مقال للشيخ أبي الحسن السليماني ‫#‏المأربي‬ عن وفاة حسن الترابي والموقف الشرعي منه .

[سيف بلعيد]

مقال للشيخ أبي الحسن السليماني ‫#‏المأربي‬ عن وفاة حسن الترابي والموقف الشرعي منه .
بسم الله الرحمن الرحيم
لقداطلعت فجراليوم الأحد على النقاش الدائر حول دالترابى، رحمه الله، وكتبت كلمةً أشارك بها، لكنها مُسِحت علىّ، فأعيد ماتيسر لي منها، راجياً أن يوفقني الله و ينفع بها في هذا المقام وغيره، وألخصها في الآتي:
1-لم أعلم بوفاة د/الترابي الا الآن، فأسال الله أن يغفر له، وأن يعامله بلطفه وعفوه ورحمته التي وسعتْ كل شيء، انه ع كل شيء قدير.
2-المتحاورون-فيما أعلم عنهم-متفقون على ان الرجل في الجملة مسلم قد لقي ربه، وأفضى إلى ماقدم، وانه بحاجة إلى دعائنا جميعاً له بالرحمة والاستغفار له، ومن ترك ذلك لما علمه عنه فله فيما أعلم سلف خير منه سبقوه إلى هذا مع من هو خيرمن الترابي.
3-وكذلك الجميع متفق على أن للترابي مخالفات شرعيه تقل أو تكثر، وتكبر أو تصغر، فليس هو ولاغيره في المخالفات قدوة لأحد، وأن الجميع كان يرجو له سلامته منها، والمسلم مهما كان عزيزاً علينا بقدر ما معه من اصل الايمان فما فوق فإن الحق أعز منه.
4-وكذلك لا خلاف بين المتحاورين في ان خطأه لا يحملنا على ظلمه، ولا بخسه فيما اصاب فيه، ولا إلصاق قول شنيع به الا بعد التثبت من صحة ذلك إليه، كما ان صوابه ومواقفه التي نصر فيها الإسلام لا تحملنا على عدم التحذير من الخطأ الذي وقع فيه إن كان من الاخطاء التي يتعدى ضررها على غيره، فضلاً عن كون صوابه يحملنا على محاولة عدم تخطئته، أو الدفاع عنه بالباطل، فالانتصار لحرمة الشريعه مقدم على الانتصار لحرمة حملتها اذا تبين منهم الخطأ، وظهرت فيهم المخالفة.
5-الجميع لاينكر ان للرجل حسنات ومواقف دافع فيها عن الاسلام لاسيما في اول أمره، وأن له في ذلك جهدا، ولكنه عكْر صفْو ذلك وكدْره بأمور لا تحمد -بل افسده-
وإذا كنا في مقام الترجمة له فلا بد من الإشارة إلى كل جانب فيه بماله وما عليه، وإذا كنا في مقام التحذير من الخطأوالضﻻت التي وقع فيها، فيكفي التحذير من الخطأ دون الإطناب او محاولة الاستيعاب في ذكرجميع الحسنات، لان هذا يُفْسِد المراد من التحذير من الخطأ والانحراف.
6-الإخوةالمعترضون في المجموعة على أفكار الترابي لا أعلم عن أحد منهم القول بتكفير المعين -الترابي أوغيره - إلآ بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع، وأنه لا يلزم عندهم من ذكر الاقوال الكفرية عن بعض الناس تكفيرهم لهم، فإنهم يفرقون بين القول والقائل على تفاصيل وضوابط معلومة عند أهل العلم.
كما ان المعترضين على الترابي ليس همهم المراء او الجدال او إشباع رغبة التشهير بالمخالف بقدر ما هو الدفاع عن الأصول والثوابت، وﻻيلزم من ذلك إصابتهم في كل شيئ، لكن ليس من أراد الخير فأخطأه - إن قلنا بخطئه- كمن أراد الشر فأدركه
وقد تكلم من السلف من هو خير من هؤلاء الإخوة فيمن هو أقل مخالفة من الترابي بكﻻم أشد من ذلك، فلتتسع الصدور بين اهل الحق ، وليسعهم ماوسع من قبلهم من اهل الايمان ، المهم الحذر من الكﻻم بهوى وحمية جاهلية وإلباس ذلك لباس الغيرة للدين ومهماته!!!
