الحزبية!! والصراع الملكي في السعودية، والرئاسي في الجزائر.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
قد يتبادر للوهلة الأولى ، إلى ذهن الكثير ممن يقرأ عنوان هذه المشاركة، أن الحديث فيها سيدور حول مسائل الحكم والسياسة، ولكن ليس الأمر كذلك، فحسبنا من السياسة ترك السياسة، ودعوة صالحة بظهر الغيب، لحكام المسلمين وعامتهم.
أما الذي أقصده من العنوان، هو ذلك الصراع الحزبي المنهجي، تحت غطاء السلفية، الذي اشتعلت ناره هذه الأيام، بين غلاة التجريح، في الجزائر والسعودية، فقد تصدّع بنيانهم، ونشبت الحرب بينهم، فالشيخ العلامة منهم في الأمس القريب، هو اليوم متروك غير مقرب، كالبعير الأجرب، وأتباعه الذين كانوا من خواص طلابه، وأقرب الناس إليه، هم اليوم ألدّ أعدائه، و أشدّ خصومه، والتلميذ البار بمشايخه، صار اليوم مجروحا منبوذا، قد أثقلته الردود، وأُهمل كالجرو المطرود، وما فتئ هذا الصراع ينتهي، حتى امتد لهيبه إلى رؤوس القوم ومقدميهم، فلم يفرغوا من مخالفيهم، حتى اشتغلوا بأنفسهم، طعنا وتحذيرا، "تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ، ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ" كل ذلك من أجل الرئاسة والزعامة.
ولا غرابة في ذلك، فهذه عاقبة من أُشرب قلبُه الغلوَّ والإسراف، ومجانبة سبيل الحق والإنصاف، فمنهجهم المسخ كالنار المتضرمة في الهشيم اليابس، الذي يصدق فيه قول الشاعر :
فالنار تأكل بعضها *** إذا لم تجد ما تاكله
وإن كنت لا أريد أن أُمثّل لهذا الواقع المخزي، الذي يعيشه غلاة التجريح، لأن منهجهم المسخ يتعفف اللسان والقلم عن ذكره، ولولا ما أوجبهه الله علينا من إحقاق الحق، وهداية الخلق، لما كان لهم فيما خطّت أناملي ذكر.
فها هو محمد المدخلي، قد خرج عن صمته، -كما زعم-، إذ غرّه مرض الشيخ ربيع –سدده الله- وكبر سنه، فسلّ سيفه ضد منافسيه ، على ولاية العهد، وخلافة حامل الراية.
وفي الجزائر، خرج علينا جمعة الجزائر، متزلّفا للشيخ ربيع، فقد أسقط أغلب أصحابه، من مشايخ مجلة الإصلاح، وضحى بأقرب أتباعه ، الذين طالما تبجحوا بالدفاع عنه، والتصفيق له، حتى صار الرعاع من أتباعهم في حيص بيص، من هذا التناقض العجيب، والأمر المريب.
فحال الغلاة البغاة اليوم، يذكرنا بالأحزاب السياسية، والجماعات البدعية، المتناحرة من أجل السيادة و الزعامة، فلطالما صدّعوا رؤوسنا، باتهام الأبرياء من السلفيين، بالحزبية والإخوانية ظلما وعدوانا، ثم هاهم اليوم يغرقون في أوحالها، ويشربون من حميمها، نسأل الله السلامة والعافية.
حقا وصدقا، إنها الحزبية الجديدة في أبشع صورها.
فيا معشر الغلاة، أما آن لكم أن ترجعوا إلى السلفية السمحة النقية، كما كانت عليه، في زمن الأئمة الأعلام، ابن باز، والألباني، و ابن عثيمين، رحمة الله عليهم أجمعين.
وإلا قولوا لي بربكم، أي فائدة عادة على السلفيين في دينهم ودنياهم من منهجكم المحدث، وتصرفاتكم الحزبية؟ وماذا قدّم شيوخكم للسلفية والسلفيين ؟ فقد عاثوا في الأرض فسادا، بما أحدثوه من فرقة واختلاف، من بعد وحدة وائتلاف، فلا للإسلام نصروا، ولا لأعدائه كسروا، وما تغير باجتهاداتهم منكر، ولا تقرر بها معروف، فما لكم كيف تحكمون؟
فإلى الله المشتكى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
__________________
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10]
|
12-23-2017, 03:33 AM
العرض العادي
