أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
4911 113639

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-23-2023, 08:49 PM
سعيد النواصره سعيد النواصره غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 142
افتراضي سعيد النواصره

أصول الفكر التكفيري الدقيقة ..
بين الخلط الإعلامي والحقيقة !

الجزء الأول : شيخ الإسلام ابن تيمية ومسائل التكفير

لا تكاد تقرأ شيئاً من المقالات أو الدراسات التي تتناول الجماعات التكفيرية المتطرفة بالبحث إلا وتجد فيها - من الأخلاط المعرفية والأغلاط العلمية - ما يجعل العاقل متعجباً مرتاباً ، سواء حول التسميات التي يطلقونها على جماعات التكفير المتطرفة أو الأصول القائمة عليها .
ربما كانت المرجعية الإعلامية أو الثقافية لدى البعض من أصحاب تلك المقالات عاملاً مهماً فيما وقعوا فيه المغالطات الشنيعة عند الحديث حول الجماعات الإسلامية المعاصرة مع ادعائهم التخصص فيها ، فإن أضفت إليه ضعف التأصيل العلمي أو التحقيق فيما يطرحونه ، تعمقت مشكلتهم كثيراً وقد لا يسلموا من ظلم وتجنٍ ينال العلماء والأئمة والدعاة ، ولو أنهم اتبعوا المنهجية العلمية الصحيحة في البحث لرفعوا عن أنفسهم الحرج وعرفوا الحق ، فهذا العلم دين لا يصلح معه شيء من التقصير في طلبه ولا التحيز لفئة ولا مسايرة الإعلام بما فيه من تسرعات السبق الصحفي أو سطوة الاشتهار فضلاً عن الموجهات العالمية والمخططات السرية .

أما الاسم الذي يطلقونه على جماعة التكفير ، وبات متداولاً في الإعلام فهو : السلفية الجهادية ، ووجدنا حتى المنتسبين للعلم الشرعي يستعملونه كثيراً ويكررونه في مقالاتهم أو دروسهم أو محاضراتهم ، ولعمري هذا بهتان عظيم فما هم بسلفيين ولا جهاديين ، والاسماء لا تغير الحقائق أبداً ، ولو كان لها أثر ففي سبيل هدف مُراد كاستمالة العقول والقلوب أو تحقيق القبول ، وربما لتمويه الحق وأهله وتشويه الأحق بها .

ولا ندري سبب إصرار الكثيرين على تلقيب أهل التكفير بالسلفية! ، رغم تنبيهات العلماء من أهل السنة وتحذيراتم ، إلا أن يكون مقصوداً لغرض أو هدف ، أو جاء عن اعتقاد وقناعة ، أو جهلاً بمدلول هذا الوصف - أو اللقب! - وأدلته , أو هو تقليد إعلامي ذاع واشتهر فحسب ، وأيا كان الحال فكل من يستعمله للدلالة على التكفيريين مخطئ ومجافٍ للعدل والإنصاف والحق .

الأمر هنا لا يخرج - عقلاً - عن القول :
* إما أن يكون هذا الوصف ( السلفية الجهادية ) من ادعاء التكفيريين أنفسهم .
* أو أطلقه عليهم غيرهم لاعتقاد جازم بأنهم خرجوا من تحت عباءة الدعوة السلفية وتفرعوا عنها بأفكار جديدة تتعلق بتكفير المجتمعات والأنظمة العربية الحاكمة .

فإن كان الأول لزم كل من أراد الحديث عن الفكر التكفيري التخلي عن وصف اصحابه بالسلفية - وإن ادعوه - إذا كان يعرف من هم السلف وما هو منهجهم ، أو وقف على فهمهم في مسائل التكفير والخروج على الحكام والإنكار عليهم ، وإن لم يعرف وجب عليه التحري والبحث والسؤال ، فإنه وصف يتعلق بألسلف الأول من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس مجرد اسم أو شعار .

