ااسلفية والسلفيون (مقال يتحدث عن الحملة الجائرة على السلفية في اليمن).

[أبومالك المقطري]

السلفية والسلفيون ؟
يتكلم الكثير عن السلفية والسلفيين بسوء وجهل ، وظلم وغلو .
وهذه النتيجة نتاج الفهم الخاطئ للسلفية الذي تلقفوه من هنا وهناك حين سمعوا عنها ولم يسمعوا منها ، سلقوها بألسنة حداد ، و كلمات شداد
ولو سألت أحدهم مامعنى السلفية ،وماهي السلفية ؟
لن يجيب ببنت شفه ! لأن السلفية عنده هي الشيخ الفلاني ،والداعية الفلاني ،والمركز الفلاني ، والمؤسسة الفلانية فحسب !.
يظن أن السلفية هي وليدة العصر ، وبذرة اللحظة !.
ولحل الإشكال ، والإجابة على السؤال أقول :
السلفية تعني : التمسك بالكتاب والسنة ، والسير على خطاهما ، والامتثال لأوامرهما ، وهذا يؤمن به كل مسلم ومسلمة ،وهو أمر مشترك بين سائر المسلمين .
وأما الحد الفاصل بين السلفية وغيرها من الفرق والجماعات هو فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهم : الصحابة ،والتابعون ،وتابعوا التابعين .
ولهذا سميت السلفية سلفية لفهمها الكتاب والسنة بفهم السلف المذكورين ، والمجمع على فضلهم عند جميع المسلمين ـ رضي الله عنهم ـ .
فليست السلفية فهم الشيخ الفلاني ،أو العالم الفلاني المعاصر الذي تخوض معركة معه ،أو التيار السلفي المعين المجاور لك والمنافس لجماعتك ، السلفية امتداد للسلف ، السلفية منهج ممتد من القرون الأولى وإلى اليوم ، ياليت قومي يعلمون .
وهذا التعريف يحل كثيرا من الإشكالات عند العقلاء والمنصفين أما المتعصب فلا سبيل إليه (فذرهم وما يفترون) .
- السلفية والسلفيون وإشكالية الخبط .
بسبب عدم التفريق بين السلفية كمنهج ،والسلفيين كأشخاص - جهلا أو عمدا - شحذ بعضهم سكينه ، وحد سيفه طعنا وقدحا في السلفية ! .
والأمر أهون من هذا ، وفي غاية السهولة لو أنهم يعقلون .
فليس كل من انتسب للسلفية ، ورفع رايتها يكون سلفيا ،أو ممثلا لها ،وناطقا باسمها .
فهناك من ادعى السلفية ومنهجه يصرخ بالتكفير ، واستحلال دماء المسلمين ، والحكم بالردة على عموم المسلمين .
وآخرون غلو في نقد مخالفيهم ،وتجاوزوا خطوط السلف في الجرح والتعديل ، وأنزلوا كلام آحاد السلف وأفرادهم منزلة إجماعهم ، وجعلوا من المسائل الاجتهادية قطعية !.
وآخرون وقفوا على النقيض من الطائفتين السابقتين ، وجعلوا السلفية ثوبا فضفاضا ،ووكالة دون بواب ، ومنهجا سبهللا ، غير مكترثين لأصوله ومبالين بقواعده !.
وعلى هذا المنوال سار الكثير من المدعين للسلفية ،وكلهم :
يدعي وصلا لليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاك .
والحق أنه يجب إرجاع المدعين لأصول السلفية ، والحكم عليهم من خلال أركانها ،فمن وفى وكفى فهو السلفي ، ومن كانت مجرد دعوى فمن الظلم نسبته للسلفية ، واتخاذ السلفية غرضا وتشويهها من خلاله ،وبسببه .
وليست الدعوة السلفية يتيمة في هذا الباب ، ولا وحيدة من بين الجماعات
فإنها سنة جارية ، وطريقة سارية .
فإذا نظرنا لتاريخ جماعة الإخوان مثلاً :
لرأينا الكثير والكثير من التغيرات ، والخلافات الداخلية .
فقد ألف الهضيبي المرشد العام للجماعة كتاب ( قضاة لا دعاة) ليرد على بذرة تكفيرية ، وحركة غالية في صف الإخوان آنذاك .
وذكر الدكتور القرضاوي أن كثيرا من شباب الحركة تأثر بالفكر التكفيري وكانت مرجعيته في ذلك كتب الأستاذ سيد قطب - رحمه الله تعالى- ، بل أبو مصعب السوري أبرز منظري القاعدة يعلن جهاراً أن مستندهم كتب سيد قطب ، وهذا يحتاج إلى تأمل ودراسة من الحركة نفسها قبل غيرها ، والنظر في صحته من عدمه .
