بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
جَـامِـعُ المَنـاسِـكِ (*)
[محاضرة مفرَّغة]
لفضيلةِ الشَّيخ
سلطانِ بن عبد الرَّحمنِ العيد
-حفظه اللهُ-
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسَلين، نَبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِه، وصحبِه -أجمعين-.
أمَّا بعدُ:
فهذه كلماتٌ في بيانِ أحكامِ مَناسكِ الحجِّ والعمرةِ اختصرتُها مِن كتابي الموسومِ بـ: «جامع المناسك»؛ فأسأل اللهَ -تباركَ وتَعالَى- أن يرزقنا العلمَ النَّافعَ والعملَ الصالحَ، وأن يتقبَّلَ مِنَّا؛ إنَّه هو السميعُ العليم.
* الحجُّ المبرور:
قال رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «العُمرةُ إلى العُمرةِ كفَّارةٌ لِما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جَزاءٌ إلى الجنَّة».
وحتَّى تَكونَ عُمرتُهُ مُتقبَّلةً، وحجُّهُ مبرورًا؛ فلْيحرصْ -قبل الخروج إليهما- على ما يأتي:
أوَّلًا: أن يتخلَّص من الشِّركِ والبِدعِ؛ لأنَّ الشِّركَ مُحبطٌ للعملِ.
وممَّا يُحزِن الغيورين على الدِّين: أنَّ فئامًا مِن الحُجَّاج والمُعتمِرين قد تَلبَّسوا بِشيءٍ مِن البِدعِ والشِّركيَّاتِ؛ كـ: دُعاءِ غيرِ اللهِ، والاستِغاثة بالأمواتِ -في النَّوازِل والملمَّات-، وطلبِ المددِ منهم، وكشفِ الكُرباتِ، ويعتقدون أنَّ هؤلاء الأولياءَ والصَّالِحين -الذين غَلَوا فيهم- يُقرِّبونهم إلى اللهِ زُلفى، ويَرفعون حاجاتِهِم إلى عَلام الغُيوب! فتراهُم يَعكُفون على قُبورِهم، ويُقدِّمون إلى أضرِحتِهم ومَزاراتِهِم القرابين والنُّذور! وهذا هو اعتِقادُ المُشرِكين الذين قاتلهُم رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ كما قال ربُّنا -سُبحانهُ وتعالَى-: {وَيَعبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ ما لا يضرُّهُمْ ولا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤلاءِ شُفعاؤُنا عِندَ اللهِ}.
وبعضُهُم يَخرجُ إلى الحجِّ وا لعُمرةِ وقد وقع في السِّحرِ، والكَهانةِ، والعَرافةِ، والتَّنجيمِ، وتَعليقِ التَّمائِم والحُروزِ، والنَّذرِ لِغيرِ اللهِ -سبحانهُ وتعالَى-، وسَبِّ الدِّينِ والرَّبِّ -عند الخُصومةِ-، أو يَنفي صِفاتِ اللهِ -أو بعضَها-بالتَّأويلِ والتَّحريفِ-الذي لم يُنَزِّل اللهُ به سُلطانًا-، أو يَطعنُ في أحدٍ مِن أصحابِ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وأزواجِه الطَّاهراتِ -أمَّهاتِ المؤمنين-، أو يحلفُ بِالنَّبيِّ والوليِّ والكعبةِ والأمانةِ والجاهِ والشَّرَف ونحوِ ذلك! والحلفُ بِغير اللهِ شركٌ؛ لقولِه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «مَن حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ؛ فَقدْ كَفَرَ، أَو أَشْرَكَ».
وهذه البِدعُ والشِّركيَّاتُ والعَظائمُ مِن مَوانع قَبولِ الحجِّ والعُمرة، والواجبُ التوبةُ من ذلك كلِّه.
ثانيًا: أن يتوبَ إلى الله -سبحانهُ وتعالَى- مِن الذُّنوبِ والمعاصي؛ ليُقبَلَ حجُّه وعُمرتُه؛ فإِنَّ الله -سبحانهُ وتعالَى- يقولُ: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِن المتَّقينَ}.
ثالثًا: أن يتزوَّد لسفرِه بالتَّقوى والعملِ الصَّالح، ثم بما يكفيهِ ويُغنيه عن سُؤال النَّاس حتَّى يرجعَ إلى أهلِه، قال الله -جلَّ وعلا-: {وَتَزوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}.
رابعًا: أن يَتزوَّد بمالٍ حلالٍ، وأن يتخلَّصَ مِن المالِ الحرامِ؛ ليُقبَلَ دُعاؤُه؛ فإن اللهَ طيِّبٌ لا يَقبلُ إلا طيِّبًا.
خامِسًا: أن يُخلِصَ نِيَّتَه لله -سبحانهُ وتعالَى-؛ فلا يقصِد بِحَجِّهِ أو عُمرتهِ رياءً ولا سُمعة، أو ليُقال عنه: (الجاجُّ فلان)! ولو اتَّجر في حجِّه؛ لم يُؤثِّر في صِحَّةِ الحجِّ -والحمدُ لله-.
سادسًا: أن يتفقَّهَ ويتعلَّم أحكامَ الحجِّ والعُمرة والسَّفر -مِن: الجمعِ والقَصر، ونحوِ ذلك-، ويَسألَ عمَّا أشكلَ عليهِ مِن المناسِك.
ويُستحبُّ أن يصطحبَ كتابًا في المناسكِ واضحًا، ويُديم مطالعتَه.
سابعًا: أن يَحرِصَ -في سَفرِهِ- على مُصاحبةِ الصَّالحين، ولْيحذَرْ مُصحابةَ المفرِّطين وأهلِ الأهواءِ والبِدع.
ثامنًا: عَدمُ إيذاءِ المؤمنين ومجادلتهم بالباطِل.
يتبع إن شاء اللهُ
_______________
(*) فرغته من محاضرة صوتية (من هنـا)، وهي عبارة عن شريطين مُتوفِّرين في الموقع الرَّسمي لفضيلتِه، وأصلُهما كتاب (جامع المناسك) له -أيضًا-حفظه اللهُ ونفع به-.