملاً أو أكثر- وبخاصةٍ الصلاة- فإنه يجبُ عليه أن يُدخلَه في مسماه، حتى يُلزمَ التاركَ لهذا العملِ بخروجِه من الإسلام الصحيح المتضمن لهذا العمل ، وقد سبق مثلُ هذا الكلام، ولكن أعيدَ هنا لمناسبته المقام.
ب) قال الإمام ابن رجب- رحمه الله- في «شرحه»-السابق- :« وقد ضعّف ابنُ حامدٍ من أصحابنا هذا القول عن أحمد، وقال:الصحيح أنَّ مذهبه: أنَّ الإسلامَ قولٌ وعمل ـ رواية واحدة-، ولكن لا يدخل كلّ الأعمال في الإسلام كما يدخل في الإيمان، وذكر أنَّ المنصوصَ عن أحمدَ لا يكفر تارك الصلاة، فالصلاةُ من خصال الإيمان دون الإسلام، وكذلك اجتناب الكبائر من شرائط الإيمان دون الإسلام»اهـ. فعلق عليه ابنُ رجب قائلاً : «كذا قال، وأكثر أصحابنا أن ظاهر مذهب أحمد تكفير تارك الصلاة، فلو لم تكن الصلاةُ من الإسلامِ لم يكن تاركها عنده كافراً »اهـ .
قلت: سواءٌ صحّت الروايةُ أم لم تصحّ، فالكلُّ مجمعون على أنّه يلزمُ للخروجِ من الإسلام الصحيح- لا الكامل- دخولُ (العمل)- الصّلاةِ- فيه، وأنها إذا كانت-عنده- من خصالِ الإيمان-لا الإسلام-، فإن تاركها-عندئذٍ- خارجٌ من الإيمان فقط- لا الإسلام-، فانتبهوا يا أُولي النُّهى والحِجى والأحلام، ولا تكونوا كملقِّنيكم أخفّاء الهام.
7) لو سأل سائلٌ: قال إسحاق بن راهويه :«غلت المرجئة حتى صار من قولهم:إن قوماً يقولون:من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، و(عامة) الفرائض من غير جحود لها: إنا لا نكفره، يرجأ أمره إلى الله بعد، إذ هو مقرّ. فهؤلاء الذين لاشك فيهم. يعني: في أنهم مرجئة». «فتح الباري» لابن رجب (1/27).
وقال سفيان بن عيينة : «المرجئة سمَّوا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم، وليس سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر.
وبيان ذلك في أمر آدم وإبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي ـ r ـ ولم يعملوا بشرائعه».[«فتح الباري» لابن رجب (1/27)] .
فقال السّائل: ما قلتموه لا يعفي الشيخَ الألبانيَّ من الإرجاء؛ لأنَّ كلا الإمامينِ: اسحق بن راهويه، وسفيان بن عيينة سمّوا مَن لا يكفِّر تاركَ الفرائضِ مرجئة، بل حكاهُ اسحقُ إجماعاً لإهل الحديث، فهل تَخرجون عن إجماعِ الأمةِ، وتُقرون بإسلام تاركها؟
فالجواب: نقولُ لمن يرددوا هذا الكلام: لا تجمعوا مع جهلكم غباءً، وتنادوا على أنفسكم بالفضيحة، وكما قيل: (أَحَشَفًا وَسُوءَ كِيلَة)، فقد وجّهنا في كتابنا ( برهان البيان) كلامَ الإمامينِ المباركين، وأجبنا هناك- ولله الحمدُ والمنة- بما لا حاجةَ لذكره هنا، وأنَّ في كلامِهما (للألبّاء) ما يُبيِّنُ مرادَهما من الإرجاء.
ثمَّ أُضيفُ هنا: إذا كان خلافُ الأئمةِ الثلاثة- الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة- ورواية عن أحمد لا يعتبر خلافاً، ولا ينقض- إجماعاً، فمتى يكون ؟!!
وكذلك أقول: لا يسلَمُ من الإرجاءِ - على الفهمِ الضيِّق- لكلامِ الإمامينِ إلا مَن يشترطُ المباني الأربعة، بل كلّ الفرائض وعامتها، فهل أنتم باقونَ على هُرائكم، وهذيانِكم ؟!!.
8) لو سأل سائلٌ: هل يتفق الإمام الألباني وشيخ الإسلام في مسائل(الأسماء والأحكام) أم يفترقان؟ الجواب: ليس من المبالغة أن يقال: إنّ الشيخ الألباني- رحمه الله- أكثر موافقةً لشيخ الإسلام من الأئمة الثلاثة- مالك،والشافعيّ، وأبي حنيفة- في مسألة حكم تارك الصلاة في حال الامتناع، حيث اعتبر شيخ الإسلام أنّ القائل بإسلام من قُتل ممتنعاً عن أدائها، أو قال : لايُقتل، فقد دخلت عليه شُبهة الإرجاء، كما قال في «مجموع الفتاوى» (7/615) : «ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه، مقرّاً بأنّ الله أوجبَ عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن قط لا يكون إلا كافراً... فهذا الموضع ينبغي تدبره؛ فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب، وعلم أنّ من قال من الفقهاء: إنّه إذا أقرّ بالوجوب وامتنع عن الفعل لا يقتل، أو يقتل مع إسلامه؛ فإنّه دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية»اهـ .
