أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
78953 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-02-2017, 03:52 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي علــــــم الكــــــلام وَفِرَقــُــــه.

علــــم الكــــلام وَفِرَقــُــهْ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

علم الكلام : هو علم حادث في الملّة، قام ووضعت أصوله وقواعده الأولى في عهد المأمون، بعدما حدث الخلاف في تفاصيل العقائد بعد ترجمة كتب اليونان الفلسفية وغيرها من عقائد المجوس، والصابئة، والنصارى الباطلة، إلى اللغة العربية، مما دعا إلى تأثر الزنادقة بهم، ووقوع الخصام، والمناظرات، والجِدالات حول ذات الله - تبارك وتعالى - وأسماءه الحسنى وصفاته العلى، وقضاءه وقدره، وغيرها، ما بين نفي وإثبات، فتنوا في فهمها وتفسيرها، فصرفوا الألفاظ عن مرادها بلا دليل، وجادلوا فيها وأوّلوها تأويلا باطلا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : [إن الجدال في علم العقائد يسمّى كلاما] ا هـ. انظر : [درء التعارض 1/ 160].

وتسمية العقيدة "بعلم الكلام" : تسمية بدعية باطلة، بل هي مُجحِفة في حق العقيدة السنية المبنيّة على الأدلة المُرْضية .

حقيقته : محاولة إثبات العقائد الفاسدة بطرق عقلية، أو سمعية، أو وجدانية جدلية، وأصول فلسفية منطقية، وهو قائم على محاكاة فلاسفة اليونان في الجدل والتقرير.

ويُعبّر أهل الكلام عن أشياخهم من الفلاسفة بالحكماء والعقلاء !!. فُتنوا في التفسير، فصرفوا الألفاظ عن مرادها بلا دليل، وأوّلوها تأويلا باطلا، وخاضوا في مسائل سكت عنها الشارع الحكيم، وطرحوا السنن والآثار جانبًا فيما نطق به الشرع، وأبانَ عنه وجلاّه، فخلت مصنفاتهم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

فَعِلْمُ كلامِهم هذا له من اسمه أعظم نصيب، فهو مجرد كلام، لا يفيد، بل يضر القلوب ويمرضها، ويزرع فيها الشك، والإرتياب، والإلحاد، والإضطراب.

ندم من ندم من أتباعه وتاب من تاب وأناب، ولا تزال فِرقًا من أفراخهم يبثون عقيدتهم الفاسدة.

وممن تاب، أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري - رحمه الله تعالى -، فقد نشأ مُعتزليًا وبقيَ على ذلك أربعين عامًا ثمَّ رجع بفضل الله - تعالى - عن ذلك قبل وفاته، وصرَّح بتضليل المعتزلة، وبالغ في الردِّ عليهم، وتوفي (324 هـ).

قال العلامة الآلوسي : [... قال في كتابه "الإبانة عن أصول الديانة" الذي هو آخر مؤلفاته بعد كلام طويل : [الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها : التمسك بكتاب الله - تعالى - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان عليه "أحمد بن حنبل" نضَّرَ الله – تعالى - وجهه قائلون، ولمن خالف قوله مُجانِبون]. ا هـ.

ومن ينتسبون إليه ويسمون أنفسهم بالأشاعرة هم فِراخُ أتباعه، تاب وليتهم اقتدوا به في توبته.

وفي الرد على من شكَّكوا في توبته قال الإمام القاضي كمال الدين أبو حامد محمد بن درباس المصري الشافعي (659) هـ. في رسالته (الذب عن أبي الحسن الأشعري) : [فاعلموا معشر الإخوان ... بأن كتاب "الإبانة عن أصول الديانة" الذي ألفه الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، هو الذي استقر عليه أمره فيما كان يعتقده، وبما كان يدين الله - سبحانه وتعالى - بعد رجوعه عن الاعتزال بمن الله ولطفه وكل مقالة تنسب إليه الآن مما يخالف ما فيه، فقد رجع عنها، وتبرأ إلى الله - سبحانه وتعالى - منها.
كيفَ وقد نصَّ فيه على أنه ديانته التي يدين الله - سبحانه - بها، وروى وأثبت ديانةَ الصحابة والتابعين وأئمة الحديث الماضي، وقول أحمد بن حنبل - رضي الله عنهم - أجمعين، وأنه ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله...]. انظر : [رسالة الذب عن أبي الحسن الأشعري لابن درباس (ص 107)].

