أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
127668 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-19-2019, 10:51 PM
د. عماد البعقوبي د. عماد البعقوبي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
الدولة: العراق
المشاركات: 42
افتراضي خطبة الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة

١٩ - رمضان - ١٤٤٠

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ الكريمِ الوهابِ، خالق الخلق وبارئ النسم وجري السحاب، { غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } .
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، خيرَ من صلى لربِّهِ وأنابَ ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ والأصحابِ، ومن سارَ على نهجِهم واتبعَ طريقَهم إلى يومِ الحسابِ ، وسلَّم تسليماً كثيراً..
أوصيكم وإياي أولا بتقوى الله وطاعته ولزوم أوامره وكثرة مخافته فإن التقوى طريق النجاة، وسبيل المؤمنين، وتجارة الصالحين، ووصيَّة الله عز وجل للأولين والآخرين، قال سبحانه: {وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً } [ النساء: ١٣١ ].

أما بعد:

اعلموا عباد الله أنَّ الله جل وعلا جعلَ الدّنيا سوقًا يغدو إليهاَ النّاسُ ويروحونَ، فبائعٌ نفسَهُ فمعتِقُها أو موبِقُها، فمن باع نفسه بالطاعة والعمل الصالح والتزام أوامر الله فقد أعتقها من العذاب، وأعتقها من النار، وقد أخذ بها إلى طريق النجاة، ومن باعها باتباع الهوى، وطاعة الشيطان ومعصية الرحمن فقد أوبقها، أي: أهلكها وأوجب لها العذاب.
أحبتي في الله لقد انقضى أكثر شهرنا، وبقيَ فيه أجزلَهُ وأفضلَهُ، بقي العشرُ الأواخرُ، هنَّ من أفضلِ لياليه، فيهنّ ليلةُ القدرِ، فلا تَكِلُّوا عن بلوغِ غايتِهِ، ولا تركِسُوا قبلَ نهايتِهِ ، ولا يصرفَنَّكم عن طلبِها حسابُ الحاسبين ، وإيهامُ الواهمين، ثبتَ في الصحيحيِن من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها أنها قالتْ: « كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إذا دخلَ العشرُ ، شَدَّ مئزرَهُ وأحيا ليلَهُ ، وأيقظَ أهلَهُ »
وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعتكف العشر الأواخر كلها في المسجد فيبقى ملازما للمسجد ليلا ونهارا، وكذلك فعل خلفاؤه الراشدون وأمهات المؤمنين وسائر الصحابة رضي الله عنهم.
وفي الاجتهاد في العشر الأواخر فضائل:
أولها: أنَّه قرب انتهاء الشهر فيجتهد فيما بقي منه ليتدارك ما فاته في اوله، فالأعمال بالخواتيم، ومن قصر يجبر تقصيره، فيكتب له الأجر كاملا، ولا يدري أحدنا لعله لا يشهد هذه الأيام المباركة فينقضي أجله فيجعلها بضاعته إلى آخرته، فيجتهد ويتزود، فاجتهدوا رحمكُم اللهُ في ختامِ الشهرِ ، فالمسلمُ الذي وفقَّهُ اللهُ للعملِ الصالح، في هذا الشهرِ، حريٌ أن يفوزَ بكلِّ خيراتِ هذا الشهرِ ونفحاتِهِ.
ثانيها: أن هذه الأوقات من أفضل الأوقات لطاعة الله عز وجل ومضاعفة الأجر فيها، وكثرة الرحمة والخير فيها، فزبدة عامِكم في شهرِكم هذا، وزبدةَ شهرِكم في عشرِكم هذهِ، وزبدةَ عشرِكم ليلةُ القدرِ، فمنْ فازَ فيها، ووفِّقَ لقيامِها، فهو لعمرو اللهِ من الفائزين، وممن باعَ الدنيا بالدينِ، ورغبَ في جنةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ أعدتْ للمتقين، ومن فرَّطَ في نيلِها ، وقصَّر في طلبِها، فإنه محروم حرم نفسه الخير العظيم، وما أبعده عن الخير..
واعلموا عباد الله أنها في العشر الأواخر يقينا كما في الحديثِ المتفقِ عليه « تحروا ليلةَ القدرِ ، في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ » فمن قامَ ليالي العشرِ كلَّها فقد وُفقَ بإذنِ اللهِ لهذهِ الليلةِ الشريفةِ العظيمةِ ليلةِ القدرِ.
وهي في الوتر منها آكد يقولُ الحبيب المصطفى بأبي هوَ وأُمي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في البخاري من حديثِ عائشة رضي اللهُ عنها: « تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ في الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ».

