أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
62925 | 62592 |
#1
|
|||
|
|||
الاعتكـــــاف وأحاديث ضعيفة وموضوعة حوله
الاعتكــــــاف وأحاديث ضعيفة وموضوعة حوله الحمد لله رب العالمين؛ والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ وعلى آله وصحبه أجمعين؛ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: قال الله - تعالى -: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنّ َوَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [سورة البقرة: 187]. كان الأمر في أول ما افتُرِضَ الصيام؛ إذا أفطر المسلمون أو صلوا العشاءَ يَحرُمُ على أحدهم إذا نام؛ الأكل والشرب والجماع إلى الليلة القابلة، فخفف الله - تعالى - عنهم ذلك بنزول هذه الآية الكريمة، وأباح لهم الأكل والشرب والجماع في ليالي رمضان كلها سواءً ناموا أم لم يَناموا، فكانت الرخصة والسعة من الله - تعالى - التي فرح المسلمون بها فرحاً شديدا. فعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: [كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار، فنام قبل أن يُفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي؛ وإن قيس بن صِرْمَة الأنصاري كان صائمًا؛ فلما حضر الإفطار أتى امرأته؛ فقال لها أعندك طعام ؟ قالت: لا؛ ولكن أنطلِقْ فَأطْلُبُ لك؛ وكان يومَه يعمل؛ فغلبته عيناه، فجاءَته امرأته؛ فلما رأته قالت: خيبة لك !، فلما انتصف النهار غَشِيَ عليه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية الكريمة: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ﴾ ففرحوا بها فرحًا شديدا، ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ ] [سورة البقرة: 187].(صحيح البخاري). ولمّا كان إباحة الأكل والشرب والوطء في ليالي الصيام، ليست إباحة عامـّــة لكل أحد، فإن الله - تعالى - استثنى المعتكف فلا يحلّ له ذلك، - لقوله - جلَّ شأنه -: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ . ودلَّت هذه الآية الكريمة على مشروعية الإعتكاف ولزوم المسجد حال الإعتكاف طاعةً لله – تعالى – وانقطاعًا إليه. الإعتكاف لغة: لزوم الشيئ، وحبس النفس عليه. يُقال: عكف بالمكان إذا أقام به. والمعكوف: المحبوس. لقوله – تعالى - ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [سورة الفتح 25]. الإعتكاف شرعًا: هو المُقامُ بالمسجد من شخصٍ مخصوصٍ على صفةٍ مخصوصة. انظر: [فتح الباري (4/ 271)] و [حلية الفقهاء ص (110)]. ولمّا كان إباحة الأكل والشراب والوطء في ليالي الصيام، ليست إباحة عامـّــة لكل أحد، فإن المعتكف لا يحلّ له ذلك، استثناه الله – تعالى - بقوله: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ . أي: وأنتم متصفون بذلك. قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: [المباشرة والملامسة والمسَّ جماع كله، ولكن الله - عز وجل - يُكنّي ما شاء بما شاء]. رواه البيهقي (4/ 321) بسند رجاله ثقات. مقصود الإعتكاف: قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه القيّم : «زاد المعاد» (2 / 86): [لمّا كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله - تعالى – متوقفاً على جمعيته على الله – تعالى -، ولمّ شعثهِ بإقباله بالكلية على الله - تعالى -، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مُخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما ييزيده شعثا، ويشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله - تعالى - أو يُضْعِفه أو يُعَوّقَه ويوقِفَه، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصّوْم ما يُذهِبُ فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المُعَوّقة له عن سيره إلى الله - تعالى -، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يَضرّهُ ولا يقطعهُ عن مصالحه العاجلة والآجلة. وشرع لهم الإعتكاف الذي مقصوده وروحه: عُكوف القلب على الله - تعالى - وجمعيته عليه، والخَلوة به، والإنقطاع عن الإشتغال بالخلق، والإشتغال به وحده - سبحانه - بحيث يصير ذكره وحُبّه والإقبال عليه في محلّ هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهمّ كلّه به، والخطرات كلها بذكره، والتفكّر في تحصيل مراضيه وما يُقرّب منه؛ فيصير أنسهُ بالله بَدَلاً عن أنْسِهِ بالخلق، فيَعُدّهُ بذلك لأنْسِهِ به يوم الوحشة في القبور حينَ لا أنيسَ له، ولا ما يُفرَحُ به سواه، فهذا مقصود الإعتكاف الأعظم]. ا هـ. يتبع - إن شاء الله تعالى -
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#2
|
|||
|
|||
الإعتكــــــاف : حكمــــه - تتمــّــة.