والإمام أبو عبدالله محمد بن عمر الرازي – رحمه الله تعالى - (544 ــ 606 هــ) قال بعد أن أقرّ على نفسه خطأه واضطرابه لخلطِهِ الكلام بالفلسفة، وأخبر عما انتهى إليه أمره في علم الكلام : [لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا].

وعاد إلى الطريقة القرآنية، وضرب مثلا بمنهج القرآن في الصفات فقال : [ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن. أقرأ في الإثبات : {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه 5] . و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [سورة فاطر 10]،
وأقرأ في النفي :
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [سورة الشورى 11]. و {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}. [سورة طه 110].

ثم قال في حسرة وندامة : [ومَن جرَّبَ مثل تجربتي عَرَفَ مِثلَ مَعْرِفَتي] انتهى كلامه. [انظر الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -].

وقال أيضا :

نهاية إقدام العقول عقـــــــــــــال **..** وأكثر سعي العالمين ضــــلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا **..** وحاصل دنيــانا أذى ووبـــــال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا **..** سوى أن جمعنا فيـه قيل وقالوا
فكـــم قـد رأينـــا رجالا ودولـــــة **..** فبادوا جميعــا مسرعين وزالوا
وكــــم من جبـــال علا شرفاتـها **..** رجــال فزالــوا والجبــال جبـال.

وقال الآخر منهم : [أكثر الناس شكًا عند الموت أصحابُ الكلام] ا هـ. انظر : [فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – 5/ 10].

وقال الجويني – رحمه الله تعالى – : وهو من الجهابذة الذين اشتغلوا بعلم الكلام محذِّرًا من الاشتغال به : [يا أصحابنا ! لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ، ما اشتغلت به].
وقال عند موته متندّمًا متحسِّرا : [لقد خضت البحر الخضم، وتركت أهل الإسلام وعلومهم، وخضت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني الله برحمته فالويْل لابن الجويني، وها أنذا أموت على عقيدة أمي، أو قال على عقيدة العجائز]. ا هـ. انظر : ["العقيدة في الله" للشيخ عمر الأشقر - رحمه الله تعالى - (ص 40)].

قال الشيخ عمر الأشقر - رحمه الله تعالى - : [نحن بحاجة إلى رجال عقيدة لا إلى رجال فلسفة، نحن نريد أقوامًا يعالجون داء هذه الأمة وبلاءها، ولن يفعل ذلك أصحاب الفلسفة والرأي]. ا هـ. انظر : ["العقيدة في الله" للشيخ عمر الأشقر - رحمه الله تعالى - (ص 40)]..

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبصّرنا بالحق، ويردّنا إلى ديننا ردًا جميلا، وما ذلك على الله بعزيز.


من محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله - تعالى -.

أم عبدالله نجلاء الصالح

يُتبع إن شاء الله - تعالى -.

_________
المراجع :
1.
[العقيدة في الله]. للشيخ عمر الأشقر - رحمه الله تعالى -.
2. [مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -].
3. [المقدمة الرشيدة في علم العقيدة ص 38 – 41] للشيخ الدكتور محمد موسى نصر - حفظه الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-02-2017, 03:57 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وقد اتفق الأئمة الأربعة رحمهم الله - تعالى - على النهي عن علم الكلام، وذمّه :

1. فعن محمد بن الحسن الشيباني أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله - تعالى - قال :
[لعن الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا ينفعهم من الكلام]. [أخرجه الهروي في " ذم الكلام وأهله 1029].

وقال : [وكان الإمام أبو حنيفة – رحمه الله تعالى – يحثّنا على الفقه وينهانا عن الكلام]. انظر : [الفتاوى الكبرى 6/ 561].

2. وقال الإمام أبو يوسف - رحمه الله تعالى - : [من طلب الدّين بالكلام تزندق] أخرجه : [الهروي (1009) والأصبهاني في الحجة (1/ 106).

3. وقال : [العلم بالخصومة والكلام جهل، والجهل بالخصومة والكلام علم] أخرجه : [الهروي (1010)].

4. وقال الإمام مالك – رحمه الله تعالى - : [لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء]. [المقدمة الرشيدة في علم العقيدة (ص 39)].

