أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
415 79917

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-14-2015, 01:52 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الأدب مع الله - تبارك وتعالى -.

الأدب مع الله - تبارك وتعالى -.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

إن نعم الله - تعالى - على عباده أعظم من أن تحصى، وأكثر من أن تعدّ، فالأوْلى بأن يتأدبوا معه "الله - سبحانه -"، فقد حفظهم أجنة في بطون أمهاتهم، وهيَّأَ لهم أسباب الحياة، وسخَّرَ لهم نعمه ظاهرة وباطنة، وأعطاهم مِنْ كُل ما سألوه.
قال الله – تعالى - : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ۞ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۞ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [سورة إبراهيم 32 – 34].

ففي زمن كثر فيه الظلم وكثرت فيه الفرق والفتن، وأريقت الدماء، واختلط الحابل بالنابل، وضاقت على كثير من المسلمين الأرض بما رحبت، ما أحرانا بالرجوع إلى الله - جلَّ في علاه - إذ لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه.
ما أحرانا أن نُحسن الأدب مع ولي النعم، ونربي الأبناء على ذلك، وأن نحمده - سبحانه - ونثني عليه بما هو أهله بقلوبنا وألسنتنا، وأن نسخر جوارحنا في طاعته، ونعظـِّـم شعائره، فإنها من تقوى القلوب.

قال ابن القيّم رحمه الله - تعالى - في كتابه القيّم (مدارج السالكين) : [قال الله - تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [سورة التحريم 6].

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره : أدِّبوهُم وعلِّموهُم.

[الأدب : هو اجتماع خصال الخير في العبد.
يقال مأدُبَة : هو الطعام الذي يَجتمِعُ عليه الناس.

وعلم الأدب : هو علم إصلاح اللسان والخطاب وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه، وصيانته عن الخطأ والزلل، وهو شعبة من الأدب العام، والله أعلم].

حقيقة الأدب : استعمال الخلق الجميل، ولهذا كان الأدب : استخراج ما في الطبيعة من الكمال، من القوة إلى الفعل.
فإن الله - سبحانه - هيأ الإنسان لقبول الكمال بما أعطاه من الأهلية والاستعداد، التي جعلها فيه كامنة، كالنار في الزناد، فألهمه ومكنه، وعرفه وأرشده، وأرسل إليه رسله، وأنزل إليه كتبه، لاستخراج تلك القوة التي أهَّلَهُ بها لكماله إلى الفعل، قال الله – تعالى - : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ۞ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۞ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [سورة الشمس 7 ــ 10].

فعبَّرَ عَن خُلُقِ النفسِ بالتَّسْوِيَةِ والدَّلالةِ على الاعتدال والتمام.

ثم أخبر عن قبولها للفجور والتقوى، وأن ذلك نالها منه امتحانا واختبارا، ثمّ خصَّ بالفلاح من زكاها فنمّاها وعلاها، رفعها بآدابه التي أدب بها رسله وأنبياءه وأولياءه، وهي التقوى، ثم حكم بالشقاء على من دساها، فأخفاها وحقرها، وصغرها وقمعها.

قال عبد الله بن المبارك - رحمه الله تعالى - : [قد أكثر الناس القول في "الأدب"، ونحن نقول : "إنه معرفة النفس ورعوناتها وتجنب تلك الرعونات".

وقال - رحمه الله تعالى - أيضًا : [نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم].

مسالك الأدب

و "الأدب " ثلاثة أنواع :

1. أدب مع الله – سبحانه -.
2. أدب مع رسوله - صلى الله عليه وسلم – وشرعه.
3. أدب مع خلقه.

الأدب مع الله - سبحانه -، ثلاثة أنواع :

1. صيانة معاملته أن يشوبها بنقيصة.
2. صيانة قلبه أن يلتفت لغيره.
3. صيانة إرادته أن يتعلق بما يمقتك عليه]. ا. هـ. انظر : [تهذيب مدارج السالكين " ص 445 - 448] باختصار وتصرُّفٍ يسير.


من محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله - تعالى -.


يتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-14-2015, 02:18 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي من الأدب مع الله تعالى

وعليه فإن مِنَ الأدب مع الله - تعالى - :

1. التحلي بمكارم الأخلاق، والبعد عن سفاسفها : وذلك لتلقي الحق عِلمًا وَعَمَلا، والإنقياد له بنفس سهلةٍ هينةٍ ليّنةٍ قريبةٍ، ومُستعدةٍ متهيئةٍ لمخالفةِ الهوى بإذعان وقبول، ورضىً وانشراح صدرٍ.
فعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله - تعالى - جميل يحب الجمال، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها) [الصحيحة 1626].

وعن طلحة بن عبيد الله وعبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله تعالى جواد يحب الجود، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها) [الصحيحة 1627].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إنما بعثت لأتمم مكارم (وفي رواية صالح) الأخلاق) [الصحيحة 1/ 112 رقم 45].

2. القيام بدين الله - تعالى - وشرعه، باتباع أمره، واجتناب نهيه، والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنا : بكل رضىً ورغبة، ومحبة لله - تبارك وتعالى -، فإن المحبة إذا صحّت تأكد الدافع في القلب على المُحبّ بملازمة المحبوب- سبحانه -، وتمام الإنقياد له والمتابعة لشرعه، والتسليم لأمره، والطمانينة لقضائه وقدره، مع كمال الأدب معه – سبحانه – في السر والعلانية.

3. همّةٌ عاليَةٌ لمعرفةِ الله - تبارك وتعالى - وشرعه ودينه تَعَلّمًا وَتعليما : وكلما ازددنا معرفةً بالله - تبارك تعالى -، بأسماءه الحسنى، وتصديقًا بصفاته العلى، وتفكّرًا بعظيــم آلائه، كلما ازددنا بالله - تعالى – إيمانا، ومنه قربا، وازددنا له خشية، وامتلأ القلب له وقارًا وتعظيما.

وصدق الله - تعالى – القائل في كتابه العزيز : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ۞ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [سورة فاطر 27 – 28].

ولهذا كان الأنبياء أشد الناس أدبًا مع الله - تبارك وتعالى- ، وذلك لرفيع أخلاقهم، وتمام عبوديتهم وانقيادهم لله - جلَّ في علاه -.
ولنا في رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة، فقد امتدحه الله - تبارك وتعالى - بقوله : {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [سورة القلم 4].

وامتدحه الله - تعالى – أيضًا في سورة النجم بقوله : {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [سورة النجم 17].
لم يجاوز بصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء والمعراج ما رآه، ولم يلتفت يمنة ولا يسرة، لأن الإلتفات زيغ، ومن كمال إقبال الناظر على المنظور، أن لا يصرف نظره عنه.
والتطلع إلى ما أمام المنظور طغيانٌ ومجاوزةٌ عن المقام الذي أقيم فيه، وأُذِنَ له بالنظر إليه، وذلك من كمال أدبه - صلى الله عليه وسلم - مع الله - تبارك وتعالى -، وشرف عبوديته لله - سبحانه -، فلم يزل يترقّى حتى رفعه إلى الله - تعالى - إلى السموات العُلى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، وأقامه الله - جَّلَّ في علاه - مقامًا يغبطه عليه الأنبياء والمرسلون، وجَمَعَهُمْ فأمّهُمْ وصلّى بهم في بيت المقدس.

استقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصراط المستقيم في هذه الحياة الدنيا مع كمال أدبه، ورفيع خُلُقِه، ويبعثه الله - تبارك وتعالى - يوم القيامة سيد ولد آدم، وصاحب لواء الحمد، والمقام المحمود، والشفاعة العظمى، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فجزاه الله عنا خير ما جزى به نبيًا عن أمته، وحشرنا تحت لوائه .

4. تعظيم الله - جلّ في علاه - في نفس المؤمن، وذلك بتوحيده في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته : فهو الله الخالق البارئ المصوِّر الرازق المحيي المميت، مالك الملك، ملك الملوك، الذي لا رب سواه.
وعلى ذلك لا ينبغي التوجه بالعبادة والنسك والدعاء والقصد والطلب والإستغاثة والإستعانة فيما لا يقدر عليه إلا الله – تعالى -.
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي أيضا : قال الله - تعالى - : (شتمني بن آدم وما ينبغي له أن يشتمني، وكذبني وما ينبغي له أن يكذبني، أما شتمه إياي فقوله : أنَّ لي ولدًا وأنا الله الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفوا أحد، وأما تكذيبه إياي، فقوله : ليس يُعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق أهون عليّ من إعادته). [صحيح الجامع 4323].