الإعتكــــــاف حكمــــه : سنة مستحبة، دل عليها فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لها ومداومته عليها قربةً إلى الله – تعالى –، فقد اعتكف واعتكفت أزواجه معه ومن بعده. فعن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده) (متفق عليه) أخرج البخاري (4/ 236- فتح) ومسلم (3/ 175) وهو مخرج في " الإرواء " (966) و " صحيح أبي داود " (2125). قال شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى – في كتابه القيّم (قيام رمضان) : [قلت : وفيه دليل على جواز اعتكاف النساء أيضا، ولا شك أن ذلك مقيدٌ بإذن أوليائهن بذلك، وأمْن الفتنة، والخلوه مع الرجال؛ للأدلة الكثيرة في ذلك، والقاعدة الفقهية : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح]. ا هـ. أما إذا كان نذراً فحكمه الوجوب، أي يجب الوفاء به كما نذر. قال الحافظ – رحمه الله تعالى – في الفتح (4/ 271) : [والإعتكاف ليس بواجبٍ إجماعاً إلا على من نَذَرَه]. وقال ابن المنذر– رحمه الله تعالى – في كتاب الإجماع ص (47) : [وأجمعوا على أن الإعتكاف لا يجب على الناس فرضاً، إلا أن يوجبه المرء على نفسه فيجب عليه]. يتبع - إن شاء الله تعالى -
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#3
|
|||
|
|||
الإعتكــــــاف : مشروعيته وزمانه . تتمـــّـــة
الإعتكــــــاف مشروعيته وزمانه لا خلاف في مشروعيته لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاهُ الله - عزّ وجلّ -) (متفق عليه). وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول : (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) (صحيح). قال الترمذي : وقولها يجاور يعني : يعتكف. انظر : [جامع الترمذي 3/ 158 رقم 792]. وقد ثبت عن عائشة – رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم – تَرَكَ الإعتكاف في شهر رمضان، حتى اعتكف في العشر الأول من شوال) هو جزء من حديث لعائشة ،– رضي الله عنها - رواه الشيخان. البخاري (2033) ومسلم (1173). ويشرع الإعتكاف في رمضان وغيره من أيام السنة : قال شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - في كتابه القيّم "قيام رمضان" ص (34) : [والأصل في ذلك قوله - تعالى - : {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}، مع توارد الأحاديث الصحيحة في اعتكافه - صلى الله عليه وسلم -، وتواتر الآثار عن السلف بذلك...] ا هـ. وقال - رحمه الله تعالى - أيضاً : وآكده في رمضان لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه - : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبِض فيه اعتكف عشرين يوما) رواه البخاري وابن خزيمة في " صحيحيهما "، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (2126 - 2130). وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه - قال : [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاماً حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه، قال : (من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر) قال أبو سعيد : [فمطرت السماء من تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فقال أبو سعيد : فأبصرت عيناي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين]. قال الشيخ الألباني : (صحيح). انظر : [سنن أبي داود 2/ 52 رقم 1382]. وأفضله آخر رمضان، لحديث عائشة – رضي الله عنها - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – (كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله - عز وجل -) رواه الشيخان وابن خزيمة (2223)، وهو مخرج في " الإرواء " (966) و " صحيح أبي داود " (2125) ]. ا هـ. انظر : [قيام رمضان" ص (35)]. يتبع - إن شاء الله تعالى -
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#4
|
|||
|
|||
متى يدخل المعتكف معتكفه ??