5. وقال ابن خويزمنداد - رحمه الله تعالى - : [أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع - أشعريًا كان أو غير أشعري - ولا تُقبل له شهادة في الإسلام أبدا، ويُهجَر ويؤدَّب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها» أخرجه : [ابن عبد البر في الجامع (2/ 96)].

6. وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى - : [لقد اطلعت من أهل الكلام على شيئ والله ما ظننت مسلما يقول به ، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه خلا الشرك، خير له من أن يبتلى بالكلام]. أخرجه : [البيهقي في مناقب الشافعي (1/ 454)] و [ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه (ص 182)].

7. وقال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - أيضا : [حُـكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويُطاف بهم في القبائل والعشائر، ويُـقال : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام]. أخرجه : [الهروي في ذم الكلام وأهله 1142]. وأخرجه : [شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة 2/ 610] .

8. وقال الإمام أحمد رحمه الله - تعالى - : [لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيئ من هذا، إلا ما كان في كتاب الله - عزّ وجلّ -، أو في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن أصحابه أو التابعين، فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود]. أخرجه : [الهروي (1142)].

9. وقال رحمه الله - تعالى – أيضا : (عليكم بالسنة والحديث، وينفعكم الله به، وإياكم والخوض والجدال والمراء، فإنه لا يُفلح من أحب الكلام، وكل من أحدث كلاما، لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة، لأن الكلام لا يدعو إلى خير، ولا أحب الكلام، ولا الخوض ولا الجدال، وعليكم بالسنة والآثار والفقه الذي تنتفعون فيه، ودعوا الجدال وكلام أهل الزيغ والمراء، أدركنا الناس لا يعرفون هذا، ويتجانبون أهل الكلام، وعاقبة الكلام لا تؤول إلى خير، أعاذنا الله وإياكم من الفتن، وسلمنا وإياكم من كل هلكة) أخرجه : [ابن بطّة في الإبانة (2/ 539)].

10. وقال رحمه الله - تعالى - : (من تعاطى الكلام لم يفلح، ومن تعاطى الكلام لم يخل أن يتجهم) أخرجه : [ابن بطّة في الإبانة (2/ 539)].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
_____
المرجع :
انظر : [المقدمة الرشيدة في علم العقيدة ص 38 – 41] للشيخ الدكتور محمد موسى نصر - حفظه الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-08-2017, 02:46 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي فرق علم الكلام - المرجئة

فرق علم الكلام

1. المرجئة :
فرقة كلامية منحرفة ظهرت في آخر القرن الأول، آخر عصر الصحابة - رضي الله عنهم - في إمارة ابن الزبير وعبد الملك ابن مروان رحمهم الله - تعالى -؛ تنتسب إلى الإسلام، لها آراء ومفاهيم عقيدية خاطئة في مفهوم الإيمان، أحدثت بدعة المرجئة والقدرية.

فمنهم من قال : الإيمان قول باللسان، وتصديق بالجنان، وبعضهم اقتصره على قول اللسان.

والبعض الآخر اكتفى في تعريفه بأنه : التصديق، وغالى آخرون منهم فقالوا : إنه المعرفة.

وأخرج المرجئة الأعمال عن مسمى الإيمان، فقالوا : لا يضر مع الإيمان ذنب، فنشأ عندهم : "عدم القول بزيادة الإيمان ونقصانه".

فالمرجئة جعلوا صاحب الكبيرة في منزلة كامل الايمان. مع اعتبار الأوائل منهم لأهمية الأعمال، حيث عدّوها من لوازم الإيمان، ورتّبوا على الإخلال بها الوعيد، وعلى العمل بها الزيادة في الثواب.

وذلك عكس المتأخرين منهم الذين تساهلوا في لوازم دخول الأعمال في مسمى الإيمان من ولاء وبراء وتحقيق للوعيد ، وإنكار المنكر.

أما مقولة أن الإنسان حرٌّ مختارٌ بشكل مطلق، وهو الذي يختار أفعاله بنفسه، وذلك يعني نفي القدر، والإرجاء، فأول من قال به : ذر بن عبد الله المذحجي، ثم تابعه غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز، وقتله هشام بن عبد اللك.

وقاله الجعد بن درهم، وقاله معبد الجهني الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث، وقد قتله الحجاج بعد فشل حركته عم 80 هـ.