5. صيانة القلب من أن يلتفت لغيره - سبحانه - بشرك في ربوبيته أو ألوهيته وأسمائه وصفاته : فهو الله - سبحانه - الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وهو أغنى الأغنياء عن الشرك، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي : قال الله - تعالى - : (أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه) [مختصر مسلم 2089]. فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله أي الذنب اعظم ؟ قال : (أن تجعل لله ندًا وقد خلقك) (متفق عليه).
قال - تعالى - : {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [سورة النساء 48].


يتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-15-2015, 05:03 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

الأدب مع الله - تعالى - :

6. تعظيم شرع الله - جلّ وعلا - وما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النفوس : إذ أن الشرع قد تمّ واكتمل قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى، فلا يعبد الله - سبحانه - إلا بما شرع، فلا مجال للإستدراك عليه، أو للابتداع، أو الاستحسان، أو تقديم العقل على النقل، أو التقليد الأعمى بلا دليل ولا هدي قويم.
قال الله - تعالى - : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة الشورى 21].

ولا يقدّم قول أحدٍ على قول الله - تبارك وتعالى - ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا أمرًا على أمر الله – تبارك وتعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله – سبحانه - لا يُسأل عما يفعل، وهم يسألون.
قال الله - تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [سورة الحجرات 1 ــ 2].

7. تعظيم شعائر الله - تبارك وتعالى -، وعدم الإستهزاء به - سبحانه - وبشرعه دقّه وجلّه : قال - تعالى - : {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج 32].
وقال تعالى : {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [سورة الحج 37].

وعليه فليتق الله - سبحانه - من يطلق النكات على الله – تبارك وتعالى - أو على ملائكته ورسله، أو من تمسك بشرعه، من خلال وسائل الإعلام والتواصل الحديثة - وما أكثرها - فقد دخلت كل بيت، وصارت في متناول الصغير والكبير، الغني والفقير، فإذا قيل له اتق اللهَ هذا لا يليق، قال كما قال المنافقون : هو مزاح، هو لعب : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۞ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [سورة التوبة 65 - 66].

8. تعظيم كتاب الله تبارك وتعالى في النفوس، وتربية الأبناء على ذلك : والحرص على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وحفظه، والعمل بما جاء فيه من شرائع وأحكام، وأخلاق وآداب، والتامل بما فيه من الوعد والوعيد، والعبر والعظات من قصص الأولين والآخرين.
قال الله - تعالى - : {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [سورة هود 120].

9. أن لا يستهينَ أحدٌ ويتسرعَ بإصدار الأحكام فيكذب على الله – تعالى – بقوله : (هذا حرامٌ وهذا حلال) : قال الله - تعالى - : {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ۞ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة النحل 116 – 117].

أو : أن يتألى على الله - تعالى - : فعن جندب البجلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن رجلًا قال : والله لا يغفر الله لفلان، قال الله : من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان ؟ فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك) (صحيح) رواه : (مسلم). [صحيح الجامع 2075].

‌ أو : أن يقول فلان شهيد، أو فلان في الجنة أو في النار لأن الأمر بيد الله - تبارك وتعالى - وهو غيب، والله - تبارك وتعالى - يقول في كتابه العزيز : {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [سورة الأحقاف 9].

ويقول - جلّ جلاله - : {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [سورة النمل 65].

وعن أم العلاء الأنصارية - رضي الله عنه - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (والله لا أدري، والله لا أدري، وأنا رسول اللهِ ما يفعل بي وبكم). (صحيح) رواه : (البخاري).

فإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقسمُ بالله ثلاثًا أنه ما يدري ما يُفعل به، وهو أكرم الخلق على الله - تعالى -، فأحرى بالمؤمن أن يسلك طريق الأدب مع علاّم الغيوب الذي علمنا إياه نبي الأمة، وسيد الأولين والآخرين، فلا ينبغي لأحدٍ أن يتكلم بالمغيبات، أو يخوض بها، أو يسأل الدجالين والعرافين، من شياطين الإنس والجن، لأنه سؤالهم وتصديقهم يؤدي به إلى الشرك والكفر والضلال المبين.

10. من الأدب مع الله - جلّ في عُلاه - الحياء : عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (استحيوا من الله حق الحياء، من استحيا من الله حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلا، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء) [صحيح الجامع 935].
فينبغي على العبد أن يمتلئ قلبه مهابةً ووقارًا وتعظيمًا لله - جل جلاله -، ومحبةً له، وخوفًًا منه ورجاء، وتوكُّلا عليه، وحياءً من أن يطلع عليه وهو يعصيه، وأن يَفِرَّ من الله - تعالى - إليه، وأن يُقْبِلَ عليه، ويَنطرحَ خاضِعًا ذليلًا مُنْكَسِرًا بين يديه، يسارع إلى التوبة، والإنابة، والتضرع إلى الله، فيَفِرَّ من عذاب الله إلى طاعته، لعلمه أنه لا ملجأ ولا منجا من الله - تعالى - إلا إليه. قال الله – تعالى - : {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [سورة الذاريات 50].

وستر العورة من الحياء، من الأدب، فاللباس االشرعي للمؤمن والمؤمنة، ينبئ عن شخصيةِ لابِسِهِ وَتَميُّزَه، واعتزازه بدينه وحسن اتباعه لهدي نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وهو الأسوة الصالحة والقدوة الحسنة، فقد (كان أشد حياء من العذراء في خدرها) (متفق عليه). [صحيح الجامع 4799].

وعن يعلى بن أمية - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله حيي ستّير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) [صحيح الجامع 1756].

والطهارة الظاهرة والباطنة من الأدب، والإقبال على الله - تبارك وتعالى - في كل حال، على أكمل الأحوال من الأدب، فإن الله - تعالى - يحب خصال الخير، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-17-2015, 11:31 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

الأدب مع الله - تعالى - :

11. مراقبة الله - سبحانه وتعالى - في جميع الأحوال والأقوال والأعمال : فهو - سبحانه - قد أحاط بكل شيئ علما، يعلم السرّ وأخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

قال الله - تعالى - : {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سورة يونس 61].

إن العبد إذا أدرك أن الله - تعالى - رقيبًا عليه، مطّلعا عليه سميعا، مجيبا، قريبا، بلغ بعبادته درجة الإحسان، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الطويل الذي رواه مسلم رحمه الله - تعالى في كتاب الإيمان " باب الإيمان والإسلام والإحسان " عن عمر - رضي الله عنه - مرفوعًا : (... الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ...).

وذلك من كمال الأدب مع الله تعالى -، ولو راعى هذا الأدب كل فردٍ من أفراد المجتمع، لحسنت أخلاقَهم، وعظم شأنهم، وارتفع قدرهم، وعلت مكانتهم عند الله - تبارك وتعالى – وبين الأمم، وعاشوا في مجتمع آمن مطمئنٍ خالٍ من الفواحش والمعاصي.

12. أن يحافظ العبد على الأذكار والعبادات في أوقاتها، ويوصِدَ بقوة منافذ التزيين والتسويف والوسوسة والاستدراج أمام الشيطان ومكايده : فقد أظهر العداوة لأبينا آدم وذريته قبل أن تُنفخ فيه الروح، فـ {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ۞ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [سورة الأعراف 16 - 17].

وأقسم أن يصدهم عن طريق الإستقامة، وأن يأتيهم من كل جهةٍ ليصدهم عن السبيل، إلا جهة واحدَةً لم يذكرها، (من فوقهم) لأنه لن يقدر عليها ولن يستطيعها، جهة : "العليّ الأعلى " الله - جلَّ في عُلاه -".

فإن جاء الشيطان للعبدِ مُوَسْوِسًا أو مُشكِّكًا أو مُلبّسا، " فليستعذ بالله - تعالى - ولينته " كما علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه (البخاري ومسلم) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : (يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق ربك ؟ فإذا بلغه ، فليستعذ بالله ولينته).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) (صحيح) انظر : (صحيح الجامع 2961).‌

فمن الأدب مع الله - سبحانه - أن لا نغفل عن ذكره - جلَّ شأنه - فالله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين.

