أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
2275 74378

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-14-2013, 12:56 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الحــســـد؛ أنواعه؛ أسبابه؛ الوقاية منه وعلاجه

الحــســـد؛ أنواعه؛ أسبابه؛ الوقاية منه وعلاجه.


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:

قال الله – تعالى -:﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ۞ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ۞ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ۞ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ۞ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [سورة الفلق].

من فضل الله - تعالى - على عباده أن منّ عليهم بنعمــــة الإسلام والإيمان، فأنزل الكتب وأرسل الرسل، وبيّن ما يُتقى به الشرور، ويدفع به الأذى، ومنه الحسد. نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه في الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا بقوله : (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا - وأشار إلى صدره - بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) (صحيح) رواه (أحمد، مسلم) انظر : [صحيح الجامع رقم : 7242].

إنها التربية الإيمانيـــــة التي ربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بها أصحابه - رضوان الله عليهم - أجمعين، وأرسى دعائم الأخوة الإيمانية وقواعدها وحفظها بهذا الحديث الشريف وما دل عليه من فوائد عظيمة.

أمرنا بما يُقوّي هذه الأخوة، وحذّر مما يقضي عليها، حذّر من الحسد، والخداع، ومن التباغض، والتدابر، واحتقار الآخرين. وبيّن حرمة الدم والمال والعرض للمسلم، إذ أنه لا يقوم مجتمع آمن إلا بحفظ هذه الثلاثة.

‌حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمور هامـــّــــة، وبدأ بالنهي عن الحسد، لأن عاقبته وخيمة، إذا تغلغل في القلوب، يؤدي إلى الهلاك، وقطع الروابط الإنسانية، ويوغر الصدور، وينشر الشحناء والبغضاء، ويؤدي إلى الفرقة والشتات، والضعف والهوان، وتكالب الأعداء.

إلا أنّ الحسد منه محمود، ومنه ما هو مذموم وهو ما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنه العين، وما يقع بسبب الإعجاب دون تمني زوال النعمة.

1. أما الحسد المحمود فهو حسد الغبطة، أي : الإستحسان: وذلك بتمني النعمة للنفس مع عدم تمني زوالها عن الغير. وهو حسد محمود مسموح به، وبه تنافس المتنافسون.

فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا حسدَ إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها) (متفق عليه).

وقال الله – تعالى -: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ۞وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۞ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [سورة الحشر 8 - 10].

أثنى الله - تبارك وتعالى – على خير القرون، خير الناس بأنهم: {يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} إذ أنهم لا تضيق صدورهم، ولا يغتمّون بما قدر الله عليهم، ويحبون إخوانهم في الإيمان، ويحبونَ لهم ما يحبونَ لأنفسهم، ويدْعون لهم بظهر الغيب، فلا حسد ولا شحناء، ولا بغضاء، ولا تدابر.

يسابقون بالخيرات، وأداء الطاعات والقربات، فيعمّ النفع، وتزكو النفوس، وتتقوى روابط الأخوة الإيمانية، وبذا يدركوا خيري الدنيا والآخرة.

إن المنافسة في الخيرات ليست أمراً محرّماً، بل هي من الطاعات التي رغب الله - تعالى – بها في مواضع عديدة في كتابه العزيز. قال الله - تعالى -: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ۞ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ۞ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ۞ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ۞ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ۞ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ [سورة المطففين 22 – 28].

وما أصاب المسلمون من ضعف ووهن وهوان، وما تمكن أعداء الإسلام من بلاد المسلمين، إلا بسبب اتباع جلّهم الهوى وحبّ الشهوات، وفهمهم الخاطئ للآيات والأحاديث في وصف الدنيا، أو لإعراضهم عن فهمها بالكلية، ففتن بها الكثيرون إلا من رحم، وسَحَرَتْ عشاقها فركنوا إليها، وتنافسوا فيها حقداً وحسدًا لأجلها. سفكوا دماءهم، وقطعوا أرحامهم، وأكلوا أموال بعضهم البعض بالباطل، فأحلّهم الله دار البوار، جهنم يصلونها وبئس القرار.

نسأل الله - جلّ في عُلاه - العفوَ والعافيــــة في الدنيا والآخرة.


