أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
5882 64045

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله > منبر شهر رمضان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-30-2012, 12:48 AM
عادل السلفي عادل السلفي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 59
Question دعوة لمنهج السلف في استقبال رمضان

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه , كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم , كانوا يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله أو ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة والنميمة والكذب , وكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن , كانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وتفطير الصوام , كانوا يجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله ويجاهدون أعداء الإسلام في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله فقد كانت غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على عدوهم في اليوم السابع عشر من رمضان , وكانت غزوة فتح مكة في عشرين من رمضان حيث دخل الناس في دين الله أفواجا وأصبحت مكة دار إسلام .
فليس شهر رمضان شهر خمول ونوم وكسل كما يظنه بعض الناس ولكنه شهر جهاد وعبادة وعمل لذا ينبغي لنا أن نستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكرم , وكيف لا نكون كذلك في شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور , وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات وتغفر الخطايا والسيئات.
ينبغي لنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب فنعمرها بطاعة الله وحسن عبادته وأن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم فنجدد العهد مع الله تعالى على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات , وأن نلتزم بطاعة الله تعالى مدى الحياة بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لنكون من الفائزين يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
وصدق الله العظيم إذ يقول { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } وأن نحافظ على فعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات في رمضان وغيره عملا بقول الله تعالى { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } أي حتى تموت وقوله تعالى { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }
ينبغي أن نستقبل هذا الشهر الكريم بالعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا لا تقليدا وتبعية للآخرين , وأن تصوم جوارحنا عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرم والاستماع المحرم والأكل والشرب المحرم لنفوز بالمغفرة والعتق من النار ينبغي لنا أن نحافظ على آداب الصيام من تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل وتعجيل الفطر إذا تحققنا غروب الشمس والزيادة في أعمال الخير وأن يقول الصائم إذا شتم "إني صائم" فلا يسب من سبه ولا يقابل السيئة بمثلها بل يقابلها بالكلمة التي هي أحسن ليتم صومه ويقبل عمله , يجب علينا الإخلاص لله عز وجل في صلاتنا وصيامنا وجميع أعمالنا فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحا وابتغي به وجهه , والعمل الصالح هو الخالص لله الموافق لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ينبغي للمسلم أن يحافظ على صلاة التراويح وهي قيام رمضان اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وخلفائه الراشدين واحتسابا للأجر والثواب المرتب عليها قال - صلى الله عليه وسلم - من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه. وأن يقوم المصلي مع الإمام حتى ينتهي ليكتب له قيام ليلة لحديث أبي ذر الذي رواه أحمد والترمذي وصححه .
وأن يحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار اتباعا للسنة وطلبا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر - ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر - وهي الليلة المباركة التي شرفها الله بإنزال القرآن فيها وتنزل الملائكة والروح فيها , وهي الليلة التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , وهي محصورة في العشر الأواخر من رمضان فينبغي للمسلم أن يجتهد في كل ليلة منها بالصلاة والتوبة والذكر والدعاء والاستغفار وسؤال الجنة والنجاة من النار لعل الله أن يتقبل منا ويتوب علينا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار ووالدينا والمسلمين , وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا ليله وشد مئزره وأيقظ أهله ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة , وشد المئزر فسر باعتزال النساء وفسر بالتشمير في العبادة.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأواخر من رمضان والمعتكف ممنوع من قرب النساء.
وينبغي للمسلم الصائم أن يحافظ على تلاوة القرآن الكريم في رمضان وغيره بتدبر وتفكر ليكون حجة له عند ربه وشفيعا له يوم القيامة وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة بقوله تعالى { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }
وينبغي أن يتدارس القرآن مع غيره ليفوزوا بالكرامات الأربع التي أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده رواه مسلم.
وينبغي للمسلم أن يلح على الله بالدعاء والاستغفار بالليل والنهار في حال صيامه وعند سحوره فقد ثبت في الحديث الصحيح أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول "من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فاغفر له" , حتى يطلع الفجر رواه مسلم في صحيحه.
وورد الحث على الدعاء في حال الصيام وعند الإفطار وأن من الدعوات المستجابة دعاء الصائم حتى يفطر أو حين يفطر وقد أمر الله بالدعاء وتكفل بالإجابة { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [سورة غافر :آية 60] .
وينبغي للمسلم أن يحفظ أوقات حياته القصيرة المحدودة , فما ينفعه من عبادة ربه المتنوعة القاصرة , والمتعدية ويصونها عما يضره في دينه ودنياه وآخرته وخصوصا أوقات شهر رمضان الشريفة الفاضلة التي لا تعوض ولا تقدر بثمن وهي شاهدة للطائعين بطاعاتهم وشاهدة على العاصين والغافلين بمعاصيهم وغفلاتهم.
وينبغي تنظيم الوقت بدقة لئلا يضيع منه شيء بدون عمل وفائدة فإنك مسئول عن أوقاتك ومحاسب عليها ومجزي على ما عملت فيها.
تنظيم الوقت ويسرني أن أتحف القارئ الكريم برسم خطة مختصرة لتنظيم أوقات هذا الشهر الكريم , ولعلها أن يقاس عليها ما سواها من شهور الحياة القصيرة فينبغي للمسلم إذا صلى الفجر أن يجلس في المسجد يقرأ القرآن الكريم وأذكار الصباح ويذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس وبعد طلوعها بحوالي ربع ساعة أي بعد خروج وقت النهي يصلي ركعتين أو ما شاء الله ليفوز بأجر حجة وعمرة تامة كما في الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه.
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام أسوة حسنة فقد كانوا إذا صلوا الفجر جلسوا في المسجد يذكرون الله تعالى حتى تطلع الشمس , ويلاحظ أن المسلم إذا جلس في مصلاه لا يزال في صلاة وعبادة كما وردت السنة بذلك وبعد ذلك ينام إلى وقت العمل ثم يذهب إلى عمله ولا ينسى مراقبة الله تعالى وذكره في جميع أوقاته وأن يحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة , والذي ليس عنده عمل من الأفضل له أن ينام بعد الظهر ليرتاح وليستعين به على قيام الليل فيكون نومه عبادة.
وبعد صلاة العصر يقرأ أذكار المساء وما تيسر من القرآن الكريم وبعد المغرب وقت للعشاء والراحة وبعد ذلك يصلي العشاء والتراويح وبعد صلاة التراويح يقضي حوائجه الضرورية لحياته اليومية المنوطة به لمدة ساعتين تقريبا ثم ينام إلى أن يحين وقت السحور فيقوم ويذكر الله ويتوضأ ويصلي ما كتب له ثم يشغل نقسه فبل السحور وبعده بذكر الله والدعاء والاستغفار والتوبة إلى أن يحين وقت صلاة الفجر.
والخلاصة أنه ينبغي للمسلم الراجي رحمة ربه الخائف من عذابه أن يراقب الله تعالى في جميع أوقاته في سره وعلانيته وأن يلهج بذكر الله تعالى قائما وقاعدا وعلى جنبه كما وصف الله المؤمنين بذلك , ومن علامات القبول لزوم تقوى الله عز وجل لقوله تعالى { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا للشيخ جار الله رحمه الله منقول
__________________
حياتنا بديننا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-04-2013, 03:17 PM
بوعدنان عبدالرحمن العقيلي بوعدنان عبدالرحمن العقيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: الاردن
المشاركات: 727
افتراضي

