أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
63200 73758

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-15-2009, 08:53 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي براءة شيخنا الحلبي من التعريض بانتقاص رسولنا النبي (صلى الله عليه وسلم) .

براءة شيخنا الحلبي من التعريض بانتقاص رسولنا النبي (صلى الله عليه وسلم) .

وقفت على مقال لكاتبه منشور في أحد المواقع عنونه بالقول ((نقاشٌ هادئٌ مع الشّيخ الحلبيّ ، حول مسألة تتعلّق برجلٍ عرّض بذكر النّبي صلّى الله عليه و سلّم فانتقصه من حيث لم يقصد)) , فوجدته قد جعل عمدة مقالة كلام البازمول , ثم ما نقله عن القاضي عياض فيمن يتعرض للنبي (صلى الله عليه وسلم) .

وكنت قد توقفت عن متابعة الدكتور الاستاذ أحمد البازمول فيما يكتب لأني على يقين , أن البازمول لو استمر في سلسلة حلقاته المتعلقة بكتاب شيخنا -منطلقا من نفس العقلية التي لا زال يكتب بها إلى الآن- فسوف تبلغ حلقاته المئة لأنه سوف يجد في كتاب شيخنا الحلبي ألوانا من الضلال والانحراف بل والزندقة -بحسب ما تمليه عقلية البازمول- !!!.
بل لعله سوف يجد فيه –مستقبلا- ما يدلل على طعن شيخنا برب الأرض والسماء , كما وجد فيه اليوم انتقاص شيخنا من النبي (صلى الله عليه وسلم) .
ولعله سوف يأتي اليوم الذي يقف فيه البازمول على طعن شيخنا والانتقاص من الصحابة أجمعين , كما وجد فيه الطعن والانتقاص من العلماء كافة .
وسوف يجد البازمول في كتاب شيخنا من علوم المنطق الشيء الكثير كما وجد فيه من الفلسفة الشيء الكثير .
وكما أن مقالات البازمول قد شرقت وغربت وتقبلتها جموع أهل السنة بقبول حسن 0فيما اعتاد البازمول أن يكرره- , فلعله يأتينا اليوم الذي يخبرنا فيه البازمول أن مقالاته هذه قد دخل بسببها طوائف كبيرة من الكفار في الإسلام .
وفي المقابل قد يأتي اليوم الذي نرى فيه البازمول قد أثبت أن كتاب شيخنا ألف للطعن في الإسلام , ويخبر أنه قد أرتد بسببه طوائف كثيرة عن الدين .
من يدري ؟؟؟؟ , ففي عقلية البازمول كل شيء ممكن !!! , والحمد لله على نعمة العقل .

وأما ما جاء في مقال الأخ الذي جعل موضوع مقاله ((حول مسألة تتعلّق برجلٍ عرّض بذكر النّبي صلّى الله عليه و سلّم فانتقصه من حيث لم يقصد)) , فهو يقصد أن شيخنا الحلبي قد عرض بانتقاص النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو غير قاصد للانتقاص , فاستدرك الأخ على شيخنا قوله في كتابه منهج السلف الصالح (ص\289-290) : "أَنَّ لِنَفَرٍ مِن الشَّباب -وَبعضِ الجُهَلاَءِ-وللأسف- تَأْثِيراً عَلَى بَعْضِ المَشَايِخِ الأَفَاضِل؛ بِحَيْثُ يَكَادُ يَكُونُ لَهُم حُكْمٌ ظاهرٌ عَلَيْهِم، وَأَثَرٌ بالِغٌ فِيهِم!!!
... ولئِن كان هذا الكلامُ صعباً (!) - شيئاً ما -؛ لكنَّهُ واقعٌ – وللأسف- .
ويؤيده ما في "صحيح البخاري" (3691) عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر، وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله".
ويؤيده- كذلك -: ما رواه البُخاري (2534)، ومسلم (1713) عن أمِّ سَلَمَةَ، أنَّ النبيَّ ﷺ قال: [إنَّكُم تختصمونَ إليَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحُجَّتِهِ مِن بعضٍ؛ فأقضي له على نحو ما أسمعُ منه].
قلتُ :- فإذا كان هذا حالَ النبيِّ - وهو المعصومُ بالوحيِ الجليل، والمُسَدَّدُ بالتنزيل-؛ فكيف مَن دونَه –عليه الصلاة والسلام- في كثير لا قليل؟!" .
والاخ -وفقه الله- استنكر ما استنكره البازمول من قول شيخنا في آخر النقل عنه فعده –كما عده البازمول- أن "مؤدى هذا الكلام أن عصمة الله للنبي صلى الله عليه وسلم لا تمنعه صلى الله عليه وسلم من التأثر بالبطانة السيئة فغيره أولى"! .
ثم حكم الأخ بما حكم به البازمول -على هذا الاستنتاج- حيث قال : "وهذا استنتاج قبيح فيه إساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسبق إلى مثلها، ومن هذه نظرته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل وللأنبياء! فلا يستغرب منه ما يرمي به السلفيين الأبرياء الذين يرميهم بما فيه وبما في خصومهم الغلاة الألداء" .

