أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
88179 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر القرآن والسنة - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 03-28-2014, 02:06 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي [ 5 ] شبهات حول المهدي.

[5 ]

شبهات حول المهدي

ومن بعض الناس :
أن عقيدة المهدي قد استغلها بعض الدجالين، فادعوا المهدوية لأنفسهم وشقوا بسبب ذلك صفوف المسلمين وفرقوا بينهم، ويضربون على ذلك الأمثلة الكثيرة آخرها غلام أحمد القادياني دجال الهند ، ونحن نقول إن هذه الشبهة من أضعف الشبهات.

وفي رأيي أن حكايتها تغني عن ردها ، إذ أن من المسلم به أن كثيراً من الأمور الحقة يستغلها من ليس أهلاً لها ، فالعلم مثلاً يدعيه بعض الأدعياء وهو في الواقع مم الجهلاء ، فهل يليق بعاقل أن ينكر العلم بسبب هذا الاستغلال ؟!.
بل إن بعض الناس فيما مضى ادّعى الألوهية، فهل طريقة الردّ عليه وبيان كذبه يكون بإنكار الألوهية الحقة ؟!.

ومثال آخر : يفهم بعض المسلمين اليوم من عقيدة " القضاء والقدر " الجبر وأن الإنسان الذي قدر عليه الشر مجبر على ارتكابه ، وأنه لا اختيار له فيه ، وقع في هذا الفهم الخاطيء غير قليل من أهل العلم ، ونحن مع جماهير العلماء الذين لا يشكون في صحة عقيدة القضاء والقدر وأنها لا تستلزم الجبر مطلقاً ، فإذا أردنا أن نصحح ذلك الفهم الخاطيء الملصق بهذه العقيدة الحقة، أفيكون طريق ذلك بإنكارها مطلقاً كما فعل المعتزلة قديماً وبعض أذنابهم حديثاً ؟!.

أم السبيل الحق الاعتراف بها لأنها ثابتة في الشرع ودفع فهم الجبر منها ؟ لا شك أن هذا السبيل هو الصواب الذي لا يخالف فيه مسلم البتة ، فكذلك فلتعالج عقيدة المهدي، فنؤمن بها كما جاءت في الأحاديث الصحيحة ، ونبعد عنها ما ألصق بها بسبب أحاديث ضعيفة واهية خبيثة ، وبذلك نكون قد جمعنا بين إثبات ما ورد به الشرع والإذعان لما يعترف به العقل السليم.

وخلاصة القول : إن عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه -صلى الله عليه وسلم- يجب الإيمان بها لأنها من أمور الغيب ، والإيمان بها من صفات المتقين كما قال تعالى : {الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب}.

وإن إنكارها لا يصدر إلا من جاهل أو مكابر. أسأل الله تعالى أن يتوفانا على الإيمان بها وبكل ما صح في الكتاب والسنة.

الرابع : عن أم سلمة ، وقد ذكرت لفظه وتخريجه عند الكلام على الحديث الثمانين من المقال العاشر من " الأحاديث الضعيفة " .


أبو عبد الرحمن
محمد ناصر الدين الألباني
المصدر : مجلة التمدن الإسلامي (22 / 642 - 646).


__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-28-2014, 02:24 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي معنى : " يصلحه الله في ليلة "

معنى : " يصلحه الله في ليلة "

سُئل الإمام الألباني -رحمهُ اللهُ-:

ما معنى قولِه -في الحديثِ نفسِه -: «يُصلحُه اللهُ في ليلةٍ»؟.

الشَّيخ: أي: يكونُ متهيِّئًا من النَّاحية النَّفسيَّة؛ هذه ممكن.
كثيرٌ مِن النَّاس لما يَرونَ الفسادَ قد عمَّ وطمَّ؛ ينطوي على نفسِه؛ فاللهُ -عزَّ وجلَّ- يُصلِحُه في ليلةٍ واحدةٍ؛ يعني: أشبه ما يكونُ -بلا تشبيهٍ-: الرَّسول -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- كان يعتزلُ الكُفَّارَ في الجاهليَّةِ، ويعتزلُ بينه وبين ربِّه في الغارِ، حتَّى نزل جبريلُ -عليهِ السَّلامُ- وقال: {اقْرَأْ} [العلق: 1] إلخ القصَّة.

وجاء له الوحيُ مباشرةً، وأخذ بعد ذلك بالاتِّصال مع النَّاس، وأخذ يدعوهُم إلى عِبادةِ الله -تبارك وتَعالى-.