7-وما أظن أن المتحاورين يختلفون في أن الكﻻم في الأفراد والطوائف والجماعات وقوف على حافة حفرة من حفر النار فمن ولج هذا الباب وهو له أهل ظاهرا وباطنا فهو من الجهاد في سبيل الله لانه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ومن خاض في الأعراض والعقائد وهو ليس لذلك بأهل فإما أن يأتي بالمخرج وإﻻ سقي من ردغة الخبال.
8- كما ان من يرد من اخواننا على المجرحين للترابي ليس همه الانتصار لرجل في جماعته او حزبه، فنحن نعلم ان بين الترابي وبين جماعة هؤلاء الاخوه بون شاسع من الفرقة والخصام منذ سنوات، لكن لعلهم لم يثبت لديهم كثير مما قيل في الترابي، وأنا عن نفسي ماسمعت بكثير مما يُذكر عنه من انحرافات إلا في هذا النقاش، ولا شك ان من لم يثبتَ عنده هذه الفواقر في حق الترابي فلن يكون موقفه منه كموقف من ثبت عنده هذا الطوام .
وقد يكون الراد على المعترضين لايرى في هذا الوقت الذي لا زال غبار قبر الترابي في يد من قام بدفنه مناسبة مقبولة لذكر هذه الأوابد عنه، فلكل مقام مقال، وكلنا لهذا المورد واردون فنسأل الله ان يستر عن الخلق عيوبنا، وان يطلق بالدعاء الصالح لنا ألسنتهم وعلى كل حال فمن كان مخالفا لأخيه لذلك فلا يُتهم من قبل اخوانه بتعصب لصاحبه، او بأنه مقصر في الغيرة الشرعية على حدود الله .
9-ينبغي ان نوطن انفسنأ على اتساع الصدر للخلاف في موارد الاجتهاد، واننا لا نملك الحق المطلق في كل شيء، وقولنا في مسائل الاجتهاد، او في تنزيل الأحكام القطعية على المعين على أحسن احواله: صواب عندنا يحتمل الخطأ عند غيرنا او عندنا بعد مزيد من التحقيق والتدقيق، وكذلك قول المخالف في هذا الباب خطأ عندنا،وصواب عنده،ويحتمل أن يكون مصيباً في الواقع عند التحقيق، فالإنكار في موارد الاجتهاد يجب ان تكسوه العبارة الحسنة، وتعلوه الشفقةوالرحمة، مع الحفاظ على الحرمة والحشمة للمخالف، ولا يكون ذلك كذلك الابمعرفة مراتب المسائل، لتعرف مراتب الإنكار (ومن يؤت الحكمه فقد اوتي خيراً كثيراً)
فلماذا لا نجعل من مسائل الخلاف
أبواباً نحو معرفة ماعند خواننا المخالفين لنافي أحكامنا من علم وفضل، ومعرفةماعندنا من جوانب قصور تحتاج إلى علاج او ترميم، وبذلك نختلف و ﻻنفترق،ومعلوم أن إثارة الخلف ﻻيعجز عنها أحد ، لكن الموفق حقا من يعرف كيف يجعل من المحن منحا، و ينتزع من ركام الخلافات معاقد الائتلاف وما أكثرها بين المختلفين أبناءالمنهج الواحد .