قلت : وهذا الفهم غير سوي بالمرة , وبيان ذلك من أوجه :

الأول : إقرار البازمول أن النتيجة التي خرج بها مبنية على مآل ومؤدى كلام شيخنا لا على دلالة المطابقة ولا دلالة التضمن , بل هي من قبيل اللزوم لو صحت كلازم -ولا تصح- , ولازم المذهب –كما هو معلوم- ليس بمذهب .
والأخ كاتب المقال –وفقه الله- الذي نقل كلام البازمول قد احتاط لنفسه فأخبر أنه يستحضر "جيّداً أنّ الشّيخ الحلبيّ ليس غرضُه ولامقصوده أن يتعرّض لتنقُّص النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم" .
أما البازمول فقد قطع بأن هذا الاستنتاج الذي مآله إلى ما فهمه البازمول –بعقليته الثاقبة للمعاني- إنما يمثل نظرة الشيخ علي الحلبي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ؛ وكأني به ضرب قاعدة أن لازم المذهب ليس بمذهب ؛ فقال : "وهذا استنتاج قبيح فيه إساءة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يسبق إلى مثلها، ومن هذه نظرته إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بل وللأنبياء! فلا يستغرب منه ما يرمي به السلفيين الأبرياء الذين يرميهم بما فيه وبما في خصومهم الغلاة الألداء".
وهذا يمثل مدى تجني البازمول وتقوله على شيخنا ومعتقده , فكيف به لا يتقول على منهجه وطريقته (؟؟!!) .

الوجه الثاني : إن إثبات وجود بطانة سوء تحضه (صلى الله عليه وسلم) على فعل خلاف الحق ليس فيه انتقاص من النبي (صلى الله عليه وسلم) وإلا لعد النبي (صلى الله عليه وسلم) –معاذ الله- منتقصا من سائر الأنبياء بقوله [ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر، وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله] .
وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5\360) مثبتا وجه تعلق هاتين البطانتين بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : "وجدنا الأنبياء صلوات الله عليهم يدعون الناس إلى ما أرسلوا به إليهم فيكون ذلك سببا لإتيانهم إياهم وخلطتهم بهم حتى يكونوا بذلك بطائن لهم وتستعمل الأنبياء في ذلك في أمورهم ما يقفون عليه منها فيحمدون في ذلك من يقفون على من يجب حمده بظاهره فيقربونه منهم ويعدونه من أوليائهم ويباعدون منهم من يقفون منه على ما لا يحمدونه منهم ويعدونه من أعدائهم والله أعلم بما يبطن ممن يعرفونه من حمد ومن ذم ثم يوقف الله عز وجل أنبياءه على ما يوقفهم عليه من باطنهم كما قال عز وجل لنبينا صلى الله عليه وسلم {وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم} الآية فهذه البطانة المذمومة التي لا تألو من هي معه خبالا .
والبطانة الأخرى هي التي يوقفهم الله تعالى على ضدها وعلى ما هي عليه لنبيها كما أوقف الله عز وجل نبينا عليه الصلاة والسلام على ما أوقفه عليه من أحوال المؤمنين به من تعزيرهم إياه ونصرتهم له واتباعهم لما يجب أن يتبع به كما قال تعالى {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} , وكما قال عز وجل في صفاتهم {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} ثم وصفهم رضوان الله عليهم بما وصفهم حتى ختم السورة التي أنزل ذلك فيها .
فهاتان البطانتان هما البطانتان اللتان كانتا مع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام" .
فلا وجه للحوق العيب على شيخنا بإثباته وجود البطانة السيئة للنبي (صلى الله عليه وسلم) , فهي موجودة بنص الشرعا وبدلالة الحس .
نعم يعد إثبات وجود البطانة السيئة للنبي (صلى الله عليه وسلم) موجبا للانتقاص منه (عليه السلام) فيما لو أثبتنا تأثره بهم (عليه الصلاة والسلام) ونزوله عند رأيهم , ولا يلزم من وجود من يشير على النبي بالشر أن يقبل منه , وهذا ما عناه شيخنا بإثباته لبطانة السوء حول نبينا تشير عليه بخلاف الحق , ونفيه قوع النبي (صلى الله عليه وسلم) فيما يضاد العصمة والتسديد من قبول مشورتهم فقال : "فإذا كان هذا حالَ النبيِّ - وهو المعصومُ بالوحيِ الجليل، والمُسَدَّدُ بالتنزيل-".
وما عناه شيخنا هو عين ما قرره العلامة العيني في عمدة القاري (24\269) : "فإن قلت هذا التقسيم مشكل في حق النبي , قلت : في بقية الحديث الإشارة إلى سلامة النبي من بطانة الشر بقوله [والمعصوم من عصم الله] وهو معصوم لا شك فيه , ولا يلزم من وجود من يشير على النبي بالشر أن يقبل منه".
فهل وجد الاخ كاتب المقال , والبازمول الذي نقل عنه رأيه أن شيخنا الحلبي زعم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقبل من بطانة السوء ؟؟!! , وكيف ساغ للأخ ومن قبله البازمول أن يتجاهلوا قيد إثبات العصمة والتسديد في حق النبي (صلى الله عليه وسلم) ليستنتجوا أن شيخنا يلزم من كلامه أنه يتأثر بالبطانة السيئة ؟؟!!.