وكتبتـــــه: أم عبدالله نجلاء الصالح.

من محاضرات اللجنــــة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله - تعالى -.

يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-14-2013, 08:16 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي حسد الإعجاب والحـــســــد المذموم

حسد الإعجاب والحـــســــد المذموم

2. حسد إعجاب الإنسان بالنفس والمال والولد، أو أن هذه النعم من كسبه وجهده :
كما في صاحب الجنة في سورة الكهف : قال الله – تعالى - : {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ۞ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ۞ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ۞ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ۞ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ۞ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ۞ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ۞ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ۞ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ۞ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ۞ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ۞ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا} [سورة الكهف : 32 – 43].

وكذلك في سورة القصص لنا في قصة قارون عبرة وعظــــــة : قال الله – تعالى - : {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ۞ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ۞ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ۞ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ۞ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ۞ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ۞ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ۞ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة القصص : 76 – 83].

لكن العين قد تقع حتى من الرجل الصالح بسبب إعجابه بالشيء واستحسانه، فيعين الإنسان نفسه وولده وماله، حسد إعجابٍ لا حسد تمني زوال نعمـــــــة : فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف - رضي الله عنهما - قال : رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل، فقال : "والله ما رأيت كاليوم، ولا كجلد مخبأة، قال فلبط سهل، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : يا رسول الله ! هل لك في سهل بن حنيف ؟ والله ما يرفع رأسه، فقال : هل تتهمون له أحدا ؟ فقالوا : نتهم عامر بن ربيعة، قال : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامرًا فتغلظ عليه، وقال : (عَلامَ يقتلُ أحدكم أخاه ؟ ألا بركت ؟ اغتسل له). فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صبّ عليه فراحَ مع الناس ليس له بأس). رواه في شرح السنة ورواه مالك، وفي روايته قال : (إن العين حق توضأ له). (صحيح). انظر : [مشكاة المصابيح جـ 2 رقم 4562].

إنّ هذيْنِ الصحابيين الجليلين - رضي الله عنهما – لم يحمل أحدهما حقدًا على الآخر، ولم يتمنّ عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - زوال نعمــــَـــةٍ أنعمها الله على صاحبه، ولكنه الإعجاب.
ولو كان يعلم أن الدعاء بالبركــــة يمنع الحسد قبل وقوعــــه لدعا لصاحبــــه، ولكن ليمضي الله أمرًا كان مفعولا، ويكون في ذلك إحسانٌ إلى المَعين، وعبرةٌ لنـــا نقتدي بها، وَعِلمٌ يُذكِّـــر بهما بخير، وَيُتَرَضّى عليهما إلى ما شاء الله - جلّ في عُلاه -.
علمنا من خلاله أن الدعاء بالبركــــة يمنع الحسد قبل وقوعه، فإن وقع فالعلاج بالدعاء بالبركة، وجمع ماء الوضوء وإلقائه على قفا رأس المحسود، يبرأ بإذن الله - تعالى -.
فجزى الله نبينا وحبيبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد خير ما جزى به نبيــــًــا عن أمتــــــه، ورضي الله عن آل بيتـــــه والصحب الكرام الطيبين الطاهرين أجمعين، وجمعنا بهم في أعلى عليين مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، وحسُنَ أولئك رفيقا.

3. الحسد المذموم : إنه حسد محرَّمٌ مذمومٌ بغيضٌ منهيٌّ عنه بنص الكتاب والسنة، وهو موضوع البحث.

الحسد المذموم : هو الإستحسان المصحوب باستكثار النعمة عند الغير، أو كراهيتها، أو تمني زوالها، أو سلبها منه، أو تحولها عنه إلى الحاسد، ويطلق عليه النفس والعين لارتباطه بها.

قال الله – تعالى - : {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [سورة النساء : 32].

فتمنيه مثلها وسؤال الله من فضله، ليس مذمومًا، أما تمني زوال النعمة عن الغير وانتقالها إليه لرغبة فيها، فإن ذلك من الشحّ والشرور المحرمة المنهي عنها، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا تباغضوا، ولا تقاطعوا ولا تدابروا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم الله، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) متفق عليه عن أنس - رضي الله عنه -، انظر : [مختصر صحيح مسلم 1800] و [غاية المرام 404].