13. ومن الأدب مع الرب - تبارك وتعالى - إكرام أولي الفضل ومنهم : ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن، وإكرام ذي السلطان المقسط : وذلك لحسن عبوديتهم لله – جل في علاه – وحسن اتباعهم لكتاب الله - سبحانه - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وتحكيمهم لشرع الله – تبارك وتعالى -، وبما امتن الله – تعالى – عليهم من رجاحة عقل وهدوء نفس وراحة بال، وبما انتفعوا من علوم وخبرات ونفعوا بها، فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط) (حسن) رواه أبو داود. انظر : [صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 رقم 98].

14. ومن الأدب مع الرب - تبارك وتعالى -، صيانة النفس من أن – يدنسها صاحبها بخلقٍ سيئٍ أو نقيصة أو أن يفسدها بالذنوب والمعاصي، أو أن يُغضب الرب - سبحانه وتعالى - بأن يخرج عن طاعته بقول، أو فعل، أو شبهة، أو شهوة، تؤدي به إلى فسقٍ أو شرك، أو كفر، أو بدعة أو معصية.

قال الله - تعالى - : {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ۞ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [سورة آل عمران 4].
وقال الله – تعالى - : {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ۞ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ۞ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ ۞ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ ۞ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [سورة الأحزاب 64 ــ 68].

وهذا هو ديدن أئمة الضلال تزيين الباطل ليحملوا أوزارهم وأوزارا مع أوزارهم، ثم الحسرة والندامة حين لا تنفع الندامة.

15. ومن الأدب مع الله - تعالى - حمد الله وشكره - سبحانه - على عظيم نعمه وآلائه، والثناء عليه، والإستعانة بهذه النعم على مرضاة الله - تعالى -، لا على معصيته : ورحم الله الإمام الشافعي فقد قال :

إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بشكر الإله *** فإن الإلـــه سريع النقــــم.

وقال الله - تعالى ــ : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ۞ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۞ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [سورة إبراهيم 32 ــ 34] .

وقال الله – تعالى - : {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ۞ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [سورة البقرة 151 ــ 152[.

إن من فضل الله ورحمته بعباده أنه يحفظ عليهم النعم إن داوموا على شكرها، وردوا الفضل لصاحب الفضل : الله – تبارك وتعالى -.
قال الله – تعالى - : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}] سورة إبراهيم 7].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-18-2015, 12:48 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

الأدب مع الله - تعالى - :

16. أن لا ننسى ذكر المنعم " الله تبارك وتعالى " عند وجود النعم، وأن لا ننسبها لغيره من مخلوقاته بلا استثناء :
قال - تعالى - : {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [سورة النحل 53].
بل يجب أن ننسب الفضل إلى صاحب الفضل أولاً "الله - سبحانه وتعالى -"، ثم إلى من أجرى الله الفضل على يديه، فلا يقال : "لولا فلان ما حصل كذا وكذا" و "لولا الطبيب فلان ما شفي فلان". فترسل له بطاقات الشكر والثناء، ولا يذكر المنعم بالشفاء ولا يُشكر.
قال الله - تعالى - : {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ۞ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ۞ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ۞ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ۞ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ۞ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ۞ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ۞ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [سورة الشعراء 75 ــ 82 ].

وعن الطفيل بن سخبرة ــ أخي عائشة أم المؤمنين لأمها ــ قال رأيت فيما يرى النائم كأني أتيت على نفر من اليهود فقلت من أنتم ؟ قالوا: نحن اليهود. قلت : إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون : عزير بن الله. قالوا : وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، قال ثم مررت بنفر من النصارى، فقلت من أنتم ؟ قالوا : نحن النصارى، قلت : إنكم لأنتم القوم ، لولا أنكم تقولون : المسيح بن الله. قالوا : وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من اخبرت، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال : (هل أخبرتَ بها أحدا ؟. فقلت : نعم. فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : (أما بعد فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا : ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا : ما شاء الله وحده) رواه الإمام أحمد في مسنده (5/ 72)، و (البخاري في التاريخ الكبير 2/ 2/ 364 ــ 365) في ترجمة الطفيل.