الوجه الثالث: إن مقصود شيخنا من استدلاله بحديث البطانتين واضح وضوح الشمس في رابعة النهار , وهو : أنه إذا كان للنبي (صلى الله عليه وسلم) بطانة سوء , فلغيره ممن هم دونه من الحكام والعلماء بطانة سوء .
ولئن كانت بطانة السوء هذه تشير على النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسوء فهو لا يتأثر بها لأنه معصوم , فكذلك بطانة السوء تشير على الحكام والعلماء وقد يتأثرون بها لأنهم غير معصومين .
وهذا ما دل عليه قوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث البطانتين , حيث استثنى الأنبياء من التأثر ببطانة السوء لعلة العصمة , ولم يستثن من ليس بمعصوم وهم الخلفاء المذكورون بقوله (صلى الله عليه وسلم) [ولا استخلف من خليفة] ؛ فهؤلاء -غير الأنبياء- يتأثرون ببطانة السوء , والمسألة واضحة لكل ذي عينين مبصرتين لكنها المماحكة والمكابرة عياذا بالله .

الوجه الرابع : وأما حديث أمِّ سَلَمَةَ , وهو أنَّ النبيَّ ﷺ قال: [إنَّكُم تختصمونَ إليَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحُجَّتِهِ مِن بعضٍ؛ فأقضي له على نحو ما أسمعُ منه] , فوجه إيراد شيخنا لهذا الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يحكم بما يراه حقا بناء على رجحان الحجة لديه وقد يكون مصيبا في حكمه وقضائه -لما في نفس الأمر- وقد لا يكون , ويوضحه الرواية الأخرى : [إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها] ؛ فقوله [فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك] دليل على أنه قد يخطيء في ظنه (صلى الله عليه وسلم) بصدق فلان بناء على لحنه بحجته –لا في حكمه- فيحكم له بما لا يستحقه , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (15\189-190) : "والذي عليه جمهور أهل الحديث والفقه أنه يجوز عليهم الخطأ في الاجتهاد ؛ لكن لا يقرون عليه وإذا كان في الأمر والنهي فكيف في الخبر" ثم استدل –رحمه الله- بالحديث المتقدم .
وليس في هذا القول تعريض بالانتقاص من النبي (صلى الله عليه وسلم) لا من قريب ولا من بعيد لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) في مثل هذه القضايا –الخصومات والمنازعات- لا يحكم بالإلهام بل يحكم بالقرائن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في منهاج السنة النبوية (8 / 69): "وأما قوله : معرفة القضايا بالإلهام ؛ فهذا خطأ ؛ لأن الحكم بالإلهام بمعنى أنه من ألهم أنه صادق حكم بذلك بمجرد الإلهام فهذا لا يجوز في دين المسلمين ... [ذكر حديث أم سلمة , ثم قال]؛ فأخبر أنه يقضي بالسمع لا بالإلهام فلو كان الإلهام طريقا لكان النبي صلى الله عليه و سلم أحق بذلك وكان الله يوحى إليه معرفة صاحب الحق فلا يحتاج إلى بينة ولا إقرار" .
وقال ابن عبد البر في التمهيد (22\216) ذاكرا بعض فوائد الحديث : "وفي هذا الحديث من الفقه أن البشر لا يعلمون ما غيب عنهم وستر من الضمائر وغيرها لأنه قال (صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث [إنما أنا بشر] أي : إني من البشر ولا أدري باطن ما تتحاكمون فيه عندي وتختصمون فيه إلي وإنما أقضي بينكم على ظاهر ما تقولون وتدلون به من الحجاج" .
تنبيه : ولا يقال : أن عدم الحكم لصاحب الحق دليل على عدم إصابة النبي (صلى الله عليه وسلم) وخطئه في حكمه , ففرق بين خطأ القاضي في الحكم وبين عدم إصابته الحق في نفس الأمر , ذلك أن القاضي مأمور بأن يحكم بالقرائن الأظهر فإن فعل قد أدى ما عليه , وإن لم يكن مصيبا للحق في نفس المسألة , فمثلا لو أن رجلا أدعى أن فلانا سلبه حقه وعجز عن إقامة البينة على ذلك وأقام الغاصب البينة على خلاف دعوى المالك وجب على القاضي أن يحكم للغاصب المقيم للبينة ويكون مصيبا في حكمه –شرعا- وإن لم يمكن صاحب الحق من حقه بنفس حكمه , ولهذا قال صاحب المذكرة (ص\182) : "فعمل النبي (صلى الله عليه وسلم) في قضائه قطعي الصواب شرعاً مع أنه صرح بأنه لا يقطع بحقيقة الواقع في نفس الأمر كما ترى".