ولا يخفى على المبصرين أنّ الشيخ الألباني يكفِّر الممتنع عن الصلاة،كما نصّ عليه في « رسالة حكم تارك الصلاة» ( 43) حيث قال: « وعلى مثل هذا، المصرّ على الترك والامتناع عن الصلاة مع تهديد الحاكم له بالقتل: يجب أن تحمل كلُّ أدلة الفريق المكفر للتارك للصلاة» اهـ . إذاً، الشيخ يعتبرُ ترك الصلاة كفر أكبر في حال الممتنع، بخلاف مذهب هؤلاء الأئمة الثلاثة، ورواية عن أحمد .
8) لو سأل سائلٌ: هل يعتقد الإمام الألباني بأنّ من الكفر العمليّ ما يخرجُ من الملة، أي: أنّ من الأقوال والأعمال الظاهرة ما يضادُّ الإيمان ؟
الجواب: أنّ الناظر لكتب الإمام الألباني- رحمه الله-، والمستمع لأشرطته يتيقن بلا شكٍ ولا ريب أنه يوافق في هذا الباب الحقّ والصواب، بلا ارتياب.
والغريب انّ شرذمةً من أهل الفرية والأضاليل، رمت الشيخ الألباني بالأباطيل، ترى أحدهم « يزبد شدقاه بكلام وهراءٍ،كأنه بعير»، فإن سألته : ما الحقّ الذي خالفه الشيخ الألباني؟ أجابك وبكلّ صفاقة وجه:لا يرى أنّ الكفر الأكبر يكون بالعمل، وانما يكون بالاعتقاد، ولذلك سنورد لهم من كلامه – رحمه الله- لعل هذا المتشدق يرعوي أو (يَخْزَوي)، ويترك ما هو فيه:
قال فضيلة الشيخ (عبد العزيز الريس) – حفظه الله ونفع بعلمه- في رسالته الميمونة «الإمام الألبانيّ وموقفه من الإرجاء»- عن الإمام الألبانيّ-:« وقرر أن الأعمال من الإيمان فهو بهذا يحظى بتزكية أئمة السلف كابن المبارك وأحمد بن حنبل والبربهاري على أنه ليس مرجئاً. بل هو- والله- سيف مسلول على المرجئة، لذا حقق الكتب التي تقرر الإيمان على طريقة السلف الأبرار، ثم بين أن خلاف مرجئة الفقهاء مع السلف في الإيمان خلاف حقيقي لا صوري.
* قرر – رحمه الله – أن الكفر كما يكون بالاعتقاد يكون بالأعمال أيضاً فقال: «ومن الأعمال أعمال قد يكفر بها صاحبها كفراً اعتقادياً، لأنها تدل على كفره دلالة قطعية يقينية، بحيث يقوم فعله هذا منه مقام إعرابه بلسانه عن كفره، كمثل من يدوس المصحف مع علمه به ، وقصده له (حاشية التحذير من فتنة التكفير ص 72 ) اهـ .
* وقد صرَّح بأنّ ترك الصلاة يكون كفراً أكبر وذلك إذا أصر على تركها والامتناع عن فعلها مع تهديد الحاكم له بالقتل فقال: «وعلى مثل هذا المصر على الترك والامتناع عن الصلاة مع تهديد الحاكم له بالقتل: يجب أن تحمل كل أدلة الفريق المكفر للتارك للصلاة». اهـ (رسالة حكم تارك الصلاة ص 43)، - إذاً – ترك الصلاة عنده كفر أكبر في مثل هذه الحالة .
* ولما سئل عن الاستهزاء بالدين قال: «لا شك هذا كفر اعتقادي، بل كفر له قرنان ، لأن الاستهزاء بآيات الله عز وجل لا يمكن أن يصدر من مؤمن مهما كان ضعيف الإيمان. وهذا النوع من الكفر هو الذي يدخل في كلامنا السابق حينما كنا نقول: لا يجوز تكفير مسلم إلا إذا ظهر من لسانه شيء يدلُّنا عما وقر في قلبه، فهنا استهزاؤه بآيات الله عز وجل… هذا أكبر إقرار منه على أنه لا يؤمن بما استهزأ به فهو إذاً كافر كفراً اعتقادياً – ثم قال – نحن نقول: لا ينفع مع الشرك حسنة، لكن نقول: يضر مع الإيمان المعصية . والإيمان كما تعلمون جميعاً يقبل الزيادة والنقصان، وزيادته بالطاعة ونقصانه بالمعصية». اهـ (شريط رقم 672 ) ،
* وقد أفتى بأن قول الرجل أنا يهودي كفر مخرج من الملة (راجع شريطاً برقم ( 673 )...
* وفي جلسة علمية قرئت عليه فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – في تكفير الساب والمستهزئ فأقرها وبين أنه بهذا يدين الله . (شريط رقم ( 743).
* وفي جلسة علمية أخرى قرر أن الكفر يكون بالفعل، والقول كالاستهزاء، والاعتقاد، وأن أنواع الكفر ستة: تكذيب وجحود وعناد وإعراض ونفاق وشك. وأن المرجئة هم الذين حصروا الكفر في التكذيب بالقلب وقالوا: كلّ من كفره الله فلانتفاء التصديق في القلب بالرب. (شريطان رقم 855 ، 856 )...

