أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
72517 50017

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-31-2009, 08:24 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي لنـــا عيــــــدنا

لنـــــــــا عيـــــــــدنا

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

قال الله -تعالى-: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ * وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [سورة الحج 67 - 68].
قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة: [قال ابن جرير: [يعني: لكل أمةِ نبيٍ منسكا؛ قال: وأصل المنسك في كلام العرب: هو الموضع الذي يعتاده الإنسان ويتردد إليه إما لخير أو شر. قال: ولهذا سميت مناسك الحج بذلك، لترداد الناس إليها وعكوفهم عليها. فإن كان كما قال من أن المراد: {لكل أمة جعلنا منسكا} فيكون المراد بقوله: {فلا ينازعنك في الأمر} أي: هؤلاء المشركون. وإن كان المراد: {لكل أمة جعلنا منسكا} جعلًا قدريًا كما قال : {ولكل وجهة هو موليها} [سورة البقرة: 148]؛ ولهذا قال هاهنا: {هم ناسكوه} أي: فاعلوه فالضمير هاهنا عائد على هؤلاء الذين لهم مناسك وطرائق، أي: هؤلاء إنما يفعلون هذا عن قدر الله وإرادته، فلا تتأثر بمنازعتهم لك، ولا يصرفك ذلك عما أنت عليه من الحق; ولهذا قال: {وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم} أي: طريق واضح مستقيم موصل إلى المقصود].ا هـ. [تفسير القرأن العظيم 3/ 314].
لا يضرنا منازعتهم ولا مخالفتهم؛ لأن مناسكهم نسخت بمجيء الإسلام؛ وشرعُ من قبلنا ليس شرعٌ لنا؛ إلا بما يوافق شرعنا وجاء به الدليل.

فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: (ما هذان اليومان ؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله قد أبدلكم خيرًا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر). أخرجه أبو داود كتاب الصلاة باب العيدين (1/ 295). قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ: [واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم] ا هـ.

وكانت أوَّل فرحةٍ للمسلمين بهذين العيدين في السنة الثانية للهجرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: [العيــــــد: اسم لما يعود من الإجتماع العام على وجه معتاد، عائدٌ إما بعوْد السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك. فالعيد يجمع أمورًا منها:

1. يوم عائد ، يتكرر عودته، كيوم الفطر ويوم الأضحى، وأيام التشريق، ويوم الجمعة.

2. اجتماع فيه: كصلاة العيد، والخروج إليها بمصلى العيد.

3. أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات، كغسل العيدين، والإكثار من التكبير، صلاة العيدين في المصلى، والذهاب إليها مفطراً في عيد الفطر، وصائمًا في الأضحى حتى تؤدى الصلاة، وذبح الأضاحي، والهدي للمتمتع والقارن في عيد الأضحى، والفرح فيهما بلا مخالفات شرعية.

وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها – قالت : دخل عليّ أبو بكر- رضي الله عنه - وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث ، قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر - رضي الله عنه - أبمزمورِ الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ وذلك يوم عيد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا أبا بكر ! إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا).

وفي رواية: (يا أبا بكر ! إن لكل قوم عيدًا، وإن عيدنا هذا اليوم).

وفي رواية في الصحيحين أيضًا: (دعهما يا أبا بكر فإنهما أيام عيد، وتلك الأيام أيام منى).

فالدلالة من وجوه: أحدها: قوله: (إنَّ لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا). فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم كما أن الله - سبحانه - لمّا قال: {وَلِكُلٍ وُجْهَةٍ هُوَ مُوَلِّيها}. وقال رحمه الله: {لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجا} أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم، وذلك أن اللام تورث الاختصاص.

الثاني قوله: (وهذا عيدنا) فإنه يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، وحصر عيدِنا في هذا، فليس لنا عيدٌ سوى المشروع لنا …]. ا هـ.

ورخص فيه لعب الجواري وتغنيهن مُعَلّلًا بكونه عيدا للمسلمين، ولا يتـعدّى إلى أعياد الكفار وما يعمل فيها، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (فإن لكل قوم عيدًا وأن هذا عيدنا) رواه (البخاري).

وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يوم الفطر ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكلٍ وشرب) [صحيح الجامع 8192].

وقوله - صلى الله عليه وسلم – (عيدنا أهل الإسلام)، يدل على وجوب مفارقتنا لغيرنا في أعيادهم.