الوجه الخامس : إن استشهاد شيخنا بالحديثين جاء لتأييد دعواه :"أن لنفر من الشباب -وبعض الجهلاء-وللأسف- تأثيرا على بعض المشايخ الأفاضل ؛ بحيث يكاد يكون لهم حكم ظاهر عليهم، وأثر بالغ فيهم!!!"وقد أصاب –حفظه الله- باستشهاده فهذه البطانة السيئة الملتفة حول بعض الأفاضل تؤثر -بلا ريب- في أحكام هؤلاء المشايخ وأقضيتهم , وقد تلحن لهم الحجج فيقبولها ويحكمون بمقتضاها فلا يصيبون الحق في نفس الأمر –كما هو حاصل كثيرا- , ولا يقال بما قاله كاتب المقال –وفقه الله- : "أنّ مسألة التّمثيل بأحوال النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) ، لتبرير موقفٍ ما ، أو لطلبِ الحجّة للنّفس فيما تقع فيه من أخطاء أو ذنوبٍ ، مسلكٌ
خطيرٌ و مزلقٌ عظيمٌ ، نسأل الله السّلامة منه" , ذلك أن شيخنا لم يمثل بحال النبي (صلى الله عليه وسلم) طلبا الحجة لنفسه فيما وقعت فيه من اخطاء , وإنما لبيان أنه إذا كان حول النبي (صلى الله عليه وسلم) بطانة , فمن باب أولى أن يكون حول من انتقدهم من أفاضل المشايخ بطانة سوء كذلك , وإن كان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد لا يصيب الحق في نفس الأمر في بعض أقضيته , فمن باب أولى أن يكون كذلك غيره من الحكام , والأمثلة والشواهد كثيرة على هذا المعنى من كلام أهل العلم , شهرتها تغني عن ضربها .
فلا متعلق لكلام القاضي عياض بكلام شيخنا -مطلقا-

وأخيرا : فأنا سائل كل من اختار البازمول إماما يقلده في أحكامه وتخرصاته السؤال التالي :

سؤال : هل ينطبق على الشيخ ربيع كلام القاضي عياض –رحمه الله- الذي أورده الأخ كاتب المقال في "بيان ما هو في حقّه صلّى الله عليه و سلّم سبٌّ أو نقصٌ من تعريضٍ أو نصٍّ" , والذي يقول في أمثلتها : " ألاّ يقصدَ نقصاً ، و لا يذكُرَ عيباً و لا سبّاً ، لكنّه ينزِع بذكر بعض أوصافه ، أو يستشهد ببعض أحواله صلّى الله عليه و سلّم الجائزة عليه في الدّنيا ، على طريق ضرب المثل أو الحجّة لنفسه أو لغيره ، أو على التشبّه به ، أو عند هضيمةٍ نالته ، أو غَضاضَةٍ لحِقَتْه ، ليس على طريق التأسّي وطريق التّحقيق ، بل على مقصد التّرفيع لنفسه أو لغيره ، أو على سبيل التّمثيل و عدم التّوقير لنبيّه صلّى الله عليه و سلّم ، أو قصدِ الهزل و التّنذير بقوله" .

أقول : هل ينطبق كلام القاضي عياض السابق على استدلال الشيخ ربيع –حفظه الله- بحديث أم سلمة على عدم مؤاخذته على خطئه في مدحه السابق لكلام لسيد قطب
كما جاء في (كتاب انقضاض الشهب السلفية على أوكار عدنان الخلفية) حيث قال الشيخ ربيع : "والمسلم إنما عليه أن يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : [إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه، فإنما هو قطعة من النار] .
فإذا كان أعلم الخلق وسيد الرسل يحكم على نحو مما يسمع، وقد يكون الواقع في الباطن بخلافه، فماذا عسى أن يكون غيره؟
إنه لا مؤاخذة عليّ فيما علقته في ذلك الوقت على كلام سيد قطب الذي يظهر لأي مسلم أنه حق وصواب وموافق لمنهج الأنبياء ومنهج السلف الصالح
" .

وأكرر السؤال : هل ينطبق قول القاضي عياض –رحمه الله- الذي أورده الأخ كاتب المقال على كلام الشيخ ربيع السابق ؟! .

الجواب : ...... متروك لأهل الإنصاف , من أصحاب العقول .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
.
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-15-2009, 09:12 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل على ما سطرت ,
وجعله في ميزان حسناتك ..
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-15-2009, 09:24 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

بارك الله فيك أستاذنا ..ليت قومي يَفيقون من سباتهم ...
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-15-2009, 10:43 PM
عادل بن حبيب عادل بن حبيب غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 17
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العباس مشاهدة المشاركة
ولا يقال بما قاله كاتب المقال –وفقه الله- : "أنّ مسألة التّمثيل بأحوال النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) ، لتبرير موقفٍ ما ، أو لطلبِ الحجّة للنّفس فيما تقع فيه من أخطاء أو ذنوبٍ ، مسلكٌ
خطيرٌ و مزلقٌ عظيمٌ ، نسأل الله السّلامة منه" , ذلك أن شيخنا لم يمثل بحال النبي (صلى الله عليه وسلم) طلبا الحجة لنفسه فيما وقعت فيه من اخطاء , وإنما لبيان أنه إذا كان حول النبي (صلى الله عليه وسلم) بطانة , فمن باب أولى أن يكون حول من انتقدهم من أفاضل المشايخ بطانة سوء كذلك , وإن كان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد لا يصيب الحق في نفس الأمر في بعض أقضيته , فمن باب أولى أن يكون كذلك غيره من الحكام , والأمثلة والشواهد كثيرة على هذا المعنى من كلام أهل العلم , شهرتها تغني عن ضربها .
لكن هذه العبارات التي أوردها الشيخ الحلبي تدل على أن ما ضرب له مثلا أمر مذموم عنده :

"أَنَّ لِنَفَرٍ مِن الشَّباب -وَبعضِ الجُهَلاَءِ-وللأسف- تَأْثِيراً عَلَى بَعْضِ المَشَايِخِ الأَفَاضِل؛ بِحَيْثُ يَكَادُ يَكُونُ لَهُم حُكْمٌ ظاهرٌ عَلَيْهِم، وَأَثَرٌ بالِغٌ فِيهِم!!!
... ولئِن كان هذا الكلامُ صعباً (!) - شيئاً ما -؛ لكنَّهُ واقعٌ – وللأسف- ."


