أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
59696 89571

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-17-2018, 10:59 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي أدعياء العلم الشرعي

أدعياء العلم الشرعي
محمد علي الجوني·17 فبراير، 2018

أصبح العلم الشرعي عند بعض الأدعياء مجرد معلومات تُحفظ، ومسائل تُحرّر، ومعارف تُحصّل، ونُسخ خطيّة تُحقّق، فليست له روح لطيفة ترقّق قلوبهم، ولا حلاوة تهذّب ببشاشتها أخلاقهم، أو تسمو بسلوكهم.

إنك لا تجد له أثرا في حياتهم، ولا ثمرة طيّبة نافعة تشهدها في تعاملهم مع الله أو مع خلقه.
فقلوبهم قاسية؛ وإن كان أول حديث سمعوه: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

وأخلاقهم تغلي مراجلها وتقذف بالجفاء والغلظة، وإن تغنّوا بقوله تعالى: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).

لذا لا تجد لعلمهم ولا لدعوتهم قبولا وانتشارا وترحابا في أوساط عامة أهل الإسلام فضلا عن غيرهم، فهي محصورةٌ منزورةٌ فيمن غاص على حقائقهم، وفني في مرادهم عمن سواهم.
الليل عندهم كليل عامة الناس، ونهارهم يقضون جُل ساعاته، وسنام أوقاته، فيما يقضيه سفهاؤهم، وأهل البطالة منهم.
فلا تكاد تجد لهذا العلم الذي يدّعون الاشتغال به أثرا في عباداتهم وطاعاتهم، ولا ثمرة تزكو بها نفوسهم، وتصلح بها قلوبهم.

وعلامتهم التي تعرفهم بها أنهم يتسابقون على الدنيا، ويميلون مع ريحها حيث اتجهت، ويقيلون مع فتنتها حيث قالت.
لكنهم يزخرفون لهثهم على الدنيا، وانشغالهم بزينتها، وتزاحمهم عند أبواب أهلها بشوب من التأويل، يستروحون فيه إلى فساد أخلاقهم، وخبث نفوسهم، ووضاعة هممهم.

بينما نجد بقيّة الناس ممن يُسمّون بالعوام في حال انصرافهم للدنيا وتعلقهم بها، وانجذابهم إليها، وخنوعهم لأربابها، لا يملكون كالأدعياء حُججا يدفعون بها عن أنفسهم، ولا تأويلات من النصوص يتترسون خلفها، فهم جهلة بحقائق الشريعة ومعانيها، لا يقدرون أن يدفعوا عن أنفسهم بشيء إلا أن يقولوا بلسان الخاطئ المعترف المتطامن المنكسر: نسأل الله أن يتجاوز عنا، ويغفر لنا خطيئاتنا.
والحاصل أنّه لا يُميّز هؤلاء الأدعياء ولابسي ثوب المشيخة عن الجهلة والطغام إلا تلك المناصب والنياشين والشهادات التي رفعتهم صورة العلم بها.

تجد أحدهم يكتب ويدرس ويطيل النفس في الحديث عن الزهد في الدنيا، والدعوة إلى الإعراض عن زخرفها، والحذر من التشوّف لشيء من زهرتها، بينما نجدهُ بعباءة المشيخة وسيما العلم الذي يلبس ثوبه، مفتونا في مرضاة أرباب الدنيا، يقتاتُ بدينه، ويتكسّب بعلمه.

وتجد أحدهم يدبّج المصنفات ويزوّر المقالات في شرح الآثار المنقولة عن السلف الصالح في مجافاة أهل البدع، والحذر من صحبتهم أو السكوت عن باطلهم، فتقرّ عينُك بتنظيره، وتطيب نفسك لتقريره، بيد أنّ هذا الكلام يبقى معلقا في مجالس العلم، ومسطّرا على صفحات الكتب، لا يترجمهُ بشيء من الغضبة للدين أو الذود عن حوزته أو المكامعة من أجله.

ولو صار أن تكلّم أحدهم في شخصه أو نال من منزلته، لأرعد وأزبد وهجا وأقذع، لكنّه مكفيّ بغيره في أمر الشريعة، فللبيت رب يحميه، كما في قولة عبد المطلب.
والغريب أنّ ذلك كله يتمّ باسم الشريعة، وتحت دعوى التأصيل لمنهج أئمتها، والتقرير لطريقة أعلامها.

كتبه محمد بن علي الجوني الألمعي
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:29 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.