4. وقد يختص العيد بزمان أو مكان بعينه، وقد يكون مطلقاً. وكلٌ مِن هذه الأمور تسمى عيدا.

والتخصيص بهذه الأيام الخمسة، لأنه يجتمع فيه العيدين الزماني والمكاني وفيه اجتماع وأعمال.

فيراعى الزمان: لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة: (إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيدا، فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل، وإن كان طيبٌ فليمس منه، وعليكم بالسواك) (صححه الألباني) رواه: (مالك والشافعي) عن عبيد بن السباق مرسلا (وابن ماجه) عنه عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. انظر: [صحيح الجامع حديث رقم: 2258].‌

ففي عيد الأضحى يجب أن يراعى في أداء شعائر الحج موافقةُ الزمان والمكان : كطواف الإفاضة، والسعي، والحلق أو التقصير، وذبح الهدي، والمبيت بمنى، ورمي الجمرات، وطواف الوداع؛ وصلاة العيد وخطبتها، وذبح الأضاحي مطلقــًا في شتى بقاع الأرض للمسلمين.

وفي عيد الفطر يراعى الزمان في بلاد المسلمين عامة ظهور هلال شهر شوال، وصلاة العيد وخطبتها، ويحرُم صيام يوم الفطر، وصيام يوم النحر وأيام التشريق، إلا صيام ثلاثة أيام في الحج لمن لم يجد الهدي من غير أهل مكــــة، ممّن حج متمتعًا أو قارنًا، وسبعة إذا رجع.

قال الله - تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة الحج: 196].

وعن عقبة بن عامر- رضي الله عنه – قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم –: (يوم الفطر ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكلٍ وشرب) (صحيح) رواه: (أحمد، وأبو داود، والترمذي والنسائي – رحمهم الله تعالى -) [صحيح الجامع 8192].

ويراعى المكان: لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه أبو داود رحمه الله – تعالى -عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: (لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) (صحيح) انظر: [صحيح الجامع حديث رقم: 7226]. ا هـ. ‌

وعن أبي قلابة قال: حدثني ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال: نذر رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال النبي : - صلى الله عليه وسلم - (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟، قالوا : لا، قال : (هل كان فيها عيدٌ من أعيادهم ؟)، قالوا: لا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أوْفِ بِنَذْرِكْ، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك بن آدم) قال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - : (صحيح). رواه أبو داود – رحمه الله تعالى في سننه - انظر : [3/ 238 رقم : 3313].

إنّ سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للرجل عن المكان وما فيه من أعياد الجاهلـــية، حِمايةً لجناب التوحيد، لمظنــّـــة تعظيم أهل الجاهلية للبقعة التي يُعيّدوا فيها، أو لوجودِ وثنٍ من أوثانهم ُيعظمُ وَيُعبدُ وَيُذبحُ له من دون الله - تبارك وتعالى -.

ولما خلى المكان من المَحْظورَيْنِ وهما: تعظيم الزمان والمكان، ووجود الأوثان، اطمأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عدم وجود ما يوجب تحريم الوفاء بالذبح، والوفاء بالنذر، أمره بالوفاء عند خلوّ المانِعَيْنِ الذيْن يوجبا التحريم، مبيّنا أنه (لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك بن آدم).

وهذا يدل على أنه لا يكفي عدم مشابهتهم بالذبح بمكان عيدهم ومحلّ أوثانهم، وإنما ينبغي أيضًا مخالفتهم في شعائِرهِم، لأن فيها معصية لله – تبارك وتعالى -، ويدل أيضا على التميز الإيماني الذي يجب أن يتخلق به كل مسلم، ويؤكد على أن للمسلمين عقيدةٌ صافيــــــة واضحــــــــة متميّزة ينأى بها صاحبها عن الشبهات ولا يقبل المُداهنـــــــة، وهديٌ رباني متميّز، وشرع متميّز، وسمت متميّز؛ لأن الموافقة الظاهرة تدل على الموافقة الباطنة؛ وأن على المسلم أن يبقى يقظــًا حذرًا من مشابهة المشركين، مخالفــًا ومفارقــًا لأهوائهم عند تعارضها مع الشرع الحكيم، ليحافظ على هذا التميّز.