ويقع الحسد المذموم بقدر الله - تعالى - حقاً، ومن الناس من أنكره أو أنكر تأثيره، وقالوا عنه أوهام لا حقيقة لها.

وقولهم هذا مخالف للكتاب والسنة، فقد ورد ذكره، وذكر تأثيره في عدة مواضع في كتاب الله العزيز، وفي السنة النبوية المطهرة، وأمرنا الله - تعالى - بالإستعاذة منه في سورة الفلق :{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ۞ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ۞ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ۞ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ۞ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [سورة الفلق].

قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى – في كتابه القيّم زاد المعاد (4 / 164) : [والعين عينان : - إنسية وجنية، فقد صح عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال : (استرقوا لها فإن بها النظرة) (متفق عليه). أخرجه البخاري (10/ 171 - 172) ومسلم (2197).

قال الحسين بن مسعود الفرّاء : [وقوله سفعة أي : نظرة ، يعني من الجن، يقول بها عين أصابتها من نظر الجن أنفذ من أسنة الرماح]. انظر : [شرح السنة 13/ 163].

وقوله : في وجهها سفعة : أي : سواد في الوجه، وعن الأصمعي : حمرة يعلوها سواد، وقيل صفرة، وقيل : سواد مع لون آخر، وقال قُتَيْبة : لونٌ يُخالفُ لونَ الوجه وكلها متقاربة]. ا. هـ.


والله - تعالى - أعلم.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-14-2013, 08:37 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي كيف تؤثر العين، وكيف يحصل الحسد ؟.

كيف تؤثر العين، وكيف يحصل الحسد ؟.

عن أبي نضرة عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوّذ من الجان، وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما، وترك ما سواهما) قال الشيخ الألباني : (صحيح) انظر : [صحيح الجامع 4902].

قال ابن القيّم الجوزيّة في كتابه القيّم "زاد المعاد" : [... ولا ريب أنّ الله - سبحانه وتعالى – خلق في الأجسام والأرواح قوىً وطبائعَ مختلفة، وجعل في كثير منها خواصّ وكيفيّات مؤثرة، ولا يمكن لعاقلٍ إنكار تأثير الأرواح في الأجسام، فإنه أمرٌ مشاهدٌ ومحسوس، وأنت ترى الوجه يَحْمَرُّ حُمرة شديدة، إذا نظرَ إليهِ من يحتشمُهُ ويستحي منه، ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه.

وقد شاهد الناس مَن يَسقمُ مِن النظر وتَضْعَفُ قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح.

ولشدة ارتباطها بالعين يُُنسبُ الفعل إليها، وليست هي الفاعلة، وإنما التأثير للروح. - بإذن الله تعالى -.

والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصّها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذىً بيّنًا ، ولهذا أمر الله – سبحانه – رسوله أن يستعيذ به من شرّه.

وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا يُنكره إلا من هو خارجٌ عن حقيقةِ الإنسانية، وهو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة وتقابل المحسود، فتؤثر فيه بتلك الخاصيــــة.

وأشبه الأشياء بهذا الأفعى فإن السّمّ كامِنٌ فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوّها انبعثت منها قوّة غضبية، وتكيّفت بكيفية خبيثة مؤذية، فمنها ما تشتدّ كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين ومنها ما تؤثر في طمس البصر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – في الأبتر، وذي الطفيتين من الحيات : (إنهما يلتمسان البصر، ويسقطان الحبل) أخرجه البخاري (6/ 248).

ومنها ما تؤثر في الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به، لشدة خُبث تلك النفس، وكيفيّتها الخبيثة المؤثرة، والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية، كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة، بل التأثير يكون تارة بالاتصال، وتارةً بالمقابلة، وتارة بالرؤية، وتارة بتوجّه الروح نحوَ مَن يؤثر فيه، وتارة بالأدعية والرقى والتعوذات، وتارة بالوهم والتخيّل.

ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيئ، فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره، وكثير مِن العائنين يؤثروا في المعين بالوصف مِن غير رؤية، وقد قال الله – تعالى – لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - : {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} [سورة القلم الآية 51].
وقال : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ۞ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ۞ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ۞ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ۞ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [سورة الفلق].

