أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
82621 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-17-2010, 09:28 PM
خالد بن إبراهيم آل كاملة خالد بن إبراهيم آل كاملة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 5,683
افتراضي لا يغلبنكم سيد قطب على معاني ألفاظ شرعكم(المميع..والتمييع)(3)للدكتور عبدالعزيز بن ندى

لا يغلبنكم سيد قطب على معاني ألفاظ شرعكم
(المميع والمائع والتمييع) (3)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، أما بعد:
للوصول الى المراد وتبليغ العباد؛ لابد من وضع القواعد والضوابط والأصول والكليات وبيانها، ومن ثمّ إلحاق المسائل الفرعية بها، لتحديد وظيفة كل لفظ نطق به الناطقون، من أهل الضاد وغيرهم من العباد، وبيان المعنى المراد من كل حرف أصله في الدين أو يراد إدخاله في مسمى شرع رب العالمين، والدافع الى ذلك رغبة في إعمال النصوص الشرعية لا إهمالها، والتي جاءت بالأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع.

التأصيل لدفع الإشكال عن الأذهان
أولاً: الأصل في العبادات الحظر والأصل في العادات العفو.
إنّ الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يأتي النقل، أي: حتى نقف على دليل شرعي من الكتاب والسنة، والأصل في العادات الحل والعفو، حتى نقف على النهي والتحريم.
ولذا فلا نأتي بزيادة ولا نقص في مسائل الإيمان والإسلام وسائر العبادات، ومثاله ألا نأتي بزيادة ولا نقص في أفعال الصلاة وأقوالها ولا في اسمها، فيحافظ على الهيئة والكيفية لما روى البخاري في «صحيحه»(631) من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولا نغير في اسم الصلاة لما رواه مسلم في «صحيحه»(644/ 228) من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا انها العشاء وهم يعتمون بالابل». في رواية لمسلم في «صحيحه»(644/ 229): «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنها في كتاب الله العشاء، وإنها تعتم بحلاب الإبل». وهذا نص عام وخاص، دليل عام في الاتباع في كل شرائع الإسلام، ودليل خاص في متابعته في الصلاة وقال تعالى: {فمنْ كان يرْجُو لِقاء ربِّهِ فلْيعْملْ عملاً صالحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبادةِ ربِّهِ أحدًا} [الكهف:110]، والعمل لا يكون صالحاً إلا بشرطين: إصابته للسنة، وهذا يتحقق بالمُتابعة، وإخلاص العمل وصرفه لله وحده، وهذا متحقق في قوله: {ولا يُشْرِكْ بِعِبادةِ ربِّهِ أحدًا}.
وقال شيخ الإسلام في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص100 - 101): (وليس الفعل في الصلاة من العادات كالاحراز والقبض والاصطياد وإحياء الموات حتى يرجع في حده الى عرف اللفظ، بل هو من العبادات، والعبادات يرجع في صفاتها ومقاديرها الى الشارع، كما يرجع في أصلها الى الشارع، ولأنه لو جاز الرجوع فيه الى عرف الناس في الفعل أو في مسمى التخفيف، لاختلفت الصلاة الشرعية الراتبة التي أمرنا بها في غالب الأوقات عند عدم المعارضات المقتضية للطول أو القصر اختلافاً مبايناً لا ضبط له، ولكان لكل أهل عصر ومصر بل لكل أهل حي وسكة بل لأهل كل مسجد عرف في معنى اللفظ، وفي عادة الفعل مخالفاً لعرف الآخرين، وهذا مخالف لأمر الله ورسوله حيث قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولم يقل كما يسميه أهل أرضكم)ا.هـ
قلت: فلا يشرع تحريف الأسماء الشرعية ولا تبديل المسمى، فلا زيادة ولانقصان في كيفية الصيام ولا في اسمه، ولا في كيفية الحج، ولا في اسمه، ولا زيادة ولا نقصان في مقادير الزكاة ولا في اسمها...

قاعدة عظيمة نافعة:
قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (29/ 16): (تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها، لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأما العادات، فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى، وذلك لأن الأمر والنهي هما شرع الله، والعبادة لابد أن تكون مأموراً بها، فما لم يثبت أنه مأمور به كيف يحكم عليه بأنه عبادة، وما لم يثبت من العبادات أنه منهي عنه كيف يحكم على أنه محظور، ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى، وإلا دخلنا في معنى قوله: {أمْ لهُمْ شُركاءُ شرعُوا لهُمْ مِن الدِّينِ ما لمْ يأْذنْ بِهِ اللّهُ} [الشورى: 21]، والعادات الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه وإلا دخلنا في معنى قوله: {قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزل اللّهُ لكُمْ مِنْ رِزْقٍ فجعلْتُمْ مِنْهُ حرامًا وحلالا}، [يونس: 59].....) وقال: (وهذه قاعدة عظيمة نافعة).

إلحاق فرع بأصل:
هل تمييع الدين، وتمييع الإيمان، وتمييع الإسلام، وتمييع السنة، وتمييع السلفية، وفلان مائع وفلان مميع وأولئك من المميعة، أو مميعون للدين، وغير ذلك من الألفاظ المستعملة داخلة في عادات الناس أو في العبادات؟! والجواب بلا أدنى شك أنها داخلة في العبادات.
وجواباً على ما تقدم نقول: إن التمييع ومشتقاته يستعمل مفرداً ومضافاً.
1. فإن كان التمييع ومشتقاته مفرداً: يصح إلحاقه بالعبادات، ويصح إلحاقه بالعادات (لمعناه اللغوي)، واذا ألحق بالعبادات فالأصل في استعماله الحظر حتى يوافق ما جاء في الشرع.
2. والتمييع ومشتقاته مضافاً: يلحق بالعبادات حيث الأصل فيها المنع حتى يثبت بالكتاب والسنة ما أفاده ولا يصح إلحاقه بالعادات.

ثانياً: المحافظة على اللفظ ومعناه في الشرع.
وظيفة اللفظ: ونقصد بالوظيفة هنا تلك المهمة أو الفائدة التي تعبر عنها أو تضيفها الألفاظ الشرعية، (فالألفاظ أوعية المعاني) ويمكن ذكرها في الآتي:
الوظيفة الأولى: وظيفة البلاغ.
ويمكن النظر إلى الألفاظ الشرعية على أنها: (قالب لفظي) مقصود اختاره الشارع لتضمينه المعنى المراد تبليغه للناس، من مثل الاسلام والايمان والكفر والنفاق وغيره.
وغير ذلك من المصطلحات التي عبرت بها النصوص عن المعاني الشرعية المراد تبليغها.
الوظيفة الثانية: وظيفة التفسير (البيان)
وهي وظيفة خادمة للنصوص: بالبيان والكشف والشرح والتوضيح والتقريب .

أصل كلمة (ماع ومائع والتمييع) ومعناها في الشرع
تقدم الدليل على ورود الكلمة في الشرع والمعنى المراد منها وذلك من رواية البخاري (1877) واللفظ له، ومسلم (1387/ 493) في «صحيحيهما» من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يكيد أهل المدينة أحد الا انماع كما ينماع الملح في الماء». وفُسِّر في لفظ لمسلم: «من أراد أهلها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء». ومعناه أن الإماعة والتمييع عقاب ووعيد لمن كاد لأهل المدينة أو أراد بهم سوءاً، ومنه: فإن مائع بمعنى ذائب، وانماع وينماع بمعنى ذاب ويذوب، وميع ذوب والتمييع: الإذابة والتذويب من جامد الى مائع وسائل. وبهذا تبين أنها جاءت في الشرع نوعاً من أنواع العقاب.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (5/ 298- 299): (وبالجملة فمعلوم أن الألفاظ نوعان: لفظ ورد في الكتاب والسنة أو الاجماع فهذا اللفظ يجب القول بموجبه سواء فهمنا معناه أو لم نفهمه لأن الرسول لا يقول الا حقاً، والأمة لا تجتمع على ضلالة. والثاني لفظ لم يرد به دليل شرعي كهذه الألفاظ التي تنازع فيها أهل الكلام والفلسفة).

إلحاق فرع بأصل (أسماء الذم والمدح)
الكفر والبدعة والفسق أحكام شرعية فتلحق بالعبادات، والعبادات توقيفية.
قال شيخ الإسلام في «في الرد على البكري» (2/ 611): (ومما يجب معرفته أن الأسماء والألفاظ التي تعلق بها الأحكام الشرعية من الأمر والنهي والتحليل والتحريم والاستحباب والكراهة والمدح والذم والثواب والعقاب والموالاة والمعاداة، هي الألفاظ الموجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ، وذلك مثل لفظ الإيمان والإخلاص والعبادة والكفر والشرك والهدى والضلال والرشاد والغي والعبادة والتوكل والشكر والصبر والنبوة والرسالة والتوكيل ونحو ذلك، فأما الألفاظ التي لم توجد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا تعلق لها بشيء من ذلك إلا إذا تبين أن معانيها موافقة لمعاني ألفاظ الكتاب والسنة، والله تعالى في كتابه وسنة رسوله قد أوجب لنفسه حقاً لا يشركه فيه غيره، وأوجب حقاً له ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين فله وحده أن نعبده ولا نشرك به شيئاً وأن نخشاه ونتقيه)ا.هـ.
قلت: وهذا اللفظ (ماع) ورد به دليل شرعي وهو العقاب لمن كاد بأهل المدينة، وجاء في ألفاظ الشرع بمعنى الذوبان والإذابة، فلا ينبغي العدول عن لفظ الشرع ومعناه الذي خوطب الصحابة به، وقد يكون المعنى المراد من الذوبان والتمييع أعم من العقاب، ولكنه الآن يستعمله بعض الناس في باب الذم، لفظ ذم: اسم ذم ووصف ذم، وهذا الذم ناتج عن انحراف في الأحكام الشرعية.
تنبيه: الكافر حكم شرعي والظالم حكم شرعي، والمنافق حكم شرعي، والمبتدع حكم شرعي، والفاسق حكم شرعي.
أيهما أبلغ لغة: الشرع أم ما أحدثه الناس؟
1- هذا رجل كافر، قال بعض الناس: هذا رجل مميع أو ميع دينه أو ميع عقيدته، فهل لفظ مميع أبلغ من لفظ كافر؟! وأكثر فائدة ودلالة وفهم.
2- هذا رجل مبتدع، قال بعض الناس: هذا رجل مميع أو مائع أو ميع دينه، فهل لفظ مميع أبلغ من لفظ مبتدع؟! وأكثر فائدة ودلالة وفهم.
3- هذا رجل فاسق، قال بعض الناس: هذا رجل مميع أو ميع دينه، فهل لفظ مميع أبلغ من لفظ فاسق؟! وأكثر فائدة ودلالة وفهم.
4- هذا رجل عاص قال بعض الناس: هذا رجل مميع أو مائع أو ميع دينه، فهل لفظ مميع أبلغ من لفظ عاص؟! وأكثر فائدة ودلالة وفهم.
5- هذا رجل مذبذب قال بعض الناس: هذا رجل مميع أو مائع أو ميع دينه، فهل لفظ مميع أبلغ من لفظ مذبذب؟! وأكثر فائدة ودلالة وفهم.
6- هذا رجل مخطئ، قال بعض الناس: هذا رجل مميع أومائع أو ميع دينه، فهل لفظ مميع أبلغ من لفظ مخطئ؟! وأكثر فائدة ودلالة وفهم.
قال شيخ الاسلام في «مجموع الفتاوى»(16/ 432): (ومن لم يثبت ما أثبته إلا بالألفاظ الشرعية التي أثبتها، واذا تكلم بغيرها استفسر واستفصل فإن وافق المعنى الذي أثبته الشرع، أثبته باللفظ الشرعي، فقد اعتصم بالشرع لفظاً ومعنى، وهذه سبيل من اعتصم بالعروة الوثقى، لكن ينبغي أن تعرف الأدلة الشرعية إسناداً ومتناً فالقرآن معلوم ثبوت ألفاظه، فينبغي أن يعرف وجوه دلالته والسنة ينبغي معرفة ما ثبت منها وما علم أنه كذب).

ثالثاً: منع الابتداع والإحداث في الدين.
1- روى البخاري (2697)، ومسلم (1718) في «صحيحيهما» من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌّ»، وفي روايةٍ لِمسلم في «صحيحه»(1718): «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ».
2- روى مسلم في «صحيحه»(867) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: أما بعدُ: «فإن خير الحديثِ كتابُ الله وخير الهدْيِ هديِ محمدٍ، وشرّ الأمورِ محدثاتها، وكل بدعة ضلالة».
3- وروى أحمد في «المسند»(4/ 126)، وأبو داود في «سننه» (4607)، والترمذي في «سننه» (2676)، وابن ماجه في «سننه» (42) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال: قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد الينا، فقال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وان كان عبداً حبشياً، فانه من يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها، وعضُّوا عليها بالنواجذ، واياكم ومحدثات الأمور، فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة».

معنى لفظ الإماعة والتميع في الكتاب والسنة مخالف لما أحدث من معان مبتدعة
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى»(7/ 286): (ومما ينبغي أن يعلم أنّ الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم).


يتبع...


د. عبدالعزيز بن ندى العتيبي
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-17-2010, 09:35 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي

جزى الله فضيلة الشيخ أبي عمر خيرا على هذا التأصيل النافع البديع
والذي غاب عن الكثيرين بل الأكثرين؛فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير...
ونحن بانتظار تتميم هذا البحث الرائق.....
نفع الله بكم...
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-17-2010, 10:33 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن الحلبي الأثري مشاهدة المشاركة
جزى الله فضيلة الشيخ أبي عمر خيرا على هذا التأصيل النافع البديع
والذي غاب عن الكثيرين بل الأكثرين؛فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير...
ونحن بانتظار تتميم هذا البحث الرائق.....
نفع الله بكم...
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ عبد العزيز , وزادك توفيقا , ونفع بك .
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-17-2010, 10:56 PM
عبد الرحمن الفاهوم عبد الرحمن الفاهوم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 421
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن الحلبي الأثري مشاهدة المشاركة
جزى الله فضيلة الشيخ أبي عمر خيرا على هذا التأصيل النافع البديع
والذي غاب عن الكثيرين بل الأكثرين؛فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير...
ونحن بانتظار تتميم هذا البحث الرائق.....
نفع الله بكم...

جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ عبد العزيز على هذا البيان الرائق ، نفع الله بك وأحسن إليك
__________________
.

قـال عبـدالله بـن مسعـود – رضـي الله عنـه - : { إنـا نقتـدي ولا نبتـدي ، ونتبـع ولا نبتـدع ، ولـن نضـل مـا إن تمسكنـا بالأثـر } رواه اللالكائـي فـي شـرح الاعتقـاد 1/ 86
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-18-2010, 12:06 AM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن عبد الهادي الكرخي مشاهدة المشاركة
أحسن الله إليكم شيخنا العزيز : عبدالعزيز ...

هذه الحلقة أجهزت على كثير من التساؤلات ؛ فجزاكم الله كل خير .
.
أشكر الشّيخ الفاضل عبد العزيز على جهوده ، وأسأل الله تعالى أن يجزيه خيرا عظيما .
و مع ذلك أقول : أنا أخالف الشّيخ في هذه المسألة .
و قد كنت علقت على موضوعه بعدة تعليقات ، و لم يُجب الشّيخ عن التساؤلات .
و أنا معه كما كنت قُلتُ سابقا ، في مسألة التزام الألفاظ الشرعية في أماكنها .
و لكن الذي أخالفه فيه قد قدّمت عليه براهين كثيرة ..و هو الكلام عن الألفاظ التي جاءت من قبيل البيان و التصنيف ، و ضربت أمثلة على ذلك ، أمّا ورود السنّة ببعض الألفاظ على وجه مخصوص ، هذا الوردو جاء من جهة :أنّ السنّة جاءت بلسان عربي مبين ، أي لفظة الميوعة في الحديث جاءت على وجهه اللغوي ، لم يتغير في السنة ، فلم يكن القصد من ذلك التوقّف على ذلك .
و هذه هي النقطة الجديدة من مقال الشّيخ حفظه الله و زاده توفيقا الاخير .
و قد ذكرت جواز تغيير الوضع العربي من كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى .
و من ذلك لو نظرنا في معنى الإيمان والإسلام الوارد في الشّرع ، ليس هو الإيمان الذي يصطلح عليه علماء السنة ، فاصطلاح علماء السنة عليه أدلّة ، و لكنّه جاء عن طريق الاستقراء : فكان الإيمان في الشرع: أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و القدر خيره وشره ..
و كما ورد عن أحد السلف -بن مسعود رضي الله عنه-لمّا سُئل: هل أنت مؤمن : قال : إن كنت تقصد الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله...فأنا مؤمن ...
و عند العلماء : اعتقاد بالجنان و قول باللسان و عمل بالجوارح ، يزيد و ينقص .
فليس هناك نصّ فيه هذه الالفاظ ، والتي تُعرّف لنا الإيمان عند أهل السنّة و الجماعة ، و إنما عُرف بالاستقراء.
و من جهة أخرى :
فهذا اللفظ قد بيّنت من قبل أن لا يستعمل في مقابل البدعة و الكفر و الفسق و النفاق ...إلخ.
بل قد يستعمل لمزيد بيان لحالة معيّنة ...
أو كتصنيف لمنهج ما أو جماعة ما ...
مثل قول السلف : الزنادقة ، وزنديق ...و الروافض منه رافضي ، و المعتزلة ، معتزلي ، وقد جاء لفظ الاعتزال في الشّرع على وجه آخر ، و هو وجه المدح :قال صلى الله عليه و سلم(من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه):( تكون دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا فالزم جماعة المسلمين و إمامهم فإن لم تكن جماعة و لا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها و لو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت و أنت كذلك )حديث رقم : 2994 من صحيح الجامع ..،
و مثلها لفظ : تكفيري ، ومُكفّر ..قد استعملها العلماء على وجه مخصوص ، مع أنّ التّكفير حكم شرعيّ له ضوابطه و معالمه ..و قد يكون فيه الوجهان مدح و ذمّ بحسب قصد و منهج المُتكلّم .
و أمّا المثال الذي ضربه الشّيخ عبد العزيز حفظه الله ، مسألة العشاء و تسميته بالعتمة .
فسبب التزام اللفظ هنا ظاهر ، و النّهي عن تغييره قد وردت بعلّته الرّواية التي ذكرها الشّيخ و هي :
قوله صلى الله عليه وسلّم :يعتمون بالابل، و في الرواية الأخرى :وإنها تعتم بحلاب الإبل.
قال الشيخ الألباني رحمه الله : ليعتمون : أعتم إذا دخل في العتمة وهي الظلمة , أي يؤخرون الصلاة بسبب الإبل وحلبها .(صحيح بن ماجة:1/117).
جاء في الثمر المستطاب للشيخ الإمام الألباني رحمه الله:(وفي رواية لأحمد : ( إنما يدعونها العتمة لإعتامهم بالإبل ) . وسندها صحيح على شرط مسلم (1/77).
و قال رحمه الله:ولا بأس من ذلك نادرا لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم : ( ولو يعلمون ما في العتمة
والصبح لأتوهما ولو حبوا ).
قال الشيخ الألباني رحمه الله:زاد أحمد في رواية عن عبد الرزاق عن مالك : فقلت لمالك : إما يكره أن نقول : العتمة ؟ قال : هكذا قال الذي حدثني .
وثبت ذلك عن بعض الصحابة كجابر بن سمرة عند مسلم ( 118 ) وأحمد ( 5 / 89 و 105 ) وغيرهما وجابر بن عبد الله عند أحمد ( 3 / 348 ) وغيره .
قال بن القيّم رحمه الله في هذه المسألة :
قال صلى الله عليه و سلم : [ لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا وإنها العشاء وإنهم يسمونها العتمة ] وصح عنه أنه قال : [ لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ] فقيل : هذا ناسخ للمنع وقيل بالعكس والصواب خلاف القولين فإن العلم بالتاريخ متعذر ولا تعارض بين الحديثين فإنه لم ينه عن إطلاق اسم العتمة بالكلية وإنما نهى عن أن يهجر اسم العشاء وهو الإسم الذي سماها الله به في كتابه ويغلب عليها اسم العتمة فإذا سميت العشاء وأطلق عليها أحيانا العتمة فلا بأس والله أعلم .
من كتاب :زاد المعاد (تحقيق : شعيب الأرناؤوط - عبد القادر الأرناؤوط:(2/319).
و لذلك جاء ذكر العتمة عند السلف ، و لم يفهمو تحريم ذلك ..و لا جعلهم أحدهم تحت قاعدة: الأصل في العبادات الحظر .
كما جاء أيضا عنهم تسمية الظهر بالأولى !.
جاء في المجموع لشيخ الإسلام :
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْت مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ . فَقَرَأَ { إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } فَسَجَدَ فَقُلْت : مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : سَجَدْت بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ وَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ } وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّتِهِ .(23/ 153).
قال شيخ الإسلام رحمه الله:(وأما تسمية الظهر الأولى فليس هو تسمية سنةٍ عنه عليه السلام، وإنما هو قول بعض السلف، كما في الصحيح عن أبي بَرْزَة أنه قال:"كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلِّي الهَجيرَ التي تَدعُونها الأولى". فجعلَ دعاءَها بهذا الاسم من قول المخاطَبين، لا من قول الشارع، كما قال: "وكان يُصلِّي العشاءَ التي تَدعُونها العَتَمَة"، مع أنّ تسمية هذه الصلاة بالعَتَمة وإن وردَ النهيُ عن ذلك لئلاَّ يَغْلِب عليه، فقد وردَ فيه أحاديثُ صحيحةٌ لم يَرِدْ مثلُها في تسمية الظهر بالأولى.
( مجموع الفتاوى :(6/309).
بل قد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وجها آخر للنّهي ، ذكره في كتابه :اقتضاء الصراط المستقيم(154)ط:دار الفكر!.
قال رحمه الله:( و قريب من هذا مخالفة من لم يكمل دينه من الأعرب و نحوهم ، لأن كمال الدّين بالهجرة ، فكان من آمن و لم يهاجر من الأعراب و نحوهم ناقصا ، قال سبحانه و تعالى :( الأعراب أشدّ كفرا و نفاقا و أجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله و الله عليم حكيم )التوبة:97.
و مثل ذلك : ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، ألا إنها العشاء و هم يعتمون بالإبل ).
و في لفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال :لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء ، فإنها في كتاب الله العشاء ، فإنها تعتم بحلاب الإبل )
و رواه البخاري عن عبد الله بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب ) قال :( و الأعراب تقول هي العشاء ).
فقد كره موافقة الأعراب في اسم المغرب و العشاء ،بالعشاء و العتمة .
و هذه الكراهة عند بعض علمائنا تقتضي كراهة هذا الاسم مطلقا ، و عند بعضهم : إنما تقتضي كراهة الإكثار منه ، حتى يغلب على الاسم الآخر ، و هو المشهور عندنا .
و على التقديرين : ففي الحديث النهي عن موافقة الأعراب في ذلك ، كما نهى عن موافقة الاعاجم .انتهى.
قلت و يشبهه :عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً".و قد صححه الشيخ الألباني في الأدب المفرد و غيره .
فليس فيه النّهي عن الشّعر كما قد يتبادر من أوّل وهلة ! ، بل فيه النّهي أن تجعل قلبك كلّه وعاء الشعر فيتغلّب على الذكر و قراءة القرآن .

فهذه الألفاظ ليس عليها نهي مُطلق ، و لكنّ النّهي لأجل علّة .
كما فعل صلى الله عليه وسلّم بصلاة التراويح : لم يخرج إليهم في اليوم التالي : خشية أن تُفرض ، لا أنّه لا يجيزها !.
و حيثما انتفت العلّة ، رجع الأمر إلى أصله الأوّل ..و الله أعلم.
و مما كنت نقلته من قبل كلام الشيخ الالباني رحمه في مختصر العلو :
قال رحمه الله : ولست أدري ما الذي منع المصنف - عفا الله عنه - من الاستقرار على هذا القول وعلى جزمه بأن هذا الأثر منكر كما تقدم عنه فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل وهذا يسلتزم نسبة الاستقرار عليه الله تعالى وهذا مما لم يرد فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل ولذلك ترى المؤلف رحمه الله أنكر على من قال ممن جاء بعد القرون الثلاثة : إن الله استوى استواء استقرار ) كما تراه في ترجمة ( 140 - أبو أحمد القصاب ) . وصرح في ترجمة ( 161 البغوي ) أنه لا يعجبه تفسير ( استوى ) ب ( استقر ) . بل إنه بالغ في إنكار لفظة ( بذاته ) على جمع ممن قال : ( هو تعالى فوق عرشه بذاته ) لعدم ورودها عن السلف مع أنها مفسرة لقولهم باستواء الله على خلقه حقيقة استواء يليق بجلاله وكماله واعتبرها من فضول الكلام فانظرترجمة ( 136 - ابن أبي زيد ) و ( 144 - يحيى بن عمار ) و ( 146 - أبو عمر الطلمنكي ) و ( 149 - أبو نصر السجزي ) .
وهذه اللفظة ( بذاته ) وإن كانت عندي معقولة المعنى وأنه لا بأس من ذكرها للتوضيح فهي كاللفظة الأخرى التي كثر ورودها في عقيدة السلف وهي لفظة ( بائن ) في قولهم ( هو تعالى على عرشه بائن من خلقه ) . وقد قال هذا جماعة منهم كما ستراه في هذا ( المختصر ) في التراجم الآتية ( 45 - عبد الله بن أبي جعفر الرازي ) و ( 53 - هشام بن عبيد الله الرازي ) و ( 56 - سنيد بن داود المصيصي الحافظ ) ( 67 - إسحاق بن راهويه عالم خراسان ) وذكره عن ابن المبارك و ( 77 - أبو زرعة الرازي ) و ( 87 - أبو حاتم الرازي ) وحكياه عن العلماء في جميع الأمصار . و ( 79 - يحيى بن معاذ الرازي ) و ( 84 - عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ و ( 103 أبو جعفر ابن أبي شيبة ) وكل هؤلاء من القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية ثم ( 108 - حماد البوشنجي الحافظ ) وحكاه عن أهل الأمصار ( 109 - إمام الأئمة ابن خزيمة ) . و ( 125 - أبو القاسم الطبراني ) و ( 133 - ابن بطة ) و ( 141 - أبو نعيم الأصبهاني ) وعزاه إلى السلف . و ( 142 - معمر بن زياد ) و ( 155 - الفقيه نصر المقدسي ) و ( 158 - شيخ الإسلام الأنصاري ) و ( 164 - ابن موهب )
قلت : ومن هذا العرض يتبين أن هاتين اللفظتين : ( ذاته ) و ( بائن ) لم تكونا معروفين في عهد الصحابة رضي الله عنهم . ولكن لما ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأئمة الأعلام بلفظ ( بائن ) دون أن ينكره أحد منهم .
ومثل وهذا تماما قولهم في القرآن الكريم أنه غير مخلوق فإن هذه لا تعرفها الصحابة أيضا وإنما كانوا يقولون فيه : كلام الله تبارك وتعالى لا يزيدون على ذلك وكان ينبغي الوقوف فيه عند هذا الحد لولا قول جهم وأشياعه من المعتزلة : إنه مخلوق ولكن إذا نطق هؤلاء بالباطل وجب على أهل الحق أن ينطقوا بالحق ولو بتعابير وألفاظ لم تكن معروفة من قبل وإلى هذه الحقيقة أشار الإمام أحمد رحمه الله تعالى حين سئل عن الواقفة الذين لا يقولون في القرآن إنه مخلوق أو غير مخلوق هل لهم رخصة أن يقول الرجل : ( كلام الله ) ثم يسكت ؟ قال : ولم يسكت ؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا لأي شيء لا يتكلمون ؟ ( 1 ) سمعه أبو داود منه كما في ( مسائله ) ( ص 263 - 264 )
قلت : والمقصود أن المؤلف رحمه الله تعالى أقر لفظة ( بائن ) لتتابع أولئك الأئمة عليها دون نكير من أحد منهم وأنكر اللفظة الأخرى وهي ( بذاته ) لعدم تواردها في أقوالهم . إلا بعض المتأخرين منهم فأنكر ذلك مبالغة منه في المحافظة على نهج السلف مع أن معناها في نفسه سليم وليس فيها إثبات ما لم يرد فكنت أحب له رحمه الله أن لا يتردد في إنكار نسبة القعود إلى الله تعالى وإقعاده محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه ما دام أنه لم يأت به نص ملزم عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه ليس له شاهد في السنة ومعناه ولفظه لم يتوارد على ألسنة الأئمة وهذا هو الذي يدل عليه بعض كلماته المتقدمة حول هذا الأثر ولكنه لما رأى كثيرا من علماء الحديث أقروه لم يجرؤ على التزام التصريح بالإنكار وإنما تارة وتارة والله تعالى يغفر لنا وله .(مختصر العلو:16-18).
و معلوم أنّ الكلام في مثل هذا الباب -أسماء الله و صفاته -أشدّ من الكلام في باب الأسماء و الأحكام و باب النّحل و المصطلحات الأخرى .
و في تعليقي الأخير على الحلقة الثانية من حلقات الشّيخ عبد العزيز بيان أيضا لما رأيته اتّجاه حقيقة وجود مصطلح التمييع في واقع الأمة : كمنهج الإخوان و منهج التّبليغ و غيرها من المناهج ...
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-18-2010, 01:41 AM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