فلا أظنك- أيها المنصف- إلا ازددت يقيناً بهزال وبطلان هذه الفرية التي رمي بها هذا الشيخ السلفي والحمد لله أولاً وآخراً - »اهـ .
* قلت: سئل الإمام الألباني- رحمه الله- كما في : «الحاوى من فتاوى الألباني ص 138، 139»:
س: هناك تكفير عملي وتكفير اعتقادي والتكفير العملي لا يخرج من الملة فما رأيك فيمن يهين القرآن الكريم ؟
ج: فعله قاصداً ؟
س: لا أدري هذه يعلمها ربي، لكن رمى القرآن في المزبلة مثلاً...
ج:إذا كان قاصداً..
س: هو رماه وهو واع ..
ج: هذا يفعل فعلاً يعتقده ؟
س: نحن لا نستطيع أن نحكم على قلبه، على اعتقاده، إنما رأيناه يفعل.
ج: إن كان (قاصداً ما يفعله) فهو كفر اعتقادي وعملي في آن واحد...
س : الكفر إذاً إذا فعله معتقداً .
ج : أنا (لم) أقل: معتقداً، وإنما قلت: (قاصداً) إهانة الكتاب الكريم»اهـ .
9) لو سأل سائلٌ: ما تقولون فيما قاله الكاتب (سيد قطب) في « ظلاله» (ص950)- تفسير سورة المائدة-:« وإنّ الإنسان ليُرثي أحياناً ويعجبُ لأناسٍ طيبين، ينفقون جهدهم في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في (الفروع)!!!!!، بينما الأصلُ الذي تقوم عليه حياةُ المجتمع المسلم ويقوم عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقطوع... ومن غناءٍ أن تنهى الناس عن (سبِّ الدين)!!! في مجتمع لا يعترف بسلطان الله، ولا يعبد فيه الله، إنما يتخذون أرباباً من دونه ينزلون له شريعته، وقانونه، ونظامه، وأوضاعه، وقيمه، وموازينه، والسابُّ والمسبوب كلاهما ليس في دين الله...»؟!!!.قلت:
ما الفروع – عند سيد قطب- التي ينفقُ فيها الطيبون- السذج- أوقاتهم ؟!.
ما حكم هذا الساب عند (سيد قطب) المرتكب لهذا الأمر الفرعيّ ؟!!
هل كان الكاتب لرسالة ( إنذار المرتد اللعين) من الطيبين!! الذين عناهم سيد قطب في كلامه؟!!
هل ما زال سيد قطب من أهل السنة القلائل في هذا العصر، كما وصفه الدكتور سفر الحوالي؟!!
ما حكم (منبر التوحيد) الذي تتصدره مؤلفات سيد قطب ؟!!
أيهما أولى بالتبديع والتشنيع والتجديع، (سيد قطب) أم الألباني وتلاميذه ؟!!
وحتى لا أُتهم بالتحيز والتحامل والتصيد بالماء النتن كما يفعل (اليافاويّ) الذي حذف كنيته عن غلاف كتابه المشؤوم ( اعتداءات مرجئة الخلف) بعد طباعته، وكان قبل طباعته منشوراً على( منبر التوحيد)، موسوماً بكنية (أبي صخر اليافاوي)، والتي لم يُوفَّق في اختيارها- معنىً، وكتابةً-، فهذا الحذفُ انتقل بالكاتب من رتبة (دركة) إلى ما أسفل ( أدنى)،حيثُ كان على (المنبر) مجهولَ الحال والكنية، أما بعد طباعة الكتاب فقد أصبح الكاتبُ وحاشيتُه مجهولَا الكنية والحال- معاً-، وهو يشبه بصنيعه المضطرب مجهول (العين)، ولا يخفى على طلبة العلم أنّ مجهول العين أشدُّ ضعفاً وجهالةً من مجهول الحال، فكيف يُقبل قوله، وما سوّده في كتابه بعد جهله وجهالته ؟!!
فما قولكم يا قوم في كلام سلفكم ومُلهمكم (سيد قطب)؟!!، ولا يسعني إلا أن أقولَ لكم :
عظّم الله - تعالى- لكم أجركم، وشكر الله -تعالى- سيعَنا في عزائكم.
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-30-2009, 04:31 AM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
افتراضي