وكذلك قالها غيلان الدمشقي، وقيل أن أول من وضع الإرجاء هو : أبو سلت السمان (ت 152).

ولا يخفى ما ولّده الإرجاء من لوازم تركت آثارًا مدمرة على مسيرة الأمة الإسلامية ونهضتها الحضارية. فقد تأثرت بالإرجاء فرق يمكن إجمالها بما يلي :

فمنهم من قال أن الإيمان تصديق القلب وقول اللسان : فهم مرجئة فقهاء الحنيفية رحمهم الله.

ومن قال بأن الإيمان باللسان فقط : فهم الكرّامية، وبالتالي فالمنافقون عندهم مؤمنون كاملو الإيمان، مع قولهم أنهم يستحقون الوعيد الذي توعدهم الله - تعالى - به.

ومن قال منهم بأن الإيمان تصديق بالقلب فقط : فهو أبو منصور الماتريدي ومن وافقه من الأشاعرة، وعليه فإن أبا طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندهم مؤمنًا كامل الإيمان لقوله :

ولقد علمت أن دين محمــد *** من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة *** لوجدتني سمحًا بذاك مبينا.

ومن غالى فقال : إنه المعرفة فقط.
وهو قول الجهم ابن صفوان ومن وافقه، ويلزم من قولهم هذا أن إبليس وفرعون كانا كامليْ الإيمان، وأن معنى الكفر عندهم هو الجهل بالرب - تبارك وتعالى - فقط وهذا أشد أنواع الإرجاء وأخطرها.

عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (صنفان من أمتي لا يَرِدانِ عليَّ الحوض القدرية والمرجئة) [السلسلة الصحيحة 2748].

أما أهل السنة والجماعة فهم وسط بين هذه الفرق، إذ أن الإيمان عندهم تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي.

إن الإيمان ليس مجرد المعرفة دون الإقرار والخضوع والانقياد الذي ينبغي أن يعلنه اللسان، ويظهر أثره على الجوارح.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-08-2017, 02:47 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي القدرية، الجبرية

2. القدرية : إحدى الفرق الكلامية المنحرفة المنتسبة إلى الإسلام، والتي سبقت القول بالجبر.

ويطلق لفظ القدرية على : نفاة القدر، كما يطلق على مثبتي القدر " الجبرية "، لكن شاع استعماله في النفاة أكثر.

وفرقة القدرية : لها مفاهيم وآراء اعتقادية خاطئة في مفهوم القدر، حيث قالوا بإسناد أفعال العباد إلى قدرتهم، وأنه ليس لله تعالى دخل في ذلك، ولا قدرة ولا مشيئة، ولا قضاء كما أنكروا علم الله السابق ـ تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرا ـ، وقد وجدت طائفة منهم تثبت : العلم والكتابة، وتنكر المشيئة.

وأول من أظهر مقولة القدرية " سوسن أو سوسية النصراني البصري الذي أسلم ثم تنصر، وعنه أخذ القول بالقدر على النحو السابق - أعلاه - معبد الجهني، وغيلان الدمشقي بالإضافة إلى دعوته إلى نفي دخول "الأعمال" في مسمى "الإيمان" كقول المرجئة.

وقال بقول الجهمية بنفي الصفات وبخاصة صفة الإستواء. وأظهر بعضهم القول بأن الله خلق كل أفعال الخير وأرادها، ولم يخلق أفعال الشر، ولا أرادها.

وكان لوجود بعض الصحابة مثل ابن عمر، وابن عباس وأبي هريرة، وأنس ابن مالك - رضي الله عنهم - أثره الفعال في إخماد فتنتهم وتحجيم دعوتهم، واستمرت على شكل نزعات فردية، إلى أن ظهرت المعتزلة، وتبنّت قول القدرية، ولذلك أطلق عليهم القدرية الثانية.

والحق الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الله تعالى خالق كل شيئ، ومنها أفعال العباد بخيرها وشرها كونًاً، وهي " الإرادة الكونية ". ويُحِبُّ الخير ويريده شرعا، ولا يرضى الكفر والشر من عباده شرعًا أيضا، وهي الإرادة الشرعية.

ولقد حذر من القدرية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (القدرية مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم) (حديث حسن) رواه أحمد وأبو داود [مشكاة المصابيح رقم 107].

