أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
17518 139530

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-23-2020, 09:04 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
Lightbulb آفة الغلو من النشأة إلى الظهور/ حمد أبو زيد العتيبي


آفة الغلو
من النشأة إلى الظهور


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن ظاهرة (الغلو) الدخيلة على حملة الدعوة الحقة نشأت متدرجة من أخطاء صغيرة عند بعض حملتها عند معالجة بعض الوقائع المخالفة للشريعة
ثم بدأت تكبر وتتعمق وتتسع دون أن يشعر بها كثير من المصلحين
حتى عمت بها البلوى لتكون ظاهرة مؤثرة تأثيرًا سلبيًا على الدَّعوة
فشتت الجهود وشغلت عن الواجب المقصود.

ومن هذا المدخل المختصر، نقف على عدد من المسائل المهمة:

أولًا: ليس في نصوص الدعوة الحقة (الكتاب وصحيح السنة)
ما يحمل على الغلو أو يدعو إليه أو يُتَذَرَّع من خلاله إليه؛
لأنها محكمة مفصلة فيها البيان التام المانع من كل مظاهر الغلو.
بل فيها التحذير منه والتشديد في البعد عن أسبابه وتعليق الهلاك به، وأنه سبب هلاك الأمم السابقة.

ثانيًا: أن هذه الظاهرة نشأت في أول بدوِّها في سلوكيات قولية أو فعلية
من بعض الدعاة الذين لم ترسخ أقدامهم في العلم الشرعي الرباني،
فلم يكن في كلام أئمة العلم والإيمان ما يدعو إلى الغلو، ولا ما يسهل في أمره
لا في تقريراتهم العلمية، ولا في سلوكياتهم الدعوية التعليمية.

فمن جيل الصحابة رضي الله عنهم فأئمة التابعين فمن بعدهم من المصلحين
إلى زمن الأئمة الثلاثة المعاصرين لا تجد للغلو أي مدخل. بل كانوا أعظم تحذيرا منه وبعدا عنه؛
ولذا من اقتصر في التعلُّم على كتبهم أمن كل غائلة فساد قولية أو عملية.


ثالثًا: أن بذور الغلو ولدت من سقطات قولية أو عملية، وعلمية أو تربوية من بعض حملة الدعوة (الصغار في علمهم وتربيتهم).

ومنه نستخلص النتائج الآتية:

1- أن الغلو دخيل على حملة المنهج الحق.
2- وأن الغلو وليد سقطات (علمية) لم يحررها الصغار في العلم فأدخلوا في مفاهيمهم الشرعية ما ليس منها؛ لشبهة لم يتضح لهم أمرها.
3- وأن الغلو وليد سقطات (تربوية) لم يحكم الصغار في الدعوة مجانبتها، فوَرَّثُوا الاتباع في سلوكياتهم العملية أخلاقًا ضارة؛ لشهوة لم يتنبهوا لها ولا لخطرها.

رابعًا: أن هذه السقطات وتلكم الفلتات أول ما نشأت، نشأت في ظرف خاص وهو (معالجة المخالفات الشرعية)، أي: عندما تصدى هؤلاء (الصغار في علمهم وتربيتهم) للمخالفين بدأت تلكم الهفوات تنمو.

فندرك من خلال هذا:

1- أن إسناد الوظائف الشرعية لغير أهلها مظنة الفساد والإفساد، فكيف لو تَسَوَّرُوا محرابها خِلْسةً، وتَزَيَّوْا بحللها زورًا!!
2- أن التصدي للمخالف لا يكون إلا بعد رسوخ في العلم والعمل، فيحمل الراية مستحقها بعلم وعدل،
كصديقية أبي بكر، أو إمامة أحمد، أو موسوعية ابن تيمية...
ثم حَسْبُ الأتباع ملازمة خطوات الأكابر.
3- أن مقارعة المخالفين مظنة التسامح فيباح في الجهاد من الخيلاء ما لا يباح في غيره،
فيستجر الجاهل تلكم الأخلاق الآنية في كل شؤون أعماله الدعوية
فينحت في مخيلته عرشا يتربع عليه والخلق رعيته؛ فلا يفهم غير لغة: اسمعوا واطيعوا!!
ونتيجة لإقحام نفسه في معترك لم يلبس له لأمته، أصاب الشيطان منه مقتلًا.

فلما رجع إلى إخوانه لم يقبل (مراهم العلم) ولا (بلاسم التربية) التي بذلوها له بيد طبيب حانية؛
لبقاء أنفة كبر المقارعة، وزهو المجالدة،
فعملت فيه تلك الجراحات عملها حتى صارت أورامًا خطيرة وعلل متأصلة.
فاستقرت في تصوراته المفاهيم المغلوطة، وفي سلوكياته الأخلاق المرذولة.


4- أن الرد على المخالفين مظنة النسبية في الترجيح، والتدافع بين المفاسد؛
فيحمل ذلك النظرُ الشَّرعيُّ العلماءَ الربانيين على السكوت عن بعض الأخطاء الجزئية من حملة الدعوة الحقة؛
لدفع مفسدة مخالفهم ممن يقارعهم في ساحات الدعوة؛
فلا يشهرون أمره حتى لا تكون النكاية سارية على الدعوة التي يحملها،
ولا هو يرعوي من سقطاته؛
فينشأ جيل من الصغار على أخطاء لم يدركوا انحرافها، ونوازل لم يعرفوا أحكامها،
وهذه آفة الدعوة عند استضعافها:
غياب التحرير العلمي والسلوكي للأقوال والأعمال بسبب تدافع المفاسد.