ولا شكَّ أنَّ أيَّ إنسانٍ مُصلحٍ لا يُمكنُ إلا أن يتشبَّه بالرَّسولِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فيُمكنُ حينما تشتدُّ ظُلمةُ المجتمعِ أن ينطويَ هذا الإنسانُ بِخُلُقه...إلخ كما يُفكرُ بعضُ النَّاس اليوم، وإن كان لم يبلغْ تلك المنزلةَ، فيصلحهُ اللهُ لأنْ يكونَ قائدًا للأمَّة في ليلةٍ واحدةٍ.
ليس معنى ذلك أن يكونَ فاسقًا، ثم يُصبِح صالحًا.
وليس معنى ذلك أن يكونَ جاهِلًا فيصبح عالِمًا ما بين عَشيَّةً وضُحاها، لا؛ وإنَّما يُصلحُه لِقيادةِ الأمَّة.

[ينظر: «سؤالات الحلبي لشيخهِ الإمامِ الألباني» (1/ 156)].
_________

(1) السَّائل هو تلميذهُ الشَّيخ علي الحلبي -حفظهُ الله-.
(2) يعني: قوله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «المهدي مِنَّا أهل البيت، يُصلحُه اللهُ في ليلةٍ» خرَّجه الإمام الألباني في «السِّلسلة الصَّحيحة» (2371) عن عليٍّ -رضيَ اللهُ عنه-.


__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 03-28-2014, 03:51 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي [ 6 ] عودة إلى السنة.

[ 6 ]

عودة إلى السنة

لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله - تعالى -.(1)


كتب الأستاذ الفاضل صديقنا الشيخ علي الطنطاوي مقالاً مسهباًً تحت عنوان :

” مشكلة ” نشره في عدد جمادى الأولى سنة 1375 من مجلة المسلمون.

بدأ فيه فوصف أفراداً من المسلمين جعلهم أمثلة للذين يدعون الإسلام منهم ولا يعملون به ، ثم تعرض لنقد طوائف نعتهم بـ ” الدعاة إلى الله ، الذين نرجوا بهم نصرة الإسلام ، وإعادة أهله إليه “.

فبدأ بنقد ” من يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عندما أفتى به متأخرو فقهائه ” ثم ثنى بالرد على ” من يدعو إلى العودة إلى السنة ” وأفاض هنا ما لم يفض في رده على غيرهم !.

ثم ختم الشيخ مقاله بما خلاصته : ” وهؤلاء الدعاة مختلفون أبداً ، آخذ بعضهم بخناق بعض ، يتناظرون أبداً ويتجادلون ، يتقاذفون الردود ، لا في مصر والشام والعراق وحدها ، بل في بلاد الإسلام جميعاً . . . والإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- واحد ، له مفهوم واحد ، فعلام هذا الاختلاف ؟ . . . “.

” وأنا لا أقول بتوحيد الأفهام ومنع الاختلاف ، فما أظن أن هذا يكون ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) ، ولكن الذي أقوله هو وجوب الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الاسلام ، والصورة التي نعرضها له على التلاميذ في المدارس ، والعامة في المساجد ، والأجانب في بلاد الغرب لنقول لهم هذا هو أساس الإسلام ، وهذه أركانه ، وهذا طريق الدخول فيه ، لا نفاجيء واحداً من هؤلاء بالخلاف في فهم مشكلات الآيات ، ولا الاجتهاد والتقليد ، ولا نبدؤهم بمستحدثات المتصوفة وقوانين الطرق ، ولا نحملهم على الآراء الفردية التي لا يقرها الجميع “.

” فما هو الأسلوب ( العملي ) الممكن للوصول إلى هذه الغاية ؟ هل يكون ذلك بمؤتمر لعلماء المسلمين ، أم يتولاه معهد من المعاهد العلمية، أو يقوم به واحد من المسلمين ؟ ما هو الأسلوب ؟ “.

وللجواب عن سؤال الأستاذ نسوق هذا المقال فنقول :

1. لا اتفاق على الأسلوب قبل الاتفاق على الهدف : (الإسلام).