واعلموا عباد الله أنه لا يلزم أن يعلم من أدرك ليلة القدر وقامها أنه أصابها، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص، سواء علم بها أم لم يعلم، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم.
ألا فلنقتدي بِنَبِيِّنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم، فإنه هو الأسوةُ والقدوةُ ، فَجِدِّوا واجتهدوا في عبادةِ ربِّكم، فإنه جل وعلا، مَا أكرمَ أُمةً بِمثلِ ما أكرمَ بهِ أمةَ محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال الله تعالى: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } وقال عز من قائل: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } وتَنْزِلُ مواكبُ الملائكةِ الكرامِ إلى الأرضِ ،قال تعالى : { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر } ويتنَزّلُ فيها الروحُ الأمين ُ، جبريلُ عليه السلامُ ، تَتَنَزلُ الملائكةُ فيها ، لكثرةِ ما يُنَزّلُ اللهُ فيها ، على عبادِهِ من البركةِ والرحمةِ ، والعفوِ والرضى والغُفرانِ ولِتَزيُنِ المؤمنينَ فيها ، بألوانِ الطاعاتِ وكثرةِ القرباتِ ، تتنزلُ الملائكةُ فيها ، لِيَحُفُّوا بالمصلينَ ، وصَلّوا ويُسَلِّمُوا على المؤمنينَ ، ويَشهدوا للطائعينَ ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ.
أحبتي في الله من أعظم ما يدعا به في هذه الليلة ويطلب من الله جل وعلا هو العفو، فإن العفو امر عظيم، وهو خير ما نطلبه ونؤمله من الله لأن العفو يعني مغفرة الذنوب وستره وعدم المؤاخذة بالتقصير، ومحو ذلك من صحيفة الأعمال فمن عفا الله عنه فكأنما لم يفعل الذنب، ولذلك لما سألت أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال: « قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ».
فهذا من أفضل الأدعية التي تقال فيها لكن هذا الفضل العظيم نطلبه من الله بعملنا قبل قولنا، فإن الله جل وعلا يحب منا أن نعفو بعضنا عن بعض وأن نتسامح، والجزاء من جنس العمل، { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } « الراحمون يرحمهم الرحمن ».
فمن عفا عن أخيه وجاره وصديقه وقريبه فهذا حري أن يعفو الله عنه، لا من قال بلسانه اللهم اعف عني وقلبه ممتلئ غيظا وحقدا وقطيعة وبغضا.
فاذا أردت أن يعفو الله عنك، عليك بالتوبة الصادقة، والعمل الصالح، والعفو عن الناس، اعفو عن من ظلمك، اصطلح مع من قطعك.
إذا كان بينك وبين قريبك قطيعة، أو زعل، أعف عنه، واصطلح معه، وزره، وإذا كان لك أي حق عند أحد سامحه، فاذا رأى الله منك العفو، والتسامح، فإن الله يعفو عنك، ولا يليق بنا أن نطلب من الله العفو والعافية، ونحن مخاصمون، وقاطعون، يهجر بعضنا بعضا.
فيا أيها المسلمونَ ، الراجونَ عفوَ اللهِ ومغفرتَهُ ورضاهُ ، تعرضوا لذلك، بفعلِ أسبابِهِ واتقوا اللهَ ، وأروه من أنفسِكم خَيراً ، أروه تعالى: رُجوعاً صَادقاً إليهِ، وقلوباً خاشعةً له مُنكسرةً بين يديهِ، وعُيوناً تفيض بالدِّموعِ، خَوفاً من عِقَابِهِ، ورغبةً في ثَوابِهِ، وألسنةً تاليةً لكتابِهِ، مُسبحةً لجلالِهِ، أروا الله َخيراً، بالإخلاصِ لهُ في الأعمالِ، والصّدقِ في الأقوالِ، وتعرضوا بأعمالِكم الطيبةِ، وعزمِكم الصادقِ على الرشدِ، لنفحاتِ برِّهِ وقدسِهِ، إنها أيامُ وليالي إعتاقِ الرقابِ، وقَبُولِ المتابِ، فلا تُضيعوا ساعاتِ هذه الأيامِ والليالي، فإنَّ من الحرمانِ العظيمِ، والخسارةِ الفادحةِ، أن يُفَرِّطَ مُفَرّطٌ في هذه الأيامِ والليالي، فما ضيعها إلا محروم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « من حرمها فقد حرم » فهي ساعات ودقائق قليلة ينال بها المؤمن عز الدنيا والآخرة تعادل ضعفي عمره التكليفي في العبادة.