إن الأمر كله بيد الله، لا ند له، ولا شريك، ولا شبيه، ولا نظير، لا في الخلق، ولا في الرزق، ولا في التدبير، قال الله - تعالى - : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سورة التكوير 29].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (قال سليمان بن داود : لأطوفنّ الليلة على مائة امرأةٍ كلهن يأتي بفارسٍ مجاهدٍ في سبيل الله، فقال له صاحبه : قل إن شاء الله، فلم يقل : إن شاء الله، فطاف عليهن، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشقِّ إنسان، والذي نفس محمدٍ بيده لو قال : إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركًا لحاجته) (متفق عليه).

كذلك إستثناء الله - تعالى - عند قول : "ما لنا إلا فلان"، و "لا يعلم كذا إلا فلان"، و "لم يسمع إلا فلان".

فينبغي الاّ ننسى أن لا حول ولا قوة لنا إلا بالله، فنقول : "ما لنا إلا الله ثم فلان"، و لا ننسى ذكر الله السميع العليم، فنقول : "لا يعلم في كذا إلا الله ثم فلان"، و "لم يسمع بكذا إلا الله ثم فلان"، وما إلى ذلك. ولنتذكَّر قوْل الله - تعالى - : {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [سورة النمل 65].

17. الصبر على أقدار الله - سبحانه وتعالى -، والثبات على الحق والدين، وذلك في مجاهدة النفس، ومخالفة الهوى، وخطرات الشهوات، وخطوات الشياطين : إذ أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
قال الله - تعالى - : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۞ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۞ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [سورة البقرة 155 ــ 157].

إن المؤمن إذا نزل به مكروه صبر، وحمد الله وشكر، فكان حمده وشكره كظمًا للغيظ، وسترًا للشكوى، ورعاية للأدب، وسلوكًا لمسلك العلماء، بشكر الله - تعالى - في السراء والضراء، والرضا بالقضاء، ولن يقدر على ذلك إلا المؤمن بفضل الله – سبحانه -.
فعن سعد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (عجبت للمسلم إذا أصابته مصيبة احتسب وصبر، وإذا أصابه خير حمد الله وشكر، إن المسلم يؤجر في كل شيئ حتى اللقمة يرفعها إلى فيه) [السلسلة الصحيحة 141].

وفي رواية عن صهيب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لآحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، وكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له) [مختصر مسلم 2092].

ومن الأدب مع الله – تبارك وتعالى – أن يبقى المؤمن دائما على حذر مما قد يزلُّ به اللسان. وما يصدر عن الجوارح والجنان، فلا ينبغي أن يذل إلا لله - عزّ وجل - وأن لا يشكوه لمن سواه : فعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتباؤس) [السلسلة الصحيحة 1320].

18. حسن الظن بالله في إنجاز وعده، وإنفاذ وعيده، وعدم اليأس والقنوط من رحمته : إذ أنه ليس من الأدب أن يسئ العبد الظن بخالقه ورازقه، وسيده ومولاه، فيقنط من رحمة الله، أو يعصيه ويخرج عن طاعته، وكأنه غير مؤاخذ على ذنبه، أو يظن أن الله - تعالى - غير مطلع عليه يسمعه ويراه.

قال - تعالى - :{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُون ۞ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۞ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ۞ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ۞ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ۞ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} [سورة فصلت 19 ــ 24].

بل يجب على العبد أن يتقلب ما بين الخوف والرجاء، وذلك بصدق الإنابة إليه - سبحانه -، والتوكل عليه، واليقين والتصدبق بوعده ووعيده، فعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يموتنّ أحد منكم، إلا وهو يحسن الظن بالله – تعالى -) [مختصر مسلم 455].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله - تعالى - : (أنا عند ظن عبدي بي، إن ظنّ خيرًا فله، وإن ظنّ شرا فله) [صحيح الجامع 4315].

اللهم إنك قلت وقولك الحق : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة النحل 97]، اللهم إنا آمنا بك واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.

مِن محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله - تعالى -.

وكتبته : أم عبـد الله نجلاء الصالـح
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:11 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.