أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
39894 97777

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-02-2023, 12:58 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
Arrow سلسلة مقالات بعنوان "حقيقة الإخوان الجدد" الحلقة20 الدكتور محمد بن الحبيب ابو الفتح


حقيقة الإخوان الجدد (20)
الانتكاسة السادسة: موقفهم من البدعة الإضافية (3)


موقف الصحابة من البدعة الإضافية:
لقد رَبَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صحابتَه الكرام على حُبِّ الاتباع، وغَرَسَ فيهم بُغْضَ الابتداع، فكان يقول لهم إذا خَطَبَهم: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْر الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» [رواه مسلم].
فَلَمْ يَزَلْ صلى الله عليه وسلم يُكَرِّرُها عليهم، ويعيدُها على أسماعهم، حتى انطبع في قلوبهم النُّفُور الشديد من الإحداث في الدين، وَصَارُوا أحرصَ الناس على الاتباع، وأشدَّهُم كراهيةً للابتداع.
كيف لا؟! وقد كان نَبِيُّهُم صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهم أنَّ كُلَّ عَمَلٍ لا يُوافِقُ هَدْيَهُ فهو مردودٌ على صاحبه لا يقبله الله منه، ويُرَبِّيهِم صلى الله عليه وسلم على أن لا يُغَيِّروا شيئا من الدِّين مهما كان يسيراً، ومن أمثلة ذلك قِصَّتُه مع البراء بن عازب رضي الله عنه حين عَلَّمه صلى الله عليه وسلم دُعَاءَ النوم، فَـردَّدَهُ البراءُ على النبي صلى الله عليه وسلم يَسْتَذْكِرُهُ، فأبدل البراءُ لفظةَ "نَبِيِّكَ" بلفظة "رَسُولِكَ"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مُصَحِّحاً: « لاَ ! وَنَبِيِّكَ ...» [متفق عليه]، فلم يُقِرَّهُ صلى الله عليه وسلم على هذا التَّصَرُّف اليسير في اللفظ، مع أنه لم يكن قاصدا له، ومع أن لفظة "الرسول"أخصُّ وأشرفُ في المعنى من لفظة "النبي"؛ إذ كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ وَلاَ عَكْسَ.
فلا غرابةَ أن تَجِدَ مواقِفَ الصحابة مُتَوَاطِئَةً على إنكار البدع والتحذير منها، حتى إنهم ربما تَوَقَّفُوا في المصلحة العظيمة التي دلت عليها نصوص عامة خشيةَ دخولها في الابتداع.
https://static.xx.fbcdn.net/images/e....5/16/2705.png✅ ومن الأمثلة على ذلك: أنَّ أبا بكر رضي الله عنه؛ حين أشار عليه عمر رضي الله عنه بجمع القرآن، قال: «كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟» ، فلم يَزَل به عمر يُرَاجِعُه حتى شرح الله صدره، فدعا أبو بكر رضي الله عنه زَيْدَ بن ثابت رضي الله عنه فَأَمَرَهُ بجمع القرآن، فقال زيدٌ: «كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ؟»، فلم يَزَلْ يُرَاجِعُهُ حَتَّى شرح الله صدره لذلك... [رواه البخاري].
فانظر كيف تَوَقَّفَ أبو بكر رضي الله عنه في جمع القرآن، وقال مُستنكرا: «كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟»، ولم ينشرح صدرُه حتى راجعه عمر رضي الله عنه مَرَّةً بعد مرة، وما كان أبو بكر رضي الله عنه ليستجيب لطلب عمر رضي الله عنه لولا أنه قد تَبَيَّنَ له أنَّ جمع القرآن ليس من الابتداع في الدين، فلا يُظَنُّ بالصديق أن يَعْمَلَ عملا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، بل الظَّنُّ به أنه ظهر له بعد التأمل أن جمعَ القرآن مصلحةٌ شرعيةٌ ليست من البدعة في شيء، وهو ما اصطلح عليه العلماءُ بعد ذلك بالمصلحة المرسلة، وبينها وبين البدعة فروقٌ دقيقةٌ ذكرها الشاطبي في اعتصامه.