فكل عائنٍ حاسد، وليس كل حاسدٍ عائنا، فلما كان الحاسد أعمّ مِن العائن، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تُصيبهُ تارة، وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفًا لا وقاّية عليه، أثّرت فيه ولا بدّ.

وإن صادفته حذرًا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام، لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها، وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء، فهذا مِن النفوس والأرواح، وذاك مِن الأجسام والأشباح، وأصلُهُ مِن إعجاب العائن بالشيئ، ثمّ تتبعه كيفية نفسه الخبيثة، ثم تستعين على تنفيذ سُمّها بنظرة إلى المعين.

وقد يَعين الرجل نفسه، وقد يعين بغير إرادته، بل بطبعه، وهذا أردأ ما يكون مِنَ النوع الإنسانيّ.


وقد قال بعضُ أصحابنا وغيرهم مِنَ الفقهــــاء : "إنّ مَن عُرِفَ بذلك حَبَسَهُ الإمام، وأجرى له ما يُنفق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعًا]. ا. هـ. انظر : [زاد المعاد. 4/ 166 – 168].


نقلته بنصّه لأهميته.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-14-2013, 09:31 PM
مهجة القلب مهجة القلب غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 99
افتراضي

بارك الله فيك اخيتي ام عبد الله نجلاء الصالح على الموضوع القيم، فقد اصبح هاجس الناس اليوم هو العين حتى صار هذا الموضوع كالوسواس الدائم.
اختي الفاضلة أرجو أن أجد عندك جوابا لسؤالي التالي:
لقد سمعت مرة من شيخي الفاضل محمد بن موسى آل نصر على قناة الأثر في رده على أحد الاخوان أنه اذا لم يعرف الانسان الشخص الذي عانه لاخذ الأثر منه فعليه أن يتبول على قطعة من الحديد بعد أن يسخنها على النار ، و قد ذكر فضيلة الشيخ أنها ليست بطريقة مبتدعة الا انني لم اسمع كل ما قاله الشيخ بالتفصيل فارجو من حضرتك لو تفيديني في هذه النقطة ولك مني فائق الشكر، جزاك الله خيرا.
__________________
كُن مع الله ترى الله معك, واترك الكُلَّ وحاذر طمعك, وإذا أعطاكَ من يمنعهُ, ثمَّ من يُعطي إذا ما منعك.

* * * * * * *
ضُمّ السعادة إلى السعادة وابتسم ، ما حرّك الحزنُ مصيرًا قدّ قُسم .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-16-2013, 10:40 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهجة القلب مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك اخيتي ام عبد الله نجلاء الصالح على الموضوع القيم ،فقد اصبح هاجس الناس اليوم هو العين حتى صار هذا الموضوع كالوسواس الدائم.
اختي الفاضلة ارجو ان اجد عندك جوابا لسؤالي التالي:
لقد سمعت مرة من شيخي الفاضل محمد بن موسى آل نصر على قناة الأثر في رده على أحد الاخوان أنه اذا لم يعرف الانسان الشخص الذي عانه لاخذ الأثر منه فعليه أن يتبول على قطعة من الحديد بعد أن يسخنها على النار ، و قد ذكر فضيلة الشيخ أنها ليست بطريقة مبتدعة الا انني لم اسمع كل ما قاله الشيخ بالتفصيل فارجو من حضرتك لو تفيديني في هذه النقطة ولك مني فائق الشكر، جزاك الله خيرا.

وإياكم... وفيكم بارك الله ابنتي الحبيبـــة " مهجــــة القلب " حياكم الله وبيــــاكم وسدد على دروب

الخير والهدى خطـــــاك.

أسعدني مرركم والدعاء جعلكم الله وأحبتكم من سعداء الدنيا والآخرة.

نعم يا الغالـــــية، صار هاجس الإصابة بالحسد، كالمرض يعاني منه الكثيرون، نسأل الله العفو والعافيــــة.

