أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
58652 74378

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-13-2012, 02:50 PM
أبو عبد المالك 1 أبو عبد المالك 1 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 144
افتراضي فقه العجز - للشيخ مختار الطيباوي

فقه العجز

الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيَّ بعده.
أما بعد؛لقد داست الأمة على علمائها و استحقرتهم فهم بين طاعن فيهم وبين مستقل مستحقر لإيمانهم وعلمهم حتى رأى الغر أنه أقوم بالدين منهم ،وأمة طلع فيها قرن الرويبضة وساقها الأغمار وأهل التهوُّر ممن يعيشون في أوهام حيث ما حل فكرهم ببلد ضاع،لا اعرف بلد من بلدان المسلمين رفعت لهم فيه راية إلا سقط في دوامة فتنة لا نهاية لها.
عوام يذمون الحكام بما فيهم،وحكام يذمون العوام بما فيهم،و العلماء وسطهم كالأطرش في الزفة، و اليتيم في مأدبة اللئام.
إن عقيدة أهل السنة ليست غضبا لانتهاك الحرمات و المقدسات فقط ولكنها أيضا عقيدة في القدر و القدرة و الاستطاعة فعلى هذه العقيدة بنيت شروط التكليف وبه قامت الواجبات أو سقطت وكل واجب معجوز عنه ساقط الوجوب،وكل ما مآله إضعاف الأمة فهو أشد حرمة.
وكما قال الشاعر:
لا تضجرنّ ولا تدخلك معجزة ... فالنجح يهلك بين العجز والضجر
فالشريعة تفرق بين عجز مقرون بنية الفعل و عجز معدوم من نية الفعل،الأول يرفع التكليف ويفتح باب البديل و الثاني يثبت اللوم ولا يرفعه.
فما مع العجز لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها،وما عجزوا عنه سقط وجوبه ،لأن مبنى الشريعة على الفرق بين حال القدرة و حال العجز،و العجز نوعان: عجز حقيقي كما هو حال الأمة الآن فإن سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر يوجب القتل في شريعة الإسلام الذي يباشر الإمام وليس عوام الناس، ولكن قتل من سب وليس الأبرياء أو من لا علاقة له به
و النوع الثاني: العجز الذي يقصد به المشقَّة العظيمة ، و الراجح من أقوال أهل العلم أنهما يرفعان التكليف و الوجوب بدون فرق.
و المسلمين اليوم بين رجل لا يعرف مقام النبوة وما يجب له وهذا عدم علم وبين عاجز عن استيفاء الحق فالأول عدم علم يؤثر في الأحكام ظاهرا لا باطنا و الثاني عجز يؤثر فيها باطنا وظاهرا.
و إذا كان من المتفق عليه عند أهل العلم أنه لا يجوز للعامي أن يقدم على فعل لا يعلم جوازه ويفسق به إن كان مما يفسق عند كثير من العلماء لم يجز لأمة راشدة أدبها الدعاة و تعرف شريعتها أن تصدر بدون رأي كبار العلماء ،فإن هذه القضايا لا يقبل فيها رأي صغار العلماء ممن لم يثبت رسوخه وثباته في العلم ،لأن هذه القضايا لا تحتاج فقط إلى العلم كما قد يبدو للشباب ولكن إلى علم وحكمة و تجربة .
إن إظهار الدين و الدفاع عن المقدسات واجب شرعي ولكنه في الوقت نفسه يتوقف على القدرة و المصلحة المرجوة وكما قال العلماء : كل جناية وجب تطهير الأرض منها تكون بحسب القدرة ومن هنا فإن مهادنة الكافر المعجوز عنه حكم شرعي صحيح.
وكلنا يعلم ضعف الأمة في جميع المجالات بل تسميتها بالأمة فيه بعض المبالغة إذا قصدنا وحدة الصف وهي ليست ضعيفة في مقابل الكفر فقط بل ضعيفة في ذاتها وفي شخصيتها وفي دينها أقصد ضعيفة في موجبات القوة الداخلية فما بالك بالقوة الخارجية ومن ضعفها التصرفات غير المحسوبة وخروج العوام عن طاعة العلماء والتمسك بما لا يجدي من الوسائل و الذي قصده من يستفزها لأنه يعلم أنها ستزداد ضعفا بهذه الوسائل وستمكن أعدائها منها أكثر مما هي عليه ، و العجيب أن الشرير راشد في تصرفاته يحقق بها مقصده و الخير طائش في رد فعله .