نسأل الله أن يتقبّل منا الصيام والقيام وأن يُعيننا فيه على ذكره وشُكْره وحُسْن عبادته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تمسك بسنته إلى يوم الدين. عباد الله ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا مزيدًا
وبعد:
أحبتي في الله نحن في شهر القرآن، المسلمون مقبلون على القرآن الكريم المساجد عامرة بالتالين والذاكرين، والبيوت تحيا بالتالين والقرائين، إقبال يبشر بخير على كتاب الله منهم من ختم ختمات في هذا الشهر ومنهم من يتعلم كتاب الله ومنهم من يحفظه ومنهم من يسمع للقراء، وهذا كله خير عظيم خاصة في شهر رمضان شهر القرآن.
لكن احبتي في الله ما ينبغي ان يقف عنده كل احد ويسأل نفسه ويحاسبها ما الذي غيره القرآن فيَّ ، ما أثر القرآن في نفسي، وفي قلبي وفي عبادتي وفي سلوكي، هل اثمرت هذه التلاوة وهذا التعلم ثمرا في النفس والعبادة والسلوك، أو مجرد قراءة وبعد غلق المصحف تعيش في معزل عما قرأت؟
أحبتي في الله ينبغي أن نحاسب أنفسنا ونعلم موقع القرآن الكريم من حياتنا ومن اعتقادنا ومن قولنا ومن عملنا لا أن نقرأه بألسنتنا ونعيش بعيدا عن أحكامه وأوامره ونواهيه..
أمرنا القرآن الكريم بالتوحيد بعبادة الله ودعاءه وحده لا شريك له، وباتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأمرنا بالبر والصدق والعفاف، وحفظ الأمانة والوعد، والإحسان إلى الضعيف والفقير والمسكين واليتيم وابن السبيل والجار وذي القربى، أمرنا بصلة الأرحام، أمرنا بأخذ الحلال والطيب من القول، وسؤال أهل الذكر والسمع والطاعة..
ونهانا عن الشرك والكفر والنفاق والظلم والبدعة والتفرق والتباغض وأكل المال بالباطل والكذب والفحش والسوء..
فأمرنا بكل خير ونهانا عن كل شر، وما من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه فأين نحن من القرآن الكريم؟ وما أثر القرآن الكريم في نفوسنا وقلوبنا ؟
ليس العبرة بالتلاوة فقط، بل بالإيمان والانقياد والالتزام أحكامه وأوامره ونواهيه حتى نكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وحتى يكون لنا القرآن شفيعا يوم القيمة، وحتى يقال لنا اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل..
أما مجرد تلاوة لا تثمر إيمانا ولا عملا ولا انقيادا فإنما هي إقامة حجج الله علينا..
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى وجلعنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وأذل الكفر والكافرين وأذل الظلم والظالمين.. اللهم من أراد بنا او بديننا سوءا فأدر دائرة السوء عليه واجعل تدبيره وتدميره وخذه أخذ عزيز مقتدر..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان وأهل السنة والجماعة إلى يوم الدين..
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
خطب.رمضان.عماد.البعقوبي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:14 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.