إلى من يتصدر للفتيا ...

[أبو عبد الرحمن]

قال الشيخ عطية سالم متحدثا عن شيخه العلامة الكبير محمد الأمين الشنقيطي رحمهما الله: "كان والدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه يأتيه المستفتي في هذا المسجد فيقول: سل المفتي الرسمي، فإن هناك مفتيا نصبه ولي الأمر وهو مسئول عن ذلك، أو يقول: سل غيري، فأقول له: إذا لم تفته أنت فمن الذي يفتيه؟ إنك تقصد للفتوى في مسجد رسول الله.
فيقول: إذا كنت في عافية من ذلك فما الذي يلزمني؟ وهل أضمن أن أصيب ولا أخطئ؟! وهل أعلم أن سؤاله له دليل من كتاب الله أو من سنة رسول الله فأجيبه، وكيف أجتهد؟ وهل أضمن في اجتهادي الصواب؟ وجاءه إنسان وألح عليه، وقال: يا شيخ! جئتك أمس فرددتني وطوفت المسجد فلم أجد من يفتيني، فماذا أصنع؟ قال: سل هذا.
وأشار إلي، وقال: هذا قاض في المحكمة، فسله يفتيك، فقلت: يا شيخ إذا امتنعت أنت عن الفتوى كيف أفتيه أنا؟ قال: لا علي، فقلت: اجلس، أنا سأفتيك والشيخ يسمع، فإن كان صوابا أقره، وإن كان خطأ فلا يحق له السكوت عليه، ثم أفتيته، فقال الرجل: ماذا تقول يا شيخ في ذلك؟ قال: قد أفتاك القاضي.
قال: أريدك أنت.
قال: خيرا والحمد لله.

---------------------------------------------
جمع وترتيب: محمد الأزهري الحنبلي

[أبو عبد الرحمن]

قال بن القاسم سمعت مالكاً يقول: «إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن».

وكان يقول: «ربما وردت علي المسألة فأسهر فيها عامة ليلتي».

وقال بن عبد الحكم: كان مالك إذا سئل عن المسألة قال للسائل: «انصرف حتى أنظر» فينصرف ويتردد فيها فقلنا له في ذلك فبكي وقال: «إني أخاف أن يكون لي من المسائل يوم وأي يوم؟».

وقال بن وهب سمعته عندما يكثر عليه بالسؤال يكف ويقول: «حسبكم من أكثر أخطأ» وكان يعيب كثرة ذلك وكان يقول: «من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه على الجنة والنار وكيف يكون خلاصه في الآخرة ثم يجيب».

وقال: «ما شيء أشد علي من أن أسئل عن مسألة من الحلال والحرام لأن هذا هو القطع في حكم الله ولقد أدركنا أهل العلم ببلدنا وإن أحدهم إذا سئل عن المسألة كأن الموت أشرف عليه».

وقال الهيثم بن جميل: شهدت مالكاً سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنين وثلاثين منها: «لا أدري». وكان يقول: «ينبغي أن يورث العالم جلساءه قول لا أدري حتى يكون ذلك أصلاً في أيديهم يفزعون إليه فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال: لا أدري».

---------------------------------------------------------------------------
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب - ص: 111 - 112

[ابوخزيمة الفضلي]

جزاك الله خيرا.

[خالد الشافعي]

نقل موفق ، ما شاء الله .

[أبو عبد الرحمن]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوخزيمة الفضلي

جزاك الله خيرا.

وأنت كذلك

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد الشافعي

نقل موفق ، ما شاء الله .

الحمد لله ...

[أبو عبد الرحمن]

عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال: «أدركت عشرين ومئة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول».

وعن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم: «من أفتى في كل ما يسأل فهو مجنون».

وعن الشعبي والحسن وأبي حصين -بفتح الحاء- التابعيين قالوا: «إن أحدكم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر».

وعن ابن عباس ومحمد بن عجلان: «إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتله».

وعن الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يكثر أن يقول: «لا أدري وذلك فيما عرف الأقاويل فيه».

وقال الشافعي: «ما رأيت أحدا جمع الله تعالى فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه على الفتيا».

----------------------------------------------------------
آداب الفتوى والمفتي والمستفتي - ص: 14 - 17

[أبو عبد الرحمن]

وسئل القاسم بن محمد بن أبي بكر عن شيء فقال: «لا أحسنه»، فقال السائل إني جئت إليك لا أعرف غيرك فقال القاسم: «لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي والله ما أحسنه»، فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه يا ابن أخي الزمها فو الله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم فقال القاسم: «والله لأن يقطع لساني أحب إلي من أن أتكلم بما لا علم لي».

وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي البلاد شر فقال: «لا أدري»، فسأل جبريل فقال: «لا أدري»، فسأل ربه عز وجل فقال: «أسواقها». ذكره ابن الجوزي في تعظيم الفتيا.

وسئل الشعبي عن شيء فقال: «لا أدري»، فقيل ألا تستحي من قولك لا أدري وأنت فقيه أهل العراق فقال: «لكن الملائكة لم تستحي حين قالت {لا علم لنا إلا ما علمتنا}».

وقال أبو الذيال: «تعلم لا أدري، فإنك إن قلت لا أدري علموك حتى تدري، وإن قلت أدري سألوك حتى لا تدري».

وقال عقبة بن مسلم صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا وكان كثيرا ما يسأل فيقول: «لا أدري».

-------------------------------------------------------
صفة الفتوى والمفتي والمستفتي - ص: 7 - 11

[ابوعبد المليك]

قال الامام ابن القيم رحمه في كتاب اعلام الموقعين مبينا شروط الموقع عن رب العالمين ووخطورة الافتاء:« وَلَمَّا كَانَ التَّبْلِيغُ عَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ بِمَا يُبَلَّغُ، وَالصِّدْقَ فِيهِ، لَمْ تَصْلُحْ مَرْتَبَةُ التَّبْلِيغِ بِالرِّوَايَةِ وَالْفُتْيَا إلَّا لِمَنْ اتَّصَفَ بِالْعِلْمِ وَالصِّدْقِ؛ فَيَكُونُ عَالِمًا بِمَا يُبَلِّغُ صَادِقًا فِيهِ، وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ حَسَنَ الطَّرِيقَةِ، مَرَضِيَّ السِّيرَةِ، عَدْلًا فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، مُتَشَابِهَ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَأَحْوَالِهِ؛ وَإِذَا كَانَ مَنْصِبُ التَّوْقِيعِ عَنْ الْمُلُوكِ بِالْمَحِلِّ الَّذِي لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُ، وَلَا يُجْهَلُ قَدْرُهُ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ السَّنِيَّاتِ، فَكَيْف بِمَنْصِبِ التَّوْقِيعِ عَنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ؟ فَحَقِيقٌ بِمَنْ أُقِيمَ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ أَنْ يَعُدَّ لَهُ عِدَّتَهُ، وَأَنْ يَتَأَهَّبَ لَهُ أُهْبَتَهُ، وَأَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ الْمَقَامِ الَّذِي أُقِيمَ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ فِي صَدْرِهِ حَرَجٌ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ وَالصَّدْعِ بِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ وَهَادِيهِ، وَكَيْف هُوَ الْمَنْصِبُ الَّذِي تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ رَبُّ الْأَرْبَابِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} [النساء: 127] وَكَفَى بِمَا تَوَلَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ شَرَفًا وَجَلَالَةً؛ إذْ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النساء: 176] ، وَلِيَعْلَمَ الْمُفْتِي عَمَّنْ يَنُوبُ فِي فَتْوَاهُ، وَلِيُوقِنَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ غَدًا وَمَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ»

[أبو عبد الرحمن]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوعبد المليك

قال الامام ابن القيم رحمه في كتاب اعلام الموقعين مبينا شروط الموقع عن رب العالمين ووخطورة الافتاء ...

جزاك الله خيرا ... مشاركة نافعة.

ولنا في أسْلافِنا أُسوة وقدوة ..
وإذا كان أسْلافُنا أكثروا مِن قول " لا أدري " مع وَفْرة علومهم، وسَعة فَهمهم، وتَبَحُّرِهم في العلوم، فينبغي أن نكون أكثر منهم في قولها، وأجرأ على قولها ! وأن لا نأنَف مِن قَول " لا أدري "، و " لا أعلم "، وليس في ذلك نَقْص ولا غضاضة، بل هو مِن كَمَال الشخص ونُبلِه.

وإنها لَتَرِد عليّ المسألة فأرْجِيها أيامًا حتى أبحث لها عن جَواب في أقوال وفتاوى ثِقات العلماء ، أو أسأل عنها بعض مشايخنا.

http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=95220

----------------------------------
الشيخ: عبد الرحمن السحيم

[علي المقصر]

بارك الله فيك