إن الذي يقرأ مقال الشيخ بتدبر وإمعان ، يظهر له أن فيه فجوة تركها الشيخ دون أن يملأها ببيانه ، ذلك أنه بعد أن عرض ” المشكلة ” عرضاً بيناً قفز إلى الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام ، والمنطق يشهد أنه كان من الواجب بعد عرض المشكلة التحدث عن طريقة حلها أو على الأقل دعوة العلماء إلى حلها ، ثم بعد ذلك يأتي دور الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام ، لأنه من البدهي أنه مادام الدعاة إلى الإسلام مختلفين في فهم الإسلام ذلك الاختلاف الذي وصفه الشيخ وهو في الواقع أكثر مما وصف ! فإنه من غير الممكن أن يتفق هؤلاء على الأسلوب العملي ، كيف وهم لم يتفقوا على فهم الهدف ( الإسلام ) ؟.

ولو فرضنا أنهم اتفقوا على أسلوب ما ، فلن يؤدي بهم إلى الدعوة إلى ” إسلام واحد له مفهوم واحد ” ، بل سيدعو كل منهم إلى الإسلام الذي فهمه هو ، أو تلقاه عن آبائه ومشايخه ، وبذلك تعود المشكلة كما هي دون أن نستفيد من أسلوب الدعوة شيئاً لو تمكنوا من وضعه !.
إذن لا بد من وضع حل لهذه ” المشكلة ” فما هو ؟ وأين هو ؟.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.

http://www.alalbany.net/4933
___________

(1) مقال لفضيلة لشيخ الألباني نشر في مجلة المسلمون (5/ 172 – 176، و 280 - 285، و 463 -470، و 913 -916).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 03-28-2014, 04:05 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي [ 6 ] عودة إلى السنة - تتمـــّــــة -.

[ 6 ]

عودة إلى السنة.

2. حل المشكلة بالرجوع إلى السنة :


لا شك أن المفروض في الدعاة إلى الله تعالى أن يكونوا من أطوع الناس لله تعالى ، وأسرعهم مبادرة إلى تطبيق أحكامه عز وجل، فإذا كانوا مختلفين في فهم الإسلام فمن الواجب عليهم أن يحتكموا إلى ما أمر الله به، من الرجوع إلى السنة، لأنها هي التي تفسر القران، وتوضحه، وتبين مجمله، وتقيد مطلقه، كما يشير لهذا قوله تعالى : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}.
وقد قال عز وجل : {فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}.

فهذه الآية الكريمة صريحة في أن من كان مؤمناً حقاً رجع عند الاختلاف إلى حكم الله عز وجل في كتابه ، وبيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته، وأن الرجوع إليهما يرفع الخلاف، فوجب بنص هذه الآية على الدعاة أن يرجعوا إلى السنة الكريمة ليرفعوا الخلاف بينهم.

ومما لا شك فيه أن الرجوع إلى السنة يقتضي العلم بها والمعرفة بما صح منها وما لم يصح ، والدعاة في هذا العصير بين إحدى حالتين:

1. إما أن يكونوا قادرين على الرجوع إليها ، وحينئذ فالطريق سهل بين ليس عليهم إلا سلوكه ، وهم في الغالب لم يفكروا في سلوكه بعد !.

وهنا يقال : كيف يدعو إلى الإسلام من لا يُحَكّمِ الإسلام في نفسه ؟.

2. وإما أن يكونوا عاجزين عن الرجوع إليها بسبب جهلهم بها ، كما هو الغالب مع الأسف على أكثر الدعاة، ففي هذه الحالة عليهم أن يعدوا العدة لتخريج جماعة ، بل جماعات من العلماء ، يتدارسون كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويتفقهون فيهما ، ويصدرون الفتاوى معتمدين عليهما ، كما كان عليه الأمر في عهد السلف الصالح (2) فإذا تحقق هذا – وهو واقع إن شاء الله تعالى ولو بعد حين – نكون قد سلكنا النهج المستقيم للقضاء على الخلاف في فهم الإسلام على الصورة التي عرضها الشيخ الطنطاوي -حفظه الله تعالى- في مقال : ” المشكلة ” وبذلك يمكن حل (المشكلة) التي تقف عقبة في سبيل ” الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الإسلام “.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
_______

(2) قال الشيخ محمد الخضري - رحمه الله- بعد أن تكلم عن التشريع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم في عهد الصحابة، ثم في عهد التابعين ، إلى منتصف القرن الرابع :

” الدور الخامس وهو دور القيام على المذاهب وتأييدها . . .

لا شك أنه كان في كل دور من الأدوار السابقة مجتهدون ومقلدون، فالمجتهدون هم الفقهاء الذين يدرسون الكتاب والسنة، ويكون عندهم من المقدرة ما يستنبطون به الأحكام من ظواهر النصوص أو من منقولها، والمقلدون هم العامة الذين لم يشتغلوا بدراسة الكتاب والسنة دراسة تؤهلهم إلى الاستنباط.