خامسًا: غفلة المصلح عن وأد عدوى الفساد وسرايته، فكما أن الأمراض منها ما هو معدٍ، ومنها ما له سراية؛ فكذلك الأخلاق.

- فالمعدي ما ينتقل بين الأفراد من الفرد المصاب إلى غيره.
- وما له سراية يتدرج المرض من العضو المصاب إلى غيره.


فالمصلح (الصغير في علمه وتربيته) ينهمك في معالجة المخالف دون وقاية لا لنفسه ولا لجلسائه
فتتولد فيه وفيهم تصورات خاطئة، وأخلاق فاسدة؛
لشدة تعلق نفسه بمقارعة الخصوم، ودوام بقائه في ثغورها
حتى يمتد الحال إلى عشر سنين لا يسمع فيها الجدد من الصغار والناشئة إلا بطولات صولاته، ومجالدة أعدائه؛
فيختلط عليهم التمييز بين مادة الحياة بمادة الدواء،
وتلتبس الأصول الإيمانية الضرورية، بالواجبات الجزئية الإضطرارية.

فعشر سنين على هذا النمط كفيلة في إيجاد جيل من الشباب لا يعرف أصوله الشرعية ولا حدوده الواجبة.

سادسًا: معالجة (المعالجة المنتقدة) تسري مثل أختها الكبيرة، وكما قيل: التوبة من التوبة، أي: إذا كانت مدخولة، فكذلك معالجة (المعالجة المفسدة) قد تكون مدخولة؛ فتحتاج إلى معالجة.

فكل ما سبق من مظاهر الغلو عند نشأته إلى استفحاله وظهوره
تجري حذو القذة بالقذة عند معالجتها بلا علم راسخ ولا تزكية تربوية؛
فلا يأمنن المقارع المغوار لآفة الغلو أن يصيبه ما أصابهم.


وقد تولدت منها أمراض وأضرار:

1- العود بالنقض على كل موروث قديم حتى يشمل الأصول المعصومة، والفهوم المصونة؛
نتيجة لمرض الثورة النفسية على الخطأ.
فرويدا أيها الحبيب؛
فلا تكن كالثكلى الجازعة تزيد مصيبتها بفقد ولدها بأذية نفسها خمشا ولطما لخدها، وشقا وإفسادا لثوبها.
2- إنشاء جيل جديد قابل للغلو؛ فإن الإلحاح في تقبيح شيء حتى يزيد عن حده يولد حنقا غير شرعي على فاعل القبح
فتسري لصوص الهوى إلى مملكة الولاء والبراء حتى تطيح برأس الإيمان، وتنصب (هوى) القوة الغضبية على عرشه.

فيهمل هذا الجيل طلب العلم الشرعي المنضبط،
وتتحول مجالسهم إلى سمر وفكاهة بأصحاب مسالك الغلو المفرط؛
فيتلاعب بهم الشيطان، فيخرجهم من الغلو من باب الشدة،
ويدخلهم إلى الغلو من باب الليونة.

والخلاصة: أن الحل (بقلم، وسواك).

فالأمر لا يحتاج نظريات ولا تحليلات
بقدر ما يحتاج نسمات ربانيات تنقلك من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة.
أرجع السيادة لقلبك المخلوع عن عرشه؛ وأنا أضع لك خطة الانقلاب على من ظلم قلبك وسلبه حقه.
أولاً: توبة نصوح تقضي بها على كل شهوة غوية فهي جواسيس الشيطان وبها يعرف مواطن الضعف في مملكتك.

ثانيًا: إخلاص ينير لقلبك طريق العودة إلى مملكته؛ فالقلب بلا إخلاص أعمى لا يهتدي لمصالحه {كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ }.

ثالثًا: صدق يحملك على تقحم الأهوال؛ فإنَّ الخونة من أعضائك لا زالت متطبعة بعوائد خدمتها للهوى، فتستهويها كلمة ويستجريها موقف.

والصادق مجاهد لا تستقيم له نفسه إلا بشق الأنفس؛
فهي لا تنفطم عن هواها إلا بألم وغصص يقارب نزعها عند الموت؛
فالموت بالنسبة لها موتان: خروجها عن مألوفها وهواها، وخروجها عن بدنها.


فمتى لازم القلم جيبك وتناثر مداده على أصابعك ولطخ ثيابك، فأبشر.

ومتى لازم السواك فمك وتقلب بين أصابعك وتناثرت أعواده بين أسنانك، فلك البشرى مرتان.
وعندها عش حياة المفتقر إلى تثبيت ربه

فإن العدو بالمرصاد؛ فلا تنم ولا تغفل

ولازم الدعاء فهو سر العبودية.

كتب
حمد أبو زيد العتيبي


https://t.me/abozydotabi

***
__________________
قناة (المكتبة الورقية) على التليجرام
تضم عددا من الرسائل الدعوية والتعليمية على صيغة (pdf)
كتبها الفقير إلى عفو ربه
حمد أبو زيد العتيبي
على الرابط التالي:

https://t.me/Rasaelpdf
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.