لم أسمع من فضيلة الشيخ " محمد بن موسى آل نصر" حفظه الله - تعالى - ما تفضلتِ به، وإن شاء الله - تعالى - نستوضح الأمر، فإنه جزاه الله خيرًا حريصٌ على الإتباع وبيان الدليل - ولا نزكيــــه على الله -.

شكر الله لكم وزادكم فضلاً وعلما.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-16-2013, 10:53 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي ليس كل ابتلاء أو مصيبة سببه الحسد.

ليس كل ابتلاء أو مصيبة سببه الحسد.

نؤمن بأن العين حق، ونؤمن بالقضاء والقدر حلوهِ ِ وَمُرّه، ونعلم يقينًا أنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن هذه الحياة الدنيا لا تخلو من أكدار.

وليس بالضرورة أن يكون كل ابتلاء أو مصيبة تصيبنا، أو أي حادث عرضي في حياتنا اليومية نتعرض له سببه العين أو الحسد !.

إن مرض الوهم بالحسد أو العين أو السحر يعاني منه الكثيرون ويقلقهم حتى بلغ بهم درجة الوسوسة والشك بأحب الناس إليهم، والمقربين منهم، اعتزلوهم، خوفًا من العين؛ وهذا ليس في النساء فقط ، بل وفي الرجال أيضًا إلا من رحم الله - سبحانه وتعالى –.

سبحان الله -! إن كسرت آنية قالوا: زارتنا اليوم فلانة ... حسدتها.

إن فشل أحدهم في دراسته، قالوا: إنه الحسد.

وإن حصلت مشكلة مع الزوج أو الأبناء، أو الأصحاب قالوا: إنه الحسد، حَسَدَنا فلان أو فلانة.

وإن خسر بتجارةٍ أو ابتليَ بمرضٍ أو فقد حبيبٍ قالوا: إنه الحسد.

وكم من المؤلم والمؤسف أن يُتَّهَمَ بذلك قريبًا أو بريئًا، وأن تقطع أرحامٌ لمجرد شكٍ وسوء ظنٍ، لمجرد بهتانٍ وظلمٍ ثم يُصدقونه بل يُؤكِّدونه، فلنتقِ الله بأنفسنا وفيمن حولنا؛ ولنتذكر أن الظن أكذب الحديث، ولا يغني من الحق شيئا، وأن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة.

أمر طبيعي أن نخشى على أنفسنا وأحبتنا، ولكن ما أجمل أن نقف وقفةَ تأملٍ ونفكـــّــــر مَلِيــًّـــا قبل أن نتـــّهم أحـــــــدًا غيرنا، ما أجمل أن نبذل الجهــــد ونلتمس الأسباب المشروعة الناجعة للعلاج.


فإن كان المبتلى مريضًا فليتداوى وليرْق نفسه.

وإن كان التقصير في الدراسة، وأداء الواجبات، فليستعن بالله تعالى – ويضاعف الهمــَّـــة والجهد.

وإن كانت الذنوب؛ المعاصي، الشحّ؛ الغضب؛ العصبية سوء الخُلُق، المخالفات االشرعية في المأكل والمشرب والملبس؛ التبرّج؛ والبعد عن المنهج الرباني بصفة عامـــّـــــة، فليتق الله ربه ويحاسب نفسه؛ وليسارع إلى التوبة، والعودة إلى الله تعالى؛ فإنّ الله لا يُغيّر ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم.

وقد يعين الإنسان نفسه وولده وماله، حسد إعجاب كما تقدّم لا تمني زوال نعمـــــــة، فيتأثر به ويبتلى، فعليــــــه أن لا يتّهمَ غيره، ويتحصّن بالأذكـــــــار والرقى والدعاء بالبركــــــة، وفعل الطاعــــــات والمسابقــــــة إلى الخيرات، ويستودعـــــهم الله الذي لا تضيع ودائعــــــه.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-17-2013, 01:21 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي خطورة الحسد، والحكمة مِن تحريمه :

خطورة الحسد، والحكمة مِن تحريمه :


1. الحسد
بغيض إلى النفوس يترتب عليه خطر عظيم، فقد يؤدي إلى الوفاة، أو الإصابة بالأمراض، ويورث الأحقاد في الصدور، وقطع الأرحام، وخراب البيوت، بل الدول، وبسببه قامت حروبٌ خلفت كوارث وويلات. فعن ضمرة بن ثعلبة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا) (حديث حسن) انظر: [صحيح الترغيب والترهيب جـ3 رقم 2887].

