أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
56367 81299

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-30-2009, 04:44 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي حقيقة الخسوف والكسوف وسببهما الشرعي والحسي

بسم الله الرحمن الرحيم



سئل الشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-:
ما حقيقة حدوث الخسوف والكسوف حيث يوجد في بعض الكتب أن الخسوف يحدث لوقوع الأرض بين القمر والشمس؟

فأجاب:

هذه [حقيقة] محسوسة؛ يعني أن:

الكسوف -وهو اختفاء بعض ضوء الشمس؛ أي: بعض جرمها- يكون سببه الحسي أن يحول القمر بين الشمس والأرض؛ ولهذا لا يقع الكسوف إلا في آخر الشَّهر؛ حيث يمكن أن يَحول القمر بين الشمس والأرض.

أما الخسوف -خسوف القمر-؛ فإن سببه الحسي: أن تَحول الأرض بين القمر وبين الشمس؛ ولهذا لا يقع إلا في تمام المواجهة بين القمر والشمس؛ وذلك في ليالي الإبدار.

فلا يمكن كسوف الشمس في نصف الشهر ولا في أول الشهر، ولا يمكن خسوف القمر في أول الشهر و[لا] في [وسط] الشهر.

وهذه ظاهرة كونية معلومة؛ حتى إن العلماء السابقين -رحمهم الله- تحدثوا عنها؛ كشيخ الإسلام ابن تيميه وغيره.

وهذا لا ينافي ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن الله -تعالى- يخوِّف عباده بالخسوف والكسوف؛ لأن الله -تعالى- يخوف العباد بأمر سببه حسي -ولا مانع-؛ كما أن قواصف الرعد والصواعق لها سبب حسي، ومع ذلك يخوف الله به العباد؛ كما قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ}.
فالأمر الحسي لا يُنافي الحِكمة من إيجاده.

ولكن:

كوننا نبسط القول في هذا للناس، حتى يظنوا أنه أمر عادي لا يَفزعون عند الكسوف ولا عند الخسوف؛ هذا هو الذي ينبغي أن يتجنبه الإنسان، وأن لا يتحدث به بين العامة؛ لأن العامي يضيق قلبُه أن يجمع بين السببين -الشرعي والحسي-.


نقلته من موقع الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-.
ومصدرها: برنامج " نور على الدرب "، الشريط: (328- أ)، بعد الدقيقة الثامنة.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-30-2009, 05:52 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

شكر الله لك أختي الحبيبة " أم زيد " وبارك فيك ولك وعليك.

ورحم الله شيخنا الفاضل " ابن عثيمين " وجعل الفردوس الأعلى مأواه.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-30-2009, 06:27 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

قال -أيضًا-رحمه الله- في "الشرح الممتع" (5/174-176) مفصِّلاً السبب الحسي في حدوث الكسوف والخسوف:

(( فسبب كسوف الشمس أن القمر يحول بينها وبين الأرض فيحجبها عن الأرض، إما كلها أو بعضها، لكن لا يمكن أن يحجب القمرُ الشمسَ عن جميع الأرض؛ لأنه أصغر منها، حتى لو كسفها عن بقعة على قدر مساحة القمر لم يحجبها عن البقعة الأخرى؛ لأنها أرفع منه بكثير، ولذلك لا يمكن أن يكون الكسوف كلياً في الشمس في جميع أقطار الدنيا أبداً، إنما يكون في موضع معين، مساحته بقدر مساحة القمر.

وإذا قلنا بهذا القول المحقق المتيقن: إنَّ سبب كسوف الشمس هو حيلولة القمر بينها وبين الأرض تبيّن أنه لا يمكن الكسوف في اليوم السابع أو الثامن أو التاسع أو العاشر لبعد القمر عن الشمس في هذه الأيام، إنما يقرب منها في آخر الشهر.