اقتباس:
كيف نستعد لرمضان:

** بالدعاء . . . ندعو الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم كما كان السلف يفعلون ذلك فقد كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر حتى يتقبل منهم. . . ندعو الله أن يعيننا على أن نحسن استقبال الشهر وأن نحسن العمل فيه وأن يتقبل الله منا الأعمال في ذلك الشهر الكريم .

** بسلامة الصدر مع المسلمين . . . وألا تكون بينك وبين أي مسلم شحناء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن " - صحيح الترغيب والترهيب 1016-

** بالصيام , كما هي السنة لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال :" قلت يا رسول الله ، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ قال : "ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " - صحيح الترغيب والترهيب 1012-

** بالاهتمام بالواجبات مثل صلاة الجماعة في الفجر وغيرها حتى لا يفوتك أدنى أجر في رمضان ، ولا تكتسب ما استطعت من الأوزار التي تعيق مسيرة الأجر .

** بالتعود على صلاة الليل والدعاء واتخاذ ورد يومي من القران حتى لا نضعف في وسط الشهر . إضافة إلى ذلك اتخاذ أوقات خاصة لقراءة القرآن بعد الصلوات أو قبلها أو بين المغرب والعشاء أو غيرها من الأوقات خلال شعبان ورمضان وما بعدهما بإذن الله .

** قراءة وتعلم أحكام الصيام من خلال كتب وأشرطة العلماء وطلاب العلم الموثوقين .

** الاستعداد للدعوة في رمضان بكافة الوسائل فالنفوس لها من القابلية للتقبل في رمضان ما ليس لها في غيره . ومن الوسائل الكلمة الطيبة في المساجد أو المخصصة لفرد أو أكثر ، والهدية من كتيب أو شريط نافع وإقامة حلق الذكر وقراءة القران في المساجد والبيوت ، وجمع فتاوى الصيام ونشرها، والتشجيع على فعل الخير عموما وغير ذلك . . .

** الاستعداد السلوكي بالأخلاق الحميدة جميعها والبعد عن الأخلاق الذميمة جميعها ، ويمكن أيضا القراءة في كتب السلوك و سؤال أصحاب الأخلاق الحميدة أن ينصحوهم إن وجدوا عليهم ما يسوء من الأخلاق . . .

** الاستعداد لاستغلال الأوقات في رمضان بعمل جدول لرمضان للقراءة والزيارات في الله وصلة الأرحام . . .وغير ذلك .

** تشجيع أهل المسجد على إقامة إفطار جماعي متكرر أو مرة واحدة على الأقل خلال الشهر .
تشجيع أهل المسجد على التزاور في الله خلال الشهر واللقاء بعد صلاة العيد عند المسجد أو في أحد البيوت أو أي مكان آخر مناسب...

* نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يعيننا على حسن استقباله وعلى حسن العمل فيه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
..........
__________________
.

دائما الشيخ مشهور يردّد ليكن شعارك : " نحن طـــلـــبـــة نـــجـــاة قـــبـــل أن نـــكـــون طـــلـــبـــة عـــلـــم "

.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-04-2013, 03:19 PM
بوعدنان عبدالرحمن العقيلي بوعدنان عبدالرحمن العقيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: الاردن
المشاركات: 727
افتراضي

اقتباس:
بطاعة الرحمن

يكون الاستعداد لرمضان

[الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا، أَرْسَلَهُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًّا إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، فَهَدَى بِنُورِهِ مِنْ الضَّلالَةِ، وَبَصَّرَ بِهِ مِنْ الْعَمَى، وَأَرْشَدَ بِهِ مِنْ الْغَيِّ، وَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، .. حيث بلَّغَ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمَّةَ، وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِه، وَعَبَدَ اللهَ حتى أتاهُ اليقينُ من ربِّه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا، وجزاه عنَّا أفضلَ ما جزى نبيًّا عن أمته]. من الطرق الحكمية لابن القيم (3)، الحسبة في الإسلام، لابن تيمية (5).

أما بعد؛

إن العلمَ بقدومِ زائرٍ عزيز، أو ضيفٍ حبيبٍ يقتضي الاستعدادُ له بما يليقُ به، ويحسنُ لملاقاته، وزائرُنا العزيز بعد أيام هو شهر رمضان، وضيفنا الحبيب هو شهر الصيام، فيجب الاستعدادُ له بما يليقُ ويحسن، فلا يليق ولا يحسن استقباله بالتنازع والاختلاف والخصام، ولا بالذنوب والخطايا والآثام، ولا بالمسلسلات والأغاني والأفلام، وما يبث ليلَ نهارَ في وسائل الإعلام، من مخالفاتٍ سافرة لشريعة الرحمن سبحانه.