أخي لافي الشطرات موفق كالعادة, أدامها الله وسدد خطاكم

وظهر لي من كلامك اشكال وهو قولك: (( ولا شكَّ أنَّ الصوابَ-عادةً- حليفُ أهل السنة )) فلا أوضحته ؟؟


أما بحثك فهو على محز القوم, ان تحركوا أمامه ذبحوا !!

والله المستعان
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-03-2009, 08:25 PM
لافي يوسف الشطرات لافي يوسف الشطرات غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 98
Lightbulb جواب أشكال الأخ أبي مسلم

إلى الأخ المكرم أبي مسلم -حفظه الله-:

أخي الفاضل، الذي بدا لي من الإشكال في جملة "ولا شكَّ أنَّ الصوابَ-عادةً- حليفُ أهل السنة" هو كلمة (عادة) الواردة فيها، فإن كان هذا مناط الإشكال فمرادي منها الاعتياد والمعاودة والعود كما نَصَّ عليه صاحب "فيض القدير" (3/489) بقوله: " العادة مشتقة من العود إلى الشيء مرة بعد أخرى" عند شرحه لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الخير عادة، والشر لجاجة" . انظر الصحيحة برقم (651).
ولزيادة الطمأنينة سألت -البارحة- شيخنا الفاضل علي الحلبي -حفظه الله- عنها، فكان من جواب شيخنا : إن الجملة مستساغة ومقبولة، والله أعلم.
فأرجو لك أخي أبي مسلم ولإخواننا الأجر والثواب، شاكراً لك نصحي، الدال على محبتي وإرادة الخير لي، فإن كان في جوابي الكفاية فحمدا لله وإلا أرجو إعادة النصيحة.
بوركت وجزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-03-2009, 11:23 PM
عبد الله الافريقي عبد الله الافريقي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 217
افتراضي

جزاك الله خيرا
وهؤلاء القوم تركهم وإهمالهم أفضل
ولا يتكلمون بعلم أبدا .
بووووووووووووووووركت.
__________________
قال شيخ الاسلام {فَعَلَى الْمُسْلِمِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ أَنْ يُسَلِّمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَيَدُومَ عَلَى هَذَا الْإِسْلَامِ فَإِسْلَامُ وَجْهِهِ إخْلَاصُهُ لِلَّهِ وَإِحْسَانُ فِعْلِهِ الْحَسَنِ . فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ أَصْلٌ جَامِعٌ نَافِعٌ عَظِيمٌ .}
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-06-2009, 01:09 PM
خالد أبو حشيش المحسيري خالد أبو حشيش المحسيري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 28
افتراضي أسأل الله العظيم أن يرفع قدرك ويعلي منزلتك يا شيخي لافي الشطرات

أقول لهؤلاء - عديمي ( الرشاد) - كما قال الشاعر :

أيا ذا الفضائل واللام حـاء ويا ذا المكارم والميم هـاء
ويا أنجب الناس والباء سين وياذا الصيانة والصاد خاء
ويا أكتب الناس والتاء ذال ويا أعلم الناس والعين ظاء
تجود على الناس والدال راء فأنت السخي ويتلـوه فـاء
__________________
أبو محمد المحسيري
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.