وعن جابر - رضي الله عنهما – قال - صلى الله عليه وسلم - : (أكثر من يموت من أمتي بعد قضـاء الله وقـدره، بالعين). حديث (حسن) انظر : [صحيح الجامع 1206]. [السلسلة الصحيحة 747].
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه). (صحيح). انظر : [السلسلة الصحيحة 2/ 550 رقم 889].

وللحديث شاهد قوي به بلفظ : (العين حق تستنزل الحالق) عن ابن عباس- رضي الله عنهما – مرفوعًا. انظر : [صحيح الجامع رقم: 4146] و [السلسلة الصحيحة رقم 1250].

والحالق : المكان المرتفع المنيف. ويقال : هوى من حالق : هلك. انظر : [المعجم الوسيط 1/ 193].

2. أهميـــــة اتباع الهدي النبوي في الكتاب والسنة في التحصن منه قبل وقوعه، والتضرع والدعاء والرغبة إلى الله – تعالى - في ردّه وعلاجه بالآيات والرقى الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وقوعه، لا اللجوء إلى الدجالين والعرافين، ولا إلى الرقى والتعاويذ والتعاليق الشركية، وهذا يدل على قوة الإيمان بالله - تعالى – والثقة به، وحسن التوكل عليه – سبحانه -.

3. الحسد بتمني زوال النعمة يدل على ضعف الإيمان، وسوء الظنّ بالله، وضعف اليقين بما عند الله - تبارك وتعالى -.

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يجتمعان في النار : مسلم قتل كافراً ثم سدد وقارب، ولا يجتمعان في جوف مؤمن : غبار في سبيل الله، وفيح جهنم، ولا يجتمعان في قلب عبد : الإيمان والحسد) (صحيح) رواه أحمد والنسائي والحاكم – [صحيح الجامع 2/ 7620، والترغيب 2/ 167].

4. وهو من أمراض القلوب العظيمة التي تضرّ الحاسد في دينه ودنياه، كالكبر والغيرة والحقد وغيرها.

أمــّـــا في دينــــــه : فذلك بسخطه على قضاء الله - تعالى - وقدره وعدم الرضا به، واعتراضه على الله - عز وجل - في حكمه ومشيئته، لِما امتن به على عباده من مال، أو جاه، أو نعمةٍ فضّلَ بها بعض الناس على بعض.

واعتراضه على عدْل الله - عز وجلّ وحكمه - في ملكوته، وكراهيته أن تصير النعمة التي قسمها الله - تعالى - بين عباده إلى غيره، ولسان حاله يقول : يا ربّ لم أنعمتَ على فلان بكذا، ولم تنعم عليّ ؟؟، يظنّ أنه الأوْلى، بنظره وقياسه القاصر.

كحسد أحد ابنيْ آدم الذي قتل أخاه، وباء بإثمه، والسبب أنهما قربا قربانًا فتقبّلَ من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر، تُقُبّلََ من الذي أخلص إلى الله في قربانه، فبيّن الله – تبارك وتعالى – لنا أن عاقبة البغيَ والحَسَدَ والظلمَ عندما تتغلغل في القلوب وخيمة، تؤدي بصاحبها إلى تقطيع أواصر أخوة الرحم وأخوة الإيمان، وتفرق ولا تجمع.
قال الله - تعالى - : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ۞ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ۞ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ۞ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ۞ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [سورة المائدة : 27].

ولذلك قالوا : إن أول ذنب عُصِيَ الله – تعالى – به في الأرض، الحسد الذي أدى إلى القتل، فباء الحاسد بإثمه وإثم أخيه، وكان أول من سنّ القتل، وعليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم القيامة.

فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا تُقتلُ نفسٌ ظلما، إلا كان على ابن آدم الأول، كِفْلٌ من دمها، لأنه أول من سن القتل) (متفق عليه).