أما في هذا الدور فإن روح التقليد سرت سرياناً عاماً واشترك فيها العلماء وغيرهم من الجمهور ، فبعد أن كان مريد الفقه يشتغل أولأ بدراسة الكتاب ورواية السنة اللذين هما أساس الاستنباط ، صار في هذا الدور يتلقى كتب إمام معين ، ويدرس طريقته التي استنبط بها ما دونه من الأحكام، فإذا أتم ذلك صار من العلماء الفقهاء ”.

فلت : ومما لا شك فيه عند غير المتعصب أن هذه الطريقة السلفية هي وحدها الكفيلة بإخراج العلماء الفقهاء حقيقة، كيف لا، والإمام مالك يقول : " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ".
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 03-28-2014, 05:36 PM
أم تميم أم تميم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 77
افتراضي

بارك الله فيكم على الموضوع الرائع.
في شوق إلى المزيد
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 03-28-2014, 09:57 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم تميم مشاهدة المشاركة
بارك الله[color="indigo"] فيكم على الموضوع الرائع.
في شوق إلى المزيد
زادك الله فضلاً وعلما، وفيكم بارك الله، ابنتي الحبيبــــــة

" أم تميم".

أسعدني مروركم والدعـــــــاء، فجزاكم الله عني خير الجزاء.

أعانني الله وإياكم يا غاليـــــــة، ورحم الله شيخنـــــا العلامــــــة الهمام، فارس السنة ومحدث العصر

محمد ناصر الدين الألباني

رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنان، وجعل عملنا جميعــــًا خالصــــًـا ابتغاء مرضاته

وابتغاء وجهه الكريم.

__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 03-28-2014, 10:46 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي [ 6 ] عودة إلى السنة - تتمـــّــــة -.

[ 6 ]

عودة إلى السنة.

3. هل يَرْضَ الدعاة بهذا الحل ؟.


لكن يبدو للباحث أن كثيراً من الدعاة اليوم لا استعداد عندهم -مع الأسف الشديد- لتقبل الحل المذكور منهجاً للقضاء على الخلاف، مما يحملنا على أن نعتقد أن تحقيق الاتفاق الذي يدعو إليه الشيخ بعيد المنال في الوقت الحاضر، كيف لا.

ونحن نرى حضرته – وهو ممن كنا نظن أنه من أقربهم إلى السنة وأدناهم للتفاهم معه في سبيل الدعوة إليها والعمل بها –، نراه قد حمل في مشكلته هذه على الدعاة إلى السنة حملة شعواء، وهجاهم فيها بما لم يهجُ به القائلين بوحدة الوجود !.

وهذا في الواقع من غرائب الاختلاف ، فبينما يرى دعاة السنة أن ” المشكلة ” لا تحل إلا بتبني الدعاة لدعوتهم حقاً ، إذا ببعض هؤلاء الدعاة يجعلهم من الدعائم التي قامت بسببهم ” المشكلة ” !.

هذا ولما كان في رده عليهم كثير من الأخطاء والآراء التي يفهم منها القراء خلاف ما عليه دعاة السنة، رأيت أنه لا بد من بيان ذلك إظهاراً للحق ودفعاً للتهمة.

راجياً من فضيلة الشيخ أن يتقبل ما عسى أن يظهر له صوابه، وأن يدلنا على ما تبين له خطؤه، سائلاً المولى -سبحانه وتعالى- أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، موافقة لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.


يُتبع إن شاء الله -تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 03-28-2014, 10:50 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي [ 6 ] عودة إلى السنة - تتمـــّــــة -.

[ 6 ]

عودة إلى السنة.

4 - نص كلام الأستاذ الطنطاوي :