وأما من أطلق الوصف وأراده - أو رآه - حقيقة فهذا يلزمه القول بأن علماء الدعوة السلفية - قديماً وحديثاً - كانوا حاضنة علمية للفكر التكفيري ، وهو الأمر الذي تخوض فيه كثير من الكُتاب والصحفيين والمحللين وبعض المنتسبين للعلم ، فخلطوا في المفاهيم وخربطوا بالأحكام ! ، لا سيما في بحثهم المنهج العلمي لشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام محمد بن عبد الوهاب ونسبة الفكر التكفيري إليهما بعد التقرير أنهما الأساس في نشأة السلفية على اعتبار منهم بأنها حركة دينية أو تيار أو فكر ! .

يقول أحدهم - في مدونة فكرية معروفة - :
" لا يكاد يختلف اثنان من الباحثين في أنّ نشأة التيارات التكفيرية ترجع أساسا إلى دعوة محمّد بن عبدالوهاب(1703-1792م) المتأثر بابن تيمية(661-728هـ) وتلميذه ابن قيم الجوزية(691-751هـ). وأصل هذه الدعوة المسماة بالسلفية التي تعني في اصطلاح الإسلاميين القدامى والمحدثين عملا تصحيحيا وترجع نسبة الكلمة إلى السلف الصالح الذين حملوا لواء الدعوة الإسلامية وعن طريقهم وصل الدّين إلى الأجيال اللاحقة " انتهى

تنامت مثل هذه الدعاوى الباطلة في المجتمعات الإسلامية ، وصار يتداولها الإعلاميون بشكل لافت ، ويدسها المؤلفون في المسلسلات والأفلام فتجري على ألسنة الممثلين كأنها حقيقة قاطعة ، حتى استسهل كثير من أهل الإسلام ترديدها ، ولم تًقابل - للأسف - بما يكفي من الصد الإعلامي ، ولعل هذا عائد إلى أن أكثر قنوات الإعلام مغلقة أمام الدعاة وبعضها مسخر لمثل هذه الشبهات الخاطفة .

ولئن قائل هذا الكلام ذا مرجعية فكرية فلسفية لم تسعفه من التورط في منهجية التصورات المغلوطة التي لا تستند على البراهين العلمية ، فقد رأينا كثيراً ممن ينتسبون للعلم الشرعي المؤصل يقعون في ذات الخلط بل أسوا ، إذ يقول أحدهم - في إحدى المداخلات الإذاعية - :
" أزمة التكفيريين أنهم لا يقرأون للمذاهب الأربعة، أبي حنيفة ومالك والشافعي، بل لا يقرأون إلا لابن تيمية، وكتب ابن تيمية زاخرة بالتكفير، فإننا إذا طالعنا كتاب الفتاوى له، سنجد أنه فيها أربعمائة وثلاث وثمانين مسألة( 438 )، يقول فيها ابن تيمية : يستتاب صاحبها وإلا يقتل "

والشيء الغريب المُلاحٓظ عند تتبع المقالات والكتب التي تنسب الفكر التكفيري المدمر إلى منهج شيخ الإسلام ، أنها متوافقة إلى حد التطابق مع ما يروجه الشيعة الروافض في مواقعهم وقنواتهم إطالة وتكراراً ! .

شيخ الإسلام ابن تيمية ومسائل التكفير

التكفير حكم شرعي كسائر أحكام الدين له أسبابه وضوابطه وشروطه وموانعه وآثاره ، وهو حق خالص لله ورسوله، ولا دخل فيه للعقل أو الأهواء ، ومسائله دقيقة جدآ فلا يتصدر لها إلا الراسخون في العلم والمجتهدون .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - في منهاج السنة النبوية (5/ 92) - :

” إن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمناً ومسلماً، والعدل من جعله الله ورسوله عدلاً، والمعصوم الدم من جعله اللهُ ورسولُه معصومَ الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها”

ولهذا لا نجد الكلام عن التكفير في كتب ابن تيمية إلا ويعلوه الحذر الشديد والخشية ، وأكثره يقع على الأعمال التي نص الكتاب والسنة على كفرها ، وأما الأعيان الذين وقع منهم عمل كفري فيتجنبهم ولا يمسهم ، وكان يقول - رحمه الله - :