و هذه تعليقاتي السّابقة أضعها بين يدي الموضوع حتى يسهل مراجعتها :
التعليق الأوّل:
نسأل الله تعالى أن يُبارك في جهود الشّيخ عبدالعزيز بن ندى العتيبي و أن يزيده من فضله .
الذي فهمته من مقال الشّيخ عبد العزيز هو إنكاره على سيّد وضع مصطلح التّمييع في غير موضعه ، و جعله مصطلحا حادثا لم يُسبق إليه .( أو إنكاره استبدال المصطلحات الشرعية بمصطلحاته الحادثة)
لا أنّه يُنكر مصطلح التّمييع و ما تولّد عن حروف : ( م ي ع أو م ا ع ) .
و لم يتّضح لي بعدُ ما وجه الإنكار على سيّد قطب إذ أن القاعدة تقول : لا مشاححة في الاصطلاح .
كما أن لمصطلح التمييع و الميوعة أصل في اللغة و في الشرع .
فلو أنّ الشيخ عبد العزيز بدأ بمصطلح : التمييع ، فعرّفه و ضبطه أو نفاه بالأدلّة اللغويّة ، لاتّضح لي ما خفي عليّ .
و كما هو معلوم فالحقائق اللغويّة مختلفة عن الحقائق الشّرعيّة و أيضا العرفيّة .
و الأصل في النّصوص الشرعية من كتاب أو سنّة تقديم الحقائق الشّرعيّة ، هذا فيما كان فيه نصّ ، لأنّ اللغة العربية في حقيقتها لا تختلف عن الحقيقة الشرعيّة إلا فيما أظهره الشرع وبيّنه .لما تقدّم من أدلّة ذكرها الشيخ ، كتعريف الظلم بشيئ خاصّ و هو : الشرك في قوله تعلى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ: "يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ".
فبيّن النبي صلى الله عليه و سلم أن معنى الظم هنا لم يكن عاما ، بل هو مخصوص .
و كذلك -مثلا- استعمال بعض المحدثين لمصطلح الحديث المعلل و المعلول ، هو خطأ في اللغة كما بيّنه بن الوزير ، و لكن هكذا جرى الاصطلاح .
و هناك اختلافات ظاهرة بين المصطلحات العلمية غير اللغوية و مصطلحات اللغة العربية .
ممكن هذا يرجع إلى أصل اللغة هل هي متولّدة و اصطلاحية أم أنّها متوارثة و لها أصول من بدايتها .
و لكن التولّد بعدها حاصل .
و قد ذكر شيخ الإسلام بن تيميّة أن المصطلحات تُستنكر لما حملته من معان لا لذاتها-بمعناه-( والله أعلم).
و على كلّ حال فمصطلح التمييع له أصله في اللغة :
جاء في تهذيب اللغة للازهري : يُقال ماع الشئ وتمّيع إذا ذاب.ومنه ححدديث عبد الله حين سئل عن المُهْل فأذاب فضَّة فجعلت تمَّيع وتلوَّن،وقال هذا:من أشبه ما أنتم راءون بالمُهْل: وقال غيره:يقال لناصية الفرس إذا طالت وسالت.مائعة.ومنه قول عَدِىّ:
يهزهز غصنا ذا ذوائب مائعا
وسُئل ابن مسعود عن قول الله جل وعزّ: )كالمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ( فدعا بِفِضّةٍ فأَذابَها، فجعلتْ تميَّعُ وتَلَوَّنُ، فقال: هذا من أَشبهِ ما أَنتم راءُون بالمُهْل.
و قال :وفي حديث ابن عمر أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن،فقال:إن كان مائعا فأرِقه،وإن كان جامِداًفألْقِ ما حوله.

و جاء في أساس البلاغة :
م ي ع
السمن جامدومائع، وقد ماع يميعن وأمعته إماعة. وهو في ميعة الشباب. والفرس في ميعة حضره وهي أوله وأنشطه. وتطيب بالميعة. والفضّة تتميع في البوطة.
ومن المجاز: السراب يميع: يجري وينبسط.
وماعت ناصية الفرس: سالت. قال عديّ:
مضمّم أطراف العظام محنّباً ... يهزهز غصناً ذا ذوائب مائعاً
و جاء في صحاح اللغة :
ميع
المَيْعُ: مصدر ماعَ السمنُ يَميعُ، إذا ذاب. والمَيْعُ: سيلان الشيء المصبوب. وقد ماعَ الشيءُ يَميعُ، إذا جرى على وجه الأرض. وتَمَيَّعَ مثله. والمَيْعَةُ: النشاطُ، وأوَّل جريِ الفرس، وأوَّل الشباب، وأوَّل النهار. والمَيْعَةُ أيضاً: صمغُ يسيل من شجرٍ ببلاد الروم، يؤخذ فيُطبخُ، فما صفا منه فهو المَيْعَةُ السائلةُ، وما بقي منه شِبْه الثَجيرِ، فهو المَيْعَةُ اليابسةُ.
و هناك كثير من كتب اللغة ذكرت هذا اللفظ و بيّنت دلالاته اللغويّة .
و لا يُعاب على أهل فنّ جاؤوا بلفظ لغوي واستعملوه لأجل غرض علميّ ، فيصطلحون عليه فيما بينهم ، كلفظة السنة و لفظة حديث ، ولفظة : مسلسل ، و غيرها ، وقد تكون هناك مناسبة معروفة بين اللغة و المصطلح المتولّد و قد لا تكون هناك مناسبة معلومة .
و لو أتينا إلى مصطلح التّمييع لوجدنا مناسبته اللغوية مع الاصطلاحية معلومة ، و هي الاشتراك في : الانحلال و الذوبان و التداخل و الاندماج ، كالتعايش .
و هذا كلّه إذا كان على حساب الحقّ ، قد نستعمل معه لفظة تمييع ، أي ذوبان أهل الحقّ في اهل الباطل ، أو العكس .
و تعايش أهل الحق مع أهل الباطل دون نكير و العكس .
و كلّ ذلك ضدّ عقيدة الولاء و البراء ، و متضاد مع عمل القلب : الحب في الله و البغض في الله .
و هناك ضوابط معلومة عند أهل العلم يتقيّد بها المسلم حتى لا يميّع دينه ، و كما قال تبارك و تعالى في كتابه عن الكفار ، مخاطبا نبيّه صلى الله عليه وسلّم : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) قال السعدي -رحمه الله-:
وهو أن المشركين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسكت عن عيب آلهتهم ودينهم، ويسكتوا عنه، ولهذا قال: { وَدُّوا } أي: المشركون { لَوْ تُدْهِنُ } أي: توافقهم على بعض ما هم عليه، إما بالقول أو الفعل أو بالسكوت عما يتعين الكلام فيه، { فَيُدْهِنُونَ } ولكن اصدع بأمر الله، وأظهر دين الإسلام، فإن تمام إظهاره، بنقض ما يضاده، وعيب ما يناقضه.
و الذي فهمته من عنوان الشيخ : أن هذه الألفاظ شرعيّة و حصلت من سيد -غفر الله له- جناية عليها
و هذه الجناية على هذه الألفاظ جاءت من خطأ أسلوب سيّد قطب البلاغي .
هذا من العنوان ، و داخل النص : فهمت أن استعمال سيد أصلا خطأ .
و لعلّ الشّيخ عبد العزيز -حفظه الله- يزيد الأمر توضيحا ، .و يبيّن كيف حصل ذلك .
و جزاه الله خيرا .
ملاحظة : جعلت تعليقي على شكل استشكالات حتى نستفد أكثر في بيان هذه النقطة .
التّعليق الثّاني:
جزاك الله خيرا أخي أحمد على هذا الاتصال .
أنا أودُّ من الشّيخ أن يقرأ مداخلتي و يُعلّق عليها ، فقد ذكرت أن لكلمة تمييع أصل في اللغة و في استعمال الشّرع من الجهة اللغويّة .
كما الألفاظ غير المنصوص عليها شرعا لا يمكن أن نستبدلها بما هو مشروع ، لقيام الأدلة على المصطلحات الشّرعيّة ، غاية ما في الأمر هو : مخاطبة النّاس بألفاظ تُقرّب لهم المعاني ، و ذلك لأجل إحداث الناس بعض الأشياء التي شوّهت الحقّ و جعلته غلوّا و تطرّفا !.
و كما كان يقول الإمام أحمد لمّا تكلّم في الصفات بأشياء لدفع زيغ الجهمية : تكلموا تكلّمنا ، سكتوا نسكت .
و من ذلك في باب الأسماء و الصفات : الكلام عن الجهة و عن المكان (بهذه الالفاظ ذاتها) ، و توقّف قبول معناهما على بيان المعنى الصحيح منهما .
و من تلك المصطلحات الحادثة أيضا بعد زمن القرون المفضّلة : السلفيّة ، و مصطلح : العقيدة ، فهل نجد لهما أثارة عند السلف؟.
مع أنّ السلفيّة جاءت مكان : الإسلام و مكان أهل السنة و الجماعة و أهل الحديث و الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة ...إلخ
و العقيدة بهذا اللفظ ليس عليها دليل شرعي من كتاب أو سنة ، فقد كانت كتب العقائد تسمى : الفقه الأكبر -عند الأحناف- و بكتب السنة ، وبالتوحيد و غيرها ...
و كذلك : تفسير معنى الاستواء بالاستقرار و إثبات الاستقرار ، و كذلك : لفظة : ( بذاته ) ، كما قال بعض أهل العلم : ( هو تعالى فوق عرشه بذاته ) .
قال الشّيخ الألباني رحمه الله في كتاب :( مختصر العلوّ) : ( قلت : و من هذا العرض يتبيّن أنّ هاتين اللفظتين : ( بذاته ) و ( بائن ) لم تكونا معروفين في عهد الصّحابة رضي الله عنهم ، و لكن لمّا ابتدع الجهم و أتباعه القول بأنّ الله في كلّ مكان ، اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأئمة الأعلام ، بلفظ : ( بائن ) دون أن يُنكره أحد منهم .
و مثل هذا تماما قولهم في القرآن الكريم أنّه مخلوق ، فإنّ هذه الكلمة لا تعرفها الصّحابة أيضا ، و إنما كانوا يقولون فيه : كلام الله تبارك و تعالى ، لا يزيدون على ذلك ، و كان ينبغي الوقوف فيه عند هذا الحدّ ، لولا قول جهم و أشياعه من المعتزلة : إنه مخلوق ، و لكن إذا نطق هؤلاء بالباطل ، و جب على أهل الحقّ أن ينطقوا بالحقّ و لو بتعابير و ألفاظ لم تكن معروفة من قبل ، و إلى هذه الحقيقة أشار الإمام أحمد رحمه الله تعالى حين سُئل عن الواقفة الذين لا يقولون في القرآن إنه مخلوق أو غير مخلوق ، هل لهم رخصة أن يقول الرجل : ( كلام الله ) ثمّ يسكت ؟! لولا ما وقع فيه النّاس كان يسعه السكوت ، و لكن حيث تكلموا فيما تكلموا ، لأي شيئ لا يتكلّمون ؟!
سمعه أبو داود منه كما في مسائله ( ص:263-264).
انظر مختصر العلو صفحة : 16-17.
و منه إطلاق العلماء على بعض أهل البدع -كما تقدّم- : الواقفة ، و المفروض أن يُقال : مُبتدعة .
و كذلك في باقي الأسماء و النحل ، لأجل التبيان و التعريف لا لأجل التبديل بالمصطلحات الشرعية ، إذْ كلّ هؤلاء يحقّ عليهم وصف البدعة .
و منه المُميّعة ، فقد احتاج النّاس اليوم لمّا كثر دُعاة التّقريب و التّآخي مع أهل الباطل ، إلى بيان حالهم ، فقالوا هذا تمييع و فاعله : مُميّع ، و منهجهم منهج : تمييع ، و تلفيق ، و انحلال و دعاة التسامح و دعاة اللملمة -كما صرح بها أحدهم-.
و هذا لا يقضي على لفظ بدعة أو كفر أو غيرها ، وإنما يوضّح هذا المنهج الجديد الذي انتشر في الآونة الأخيرة بكثرة و قوّة !.
نعم ؛ قد استعلمه بعضهم لأغراض شخصيّة ، أو لأجل الانتقام ، أو وقوعا في أهل الحقّ ، فميّع لفظ التّمييع ، و جعله سائغا حتّى في أهل الحقّ ، و هذا مردود عليه بالأدلّة ، و بيان الحقّ ، وضوابط أهل الحقّ ، كما يفعل الحدّاديّة و من انتكس بهم مع الدعاة السلفيين ، و كما يفعل اليوم : كثير من المتعصّبة الغلاة في باب التجريح مع خيرة العلماء السلفيين .
فبيان حقائق المصطلحات و ضبطها و مكان استعمالها هو الأولى .
و لُغة العصر مُحكّمة ، وإلا مع من سنتحدّث ، و لمن سنبيّن !؟.
هذا ما عندي الآن باختصار ، وأكرر :
أرجوا من فضيلة الشّيخ أن يقرأ مشاركتي و يُعلّق عليها ، حتى نستفيد منه أكثر .( كما أرجو أن يسجّل معنا هو وغيرهم من المشايخ حتى نتعلم منهم العلم و الأدب).
و جزاه الله خيرا .
التّعليق الثّالث:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين نزال
الذي فهمتُه من مقال الشيخ العتيبي حفظه الله هذه الإشارات:

أولا: أن هذا المصطلح حادث ولم يستعمله الأئمة إلا في الفقه في مسألة المياه (المائعات)! (وهي لفتة سمعتها من أحد الفضلاء)أخي الفاضل ياسين : ما هو المانع الشّرعيّ في ذلك ، و ما هو دليل التّفريق!؟ و قد أثبتّ فوق وجود مصطلحات نحن بحاجة إليها حتى في باب الاسماء و الصفات !؟
ثانيا: أن بعض المنتسبين إلى السلفية يستعملون هذا المصطلح تجاه بعض إخوانهم: كقولهم مميع في المنهج؛ مما يدل على تأثرهم بكتابات سيد قطب؛ سواء اجتهادًا أو تقليدًا! :، أخي الفاضل ياسين : دورنا مع كلّ هذا ضبط المصطلحات لا نفيها !.
ثالثا: قاعدة (لا مشاحة في الاصطلاح) صحيحة إذا لم تغير منهجا أو تكون ذريعة إلى تغييره؛ وإلا فلماذا ننكر على من يزيد في قسمة التوحيد: (توحيد الحاكمية)!
ولماذا لا نقول: تقسيمهم صحيح ولا مشاحة في الاصطلاح؟!!
أخي الفاضل ياسين : لا حاجة لنا بهذا التّقسيم ، فهو موجود أو مُتجاذب بين توحيد الألوهية و توحيد الربوبية و حتى قل الأسماء و الصفات ، و القاعدة تمنع : الدّور في التعريفات !
و من الجهة اللغوية فيه ما فيه !.( مصطلح الحاكمية)..مع أنّ بعض أهل العلم السلفيين نطقوا بذلك ايضا !...و لكن قصد الخوارج غير قصد أتباع السلف الصالح !
و لذلك نحن لم ننكر تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام كما فعل بعضهم!، فهل سيُنكره من أنكر إحداث المصطلحات في الشريعة ؟، .وهذا في العقيدة وليس في الفقه .
والله تعالى أعلم.
ملاحظة : هناك من العلماء السلفيين من أطلق لفظة التّمييع ، مثل الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله ، وغيره ...
و هذا لفظ اشتهر أيضا بين علمائنا (السلفيون ).
و جزاكم الله خيرا .
التّعليق الرابع:
أخي الفاضل ياسين : توحيد الاتباع يخصّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم ، فلا متبوع بحقّ و إطلاق في التّشريع إلا النبيّ صلى الله عليه وسلّم ، و هذا التّوحيد للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم رفع رايته أهل العلم في مقابل التّقليد الأعمى .
كما قال بن القيم : توحيدان لا غنى للعبد عنهما : توحيدُ المُرْسِلِ بكسر السين ، و توحيدُ : المُرْسَلِ بفتح السين .
كما يقول بن القيّم أيضا : توحيد المعرفة و الإثبات و توحيد القصد و الطلب ، توحيد خبري و توحيد طلبي .
و أنا لا أنكر التقسيمات الاصطلاحيّة التي جاءت لأجل البيان أو ردّ المقالات الباطلة .
و هذه الأمور جاءتنا عن طريق الاستقراء لنصوص الشّرع ، و ليس فيه ما يمنعها ، إلا أن يكون ذلك بحجّة: التوقيف .
أمّا كون المصطلح في باب الأحكام حادث : فنقول : و ما يضرّنا حدوثه ؟.
و هو يأتي كبيان للمصطلحات الشرعيّة .
كان تقول : المنهيات في باب الأحكام هي : الكفر و البدعة و المعصية .
و الواقع فيها يُسمى: كافر أو مبتدع أو فاسق ، بحسبه و شروطه .
و نقول بدعة فلان كانت في : القدر أو في التجهّم أو الاعتزال أو في الخروج أو في التّمييع ...
و قد تكون بعض هذه البدع كفرا ، كما قد يكون التمييع كُفرا ...
فبعض النّاس يتقرّب إلى الله تعالى ب: منهج اللّملمة و التّجميع و التكتيل دون نظر إلى الفوارق العقديّة ، مع أنّه تربّى على العقيدة الصّحيحة و في بلاد التّوحيد ، فلا تجده لا قدري و لا معتزلي و لا خارجي و لا أشعري ...و لكنّك تجده يُقرّ هؤلاء باعتبارهم جميعا مسلمين و يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ، كمنهج الإخوان مثلا ، منهج تمييعي و منهج تلفيقي ، كما كان يقول الشّيخ الألباني رحمه الله : جمّع ثمّ ثقّف ثمّ : لا ثقافة !.
فهؤلاء : منهجهم ميّع الحقّ ، هذا بهذا الاعتبار لم نجده في الفرق الإسلاميّة السابقة !.
لم نجد من جمع كلّ هذه الطّوائف على عُجرها و بُجرها !.
فاستحقّ أن يأخذ إسم : منهج التّمييع !.
و هذا المنهج : يقضي على عقيدة الولاء و البراء ، و التي تجدها حتى عند بعض الطّوائف الضّالّة !.
و يقضي على ما تولّد عن عقيدة الولاء و البراء : مثل مبدأ الهجر و التحذير من الأخطاء( الردّ على المخالف عموما و على أهل البدع خصوصا ) ..إلخ .
أمّا كون هذا التعليق سابق لأوانه فلا : لأنّ المفروض قبل نفي المصطلحات أو اثباتها ، تبيينها و تحديد معانيها ، أو التدليل على ما ينقضها أساسا !.
و هذا ما يمهّدُ لفهم الموضوع أكثر .
و الله تعالى أعلم .
التعليق الخامس:
الاستشكال يبقى قائما أخي أحمد -حفظك الله-.
و الشّيخ حفظه الله تكلّم عن مسألة المشاحة في الاصطلاح فقط -من مجموع ما طرحته - و حتى هذه فيها جلبة .
و بقيت الاستشكالات الأخرى .
و أنا أنتظر حتى يُتمّ الشّيخ مقاله ، حتى أقول ما عندي .
و هذا اللفظ ليس وليد من تأثّر بكتابات سيّد فقط ، بل هناك من أهل العلم من كان سلفيا من بدايته و لم يتأثّر بسيّد ، ومع ذلك ذكر هذا المصطلح .
فمنهم على سبيل المثال :
الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله .
الشيخ الألباني رحمه الله .
الشيخ علي الحلبي حفظه الله .
الشيخ فركوس الجزائري حفظه الله -
و الشيخ العباد حفظه الله .
و الشيخ مقبل رحمه الله .
و الشيخ النجمي رحمه الله .
و أيضا كرد على سؤال عند الشيخ الفوزان أقرّ وجود تمييع في العقيدة .
و هذا الاصطلاح قد انتشر بين السلفيين و تداولوه أيما تداول و سدّدوا معناه و قوّموا من أخطأ في استعماله على غير الوجه الصّحيح ، فالتمييع عندهم ما كان مخالفا للكتاب و السنة(من جهة التسامح الديني ) لا ما خالف الحزب أو الشّيخ فلان أو المفكّر علان !!.
فقط : البعض استعمله في غير موضعه ، و عمّمه على إخوانه ، ولكن قبل سنوات كان المقصود بينهم مُشتركا!.
و قد عرفنا أنّ كلّ من ردّ على سيّد قطب ممّن خاطب إخوانه بهذا المصطلح ، قد استعمله بكثرة ! :
منهم الشيخ ربيع و الشيخ عبيد في مقال جناية التمييع !!!! و من كان معهم في هذا الباب ، و نحن لا نوافقهم في تطبيقاتهم الأخيرة -خاصة بعد وفاة العلماء المشاهير الكبار-، و نحن نردّ عليهم أخطائهم ، ونبيّن جناية(تمييع )و تعميم مصطلح التمييع على السلفيين بغير حقّ !.
التعليق السادس:
قال بعض مشايخ اليمن المعروفين :
السؤال التاسع :
هل مصطلح التمييع مصطلح قطبي ؟
الجواب :
مصطلح التمييع الآن حاصل بين الناس , فبعض الناس لا تعرف له اتجاهاً , إن جاء عند الحزبيين صار معهم , وإن جاء إلى أهل السنة صار معهم – ذو وجهين – ومن كان هذا حاله ربما أطلق عليه بعض المتأخرون [ مميع ] وهكذا تجده متأرجحاً , لا هو ثابت على السنة ولا هو أيضاً ذهب إلى أهل الأهواء , مثل هذا يسمونه [ مميع ] أي يجعلوا المسألة عبارة عن همزة وصل للآخرين , ويجعل المسألة ليست ذات أهمية وما إلى ذلك , فهو مصطلح لا غبار عليه , سهل , المصطلحات لا محظور فيها لاسيما ما لم تتعارض مع الشرع .انتهى ....
قال شيخ الإسلام بن تيميّة رحمه الله :
وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره.
ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو جمال عبر بغيرها أو بين مراده بها، بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي، فإن كثيراً من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة، حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها، ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلاً عن أن يعرف دليله، ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئاً بل يكون في قوله نوع من الصواب، وقد يكون هذا مصيباً من وجه، وقد يكون الصواب في قول ثالث.
مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيميّة : علّق عليه :محمد رشيد رضا.( صفحة:87 جزء:3)طبعة لجنة التراث العربي .
و قال رحمه الله : قِيلَ: هَذِهِ أَلْفَاظ مُجْمَلَةٌ لَمْ يَرِدْ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، وَلَا نطق أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ بِإِثْبَاتِهَا وَلَا نَفْيِهَا، فَإِنْ كَانَ مُرَادُك بِقَوْلِك إنَّهُ متحيز، أنه مُحِيط بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ أو يفتقر إليها، فالله تعالى غني عن كل شيءٍ لا يفتقر إلى العرش ولا إلى غيره من المخلوقات، بل هُوَ بِقُدْرَتِهِ يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَحَمَلَتَهُ، وكذلك هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى الْكَبِيرُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَيْسَ مُتَحَيِّزًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُك بأَنَّهُ بَائِنٌ عَنْ مَخْلُوقَاتِهِ عَلي عَلَيْهَا فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ فوق سماواته على عرشه بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ.(المسائل و الأجوبة الجزء الأول ، صفحة :148)تحقيق:أبو عبد الله حسين بن عكاشة، طبعة: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر - القاهرة.
أمّا ما نقله الشيخ عبد العزيز هنا : فيفسّره :
ألفاظ القرآن والحديث إذا عرف معناها الشرعي لم يُحتج إلى اللغوي وفيه الرد على الخوارج والمرجئة..
فقد قال شيخ الإسلام تحت هذا العنوان الطويل :
ومما ينبغي أن يُعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم؛ ولهذا قال الفقهاء:
((الأسماء ثلاثة أنواع)):
نوع يُعرف حده بالشرع؛ كالصلاة والزكاة.
ونوع يُعرف حده باللغة؛ كالشمس والقمر.
ونوع يُعرف حده بالعرف؛ كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله: {وعاشِروهُنَّ بِالمَعْروفِ}، ونحو ذلك...(المنتخب من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، تحقيق علوي السقاف،دار الهدى للنشر والتوزيع - الرياض:الجزء الأول ، صفحة : 74.
و العرف ما اصطلح عليه الناس وفق معطيات معلومة اقتضت ذلك .
و يُبيّن ذلك قول شيخ الإسلام :
وَهَذَا وَاقِعٌ لِطَوَائِفَ مِنْ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَالْعَامَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَآخَرُونَ يَتَعَمَّدُونَ وَضْعَ أَلْفَاظِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ عَلَى مَعَانِي أُخَرَ مُخَالِفَةٍ لِمَعَانِيهِمْ ثُمَّ يَنْطِقُونَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ مُرِيدِينَ بِهَا مَا يَعْنُونَهُ هُمْ وَيَقُولُونَ : إنَّا مُوَافِقُونَ لِلْأَنْبِيَاءِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ والْإسمَاعِيليَّة وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مَلَاحِدَةِ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ مِثْلِ مَنْ وَضَعَ " الْمُحْدَثَ " وَ " الْمَخْلُوقَ " وَ " الْمَصْنُوعَ " عَلَى مَا هُوَ مَعْلُولٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا وَيُسَمِّي ذَلِكَ " الْحُدُوثَ الذَّاتِيَّ " ثُمَّ يَقُولُ : نَحْنُ نَقُولُ إنَّ الْعَالَمَ مُحْدَثٌ وَهُوَ مُرَادُهُ . (مجموع الفتاوى ج:1 ، صفحة :243).
و قال أيضا :
وَإِذَا حَصَلَ مِنْ مُسْلِمَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ عَلِمُوا مَا عِنْدَهُمْ بِلُغَتِهِمْ وَتَرْجَمُوا لَنَا بِالْعَرَبِيَّةِ انْتَفَعَ بِذَلِكَ فِي مُنَاظَرَتِهِمْ وَمُخَاطَبَتِهِمْ كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍوَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَغَيْرُهُمْ يُحَدِّثُونَ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ يُسْتَشْهَدُ بِمَا عِنْدَهُمْ عَلَى مُوَافَقَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ مِنْ وَجْهٍ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ .
وَالْأَلْفَاظُ الْعِبْرِيَّةُ تُقَارِبُ الْعَرَبِيَّةَ بَعْضَ الْمُقَارَبَةِ كَمَا تَتَقَارَبُ الْأَسْمَاءُ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ . وَقَدْ سَمِعْت أَلْفَاظَ التَّوْرَاةِ بِالْعِبْرِيَّةِ مِنْ مُسْلِمَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَوَجَدْت اللُّغَتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ غَايَةَ التَّقَارُبِ حَتَّى صِرْت أَفْهَمُ كَثِيرًا مِنْ كَلَامِهِمْ الْعِبْرِيِّ بِمُجَرَّدِ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ . وَالْمَعَانِي الصَّحِيحَةُ إمَّا مُقَارِبَةٌ لِمَعَانِي الْقُرْآنِ أَوْ مِثْلُهَا أَوْ بِعَيْنِهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي خَصَائِصُ عَظِيمَةٌ . ( المجموع المجلّد :4 صفحة:110)
و كذلك نقل شيخ الإسلام رحمه الله عن الطوائف الضالة و الملاحدة و الفلاسفة تغيير معاني كلمة : التوحيد .
فكان المقصود هو : اتّباع المعنى القرآني لكلمة التّوحيد ، لا تفسيرها بتفاسير عقلية أو عرفية تخالف الحقّ ، ولذلك قلت سابقا: ينبغي تقديم الحقيقة الشرعية على الحقيقة اللغوية و العرفية عند التّعارض .
قال شيخ الإسلام في المجموع _(م:5ص:37):
وَالْمَقْصُودُ هُنَا : التَّنْبِيهُ عَلَى أُصُولِ " الْمَقَالَاتِ الْفَاسِدَةِ " الَّتِي أَوْجَبَتْ الضَّلَالَةَ فِي بَابِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ مَنْ جَعَلَ الرَّسُولَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْهِ وَلَا جِبْرِيلُ - جَعَلَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالسَّمْعِيَّاتِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْقُرْآنَ هُدًى وَلَا بَيَانًا لِلنَّاسِ . ثُمَّ هَؤُلَاءِ يُنْكِرُونَ الْعَقْلِيَّاتِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَجْعَلُونَ عِنْدَ الرَّسُولِ وَأُمَّتِهِ فِي " بَابِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " لَا عُلُومًا عَقْلِيَّةً وَلَا سَمْعِيَّةً ؛ وَهُمْ قَدْ شَارَكُوا الْمَلَاحِدَةَ فِي هَذِهِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُمْ مُخْطِئُونَ فِيمَا نَسَبُوا إلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى السَّلَفِ مِنْ الْجَهْلِ كَمَا أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ التَّحْرِيفِ وَالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ وَسَائِرُ أَصْنَافِ الْمَلَاحِدَةِ . وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْ " أَلْفَاظِ السَّلَفِ " بِأَعْيَانِهَا " وَأَلْفَاظِ مَنْ نُقِلَ مَذْهَبُهُمْ " - إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْمَوْضِعُ - مَا يُعْلَمُ بِهِ مَذْهَبُهُمْ .انتهى.
و قال أيضا :
قُلْت : وَلْيَعْلَمْ السَّائِلُ أَنَّ الْغَرَضَ " مِنْ هَذَا الْجَوَابِ " ذِكْرُ أَلْفَاظِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ نَقَلُوا مَذْهَبَ السَّلَفِ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ قَوْلِهِ - مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ - يَقُولُ بِجَمِيعِ مَا نَقُولُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ ؛ وَلَكِنَّ الْحَقَّ يُقْبَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ ؛ وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ فِي كَلَامِهِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ ؛ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ : اقْبَلُوا الْحَقَّ مِنْ كُلِّ مَنْ جَاءَ بِهِ ؛ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا - أَوْ قَالَ فَاجِرًا - وَاحْذَرُوا زيغة الْحَكِيمِ . قَالُوا : كَيْفَ نَعْلَمُ أَنَّ الْكَافِرَ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ ؟ قَالَ : إنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا أَوْ قَالَ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ .(المجموع :م:5،ص:101).
و كثيرا ما نجد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ينهى عن الألفاظ المشتبهة ، التي يحصل بسببها الخلاف .
و ما نحن فيه ليس من ذلك القبيل / ومع ذلك فشيخ الإسلام دلّنا حيث وجود الخلاف في تلك الألفاظ أن لا نحكم إلا بعد الاستفسار عن مقاصد المتكلّمين منها ، فنحكم من خلال مقاصدهم !.
أما ما كان من الألفاظ فيه بيان للحقائق أو تقسيم أو تصنيف بحقّ فهذا لا ضير فيه .
و لذلك أطلق على مجموعة كبيرة من الطوائف ألقابا و أسماء ، حتّى يُصنّفها و يُبيّن أمرها للنّاس ، و كلّ هذه الطّوائف تدخل في حيّز البدع ، دون أن تقضي تلك الألفاظ على مصطلح البدعة .
خاصّة إذا وجدنا في كلام المتكلّم : النطق بلفظ البدعة و الكفر و الفسق ، فنعلم أنّه لا يريد من ذلك ذاك المُراد، و الله أعلم .
و لينظر المجموع المجلد السابع صفحة :658، مسألة اللفظ بالقرآن ، وما حدث بين أهل السنّة في ذلك ..
و أيضا يأتي الغلط من : قَوْمٌ اعْتَقَدُوا مَعَانِيَ ثُمَّ أَرَادُوا حَمْلَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا...كما قال شيخ الإسلام رحمه الله .
و لكن اللفظ الذي يبيّن و يشرح بعض الأمور التي جاءت في الكتاب و السنّة ليس من ذلك القبيل و ليس فيه ضرر ، كما هو حال أهل التّفسير .
و قد يقع شيئ من ذلك بالستقراء ، كمن قسّم التّوحيد إلى ثلاثة أقسام للتسهيل و بيان المعنى .
و المقصود أنّ الالفاظ التي وردت في الكتاب و السنّة لا ينبغي تغيير اصطلاحها الذي جاءت لأجله ، وقد أعطيت مثالا في تفسير الظلم بالشرك سابقا ..
فهذه لا تُغيّر و ينبغي تربية الاجيال على تلك المعاني القرآنيّة الصّحيحة .
أمّا ما لم يرد لا في كتاب و لا في سنّة ، فقد بيّنه شيخ الإسلام ...
و الله تعالى أعلم .
التعليق السابع:
و أنقل هنا كلام شيخ الإسلام رحمه الله( و الذي نقله الشّيخ عبد العزيز حفظه الله ) بسياقه حتّى يتّضح المعنى منه :
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْهِبَةَ وَنَحْوَهَا لَمْ يَحُدَّ الشَّارِعُ لَهَا حَدًّا ؛ لَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا نُقِلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ عَيَّنَ لِلْعُقُودِ صِفَةً مُعَيَّنَةً مِنْ الْأَلْفَاظِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ قَالَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ : مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالصِّيَغِ الْخَاصَّةِ ؛ بَلْ قَدْ قِيلَ : إنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ الْقَدِيمَ وَإِنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ . وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِحَيْثُ يُقَالُ : إنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُسَمُّونَ هَذَا بَيْعًا وَلَا يُسَمُّونَ هَذَا بَيْعًا حَتَّى يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي خِطَابِ اللَّهِ وَلَا يَدْخُلُ الْآخَرُ ؛ بَلْ تَسْمِيَةُ أَهْلِ الْعُرْفِ مِنْ الْعَرَبِ هَذِهِ الْمُعَاقَدَاتِ بَيْعًا : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فِي لُغَتِهِمْ تُسَمَّى بَيْعًا ،وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللُّغَةِ وَتَقْرِيرُهَا ؛ لَا نَقْلُهَا وَتَغْيِيرُهَا ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ كَانَ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ . فَمَا سَمَّوْهُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ وَمَا سَمَّوْهُ هِبَةً فَهُوَ هِبَةٌ .
و لندقّق في قوله رحمه الله : (فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ كَانَ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ . ).
و هذا تتمّة النّقل الثّاني عن شيخ الإسلام رحمه الله بسياقه و سباقه :
وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَجَبَ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى عُرْفِهِمْ فِي خِطَابِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ عُرْفُهُمْ مُوَافِقًا لِلْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ . فَإِنْ كَانَ مُوجَبُ اللُّغَةِ عَوْدُ الشَّرْطِ إلَى الطَّبَقَاتِ كُلِّهَا فَالْعُرْفُ مُقَرِّرٌ لَهُ . وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ مُوجِبَ اللُّغَةِ قَصْرُهُ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأَخِيرَةِ كَانَ الْعُرْفُ مُغَيِّرًا لِذَلِكَ الْوَضْعِ .
وَكَلَامُ الْوَاقِفِينَ وَالْحَالِفِينَ وَالْمُوصِينَ وَنَحْوِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الْعُرْفِيَّةِ دُونَ اللُّغَوِيَّةِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ : هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ فِي الْعُرْفِ وَالْأَصْلُ تَقْرِيرُ اللُّغَةِ لَا تَغْيِيرُهَا فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ مَفْهُومُ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ . .
فما معنى تقرير اللغة ؟...و ما معنى : تغيير اللغة ؟.
التّقرير كما هو ملاحظ من السياق له علاقة بالعرف ، أي العرف قد يأتي على المعنى اللغوي فيقضي عليه في الحكم (أي اللفظ)، لأنه له علاقة بالوضع كما في كلام شيخ الإسلام .
و لكنّه لا يُغيّر اللفظ الأصلي ..و لذلك قال : فالعُرفُ :مقرّر له ..و قال : مغيّرا للوضع و لم يقل مغيّرا للّغة( اللفظ) ، أي للمعنى الذي وُضع له اللفظ .
و لذلك يختلف ذلك من مكان لآخر !..بحسب العرف ، كمن يحلف أن لا يأكل اللحم ، و لكنّه في المساء جاء و أكل الحوت أو السمك ، باعتبار اللحم عندهم هو : غير البحري ! ، فهل يُكفّر !؟.و هذا يساوي كلامه :(وَكَلَامُ الْوَاقِفِينَ وَالْحَالِفِينَ وَالْمُوصِينَ وَنَحْوِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الْعُرْفِيَّةِ دُونَ اللُّغَوِيَّةِ ).
و لذلك القاعدة تقول : الحقيقة العُرفيّة مقدّمة على الحقيقة اللّغويّة عند التّعارض ...و منهم من يقول : العادة مُحكّمة .
و هذا ما يُثبت تغيير الوضع لا تغيير اللغة .
أما النقلين الأخيرين فقد ظهر معناهما بالنقول السّابقة .