وفي الطرف الآخر في الجماعة فقد ظهر في صفوف الجماعة من تأثر بالأفكار العلمانية ، وتبنى الفكر العلماني صراحة وعلنا ، وظهر تيار آخر يطعن في الثوابت ، ويقدح في السنة ويشن حملة على البخاري والصحاح ، ويقدم تنازلات كبيرة للغرب ومنظماته ،وهذا لا يخفى بعيدا عن المسميات .
وهكذا سائر الجماعات ، والفرق ، والأحزاب .
ولعل الفرق بين السلفيين و غيرهم :
أن السلفيين لا يقبلون الأفكار الوافدة على منهجيتهم ، ويشهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل جماعتهم لحد التجاوز عند البعض .
بينما غيرهم يرى الانحراف ،والتنكب عن الطريق في صفه بصمت ، و(دعممه) ،وكان بالإمكان قطع الجذور ، وإذابة جذوة الباطل من هؤلاء.
ولا أنسى الفارق بين أخطاء وأخطاء ، وانحراف هنا في دائرة واحدة ، وانحراف هناك خارج الدائرة .
فالانحراف الموجود في داخل السلفيين أساسه صراع للحفاظ على السلفية ومنهجها ، والإسلام وأصوله ـ على تشعيبات عند البعض ، وتجاوزات كما تقدم ـ.
والانحراف عند بعض من ينتمي للجماعات الأخرى انحراف عن أصول الإسلام، وثوابته وهذا مايشهد به علماء ومشايخ الجماعة قبل غيرهم
وما المعارك الدائرة بين تيار الشيخ الزنداني من جهة ، وتيار الليبراليين في داخل الجماعة من جهة عنا ببعيد .
وعلى كل فالسلفيون ليسوا سواء ، كما أن الإخوان ليسوا سواء.
وعلينا محاكمة الشخص للأصول والقواعد التي يزعمها ،لا أن نحاكم المنهج والجماعة كلها لشخص أو أشخاص: ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، والله حكم عدل حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده.
وأختم فأقول :
يصر بعضهم على إظهار القبيح ، ودفن الحسن !!!.
ففي الوقت الذي تبرأ السلفيون بجميع فصائلهم دون استثناء من هاني بن بريك إلا أن القوم يصرون على إلصاقه بالسلفية في كل مناسبة ،هذا وقد تبرأ ابن بريك نفسه من السلفية ،ويصر بعضهم على إلحاق لقب الشيخ السلفي بمن لفظته السلفية!!! ،ويتعمد إبراز نماذج سيئة أصبحت لا تبت للسلفية بصلة!!! .
بينما ينسى ويتناسى ، ويهمل عمدا عن مكر وخبث عشرات النماذج السلفية فعلى سبيل المثال : مهران القباطي ، عدنان رزيق ، عمار الجندبي فهؤلاء وغيرهم سلفيون ومن أبناء المدارس السلفية يتم تجاهلهم ، وتجاهل منهجيتهم ،وخلفيتهم السلفية !.
ولا غرابة فهذه طريقة الحاسدين ، ومنهجية العشوائيين والفوضويين ،وهي سمة بارزة في التحزب والحزبية .
وهي فرصة ليخرج المرضى المرض الذي عندهم على السلفية . {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} .
وأصبح الهجوم على السلفية مادة دسمة لهم للعنترة ،والتشويه ،والشهرة ،والارتزاق فصعب أن يفهموا ، أو يحاولون فهماً .
فيا أخي : أعرف السلفية تعرف أهلها .
السلفية : كتاب وسنة وفهم سلف الأمة (الصحابة والتابعون ، وتابعوا التابعين ) ، وجميع المسلمين هم سلفيون إلا من أبى أصولها ، ورفض أركانها .
وقبل السلام :
أدرك أن كثيراً من القراء لن يعجبه ما كتبت ، وهذا أمر طبيعي ، وظاهرة بشرية جبلية ، تختلف الأفهام والتوجهات ، والاتجاهات
ويبقى قول الحق الذي يعتقده المسلم ، وإبراز المرء لقناعته ، وإرضاء الخالق هو الغاية التي يجب أن نسلكها جميعاً
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب.
وكتبه / أبومالك عدنان بن عبده بن أحمد المقطري .
28/ رمضان/ 1441هـ .