"هذا مع أني دائما، ومن جالسني يعلم ذلك مني؛ أني من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى: تكفير، وتفسيق، ومعصية. إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية، التي من خالفها كان كافرا تارة، وفاسقا أخرى، وعاصيا أخرى، وإني أقرر: أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها. وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية".
: الفتاوى (3/229)

وما كان في بعض مؤلفاته من شدة مع المخالف فهذا مما يقتضيه المقام أو الاحوال والظروف ، ومن يرى حجم ما قرره من الضوابط والشروط التي تحكم التكفير يعلم كم كان يتورع فيه ويتوسط بين الإفراط والتفريط .

افتراء ثم افتاء

يقول الدكتور محمد حبش في بحثه عن فتاوى التكفير عند ابن تيمية :
" ابن تيمية يوصف بانه فقيه إسلامي هائل يملأ الدنيا ويشغل الناس، وهو الإمام الأول لحركات السلفية الجهادية، وهناك عشرات الملايين من المسلمين يعتبرونه أهم إمام في الإسلام ويسمونه شيخ الإسلام وهو لقب لم يحظ به أحد في التاريخ قبله ولا بعده.
شيخ الإسلام ابن تيمية ترك تراثاً كبيراً، كان متفرقاً في الكتب الصفراء حتى قامت السعودية ومؤسساتها الدينية الرسمية بنشر فكره وكتبه، وبإمكانك أن تجد فيها هذه الفتاوى "

أحصى الدكتور حبش ما يقارب 427 فتوى لشيخ الإسلام يذكر فيها عبارة : ( يستتاب وإلا قُتل ) ، مدعياً بأن هذه الفتاوى تكرّس لقتل المسلم ،متعجباً في النهاية بالقول : ويسألونك من أين أتت داعش ! .

الدكتور حبش مفكر تنويري حداثي معروف يدعو لتجديد الخطاب الديني ، وله كتب كثيرة في مجال التنوير ، تولى مناصب عديدة في دول عربية وأجنبية ، وأشرف على عدد من رسائل الدكتوراه والترقيات في الجامعة الأردنية وكلية الدعوة الإسلامية ، ويدرس الآن المساقات الإسلامية في إحدى الجامعات الإماراتية .

هذه الشبهة الإحصائية الرقمية طار بها الملاحدة والتنويريون وأعداء شيخ الإسلام ، فنشروها في شتى المواقع والقنوات الإعلامية كدليل لهم في اتهام شيخ الإسلام بتأسيس الفكر التكفيري الدموي ، ولو أن الدكتور الحبش - وهو بهذه المرتبة الدراسية والمناصب - كلف نفسه البحث في تلك الفتاوى الشرعية لشيخ الإسلام بالرجوع إلى سياقاتها الكاملة سؤالاً وجواباً ، واستقصى الأصول الفقهية لعبارة : يستتاب وإلا قًتل ، لوجد الأمر خلاف الذي قرره ونشره ، وبيان هذا :

أولاً : الخطأ لا يسلم من أي عالم ، ولكن إثباته يحتاج لبينات قاطعة وحجج واضحة ، لا تعتمد على فهم آحاد الناس بل على العلماء المتخصصين الذين يعرفون أصول الفقه الإسلامي وقواعد الاستنباط والخلاف المعتبر وما إلى ذلك من آلات العلم الشرعي ، فأين أهل الكبار الذين فهموا من الفتاوى التي بشير إليها الدكتور الحبش ، بأنها دعوة إلى التكفير المنفلت والقتل وسفك الدماء ، سواء من علماء زمانه أو العصور اللاحقة ، مع أن له أعداء كثر من الشيعة والصوفية والأشاعرة ، وحرض بعضهم عليه بالسجن أو( القتل ! ) ، ووجد من ( كفّره ) صراحة ، يقول أبو حفص البزار (ت – 749هـ) :