و الله تعالى أعلم .
التعليق الثامن :
أخي الفاضل أحمد :أوّلا أعتذر عن التّأخّر ، ذلك بسبب انقطاع النّت عندي !.
و جوابي هو :
من فسّر الآية بما تفضّلت ؟!.
أي :هل من استعمل مصطلح التّمييع فسّر الآية بذلك ؟ !.
هل تستطيع أن تُفسّر الآية بقولك :ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم المبتدعون؟. "
مع أنّ المبتدع أيضا يحكم بغير ما أنزل الله !.
و لكنّ الآية دلّت على معنى عامّ ..فسق و كفر و ظلم .
و نحن إذ نصطلح على لفظة التمييع فإننا نريد بها معنى خاصّ !.
و هذا المعنى راجع إلى تعريف التّمييع .
و قد بيّنت من قبل أنّ هذا المصطلح مستعمل عند العلماء فيمن أراد انحلال اهل الحق في أهل الباطل أو العكس ، دون نكير ...و من هذا الوجه فالمميّع لا يحكم بما أنزل الله !..و لكن لا نستطيع تفسير الآية بذلك ، كما أنّنا لا نستطيع تفسير الآية بـ: فأولئك هم المبتدعون!.
فلا نترك المعنى العام لأجل معنى خاصّ ليس لنا عليه دليل في تفسير الآية !.
و لذلك لمّا توفّر عندنا الدّليل على تفسير الظّلم بالشّرك في الآية السّابقة ، صرنا إليه ، و هو تفسير نبيّنا صلى الله عليه وسلّم ..فالظلم أعمّ من الشّرك ، و لكنّه هو المقصود في تلك الآية : بالنّصّ !.
و هذا دليل على تغيّر الوضع !.
و لكن لو لم يكن هناك دليل على تفسير الظلم بالشّرك ، فإنّ الظّلم يشمل الشّرك و يشمل غيره ، فالتّخصيص يُخرج أجزاء العموم كلّها و يُبقي على ما نصّ الدليل على فرد من أفرداه ، و التخصيص يُضعف دلالة العموم!.
و مع هذا فهذه مصطلحات منصوص عليها لا نغيّر لفظها و لا نستبدله ، ولكن قد يتغيّر وضع لفظها !.
و مصطلح التّمييع نستطيع كذلك تغيير وضعه ، خاصّة أنه غير منصوص عليه بالمعنى الذي اصطلح عليه أهل العلم : فوضعوه فيمن سبق ذكرهم !.
و قضيّة الاصطلاح قضيّة واسعة جدّا ، وليس لأحد المنع إلا بالدّليل !
و قد سبق الكلام على هذا.
و قد ذكرت أمثلة لذلك : كلفظة : عقيدة ، و منهج يُراد به شيئا مخصوصا ، و : لفظة سيّاسة ، بل بعضهم يقول أنّ أصلها غير عربي أصلا !..قال الشّيخ مشهور -حفظه الله-:السّياسة في القرآن ، وهل هي لفظة عربية أم معربة ؟.
:لم يرد في القرآن ذكر للفظة ( السياسة ) ، إذ هذه اللفظة مُعرّبة على رأي ابن كمال باشا (ت:940 هـ) ؛ فإنه قال في كتابه :( تحقيق تعريب الكلمة الأعجميّة) ما نصّه: ( السّياسة ) معرّب ( سَهْ يَسَا) ، و هي لفظة مركبة من كلمتين :
أولهما : أعجميّة ، و الأخرى : تُركيّة ؛ فإنّ ( سَهْ ) بالعجميّة : ثلاثة ، و و ( يَسَا ) : بالمُغل : الترتيب : فكأنه قال : التّراتيب الثّلاثة .
ثمّ نقل تفسير ذلك ..
ثمّ قال :
تحقيق التّعريب :
افاد صاحب ( دراسات في تأصيل المعربات و المصطلحات ) (ص:131-132)أنّ لفظة ( سياسة ) بمعنى /استصلاح الخلق بإرشادهم إلى ما فيه مصلحتهم ، أو المنهج المتّبع في تدبير مرافق الحياة العامة ، و منها : السّياسة المدنية ، والسياسة التربوية ، و سياسة السوق الحرة .
أقول : إنّ اللفظ -بمفهومه الحديث- مولّد توليدا معنويا ، و المولّد على ما جاء في ( المعجم الوسيط) المولّد من الكلام : كلّ لفظ كان عربي الأصل ثمّ تغيّر في الاستعمال ، أو هو اللفظ العربي الذي يستعمله الناس بعد عصر الرواية ).
ثمّ قال :
السياسة عربية: اللفظ عربي فصيح ، و هو ساس الناس يسوسهم سياسة :ورد في جمهرة اللغة لابن دريد (ت:321):و سُسْتُ القومَ و أسُسُهم سياسة ، و كذلك الدّواب.
و قبل ذلك ذكر -حفظه الله-ورود السياسة -ليست بلفظها-في السنة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ ) .
و معنى تسوسهم : أي يتولن أمورهم كما تفعل الأمراء و الولاة بالرعية ، والسياسة القيام على الشيئ بما يُصلحه -قاله النووي-انتهى : انظر السياسة التي يريدها السلفيون :(5-8)
مع أنها في الاستعمال العربي جاءت لعدة أشياء !.
و قد اختلف -فيما أعلم- أهل العلم في وضع حدّ لهذا المصطلح ، رجع كتاب الشيخ مشهور صفحة:13.
و راجع صفحة :(27 منه ) قوله : إن مصطلح (السّياسة) لا يحمد بإطلاق ، ولا يُذم بإطلاق .( وانظر أيضا :صفحة :30منه للفائدة ).
و أيضا : لفظة : حديث ،شاذّ ، و لفظة : زنديق ، و زنادقة ، فلسفة و فيلسوف و متفلسف ، ولفظة : عقلاني ، وأهل الرّأي ، و ظاهري ، و غيرها من الالفاظ الكثيرة .
فائدة أخرى مهمّة جدّا حول : قول:( لا مُشاحة في الاصطلاح) من نفس الكتاب ، صفحة: (57)...و ذلك كردّ على من أنكر عليه ....
قال : ...فتقسيم الجهاد إلى :( طلب و دفع ) لا دليل عليه -هكذا قلتُ !-، كتقسيمات العلوم و اللغة ، و كتقسيمات أنواع التّوحيد ، و كتقسيمات التلاوة و التجويد .
و لكن ...ما حكم هذا التّقسيم ؟ هل هو مردود أم مقبول ؟.
يُقال-ها هنا -: ( لا مُشاحة في الاصطلاح ) ! .
و قال صفحة :74: إنّ العبرة -كما يُقرّره الفقهاء -بـ( الحقائق و المعاني ) لا بـ ( الألفاظ و المباني) ، و عليه ؛ فلا ضير في عدم استخدام القرآن للفظة (السياسة) ، ولا يدلّ ذلك -بداهة- على ذمّها ، و لم يترك القرآن أصول النظر -على اختلافها- بما في ذلك السياسة -إلا و قد رسمه و نصّ على كلّياته ؛ فهو لم يترك الحكام ولا المحكومين هملا ، و لم يهمل وقائع الحياة ، و لم يتركها بلا حلول و لا أحكام ، و فقهاء الإسلام لم يدعوا من وقائع الحياة شيئا إلا نزّلوه على مقتضى أحكامه و أحكام السنّة النبويّة على وفق تطبيق السّلف الصّالح ، واجتهاداتهم المنتزعة من نصوص الوحيين الشريفين .
و من البديهي أنّ الإسلام جاء :دعوة ربّانيّة هادية ، ومنقذة للبشريّة من التّخبّط و الضّياع التي انحدرت إليه قبل البعثة المحمدية .
قال في صفحة :133: إنما سمّي الزّنديق زنديقا ؛ لأنّه وزن دقيق الكلام بمخبول عقله ، وقياس هوى طبعه ، وترك الأثر و الاقتداء بالسنن ، وتأوّل القرآن بالهوى ، فسبحان من لا تُكيّفهُ الأوهام .قاله الذهبي في السير : (13/332)في ترجمة سهل بن عبد الله التستري-انتهى- ، فانظر كيف حصل هذا المعنى! ، و كيف شاع بعد ذلك !. و ما هو أصله؟.
و الله تعالى أعلم .
التعليق التّاسع:
أخي الفاضل عمر الكرخي حفظك الله :
أنا في أوّل تعليق لي على الحلقة الأولى من موضوع الشّيخ عبد العزيز ، قد استفسرت عن مُراد الشّيخ ، ولذلك أتممت تعليقاتي ، و في تعليقاتي فيما أحسب جواب عن استفسارك .
و لذلك كنت قلت سابقا : أن لفظ تمييع لم يُستعمل مكان لفظ بدعة ! ، و لا لفظ فسق و لا لفظ كُفر !.
بل هو من بعضهم جاء من باب الإخبار و البيان ، و لغة العرب واسعة !.
و بعضهم أطلقه على من أصّل أصولا كانت سببا في ضعف الولاء و البراء ، وقاضيّة على مبدأ الردّ على المُخالف ، و أصل هجران أهل البدع و غيرهم ممن يستحقّ الهجر ، و قاضية على منهج التّصفية و التّربية عموما ، منهج قائم -كما قال عائض القرني هداه الله : على اللملمة !.
و هذا المنهج أصبح مدرسة قائمة ، فقد كان من قبل بعضهم يقول : أنا من دعاة التّيسير ! ، ولكنّ دعوته تلك لم تتوقّف عند تتبّع الرّخص ، أو التّيسير في جانب من الدّين قد قال به بعض العلماء -وهذا هكذا أيضا خطأ بإطلاق!-.
فتوسّعت هذه المدرسة في هذا الباب حتّى جمعت إليها -بمنهج تيسيرها -كلّ من انتسب إلى الإسلام ، فتجعله :من حقّه الخلاف و المُخالفة ، ولا فرق بينه وبين أيّ مسلم آخر مادام مُسلما إسما ، و لو وقع منه بعض الشركيات أو الغلو في الأولياء أو الوقوع في البدع ، بل تهجّم هذا المنهج على منهج الحقّ ، ورماه ب: تفريق المسلمين ، وأنّ أصحابه دسيسة على الإسلام ، أو أذناب الحكام و عملاؤهم ، وأنّهم يحاربون الصحوة -التجميع-....إلخ.
و قد توافق على هذا المنهج بعض الجماعات ، وأشادت كلّ جماعة برؤوس الجماعة الأخرى ، لأن الوحدة على هذا المنهج قائمة دون نكير ...كمنهج الإخوان المسلمين و منهج الدعوة والتبليغ و منهج السرورية و القطبيون و غيرهم ..
فقد رأيتهم يقولون في بعض المحافل التي جمعتهم و من القرني و الجفري !!! :نحن لا ننكر على من هو يدعوا إلى الله تعالى ، فكلّ على ثغرة !.
هذا المنهج الجديد الذي جمع كلّ تلك الأطياف : هو منهج التّمييع ، و بعض أهل العلم يسمّيه :بالتفلّت و الانفلات !..و سمّيه ما شئت ، إذا كان هذا التّصنيف يخدُم الحقيقة الواقعيّة المرّة !.
و هؤلاء هم المُميّعون الحقيقيون ، لا معاشر السلفيين الذين يُحاربون التمييع الحقيقي و يُحاربون ضدّهُ : الغلو و الغلاة على مختلف أصنافهم ( و منهم : غلاة التكفير و غلاة التّبديع ).
و منه : فمُميّع لا يُساوي بالضرورة : مُبتدع ولا كافر و لا فاسق ، و لكنّه قد يكون كذلك !.
فقد يكون من المميّعة : مبتدعة حقيقيون ، وقد يكون فيهم من انبهر بهذا الزيف و اغترّ بتلك التهويلات ...و قد يكون من المميّعة: كفارٌ حقيقيون ، يتلاعبون بثوابت الدّين و تأصيلاته الأصيلة ، والقائمة على البراهين الشّرعيّة ، ويُساوون بين الحقّ و الباطل ...و قد يكون من المميّعة : فساق حقيقيون : يتّخذون من هذا المنهج وسيلة لقضاء شهواتهم و أغراضهم الدنيوية الدّنيئة ....
و هؤلاء الذين أتحدّث عنهم : منهم دعاة التقريب (مع أهل البدع و غيرهم )، و دعاة التّسامح (مع أهل البدع و غيرهم ) : كما يفعل : الدكتور القرضاوي و سلمان العودة و أتباعهما !!!.
و لذلك فهم لهم اليوم : هيئة إعلامية عالمية في الإمارات !!!، يشارك فيها أعضاء من مختلف دول العالم ، على مختلف النحل !.
هذا التّكتيل الذي كان يسعى إليه المنهج الإخواني في بدايته قبل انقسامه ، و هو اليوم يسعى للمّ الشمل و لملمته لأجل التصدّي للتّحدّيات الرّاهنة و القائمة !!!.
من هنا و بين هؤلاء ضاع الحقّ الذي يحمله أهل السنّة !.
أما جعل الشيخ عبد العزيز :أسماء الذم والمدح في العبادات والعقائد توقيفية : فهذا ما كنت أبنت عنه في تعليقاتي فلا أعيد .
أما جواب استشكالك أخي الحبيب عمر -مع أني أجبت عنه من قبل-:أنك لا تستطيع أن تقول عن المبتدع: مميع -مثلاً- ولا عن الكافر ولا عن الفاسق ولا عن المنافق ولا ... ولا ... إلى آخر الأسماء الواردة في الشرع.
فهذا ليس على إطلاقه ، و هو مربوط بما سبق آنفا ، فكذلك لا تستطيع أن تقول عن المبتدع -بإطلاق-كافر ، و لا العكس ، و لكن قد يكون الكافر مبتدعا بدعة تُخرجه من الإسلام بعد إقامة الحجة ، و قد يكون المبتدع واقعا في بدعة مكفّرة تُخرجه من الملّة و العياذا بالله -بعد إقامة الحجّة- و كذلك قل في الفسق و غيرها ، فبينهم عموم و خصوص وجهي !.