كذلك لا ينبغي استقبالُ شهرِ العبادةِ بتكديس أنواع الشراب والطعام، وتخزينِ علبِ الدخانِ، وأكياس التِّتِن، وما يحتاجه الغليون والشيشة، في غرفة أو خُصٍّ أو عريشة.

إنَّ رمضانَ موسمٌ من مواسم الخيرات، وزمنٌ لنـزول البركات، ففيه تُغْتَنمُ الصالحات، ويستكثر العبدُ المؤمنُ من الحسنات، ويتعاطى أسبابَ محوِ الخطايا، وغفرانِ السيئات.

فلا بدَّ من التعرض لهذا الموسم العظيم ؛بمضاعفةِ فعلِ الخيرات، لقولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ». المعجم الكبير للطبراني (1/ 250، رقم 720)، انظر الصحيحة (1890).

فمن يدري؛ لعلَّ العبدَ ينتهي أجلُه في رمضان، فيختمُ له بخير، عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "لَيْسَ مِنْ عَمَلِ يَوْمٍ إِلاَّ وَهُوَ يُخْتَمُ عَلَيْهِ، فَإِذَا مَرِضَ الْمُؤْمِنُ، قَالَتِ الْمَلائِكَةُ: يَا رَبَّنَا، عَبْدُكَ فُلانٌ قَدْ حَبَسْتَهُ، =أي منعته عن العمل والطاعة= فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: اخْتِمُوا لَهُ عَلَى مِثْلِ عَمَلِهِ حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَمُوتَ" مسند أحمد ط رسالة (28/ 553، رقم 17316)، المعجم الكبير للطبراني (17/ 284، رقم 782)، انظر الصحيحة (2193).

مواسمُ وأيامٌ تأتي وتذهبُ ولن تعود أبداً، عن مُجَاهِدٍ قال: (مَا مِنْ يَوْمٍ إِلاَّ يَقُولُ: ابْنَ آدَمَ! قَدْ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، وَلَنْ أَرْجِعْ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَانْظُرْ مَا تَعْمَلُ فِيَّ، وَلا لَيْلَةٌ إِلاّ قَالَتْ كَذَلِكَ). حلية الأولياء (3/ 295).

وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: (ابْنَ آدَمَ! الْيَوْمُ ضَيْفُكَ، فَالضَّيْفُ مُرْتَحِلٌ، يَحْمَدُكَ أَوْ يَذُمُّكَ، وَكَذَلِكَ لَيْلَتُكَ). الزهد لابن أبي الدنيا (ص: 187، رقم 428).

وليس المعنى أن يُهلِكَ العبدُ نفسَه بالعبادة، فيكلِّفُها بما تطيقه، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟!» قَالَتْ: فُلاَنَةُ! تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ! عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ. صحيح البخاري (43)، ومسلم (785). فهذه المرأة شدَّدت على نفسها بالصلاة، فنصحها صلى الله عليه وسلم أن تصليَ طاقتها، وقدرتها واستطاعتها.

إنَّ نساءَ ذلك الزمانِ يقهرنَ أنفسهُنَّ ويتعبْنَها في طاعة الله، ويفعلْنَ ما يجعلُهن في يقظةٍ طوال الليل للتطوع بالصلاة، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟!» قَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ، أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ، فَقَالَ: «حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ، أَوْ فَتَرَ قَعَدَ»... صحيح البخاري (1150)، ومسلم (784).

وهذا أحدُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم يشدِّد على نفسه بالصيام قائما في الشمس، فيلومُه صلى الله عليه وسلم، فبَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسِ فَسَأَلَ عَنْهُ؟ قَالُوا: (هَذَا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ، وَلا يَقْعُدَ، وَلا يَسْتَظِلَّ، وَلا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ)، قَالَ: «مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». سنن أبي داود (3300).

وهذا مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، رضي الله تعالى عنه يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْخَيْرُ عَادَةٌ، وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». سنن ابن ماجه (221). [(والشر لجاجة)؛ لما فيه من العوج وضيق النفس والكرب] فيض القدير (3/ 510)

[قال الحسن: (إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة).

وقال وهيب بن الورد: (إن استطعت أن لا يسبقَك إلى الله أحدٌ فافعل).

وقال بعض السلف: (لو أن رجلا سمع بأحدٍ أطوعَ لله منه؛ كان ينبغي له أن يُحزنَه ذلك)...

قال رجل لمالك بن دينار: (رأيت في المنام مناديا ينادي: أيها الناس! الرحيلَ الرحيلَ. فما رأيت أحدا يرتحل إلا محمد بن واسع)، فصاح مالك وغشي عليه: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (الواقعة: 10, 12).

قال عمر بن عبد العزيز في حجةٍ حجها عند دفع الناس من عرفة: (ليس السابقُ اليوم من سبق به بعيرُه، إنما السابق من غفر له)]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 244)

[وعن فاطمة بنت عبد الملك؛ زوج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله قالت: (ما رأيت أحدًا أكثر صلاة ولا صيامًا منه ولا أحدًا أشد فرقًا من ربه منه، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه فلا يزال يبكي تغلبه عيناه، ولقد كان يكون معي في الفراش، فيذكر الشيء من أمر الآخرة فينتفض كما ينفض العصفور من الماء، ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف).

عن أحمد بن حرب قال: (يا عجبًا لمن يعرفُ أنَّ الجنة تُزيَّنُ فوقَه، والنار تُسَعَّرُ تحته؛ كيف ينام بينهما؟!)

لما أراد قاتل المائة أن يتوب حقًا قيل له: ".. انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ،.." صحيح مسلم (2766). فلابد لمن أراد تحصيل المغفرة من شهر رمضان أن يترك المُخْلِدين إلى الأرض، ويزاملَ =ويصاحبَ= ذوي الهممِ العالية، كما قال الجنيد: (سيروا مع الهمم العالية).