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: لا يمكن أن تكسف الشمس إلا في التاسع والعشرين أو الثلاثين أو آخر الثامن والعشرين؛ لأنه هو الذي يمكن أن يكون القمر فيه قريباً من الشمس فيحول بينها وبين الأرض.

كذلك القمر سبب كسوفه حيلولة الأرض بينه وبين الشمس؛ لأن القمر يستمد نوره من الشمس كالمرآة أمام القنديل.

فالمرآة أمام القنديل يكون فيها إضاءة نور، لكن لو أطفأت القنديل أصبحت ظلمة، ولهذا سمى الله القمر نوراً، فقال عزّ وجل: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: 61]، وقال تعالى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: 16]، وعلى هذا التقدير الواقعي لا يمكن أن يكسف القمر في الليلة العاشرة، أو الثامنة، أو التاسعة، أو الحادية عشرة، أو السابعة عشرة، أو العشرين، أو الخامسة والعشرين، أو السابعة والعشرين، فلا يمكن أن يكسف إلا في ليالي الإبدار أي: الرابعة عشرة، والخامسة عشرة؛ لأنها هي الليالي التي يمكن أن تحول الأرض بينه وبين الشمس؛ لأنه في جهة والشمس في جهة، فهو في جهة الشرق، والشمس في جهة الغرب فيمكن أن تحول الأرض بينهما وحينئذٍ ينكسف القمر، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} [الإسراء: 12].

فالشمس منيرة مبصرة بنفسها، وآية الليل القمر ممحو ليس فيه نور... )).
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-30-2009, 07:11 PM
أم جنادة السرعاوي أم جنادة السرعاوي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 144
افتراضي

جزاك الله خيرا أختنا الكريمة " أم زيد " وبارك الله فيك وفي علمك
__________________
عن أم الدرداء قالت : لقد طلبت العبادة في كل شيء ، فما أصبت شيء أشفى من مجالسة العلماء ومذاكرتهم " تهذيب الكمال: 35/ 355.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-30-2009, 11:36 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

جزاكما الله خيرًا أختيَّ الكريمتين وبارك فيكما، سرني مروركما الكريم.


ثم ذكر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- السبب الشرعي؛ فقال في "الشرح الممتع" (5/176-179):

(( لكن هناك سبب شرعي لا يعلم إلا عن طريق الوحي، ويجهله أكثر الفلكيين ومن سار على منهاجهم.

والسبب الشرعي: هو تخويف الله لعباده، كما ثبت ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإنما يخوف الله بهما عباده»؛ ولهذا أمرنا بالصلاة والدعاء والذكر وغير ذلك -كما سيأتي إن شاء الله-.

فهذا السبب الشرعي هو الذي يفيد العباد؛ ليرجعوا إلى الله.

أما السبب الحسي: فليس ذا فائدة كبيرة؛ ولهذا لم يبينه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو كان فيه فائدة كبيرة للناس لبيّنه عن طريق الوحي؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يعلم سبب الكسوف الحسي، ولكن لا حاجة لنا به، ومثل هذه الأمور الحسية يكل الله أمر معرفتها إلى الناس، وإلى تجاربهم حتى يدركوا ما أودع الله في هذا الكون من الآيات الباهرة بأنفسهم.

أما الأسباب الشرعية، أو الأمور الشرعية التي لا يمكن أن تدركها العقول ولا الحواس-؛ فهي التي يبيّنها الله للعباد.

فإن قال قائل: كيف يجتمع السبب الحسي والشرعي، ويكون الحسي معلومًا معروفًا للناس قبل أن يقع، والشرعي معلوم بطريق الوحي، فكيف يمكن أن نجمع بينهما؟

فالجواب:

أن لا تنافي بينهما؛ لأن الأمور العظيمة كالخسف بالأرض، والزلازل، والصواعق، وشبهها التي يحس الناس بضررها، وأنها عقوبة، لها أسباب طبيعية، يقدرها الله حتى تكون المسببات، وتكون الحكمة من ذلك هي تخويف العباد، فالزلازل لها أسباب، والصواعق لها أسباب، والبراكين لها أسباب، والعواصف لها أسباب، لكن يقدر الله هذه الأسباب من أجل استقامة الناس على دين الله. قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].