“ولم يزل المبتدعون أهل الأهواء، وآكلوا الدنيا بالدين، متعاضدين، متناصرين في عدوانه، باذلين وسعهم بالسعي في الفتك به، متخرصين عليه الكذب الصراح، مختلقين عليه، وناسبين إليه ما لم يقله ولم ينقله، ولم يوجد له به خط، ولا وجد له فيه تصنيف ولا فتوى، ولا سمع منه في مجلس”
كما في الأعلام العلية (ص 66)

ولم يُنقل عنه تكفير لأي طائفة مخالفة ، وجعله منكراً شرعاً
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" ومن البدع المنكرة: تكفيرُ الطائفةِ غيرَها من طوائف المسلمين، واستحلال دمائهم وأموالهم "
مجموع الفتاوى (7/684)

وأما الأفراد من مخالفيه الحاقدين عليه فكان شيخ الإسلام من أشد مسامحة لهم ولم يُفت بكفرهم أو قتلهم ، فها هو يقول :

" وأنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها وإقامة كل خير ، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه ولا أعين عليه عدوه قط . ولا حول ولا قوة إلا بالله . هذه نيتي وعزمي ، مع علمي بجميع الأمور . فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين "
كما في مجموع الفتاوى (2/271 )

وابن مخلوف هذا كان من أكثر الناس عداوة لشيخ الإسلام وأفتى بكفره وقتله ، فقد كتب إلى السلطان عن ابن تيمية : "يجب التضييق عليه إن لم يقتل , وإلا فقد ثبت كفره "!

مع العلم بأن المسائل العلمية التي خالفوا شيخ الإسلام فيها كان يسعهم فيها الخلاف والرد بالحجة والدليل ، وعلى أي حال لم تكن الفتاوى في مجملها تلك التي دندن حولها الدكتور الحبش في إحصائيته واعترف بهذا فقال في مقالته - مع اتهام صريح للعلماء الذين ترجموا لسيرة ابن تيمية رحمه الله - :

" ومع أن المؤسف أن الروايات التي أشارت إلى فتاوى العلماء في سجنه لم تتحدث عن هذه الفتاوى التكفيرية وإنما تناولت فتوى تحريم زيارة قبر الرسول وفتوى إيقاع طلاق الثلاث بواحدة، ولكن فيما يبدو ان الأسباب الحقيقية لسجنه لم يذكرها من ترجم لحياته "!

ثانياً : الأمانة العلمية عند نقل فتاوى العلماء تقتضي عدم تجزئ النص والانتقائية وإهمال السؤال إن وجد ، بل وأحياناً تتطلب من الناقل اعتبار الزمان والمكان والظروف العامة في محيط السائل والمًجيب .
فأما اختيار جزء من الفتوى والبناء عليه فهذا مما يُخل بأصل الفتوى ويحملها على غير مقاصدها ومعناها ، وهذا ما حصل مع فتاوى شيخ الإسلام رحمه الله حين أخرجها الدكتور من سياقها العام ، حتى وجدنا من يقول : ( ابن تيمية يقول عمن يجهر بالنية يستتاب وإلا قًتل! ، أو : ابن تيمية يكفر من يجهر بالنية ! )

ولنأخذ هذه الفتوى - وهي مما ذكره الدكتور الحبش في مقاله - :
هنا أنقل كلاماً جميلاً للأخ معتز الخطيب - أستاذ فلسفة الأخلاق في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة - حيث قال :
" فالمعلومة لا تكتسب معنى إلا بوضعها في سياق، والسياق هنا ليس زمانيًّا أو مكانيًّا فقط، بل سياق المعرفة نفسها (حالة البحث والأدبيات السابقة وتطورات الحقل العلمي)؛ لأن المعرفة تراكمية، ولكن تراكم المعلومات لا يستلزم حصول العلم أو تطور المعرفة؛ لأن العلم يحتاج إلى أدوات منهجية وقدرة تحليلية لتحويل المعلومات إلى علم "
إلى أن قال :

" المثال الأول: القول بأن ابن تيمية قال باستتابة من أصر على الجهر بالنية في الصلاة الجماعية. ولو عدنا إلى نص ابن تيمية كاملاً في "مجموع الفتاوى" وفي "الفتاوى الكبرى" فسنجد أن المسألة مركبة؛ نظرًا لطبيعة السؤال الذي يجيب عليه.

