أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
94065 | 154502 |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
(مناقشة فتوى لابن هادي)- وقفة أخرى مع صكوك التوبة - للشيخ د.أحمد النجار حفظه الله
وقفة أخرى مع صكوك التوبة. الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد, فلا يزال موضوع صكوك التوبة حديث الساعة عند القوم, وقد كثرت ردودهم فيه علي, وتعددت طعوناتهم, وتنوع سبهم, والله المستعان. و لما رأوا أن تلك الردود لم تُجْدِ, وتحققوا من ضعفها -فيما يبدو-, لجؤوا إلى الشيخ محمد بن هادٍ المدخلي سدده الله لعله يأتيهم بكلامٍ فصلٍ, ويثبت سلفا للشيخين والشباب في الطريقة التي انتقدتُها, وجعلتها ذريعة إلى الشرك. وقد وجهوا هذا السؤال:" السؤال الرابع : انتقد بعض المتكلمين تعليقاً لبعض المشايخ السلفيين كتبوه على بيان أصدره أحد طلبة العلم يبين فيه توبته وتراجعه وذكروا فيه أنه قد أحسن وصحت توبته، بعد أن كانوا حذروا منه لزلات ومخالفات صدرت منه. فمما قاله المنتقدون: كان يكفي أن يتوب بينه وبين ربه، ولا يحتاج لصكوك غفران! وقال آخر: بأن هذا ليس من السلفية في شيء، بل إن فعلهم يجر إلى الشرك بالله وذريعةٌ له!فما توجيهكم حفظكم الله؟" فقال الشيخ محمد بن هادٍ المدخلي في اللقاء الذي عنون له بالثبات على السنة مجيبا: " هؤلاء جهلة جهلا مركبا, هؤلاء لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون, وإلا مواقف أهل السنة طافحة بها الكتب في هذا الباب وما توبة ابن عقيل عنا ببعيد, توبة ابن عقيل التي حضرها جمع غفير وشهدوا عليها وذكرها العلماء في كتبهم... وكتب فلان وفلان ممن حضروا هذه التوبة التي كانت في جامع المنصور فتوبوه وتاب ... وبعد ذلك قال العلماء: فصحت توبته سبحان الله كيف يغفل هؤلاء, أو يتغافل هؤلاء؟ هذا أمر معروف معلوم مشهور, وفي الكتب مزبور .. وأنا أحيل هؤلاء المتعالمين القائلين بهذه المقالة التي تشهد عليهم بجهلهم المركب أن يرجعوا إلى توبة ابن عقيل ... وكل من ترجم له يذكر أنه تاب فصحت توبته, فهل هذه صكوك غفران؟ ... السلف رحمهم الله يكتبون ذلك ويوقعون عليه ويشهدون به ومن خالف هذه الطريق وأنكرها فهو الذي يكون مخالفا لطريقة السلف ... " أقول مجيبا على ما تضمنه الجواب: بادئ ذي بدء لولا ما تتضمنه الردود من جلاءٍ للمسألة وإيضاحها, ودخولٍ في عللها ومقاصدها لما جاريتهم, ولاكتفيتُ بتقرير الحق من غير دخولٍ معهم في الرد, مع العلم أنه ليس كل من تكلم يستحق أن يُردَّ عليه, وإنما يُردُّ على من كانت له مكانة ومنزلة مما قد يغتر بكلامه إذا انتشر. - نقد ما تضمنه الجواب: لقد ابتدأ د. محمد المدخلي سدده الله جوابه بـ" هؤلاء جهلة جهلا مركبا, هؤلاء لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون ..." وهذا مما لا ينبغي أن يصدر من الشيخ, فالوصف بالجهل المركب يكون بناء على معرفةٍ بالكلام على وجهه, ومعرفةٍ بالقائل, لو سُلِّم أنه ردٌّ علميٌّ. وما ذُكر في السؤال لا يُجَلِّي الصورة التي انتقدها المنتقِد. وكان الواجب على الشيخ أن يتصور كلام المنتقد تصورا واضحا, ويقف على حيثياته؛ حتى لا يقع في الظلم والبغي. والحكم إن لم يكن مطابقا للواقع فإنه يكون كذبا في نفسه. والذي ينبغي في الرد بعد التصور الصحيح: أن يكون ردا علميا تتوفر فيه أركانه، لا الرمي بالجهل. ثم إن الرمي بالجهل المركب هو من باب الطعن والسب الذي ينبغي أن يترفع عنه الشيخ. والشيخ سدده الله لم يتصور الصورة المنتقَدة, ولذلك كان جوابه خارجا عن محل النزاع. وتحرير محل النزاع والوقوف على الصورة المنتقدة والكلام عليها هو الذي يُجلِّي المسألة ويوضحها, لا الكلام على صورة أخرى, ثم يُرمى القائل بالجهل المركب, فهذا ليس من العدل في شيء. ولتحرير محل النزاع فائدة, وهي: معرفة ما إذا كان الخلاف معنويا أو لفظيا. وعدم تحرير