وانظر إلى الأمثلة التي ساقها القاضي عياض ، ألا ترى أن حججك وتسويغاتك التي ذكرتها تنطبق أيضا عليها، وإلا فأخبرني ما الفرق :

" لأنّ حقّ الرّسول و موجبَ تعظيمه و إنافة منزلته أن يُضاف إليه و لا يُضاف ، فالحكم في أمثال هذا ما بسطناه في طريق الفتيا ، [ و ] على هذا المنهج جاءت فُتيا إمام مذهبنا مالك بن أنس رحمه الله و أصحابه ؛ ففي " النّوادر " من رواية ابن أبي مريم عنه في رجلٍ عيّر رجلاً بالفقر ، فقال : " تُعيّرُني بالفقر و قد رعى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم الغنمَ ؟! " فقال مالكٌ : " قد عرّض بذكر النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في غير موضعه ، أرى أن يُؤدّب ، قال : و لا ينبغي لأهل الذّنوب إذا عُوتبوا أن يقولوا : قد أخطأت الأنبياء قبلنا " ، و قال عمر بن عبد العزيز لرجلٍ : انظر لنا كاتباً يكون أبوه عربيّا ، فقال كاتبٌ له : قد كان أبو النبيّ كافراً ، فقال : جعلت هذامثلاً ؟! فعزله و قال : لا تكتب لي أبدا" .
ثمّ قال : " و قال أبو الحسن (2) أيضاً عن شابٍّ معروفٍ بالخير قال لرجل شيئا ، فقال الرّجل : اسكت فإنّك أُميٌّ ، فقال الشّابّ : أليس كان النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أُمّيّاً ؟ فشنع عليه مقاله ، و كفّره النّاس ، و أشفق الشاب ممّا قال ، و أظهر النّدم عليه ، فقال أبو الحسن : أمّا إطلاق الكفرعليه فخطأٌ ، لكنّه مخطئٌ في استشهاده بصفة النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ، و كون النبيّ أُمّيا آيةٌ له ، و كون هذا أميّا نقيصةٌ فيه و جهالة (3) ، و من جهالته احتجاجه بصفة النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ، لكنّه إذا استغفر و تاب ، و اعترف و لجأ إلى الله فيُترك ، لأنّ قوله لا ينتهي إلى حدّ القتل ، و ما طريقه الأدبُ فطَوْعُ فاعله بالنّدم عليه يوجب الكفّ عنه .
و نزلت أيضاً مسألةٌ استفتى فيها بعضُ قضاة الأندلس شيخَنا القاضي أبا محمّد بن منصور رحمه الله في رجل تنقّصه آخر بشيء ، فقال له : إنّما تريد نقصي بقولك و أنا بشر ، و جميع البشر يلحقهم النّقص حتّى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ، فأفتاه بإطالة سجنه و إيجاع أدبه ، إذ لم يقصد السبّ ، و كان بعض فقهاء الأندلس أفتى بقتله "



أما عبارة الشيخ ربيع التي أوردتها فيا ليته كذلك لم يقلها، والله أعلم.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-15-2009, 11:00 PM
خالد بن إبراهيم آل كاملة خالد بن إبراهيم آل كاملة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 5,683
افتراضي

اقتباس:
كما جاء في (كتاب انقضاض الشهب السلفية على أوكار عدنان الخلفية) حيث قال الشيخ ربيع : "والمسلم إنما عليه أن يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : [إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه، فإنما هو قطعة من النار] .
فإذا كان أعلم الخلق وسيد الرسل يحكم على نحو مما يسمع، وقد يكون الواقع في الباطن بخلافه، فماذا عسى أن يكون غيره؟
إنه لا مؤاخذة عليّ فيما علقته في ذلك الوقت على كلام سيد قطب الذي يظهر لأي مسلم أنه حق وصواب وموافق لمنهج الأنبياء ومنهج السلف الصالح" .
أحسنت أبا العباس
__________________

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-15-2009, 11:45 PM
أبو زياد النعماني أبو زياد النعماني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بريء من هذه العضوية
المشاركات: 148
افتراضي

سبحان الله !! ليست من عادتي أن أدخل وأقدم الشكر والثناء لا تقليلا أو ما شابه ولكن حرصا على ألا تكثر المشاركات بلا فائدة فأقتصر على الدعاء لصاحب الموضوع بظاهر الغيب

ولكن أجبرتني هذه الردود المفحمة على أن أقول للأخ الفاضل أبي العباس جزاااك الله خيرا ردود مفحمة أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك وان ينفع بها وأن يرنا الحق حقا وان يرزقنا ا تباعه ولزومه !
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-17-2009, 10:43 PM
ياسين نزال
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أفدتم وأجدتم أخي أبا العباس...
فبارك الله فيكم...
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 06-18-2009, 12:00 AM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل بن حبيب مشاهدة المشاركة
لكن هذه العبارات التي أوردها الشيخ الحلبي تدل على أن ما ضرب له مثلا أمر مذموم عنده :

"أَنَّ لِنَفَرٍ مِن الشَّباب -وَبعضِ الجُهَلاَءِ-وللأسف- تَأْثِيراً عَلَى بَعْضِ المَشَايِخِ الأَفَاضِل؛ بِحَيْثُ يَكَادُ يَكُونُ لَهُم حُكْمٌ ظاهرٌ عَلَيْهِم، وَأَثَرٌ بالِغٌ فِيهِم!!!
... ولئِن كان هذا الكلامُ صعباً (!) - شيئاً ما -؛ لكنَّهُ واقعٌ – وللأسف- ."