وحسد الشيطان لأبينا آدم - عليه الصلاة والسلام - على ما أنعم الله – تعالى - عليه من تكريم، فلم يُذعِن لأمر الله – تعالى - بالسجود له - عليه الصلاة والسلام - سجود تحية وتكريم، وسعى بالكيد لآدم - عليه الصلاة والسلام - وإزالة هذه النعمة عنه وعن ذريته، فظن أنه وصل بذلك إلى مراده بوسوسته، لكن الله - تعالى - امتنّ على آدم - عليه الصلاة والسلام - بالتوبة والإنابة، فتلقى من ربه كلمات فتاب عليه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

فكان حسد الشيطان وقياسه القاصر وبالاً عليه، وسببًا في شقائه وشقاء من تبعه إلى يوم الدين - إلا من رحم ربي -.

قال الله - تعالى - : {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ۞ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ۞ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ۞ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ۞ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ۞ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ۞ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ۞ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [سورة ص 71 – 78].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11-17-2013, 01:39 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي خطورة الحسد، والحكمة مِن تحريمه - تتمــــّــــة :

خطورة الحسد، والحكمة مِن تحريمه :


وحسد أهل الكتاب للمسلمين على إسلامهم :
قال - الله تعالى - : {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة البقرة : 109].

يتمنى كثير من أهل الكتاب أن يردوا من آمن بالله – تبارك وتعالى - وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - عن دينهم وعن إسلامهم، مع علمهم بأنه هو الدين الحق، والنبي الحق، الذي هو مكتوب عندهم، فصدوا عن سبيله وحاربوه، وسعوا في سحره، وحاولوا سمّه وقتله، وها هم لا يزالون يصدون عن سبيل الله ويبغونها عِوَجا، ها هم لا يزالون يصدون عن دعوة الحق قولاً وفعلا، ويثيرون حولها الشكوك والشبهات، ويؤلبون على النيل من العلماء والدعاة، وما ذلك إلا من حقدهم وحسدهم الذي تغلغل في قلوبهم المريضة. فتوعّدهم الله - تعالى - بما يستحقون.

قال الله - تعالى - : {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ۞ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} [سورة النساء : 54 - 55].

وحسد أهل الكتاب من اليهود والنصارى لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على السلام والتأمين : (إن اليهود والنصارى ليحسدونكم على السلام والتأمين). انظر : [صحيح الجامع 1997] و [السلسلة الصحيحة رقم 691 - 692].

وخير القلوب القلب التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغيٌ ولا حسد : عن ابن عمرو - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (خير الناس ذو القلب المحموم واللسان الصادق، قيل : وما القلب المحموم ؟ قال : (هو التقيّ النقيّ الذي لا إثمَ فيهِ ولا بغيَ ولا حسد). قيل : فمن على إثره ؟ قال : (مؤمن في خلق حسن) حديث (صحيح) رواه ابن ماجه. [صحيح الجامع 3291] و[السلسلة الصحيحة 948].

وأما في دنيـــــــاه : فإن الحاسد يؤذي نفسه، يعيش دنياه في كمــَـــد، خبيث القلب، مغموما، مهموما، ضيق الصدر، يتعذب لكل نعمة أنعمها الله تعالى على غيره، ولكل بلية يصرفها الله - تعالى - عنهم ، فإن تعدّى الحسد قلبه إلى القول أو الفعل وذلك بالغيبة، وهتك الستر، وذكر المساوئ، كانت هذه كلها هدايا تهدى من حسنات الحاسد إلى المحسود، وإذا بحسده صار وبالاً عليه، ثمّ يلقى الله – تعالى - شقيًا، مفلسًا، مَحرومًا، مذمومًا من الخالق والمخلوق، قد خسر الدنيا والآخرة - إلا أن يتداركه الله - تعالى - برحمة منه -.

كما أن روح الحاسد روح مؤذية للمحسود أذىً بَيِّن، ولهذا أمر الله - سبحانه وتعالى - الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يستعيذ بالله - تعالى - من شره.

مع العلم بأن النعمة لا تزول عن أحـــدٍ بحسدِ حاسدٍ، ولا بتأثيره، ولا تزول إلا بإذن الله - جلّ في عُلاه -. إلاّ بقدَرٍ مُقدّر من لدُنْ حكيم عليم، فإن ابتلي المؤمن فصبر على ما وقع عليه من ظلم، ظفر بما احتسب من الأجر.

