124- يقول السَّائل: مداخلتي -شَيخنا الفاضِل والحبيب- هي عبارة عن اقتراحٍ وتساؤُل:
أمَّا الاقتراحُ: فهو أنَّنا في بلاد المغرب الأقصى في المملكةِ المغربيَّة، نُعاني من عوزٍ وقلةٍ للمراجع، وبالذَّات مراجعكم -أنتم- في الرَّد على هذه الفتنةِ -فتنة التَّكفير والتَّفجير-.
فحبَّذا -شيخَنا- لو تنظرون طريقةً لإيصالِ كتبكم ومراجعكم -المتقدِّم منها والمتأخِّر-؛ إمَّا بالتَّعاقدِ مع مكتبةٍ لطبعِ طبعاتٍ خاصة بالمملكة المغربيَّة -مثلًا-، أو للنَّظر فيها عن مُوزِّعين.
أمَّا التَّساؤل: فهو: لا يَخفى عليكم -شيخَنا- مدى الشُّيوع والذُّيوع الذي عرفهُ الوُعَّاظ -في السَّنوات القليلةِ الأخيرة-، وانتشروا عبر شبكةِ الإنترنت، وعبر الأشرطةِ، وعبر الأقراصِ الصَّلبةِ، وعبر الفضائيَّات؛ مِمَّا جعل النَّاسَ وعمومَ النَّاس وإخوانَنا السَّلفيِّين في ارتباكٍ؛ لم يعودُوا يستطيعون أن يُفرِّقوا بين الدَّاعيةِ الواعظِ وبين العالِم الذي يُستفتى، مع ما يَتلبَّسُ به هؤلاء الوُعَّاظُ مِن مُخالفاتٍ؛ نذكُر منها: عدم التَّثبُّت في الأخبار، والإطناب والإغراق في حكاية القصص الواقعيَّة للعُصاةِ التَّائبين وغيرهم، كذلك: الحماسة والاستعجال؛ فوقع الشَّبابُ السَّلفي في قضيَّة المضادَّة والانفصام بين العلماء وبين الوُعَّاظ.
أريد مِن فضيلتكم كلمةً -في هذا الموضوع- لشبابِنا السَّلفيِّ -لا أقصد عامَّة النَّاس-، شبابنا السَّلفي الذين صاروا لا يُفرِّقون بين زَيدٍ مِن الوُعَّاظ وعمرٍو من العُلماء.
ولكم منَّا جزيل الشُّكر والعرفان.
الجواب:
أشكر أخي الكريمَ على اقتراحِه وسُؤالِه، وأبدأ بالتَّعليقِ على الاقتراحِ حول الكتبِ المتعلِّقةِ بِموضوع التَّكفير وقلَّتها في بلاد المغرب:
فأنا معكَ -أخي الكريم- في هذا الأمر، وأنتَ تُخبرنا عن شيءٍ هو معلومٌ عندنا، ومع ذلك زدتَنا فيه معرفةً -جزاك الله خيرًا-.
ولا أريد أن أطيلَ في التَّعليق على النُّقطة الأولى، فإذا وُجد عندك مُوزِّع، أو مكتبة يتمُّ التَّعاقُد معها؛ فلا بأس مِن أن تُرتِّب مع إخوانِنا في المركزِ -هُنا-الأخ بسَّام، والأخ أبو عُثمان-، ونرتِّب بالصُّورةٍ الإيجابيَّة -إن شاء اللهُ-التي فيها نفعُ الأمَّة الإسلاميَّة-.
أمَّا بالنِّسبة للتَّفريق بين الوُعَّاظ والعلماء: فهذا ينبغي أن يكونَ مِن بدهيَّات الدَّعوة السَّلفيَّة، ومِن بدهيَّات الفهمِ الصَّحيح لِمنهجِنا، وأصولِنا العِلميَّة المُعتَبَرة.
الدَّاعيةُ السَّلفي له أُصولُه، وله قَواعدُه، وله مَبادئُه التي لا يَجوزُ أن يتساهلَ فيها، أو أن يتهاونَ بِها، نعم؛ قد يتلطَّف في البيانِ مع بعضِ المُخالِفين؛ فهذا مِن حِكمة الدَّاعية.
أمَّا أن يكونَ مثلُ ذلك سبيلًا للتَّشويش على هؤلاء الإخوة؛ وبالتَّالي يَخلِطون بين العالِم السُّنِّي، والواعظِ المُخلِّط، وصاحبِ القصص!
نحن لا نُنكر الوعظَ مِن حيث هو، ولا نُنكرُ القصصَ مِن حيث هي..
ولكنْ: نُنكر أن يكونَ ذلك -أوَّلًا- بغير رَبطٍ عِلميٍّ.
ثانيًا: أن يكونَ بغيرِ تأصيلٍ مَنهجيٍّ.
ثالثًا: أن يكونَ بغيرِ تثبُّتٍ وتبيُّنٍ وتدقيق.
رابعًا: أن يكونَ ذلك (غالبًا) على سِواه مِن أصول العلمِ الشَّرعيَّة -عقيدةً ومنهجًا-.
لذلك أنا نصيحتِي لإخوانِي جَميعًا: أن يتنبَّهوا إلى هذه الدَّقائق؛ ليَنجُوا مِن هذه المآزقِ.
وأُوصيهم -دائمًا- بأن يستفيدوا، وأن يَهتمُّوا بأشرطةِ مشايِخِنا الكبارِ -رحِمهمُ اللهُ-: الشَّيخ الألباني، والشَّيخ ابن باز، والشَّيخ ابن عثيمين.
وقد سألني -اليومَ- سائلٌ؛ فقلتُ له:
واللهِ؛ لو عشنا دَهرَنا -كلَّه- نسمعُ أشرطةَ مشايخِنا -وهي أشرطةٌ عِلميَّةٌ مُحرَّرة-؛ لَمِتنا ولا نقطع هذه الأشرطةَ؛ بل ولا نصفَها!!
ولو أنَّنا قطعناها؛ فإعادتُها فيها الإفادةُ، وفيها تثبيتٌ للعِلم، وتثبيتٌ للمعرفة.
فلماذا نفعلُ ما قد يُقالُ لنا بِسَببِه: {أتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}؟
وزادك الله حرصًا -أخي الكريم-.
المصدر: لقاء البالتوك (5/12/2006) -من لقاءات البالتوك القديمة، في غرفة مركز الإمام الألباني-، (42:24). من هنـا لسماع اللقاء كاملًا.