وقد أمر الله خيرَ الخلق -صلى الله عليه وسلم- بصحبة المُجِدِّين في السير إلى الله، وتركِ الغافلين، فقال جلَّ جلاله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28).

وقال عز وجل: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} (لقمان: 15)، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } (التوبة: 119).

فلو صحِبَ الإنسانُ من يَظَنُّ أنَّ قيامَ ساعةٍ من الليل إنجازٌ باهرٌ؛ فهو مغبونٌ لن يعْدُوَ قدرَه، بل سيظلُّ راضيًا عن نفسه، مانًّا على ربِّه بتلك الدقائق التي أجهد نفسه فيها، ولكنه لو رأى الأوتادَ من حوله تقف ساعاتٍ طوالٍ في تهجُّدٍ وتبتل وبكاء، (وهم مُتَقَالُّوهَا)؛ فأقلُّ أحواله أن يظلَّ حسيرًا كسيرًا على تقصيره..

أنا العبد المخلَّفُ عن أُناسٍ ** حوَوْا من كل معروفٍ نصيبا

وقيل للإمام أحمد: (متى يجد العبد طعم الراحة؟) فقال: (عند أول قدم يضعها في الجنة). قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا». رواه البخاري (6308).

لأنَّ همةَ أبناءِ الآخرةِ تأبى إلاَّ الكمالَ، وأقلُّ نقصٍ يعدُّونه أعظمَ عيب، قال الشاعر:

ولم أَرَ في عيوبِ الناسِ عيبًا ** كنقصِ القادرين على التمام

وعلى قدرِ نَفاسةِ الهمةِ تشرئبُّ الأعناق، وعلى قدرِ خساستها تثَّاقل إلى الأرض، قال الشاعر:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم ** وتأتي على قدر الكرامِ المكارم

... فإذا كنت مدخنًا، أو مبلتىً بالنظر =إلى النساءِ وصورِهنَّ=، أو الوسوسةِ أوالعشق، فبادر إلى تقييد كلِّ هذا البلاءِ، وابدأ العمل الجادَّ في شهر رمضان، ولا تتذرَّعْ بالتدرجِ..، بل اهجر الذنبَ، وقاطع المعصيةَ وابتُر العادة، ...

إنَّ شهرَ رمضانَ فرصةٌ سانحةٌ لعلاجِ الآفات، والمعاصي والعادات، إنه شهرُ حِمْيةٍ وامتناعٍ عن شهوات (الطعام والجماع)، والشهوات مادة النشوز والعصيان، كما أنَّ الشياطين فيه تصفّد، وهُمْ أصلُ كلِّ بلاء يصيبُ ابنَ آدم، أضف إلى ذلك: جماعية الطاعة، حيث لا يبصر الصائم في الغالب إلا أمَّةً تصومُ وتتسابقُ إلى الخيرات، فتضعفُ همته في المعصية، وتقوى في الطاعة، فهذه العناصر .. المهمة تتضافر مع عزيمة النفس الصادقة للإصلاح، فتتولّدُ .. ظروفٌ مناسبة لاستئصال أي مرض.

وقبل كل ذلك وبعده لا يجوز أن ننسى ونغفلَ عن ديوان العتقاء والتائبين والمقبولين، الذي يفتحه الرب جل وعلا في هذا الشهر، وبنظرة عابرة إلى جمهور المتدينين تجدُ بداياتهم كانت بعَبَرَاتٍ هاطلة، =وعيونٍ دامعة= في سكون ليلةٍ ذات نفحاتٍ من ليالي رمضان.

وما لم تتحفّزْ الهممُ لعلاج الآفات في هذا الشهر؛ لن تبقى فرصةٌ لأولئك السالكين أن يبرَؤوا، فمن حُرم بركةَ رمضان، ولم يبرأْ من عيوبِ نفسه فيه؛ فأيُّ زمانٍ آخرَ يستظلُّ ببركته. فـ«.. رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، ..». سنن الترمذي (3545)

أما كون الطاعة ذات طعمٍ وحلاوة، فيدلُّ له قوله صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا»، مسلم (34).

ولما نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فقال: «لا تُوَاصِلُوا»، قَالُوا: (فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ!)، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، إِنَّ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» سنن الترمذي (778).

قال ابن القيم: (وَقَدْ غَلُظَ حِجَابُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ هَذَا طَعَامٌ وَشَرَابٌ حِسِّيٌّ لِلْفَمِ. وَلَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّهُ هَذَا الظَّانُّ: لَمَا كَانَ صَائِمًا، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَكُونَ مُوَاصِلاً). ثم قال: (وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ ذَوْقَ حَلاوَةِ الإِيمَانِ وَالإِحْسَانِ، أَمْرٌ يَجِدُهُ الْقَلْبُ. تَكُونُ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ ذَوْقِ حَلاوَةِ الطَّعَامِ إِلَى الْفَمِ..). أهـ. مدارج السالكين (3/ 87، 88).

يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (آل عمران: 135، 136)، ...]. القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان بتصرف.



***الخطبة الثانية***

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من اهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعد؛

[وأخيرا؛ رمضانُ فرصةٌ عظيمةٌ لتركِ جميع المعاصي؛ صغيرِها وكبيرِها، ومنها التدخينُ، فإن التدخينَ وباءٌ خطير، وشرٌّ مستطيرٌ، وبلاءُ مدمرٌ.

وأكثرُ هؤلاءِ المدخنون لا يكابرونَ في ضررِ التدخين، ولا يشكُّون في أثرهِ وحرمتهِ، بل تراهم يؤمِّلونَ في تركهِ، ويسعونَ للخلاصِ منهُ؛ فلهؤلاءِ حقٌّ على إخوانهم أنْ يعينوهم، ويأخذوا بأيديهم، خصوصًا في هذا الشهر الكريم.