وفي رواية أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن لكل أمة مجوسا، وإن مجوس هذه الأمة القدرية، فلا تعودوهم إذا مرضوا، ولا تصلوا على جنائزهم إذا ماتوا) (حديث صحيح) . انظر : [ظلال الجنة جـ 1 رقم 342].

ووجه الشبه بينهما أن المجوس اتخذوا إلهين، والقدرية قد جعلوا للخلق أيضا إلهين، أحدهما خالق أفعال الخير وهو " الله تبارك وتعالى "، وخالق أفعال الشر " الإنسان في زعمهم.

3. الجبرية : فرقة كلامية منحرفة تقول بالجبر، بمعنى أن العباد مجبورون على أعمالهم، وأن الله - تعالى - يخلق أعمالهم على الحقيقة ولا دَوْرَ لهم فيها، وإنما تُضافُ إليهم على سبيل المجاز.

وأول من قال بهذه المقالة هو الجعد بن درهم، وأخذها عن أبان بن سمعان اليهودي، عن طالوت، عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي، الساحر الذي سحر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن يهودي باليمن.

وكان الجعد بن درهم من أهل حرّان، وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة – بقايا أهل دين النمرود والكنعانيين، والنمرود هو ملك الصابئة الكلدانيين المشركين.

وأول من أظهر مقالته تلميذه الجهم ابن صفوان بمدينة " ترمذ " في أوائل المئة الثانية للهجرة، ولذلك فإن الجهمية أول من حمل لواء هذه الدعوة. إذ نادى الجهم بن صفوان "بالجبر" فقال : "لا إرادة للإنسان بجوار إرادة الله" فهو مجبور على عمله، سواء كان العمل صالحًا أم طالحا.

والجبر : لفظ مُحدَثٌ لم يرد في النصوص الشرعية، يطلق على مثبتي القدر، وهو من معاني العجز، والعاجز من يجبر غيره. - تعالى الله وتقدّس عن أن يجبر أحدًا من خلقه -. إنما خلق الله - تعالى - العباد وأفعالهم، وجعل لهم عقلا وإرادة، ومحبة، واختيارا، وجعلها مناط التكليف.

قال الله - تعالى - : ﴿ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما [سورة طه : 112].

وقال الله - تعالى - : ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ . أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ . مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [سورة القلم 34 ــ 36].

ويرجع بعض الباحثين سبب انتشار القول بالجبر إلى الصراع الشديد بين المعتزلة القائلة بخلق العباد لأفعالهم، وبين الزنادقة، وقد ظهرت هذه النزاعات في آخر عهد الصحابة - رضي الله عنهم - ولكنهم استطاعوا بفضل الله - تعالى - وأدها في مهدها، وكما كان للقول بالجبر أنصاره في اليهودية، والنصرانية، وفرق الكلام، فإنه لا زال له دعاته إلى يومنا هذا على شكل مدارس ومذاهب كلامية وفلسفية معاصرة تركت آثارًا سيئة على واقع الأمة الإسلامية ، ومسيرتها الحضارية.


يُتبع - إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-08-2017, 03:04 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الجهمية، والمعتزلة

4. الجهمية : فرقة كلامية منحرفة مبتدعة ذات أصول يهودية، من أتباع الجهم ابن صفوان السمرقندي (ت : 128).

وهم الذين قالوا بخلق القرآن، ونفي الصفات، أظهروا التعطيل في أول القرن الثاني الهجري، وأواخر الخلافة الأموية فسموا بالمعطلة " نفوا أسماء الله تعالى، وما دلّت عليه من المعاني، ووصفوا الله - تعالى - بالعدم المحض، فقالوا : إن الله ليس بداخل العالم، ولا خارجه، ولا فوق العرش ولا عليه. - تعالى الله عما يقولون علوا عظيما -.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : [وفي نفيهم هذا وتحريفهم تكذيبٌ لله – تعالى - بما أنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم – وهو كتحريف المشركين وتكذيبهم، وهم نفاة الصفات، فتارة يقولون بالحلول والإتحاد، وتارة يقولون بما يستلزم الجحود والتعطيل. فنفاتهم لا يعبدون شيئا، ومثبتيهم يعبدون كل شيئ]. انظر : [مجموع الفتاوى 6/ 32].

وكان الجعد بن درهم هو أول من حفظ عنه أنه قال مقالة "التعطيل للصفات ونفيها" في الإسلام، وقال أن الله - سبحانه وتعالى - ليس على العرش حقيقة، وأن " قوله إستوى " بمعنى "استولى" ونحو ذلك.