و لذلك مميّع لا تساوي يالضرورة كافر و لا مبتدع و لا فاسق ..لكنّها في التّصنيف-على تأصيلات المميّعة- تساوي: كلّ مميّع مبتدع و ليس كلّ مبتدع مميّع !.
فكثير من المبتدعة -كما سبق وأن أشرت إليه-يعقدون على مذهبهم الولاء و البراء !.
و قد ضربت على ذلك أمثلة في التصنيف : كزنديق ، فيلسوف ، ملحد ، مرجئ ، حروري ، تكفيري ، خارجي ، مميّع ، ...
فهؤلاء كلّهم : يدخلون في حكم المبتدعة ، لا أنّهم هم البدعة في حدّ ذاتها برسمها واسمها و معانيها ، لأنّ البدعة أعمّ بكثير ...
أمّا قولك أخي الفاضل عمر :
ومن الأسباب (الهامة) التي تجعلنا نقول هذا القول: أنه إن رُمِيَ شخص ما بالتمييع -مثلاً- فلن تستطيع أن تعرف حكمه الشرعي! ، ولو رُفِعَ الأمر إلى القضاء فلن يستطيع أن يحكم في أمره؛ فقد لا يصرّح الرامي بحقيقة قصده؛ فيزعم أنه إنما أراد أنه مائع في كلامه أو ما شابه!.
فهذا غير صحيح ، فالمميّع نعرف حكمه ، أوّلا من حال الرّجل ، و ثانيا من سياق الكلام الذي ورد فيه ذلك اللفظ ...
و إذا ما ضُبط و عُلم لفظ التمييع ، و ما هو مقصد القائل منه ، فإننا نحكم عليه و العُهدة على القائل ، هذا فيمن غابت عنا حقيقته .
و لذلك في مثل هذه الألفاظ يقرّر شيخ الإسلام : أنه ينبغي معرفة مقصد المتكلّم ...
و عدم تصريح القائل بقوله لا ينفي الألفاظ و المصطلحات ..فكثير منها هي الألفاظ التي يتلاعب بها الناس ، ولكن يُغيرون وجهة مقاصدهم ، ....!.
و القاضي قد يحكم بما هو معلوم مشهور من تلك اللفظة بين الناس أو بين المتخاصمين في بيئتهما .
كأن يقول له : أنت حبشي ، ويقصد بذلك فرقة الأحباش !، فقد يُغيّر قصده و يقول : كنت أقصد :الحبشة ! مثلا لا حصرا ، أو يقول له : أنت غالٍ و يقصد به الغلو لا الغلاء !.
فالقضاء له طرق لمعرفة تلك الحقائق .
و مخاطبة من يفهم هذه المصطلحات على قدر عقول الناس و مداركهم و فهومهم ، فقد تقول لبعض الناس : أنت حروري أو مرجئ أو حزبي أو ....و لا يعرف معنى ذلك !.
بل هذه التّصانيف التي نعلم كثيرا منها الآن : قد لا يعرفها كثير من قضاة العصر !.
أما معاناتنا من مثل هذا المصطلح أخي الحبيب : فقد عانينا أيضا من مصطلح الرمي بالإرجاء و لم يكن صحيحا اتجاهه إلينا ، و قد رُمي الأفاضل : بالعمالة و الخروج و الإخوانية ! و غيرها ...فهل سنوقف تلك المصطلحات لأننا عانينا منها ؟.
و لذلك قلت في تعليق سابق : ينبغي تقويم المصطلحات و تصحيح وجهتها لا هدمها و نفيها ، و قد كان على أرض الواقع حقيقة !.
أما قول شيخنا الحبيب في هذه المسألة : فأرجو منك أن تسأله بنفسك حتّى نأخذ قوله مباشرة ..
و مع ذلك فقد أثبت هذا القول عن غيره من أهل العلم .
و أزيد هنا : الشّيخ عبد العزيز الرّيّس -حفظه الله و وفّقه-.
و الآن أعود إلى أخي الفاضل أحمد -حفظكما الله-:
أخي الفاضل: من سياق كلامي تعلم قصدي من سؤالي !.
فأنا لم أقل أنّك أنت الذي فسّرت ، بل سؤالي متوجّه إلى من ننتقده في هذه اللفظة ، هل فسّر الآية يالتمييع !؟.
و ذلك بهذا السؤال أكون قد أجبتك -تلميحا- عن سؤالك السابق !.
و نعم؛ قد يكون جواب السؤال سؤال ! ، فإن من أساليب اللغة العربية : أن يكون السؤال تقريريا و قد يكون استفهاميا ، و هذا موجود في الكتاب و السنة !.
و سؤالي تقريري .
أمّا قولك :أين أقوال أهل العلم المعتبرين من أمثال محمد بن إبراهيم وابن باز والألباني والعثيمين .
فهذا سؤال عجيب و الله ، ذلك أنّ الحقّ ليس محصورا في هؤلاء الأئمّة ، و قد نشأت كثير من المصطلحات بعد وفاة الصّحابة رضي الله عنهم و لم يُنكر أحد !.
و عدم الكلام لا يُفهم منه أيضا نفي الألفاظ !.
بل أقلب القول : من من العلماء المعاصرين نفى هذا اللفظ و حذّر منه ، مع أننا نقلنا أن الأصل عدم المنع في اللغة و النقل وارد هنا ، أي نقل وضع اللفظ من معنى لآخر !.
و قولك :
هل كان الانحلال أعني انحلال بعض أهل الحق في أهل الباطل موجودا قبل أم أنه طرأ في العصور الحالية ؟.
أقول : بهذه الصّورة قد بيّنت ذلك في تعليقي على كلام أخينا الفاضل عمر ، و هو قيام منهج بذاته يحمل تلك المواصفات فاقتضى التصنيف !.
أما عدم كلام أهل العلم ، فلكلّ عُذره و اختصاصه ، فهل تستطيع أن تُثبت لي لفظة : قُطبي و سروري من كلام هؤلاء الأفاضل !؟
مع أن الشيخ بن عثيمين و الشيخ بن باز و الشيخ الألباني كانوا على قيد الحياة لمّا انتشرت هذه المصطلحات !.
لذلك نقول جوابا على سؤالك : أم أن الدين غير الدين ؟ الدين هو الدّين ، والاجتهادات تتغيّر من عالم لآخر !.
و الحقّ ليس محصورا في أشخاص بأعيانهم ، فمن أظهر لنا خطأه عاملناه بما ظهر لنا !.
و رفع الملام عن الإئمّة الأعلام واجب.
أمّا قولك:انحلال أهل الحق بأهل الباطل هل هو من قبل العادات أو العبادات ونحن متفقون أنه من الأعمال التي تلحق العبادات والأصل فيها المنع حتى يرد الدليل فليس لأحد أن يصطلح فيها مصطلحا من عنده .
من أين أتيت بهذا الأصل و قد أثبت لك في تعليقاتي السابقة ما يثفنّدُه ، أي أصل المنع في الاصطلاحات !...و المسألة في المسمّيات اللغويّة و تغيير وضعها أو بيان الاشتراك اللغوي في معاني قائمة بالأمور الحادثة !
و على ماذا يدل التصنيف السابق الذي ضربته لك مثال !؟.
الحاجة دفعتنا للتصنيف ، لا هواية قائمة في أنفسنا !.
و بيان الحقّ ألجأ كثيرا من علمائنا إلى أقوال لم يقل بها السلف ، ذلك لظهور بدع جديدة أو مقتضيات عارضة ليست أصليّة !.
أما قولك :
أسماء الذم توقيفية تؤخذ من الشرع وليس من اصطلاح البشر .
أريد واحدا من أهل العلم قرّر ذلك .
و ما هو مقصودك بأسماء الذّم ، ومن سبقك بهذا الاصطلاح !؟
على أن لفظة : الخوارج و المرجئة والشيعة و الجهمية و القدرية و جماعة التبليغ و و جماعة الإخوان المسلمون ، حزب التحرير ، و جبهة الإنقاذ ، و القطبيون ،والسروريون و غيرها ...تُعتبر من أسماء الذّم لا من أسماء المدح !..و هي من اصطلاحات البشر لا من اصطلاحات الشّرع !.
قولك :
3. استدلالك بمصطلح السياسة
في غير محله لأن السياسة في الأصل داخلة في عادات الناس وليس في عباداتهم فليصطلحوا ما أرادوا .
بل في محلّه ، و هو إثبات الصطلاح و تغيير الوضع العربي و غيرها من الأمور التي دفعتني للاستدلال به !-كما هو مُبيّن في تعليقي -.
و هي من الأمور الشّرعيّة ، و قد ألّف فيها أهل العلم كتبا ، كيف لا و تعريفها نابع من الشّرع !.
فقط راجع تعليقي السابق !.
و أمّا التعليق العاشر فهو تعليقي اليوم .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-18-2010, 02:40 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,046
Lightbulb