كما أن جميع ما لدى المشركين والكفار من أعيادٍ هي بدعٌ وضلالاتٌ وزورٌ تضاف إلى شركهم وكفرهم وضلالهم؛ قد نسِخَت بمجيء نور الإسلام.

فلا ينبغي لمسلم أعزّهُ الله بالإسلام أن يوافقهم في أعيادهم أو يهنئهم بها، ولا ينبغي لمسلمٍ رَضِيَ بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم – نبيًا ورسولًا؛ أن يهنئ أو يَحتفِـلَ أو يُقِرَّ احتفالًا يقام - بزعمهم - لعيد ميلاد إله أو ابن إله - تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا عظيمًا-؛ اختلفت طوائفهم أنفسهم في تحديد موعده؛ ولا ينبغي لمسلم مُوحِّدٍ بالله جلّ في علاه أعزّهُ ربه بالإسلام أن يهنئهم بأعيادهم؛ في بيوتهم أو كنائسهم؛ أو أن يبيع أشجار ميلادٍ تُرفع لمولدِ إلهٍ - بزعمهم - غير الله جلّ شأنه؛ أو أن يتصوّر هو وأبناؤه إلى جانبها متفاخرًا متباهيًا بطولها وعرضها وما أُنْفِقَ عليها؛ وللأسف تقام علانية في بلاد الإسلام؛ الله المستعان؛ لا حول ولا قوة إلا لالله؛ لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ ولا ندَّ ولا شبيه ولا مثيل؛ فأين العقول؟؟
قال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}[سورة مريم: 88 - 91].

قال الإمام ابن القيم رحمه الله : [ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين باتفاق أهل العلم الذين هم أهله، وقد صرح به الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة في كتبهم ....]. وقال أيضًا: [... وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سَلِمَ قائلهُ من الكفر؛ فهو من المحرمات، وهو بمنزلةِ أن يهنِّئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشدُّ مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه؛ وكثير ممن لا قَدْرَ للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قُبْحَ ما فعل، فمَن هنَّأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفرٍ فقد تعرض لمقت الله وسخطه... إلخ]. اهـ. انظر: [أحكام أهل الذمة 1/ 161 فصل في تهنئة أهل الذمة].

وروى البيهقي رحمه الله في «سننه» (9/ 234) بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السَّخطةَ تنزل عليهم). وقال عمر - رضي الله عنه - أيضًا: (اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم).
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الإجماع على تحريم مشاركة الكفار في أعيادهم، وأن ولاة المسلمين من الخلفاء الراشدين ومَنْ بَعْدَهم كانوا يُولُون هذا الأمر حقَّه من المتابعة والرعاية، ويحاذرون من وقوع فرد من المسلمين في شيء من المشاركة للكفار في أعيادهم.

وروى البيهقي بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أنه قال : (من مَرَّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة)]. اهـ. انظر : [أحكام أهل الذمة 1 /723 - 724].

وفي رواية له - رضي الله عنهما -: [من بنى في بلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم - من أعياد الكفار - وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة). [أخرجه البيهقي 9/ 234، بإسناد (صحيح). انظر : [اقتضاء الصراط المستقيم ص200].

وقد اتفق الأئمة الأربعة على إنكار موافقةِ المسلمينَ لغيرهم في أعيادهم، أو تعظيمها أو تخصيصها بقربة أو عبادة، فكيف بمن يستحلها مجاهِرًا بالمعاصي والمنكرات فيها ؟:
مذهب الإمام مالك - رحمه الله تعالى -:
[كره الإمام مالك الركوب معهم (يعني النصارى) في المراكب التي يركبون فيها لأعيادهم؛ لما يخاف من نزول السخط عليهم، وكره ابن القاسم أن يهدي المسلم للنصراني في عيده مكافأة له، وقال: هذا عون على تعظيم عيده وكفره، ولا يُباع شيءٌ منهم من مصلحة عيدهم، لحمٌ ولا إدامٌ ولا ثوبٌ ولا عاريةُ دابة. قال مالك وغيره: وينبغي للإمام الزجر عن ذلك]. انظر: [النوادر والزيادات 4/ 368 - 369].

مذهب الإمام أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -: قال الحصفكي: [... والإعطاء باسم النيروز والمهرجان لا يجوز. أي: الهدايا باسم هذين اليومين حرام. (وإن قصد تعظيمه) كما يعظِّمُهُ المشركون (يكفر)]. انظر : [الدر المختار 345].