ولكن:

تضيق قلوب كثير من الناس عن الجمع بين السبب الحسي والسبب الشرعي، وأكثر الناس أصحاب ظواهر لا يعتبرون إلا بالشيء الظاهر!

ولهذا تجد الكسوف والخسوف لما علم الناس أسبابهما الحسية ضعف أمرهما في قلوب الناس حتى كأنه صار أمرًا عاديًا!

ونحن نَذْكُر قبل أن نعلم بهذه الأمور أنه إذا حصل الكسوف رعب الناس رعبًا شديدًا، وصاروا يبكون بكاءً شديدًا، ويذهبون إلى المساجد خائفين مذعورين، كما وقع ذلك للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما كسفت الشمس أول مرة في عهده، وكان ذلك بعد أن ارتفعت بمقدار رُمح بعد طلوعها، وأظلمت الدنيا، ففزع الناس، وفزع النبي -عليه الصلاة والسلام- فزعًا عظيمًا، حتى إنه أدرك بردائه؛ أي: من شدة فزعه قام بالإزار قاصدًا المسجد حتى تبعوه بالرداء، فارتدى به، وجعل يجره؛ أي: لم يستقر ليوازن الرداء من شدة فزعه، وأمر أن ينادى: (الصلاة جامعة)؛ من أجل أن يجتمع الناس كلهم. فاجتمعت الأمة من رجال ونساء، وصلى بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة لا نظير لها؛ لأنها لآية لا نظير لها.

آية شرعية لآية كونية، أطال فيها إطالة عظيمة، حتى إن بعض الصحابة -مع نشاطهم وقوتهم ورغبتهم في الخير- تعبوا تعبًا شديدًا من طول قيامه -عليه الصلاة والسلام-، وركع ركوعًا طويلًا، وكذلك السجود، فصلى صلاة عظيمة، والناس يبكون يفزعون إلى الله، وعرضت على النبي -عليه الصلاة والسلام- الجنة والنار في هذا المقام، يقول: «فلم أرَ يومًا قط أفظع من هذا اليوم»؛ حيث عرضت النار عليه حتى صارت قريبة فتنحى عنها؛ أي: رجع القهقهرى خوفًا من لفحها.

سبحان الله! فالأمر عظيم! أمر الكسوف ليس بالأمر الهين، كما يتصوره الناس اليوم، وكما يصوِّره أعداء المسلمين حتى تبقى قلوب المسلمين كالحجارة، أو أشد قسوة -والعياذ بالله-.

يكسف القمر أو الشمس والناس في دنياهم، فالأغاني تسمع، وكل شيء على ما هو عليه لا تجد إلا الشباب المقبل على دين الله أو بعض الشيوخ والعجائز، وإلا فالناس سادرون لاهُون، ولهذا لا يتعظ الناس بهذا الكسوف لا بالشمس ولا بالقمر مع أنه أمرٌ هام، ويجب الاهتمام به!


مسألة: هل من الأفضل أن يخبر الناس به قبل أن يقع؟

الجواب:

لا شك أن إتيانه بغتة أشد وقعًا في النفوس، وإذا تحدث الناس عنه قبل وقوعه، وتروضت النفوس له، واستعدت له صار كأنه أمر طبيعي، كأنها صلاة عيد يجتمع الناس لها.

ولهذا لا تجد في الإخبار به فائدة إطلاقًا بل هو إلى المضرة أقرب منه إلى الفائدة.

ولو قال قائل: ألا نخبر الناس ليستعدوا لهذا الشيء؟

فالجواب:

نقول: لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا؛ بل إذا وقع ورأيناه بأعيننا؛ فحينئذٍ نفعل ما أمرنا به.