جاء في (سنن أبي داود) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجلين اختصما فقال المقضي عليه : حسبي الله ونعم الوكيل،فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس،فإذا أحزنك أمر فقل حسبي الله و نعم الوكيل))
و معنى الحديث أن الله يلوم على العجز الذي هو ضد الكيس وهو التفريط فيما نؤمر بفعله أي لا ينافي عدم القدرة المقارنة للفعل، فمن العجز الذي نؤاخذ به أن لا يكون للمسلمين رد فعل وتصرف سياسي وثقافي مضبوط بتوجيهات العلماء ومن العجز لا أن يغضب المسلم في نفسه وأن لا يحزن على سب نبيه صلى الله عليه وسلم ولكنه كذلك ليس من الكيس توريط بلداننا و قتل الأبرياء وسفك دماء المعاهدين وقد علمت أن أحدهم بال على الانجيل وهذا و العياذ بالله عقوبته شديدة فإنه بال على كلام الله الذي تضمنه الإنجيل وقد شدد العلماء الوعيد في من يهين الكتب المنزلة ولو كانت محرفة.
و الناس في هذا الباب الخطير على أربعة أقسام كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :
1 ـ قسم نظر إلى الأمر و النهي و العبادة و الطاعة شاهدين ألوهية الله الذي أمروا أن يعبدون ولم ينظروا إلى جانب القضاء و القدر و التوكل و الاستعانة فمع حسن قصدهم وتعظيمهم لحرمات الله و شعائره يغلب عليهم الضعف و العجز و الخذلان ولم يدركوا أن الاستعانة بالله و التوكل عليه و اللجأ إليه و الدعاء له هي التي تقوي العبد و تيسر عليه الأمور فمن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ،وعلى المسلم أن يكون كنبيه صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن ابن عمر:
((صفته فِي التَّوْرَاة إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وحرزا للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَة وَيغْفر وَلنْ أقبضهُ حَتَّى اقيم بِهِ الْملَّة العوجاء فأفتح بك أعينا عميا وآذانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا بِأَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله)).
وما قدر حملة العرش على حمله إلا بقولهم : لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها قول الأقوياء وليست ذكر الضعفاء ،فالصخب و الفظاظة ورفع الأصوات و قتل الأبرياء و تحطيم الممتلكات ليست من ديننا ولا من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم.
2 ـ قسم يشهدون ربوبية الحق و افتقارهم إليه ويستعينون بها على اهوائهم و أذواقهم غير ناظرين إلى حقيقة أمره و نهيه ورضاه و غضبه ومحبته ،وهذا حال الصوفية يعملون على الأحوال ليتصرفون بها في الوجود لا يقصدون بها ما يرضي الله فيظنون معصيته هي مرضاته ويعطلون الأمر و النهي و يظنون الحقيقة الكونية أنها دينية فيحتجون بالقدر ولا ينازعونه بالمر و النهي وعاقبتهم إلى غير تقوى إلا من رحم الله.
3 ـ وقسم أعرض عن عبادة الله و استعانته فهؤلاء شر الأقسام .
4 ـ وهو القسم الذي حقق إياك نعبد و إياك نستعين قال عنهم صاحب هذا التقسيم:
(( فاستعانوا بِهِ على طَاعَته وشهدوا أَنه إلههم الَّذِي لَا يجوز أَن يعبدوا إِلَّا إِيَّاه وَطَاعَة رَسُوله وَأَنه رَبهم الَّذِي لَيْسَ لَهُم من دونه ولي وَلَا شَفِيع وَأَنه { مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا وَمَا يمسك فَلَا مُرْسل لَهُ من بعده} ،{ وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله}، { قل أَفَرَأَيْتُم مَا تدعون من دون الله إِن أرادني الله بضر هَل هن كاشفات ضره أَو أرادني برحمة هَل هن ممسكات رَحمته}.
وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَة من الْعلمَاء: الِالْتِفَات إِلَى الْأَسْبَاب شرك فِي التَّوْحِيد ومحو الْأَسْبَاب أَن تكون أسبابا نقص فِي الْعقل والإعراض عَن الْأَسْبَاب بِالْكُلِّيَّةِ قدح فِي الشَّرْع وَإِنَّمَا التَّوَكُّل الْمَأْمُور بِهِ مَا يجْتَمع فِيهِ مقتضي التَّوْحِيد وَالْعقل وَالشَّرْع.))
صدق والله أعرضنا عن الأسباب الأصلية "قوة الأمة المعنوية و المادية" و قصَّرنا في معرفة الأسباب الصحيحة لمقاومة هذه الأفعال .
وفي حديث ابن مسعود عند مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما تعدون الرقوب فيكم؟ قالوا: الرقوب الذي لا يولد له، قال: ليس ذلك بالرقوب! ولكن الرقوب الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا، ثم قال: ما تعدون الصرعة فيكم؟ قلنا: الذي لا تصرعه الرجال فقال: ليس بذلك ولكن الصرعة الذي يملك نفسه عند الغضب)).
فعلينا بالصبر عند المصيبة وهذه و الله مصيبة عظيمة كما علينا بالصبر عند الغضب فلا نفعل إلا ما تقره الشريعة ويرضاه الله ،قال الله تعالى في المصيبة: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
وقال الله تعالى في الغضب: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}
فلا يظن المسلم أن القعود عن مثل هذه الأفعال لهذه الأسباب ينقص من أجره أو إيمانه فإن الله فرَّق في كتابه بين القاعدين غير أولي الضرر و المجاهدين في سبيله باستثناء القاعدين من أولي الضرر مما يعني أن لهم نفس أجر المجاهدين وهذا دلت عليه نصوص أخرى كثيرة.
و المقصود من كانت له قدرة على دفع هذا المكروه بمنصبه و علمه فهو مأجور ومن لم يقدر على هذا المستوى من التصرُّف فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولا يزيد في ضعف هذه الأمة و مصائبها.
فإن العجز مع النية الفعل صحيح بخلاف العجز مع عدم النية على الفعل،ومن لم يمنعه من نصرة النبي صلى الله عليه وسلم إلا العجز فلا بد له أن يفعل ما يقدر عليه من مقدمات هذا النصر لكن بشرطه وضابطه ومقدمات الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم ،حبه و اتباعه و الدعوة إلى حبه و اتباعه وطلب القوة المادية بالحرص على التعليم المادي و الحفاظ على المسلمين وعدم تفريقهم و تحميلهم ويلات الأفعال و طاعة العلماء و عدم التقدم عليهم في المواقف وترك ما للعلماء و الساسة و المثقفين و الإعلاميين وعدم الانحشار فيه.
إننا كثيرا ما لا نفرق بين المواقف فلا نفرق بين إقامة الدين بحسب الإمكان و الانتصار وبين حالة العجز التي توجب أن يمسك النفس عن المعجوز عنه من الانتصار و الصبر على البلاء من غير منافقة لكافر أو منافق أو مبتدع لكن بالمداراة .
هذه وجهة نظر ، و الأمر للعلماء.

http://www.facebook.com/mkhtar.altyb...43503595741951
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-14-2012, 07:22 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

بوركتم أستاذنا مختار طيباوي ..
هذا هو المطلوةب بدقّة .
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:37 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.