واعْجَبْ مَا شِئْتَ أَنْ تَعْجَب مِنْ تَوَقُّفِ زيد بن ثابت رضي الله عنه أيضا، وَمِنْ تَوَافُقِ جَوَابِهِ مع جواب الصديق رضي الله عنه: «كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟»، ومِنْ حَاجَة الصديق رضي الله عنه أيضا إلى مراجعته مرة بعد مرة، فإِنْ دَلَّ هذا على شيءٍ فإنما يَدُلُّ على تَخَرُّجِهم من مدرسة واحدة، مدرسةٍ نَبَوِيَّةٍ تَرَبَّوا فيها على أن لا يَتَقَدَّموا بين يدي الله ورسوله، وعلى أن لا يفعلوا شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَتَوَقَّفُوا في جمع القرآن مع أَنَّ فيه من المصلحة ما لا يخفى على مثل أبي بكر وزيد رضي الله عنهما، وما ذلك التوقف إلا دليلا على قُوَّة تَأَصُّلِ الاتِّبَاعِ في نَفْسَيْهِمَا، وَعلى شِدَّةِ نُفُورهما من الابتداع، كما يَدُلُّ على رُسُوخِ عِلْمِهِمَا وَشِدَّةِ وَرَعِهِمَا، وليس ذلك بقادح فِي حرص عمر رضي الله عنه على الاتباع، بل يغلب على الظن أن عمر رضي الله عنه قد وقع في نفسه ما وقع في نفسيهما مِمَّا احتاج معه إلى مراجعة نفسه مِرَارًا قبل أن ينشرح صدره، وَيَعْرِضَ على أبي بكر رضي الله عنه جمعَ القرآن، وإنما قَوِيَ عندي هذا الظن لأن سِيرَتَه وَمَوَاقِفَهُ رضي الله عنه يَدُلَّان على أنه لم يكن أَقَلَّ حرصا على اتباع السنة من أبي بكر وزيد رضي الله عنهما.
https://static.xx.fbcdn.net/images/e....5/16/2705.png✅ ومن الأمثلة على ذلك أن عمر رضي الله عنه قال يوما لشيبة بن عثمان حاجب الكعبة رضي الله عنه: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ المُسْلِمِينَ»، ( أي: هَممت أن أقسم ما يوجد داخل الكعبة من الذهب والفضة على المسلمين)، فقال له شيبة: مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، قَالَ عمر: «لِمَ؟»، قال شيبة: لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبَاكَ، فقال عمر رضي الله عنهم مُؤَصِّلا للأمة: «هُمَا المَرْءَانِ يُقْتَدَى بِهِمَا». [رواه البخاري].
فمشاورة عمر لشيبة رضي الله عنهما تَدُلُّ على وقوع شيء من التردد في نفسه، جعله يشاور شيبة، ويأخذ بمشورته سريعا.
ومِمَّا يُعْجَبُ له في القصة أَنَّ شيبةَ لم يَقُل لِعُمَرَ: "لا تفعل" بصيغة النهي، وإنما قال له: "ما أنت بفاعل" بصيغة الخبر، مما يدل على يقينه التام أن عمر رضي الله عنه لا يمكن أن يفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبُه مع أن المقتضي له في عهدهما (وهو الحاجة إلى المال) أشد منه في عهد عمر، وإنما عَرَفَ ذلك شيبةُ لِمَا عَهِدَهُ من شدة حرص عمر رضي الله عنه على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فلم يَخِبْ ظنّ شيبة في أمير المؤمنين، وسرعان ما جاءه جواب عمر الذي سارت به الركبان: «هُمَا المَرْءَانِ يُقْتَدَى بِهِمَا».
كانت هذه بعض المواقف التي تبرز شدة حرص الصحابة رضي الله عنهم على الاتباع، وتخوفهم الشديد من الابتداع، مما جعلهم يتوقفون في الإقدام على مصالحَ عظيمةٍ قد دَلَّت عليها نصوص عامة، فَلْيَعْتَبِر بمواقِفِهِم هذه قومٌ يقتحمون لُجَّةَ البدع بغير تَرَدُّد ولا مَثْنَوِيَّة، ويخوضون في غِمَارِها بغير مُرَاجعة ولا رَوِيَّة، بدعوى دخولها تحت نصوص عامة.
فإذا كان الصحابة رضي الله عنهم يتوقفون في المصالح المرسلة ويَتَرَدَّدُون فيها قبل أن يُقْدِمُوا عليها -إِنْ هُمْ أَقْدَمُوا يوما- فما ظَنُّك بموقفهم من البدعة الإضافية؟
هذا ما سَيُبَيِّنُه المقال الآتي إن شاء الله.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:31 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.