وانظر إلى الأمثلة التي ساقها القاضي عياض ، ألا ترى أن حججك وتسويغاتك التي ذكرتها تنطبق أيضا عليها، وإلا فأخبرني ما الفرق ..................... .
أما عبارة الشيخ ربيع التي أوردتها فيا ليته كذلك لم يقلها، والله أعلم.
الأخ الكريم (عادل بن حبيب وفقه الله) جوابا على ما تفضلت به أقول :

أنا لم أناقش ما قاله القاضي عياض لا من قريب ولا من بعيد , والسبب في ذلك أن القاضي عياض –رحمه الله- على مذهب المالكية في هذه الجزئية , وهو مذهب مخالف -في الجملة لا بالجملة- لدلالة النصوص الشرعية ولتقريرات أهل العلم فيما كان متعلقا بموضوع اعتراضك واعتراض البازمول واعتراض الأخ كاتب المقال, وبيان ذلك بالتالي :

أولا : حديث عبد الله بن مسعود في مسلم قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ؛ قالوا : وإياك يا رسول الله قال وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير] .
قلت : وتوكيل القرين ببني آدم هو من الأمور الجبلية –وقطعا هو ليس مما يوجب مدحا بنفسه فلذك وجه الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الاحتراز منه وتضييق مجراه بالصوم- .
وقد سأل الصحابة النبي (صلى الله عليه وسلم) : هل هو يشاركهم في هذا الأمر أم لا؟ ؛ فأجابهم (صلى الله عليه وسلم) ولم يقل لهم : ليس لكم أن تقولوا مثل هذا الكلام في حقي -حتى لو كان لي قرين– لاشتماله على معنى ناص في حقكم- , وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .

ثانيا : حديث عامر بن سعد عن أبيه : [أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أين أبي ؟ , قال : في النار , قال : فأين أبوك ؟ , قال : حيث ما مررت بقبر كافر فبشره بالنار] .
وكون أبو الرجل في النار هو مما يغيض الإنسان كما هو معلوم فطرة , ودل عليه حديث أنس في صحيح مسلم [أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار ؛ فلما قفي دعاه فقال : إن أبي وأباك في النار] .
فالنبي (صلى الله عليه وسلم) اجاب الأول على سؤاله ولم يقل له ليس لك أن تماثلني بما فيه إساءة لي في أبي , بسبب إخباري لك عن حكم أبيك , بل هو (صلى الله عليه وسلم) ابتدر الرجل الثاني المذكور في حديث بأن أخبره أن أباه في النار مثل أبيه .

ثالثا : وما صنعه شيخنا في تعليقه يتماشى مع ما هو مقرر في الشريعة من أن تخصيص الفاضل بالذكر (ملكا كان أو نبيا أو صالحا) تنبيه على من هو دونه وأنه يراد به العموم وتحقيق العموم وأن هذا الحكم ثابت في حق الأفضل فكيف بمن دونه , كما قال شيخ الإسلام في رده على البكري (2\461-472) بكلام أنقله بطوله -لما اشتمل عليه من الفوائد العديدة وضرب الأمثلة الكثيرة- : "وقال تعالى {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب و الحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب و بما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة و النبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون} .
فتخصيص الملائكة و النبيين بالذكر تنبيه على من دونهم فإنه أن لا يأمر باتخاذ الصالحين أربابا بطريق الأولى .

ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح [لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قيل ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل] فكان تخصيصه بالذكر لتحقيق العموم , وإن هذا النفي يتناول أفضل الخلق فلا يظن أحد غيره أن يدخل الجنة بعمله .

وكذلك قوله في الحديث الصحيح [ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة وقرينة منه الجن قالوا و إياك يا رسول الله قال و إياي إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم] .

و منه قوله تعالى {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين} ؛ فذكر هذا الوعيد في الملائكة وخصهم بالذكر تنبيها على أن دعوى الإلهية لا تجوز لأحد من المخلوقين لا ملك ولا غيره و أنه لو قدر وقوع ذلك من ملك من الملائكة لكان جزاؤه جهنم فكيف من دونهم و هذا التخصيص أفرد الله تعالى بالإلهية .

ومنه قوله تعالى في الأنبياء {ومن آبائهم و ذرياتهم و إخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} , والأنبياء معصومون من الشرك ولكن المقصود بيان أن الشرك لو صدر من أفضل الخلق لأحبط عمله فكيف بغيره .

وكذلك قوله لنبيه عليه الصلاة و السلام {لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} مع أن الشرك منه ممتنع لكن بين بذلك أنه إذا قدر وجوده كان مستلزما لحبوط عمل المشرك وخسرانه كائنا من كان وخوطب بذلك أفضل الخلق لبيان عظم هذا الذنب لا لغض قدر المخاطب .