متى يدخل المُعتكِف مُعْتَكَفَه ؟؟ قال ابن حزم - رحمه الله تعالى - : [ومن نذر اعتكاف يوم أو أيام مُسماة، أو أراد ذلك تطوّعاً فإنه يدخل في اعتكافه قبل أن يتبيّنَ له طلوع الفجر، ويخرج إذا غاب جميع قرص الشمس، سواء كان ذلك في رمضان أو غيره. ومن نذر اعتكاف ليلة أو ليال مُسماة، أو أراد ذلك تطوّعاً فإنه يدخل قبل أن يتمّ غروب جميع قرص الشمس، ويخرج إذا تبيّنَ له طلوع الفجر، لأن مبدأ الليل إثر غروب الشمس، وتمامه بطلوع الفجر، ومبدأ اليوم بطلوع الفجر، وتمامه بغروب الشمس، وليس على أحد إلا ما التزم أو ما نوى]. ا هـ. انظر : [المحلّى (5/ 292) مسألة (636). قال فضيلة الشيخ العوايشة - حفظه الله تعالى - : [سألت شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - : عن قول بعض الفقهاء في دخوله المُعتَكَف قبل غروب الشمس من يوم، والخروج بعده بيوم؟؟. فأجاب : [نعم جائز، والمُهِم أن يدخل صائماً] انظر : [الموسوعة الفقهية الميسرة 3/ 356]. وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت : (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه، وإنه أمر بخبائه فضرب، أراد الإعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، فأمرت زينب بخبائها فضرب، وأمرت غيرها من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبائه فضرب، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر فإذا الأخبية، فقال : (آلبِرّ تُرِدْن ؟ فأمر بخبائه فقوّض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف في العشر الأول يعني من شوال) (صحيح) البخاري (2033) ومسلم (1173) واللفظ له. يدلّ الحديث الشريف على جواز منع الرجل أهله من الإعتكاف. ذكر الإمام النووي عِدّة وجوه ذكرها القاضي – رحمهما الله تعالى – لمنع النبي - صلى الله عليه وسلم – أزواجه – رضي الله عنهن – من ذلك منها : 1. أنه كره ملازمتهن المسجد مع أنه يجمع الناس، ويحضره الأعراب والمنافقون، وهنّ محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهنّ فيبتذلنَ بذلك. 2. أو لأنه - صلى الله عليه وسلم - رآهنّ عنده في المسجد، فصار كأنه في منزله، بحضوره مع أزواجه، وذهب المهم من مقصود الإعتكاف وهو التخلي عن الأزواج، ومتعلقات الدنيا وشبه ذلك. 3. أو لأنهنّ ضيقن المسجد بأبنيتهنّ. انظر : [الموسوعة الفقهية الميسرة 3/ 363]. وقد كانت بعض نسائه تزوره أثناء اعتكافه : فعن علي بن الحسين عن صفية بنت حيي زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوره وهو معتكف في المسجد في العشر الأواخر من شهر رمضان فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب، فقام معها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد الذي كان عند مسكن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فمر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نفذا، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (على رِسلِكما، إنها صفية بنت حيي) قالا : سبحان الله يا رسول الله !! وَكَبُرَ عليهما ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا) (صححه الألباني) انظر : [سنن ابن ماجة 1/ 566 رقم 1779]. وفي رواية لأبي داود رحمه الله - تعالى - : (... وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا، أو قال : شرا) انظر : [سنن أبي داود 2/ 333 رقم 2470]. يتبع - إن شاء الله تعالى -
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#5
|
|||
|
|||
شروط الإعتكاف
