ما وجه خطأ من قال: إن طريقة السلف أســـلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم، وما مضمون مقالته

[محمد أبو عبدالله السلفي]

إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه بمنزلة الأميين الذين قال الله تعالى فيهم " ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني" وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المعروفة عن حقائها بأنواع المجازات وغرائب اللغات.
فهذا الظن الفاســـد أوجب تلك المقالات التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر، وقد كذبوا على طريقة الســـلف، وضلوا في تصويب طريقة الخلف فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم، وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف، ويرد عليهم من وجوه.

أولاً: ظهور جهالة قول الخلف وضلاله عند تدبره وقول الواقف على نهاية أقدامهم بما انتهى إليه أمرهم قال الشهرستاني في أول كتابه لما قال قد أشار إلى من إشارته غُنم وطاعتُه حَتمْ أن أجمع له من مشكلات الأصول ما أشكل على ذوي العقولِ ولعلهُ استسمنَ ذاورَمَ ونفخ في غَيرِ خرم.

لعمرى لقد طفتُ المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالِم
فلم أرى إلا واضعاً كَفّ حائرٍ على ذقـن أو قارعاً سـِنّ نادمِ

وقال القشيري:

تجاوز حد الأكثرين إلى العلا وسافرت واستَسبْقَْتُهم في المفاوزِ
وخُضْتُ بحاراً ليس يُدرك قَعْرهُاَ وسَـــــيرتُ طَرفي في قسيم المفاوزِ
ولجّجْتُ بالأفكار ثم تراجع اخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــْتي اري إلى استحسان دين العجائزِ

وقال الفخر الرازي:

نـهايـة أقدام العقـول عقـال وأكثر ســعى العالمين ضلالُ
وأروحنا في وحشةٍ من جسومنا وغـــاية دنيانا أذى ووبـالُ
ولم نستفد من بحثنا طول عُمْرنا ِسـوَى أنْ جَمعْنَا فيه قال وقالُ

وقال:
لعمري وما أدري وقد أذن البلى بعاجل ترحال إلى أين ترحالي


ثانياً: وقول الآخر لقد خضت البحر الخضم وتركت أهلَ الإسلامِ وعلومهم وخضتُ في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لفلان وها أنا أموتُ على عقيدة أمي، ويقول الآخر أكثر الناس شكا عند الموت أصحاب الكلام.

ثالثاً: إن هؤلاء المتكلمين المخالفين للســـلف إذا حق عليهم الأمر لا يوجد عندهم من حقيقة العلم بالله وخالص المعرفة خبر ولا وقفوا من ذلك على عين ولا أثر.

رابعاً: يستحيل أن يكون أولئك الحيارى المنهوكون أعلم بالله واسـمائه وصفاته وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبوعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل وأعلام الهدى؟


من كتاب: {الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسيطة}
تـألـيـــف: عبدالعزيز المحمد السلمان