كما قال تعالى {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين} ليبين سبحانه أنه ينتقم ممن يكذب في الرسالة كائنا من كان وأنه لو قدر أنه غير الرسالة لانتقم منه والمقصود نفي هذا التقدير لانتفاء لازمه .

وكذلك قوله تعالى {أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته} .

وفي الحديث المعروف [إن الله تعالى لو عذب أهل سماواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم] ؛ فهذا من بيان عدل الرب سبحانه وتعالى وإحسانه وتقصير الخلق عن واجب حقه حتى الملائكة والأنبياء وغيرهم وأنه لو عذبهم لم يكن ظالما لهم فكيف بمن دونهم .

وهذا باب واسع فمن غلا في طائفة من الناس فإنه يذكر له من هو أعلى منه ويبين انه لا يجوز هذا الغلو فيه فكيف يجوز الغلو في الأدنى ؛ كما قال بعض الشيعة لبعض شيوخ السنة تقول مولانا أمير المؤمنين عليا ما كان معصوما ؛ فقال أبو بكر وعمر عندنا أفضل منه وما كانا معصومين .

وكما يقال لمن يعظم شيخه أو أميره بأنه يطاع في كل شيء وأنه لا تنبغي مخالفته فيقال له أبو بكر الصديق أفضل منه وقد قال : (أطيعوني ما أطعت الله تعالى فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم إنما أنا متبع ولست بمبتدع فإن أحسنت فأعينوني وإن زغت فقوموني) .

وكما إذا ظن الغالي أن الصالحين لا يؤذيهم عدوهم ولا يجرحون لاعتقاد أن ذلك نقص فيهم وأنهم قادرون على دفع كل أذى ؛ فيقال له : أفضل الخلق محمد صلى الله عليه و سلم قد أوذي وقد جرح يوم أحد وكسرت رباعيته وذلك كرامة من الله تعالى له ليعظم أجره ويزيده الله بذلك رفعة بالصبر على الأذى في الله .

وكذلك لو حلف بشيخه فقيل لا تحلف بغير الله فمن حلف بغير الله فقد أشرك .

وكذلك إذا اعتقد معتقد في شيخه أنه يشفع لمريديه يوم القيامة أو أن له راية في الآخرة يدخل تحتها مريديه الجنة فيقال له المرسلون أفضل منه وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا جاء يشفع يسجد بين يدي الله عز وجل ويحمد ربه بمحامد فيقال ارفع رأسك وقل يسمع لك , وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة .
فهو صلى الله عليه و سلم لا يشفع إلا بعد أن يؤذن له بل يبدأ أولا بالسجود لله تعالى والثناء عليه ثم إذا أذن له في الشفاعة وشفع حد له حدا يدخلهم الجنة فليست الشفاعة له مطلقا في حقه ولا يشفع إلا بإذن الله تعالى فكيف يكون الشيخ إن كانت له شفاعة؟! .

وكذلك إذا قيل عن بعض الشيوخ إن قبره ترياق مجرب قيل له إذا كانت قبور الأنبياء عليهم السلام ليست ترياقا مجربا فكيف تكون قبور الشيوخ ترياقا مجربا .

و كذلك إذا قيل إن الشيخ الميت يستسقى عند قبره و يقسم به على الله ويعرف عنده عشية عرفة ونحو ذلك قيل له إذا كان النبي صلى الله عليه و سلم سيد الخلق لم تستسق الصحابة رضوان الله عليهم عند قبره ولا أقسموا به على الله ولا عرفوا عند قبره فكيف غيره .

وكذلك إذا قيل إنه يسجد لقبر الشيخ أو يستلم أو يقبل قيل إذا كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يسجد له ولا يستلم ولا يقبل باتفاق الأئمة فكيف بقبر غيره .

وكذلك إذا قيل : الموضع الذي كان الشيخ يصلي فيه لا يصلي فيه غيره احتراما له .
قيل : إذا كان الصحابة صلوا في الموضع الذي كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فيه فكيف لا يصلى في موضع صلى غيره وهو أحق بالاحترام من كل أحد .... .

وهذا النوع من الكلام يقال على وجوه :
تارة يقال السجود لا يصلح للأنبياء فكيف بمن دونهم
وتارة يقول السائل هل أسجد للشيخ فيقال له الرسول لا يسجد له فكيف يسجد للشيخ .
فتارة يذكر الاسم العام ويخص الأفضل بالذكر تحقيقا للعموم وأنه لا يستثني من هذا العموم أحدا , وإن كان أفضل الخلق , كما قال : (مات الناس حتى الأنبياء) .
وتارة يذكر الأفضل ويعطف عليه غيره تحقيقا للعموم .
وتارة يختص الأفضل بالذكر تنبيها به على من سواه .
فهذا النمط من الكلام حيث ذكر الأفضل فيه فإنه لا يراد اختصاصه بالحكم بل يراد به العموم وتحقيق العموم و أن هذا الحكم ثابت في حق الأفضل فكيف بمن دونه" .