” وآخر يرى الإسلام في ترك المذاهب كلها، والعودة إلى السنة، فكل من استطاع أن يقرأ البخاري ومسلم ومجمع الزوائد، وأن يفتش عن اسم الراوي في التقريب أو التهذيب، وجب عليه الاجتهاد، وحرم عليه التقليد.
ويسمون هذا الفقه العجيب الذي يشبه فقه برد (3) (والد بشار) بفقه السنة، لا يدرون أن الوقوف على الأحاديث ومعرفة إسنادها ودرجاتها شيء، واستنباط الأحكام منها شيء آخر، وأن المحدثين كالصيادلة، والفقهاء كالأطباء، والصيدلي يحفظ من أسماء الأدوية ويعرف من أصنافها ما لا يعرفه الطبيب، ولكنه لا يستطيع أن ( يشخص ) الأمراض ويشفي المرضى.
وأن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مئة ممن يفتي، وأن مئة الألف من المسلمين الذين توفي عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا يرجعون إلى هذه المئة، ولا يجتهدون لأنفسهم، وأنه إن لم يطلع الإمام من الأئمة على الحديث من الأحاديث، فإن أتباع مذهبه قد اطلعوا عليه خلال هذه القرون الطويلة، وأنهم كانوا اتقى لله وأحرص على دينهم من أن يخالفوا حديثاً صحيحاً لقول إمام أو غير إمام.
وأن المذاهب لم تأخذ الأحاديث وحدها، بل أخذت الحديث وما قال فيه الصحابي، والتابعي ، ومن بعده، وسجلت هذه الشروح والأفهام المتعاقبة ثم استخلصت منها الحكم، وأن من يترك اجتهادات الأئمة كمن يرى الطيارة وما بلغت إليه بعد الجهود المتتالية والرقي المتسلسل، فيتركها ويعرض عنها، ويحاول الطيران بأجنحة ليركبها لنفسه كما فعل العباس بن فرناس، وإن دعوى منع التقليد في الدين دعوى باطلة، لأن في كل علم أهل اختصاص فيه، وغرباء عنه.
فإذا احتاج الغريب إلى معرفة حكم فيه رجع إلى أهله، كالعامي يحتاج إلى مداواة مريضه، أو عمارة بيته، أو إصلاح ساعته، فلا يستطيع إلا الرجوع إلى الطبيب أو المهندس أو الساعاتي، وتقليده فيما يذهب به إليه اجتهاده ” اهـ.

________

(3) كان بشار - بن برد - يهجو الناس وهو صبي فيشكونه إلى أبيه فيضربه، فلما طال ذلك عليه قال لأبيه : قل لهم إن ابني هذا أعمى، والله يقول (ليس على الأعمى حرج) فقالوا : فِقْهُ بُرْدٍ أشَدُّ علينا من شعر بشار. ” طنطاوي “.


يُتبع إن شاء الله -تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 03-28-2014, 11:12 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي [ 6 ] عودة إلى السنة - تتمـــّــــة -.

[ 6 ]

عودة إلى السنة.

5. لماذا يدعو دعاة السنة للعودة إلى السنة :


وإني قبل الشروع في بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من الأخطاء ، أرى لزاماً علي أن أبين الأسباب التي تحمل دعاة السنة على الدعوة إليها ، وترك كل قول يخالفها فأقول :

أولاً : إنها المرجع الوحيد بعد القرآن الكريم ، وفي ذلك آيات كثيرة معروفة وعلى ذلك إجماع الأمة.

ثانياً : إنها عصمة من الوقوع في الخطأ وأمان من التردي في الضلال كما قال -صلى الله عليه وسلم- في حجة الودع : ” يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه ” (4)، وليس كذلك اجتهادات الرجال وآراؤهم .
ولذلك قال الإمام مالك -رضي الله عنه- : ” إنما أنا بشر أخطيء وأصيب ، فانظروا في رأي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ” (5) .
وقال شريح القاضي : ” إن السنة سبقت قياسكم ، فاتبعوا ولا تبتدعوا ، فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر “(6).

ثالثأ : إنها حجة ملزمة باتفاق المسلمين ، بخلاف آراء الرجال فإنها غير ملزمة عند السلف(7) وغيرهم من المحققين.
قال الإمام أحمد -رضي الله عنه – : ” رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة كله رأي ، وهو عندي سواء ، وانما الحجة في الآثار (8).

رابعاً : إنه لا يمكن لطالب العلم أن يصير فقيهاً حقاً إلا بدراستها ، فهي وحدها بعد القرآن الكريم تؤهله لأن يستنبط ويقيس قياساً صحيحاً إذا أعوزه النص ، فلا يقع مثلاً في مثل الأخطاء التي يقع فيها الجهال بها ، كقياس الفرع على الفرع، أو الضد على الضد، أو القياس مع وجود النص.

ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله- (9) : ” إن أصح الناس قياساً أهل الحديث، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب كان قياسه أصح، وكلما كان عن الحديث أبعد كان قياسه أفسد “.


