أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
47530 | 162855 |
#1
|
|||
|
|||
الخطر الحوثي والثأر الفارسي / د. عبد العزيز بن ندى العتيبي
الخطر الحوثي والثأر الفارسي
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد: منذ سقوط الدولة الفارسية (إمبراطورية المشرق) على أيدي المسلمين، ودخول أهلها في الإسلام -وأخرج الله من أصلابهم أعلاماً كانوا أئمة هدى ودعاة حق-، ولكن بقيت فلول فارسية أبت الإذعان والدخول في دين الإسلام، ورفضت الاندماج في المجتمع المسلم، بل قاومت جماعة المسلمين، فما برحت تلك البقايا تنادي وتطالب بالثأر لعرش كسرى؛ أملاً بإعادة أمجاد العهد الفارسي؛ فأخذت على نفسها بذل الجهد، والعمل للفتك بذلك الدين الذي جاء ليرسم نهاية أبدية لتلك الإمبراطورية، ويمزق هذا الملك إلى يوم القيامة، فقد رواه البخاري (7144)، ومسلم (2918) في »صحيحيهما« من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد بيده؛ لتنفقن كنوزهما في سبيل الله«، وفي رواية لمسلم (2919) في »صحيحه« من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: »لتفتحن عصابة من المسلمين أو من المؤمنين كنز آل كسرى الذي في الأبيض«. ماذا بعد فشل الفرس في المواجهة العسكرية (الميدانية)؟! بعد الانكسار والفشل الميداني للدولة الفارسية، وما واكب تلك الهزيمة من انهيارات عقدية أمام دين الإسلام، وعدم قدرة المعتقدات والطقوس الفارسية على الصمود أمام دعوة التوحيد؛ وعبادة الله وحده لا شريك له، والإعلان ورفع راية العجز عن مواجهة الحق الذي أنزله الله، قال تعالى: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف: 118]، فأنشأ طلاب الثأر خلايا تعمل ليل نهار؛ لزرع الخرافات والأمراض في قلب عقيدة الإسلام الصلبة، بعدما علموا أنها السِرّ الذي يقف خلف تلك الانتصارات، ودخول الناس في دين الله أفواجا. الفرس يجيدون صناعة المذاهب والديانات ذهب الفرس إلى صناعة وصياغة أفكار باسم الإسلام، ومن ثم محاولة التغلغل واختراق صفوف الأمة، ولِما وجدوه من صعوبة التَّحركِ بلباسٍ فارسي أعجمي محض، تم الاحتيال على ذلك؛ فعملوا على إغواء بعض أبناء الأمة الناطقين بالعربية، ليحملوا أفكار الحقد والكراهية والانتقام؛ نيابة عن الفرس (الحاقد الأصل)، فبدأ أولئك المنهزمون إلى التحرك يوماً بعد يوم من أجل تطوير هذه الديانة، وزراعة المعتقدات المخترعة في جسد الأمة، لعلها تزاحم المعتقدات الصحيحة، أو تقوم بانتزاعها واحتلال جزء من مكانتها في نفوس بعض المسلمين، والمفاجأة أنهم استطاعوا امتلاك عقول بعض الجهال والسذَّج؛ فكان لهم ما أرادوا، ومع مرور الأيام والسنين؛ ورث الأبناء دين الآباء تقليداً دون مناقشة أو طلب برهان، وسلكوا المنهج نفسه الذي كان عليه مخالفوا الأنبياء والرسل واحتجوا لدينهم المخترع بالحجة عينها، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا الفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ}[البقرة:170]، وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْاْ إلى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَالى الرَّسُولِ قَالواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}[المائدة:104]، وجيلاً بعد جيل؛ أصبح كثير من أبناء المسلمين يحملون الأفكار والمعتقدات ذات الهوية الفارسية، فتحقق للفرس مبتغاهم، فكان أن تترس الفرس خلف أبناء المسلمين، وجعلوهم على خط المواجهة مع أبناء جلدتهم، يحملون عقائد الحقد والكراهية لأبناء الأمة العربية والإسلامية، وينشرون كماً من الخرافات والطرق المنحرفة. و هكذا استطاعوا التسلل إلى مواقع في بعض البلدان العربية والمجتمعات الإسلامية. الثأر الفارسي يمارس بأيد حوثية نظرية الثأر الفارسي لعرش كسرى: كثيراً ما نجد القائمين على هذه النظرية يحسنون صناعة الوليد وفطامه واحتضانه، و صياغة أفكار ذات أنياب ومخالب مشوهة، ومن ثم البدء بتصدير ذلك الوليد وعقائده المخترعة إلى عقول عربية، لا تحمل إلا هماً واحداً؛ فتجدها تحمل هماً فارسياً محضاً، يقوم بممارسة عمليات ثأرية لأمجاد قضى الله في قدره وحكمه أَنَّها لن تعود أبدا، قال تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}[يوسف:21]. الخطر الحوثي في الخليج العربي ولذا يجب على المسلمين التنبه وأخذ الحيطة والحذر من تلك المخاطر التي زرعت على امتداد ساحل الخليج العربي، فالواجب على المسلمين اعداد العدة قبل فوات الأوان، وتطهير المنطقة من الزيف، ووقايتها من الأمراض التي تقضي على الأمة. الخطر في الشام وما بلاد الشام المحروسة عنا ببعيد زماناً ومكاناً، فقد انفلت الزمام، وضاعت الأحلام، بعد دهم نفس الخطر هذه المجتمعات والبلدان، والذي تباهى في لبنان، رفع شعاره، معلناً عن نفسه، وبدأ يفاخر بذلك الدم الغريب، والدعم الفارسي المريب. الخطر في جنوب الجزيرة العربية ونعيش اليوم اضطراباً وزعزعة للأمن والأمان، وسفكاً لدماء الأبرياء في جنوب الجزيرة العربية، ومحاولة تهديد للدولة السعودية المناهضة للمد الفارسي في المنطقة. إن سفك الدماء وترويع الآمنين، والإفساد في البلاد وإضاعة مصالح العباد؛ تمثل السمة البارزة للدعوة الحوثية. التاريخ يوثق مجزرة بأفكار حوثية ودعم فارسي فذكر ابن كثير في »البداية والنهاية« (11/182): في أحداث سنة سبع عشرة وثلاثمائة. قال: ذكر أخذ القرامطة الحجر الأسود إلى بلادهم، فيها خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي، فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافدت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام، و في جوف الكعبة من الحجاج خلقا كثيراً، وجلس أميرهم أبوطاهر لعنه الله على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله، والسيوف تُعْمِل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام وهو يقول: أنا الله وبالله، أنا أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا. فكان الناس يفرون منهم، فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف، فلما وجب أنشد وهو كذلك: ترى المحبين صرعى في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا فلما قضى القرمطي لعنه الله أمره، وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم، ودفن كثيرا منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام، و يا حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة، وذلك المدفن والمكان، ومع هذا لم يغسلوا، ولم يكفنوا، ولم يصل عليهم؛ لأنهم محرمون شهداء في نفس الأمر، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة، ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات إلى النار، فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود فجاءه رجل؛ فضربه بمثقل في يده، وقال: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم، أهـ قلت: فمكث عندهم (ثنتين وعشرين سنة) من سنة سبع عشرة وثلاثمائة، حتى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قال تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ}[إبراهيم:26]. الدكتـور/عبد العزيز بن ندَى العتيبي جريدة الوطن الكويتية تاريخ النشر 14/12/2009 منقوووووووووووول
__________________
{من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع} |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ابن ندى العتيبي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|