بل هذا شيخ الإسلام ابن تيمية يماثل بين النبي (صلى الله عليه وسلم) وراعي الغنم برعايته لها يقصد أحد أمرين أولهاما :نفع نفسه , ثم الإحسان إلى غنمه , والنبي (صلى الله عليه وسلم) –بإحسانه إلى الأمة إنما يقصد نفع نفسه وغيره بما يناله من التقرب إلى الله تعالى وعبادته والإحسان إلى عباده من أنواع المطالب والمقاصد , فقال –رحمه الله- في بيان تلبيس الجهمية (1\200) : "وأما ما ذكره من التمثيل بالنبي والراعي ؛ فيقال منشأ الغلط في مثل هذا هو اشتباه المقصود بالقصد الأول بالمقصود بالقصد الثاني , وذلك : أن الراعي ليس مقصوده الأول برعاية الغنم مجرد نفعها بدون غرض يحصل له هو من ذلك بل إنما يقصد أولا ما كان مصلحة له ونفعا وكمالا إما تحصيل الأجرة وهو المال الذي ينتفع به ويقضي به حاجاته أو يتشرف , وإما رحمة للغنم وإحسانا إليها ليدفع عن نفسه الألم الحاصل لنفسه إذا كان الحيوان محتاجا متألما وهو لا يزيل ألمه أو لتحصل له العافية والرحمة من هذا الألم ويحصل له تنعم وفرح وسرور بالإحسان إليها أو أن تكون به أو لصديقه أو لقريبه فيقصد برعايته ما يحصل له له من المنفعة والفرح والسرور وزوال الضرر بمثل ذلك .
وكذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فإنه بالإحسان إلى الأمة إنما يقصد ما يناله من التقرب إلى الله تعالى وعبادته والإحسان إلى عباده من أنواع المطالب والمقاصد التي هي أشرف وأعظم من فعله بهم فمطلوبه ومقصوده أعظم من العباد الذين ينفعهم".

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب (ش\357 , و\ب) جوابا على سؤال امرأة التزمت حديثا فتحجبت فرماها الأقارب والجيران بقلة العقل , فقال لها الشيخ –حفظه الله- مثبتا : "إني أهنئ هذه الأخت السائلة التي من الله عليها بالاهتداء في ارتداء الحجاب الشرعي الذي منه تغطية الوجه بل هو أهمه وأما ما يحصل لها من الأذية من قولهم إن هذا جنون فلا تتعجب من هذا فقد قيل عن الرسل عليهم الصلاة والسلام مثل هذا وأشد قال الله عز وجل (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) فلتصبر ولتحتسب".
فأين موقع كلام الشيخ ابن عثيمين من قول القاضي عياض الذي نقله الأخ وفي يمثل بمن قال : "كقول القائل إن قيل في السوء فقد قيل في النبي أو إن كذبت فقد كذب الأنبياء أو إن أذنبت فقد أذنبوا أو أنا أسلم من ألسنة الناس ولم يسلم منهم أنبياء الله ورسله" .

وقال الشيخ صالح الفوزان في كتاب من أعلام المجددين (ص\44) مخبرا عن حال شيخ الإسلام مع أهل البدع الذين رموع بشتى أنواع التهم: " هذا موقف هذه الطوائف من دعوة شيخ الإسلام، وهو موقف يتكرر مع كل مصلح ومجدد يدعو إلى دين الله الذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ونبذ ما خالفه من دين الآباء والأجداد وعادات الجاهلية. وليس هذا بغريب فقد قوبلت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من قبل بأعظم من هذا وقيل عنه إنه ساحر كذاب وإنه شاعر مجنون. إلى غير ذلك من الألقاب السيئة التي يراد بها الصد عن دين الله والبقاء على دين الشرك الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، فلشيخ الإسلام وإخوانه من الدعاة إلى الله أسوة بنبيهم"

قلت : وكلام الشيخ ربيع الذي نقلته والذي تمنيت أنت أنه لم يقله- فهو من هذا القبيل -ولا يعد خطئا فضلا عن اعتباره تعريضا- , ولكني أردت أن ألزم من يكابر ويجحد ممن يتشبث بقول القاضي عياض من غير تحقيق ولا تمحيص ؛ بأن يجري في الشيخ ربيع ما أجراه في شيخنا وأن لا يكل بمكيالين .

والان أقول لمن لا يزال مصرا على تنزيل حكم القاضي عياض على شيخنا : فما هو حكمك في شيخ الإسلام ابن تيمية والعثيمين والفوزان والشيخ ربيع , وغيرهم الكثير ؟؟.
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 06-18-2009, 01:19 AM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

إن من محاسن القوم -يا أخي أبا العباس- أنهم اضطرّونا أن نزيد المسائل بحثا وتحريا وتدليلا !.
و لعل هذا مما يشكر عليه سمّ العقرب !.
فمنه الداء ومنه الدواء!.

فجزاك الله خيرا أخي ، وجعل ما تكتب في ميزان حسناتك.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 06-18-2009, 11:44 AM
عادل بن حبيب عادل بن حبيب غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 17
افتراضي

جزاك الله خيرا

قد يعكر على الاستدلال بالأحاديث النبوية التي ذكرت أنه من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسامح في حق نفسه فهو لم ينكر حتى على الأعرابي الذي جذبه من برده حتى أثر في عنقه وقال له : "يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك"، فهل يقول قائل إن عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم دليل على جواز هذا الفعل والقول ؟
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:47 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.