مسألة:

إذا قال الفلكيون: إنه سيقع كسوف أو خسوف فلا نصلي حتى نراه رؤية عادية؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رأيتم ذلك فصلوا».

أما إذا منّ الله علينا بأن صار لا يُرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات؛ فلا نصلي )).
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-03-2011, 09:02 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

وإتمامًا للفائدة: أنقل مسائل هامَّة متعلقة بصلاة الكسوف والخسوف، من "بغية المتطوِّع":
* حُكم صلاة الكسوف والخسوف:
صلاة الكسوف والخسوف سُنَّة مؤكَّدة، يُستحب للمسلم فعلها استحبابًا مؤكَّدًا.
ويدل على هذا:
ما جاء عن عائشة -رضيَ اللهُ عنها- أنها قالت: خسفت الشَّمسُ في عهد رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فصلَّى رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلم- بالنَّاس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام -وهو دون القيام الأوَّل-، ثم ركع فأطال الرُّكوع -وهو دون الرُّكوع الأوَّل-، ثم سجد فأطال السُّجود، ثم فعل في الرَّكعة الثَّانية مثلَ ما فعل في الأولى، ثم انصرفَ وقد انجلتِ الشَّمسُ، فخطب النَّاسَ، فحمدَ الله وأثنى عليهِ، ثم قال:
" إن الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يَنخسِفان لِموتِ أحدٍ ولا لِحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك؛ فادعوا اللهَ، وكبِّروا، وصَلُّوا، وتصدَّقوا ".
ثم قال:
" يا أمَّة محمَّد! واللهِ؛ ما مِن أحدٍ أغيَر من الله أن يزني عبدُه أو تزني أمَتُه، يا أمَّة محمَّد! لو تعلمون ما أعلمُ؛ لضحِكتُم قليلًا، ولبَكيتُم كثيرًا ". أخرجُه الشَّيخان.
قلتُ [أي المصنِّف]: ووجه دلالة الحديث أن الأمرَ بالصَّلاة جاء مقرونًا بالأمرِ بالتَّكبير والدُّعاء والصَّدقة، ولا قائل بوُجوب الصَّدقة والتَّكبير والدُّعاء عند الكسوف، فالأمر فيها للاستحباب إجماعًا، فكذا الأمر في الصَّلاة المُقترن بها.
والله الموفِّق.

* صفة صلاة الكُسوف وعدد ركعاتها:
- المسألة [الأولى]: لا أذان ولا إقامةَ لصلاةِ الكُسوف:
اتَّفق العلماء على أنَّه لا يؤذن لصلاة الكُسوف ولا يُقام، والمُستحب أن يُنادَى لها بـ(الصَّلاة جامعة).
دليل ذلك ما ثبت عن عبدِ الله بن عمروٍ -رضيَ الله عنهما- قال: " لمَّا كسفت الشَّمسُ على عهد رسولِ الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- نودِيَ: إنَّ الصَّلاة جامعة ". أخرجه الشَّيخان.