فلو سألنا كلَّ مدخنٍ وقلنا له: (لماذا تدخِّن؟!) لأجابوا إجاباتٍ مختلفةً؛ فَمِنْ قائلٍ: أدخنُ إذا ضاق صدري؛ كي أروِّح عن نفسي.. أدخِّن كي أتسلَّى في غربتي، وبُعدي عن أهلي.. أدخن؛ إذا سامرت زملائي؛ ليكتمل فرحي وأنسي.. أدخنُ؛ لأتخلصَ من القلقِ والتوترِ والغضبِ.. أدخنُ؛ مجاملةً للرفاقِ.. أدخنُ؛ لفرط إعجابي بفلانٍ من الناسِ، فهو يدخنُ وأنا أتابعه، وأعملُ على شاكلتهِ.. التدخين تعلقتُ بهِ منذُ الصِّغرِ فعزَّ عليَّ تركهُ في الكبر، ومكابرٌ عنيدٌ يقول: أدخن؛ لقناعتي بجدوى التدخين؛ فلا ضررَ فيه، ولا عيبَ، ولا حرمة... =أشعر أنه يعطيني الرجولة والفحولة والشجاعة=...

أيُّها المدخنُ!.. متى ستقلع عن التدخين؟ إن لم يكن في رمضان فمتى؟ والجواب: أنْ تقلعَ عن التدخين فورًا، وأن تهجره بلا رجعة.

وذلك بالتوبة النصوح؛ قبل أن يفجأك الموتُ على غِرَّةٍ منك، واستعن بالله وفوّض أمرك إليه، والتمس إعانته ولطفه، وتضرع إليه بالدعاء، واسأله بصدق وإخلاص وإلحاح أن يعينك على ترك التدخين.. وأقبل على الله بالمحافظة على الصلاة؛ فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأقبل على الله بالصيام؛ فإنه علاج نبوي يهذّب النفس، .. ويقوي الإرادة، .. وأقبل على كتاب ربك؛ .. وأكثر من ذكر الله -عز وجل- ففيه الطمأنينة والسكينة، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم؛ فإن الشيطان هو الذي يزيِّن لك المعصية؛ فإذا استعذت بالله من الشيطان بصدق، أعاذك الله منه... وتذكّر أن مَنْ ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه، وأن العِوَضَ أنواع مختلفة، وأجلُّ ما تعوَّضُ به: الأنس بالله، ومحبتُه، وطمأنينة القلبِ بذكره.

ولتكن عندك العزيمةُ الصادقةُ، .. التي هي عنوان عظماء الرجال.وتحلَّ الصبر؛ فالذي يريد ترك التدخين قد يجد مشقة كبرى خصوصًا في بداية الأمر؛ .. والشعور بالكآبة في الأسابيع التالية لإقلاعهم عن التدخين، ... وقد لا تظهر تلك الأعراض إذا كانت العزيمةُ صادقةً، والإرادةُ قويةً.

ثم إنَّ تلك المشقة لا تزال تَهُونُ شيئًا فشيئًا إلى أن يألف المدخنُ ترك التدخين، قال ابن القيم -رحمه الله-: (إِنَّمَا يجد الْمَشَقَّة فِي ترك المألوفات والعوائد من تَركهَا لغير الله؛ فَأَما من تَركهَا صَادِقا مخلصا من قلبه لله، فانه لا يجد فِي تَركهَا مشقة إِلاَّ فِي أوَّلِ وَهْلَةٍ، ليُمتحَنَ؛ أصادقٌ هُوَ فِي تَركهَا أم كَاذِب؟ فإن صَبر على تِلْكَ الْمَشَقَّة قَلِيلا استحالت لَذَّة..) أهـ. الفوائد لابن القيم (ص: 107). «.. وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». صحيح البخاري (1469).

وأبعِدْ يا تارك التدخين! عن رفقة السوء، وعن كلِّ ما يذكر بالتدخين، من فراغٍ، ورؤية مدخنين، أو شمّ رائحة دخان...

وأخيرًا نسأل الله أن يعينَك، وأنْ يهديَك لأرشدِ أمرِك، وأن يحبِّبَ إليك الإيمانَ، ويزيِّنَه في قلبك، وأن يكرِّهَ إليك الكفرَ والفسوق والعصيان، ويجعلك من الراشدين]. بتصرف من دروس رمضان للشيخ محمد إبراهيم الحمد.

وعليك أن تتعرض لنفحات الله الليلية عند السحر، قبيل الفجر، وتتضرع إلى ربك أيُّها العاصي، -وكلُّنا عصاة- فلنندمْ ولنتُبْ، وإلى ربنا نعود ونؤوب، ونستقبل رمضان بصحائفَ بيضاءَ، وقلوبٍ نقية، وصدور للعبادة منشرحة، فقد ثبت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، كُلَّ لَيْلَةٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ" فَلِذَلِكَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى أَوَّلِهِ. سنن ابن ماجه (1366)، صحيح الجامع (836).

(اللهم اغفر لنا خطيئاتِنا وجهلنا، وإسرافنا في أمرنا، وما أنت أعلم به منا.

اللهم اغفر لنا خطأنا وعمدنا، وهزلنا وجدّنا، وكلَّ ذلك عندنا.

اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلم به منّا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت).



وجمعه من مظانه: أبو المنذر/ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

الزعفران المغازي غزة

16 شعبان 1433 هلالية.

وفق: 6/ 7/ 2012 شمسية.

للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: [email protected]
..........
__________________
.

دائما الشيخ مشهور يردّد ليكن شعارك : " نحن طـــلـــبـــة نـــجـــاة قـــبـــل أن نـــكـــون طـــلـــبـــة عـــلـــم "

.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-04-2013, 03:21 PM
بوعدنان عبدالرحمن العقيلي بوعدنان عبدالرحمن العقيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: الاردن
المشاركات: 727
افتراضي

اقتباس:

استقبال شهر رمضان المبارك

الحمد لله الذي جعل لعباده مواسم الخيرات، يتسابقون فيها بأنواع الطاعات، ويتوبون من السيئات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته، وما له من الأسماء والصفات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أول سابق إلى الخيرات. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كل أوقاتهم طاعات. وسلم تسليماً كثيرا.

أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله واغتنموا مواسم الخير قبل فواتها، وحاسبوا أنفسكم عن زلاتها وهفواتها، واعلموا أن الفرض لا تدوم، وأن الأعمار محددة بأجل معلوم، وسيحل بكم شهر عظيم وينزل بكم ضيف كريم: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185]، جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، وقيام ليله من النوافل العظام، وهو شهر الصبر، وشهر الإحسان، وشهر التلاوة للقرآن، وشهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، وشهر مضاعفة الحسنات وتكفير السيئات، شهر ينتصر فيه الحق على الباطل، فيتغلب فيه المؤمن على النفس الأمارة بالسوء، ويغل فيه الشيطان، فتزول المعوقات عن فعل الطاعات، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم.

فاستقبلوا -رحمكم الله-، هذا الشهر بما يليق به من الاحترام، واسألوا ربكم أن يبلغكم إياه، ويعينكم فيه على فعل ما يرضيه، ويتقبل منكم صالح الأعمال، فإن من بلغه الله شهر رمضان، ومكنه فيه من فعل الخيرات فقد من عليه بنعمة عظيمة يجب عليه أن يفرح بها غاية الفرح، كما قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58]؛ فالفرح المحمود إنما يكون بفضل الله ورحمته، وهو الفرح بالهدى ودين الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم – ولا سيما في مواسم الهدى والدين كهذا الشهر المبارك، فإن المؤمن يفرح بقدومه ويستبشر بحلوله وإدراكه ليناله من خيره ويصيب من بره ونفحاته، وأما الفرح بحصول مطامع الدنيا وملذاتها فهو فرح مذموم. قال تعالى: (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ) [الرعد: 26]، وهذا الفرح هو الذي لا يحب الله أهله كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) [القصص: 76]؛ لأنه فرح بمتاع زائل، وفرح يبعث على الأشر والبطر، ويلهي عن الطاعة، وينسي الآخرة.

أيها المسلمون، إن أعظم ما يتقرب فيه إلى الله في هذا الشهر وفي غيره هو المحافظة على الفرائض وأداء الواجبات، وترك المعاصي والمحرمات. يقول الله تعالى في الحديث القدسي: "وما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضته عليه"، وأعظم فرائض الله بعد الشهادتين أداء الصلوات الخمس في مواقيتها في بيوت الله مع جماعة المسلمين.

فحافظوا عليها، في شهر رمضان وغيره، فإن بعض الناس يتساهلون بأداء هذه الصلوات الخمس قبل رمضان وبعده، فهؤلاء لا ينفعهم اجتهادهم في رمضان؛ لأنهم مثل من يحاول الحصول على ربح وليس معه رأس مال، والربح لا يتحقق إلا بعد سلامة رأس المال، كذلك الاجتهاد في النوافل أو الاجتهاد في بعض الأوقات لا ينفع مع تضييع الفرائض، لكن من كان مضيعاً مفرطاً فيما مضى، ثم تنبه لما جاء شهر رمضان، فتاب إلى الله توبة صحيحة يستمر عليها في المستقبل طول حياته، فإن الله يتوب عليه، ويكون شهر رمضان سبباً ليقظته ومبدأ لتوبته، ومن أعظم فرائض الله في شهر رمضان بعد الصلوات الخمس صيام أيامه الذي جعله الله أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) [البقرة: 183] وقال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: 185]؛ فيجب على كل مسلم بالغ عاقل مقيم يستطيع الصيام أن يصوم هذا الشهر عبادة لله تعالى، وطاعة له، رجاء لثوابه، وخوفا من عقابه. وقد حدد الله صيام الشهر بما بين الهلالين: هلال دخوله وهلال خروجه، قال صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته". وحدد سبحانه الصوم اليومي بما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس. قال تعالى: (لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: 187].

والصيام: هو الإمساك بنية عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، ويسن تأخير السحور إلى ما قبل طلوع الفجر وتعجيل الإفطار عند تحقق غروب الشمس، ويرجع في وقت الإمساك والإفطار إما إلى رؤية الفجر والغروب إذا تمكن الصائم من رؤيتهما بنفسه، أو خبر ثقة بذلك، أو أذان المؤذن الذي يتقيد بالوقت، فيؤذن عند طلوع الفجر وغروب الشمس، فإن المؤذن مؤتمن ومتحمل لمسؤولية عظيمة؛ لأن الناس يصومون ويفطرون بأذانه، ويصلون كذلك اعتماداُ عليه.

فاتقوا الله أيها المؤذنون، وراقبوا الوقت مراقبة دقيقة ولا تؤذنوا إلا عند دخول الوقت، لا تتقدموا عليه ولا تتأخروا عنه فتغروا الناس، وتتحملوا آثامهم، فإن بعض المؤذنين لا يبالي متى أذن، فمنهم من يؤذن قبل دخول الوقت، ومنهم من يؤذن متأخراً، فيصوم الناس أو يفطرون على آذانه في غير وقت الصيام والإفطار، فيتحملون أوزار الناس بسبب إهمالهم، أنه إذا تأخر المؤذن على الأذان مع طلوع الفجر، فلا يجوز له أن يؤذن بعد ذلك لئلا يغر الناس، بل يكتفي بأذان من حوله من المساجد، ولا يجوز لكم أيها المسلمون أن تعتمدوا على أذان هذا المؤذن المتساهل إذا تأخر عن المؤذنين كثيراً، لأنه أصبح غير ثقة، فاتقوا الله وتنبهوا لذلك.