وأخذ عنه الجهم بن صفوان هذه العقيدة الفاسدة وأظهرها، فنسبت إليه مقالة الجهمية، وقد قتله سالم بن أحوَز في َمرُو عام 128هـ.

وبعد " الجهم بن صفوان" رفع لواء الجهمية "بشر بن غيّـاث المرّيسيّ" الحنفي الجهمي المرجئ ت (228) إمام المرّيسية، وهو من فرق المرجئة، وكان أبوه يهوديا، وكفــّره عدد من أئمة السنة. انظر : [الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة 1/ 107 و 1050].

5. المعتزلة : فرقة كلامية منحرفة مبتدعة، نشأت بالعراق في أواخر العصر الأموي، وازدهرت في العصر العباسي.

عُرفوا بالمعتزلة بعد أن اعتزل واصل بن عطاء الغزّال (80 ــ 131 هـ) حلقة الحسن البصري رحمه الله - تعالى - وقد كان تلميذًا له، فقال الحسن البصري رحمه الله - تعالى - : اعتزل واصِلٌ مجلسنا.

وشكّل حلقة خاصة به بعد أن قال : بأن مرتكب الكبيرة في "منزلة بين المنزلتين" ــ أي : ليس مؤمنًا وليس كافرًا ــ ولكنه فاسقا، فهو بمنزلة بين المنزلتين، هذه حاله في الدنيا، أما في الاخرة، فهو لا يدخل الجنة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة، بل هوخالد مخلَّدٌ في النار إن مات ولم يتُب، ولا مانعَ عندهم من تسميتهِ مُسلمًا باعتبار ما يُظهر مِن الإسلام وينطق بالشهادتين، ولكنه لا يُسمّى مُؤمنا، وقالوا بوجوب اعتزاله ومقاطعته.

لم يُخرج المعتزلة الأعمال من الايمان، ويرون أنها داخلة فيه، إلا أنهم يَرَوْنَ أن لا تأثير لدخول الأعمال في مُسَمّى الإيمان عندهم. فقالوا : الإيمان لا يزيد ولا ينقص.علَّلوا ذلك بقولهم : من ترك بعض الأعمال، فقد ترك بعض الإيمان، وإن الإيمان إذا زال بعضه زال كله؛ لأن الايمان لا يتبعَّض، ولا يكون في العبد إيمان ونفاق، فيكون عندهم أصحاب الذنوب " الكبائر " مخلَّدين في النار، اذ كان ليس معهم من الإيمان شيء.

ولقد أنكر الخوارج والمعتزلة شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من أمته يوم القيامة، وقولهم هذا باطل للحديث الصحيح عن جابر - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (إن شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من أمتي) انظر : [سنن ابن ماجة رقم 4310 جـ 2/ 1441].

برزت فرقة المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق مذهب الإعتزال عن طريق بشر المرّيسي، وثمامة ابن أشرس النميري، وأحمد ابن أبي داؤد، وهو أحد رؤوس بدعة الإعتزال في عصره، ورأس فتنة القول بخلق القرآن، وكان قاضِيًا للقضاة في عهد المعتصم.

امـُتحِنَ الإمام أحمد ابن حنبل في فتنة خلق القرآن، فثبت ولم يرضخ لأوامر المأمون ولم يقر بهذه البدعة، فسجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون، وبقي في السجن لمدة عامين ونصف، ثم أعيد إلى منزله، وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم، ثم ابنه الواثق.

ولما تولّى المتوكل الخلافة عام 232 هـ انتصر لأهل السنة، وأكرم الإمام أحمد، وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم، ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة خلال أربعة عشر عاما. انظر : [الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة 1/ 70].

اعتمدت هذه الفرقة على العقل المجرد كُليًّا في فهم العقيدة الإسلامية، وعلى تأويل الصفات بما يلائم عقولهم، كصفات الإستواء، واليد، والعين، والمحبة، والرضا، والغضب، والسخط.

ومن المعلوم أن المعتزلة ينفون كل الصفات لا أكثرها، نظرًا لتأثرهم ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافهم عن عقيدة أهل السنة والجماعة، فقد أثبتوا الألفاظ دون ما تضمنَتْهُ من صفات الكمال لله - تعالى -، فقالوا : سميعٌ بلا سمع، رحمن رحيمٌ بلا رحمة، حكيمٌ بلا حكمة، قديرٌ بلا قدرة ... الخ.