- المسألة الثَّانية: عددُ ركعات صلاةِ الكُسوف:
تُصلَّى صلاةُ الكُسوف ركعَتَين برُكوعَين.
والدَّليل على ذلك: ما تقدَّم من حديث عائشة -رضيَ اللهُ عنها-، وكذلك ما جاء عن عبدِ الله بن عبَّاس؛ قال: " انخسفت الشَّمس على عهد رسولِ الله -صلى اللهُ عليهِ وسلم-، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا -وهو دون القيام الأول-، ثم ركع ركوعًا طويلًا -وهو دون الرُّكوع الأول-، ثم سجد، ثم قام [قيامًا] طويلًا -وهو دون القيام الأوَّل-، ثم ركع ركوعًا طويلًا -وهو دون الرُّكوع الأوَّل-، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا -وهو دون القيام الأوَّل-، ثم ركع ركوعًا طويلًا -وهو دون الرُّكوع الأول-، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلَّت الشَّمس، فقال -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-: " إنَّ الشَّمسَ والقَمر آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يخسِفان لِموتِ أحدٍ ولا لِحياتِه، فإذا رأيتم ذلك؛ فاذكُروا اللهَ ".
قالوا: يا رسول الله! رأيناكَ تناولتَ شيئًا في مقامك، ثم رأيناكَ كعكعتَ؟
قال -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-: " إنِّي رأيتُ الجنَّةَ، فتناولتُ عنقودًا، ولو أصبتُه؛ لأكلتُم منه ما بقيتِ الدُّنيا، ورأيتُ النَّار، فلم أرَ منظرًا كاليوم قطُّ أفظع، ورأيتُ أكثر أهلِها النِّساء ".
قالوا: بم يا رسول الله؟
قال: " بِكُفرِهِنَّ ".
قالوا: بم يا رسول الله؟ قيل: يَكفُرن بالله؟
قال: " يَكفرنَ العَشيرَ، ويَكفُرنَ الإحسان؛ لو أحسنتَ إلى إحداهُنَّ الدَّهرَ كلَّه، ثم رأتْ منكَ شيئًا؛ قالتْ: ما رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ ". أخرجه الشَّيخان.
* فـائـدة:
في حديث عائشة وابن عبَّاس دلالة على استِحباب الخطبة في الكُسوف بعد الصَّلاة.

- المسألة الثالثة: يجهر في القراءة في صلاة الكسوف:
والقراءة في صلاة الكُسوف جهريَّة؛ كما فعل النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلم-.
عن عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها-: " جهر النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلم- في صلاة الخسوف بقراءتِه، فإذا فرغ من قراءتِه؛ كبَّر فركع، وإذا رفع من الرَّكعة؛ قال: سمعَ الله لمَن حمدَه، ربَّنا ولك الحمد، ثم يُعاودُ القراءة في صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتَين وأربع سجدات ". أخرجه الشَّيخان.
قال التِّرمذيُّ -رحمَهُ اللهُ-: " واختلفَ أهلُ العلم في القراءةِ في صلاةِ الكسوف: فرأى بعضُ أهل العلم أن يُسَر بالقراءة فيها بالنَّهار، ورأى بعضُهم أن يجهر بالقراءة فيها؛ كنحو صلاةِ العيدَين والجمعة، وبه يقول مالك وأحمد وإسحاق؛ يَرَون الجهر فيها، وقال الشافعي: لا يجهر فيها " اهـ.
قلتُ [أي: المصنِّف]: ما وافقَ الحديثَ؛ هو المعتمد، وبالله التَّوفيق.

- المسألة الرَّابعة: تصلَّى جماعةً في المسجد:
السُّنَّة في صلاة الكسوف أن تُصلَّى جماعة في المسجد، ويدل على ذلك الأمور التَّالية:
1- ما سبق مِن مشروعيَّة النِّداء لصلاةِ الكسوف بـ (الصَّلاة جامعة).
2- ما ورد مِن أن بعضَ الصحابة صلَّاها جماعة في المسجد.
3- ما أشعرتْ به الرِّوايتان السَّابقتان مِن حديث عائشة وابن عبَّاس -رضيَ اللهُ عنهم- مِن أنَّ الرَّسول -صلَّى اللهُ عليهِ وسلم- صلَّاها جماعة في المسجد؛ بل في رواية لحديث عائشة -المتقدِّم-؛ قالت: " خسفت الشَّمسُ في حياة رسول الله، فخرج رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلم- إلى المسجد، فقام وكبَّر وصفَّ النَّاس وراءَه... ".