ولنا في قصة حسد أبناء يعقوب - عليه الصلاة والسلام - أخاهم يوسف - عليه الصلاة والسلام – أسوة حسنة، قال الله - تعالى - : {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ۞ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ۞ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ۞ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ۞ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ۞ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ۞ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ۞ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ۞ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ۞ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ۞ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ۞ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [سورة يوسف 7 – 18].

ألقوه في غيابة الجبّ، وابتلي بالرقّ والسجن، وذلك لمحبة أبيه له، صبر وظفر، أيدهُ الله بالنصر والتمكين، واصطفاه نبياً من المرسلين، ولا يزال كلما ذُكر يصلى ويسلّم عليه، ونزل فيه قرآن يتلى، ولنا به أسوة حسنة إلى يوم الدين، واعترف إخوته بذنبهم وما اقترفته أيديهم، وأتَوْهُ وَخَرّوا له على العرش سُجدا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

ورحم الله ابن الوردي إذ قال :

سبحانَ مَنْ سخَّرَ لي حاسدي **** يُحدثُ لي في غيبتي ذِكْرا
لا أكـــرهُ الغيبــــةَ منْ حاسدٍ **** يفيدني الشهرةَ والأجــرا.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-18-2013, 03:47 PM
أم خديجة الأثرية أم خديجة الأثرية غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: الجزائر
المشاركات: 62
Post

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختنا أم عبدالله نجلاء الصالح .
معلومات قيمة وممتازة، ونعوذ بالله من الحسد والحاسدين .
اصبر على كيد الحسود ***** فان صبرك قاتله
فالنار تأكل نفسها ****ان لم تجد ما تأكله

وسؤال الأخت مهجة القلب صحيح .فأنا شاهدتُ الحلقة وتعجبتُ لقول الشيخ حفظه الله .
ولحد الأن لم أجد له إجابة .
والطريقة التي ذكرها الشيخ لابعاد الحسد ، يستعملها بعض النساء عندنا للبنات فقط وهي عندنا تعتبر من البدع .وهي أمور خطيرة جدا .لذلك تعجبت من قول الشيخ حفظه الله وبارك الله فيه .
وجزاكم الله خيرا على كل موضوع .
__________________
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركته
أختكم المحبة أم خديجة الأثرية

وما توفيقي إلا بالله
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11-18-2013, 11:53 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم خديجة الأثرية مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختنا أم عبدالله نجلاء الصالح .
معلومات قيمة وممتازة، ونعوذ بالله من الحسد والحاسدين .
اصبر على كيد الحسود ***** فان صبرك قاتله
فالنار تأكل نفسها ****ان لم تجد ما تأكله

وسؤال الأخت مهجة القلب صحيح .فأنا شاهدتُ الحلقة وتعجبتُ لقول الشيخ حفظه الله .
ولحد الأن لم أجد له إجابة .
والطريقة التي ذكرها الشيخ لابعاد الحسد ، يستعملها بعض النساء عندنا للبنات فقط وهي عندنا تعتبر من البدع .وهي أمور خطيرة جدا .لذلك تعجبت من قول الشيخ حفظه الله وبارك الله فيه .
وجزاكم الله خيرا على كل موضوع .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته.

وإياكم، وفيكم بارك الله ابنتي الحبيبــــة " أم خديجــــــة الأثريــــــة " حيــــّـــاك الله وبيــــّــــاك وسدّد على دروب
الخير والهدى والتقى خطـــــاك.

وأنا كذلك عجبت لما تفضلتما به حفظكما الله وبارك فيكما، - للأسف تفوتني أحيانًا بعض البرامج الطيبــــة -، وإن شاء الله - تعالى - نجد الرد على ذلك قريبًا من فضيلـــــة الشيخ حفظه الله - تعالى -.

أسأل الله - تعالى - أن ينير أبصارنا وبصائرنا، وعلى الحق والتوحيد يوحّــــد كلمتنا، وأن يوفقنــــنا إلى ما يحبّ ويرضى، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.