فمن جهة السؤال: يتحدث السائل بوضوح عن رجل "يشوّش على الصفوف"، ويعتقد أن الجهر بالنية "دين الله" و"يجب على كل مسلم أن يفعل هذا"، وأن هذا الشخص يقول للمنكرين عليه "كُلٌّ يَعْمَلُ في دينه ما يشتهي".

ومن جهة الجواب: نجد ابن تيمية يفكك السؤال إلى ثلاث جزئيات: الأولى: أن النية محلها القلب باتفاق أئمة المسلمين، وأن ثمة فرقًا بين التلفظ بالنية سرًّا وبين الجهر بها. وبهذا صار الحديث عن ثلاثة مستويات للنية: عزم القلب، والتلفظ بها سرًّا، والتلفظ بها جهرًا. الثانية: أن الجهر بلفظ النية ليس مشروعًا مطلقًا، ولكن الخلاف وقع بين الفقهاء في التلفظ بها سرًّا وهل هو مستحب أو مكروه؟ أما الجهر بها "فهو مكروه منهي عنه غير مشروع باتفاق المسلمين".

الجزئية الثالثة هي أن "من ادعى أن الجهر بالنية دين الله وأنه واجبٌ" فـ"يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول"، و"من أصر على فعل شيء من البدع وتحسينها فإنه ينبغي أن يُعزّر تعزيرًا يردعه وأمثالَه عن مثل هذا"، وأن "من نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الباطلَ خطأً فإنه يُعَرَّفُ، فإن لم يَنْتَهِ عوقب، ولا يحلّ لأحد أن يتكلم في الدين بلا علم، ولا يُعينُ من تَكَلَّمَ في الدين بلا علم، أو أدخل في الدين ما ليس منه".

ثم عاد إلى لُبّ المسألة فقال: "وأما قول القائل: كُلٌّ يعمل في دينه الذي يشتهي فهي كلمة عظيمة، يجب أن يُسْتَتَابَ منها وإلا عوقب، بل الإصرار على مثل هذه الكلمة يوجب القتل، فليس لأحد أن يعمل في الدين إلا ما شرعه الله ورسوله دون ما يشتهيه ويهواه".

ومن جهة السياق؛ فإن القارئ لنص السؤال تستوقفه أمور: تركيبية السؤال نفسه الذي يجمع جزئيات عدة: التشويش بالجهر بالنية وبالجهر بالقراءة خلف الإمام أيضًا، ونسبة ذلك إلى دين الله، وإيجاب ذلك على المسلمين جميعًا، وإعانة من يفعل ذلك، وأن كل واحد يعمل في دينه ما يشتهي " انتهى

فهل هذا مثل ذاك الذي استنتجه الدكتور الحبش ؟

ثالثاً : شيخ الإسلام ابن تيمية من أكثر الأئمة الذي اعتنوا بالضوابط والشروط الفقهية في مسائل التكفير ، وعليه فإن المنهج المحتم في نقل الفتوى عنه واستنتاج الأحكام يجب أن يكون مترابطاً مع تلك الضوابط والشروط التي قررها في كتبه مراراً وتكراراً ، ومن هذا قوله - رحمه الله - :

“وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحقّ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهدًا في طلب الحقّ وأخطأ، فإن الله يغفر له خطأه كائنًا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام، وما قسَّموا المسائلَ إلى مسائلَ أصولٍ يكفر بإنكارها، ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها”
مجموع الفتاوى (22/346)

وقال - رحمه الله - :

" ولا يلزم إذا كان القول كفرا أن يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه وذلك له شروط وموانع كما بسطناه في موضعه وإذا لم يكونوا في نفس الأمر كفارا لم يكونوا منافقين فيكونون من المؤمنين فيستغفر لهم ويترحم عليهم "
منهاج السنة (5/224 )

يتبع بإذن الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:23 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.