النزاع خطأ, قال الشاطبي في الموافقات: (( فإن نقل الخلاف في مسألة لا خلاف فيها في الحقيقة خطأ، كما أن نقل الوفاق في موضع الخلاف لا يصح )) أضف إلى ذلك: أن كلام الشيخ محمد سدده الله اشتمل على دعاوى لم يُقِم عليها بينة, كما سيأتي. وسأتجاوز الرمي بالجهل والتعالم إلى البحث فيما يفيد. قول الشيخ:" مواقف أهل السنة طافحة بها الكتب في هذا الباب" ويعني بذلك الصورة التي ذُكِرت في السؤال وهي:" على بيان أصدره أحد طلبة العلم يبين فيه توبته وتراجعه وذكروا فيه أنه قد أحسن وصحت توبته، بعد أن كانوا حذروا منه لزلات ومخالفات صدرت منه " أقول: أنا أطالب الشيخ وغيره ممن رد ويرد علي أن يأتي بسلفٍ واحدٍ من الأئمة فَعَلَ هذه الصورة, وهي: أن يكتب المخطئ توبة ثم يكتب المشايخ عليها بأنها قد صحت, ويوقع على ذلك. فكيف اذا كانوا مشايخ معينين؟! وكيف إذا تعلقت القلوب بالتصحيح؟!! ولا أتكلم عن صورة أخرى, وهي:أن المخطئ قد يكتب تراجعا ويُشهِد المشايخ على أنه تراجع ويوقعوا عليه من غير قطع بأن توبته قد صحت, ومن غير إلزام له بالتوبة عند المشايخ. وإلى الآن كل من كتب وردَّ لم يأت بسلفٍ واحدٍ من الأئمة فعل هذه الطريقة التي أنكرتُها, وغاية ما يذكرونه إما الصورة غير المنتقدة, أو فتوى قُيِّدت بتحقق الشروط التي أكثرها قلبية. وأما الشيخ محمد بن هادٍ مع دعواه أن هذا أمر معروف لم يذكر إلا توبة ابن عقيل, لما قال:" توبة ابن عقيل التي حضرها جمع غفير وشهدوا عليها وذكرها العلماء في كتبهم... وكتب فلان وفلان ممن حضروا هذه التوبة التي كانت في جامع المنصور فتوبوه وتاب ... وبعد ذلك قال العلماء: فصحت توبته". اقول: كي تتضح أن الصورة التي ذُكرت في توبة ابن عقيل مخالفة للصورة التي انتقدتُها أذكر تفاصيل توبة ابن عقيل: قال ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة: (( ففي سنة إحدى وستين اطلعوا له على كتب فيها شيء من تعظيم المعتزلة، والترحُّم على الحلاَّج وغير ذلك. ووقف على ذلك الشريف أبو جعفر وغيره، فاشتد ذلك عليهم، وطلبوا أذاه، فاختفى. ثم التجأ إلى دار السلطان، ولم يزل أمره في تخبيط إلى سنة خمس وستين، فحضر في أولها إلى الديوان، ومعه جماعة من الأصحاب، فاصطلحوا ولم يحضر الشريف أبو جعفر لأنه كان عاتبًا على ولاة الأمر بسبب إنكار منكر قد سبق ذكره في ترجمته. فمضى ابن عقيل إلى بيت الشريف وصالحه وكتب خَطّه: يقول علي بن عقيل بن محمد: إني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره، ومن صحبة أربابه، وتعظيم أصحابه، والترحم على أسلافهم، والتكثر بأخلاقهم. وما كنت علّقته، ووُجد بخَطّي من مذاهبهم وضلالتهم فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته. ولا تَحل كتابته، ولا قراءته، ولا اعتقاده. وإنني علقت مسألة في جملة ذلك. وإن قوماً قالوا: هو أجساد سود. وقلت: الصحيح: ما سمعته من الشيخ أبي عليّ، وأنه قال: هو عَدمٌ ولا يسمى جسماً، ولا شيئًا أصلاً. واعتقدتُ أنا ذلك. وأنا تائب إلى الله تعالى منهم. واعتقدتُ في الحلاج أنه من أهل الذَين والزُّهد والكرامات. ونصرتُ ذلك في جزء عملته. وأنا تَائب إلى الله تعالى منه، وأنه قتل بإجماع علماء عصره، وأصابوا في ذلك، وأخطأ هو. ومع ذلك فإني أستغفر اللّه تعالى، وأتوب إليه من مخالطة المعتزلة، والمبتدعة، وغير ذلك، والترحم عليهم، والتعظيم لهم فإن ذلك كله حرام. ولا يحل لمسلم فعله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عظَّم صاحب بدعة فقد أعان على هَدْمِ الإسلام " . وقد كان الشريف أبو جعفر، ومن كان مَعه من الشيوخ، والأتباع، سادتي وإخواني - حرسهم الله تعالى - مصيبين في الإنكار عليَّ لما شاهدوه بخالي من الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها، وأتحققُ أني كنتُ مخطئًا غير مصيب. ومتى حفظ عليَّ ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار: فلإمام المسلمين مكافأتي على ذلك. وأشهدت الله وملائكته وأولي العلم، على ذلك غير مجبر، ولا مكرَه وباطني وظاهري - يعلم الله تعالى - في ذلك سواء. قال تعالى: " وَمنْ عَادَ فَيَنتقِمُ اللّهُ مِنْهُ، وَاللّهُ عَزِيز ذُو انْتِقَام " المائدة: 199. وكتب يوم الأربعاء عاشر محرم سنة خمس وستين وأربعمائة. وكانت كتابته قبل حضوره الديوان بيوم، فلما حضَر شَهِدَ عليه جماعة كثيرة من الشهود والعلماء. )) أقول: الذي فعله ابن عقيل لما اشتد نكير العلماء عليه أنه ذهب إلى الشريف, وبين تراجعه من غير إجبار – كما نص هو على ذلك – وأشهد الشهود, وهذا لا إشكال فيه؛ لأنه لم يُلزَم, ولكي يُبْعِد الأذى عن نفسه. فلم يُضَف شرطٌ جديدٌ في التوبة. ولو أن ابن عقيل كتب كتابا نشر فيه تراجعه, وفنَّد الباطل الذي كان يقول به من غير أن يذهب إلى الشريف لقَبِل منه العلماء, ولم يُلزموه بالذهاب إلى الشريف. ولو تأملنا في القصة؛ لوجدنا أن ابن عقيل طُلب أذاه, واشتد نكير الشريف عليه, فدفعا لهذا: ذهب إلى الشريف لما تغيب عن مجلس السلطان. بل أرادوا قتله, كما في " تاريخ ابن الأثير " فيما ذكره الذهبي في السير قال: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على ابن الوليد، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة " وفي شذرات الذهب قال ابن عقيل:" فأوذيت من أصحابي حتى طلب الدم" ولا شك أن هذه أمور مؤثرة في تصور التوبة التي حصلت من ابن عقيل, فينبغي ألا يُلقَى الكلام على عواهنه من غير نظرٍ لبساط الحال. قول الشيخ محمد:" وكل من ترجم له يذكر أنه تاب فصحت توبته, فهل هذه صكوك غفران؟ ..." أقول: لم أقف على من نص على تصحيح التوبة إلا ابن حجر, مع أن الشيخ يقول: إنه قول كل من ترجم له, وكل تفيد العموم. قال ابن حجر في لسان الميزان:" وهذا الرجل من كبار الأئمة, نعم كان معتزليا, ثم اشهد على نفسه أنه تاب عن ذلك, وصحت توبته" أقول: تصحيح ابن حجر الذي تفرد به ليست فيه الصورة التي انتقدتُها, فهو لم يكتب على تراجع ابن عقيل أنه قد صحت توبته, ولم يشهد ذلك, ولم تتعلق القلوب بتصحيح ابن حجر, كما حصل في طريقة الشيخين: عبيد الجابري وعبد الله البخاري مع أبي الفضل. وهذه الفروق مؤثرة. ولا يصح الاستدلال بابن حجر الا اذا شهد مجلس استتابة ابن عقيل ووقع بأنه قد صحت توبته او تابع من نص على انه صحت توبته. وكل ذلك غير واقع, فلا تكون فيه حجة على مسألتنا. قول الشيخ محمد المدخلي:" السلف رحمهم الله يكتبون ذلك ويوقعون عليه ويشهدون به ومن خالف هذه الطريق وأنكرها فهو الذي يكون مخالفا لطريقة السلف" أقول: الشيخ لا يزال يتكلم عن الصورة التي لم أنتقدها, وهي الكتابة والإشهاد من غير إلزام وتصحيح, ومع ذلك فإنه ليس كل من أخطأ عامله الأئمة بهذه المعاملة, فكم من تائب نشر كلامه من غير أن يحضر عند أحد, أو يُشهِد أحدا, وهذا ينبغي التنبه له. ثم قول الشيخ:" السلف"وهم القرون الثلاثة: قد يفهم منه انها صورة مشتهرة عندهم. وهنا أوورد أسئلة أتمنى أن يجاب عليها: هل فعل ذلك الصحابة؟ ولو سلمنا جدلا أنهم فعلوه فهل هو مشتهر عندهم؟!! هل فعل ذلك التابعون؟ ولو سلمنا جدلا أنهم فعلوه فهل هو مشتهر عندهم؟!! هل فعل ذلك تابعو التابعين؟ولو سلمنا جدلا أنهم فعلوه فهل هو مشتهر عندهم؟!! هذا كله يحتاج الى اقامة البينة عليه. ثم كيف يكون المنكر مخالقا لطريقة السلف لأمر لم يفعله السلف ( القرون الثلاثة)؟! وأنا أتكلم عن الطريقة غير المنتقدة، فكيف بالطريفة المنتقدة؟!!. وأخيرا: هذا ما أردت بيانه مختصرا على ما نُشِر من إجابة الشيخ محمد بن هادٍ المدخلي, فأسأل الله أن ينفع بما ذكرتُ, ويجعله خالصا لوجهه الكريم. وكتبه: د. أحمد محمد الصادق النجار |
الكلمات الدلالية (Tags) |
محمد المدخلي, أحمد النجار |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|