10-اطلاق القول بأن الترابي امام او مجدد في هذا الزمان ﻻيخلو عندي من نظر قوي بل ما أبعده عن الصواب، فللتجديد والمجددين شروط بينها وبينه رحمه الله خرط القتاد، وربما يكون هدا الإطلاق سببا في مقابلته بإطلاقات أخرى، ولو تركنا هذه التفاصيل لأهلها واكتفينا ببيان الخطأ بدليله لكان اولى وكذلك الحكم عليه بعينه بأنه زنديق، والزنديق في لغة السلف هو المنافق عند الصحابةرضي الله عنهم -فقول يثير مالا يُحمد من فرقة بين اهل الطريقةالواحدة وإن توبع عليه، ولو اكتفى ببيان أن بعض أقواله يلزم منه الحكم بالزندقة لكن إلزام المعين بﻻزم قوله له شروط ﻻبد منها لو اكتفي بذلك لكان ادعى لسﻻمة الصف من القيل والقال.
ومراعاة مآلات الاحكام وأثارها على وحدة الصف عمل اهل الحصافة والعقل الراجح والفهم الثاقب، وياعائشة لوﻻ ان قومك حيث عهد بكفر……الحديث.
11-لا ينبغي عند اختلاف الانظار في مسألة ما أن يشكل هذا الفريق جبهته من مكونات او مكون معين، وفي مقابلة تتشكل جبهه اخرى من مكونات او مكون معين فلسنا في مقام تعميق الخلاف، وتجذير الفرق، ولاانتصار آل فﻻن أوغرهم لأننا إذا وقعنا في حمأة الهوى فكلنا مهزومون وإن كانت حجتنا الظاهرة أظهر فما احلى المقام ان يكون في كل جهة من أطراف النقاش من ينتمي إلى كل المكونات، بل أبناء المكون الواحد يرد بعضهم على بعضو يناصر بعضهم لقول اخيه من مكون آخر ضد أخيه الذي تربى معه من الصغر ، عند ذاك سنشعر حقا اننا خطونا خطوة مباركة نحو العمل الصحيح، وقد برز هذا في اجتماعات المكونات فيصياغة الميثاق، ولله الحمد.
12-لا ينبغي كلما حصل خلاف في مسائل فرعية أن ننعى الميثاق او نندب الجهد المبذول فيه، ونتحسر على أيام قضيناها نتعبد الله فيها بإحياء سنة حسنة وهي نينة الاجتماع والائتﻻف فليس كل من يخالفنا في فهم مسألة يكون مخالفاً لنا في الاصل، وكثير من الخلافات-كما استفدته من هذه المجموعه المباركه منشؤها مفهوم لا يُقصد، او مقصود لم يُفْهمَ؟؟؟
ولو سلمنا أن من خالفني كذلك أليس هناك من هو أعلم منه وأتقى وأزكى ﻻزال متميكا بالحق داﻻ عليه ؟ فمتى نطبق الحكم الرباني : ﻻتزر وازرة وزر أخرى؟
13-انا على يقين ان كثيراً من خلافاتنا -على مايقع فيها- لو تأملناها لأسفرت لنا عن نقاط أئتلاف اكثر وآكد من نقاط الخلاف، فاتفاقنا على أصول المسائل أعظم عند الله من اختلافنا في فروعها، واتفاقنا على تأصيلها وتقريرها أنفع وأقوى من اختلافنا في تنزيلها،واتفاقنا على قبول قول الحق إذا سلم من المعارض الأقوى ثبوتا ودﻻلة أبقى من اختلافنا في عدم القول به لظننا وجود المعارض الأقوى.
فيا أيها الأحبة، انتم امة مرحومة، والعلم رحم بين اهله، وبقاؤكم أمان لأهل الارض من الفتن ونزول العذاب، فوطنوا انفسكم لما يُراد بكم، ولما استبقيتم من أجله، فصغار اليوم كبار الغد، وطلاب اليوم شيوخ المستقبل، فاحفظوا إيمانكم، فبه عرفتم وبكم وبأمثالكم يُعرف.
وقد قيل:
قد هيؤوك لأمر لو فطنت له… فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.
هذا، والله ولي التوفيق والسداد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (محبكم أبو الحسن السليماني)