يُتبع إن شاء الله -تعالى -.
________

(4) رواه الحاكم في المستدرك (93)، وابن عبد البر في “جامع العلم” (2/24).
(5) ابن عبد البر” (2 – 32).
(6) ابن عبد البر” (2 – 34، 35).
(7)إعلام الموقعين” (1 – 75، 77).
(8) ابن عبد البر” (2 – 149).
(9) إعلام الموقعين” (2 – 410).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 03-29-2014, 01:27 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي [ 6 ] عودة إلى السنة - تتمـــّــــة -.

[ 6 ]

عودة إلى السنة

خامساً :
إنه لا يمكن القضاء على ما دخل في المسلمين من البدع والأهواء إلا من طريق السنة، كما أنها سد منيع للوقوف في وجه المذاهب الهدامة، والآراء الغربية التي يزينها أصحابها للمسلمين، فيتبناها بعض دعاتهم ممن يدعي التجديد والإصلاح ونحو ذلك !.

سادساً : إن المسلمين اليوم قد شعروا -على اختلاف مذاهبهم وفرقهم- أن لا مناص لهم من الاتحاد ونبذ الخلاف حتى يستطيعوا الوقوف صفاً واحداً تجاه أعدائهم ، وهذا لا يمكن إلا بالرجوع إلى السنة لما سبق ذكره في الأسباب ( 1، 2، 3).

سابعاً : إنها تقرن مع ما تحمله من أحكام مرغبات في تنفيذها، ومرهبات عن التساهل بها، وذلك أسلوب النبوة، وروح الشرع، مما يجعل أصحابها أرغب في القيام باحكامها من الذين يأخذونها من كتب الفقه العارية عن الدليل، وهذا أمر مشهود ما أظن أن أحداً حتى من المتعصبين للمذاهب ينكره.

ثامناً : إن المتمسك بها يكون على مثل اليقين في الأحكام التي يأخذها منها، بخلاف المقلدين الجهال بها، فإنهم يضلون بين الأقوال الكثيرة المتضاربة التي يجدونها في كتبهم، ولا يعرفون خطأها من صوابها.

ولذلك قد يفتي أحدهم في مسألة بقولين متعارضين، فيقول مثلاً : يجوز ذلك عند أبي حنيفة، ولا يجوز عند صاحبيه، مع أن السنة الصحيحة الصريحة مع أحد القولين، ولكنه لجهله بها يحكي القول المعارض لها، بدون إنكار منه له، ولو بطريق الإشارة، فيلقي بذلك المستفتي في الحيرة !.

بل إن بعضهم يجعل القولين المتناقضين كشريعتين محكمتين يجوز للمسلم أن يأخذ بأيهما شاء ! بل إن بعض الشافعية أجاز لنفسه أن يفتي بالقول الذي يعطى عليه أجراً أكبر !.

تاسعاً: إن السنة تسد الطريق على الذين يريدون أن يتحللوا من الإسلام باسم المذاهب الفقهية نفسها ، ويتخذون من التلفيق باسم المصلحة ما يؤيد حجتهم ! ولا يعجزون أن يجدوا في ثنايا المذاهب في كل مسألة من الممسائل ما يوافق ويؤيد ” مصلحتهم ” المخالفة للسنة (10)، وهم لذلك يحاربون الرجوع إلى السنة ، لأنها تسد الطريق عليهم كما قلنا، وتكشف تسترهم وراء المذاهب و ” سعة الشريعة الإسلامية بسعة الأقوال الكثيرة، والاجتهادات الغزيرة والثروة الفقهية الطائلة التي قًلَّ أن تخرج مسألة عنها ” ؟!. والله أعلم بما يوعون.

فهذه بعض الأسباب التي تحضرني الآن مما يحمل أنصار السنة على الدعوة إليها، وإيثارها على خلافها، فكيف لا يدعون الناس إليها ويرغبونهم في الاهتداء بهديها، والاستنارة بنورها ؟ بل كيف لا يَفْدونَ أرواحهم في سبيلها ؟.

فالعجب ممن يريد أن يصدهم عنها، ويحملهم على تركها إلى التمسك بالمذهب ، مع أن إمامه يأمر بالرجوع لها ، وتسليم القياد لها، هيهات هيهات !.

_________

(10) ولهذا قال سليمان التميمي ( من ثقات اتباع التابعين ومفتيهم ) : (إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ) رواه ابن عبد البر في “جامع بيان العلم” ( 2 / 91 ، 92 ) ثم قال هذا : ( هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً).


يُتبع إن شاء الله -تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:30 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.