ولاعتمادهم على العقل، طعَنَ كبراؤهم في أكابر الصحابة - رضي الله عنهم - وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب، فقد زعم واصل بن عطاء أن إحدى الطائفتين يوم الجمل فاسقة : إما طائفة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر، والحسن، والحسين، وأبي أيوب الأنصاري، أو طائفة عائشة، والزبير، وردّوا شهادةَ هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -، فقالوا : لا تقبل شهادتهم.

وظهر الحديث عند المعتزلة في القدر بمعنى : هل يقدر العبد على فعله، أو لا يقدر. ونفيِ القدر والإرجاء على يد معبد الجهني وغيلان الدمشقي.

ولاعتماد المعتزلة على العقل في فهم العقائد، وتَقصّيهم لمسائل جزئية، فقد انقسموا إلى طوائف مختلفة، كل طائفةٍ من هذه الطوائف جاءت ببدع جديدة تميِّزها عن غيرها.
وقد أطلق عليها أسماء مختلفة منها
المعتزلة، والقدرية، والعدلية، وأهل العدل والتوحيد، والمقتصدة، والوعيدية.


يُتبع - إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-08-2017, 03:19 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الأشاعرة، والكُلاّبية

6. الأشاعرة : فرقة كلامية تنسب إلى أبي الحسن علي ابن إسماعيل الأشعري المولود بالبصرة سنة (270هـ) قبل رجوعه إلى اعتقاد السلف في الجملة.

نشأ أبو الحسن الأشعري في كنف "أبي على الجبائي" شيخ المعتزلة في عصره، وتشرّب من أفكاره، وتلقى علومه حتى صار نائبه، وموضع ثقته، ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين عاماً يناظر عليه، ثم رجع عن ذلك، وثار على مذهب الإعتزال الذي كان ينافِحُ عنه، وصرَّح بتضليل المعتزلة، وبالغ في الرد عليهم. واعتكف في بيته خمسة عشر يومًا يفكر ويدرس ويستخير الله - تعالى - حتى اطمأنت نفسه وأعلن البراءة من الإعتزال، ولكنه لم ينتقل إلى مذهب الحديث وأهله، بل تأثر بطريقة عبد الله ابن سعيد بن كُلاّب في إثبات الصفات السبع لله - تعالى - عن طريق العقل، وهي : الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، ونفي ما عداها، وقولهم هذا يستلزم التعطيل.

وفي هذه المرحلة المتذبذبة من حياة أبي الحسن الأشعري، انتسب إليه أقوام عرفوا بــ« الأشعرية أو الأشاعرة »، فقيل فيهم : أفراخ المعتزلة، ومخانيث الجهمية !.

ثم وفقه الله - تعالى - بآخر حياته لاتباع ما كان عليه الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - من المنهج السلفي الحق؛ فأثبت الصفات لله - تعالى - جميعها من غير تكييف ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تمثيل، وفي هذه المرحلة كتب كتاب «الإبانـة عن أصول الديانة» عبّر فيه عن تفضيلهِ لعقيدة السلف الصالح ومنهجهم، فانتحل مذهب أهل الحديث، وحامل لوائهم "الإمام المبجل أحمد بن حنبل" ودافع عن السنة وشرح العقيدة، وتوفى سنة [324 هـ] ودفن ببغداد، ونودي على جنازته : "اليوم مات ناصر السنة". انظر : [الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة 1/ 87 - 91].

7 . الكُلاّبية : أتباع أبو محمد عبدالله بن كُلاّب القطان (ت 243)، في إثبات الصفات السبع لله - تعالى - عن طريق العقل، وهي : الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، ونفوا ما عداها، وقال بخلق الكتب السماوية، ومنها القرآن الكريم، وأنه ليس كلام الله على الحقيقة، إنما هو كلام الله النفسي، لا يسمع، وإنما يسمع ما عبارة عنه، وهو قول مبتدع لم يدل عليه كتاب ولا سنة ولم يَرِدْ عن سلف الأمة، فكان أول من ابتدعه ابن كُلاّب - عليه من الله تعالى ما يستحق -.