جزى الله الشيخ العزيز عبد العزيز خيراً ..وجزى الله شيخنا علي الحلبي خيرا على تتبعه لمقالات إخوانه وطلبته ومحبيه وهذا من تواضعه حفظه الله تعالى..
وأقول جزى الله أخي الكبير "محمد لبيب" خيرا ،على تعليقاته وتعقيباته ..
التي أعتقد أن الشيخ عبد العزيز لم يجب عنها حتى الآن ربما لم تبلغه أو بلغته ولضيق وقته لم يجب عنها بعد ..

__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-18-2010, 10:14 PM
أحمد جمال أبوسيف أحمد جمال أبوسيف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,209
افتراضي

قال شيخ الإسلام في «في الرد على البكري» (2/ 611): (ومما يجب معرفته أن الأسماء والألفاظ التي تعلق بها الأحكام الشرعية من الأمر والنهي والتحليل والتحريم والاستحباب والكراهة والمدح والذم والثواب والعقاب والموالاة والمعاداة، هي الألفاظ الموجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ، وذلك مثل لفظ الإيمان والإخلاص والعبادة والكفر والشرك والهدى والضلال والرشاد والغي والعبادة والتوكل والشكر والصبر والنبوة والرسالة والتوكيل ونحو ذلك، فأما الألفاظ التي لم توجد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا تعلق لها بشيء من ذلك إلا إذا تبين أن معانيها موافقة لمعاني ألفاظ الكتاب والسنة، والله تعالى في كتابه وسنة رسوله قد أوجب لنفسه حقاً لا يشركه فيه غيره، وأوجب حقاً له ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين فله وحده أن نعبده ولا نشرك به شيئاً وأن نخشاه ونتقيه)ا.هـ.
__________________
{من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع}
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10-18-2010, 10:19 PM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أخي الحبيب عمر الكرخي وفّقك الله :
هذه العبارة :المدح والذم أحكام شرعية فتلحق بالعبادات، والعبادات توقيفية.
ليست كلاما لشيخ الإسلام بن تيميّة رحمه الله ، بل شيئ فُهم عنه !.
كلا م شيخ الإسلام رحمه الله متعلّق بتوقيع الألفاظ الشّرعيّة من مدح أو ذمّ على غير أهلها كما هو واضح من السياق الطّويل الذي سأذكره بعد قليل .
كمن أوقع ألفاظ الذّمّ على الأنبياء و الصالحين ، فهذا غير جائز ، لأنّ دلالة الشّرع جاءت بخلافه .
و كمن يوقع ألفاظ المدح و الذّم في غير محلّها ، فيرمي من ليس بكافر بالكُفر ، و من ليس بمبتدع بالبدعة ، و من ليس بفاسق بالفسق ، بناء على فهمه هو ، أو هواه ، أو ما جاء من مذهبه الفاسد .
كما تحكم الرافضة على أهل السنة بالكفر !.
و كما يرمي أهل البدع أهل السنّة بألفاظ أصلها شرعي ، و لكنّ توقيعها غير شرعيّ ، لأنّ تلك المعاني لتلك الألفاظ : أصلها من الشّرع ، فيأتي توقيعها على مُراد الشّرع لا مُراد غيره ، و ذلك أنّ تلك الألفاظ عربيّة ، و تغيّر وضعها العربي إلى معنى شرعي مستقلّ ، لا يجوز مجاوزته !.
فالكافر من كفّره الله و رسوله ، و المبتدع من كان مبتدعا في الكتاب و السنة ، و الفاسق يثبت فسقه بالكتاب و السنة ....و هكذا .
و لذلك علّق شيخ الإسلام رحمه الله حقيقة تلك الألفاظ بالمعاني فقال :(هي الألفاظ الموجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ).
و لا ينطبق هذا على موضوعنا ..لأن اللفظ الشرعي و معناه جاء على أصل الوضع العربي و لم يتغيّر ، كما كُنت بيّنته سابقا .
و منه جاء الذّم باسم : الطوائف الضّالة ، جهمي ، مرجئي ، خارجي، معتزلي ، أشعري ،إباضي ، حروري ، صوفي ، قبوري ، اتّحادي ، علماني ، زنديق ، قطبي ، سروري، ...إلخ
و جاء المدح بـاسم: سُنّي ، أهل الأثر ، أثري ، سلفي ، سلفيّة ، أهل السنة والجماعة ، أهل السنّة ، الفرقة النّاجية ، أهل الحديث ، أنصار السنة ، ...إلخ .
و هذه الأسماء غير منصوص عليها لا في كتاب و لا في سنّة ، إلا بعضا منها : كالخوارج و القدرية ..و قد اختلف أهل العلم في سبب عدم تسمية النبيّ صلى الله عليه وسلّم لباقي الفرق الضالة ، مع أنّه ذكر أنّها ستكون مستقبلا ، و ذكر عددها ، فاختلف أهل العلم في فهم هذا العدد ، ذلك أنّ الفرق الضالة بانقسامها أكثر من ذلك العدد ! ، و أرجع بعضهم ذلك إلى وجود أصول للفرق ، تفرّعت بعدها -عنها- تلك الفرق ! .....و هذا موجود في كتب النحل و كتب الفرق .
-فلو كان ذلك أيضا توقيفيا لما صحّ عندنا هذا !.
أمّا كون المقال غالبه مبني على فهم كلام شيخ الإسلام رحمه الله فأقول: و كذلك تعليقاتي ، والتي أتيت في بعضها بسباق كلام شيخ الإسلام و لحاقه ، حتّى يتبيّن مُراده .
مع أن النقل عن شيخ الإسلام رحمه الله كان في الحلقة الأولى :غيرموجود أصلا .
و في الحلقة الثّانية: ثلاثة نقول ، قد تكلّمت عنها ، وبيّنت سياقها وسباقها و معناها .
و في حلقتنا هذه :خمسة نقول عن شيخ الإسلام .
و قد أتيت بتلك النقول ، وزدت عليها نقولا أخرى ..فليرجع إلى تعليقاتي السابقة.
بل بعض كلام شيخ الإسلام رحمه الله كان متعلّقا اصلا بــ: مبحث الأسماء و الصّفات ، كما سيأتينا .
و الآن إلى النقل الأوّل بسياقه و سباقه -و أعتذر عن الإطالة لأن المقام يقتضي ذلك -:
قال شيخ الإسلام رحمه الله في ردّه على البكري :
و أما قوله في الوجه الأول إن القصد إذا صح كان وجوب بيان المقصود بعبارة موضوعة له حق الرسول صلى الله عليه و سلم فله تركه إذا عبر عن نفسه وغيره إذا خالف موجب الأدب معه في العبارة كفرناه على ما سلف.
فيقال له هذا من جهلك فإن التعبير عن المعاني بالألفاظ يتعلق باللغة ليس هذا من الحقوق ولا له مدخل في هذا بل الواجب أن يعبر عن المعنى باللفظ الذي يدل عليه فإن كان اللفظ نصا أو ظاهرا حصل المقصود وإن كان اللفظ يحتمل معنيين أحدهما صحيح و الآخر فاسد تبين المراد وإن كان اللفظ يفهم منه معنى فاسد لم يطلق إلا مع بيان ما يزيل المحذور وإن كان اللفظ يوهم بعض المستمعين معنى فاسدا لم يخاطب بذلك اللفظ إذا علم أنه يوهم معنى فاسدا لأن المقصود بالكلام البيان و الإفهام و أما إذا كان اللفظ دالا على المراد و جهل بعض الناس معناه من غير تفريط من المتكلم فالدرك على المستمع لا على المتكلم .( و هنا فيه ردّ قويّ على الغلاة الذين يفهمون من كلام مشايخنا السلفيين المعاني الفاسدة التي لا يُريدونها ، ويُعلّقون على ذلك أحكام التبديع المنفلت ، مثل تُهمة الطّعن في الصّحابة!).
وقوله إذا خالف موجب الأدب كفرناه.
فيقال له كلا المقدمتين باطلة دعواك مخالفة موجب الأدب و دعواك كفر.
و أما إخبارك عن نفسك أنك تكفره بما تعتقده إنه مخالف للأدب فأنت صادق في خبرك عن اعتقاد الباطل و جهلك المعروف كما يصدق الروافض إذا أخبروا عن أنفسهم بتكفيرهم لأبي بكر و عمر و عثمان و كما يصدق الخوارج إذا أخبروا عن أنفسهم بتكفيرهم لعثمان و علي و كما يصدق الكفار إذا أخبروا عن أنفسهم بأنهم يقولون عن النبي صلى الله عليه و سلم إنه كاهن و مجنون و معلم و مفتري فهذا صدق يضر قائله لا يضر المقول له، قال تعالى :(إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم).
لكن اعتقادك كفر من هم أعظم الناس إيمانا بالله و رسوله لا يضرهم، قال النبي صلى الله عليه و سلم :(إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) ، كنت أحق بالكفر، إلا أن تعذر بالتأويل ، وفي الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:( لا يرمي رجل رجلا بالكفر و الفسوق إلا ردت عليه إذا لم يكن لذلك أهلا).
وقوله في الوجه الثاني إنه إذا علم بالقواعد ثبوت رتبة للنبي صلى الله عليه و سلم فالعبارة التي توهم نفيها إذا صدرت منه علم المراد بها للدليل على عصمته وصحة تبليغه وعدم تناقض أقواله وأفعاله وغيره ليس كذلك.
فيقال هذا مبني على صدور عبارة موهمة ، وقد تقدم أن الجواب عبارة ظاهرة في معناها ، بل نص لا يحتمل معنيين، فضلا عن كونها توهم غير ما أريد بها، وأيضا فغير الرسول صلى الله وعليه وسلم إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام.( و هذه فائدة عظيمة أيضا)
وأيضا فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ، ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق.( و هذه أيضا قاعدة عظيمة )
ثم غاية هذا أن يكون بحثا لفظيا ، والبحوث اللفظية لا توجب خلافا معنويا ، فضلا عن التكفير اللهم إلا على قول هذا الجاهل :إن المتكلم إذا عنى معنى صحيحا بعبارته وتوهم منها بعض الناس نقصا كان ذلك كفرا (!!!)(و هنا يتكلّم عن المعنى لا عن اللفظ !!)وهذا لا يقوله إلا من انسلخ من العقل والدين، لا سيما إذا كان التقصير إنما هو من المستمع لا تقصير في عبارة المتكلم.
ثم يقال هذا كله ليس مما نحن فيه ، فإن ما ذكره المجيب لا يحتاج إلى هذا ولا يتوقف على نقل عبارته بعينها ، بل تلك المعاني ( قال المعاني و لم يقل الالفاظ!)بائنة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، سواء كان اللفظ بعينه منقولا أو لم يكن ( لاحظ!)والتعبير عن تلك المعاني شائع بما يدل عليها دلالة بينة ، كالدلالة على سائر المعاني ، ومما يجب معرفته أن الأسماء والألفاظ التي تعلق بها الأحكام الشرعية من الأمر والنهي والتحليل والتحريم والاستحباب والكراهة والمدح والذم والثواب والعقاب والموالاة والمعاداة هي الألفاظ الموجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ ، وذلك مثل لفظ الإيمان والإخلاص والعبادة والكفر والشرك والهدى والضلال والرشاد والغي والعبادة والتوكل والشكر والصبر والنبوة والرسالة والتوكيل ونحو ذلك، فأما الألفاظ التي لم توجد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم ولا تعلق لها بشيء من ذلك إلا إذا تبين أن معانيها موافقة لمعاني ألفاظ الكتاب والسنة.
والله تعالى في كتابه وسنة رسوله قد أوجب لنفسه حقا لا يشركه فيه غيره ، وأوجب حقا له ولرسوله صلى الله عليه و سلم وللمؤمنين فله وحده أن نعبده ولا نشرك به شيئا وأن نخشاه ونتقيه .انتهى كلامه رحمه الله .
و هذا الكلام يُفهم منه ما قد بدأت به تعليقي فوق .
بل فيه تصريح كما قد علّقت في ثناياه .
فصرف معاني الالفاظ الشرعيّة ، يقتضي تغيير وجهة المقاصد الشّرعيّة من تلك الألفاظ ، ومنه : تحريف معاني الشّرع ، فلا يجوز رمي أهل الحق أو ذمّهم بالألفاظ الشرعيّة التي لا تنطبق معانيها عليهم .
و لا يجوز مدح شخص أو حزب أو هيئة أو ...إلخ بالفاظ شرعية ، لا يستحقّونها ، من منطلق تغيير معاني تلك الألفاظ ، كتغيير معنى الإيمان و الإسلام و الإحسان ، و غيرها .
فيُطلقون على مُقرّبيهم الالفاظ الشّرعية التي لا يستحقّونها ، بناء على تغيير معانيها .
كـ : الرافضة مثلا : يُطلقون على أنفسهم مسلمين ، مؤمنين ، و من مقتضيات الإيمان عندهم : الإيمان بـ: كفر الصّحابة إلا قليل ، والإيمان بـ : التقيّة ، و الإمامة و ....إلخ.