مذهب الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: [قال عبد الحميد الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: [يُعَزَّرُ من وافق الكفار في أعيادهم]. انظر: [حواشي تحفة المحتاج 9/ 181].

ومذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -: [لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود، واحتج بقوله تعالى: {والذين لا يشهدون الزور} انظر: [اقتضاء الصراط المستقيم 201].

وعليه فلا يجوز أن يهدي للكافر في يوم عيدٍ من أعياده، لأن ذلك يُعدُّ إقرارًا ومشاركةً في الاحتفال بالعيد الباطل؛ وإذا كانت الهدية مما يُستعان به على الاحتفال؛ كالطعام والشموع ونحو ذلك، كان الأمر أعظم تحريما، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كفر.
ومع هذا فإن من المسلمين هداهم الله - تعالى – من أصرّ على مُجامَلَتِهِم وتَهنِئَتِهِم بأعيادهم، قالوا: نجامِلْهُم لأجل واجب الصداقة أو الجيرة أو صحبة العمل، فهم يهدوننا ويهنئوننا ويزورونَنا في أعيادنا، ونستحيي أن لا نرد الجميل؛ فشارَكوهم احتفالاتهم خاصة بأعياد الميلاد ورأس السنة؛ وأَهْدوهُمْ وجالَسوهُم على مَوائِدَ يُدارُ فيها الخمر، وتُنْتَهَكْ بها حُرُمات الله.
وقلدوهم باحتفالات بأعياد ميلاد وزواج، وأم، وحب، وغيرها، وجعلوا للمناسبات والذكريات أعيادًا ما أنزل الله بها من سلطان، وهم يعلمون أنها ضلالةٌ وزور، وغضوا الطرف عما يُحاك لهم مِن مكر الليل والنهار.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: [مشابَهَتُهُم في بعض أعيادهم توجب سُرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل؛ وربما أطمَعَهُم ذلك في انتهاز الفرص؛ واستذلال الضعفاء]. انظر: [اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم].
وقال أيضًا: [ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالِفةً للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد: لم تُقبل هديته، خصوصًا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم، مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد، أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم، وكذلك أيضًا لا يُهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد، لا سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه]. انتهى من [اقتضاء الصراط المستقيم" (1/ 227)].

قال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (حنفي) (6/ 228): [... والإعطاء باسم النيروز والمهرجان لا يجوز]. أي: الهدايا باسم هذين اليومين حرام بل كفر.
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:[/color] (من تشبه بقوم فهو منهم) (صحيح) رواه (أبو داود عن ابن عمر - رضي الله عنهما -) انظر : [صحيح الجامع رقم: 6149]‌. ‌

والله - تعالى – يقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة آل عمران 85].

لقد امتدح الله - تبارك وتعالى - أمة الإسلام بأنها أمةً وسطاً بين الأمم، فلا غلوَّ مع الجهل، كحال النصارى، الذين وصفهم الله - تعالى - في سورة الفاتحة بأنهم ضالين، وأنكر عليهم {رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} في سورة الحديد: بقوله -تعالى- {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [سورة الحديد : 27].

ولا معاندة مع العلم كحال اليهود الذين عصوا الله - تعالى - عن علم ومعرفة، فهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم، إلا أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ونسوا حظا مما ذكروا به، قتلوا الأنبياء، واشتروا بآيات الله وبعهده ثمنًا قليلا، وتحايلوا على شرع الله - تعالى - معاندة واستكبارا، فوصفهم الله تعالى في سورة الفاتحة "بالمغضوب عليهم".

وفي موضع آخر قال الله – تعالى – فيهم : {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [سورة المائدة : 60].

إخوتــــــــــــــــاه ! إن خير الهدي، وأتمه، وأكمله، وأفضله ما جاء به نبينا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين.
وقد قال الله - سبحانه وتعالى - فيه : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة: 3].

اللهم إنا رضينا بك ربا، وبالإسلام دينا ، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم – نبيا ورسولا. ونبرؤ إليك اللهم من الشرك والمشركين، ومن أعداء الدين، وضلالاتهم، وأعيادهم. فاكتبنا مع الشاهدين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.

من محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -.

وكتبته : أم عبدالله نجلاء الصالح



لطفًا: لمزيد من الفائدة؛ انظر:

حقيقة شجرة الميلاد على الرابط:

________

المرجع :

مهذب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم. لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -.
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:12 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.