وقال هو وأتباعه عن الله - تبارك وتعالى - : [هو الموصوف بالصفات، لكنها ليست أعراضا، إذ هي قديمة باقية، لا تعرض، ولا تزول، ولكن لا يوصف بالأفعال القائمة به كالحركات، لأنها تعرض، وتزول]. انظر : [مجموع الفتاوى 6/ 30]. وهذا لا يصح لأن فرْضُ ذاته بلا صفاته اللازمة الواجبة له، فرضٌ ممتنع.

وقالوا : إن الايمان لا يزيد ولاينقص، فجعلوا إيمانُ أفجر واحدٍ منهم كإيمان الأنبياء والمرسلين والملائكة والصديقين - عليهم الصلاة والسلام - أجمعين !!.

وبناء على مذهبهم هذا - لا يجيزون لأحدهم - مهما كان فاسِقًا فاجرًا - أن يقول : أنا مؤمن إن شاء الله - تعالى -، بل عليه أن يقول : أنا مؤمن حقا !. وبناء على ذلك كله اشتطوا في تعصبهم؛ فذكروا أن من استثنى في ايمانه فقد كفر !.

والله - تعالى - في محكم التنزيل يقول : ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ۞ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ [سورة القلم 34 - 35].

ويقول : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ۞ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۞ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [سورة الأنفال 2 - 4]. ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [سورة النساء 87].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-08-2017, 03:29 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الماتريدية

8. الماتريدية : فرقة كلامية نشأت بسمرقند في القرن الرابع الهجري . تنسب إلى أبي منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي (ت 333).

وسمي بالماتُريدي نسبة إلى "ماتُريد" وهي محلة قرب سمرقند ولد بها، تأثر بعقائد الجهمية من الإرجاء والتعطيل، وكذلك المعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات، وتحريف نصوصها، ونفي العلو والصفات الخبرية ظنا منه أنها عقيدة أهل السنة.

وتأثر بابن كُلّاب الذي ابتدع القول بكلام الله النفسي، وتابعه في عدة مسائل : في مسألة الصفات وما يتعلق بها، ومسألة القرآن هل يتكلمه سبحانه بمشيئته ام بقدرته، ومسألة الإستثناء بالإيمان. انظر : [الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة 1/ 108].

قالوا بأن الإيمان هو : التصديق بالقلب فقط، وعليه فإن أبا طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنده مؤمنًا كامل الإيمان.

وتابَعوا في ذلك الكُلّابية في نفي زيادة الإيمان ونقصانه، وفي الإستثناء.

وقال الماتريديون ببدعة تقسيم أصول الدين إلى عقليات وسمعيات، والتي قامت على فكرة باطلة أصّلها الفلاسفة بناء على أن نصوص الدين متعارضة مع العقل، فعملوا في محاولة لم يحالفها التوفيق للتوسط بين مذهب أهل السنة والجماعة في الإعتقاد ومذاهب المعتزلة، والجهمية، وأهل الكلام، فأعْلوا شأن العقل مقابل النقل، مما اضطرهم إلى القول بالتأويل، والتفويض، والمجاز في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وعدم الأخذ بحديث الآحاد، والقول بخلق الكتب السماوية ومنها القرآن الكريم.

فالعقليات : هي الإلهيات وما يستقلّ العقل بإثباتها، والنقل تابع له، وتشمل أبواب التوحيد والصفات.

والسمعيات : الشرعيات : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتًا ونفيا، ولا طريق للعقل إليها، مثل النبوات، وأحوال البرزخ، وأمور الآخرة من الحشر، والنشر، والميزان، والصراط، والشفاعة، والجنة، والنار، والقدر، والقول في الإمامة، والصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - لأنهم جعلوا فيها مصدر التلقي السَّمع، لأنها من الأمور الممكنة التي أخبر بها الصادق الأمين رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأيَّدتها نصوص الكتاب والسنة، فوافقوا أهل السنة والجماعة في السمعيات، علما بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات.

ولما كان مفهومهم للتوحيد يقتصر على توحيد الربوبية فقد تمكن التصوّف من التغلغل في أوساطهم. وكان لانتسابهم إلى مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع أثره البالغ في انتشار المذهب الماتريدي إلى اليوم. [الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة 1/ 106].

_______
المراجــع :

[1]
[ظلال الجنة في تخريج السنة للشيخ العلامة الألباني رحمه الله ].
[2] [مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى -.
[3] [الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:01 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.