شروط الإعتكاف 1. الإسلام : قال الله – تعالى - : ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة الزمر 65]. 2. العقل : عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يعقل) (صحيح) انظر : [مشكاة المصابيح جـ 2 رقم 3287) . 3. الإعتكاف لا يشرع إلا في المساجد لقوله - تعالى - : ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [سورة البقرة : 187]. قال شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى – في كتابه القيِّم "قيام رمضان" : [وقد استدل الإمام البخاري على ما ذكرناه بهذه الآية، قال الحافظ : (ووجه الدلالة من الآية أنه لو صح في غير المسجد لم يخص تحريم المباشرة به، لأن الجماع منافٍ للاعتكاف بالإجماع، فعلم من ذكر المساجد أن المراد أن الإعتكاف لا يكون إلا فيها). وينبغي أن يكون مسجدًا جامعًا لكي لا يضطر للخروج منه لصلاة الجمعة، فإن الخروج لها واجب عليه، لقول عائشة – رضي الله عنها - في رواية عنها في حديثها : (... ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع). روى البيهقي عن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال : (إن أبغض الأمور إلى الله البدع، وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور). ثم وقفت على حديث صحيح صريح يخصص (المساجد) المذكورة في الآية بالمساجد الثلاثة : (المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى)، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) أخرجه الطحاوي والإسماعيلي والبيهقي بإسناد صحيح عن حذيفة ابن اليمان - رضي الله عنه -، وهو مخرج في " الصحيحة " (رقم 2786) مع الآثار الموافقة له مما ذكرنا أعلاه، وكلها صحيحة. وقد قال به من السلف فيما اطلعت حذيفة بن اليمان، وسعيد بن المسيب، وعطاء، إلا أنه لم يذكر المسجد الأقصى، وقال غيرهم بالمسجد الجامع مطلقا، وخالف آخرون فقالوا : ولو في مسجد بيته. ولا يخفى أن الأخذ بما وافق الحديث منها هو الذي ينبغي المصير إليه، والله سبحانه وتعالى أعلم]. ا هـ. وعلى ذلك فلا يشرع الإعتكاف في بيت ولا زاوية ولا تكية كما يفعل الطرقية والصوفية وغيرهم - هداهم الله -. 4. لا اعتكاف إلا بصوم : قالت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - : (السنة في المعتكف أن لا يخرج إلا لحاجته التي لا بد له منها، ولا يعود مريضا، ولا يمس أمراته، ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجدٍ جماعة، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم) رواه البيهقي بسند صحيح ، وأبو داود بسند حسن، والراوية الآتية عن عائشة له، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (2135) و " الإرواء " (966). فعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إني كنت نذرت أن أعتكفَ ليلةً في المسجد الحرام في الجاهلية. قال : "فأوف بنذرك"، (فاعتكف ليلة) رواه : "الشيخان " و "ابن خزيمة "، والزيادة للبخاري في رواية كما في "مختصره" (995)، "صحيح أبي داود" (2136 - 2137). هذا الحديث يدل على أن الإعتكاف كان معروفًا في الجاهلية قبل الإسلام. قال الترمذي فيه : (حسن صحيح) [وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث قالوا : (إذا أسلم الرجل وعليه نذر طاعةٍ فليَفِ به). وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم : (لا اعتكاف إلا بصوم). وقال آخرون من أهل العلم : [ليس على المُعْتَكِفِ صومٌ إلا أن يوجب على نفسه صوما]. واحتجوا بحديث عمر انه نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم – بالوفاء) وهو قول أحمد وإسحاق]. انظر : [جامع الترمذي 4/ 112 رقم 1539]. قال الشيخ الألباني : (صحيح). قال الإمام ابن القيم في " زاد المعاد " : [ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتكفَ مُفطِرا، بل قد قالت عائشة - رضي الله عنها - : (لا اعتكاف إلا بصوم)، ولم يذكر الله – سبحانه - الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله - صلى الله عليه وسلم - إلا مع الصوم. فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف : أن الصومَ شرطٌ في الاعتكاف، وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية). قلت - والقول لشيخنا الألباني – رحمه الله تعالى - في كتاب قيام رمضان - : [ويترتب عليه : أنه لا يُشرع لمن قصد المسجد للصلاة أو غيرهما أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه، وهو ما صرَّح به شيخ الإسلام في " الاختيارات]. يتبع - إن شاء الله تعالى -