- المسألة الخامسة: إذا فاتَه ركوع من الرُّكوعَين في الرَّكعة:
صلاة الكسوف ركعتان، كل ركعة برُكوعَين وسجدَتَين؛ فمُجمَل الصَّلاة: أربع ركوعات وأربع سجدات في ركعتَين.
ومَن أدرك الرُّكوع الثَّاني في الرَّكعة الأولى؛ فاته فيها قيام وقراءة وركوع؛ وبناءً عليه: لا يكونُ قد جاء بركعةٍ من ركعتي صلاة الكسوف؛ فلا يعتد بهذه الركعة، وعليه -بعد سلام الإمام- أن يأتي بركعة بركوعَين على ما ثبت في الأحاديث الصَّحيحة. والله [أعلم].
والدَّليل عليه: قولُه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلم-: " مَن عمِل عمَلًا ليس عليهِ أمرُنا؛ فهو ردٌّ ". متفق عليه.
وليس مِن أمرِ الرَّسول -صلَّى اللهُ عليهِ وسلم- صلاة ركعة من صلاةِ الكسوف برُكوع واحد. والله أعلم.

* صلاة كسوف القمرِ كصلاةِ خسوف الشَّمس:
يصلَّى لكسوف القمر كما يُصلَّى لخسوف الشَّمس.
والدَّليل: قولُه -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-: " « إنَّ الشَّمسَ والقَمَر آيتان مِن آياتِ اللهِ لا يَنخَسِفان لِمَوتِ أحدٍ ولا لِحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك؛ فادعُوا اللهَ، وكبِّروا، وصَلُّوا، وتصدَّقوا ». أخرجَه الشَّيخان.
قلتُ [أي: المصنِّف]: فالرَّسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- صلَّى لخسوف الشَّمس، وأمرَنا أن نصنع مثل ذلك في كسوفِ القمر، وهذا ظاهرٌ بيِّن. والله أعلم.
قال ابن المنذر: " ويصلَّى لكسوفِ القمر كما يُصلَّى لخسوف الشَّمس " اهـ.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-04-2011, 11:07 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي أم زيد على هذا الجمع الطيب وما حوى من فوائد قيمة ، وجعل ما تكتبين في ميزان حسناتك .
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-04-2011, 01:00 PM
ام عباده ام عباده غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: الاردن
المشاركات: 196
افتراضي

جزاك الله خيرا اختي الفاضلة ام زيد وبارك الله فيك
__________________
تَفنى اللَذاذَةُ مِمَّن نالَ صَفوَتَها
مِنَ الحَرامِ وَيَبقى الإِثمُ وَالعارُ

تُبقي عَواقِبَ سوءٍ في مَغَبَّتِها
لا خَيرَ في لَذَةٍ مِن بَعدِها النارُ
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-09-2011, 06:37 PM
أم أروى أم أروى غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 35
افتراضي رد على الموضوع

اختي في الله أم زيد بارك الله فيك على هذه الفوائد القيمه ونفعنا الله بها' جزاك الله خيرا.

اختكم في الله ام اروى.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 06-15-2011, 04:19 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اقتباس:
مسألة: هل مِن الأفضل أن يُخبَر النَّاس به قبل أن يَقَع؟
الجواب:
لا شكَّ أن إتيانَه بَغتةً أشدُّ وقعًا في النُّفوس، وإذا تحدَّث الناس عنه قبل وقوعه، وتروضت النُّفوس له، واستعدَّت له صار كأنه أمرٌ طَبيعيٌّ؛ كأنها صلاةُ عيدٍ يَجتمع النَّاسُ لها!!
ولهذا: لا تجدُ في الإخبارِ بهِ فائدةً إطلاقًا؛ بل هو إلى المَضرَّةِ أقربُ منه إلى الفائدة.
ولو قالَ قائلٌ: ألا نُخبرُ النَّاس لِيستَعدُّوا لهذا الشَّيءِ؟
فالجواب:
نقولُ: لا تتمنَّوا لقاءَ العدو، واسألوا اللهَ العافية، فإذا لقيتموهُم؛ فاصبِروا؛ بل: إذا وقع وَرأيناه بأعيُننا؛ فحينئذٍ نفعلُ ما أُمِرنا به.



..................
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.