ثم اعلموا –وفقكم الله–، أن من أعظم المزايا التي اختص بها هذا الشهر المبارك صلاة التراويح؛ فهي سنة مؤكدة لا ينبغي للمسلم تركها، ويستحب فعلها جماعة في المسجد؛ لأنها من الشعائر الظاهرة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"، وليس لعدد ركعات التراويح حد معين؛ فللإمام أن يصلي عشرين ركعة، وله أن يصلي ستاً وثلاثين ركعة، وله أن يصلي إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، فإن كل عدد من هذه الأعداد قال به جماعة من الأئمة، والراجح أن من أراد أن يطيل الصلاة قلل عدد الركعات كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن أراد أن يخفف الصلاة أكثر من عدد الركعات، والأمر في هذا واسع. لكن لا يجوز للإمام أن يخفف صلاة التراويح تخفيفاً مخلاً، فيسرع بالقراءة سرعة يسقط معها بعض الحروف أو لا يستفيد منها من وراءه، أو يخفف الركوع والسجود بحيث لا يستطيع من وراءه أن يأتي بالتسبيح الواجب، ولا يطمئن الطمأنينة المطلوبة.

فاتقوا الله أيها الأئمة في صلاتكم، واتقوا الله فيمن خلفكم، فأتقنوا القراءة، وأتقنوا الصلاة، وأخلصوا عملكم لله.

ومما يجب التنبيه عليه أن بعض الأئمة –هداهم الله– تنتشر أصواتهم في الصلاة خارج المساجد في رمضان وغيره، وذلك بواسطة مكبرات الصوت، وذلك لا يجوز؛ لأنه يشوه العبادة ويشوش على من حوله من المساجد الأخرى، والمطلوب من الإمام أن يقتصر سماع صوته على من خلفه فيجب حصر الصوت داخل المسجد، وقد تسبب من انتشار أصوات المكرفونات بالصلاة خارج المساجد مفسدة أخرى، وهي تأخر الكسالى عن الحضور للصلاة، خصوصا صلاة الفجر، فإن أحدهم يبقى في منامه إلى أن يسمع قراءة الإمام، وحينئذ لا يمكنه إدراك الصلاة، أو إدراك معظمها، ولقد كثر التأخر من إدراك الصلاة لهذا السبب فيجب منعه.

واتقوا الله- أيها المسلمون-، وبادروا مبكرين بالحضور إلى الجمع والجماعات، لتنالوا الأجور وتكفير السيئات ورفعة الدرجات، وخذو على أيدي الكسالى من أولادكم وإخوانكم وجيرانكم (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2].

بارك الله لي ولكم ...



الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين على فضله وإحسانه، أمر باغتنام الأوقات قبل فواتها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تُبَوّيء من قالها عاملا بها من الجنة أعلى درجاتها، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أمر بمحاسبة النفوس عن هفواتها. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وعظموا شهر رمضان كما عظمه الله، وذلك باغتنامه والمحافظة على صيامه وقيامه، وصيانته عن تعاطي ما حرم الله، فإنه سيكون شاهداً لكم أو عليكم بما فعلتموه فيه من حسن أو قبيح، فإن بعض الناس يزيد شرهم في رمضان عن غيره؛ لأنهم لا يعرفون له حرمة، ولا يقدرون له قيمة، ولا يخالفون مما يسجل عليهم فيه من مخالفات وآثام.

فتجد أحدهم جيفة في النهار مستغرقاً في نومه لا يهتم بصلاة ولا غريها من الأعمال الصالحة، وفي ليالي رمضان يسهر على القيل والقال والأكل والشرب ومشاهدة المسلسلات والتمثيليات واستماع الأغاني والمزامير، أو لعب الورق أو لعب القمار، لا يصلي فيه ركعة من النوافل، بل قد يترك صلاة الفريضة.

والبعض الآخر يتسيب في الشوارع لملاحقة النساء اللاتي يخرجن من بيوتهن فاتنات مفتونات، كاسيات عاريات، مائلات مميلات، قد جندهن الشيطان للفتنة، فهن حبائل الشيطان اللاتي يصطاد بها من أراد الله فتنته من الرجال، وأولياء أمور هؤلاء النسوة يقفون منهن مكتوفي الأيدي لا ينكرون ولا يغارون. عمي لا يبصرون، بكم لا ينطقون.

والبعض الآخر من الناس يعتبر شهر رمضان موسماً للتجارة الدنيوية، فيمضي معظم وقته في متجره، وربما لا يحافظ على صلاة الفريضة في الجماعة فضلاً عن صلاة التراويح، فأي شيء اكتسبه هؤلاء من شهر رمضان سوى الإفلاس والأثام، إنها لما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته فيه مغفرة محروماً غاية الحرمان، فقد صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- المنبر فقال: "آمين. آمين. آمين". قيل: يا رسول الله إنك صعدت المنبر، فقلت: آمين. آمين. آمين، فقال: "إن جبريل عليه السلام أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين" الحديث رواه ابن حبان.

فاتقوا الله –عباد الله-، وعظموا شهر رمضان كما عظمه الله واغتنموه كما أمركم الله واعلموا أن خير الحديث كتاب الله... إلخ؟.



( من كتاب الخطب المنبرية، لمعالي الشيخ الدكتور صالح الفوزان/ ج2)



.................................................. .................................................. .................................منقول من موقع الشي الرسمي .
..........
__________________
.

دائما الشيخ مشهور يردّد ليكن شعارك : " نحن طـــلـــبـــة نـــجـــاة قـــبـــل أن نـــكـــون طـــلـــبـــة عـــلـــم "

.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-27-2013, 11:39 AM
بوعدنان عبدالرحمن العقيلي بوعدنان عبدالرحمن العقيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: الاردن
المشاركات: 727
افتراضي


وصايا في استقبال رمضان
http://www.islamdeeny.com/libread.php?id=54

__________________
.

دائما الشيخ مشهور يردّد ليكن شعارك : " نحن طـــلـــبـــة نـــجـــاة قـــبـــل أن نـــكـــون طـــلـــبـــة عـــلـــم "

.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-27-2013, 11:44 AM
بوعدنان عبدالرحمن العقيلي بوعدنان عبدالرحمن العقيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: الاردن
المشاركات: 727
افتراضي

اقتباس:

نصيحة الشيخ ابن باز (رحمه الله)بمناسبة استقبال شهر رمضان


نصيحتي للمسلمين جميعاً أن يتقوا الله جل وعلا، وأن يستقبلوا شهرهم العظيم بتوبة صادقة من جميع الذنوب، وان يتفقهوا في دينهم وأن يتعلموا أحكام صومهم وأحكام قيامهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))[1]،
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:
((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين))[2]
ولقوله صلى الله عليه وسلم:
((إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وصفدت الشياطين ويناد منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة))[3].
وكان يقول صلى الله عليه وسلم للصحابة:
((أتاكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله))[4].
ومعنى:
((أروا الله من أنفسكم خيراً)):
يعني سارعوا إلى الخيرات وبادروا إلى الطاعات وابتعدوا عن السيئات.
ويقول صلى الله عليه وسلم:
((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))[5].
ويقول صلى الله عليه وسلم:
يقول الله جل وعلا:
((كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من اجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك))[6].
ويقول صلى الله عليه وسلم:
((إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم))[7].
ويقول صلى الله عليه وسلم:
((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[8]
رواه البخاري في الصحيح.
فالوصية لجميع المسلمين أن يتقوا الله وان يحفظوا صومهم وأن يصونوه من جميع المعاصي، ويشرع لهم الاجتهاد في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات من الصدقات والإكثار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار؛ لأن هذا شهر القرآن:
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ[9].
فيشرع للمؤمنين الاجتهاد في قراءة القرآن، فيستحب للرجال والنساء الإكثار من قراءة القرآن ليلاً ونهاراً، وكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع الحذر من جميع السيئات والمعاصي، مع التواصي بالحق والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فهو شهر عظيم تضاعف فيه الأعمال، وتعظم فيه السيئات، فالواجب على المؤمن أن يجتهد في أداء ما فرض الله عليه وأن يحذر ما حرم الله عليه، وأن تكون عنايته في رمضان أكثر واعظم،
كما يشرع له الاجتهاد في أعمال الخير من الصدقات وعيادة المريض واتباع الجنائز وصلة الرحم، وكثرة القراءة وكثرة الذكر والتسبيح والتهليل والاستغفار والدعاء، إلى غير هذا من وجوه الخير، يرجو ثواب الله ويخشى عقابه،
نسأل الله أن يوفق المسلمين لما يرضيه، ونسأل الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً، نسأل الله أن يمنحنا وجميع المسلمين في كل مكان الفقه في الدين والاستقامة عليه، والسلامة من أسباب غضب الله وعقابه، كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين وجميع أمراء المسلمين، وأن يهديهم وأن يصلح أحوالهم، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في جميع أمورهم، في عبادتهم وأعمالهم وجميع شئونهم، نسأل الله أن يوفقهم لذلك، عملاً بقوله جل وعلا:
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ[10]،
وعملاً بقوله جل وعلا:
أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[11]،
وعملاً بقوله سبحانه:
فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً[12]، وعملاً بقوله سبحانه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[13]،
وعملاً بقول الله سبحانه:
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ[14]،
وقوله سبحانه:
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[15].
هذا هو الواجب على جميع المسلمين وعلى أمرائهم، يجب على أمراء المسلمين وعلى علمائهم وعلى عامتهم أن يتقوا الله وأن ينقادوا لشرع الله، وأن يحكموا شرع الله فيما بينهم ؛ لأنه الشرع الذي به الصلاح والهداية والعاقبة الحميدة وبه رضا الله وبه الوصول إلى الحق الذي شرعه الله وبه الحذر من الظلم.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.

*******
[1] رواه البخاري في العلم باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين برقم 71، ومسلم في الزكاة باب النهي عن المسألة برقم 1037.
[2] رواه البخاري في بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده برقم 3277، ومسلم في الصيام باب فضل شهر رمضان برقم 1079.
[3] رواه الترمذي في الصوم باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم 682، وابن ماجة في الصيام باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم 1642.
[4] ذكره المنذري في الترغيب والترهيب باب الترغيب في صيام رمضان برقم 1490، وقال رواه الطبراني.
[5] رواه البخاري في الصوم باب من صام رمضان إيماناً واحتساباً برقم 1901، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها باب الترغيب في صيام رمضان برقم 760.
[6] رواه البخاري في التوحيد باب قول الله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله برقم 7492، ومسلم في الصيام باب فضل الصيام برقم 1151، وابن ماجة في الصيام باب ما جاء في فضل الصيام برقم 1638.
[7] رواه البخاري في الصوم باب هل يقول إني صائم إذا شتم برقم 1904.
[8] رواه البخاري في الصوم باب من لم يدع قول الزور برقم 1903.
[9] سورة البقرة، الآية 185.
[10] سورة المائدة، الآية 49.
[11] سورة المائدة، الآية 50.
[12] سورة النساء، الآية 65.
[13] سورة النساء، الآية 59.
[14] سورة النور، الآية 54.
[15] سورة الحشر، الآية 7.

..........
__________________
.

دائما الشيخ مشهور يردّد ليكن شعارك : " نحن طـــلـــبـــة نـــجـــاة قـــبـــل أن نـــكـــون طـــلـــبـــة عـــلـــم "

.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-10-2013, 10:49 AM
فتح الرحمن احمد فتح الرحمن احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 1,108
افتراضي

جزاكم الله خيرا
__________________
قال العَلامَةَ ابْنَ دَقِيقِ العِيد رحمه الله[SIZE="5"][/SIZE] فِي «الاقْتِراح» (ص302):

«أَعْرَاضُ المُسْلِمين حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّار؛ وَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا طَائِفَتَانِ مِنَ النَّاس: المُحَدِّثُونَ، وَالحُكَّام».
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 06-18-2014, 01:33 PM
بوعدنان عبدالرحمن العقيلي بوعدنان عبدالرحمن العقيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: الاردن
المشاركات: 727
افتراضي

للرفع والتذكير
__________________
.

دائما الشيخ مشهور يردّد ليكن شعارك : " نحن طـــلـــبـــة نـــجـــاة قـــبـــل أن نـــكـــون طـــلـــبـــة عـــلـــم "

.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:22 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.