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#6
|
|||
|
|||
ما يجوز للمعتكِف
ما يجوز للمعتكف 1. يجوز له الخروج من معتكَفِهِ لقضاء الحاجة، وأن يخرج رأسه من المسجد لِيغسّل ويسرّح ، قالت عائشة رضي الله عنها: وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدخل علي رأسه وهو معتكف في المسجد، وأنا في حجرتي فأُرَجِّلَه. وفي رواية: فأغسّله وإن بيني وبينه لعتبة الباب وأنا حائض، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، إذا كان معتكِفا) رواه: (الشيخان، وابن ابي شيبة، وأحمد، والزيادة الأولى لهما). فأُرَجِّلَه: فأمشِّطَه. 2. ويجوز للمرأة أن تعتكف مع زوجها، أو لوحدها ولو كانت مستحاضة لأن الإستحاضة لا تمنع الصلاة. فعن عائشة - رضي الله عنها -: (اعتكفت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة مستحاضة. وفي رواية: أنها أم سلمة؛ من أزواجه، فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي) (رواه البخاري وهو مخرج في «صحيح أبي داود» (2138)، والرواية الأخرى لسعيد بن منصور كما في «الفتح» (4/ 281) لكن سماها الدارمي (1/ 22): (زينب). والله أعلم. 3. ويجوز للمعتكِف وغيره أن يتوضأ في المسجد لقول رجل خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - : توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وضوءاً خفيفا] (رواه البيهقي بسند جيد ، وأحمد (5/ 364) مختصرا بسند صحيح). 4. وله أن يتــّـخذ خيمة صغيرة في مؤخرة المسجد يعتكف فيها، لأن عائشة - رضي الله عنها - كانت تضرب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خِباءً إذا اعتكف، وكان ذلك بأمره - صلى الله عليه وسلم - أخرجه البخاري (2033) ومسلم (1173). الخِباء: أحد بيوت العرب من وَبَرٍ أو صوف ولا يكون من شعر، ويكون على عمودين أو ثلاثة. (واعتكف مرة في قبةٍ تركيةٍ، على سدتِها حصير) . قبةٍ تركية: أي: قبة صغيرة . والسدة: كالظلة على الباب لتقي الباب من المطر، والمراد أنه وضع قطعة حصير على سدتها لئلا يقع فيها نظر أحد كما قال السندي. قال شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى -: [وأولى أن يقال: لكي لا ينشغل بال المُعتكِف بمن قد يمرّ أمامه، تحصيلا لمقصود الاعتكاف وروحِه، كما قال الإمام ابن القيم: (عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المُعتكَفِ موضع عِشرةٍ، ومجلبة الزائرين وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم، فهذا لون، والاعتكاف النبوي لون، والله الموَفّق). 5. ويجوز للمرأة أن تزور زوجها وهو في معتكفه، وأن يودعها إلى باب المسجد لقول صفية - رضي الله عنها -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - معتكِفًا في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فأتيته أزوره ليلا، وعنده أزواجه، فرحن، فحدثته ساعة، ثم قمت لأنقلب، فقال: (لا تعجلي حتى أنصرف معك)، فقام معي ليقلِبَني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد؛حتى إذا كان عند باب المسجد الذي عند باب أم سلمة، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرعا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (على رِسلِكما؛ إنها صفية بنت حييّ، فقالا: سبحان الله ! يا رسول الله ! قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا، أو قال: شيئا) (أخرجه الشيخان، وأبو داود، والزيادة الأخيرة له، وهو مخرج في «صحيح أبي داود» (2133 و 2134). 6. لا بأس أن يأكل المعتكِف في المسجد، ويضع سفرة يسقط عليها ما يقع منها، كيلا يلوّث المسجد. انظر: [المغني (3/ 151) و الموسوعة الفقهية الميسّرة 3/ 363]. يتبع - إن شاء الله تعالى -
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#7
|
|||
|
|||
ما يُبطـِل الإعتكـــــاف