فيجعلون ذلك و غيره هو الإيمان .
و الإيمان بلفظه و معناه معلوم شرعا ، و من عرّفه من أهل السنّة كمصطلح عقدي: قول و عمل ، اعتقاد بالقلب ، و نطق باللسان و عمل بالجوارح يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ، لم يخرج عن مراد الشّرع و لا عن أدلّة الشّرع ، و لكن هذا التّعريف بهذه الشّكل : غير منصوص عليه ، و هو حقّ ، لأنّه فُسّر بحقّ .
أمّا النقل الآخر الذي نقله الشّيخ الحبيب عبد العزيز -حفظه الله و زاده توفيقا-:
فهذا هو سياقه و سباقه ، وقد جاء في مبحث الأسماء و الصّفات:
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي جَوَابِ " الْمَسَائِلِ التدمرية " الْمُلَقَّبِ بـ " تَحْقِيقِ الْإِثْبَاتِ لِلْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَبَيَانِ حَقِيقَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَدَرِ وَالشَّرْعِ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ فِيمَا يُنَزَّهُ الرَّبُّ عَنْهُ عَلَى عَدَمِ وُرُودِ السَّمْعِ وَالْخَبَرِ بِهِ فَيُقَالُ : كُلُّ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ أَثْبَتْنَاهُ وَمَا لَمْ يُرِدْ بِهِ لَمْ نُثْبِتْهُ بَلْ نَنْفِيهِ وَتَكُونُ عُمْدَتُنَا فِي النَّفْيِ عَلَى عَدَمِ الْخَبَرِ .
بَلْ هَذَا غَلَطٌ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ عَدَمَ الْخَبَرِ هُوَ عَدَمُ دَلِيلٍ مُعَيَّنٍ وَالدَّلِيلُ لَا يَنْعَكِسُ فَلَا يَلْزَمُ إذَا لَمْ يُخْبِرْ هُوَ بِالشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفِيًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ . وَلِلَّهِ أَسْمَاءٌ سَمَّى بِهَا نَفْسَهُ وَاسْتَأْثَرَ بِهَا فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ . فَكَمَا لَا يَجُوزُ الْإِثْبَاتُ إلَّا بِدَلِيلِ لَا يَجُوزُ النَّفْيُ إلَّا بِدَلِيلِ . وَلَكِنْ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَبَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ ثُبُوتَهُ يَسْكُتُ عَنْهُ فَلَا يَتَكَلَّمُ فِي اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ . الثَّانِي : أَنَّ أَشْيَاءَ لَمْ يُرِدْ الْخَبَرَ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهَا وَلَا بِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهَا لَكِنْ دَلَّ الْخَبَرُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِنَقَائِضِهَا فَعُلِمَ انْتِفَاؤُهَا . فَالْأَصْلُ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَهَذَا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ وَالْعَقْلُ . وَمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ إنْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ نَفَيْنَاهُ وَإِلَّا سَكَتْنَا عَنْهُ . فَلَا نُثْبِتُ إلَّا بِعِلْمِ وَلَا نَنْفِي إلَّا بِعِلْمِ . وَنَفْيُ الشَّيْءِ مِنْ الصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا كَنَفْيِ دَلِيلِهِ طَرِيقَةُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْخَبَرِ . وَهِيَ غَلَطٌ إلَّا إذَا كَانَ الدَّلِيلُ لَازِمًا لَهُ . فَإِذَا عُدِمَ اللَّازِمُ عُدِمَ الْمَلْزُومُ . وَأَمَّا جِنْسُ الدَّلِيلِ فَيَجِبُ فِيهِ الطَّرْدُ لَا الْعَكْسُ . فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الدَّلِيلِ وُجُودُ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ وَلَا يَنْعَكِسُ .
فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ . مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ أُثْبِتَ وَمَا عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ نُفِيَ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ نَفْيُهُ وَلَا إثْبَاتُهُ سَكَتَ عَنْهُ . هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ . وَالسُّكُوتُ عَنْ الشَّيْءِ غَيْرِ الْجَزْمِ بِنَفْيِهِ أَوْ ثُبُوتِهِ . وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْ مَا أَثْبَتَهُ إلَّا بِالْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَثْبَتَهَا وَإِذَا تَكَلَّمَ بِغَيْرِهَا اسْتَفْسَرَ وَاسْتَفْصَلَ فَإِنْ وَافَقَ الْمَعْنَى الَّذِي أَثْبَتَهُ الشَّرْعُ أَثْبَتَهُ بِاللَّفْظِ الشَّرْعِيِّ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِالشَّرْعِ لَفْظًا وَمَعْنًى . وَهَذِهِ سَبِيلُ مَنْ اعْتَصَمَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى .
لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُعْرَفَ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ إسْنَادًا وَمَتْنًا . فَالْقُرْآنُ مَعْلُومٌ ثُبُوتَ أَلْفَاظِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ وُجُوهُ دَلَالَتِهِ . وَالسُّنَّةُ يَنْبَغِي مَعْرِفَةُ مَا ثَبَتَ مِنْهَا وَمَا عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ . فَإِنَّ طَائِفَةً مِمَّنْ انْتَسَبَ إلَى السُّنَّةِ وَعَظَّمَ السُّنَّةَ وَالشَّرْعَ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ اعْتَصَمُوا فِي هَذَا الْبَابِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَمَعُوا أَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِي الصِّفَاتِ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ مَعْلُومٌ أَنَّهُ كَذِبٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ إلَى الْكَذِبِ أَقْرَبُ وَمِنْهَا مَا هُوَ إلَى الصِّحَّةِ أَقْرَبُ وَمِنْهَا مُتَرَدَّدٌ . وَجَعَلُوا تِلْكَ الْأَحَادِيثَ عَقَائِدَ وَصَنَّفُوا مُصَنَّفَاتٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُكَفِّرُ مَنْ يُخَالِفُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ . وَبِإِزَاءِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِجِنْسِ الْحَدِيثِ وَمَنْ يَقُولُ عَنْ أَخْبَارِ.
و هذا لا ينطبق على بحثنا ، لأنّي لا أعتقد أنّ أحدا من أهل العلم سيُطبّق قواعد الأسماء و الصّفات ، على مسائل المصطلحات بعموم و إطلاق .
و مع ذلك فقد قال شيخ الإسلام في هذا المبحث -في هذا النّقل-:
الثَّانِي : أَنَّ أَشْيَاءَ لَمْ يَرِدْ الْخَبَرَ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهَا وَلَا بِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهَا لَكِنْ دَلَّ الْخَبَرُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِنَقَائِضِهَا فَعُلِمَ انْتِفَاؤُهَا . فَالْأَصْلُ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَهَذَا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ وَالْعَقْلُ . وَمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ إنْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ نَفَيْنَاهُ وَإِلَّا سَكَتْنَا عَنْهُ .
و الشّاهد هو قوله رحمه الله:
فَالْأَصْلُ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَهَذَا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ وَالْعَقْلُ .
أي بـــ: ( دلالة السّمع و العقل ) .
هذا ما نشطت له الآن .
و جزاكم الله خيرا أيّها الأحبّة الفضلاء .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10-19-2010, 01:45 AM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

غفر الله لي و لك أخي الحبيب عمر !.
لو رأيت في طريقتي مخالفة للأدب و أو للشّرع لما أقدمت على تعليقاتي أصلا !.
و هذا منتدى عام ، و قد طلبت من الشّيخ عبد العزيز -الذي نُحبّه في الله و نحترمه- التّسجيل معنا (تفضّلا) حتى نستفيد من علمه و أدبه -هكذا بهذا اللفظ !.
و يكون الحق هو بُغيتنا .
و إن رأى المُشرف العامّ شيخنا الحبيب : أنّ في تعليقاتي تجاوزات ، فأنا أطالب الإخوة المشرفين حذفها جميعا دون استثناء ، حتى أتعلّم الطريقة الصّحيحة في ذلك ..و أتعلّم كيف أحترمهم .
و لو رأيت مفسدة في ذلك لأحجمت من البداية عن فكرة التعليق فضلا عن التعليق .
و أنا الذي كنت أظن أن تصوّرات النّاس لهذا المنتدى بهذه الطريقة سوف تكون إيجابية ! إذ أنّ المنتدى فيه أخذ و ردّ ، و ليس فيه تعصّب و لا حزبيّة لمشايخهم ، فكنت أكتب في كلّ مرّة ، و أمنّي نفسي بأن يكون أثر ذلك على الناس إيجابيا !.
و لم ألزم أحدا بفهمي و لا بقولي !.
و لن يأخذ أحد بفهمي و لا بقولي من باب تقليدي ، وأنا الضّعيف الذي لا أُعرف !.
بل لعلّ أكثرهم سيأخذ بضدّه !...دون أن يُتعب نفسه بقراءة تعليقاتي !.
لماذا نردّ على كثير من العلماء اليوم على العلن ، و نصرّح بمخالفتهم ، ونكتب ردودا ارتجالية في مخالفتهم ، و نعلنها صريحة أننا نُخالف : الشيخ ربيعا و الشيخ عبيدا و ....ممن سلك مسلك التبديع لمشايخنا الفضلاء ...
و كلّ ذلك على العام !!!.
ألم يكتب قبل سنوات كثير من طلبة العلم ردودا على بعض أهل العلم الكبار !...و لا أريد أن امثّل .
و الأمر ليس متعلقا باتهام النفس أو عدمه ، بل هذا كلامي أبيّنه : حتّى يُقيّمه مشايخنا و إخواننا أو يُناصروه .
وليست لنا عداوة مع الحق و لا مع أهل الحقّ .
و قد جالست مشايخ فضلاء ، و درست عندهم ، و دخلت بيوتهم ، و كنت كما كان غيري : نعترض و ننقاش و نأخذ و نردّ ، و نُصوّب ، ونصوَّب ، و في بعض الأحيان -والله- يتراجع مشايخنا عن رأيهم .
بل و الله هم من علّمني هذه الطّريقة ، و كانوا يحكون لنا عن بعض أهل العلم أنّهم لا يحبّون الاعتراض ، و هذا عند مشايخي خطأ .
و كان هذا في المحاضرات العامة أيضا ، و في الحلق و الدروس العامة .
فقد يهم الشّيخ و قد يُخطئ و قد يسهو ، و قد يكتب وقت التعب فينتقل بصره ...و قد ينقل بواسطة معتمدا على غيره ممن يثق بهم ...إلخ من الأعذار التي تجعلنا نخالفهم و لا نتهجّم عليهم .
و ليس بالضرورة أن كلّ ما يكتبه المشايخ أو يرونه يكون هو الصّواب و من باب أولى فيمن دونهم ، و قد تعلّمت من الأيّام الخالية: أن السكوت عن خطأ الشّيخ قد يورث النّدم !.
كما سكت بعضهم عن أخطاء بعض المشايخ : فكانت الحال هي : ما نحن عليه اليوم.
خاصّة في مسائل التّأصيل .
فقد لا يظهر الأمر إلا بعد مدّة .
و لكن الأخذ و الرّدّ و التدارس و التّفقّه و التعليق و غيرها : يوضّح الأمور أكثر .
( ملاحظة: لماذا لم يُنبّهني و لا واحد على الخاصّ؟!!!)
و هذا آخر تعليق لي .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ابن ندى العتيبي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:35 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.