ما يُبطـِل الإعتكـــــاف 1. الإرتداد عن الدّين. انظر : [المغني (3/ 145)] قال الله - تعالى -: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة الزمر: 65]. 2. الجماع، لقوله - تعالى -: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ [سورة البقرة: 187]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه، وأستأنف) انظر: [قيام رمضان: (ص41)]. استأنف: أي أعاد اعتكافه؛ ولا كفارة عليه لعدم ورود ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . انظر: [قيام رمضان: (ص41)]. 3. قال فضيلة الشيخ حسين العوايشة - حفظه الله تعالى -: [هناك من يرى أنّ الخروج اليسير من المسجد يُبطل الإعتكاف، وأنّ الخروج في غير ما سبق ذكرهُ يُنافي الإعتكاف، ولا دليل عليه - فيما علمت – على إبطاله. وسألتُ شيخنا - يعني الألباني رحمه الله تعالى - عن الخروج اليسير، فقال: [لا يُبطِله، ولكنه يُقلّل الأجر] انظر: [الموسوعة الفقهية الميسّرة 3/ 364 - 365]. ************************* وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -: هل يخرج المعتكف من معتكفه إذا مات أحد والديه، أو هما معًا، وهل يخرج إذا خرج ولده الصغير ولم يعد للمنزل منذ مطلع الشمس حتى غروبها، أو اشتعلت النار في ممتلكاته أو منزله، أفيدونا جزاكم الله خيرًا ؟. فأجاب فضيلته - رحمه الله تعالى -: [خروج المعتكف من معتكفه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يكون خروجًا لما ينافي الاعتكاف كما لو خرج ليجامع أهله، أو خرج ليبيع ويشتري، وما أشبه ذلك مما هو مضادٌ للاعتكاف ومنافٍ له، فهذا الخروج لا يجوز، وهو مُبطلٌ للاعتكاف سواءٌ شرطه أو لم يشترطه. ومعنى قولنا لا يجوز أنه إذا وقع في الاعتكاف أبطله، وعلى هذا فإذا كان الاعتكاف تطوعًا وليس بواجبٍ كنذرٍ فإنه إذا خرج لا يأثم، لأن قطع النفل ليس فيه إثم، ولكنه يبطل اعتكافه فلا يبني على ما سبق. القسم الثاني من خروج المعتكف: أن يخرج لأمرٍ لا بد له منه، وهو أمرٌ مستمر كالخروج للأكل إذا لم يكن له من يأتي به، والخروج لقضاء الحاجة إذا لم يكن في المسجد ما يقضي به حاجته، وما أشبه ذلك من الأمور التي لا بد منها، وهي أمورٌ مضطردة مستمرة فهذا الخروج له أن يفعله، سواءٌ اشترط ذلك أم لم يشترطه، لأنه وإن لم يشترط باللفظ، فهو مشترطٌ في العادة، فإن كل أحدٍ يعرف أنه سيخرج لهذه الأمور. القسم الثالث: ما لا ينافي الاعتكاف، ولكن له منه بد، مثل الخروج لتشييع الجنازة أو لعيادة مريض أو زيارة قريب، أو ما أشبه ذلك مما هو طاعة، ولكنه له منه بد، فهذا يقول أهل العلم إن اشترطه في اعتكافه فإنه يفعله، وإن لم يشترطه فإنه لا يفعله، فهذا هو ما يتعلق بخروج المعتكف من المسجد. وأما خروجه لطلب ابنه الضائع، أو لإطفاء الحريق المحترق في ماله فهذا أمرٌ واجبٌ عليه، فعليه أن يخرج لطلب ابنه، وعليه أن يخرج لإطفاء الحريق عن ماله، لأنه مأمورٌ بحفظ أمواله وحفظ أولاده فليخرج. وهنا إن قلنا بأنه أمرٌ ضروري طارئ فلا يبطل الاعتكاف، فله وجه ولكن إن قلنا إنه يبطله ولكنه انتقل من مفضولٍ إلى أفضل لأن القيام بالواجب، أفضل من الاستمرار في التطوع، ثم إذا زالت هذه الضرورة، رجع إلى معتكفه. مكتبة الفتاوى: فتاوى نور على الدرب (نصية): الزكاة والصيام. http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_1880.shtml جزى الله خير الجزاء: أئمتنا ومشايخنا العلماء الأعلام، على ما بينوه لنا من هَديٍ قويمٍ وأحكام، ونفع بهم وبعلمهم، وأثقل لهم الموازين في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم؛ سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. من محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -. مع تحيات: أم عبدالله نجلاء الصالح ____________ المراجع: 1. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى -. 2. الموسوعة الفقهية الميسّرة لفضيلة الشيخ حسين العوايشة – حفظه الله تعالى -. 3. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله تعالى -. 4. قيام رمضان لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#8
|
|||
|
|||
أحاديث ضعيفــــة وموضوعــــة حول الإعتكاف
أحاديث ضعيفة وموضوعة حول الإعتكاف 1. عن بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (أنه كان إذا اعتكف طُرحَ له فراشه، أو يوضع له سريره وراء أسطوانة التوبة). حكمه : (ضعيف). انظر : [سنن ابن ماجه 1/ 564 رقم: 1774]. 2. (من اعتكف عشراً في رمضان، كان كحجتين وعمرتين). حكمه : (موضوع). انظر : [ضعيف الجامع رقم: 5451]. 3. (من اعتكف إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). حكمه : (ضعيف). انظر : [ضعيف الجامع رقم: 5452]. 4. (من مشى في حاجة أخيه، كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله، جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق، كل خندق أبعد مما بين الخافقين). حكمه : (ضعيف). انظر : [السلسلة الضعيفة جـ 11 رقم 5345]. 5. (نظر الرجل إلى أخيه على شوق، خيرٌ من اعتكاف سنة في مسجدي هذا). حكمه : (ضعيف). انظر : [ضعيف الجامع رقم: 5959]. 6. (نظر الرجل إلى أخيه المسلم حباً له وشوقاً إليه، خيرٌ له من اعتكاف سنة في مسجدي هذا). حكمه : (ضعيف). انظر : [السلسلة الضعيفة جـ 10 رقم 4690]. 7. (لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته، أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين، وأشار بأصبعه). حكمه : (ضعيف جدا). انظر : [ضعيف الترغيب والترهيب جـ 2 رقم 1574]. 8. (لا اعتكاف إلا بصيام). حكمه : (ضعيف). انظر : [ضعيف الجامع رقم: 6174]. جميع هذه الأحاديث من تحقيق شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى - وجعل الفردوس الأعلى مأواه.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96]. قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ. |
#9
|
|||
|
|||
أجزل الله لك المثوبة والاجر أمي الغالية ومربيتي الفاضلة أم عبدالله نجلاء الصالح حفظها الله
ومن باب الفائدة الزائدة إن لشيخنا الحلبي حفظه الله كتيب قيم في احكام الاعتكاف اسمه : ((الإنصاف في أحكام الاعتكاف)) على هذا الرابط ثم وقفت على حديث صحيح صريح يخصص (المساجد) المذكورة في الآية بالمساجد الثلاثة : (المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى)، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) أخرجه الطحاوي والإسماعيلي والبيهقي بإسناد صحيح عن حذيفة ابن اليمان - رضي الله عنه -، وهو مخرج في " الصحيحة " (رقم 2786) مع الآثار الموافقة له مما ذكرنا أعلاه، وكلها صحيحة. وقد قال به من السلف فيما اطلعت حذيفة بن اليمان، وسعيد بن المسيب، وعطاء، إلا أنه لم يذكر المسجد الأقصى، وقال غيرهم بالمسجد الجامع مطلقا، وخالف آخرون فقالوا : ولو في مسجد بيته. ولا يخفى أن الأخذ بما وافق الحديث منها هو الذي ينبغي المصير إليه، والله سبحانه وتعالى أعلم] أ. هـ. قال الشيخ علي الحلبي حفظه الله بعد ذكر هذا الحديث وترجيح العمل به وعرض شبهات حول الحديث ومفهومه ومدلوله : ((تنبيه :ولا ينافي ما سبق كله الفضيلة للجلوس في المساجد المعتادة ،كما في قوله صلى الله عليه وسلم :(الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث ، تقول اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ) رواه البخاري ومسلم وأنظر << فتح الباري >>(2\142-143)و<< المسجد في الاسلام >> ص 56-57-ط1))انتهى
__________________
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :تالله ما عَدَا عليك العدوُّ إلا بعد أن تَوَلَّى عنك الوَلِيُّ، فلا تظنّ أن الشيطان غَلَبَ ولكن الحافظ أَعْرَض .
|
#10
|
|||
|
|||
جزى الله خيرًا الأستاذة الفاضلة أم عبد الله على جهودها المباركة، وكتب لها الأجر كاملًا غير منقوص.
وأشكر أختنا -أم عبد الرحمن- على الإضافة. وأحب التنبيه على أن رابط الكتاب المذكور في الوقفية لم يعد يعمل -فيما يبدو لي-، وبالإمكان تحميله من الموقع الرسمي لشيخِنا علي الحلبي -حفظه الله-: من هنــا |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|