أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
47147 | 162855 |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
مجموعة كبيرة من فتاوى فضيلة الشيخ مشهور، ويحتوي الملف على إجابات لـ 495 سؤالا
مجموعة من الفتاوى: تم تفريغ مجموعة كبيرة من الفتاوى لفضيلة شيخنا، ويحتوي الملف على إجابات لـ 495 سؤال ( جديد )
http://ia600806.us.archive.org/21/it...7/m-fatawa.zip ملاحظة: لحفظ الملف، يرجى الضغط بزر الفأرة اليمين على الدسك،
واختيار ( ...Save Target As ) ( .. To save the lessons, right-click on the disk, and choose: ( Save Target As
__________________
To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. |
#2
|
|||
|
|||
طلب
بارك الله فيك أخي الكريم
الرابط لا يعمل عندي لأن الموقع أصلا لا يعمل في المغرب ولا أدري لماذا؟ فالمرجو منك إعداة إرساله عبر موقع الأرشيف أو فورشريد وجزاكم الله خيرا |
#3
|
|||
|
|||
اقتباس:
http://ia600806.us.archive.org/21/it...7/m-fatawa.zip و هذه صفحة الملف على ارشيف http://archive.org/details/kulalsalafiyeen.com_997
__________________
To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. |
#4
|
|||
|
|||
حفظ الله الشيخ مشهور وأطال في عمره هو واخوانه من المشايخ الفضلاء
__________________
قال شيخنا أبو عبد الله فتحي بن عبد الله الموصلي- حفظه الله ومتَّع به-: «متى يظهر شيطان الخوارج؟ إذا تزوَّجتْ بِدعةُ التَّكفير بِبدعَةِ الخُروج على جَماعَةِ المُسلِمين وإمامِهِم, واشتَغَلَ العَروسَانِ بالعُرْس, وبَدَأَ الخَوالِفُ في إدارة مَجامِع الفِتَن؛ طاف طائِفٌ بَينَهُم؛ لِيُقدِّم للمَدعُوِّين - الحَماسِيِّين - أَلوانَاً مِن الانحِراف عن العَقيدَة والمَنهَج بحُلية التَّصحيح والبَيان، وعلى طبقٍ مُزَخرَفٍ ظاهِرُهُ الزُّهدُ والوَرع، وباطِنُه الخَرابُ والدَّمار؛ وقَد نُصِبَت الخِيام، وتَزاوَر الخِلَّان، وتَحزَّبَ الأَقران، وبُذِلَت الأَموال، وَوُزِّعَت الأَدوارُ ظنَّاً مِنهُم أَنَّها صَولَةُ الجِهاد!!». [[ ينظر: ((منهج شيخ الاسلام في كشف بدعة الخوارج)) للشيخ: فتحي الموصلي/ صـ 19]]. |
#5
|
|||
|
|||
وكذلك في مِصر: موقع الشيخ مشهور -سلّمه الله- لا يعمل؛ تظهر لي هذه الرسالة: |
#6
|
|||
|
|||
السؤال الأول : هل حديث {إن لله تسعة وتسعين اسماً} صحيح ؟
الجواب: هذا الحديث وارد عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يثبت إلا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وأخرج ذلك الشيخان إماما الدنيا محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري، وقد ورد أيضاً عن علي وسلمان وابن عباس وابن عمر رضي الله عن الجميع، أخرج ذلك أبو نعيم في جزئه الخاص في "التسع والتسعين اسم من أسماء الله تعالى" ولكن أسانيد ذلك ضعيفة ، فهذا حديث ثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولم يثبت إلا عنه، وقد ادعى ابن عطية الأندلسي في تفسيره "المحرر الوجير" أنه قد تواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه، وليس الأمر كذلك عند التحقيق ، فقد رواه ثلاثة عشر نفساً عن أبي هريرة ست أو سبع منها ضعيفة والباقي آحاد غريبة ، فالحديث ثابت صحيح وليس بمتواتر ، وأما سرد الأسماء فقد وقع عند الترمذي وفيه إدراج ، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى الحديث إن لله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها حفظاً وعملاً ؛ أي من حفظ أسماء الله تعالى وعمل بمقتضاها في هذه الحياة كانت له الجنة . السؤال الثاني: رجل أوصى لابن ابنه وصية ، ثم سحب الوصية في حياة الجميع هل يجوز سحب هذه الوصية ؟ الجواب : ثبت في الصحيحن من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله {العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه إلا الوالد لولده} فلا يجوز لمن أعطى غيره عطية أو هبة أن يرجع فيها إلا الوالد لولده ومن يفعل يكون حاله والعياذ بالله كالكلب يعود في قيئه ، فالكلب هو الذي يجتر ويعود ويأكل ما أجتره وهذه صورة قبيحة جداً والعطية لا تجب بمجرد الوعد، والعطية يجوز الرجوع فيها ما لم يقبضها الموهوب له ، والقبض أن يتملكها وأن يثبت عليها، فلو أن رجلاً وعد آخر بهبة، أو عطية ، فلا يجب على الموهوب له أن يلزم الواهب ، ولكن من باب المروئات والأخلاق ومن باب المحافظة على الوعد ينبغي للمؤمن أن يفي بوعده . ولكن متى لا يجوز للمؤمن أن يعود في هبته؟ إن قبضها من وهبت له وأثاب عليها، وكيف يثيب عليها؟ بقوله " جزاك الله خيراً" أو بالابتسامة أو بالدعاء ، فلو أن رجلاً أعطى زوجته شيئاً فابتسمت بوجهه أو شكرته فهذا الآن خرج من ملكه إليها ولا يجوز له أن يرجع عما أعطى . أما الوالد فله أن يعطي [ويرجع] – فالسائل يقول : رجل أوصى – وهذه الوصية هبة لابن ابنه والجد أب ، كما قال ابن عباس كما في صحيح بخاري واعتمد على قول الله تعالى عن يوسف: {واتبعت ملة آبائي ابراهيم واسحق ويعقوب} فجعل ابراهيم واسحق من آبائه وهما جدان له ، فالجد أب ويجوز للجد أن يرجع في هبته ، فكيف وإن كانت هذه الوصية لم تقبض بعد؟ فله أن يرجع ، ولا حرج في هذا الرجوع. وهنا استطرد فأقول : لو أن رجلاً توفى وترك أولاداً ثم مات أبوه؛ أي والد هذا المتوفى ، فهل أولاد هذا الرجل يرثون من جدهم ؟ فهذه مسألة وقع فيها خلاف بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمذهب المعمول به في المحاكم الشرعية في بلادنا ، هو مذهب أبي حنيفة وممن قال بهذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه – فإنهم يورثون ولد الولد ، من الجد عند وفاة الأب في حياة الجد نصيب الأب ما لم يزد عن الثلث فإن زاد عن الثلث فإنهم لا يعطونه إلا ثلثاً ، وقالوا لأنهم [أي الأولاد] يرثون وصية واجبة ، والوصية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد : {الثلث والثلث كثير } فلا يجوز لأحد أن يوصي للورثة ، ولا يجوز لصاحب مال أن يوصي بأكثر من الثلث فأبو حنيفة وهذا مذهب أبي بكر رضي الله عنه ، يرثون أولاد المتوفى من جدهم نصيب أبيهم مالم يزد عن الثلث،وهل بالإمكان أن يزيد نصيب أبيهم عن الثلث؟ نعم ، كأن يكون مثلاً لا يوجد ورثة إلا هؤلاء الأولاد وعم واحد لهم فإن وجد عمان فإنهم يأخذون نصيب الأب وكذلك إن وجد عم وعمتان وهكذا والله أعلم . السؤال الثالث : رجل نذر أن ينفق على عائلة فقيرة ولكن بعد حين رزق الله هذه العائلة من يكفيها حاجتها ، فهل على هذا الناذر شيء؟ الجواب : الواجب على من نذر نذراً أن يفي به ، وإن رأى غيره خيراً ، فالعلماء علماء القواعد يفرقون بين النذر واليمين من حيثيات ، ومن بين هذه الحيثيات يقولون أن من حلف على شيء يميناً فرأى غيرها خيراً منها ، فليأت التي حلف وليكفر عن يمينه . أو فليكفر عن يمينه وليأت التي حلف ، وهذان لفظان في الصحيح ، فمن حلف على شيء ورأى غيره خيراً منه فله أن يأت الذي رآه خيراً ثم يكفر عن يمينه ، وله أولاً أن يكفر عن يمينه ثم يأت الذي حلف ، أما الناذر فلا يجوز له أن يتحول إلى شيء يراه خيراً من الذي قد نذره إلا إن نذر شيئاً لا يستطيعه . أو إن نذر شيئاً فيه حرام . فمثلاً رجل قال يا رب إن فعلت لي كذا وكذا لله علي أن أذبح مئة من الإبل وهو لا يحلم في يوم من الأيام أن يملك عشراً منها ، فضلاً عن أن يملك مئة منها فهذا ماذا عليه؟ هنا يأتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم {النذر يمين ، وكفارته كفارة يمين } فنقول له : كفر عن يمينك أما رجل نذر أن يعطي عائلة فقيرة كما في السؤال نصيباً من المال فجاء آخر فأعطاها وما زالوا فقراء فهذا الرجل يجب عليه أن يفي بنذره فالنذر طاعة واجبة يدخلها الإنسان على نفسه فيجب الوفاء بها وقد مدح الله عز وجل أقواماً بوفائهم بالنذر فقال { يوفون بالنذر } فيجب على من نذر شيئاً أن يحفظه وأن يفي به إلا إن لم يقدر أو نذر شيئاً محرماً فحينئذ ينقلب إلى كفارة اليمين على خلاف في الشيء المحرم ، والله أعلم السؤال الرابع : ما حكم إتيان الرجل امرأته في دبرها؟ وما كفارة ذلك ؟ وما السبيل في الخلاص من هذه العادة ؟ الجواب : هذه عادة قبيحة لم تعرفها العرب ، وإتيان الرجل امرأته في دبرها كبيرة من الكبائر ، فيحرم على الرجل أن يأتي وأن يتمتع بزوجته من جهة الدبر ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله " ملعون من أتى امرأته في دبرها"، فإن كان إتيان المرأة في موضع الحرث مع وجود النجاسة العارضة الطارئة ، وهي الحيض ، حرام، فما بالكم في إتيان ذاك المكان المكروه الذي فيه النجاسة الدائمة ، وليست النجاسة الطارئة فإتيان المرأة في دبرها حرام ، ويحرم على المرأة أن تطاوع زوجها في ذلك ، أما هل لهذا العمل من كفارة ؟ لا ، فهذا العمل أعظم من أن يكفر ، فالكفارات تكون في الشرع في الأشياء المشروعة بأصلها ، الممنوعة بوصفها ، فمثلاً : أن يأتي الرجل زوجته حلال ، لكن ان أتى الرجل زوجته في نهار رمضان ، فهذا أمر مشروع بأصله ممنوع بوصفه ، فيحرم على الرجل أن يأتي زوجته وهي صائم في نهار رمضان وهو صائم ، فهل هذا عليه كفارة ؟ نعم وكفارته صيام شهرين متتابعين أما رجل زنا في شهر رمضان فهذا الوصف ممنوع بالأصل ، فلا كفارة على من أتى امرأة بزنا في نهار رمضان – والعياذ بالله- لأنه أتى بشيء أعظم من أن يكفر ، فأمره إلى الله ، ومن حلف يميناً وعقد قلبه عليها فقد فعل شيئاً مشروعاً ، ويجب عليه أن يحفظ اليمين ، فإن رأى غيرها خيراً منها يأتي التي حلف ويكفر عن يمينه ، اما رجل حلف بالله كاذبأ وهو يعلم أنه كاذب في يمينه ، فهل عليه كفارة اليمين؟ لا كفارة عليه ، لأنه أتى بشيء ليس بمشروع بالأصل ولا بالوصف ، فهذا أتى بشيء أعظم من أن يكفر ، فما هي كفارته ؟ كفارته التوبة ، فالعبد يتوجه إلى الرب بنفس منكسرة ويتوب إلى الله وإن شاء السيد أن يقبل قبل ، وإن شاء أن يرد التوبة رد حتى يبقى العبد في هذه الحياة يشعر بالعبودية ويشعر بذل المعصية فيما بينه وبين الله جل في علاه وكذلك إتيان المرأة في الحيض ، مشروع بأصله ممنوع بوصفه فمن أتى زوجته وهي حائض فعليه كفارة وهي أن يتصدق بدينار او بنصف دينار ، قال الإمام أحمد " إن أتاها في أوج الحيض يتصدق بدينار وإن أتاها في آخر الحيض يتصدق بنصف دينار ، والمراد بالدينار دينار ذهب ، ودينار الذهب يساوي مثقال ، والمثقال يساوي أربع غرامات وأربع وعشرون بالمئة من الغرام في الذهب الخالص ، أما من أتى زوجته من الدبر فقد فعل فعلاً ليس بمشروع لا بالأصل ولا بالوصف ، فعليه التوبة إلى الله ، فلا كفارة عليه إلا أن يتوب إلى الله عز وجل ، أما ماهو السبيل إلى الخلاص من ذلك ؟ الخلاص أن يشعر الرجل لما يأتي أهله بأنه يفعل طاعة ، فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { وإن أحدكم ليأتي شهوته ويكتب له بها أجره} وما منع الله الوطء في كتابه ثم أحله إلا ولفت النظر إلى ابتغاء الولد ، ولذا يسن للرجل لما يأتي أهله أن يقول " بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا " فيستحضر الولد الصالح ليكتب له الأجر ، فسبيل الخلاص أن يعلم أن الله قد ركب الشهوة في الإنسان من أجل بقاء نوع هذا الإنسان ، وأن يأتي أهله ابتغاء الولد وأن يذكر الله ومن سبل الخلاص من هذا أن يعلم الحرمة ، وأن يعلم أنه ملعون وأن زوجته التي تطاوعه ملعونة فيقلع عن هذا احتساباً ومن سبل الخلاص أن تيئس المرأة زوجها من هذا المكان ولا تمكنه منه فإن طاوعته فهي ملعونة أيضاً ، وقد ألف أبو العباس القرطبي والذهبي وابن الجوزي وغيرهم كتباً خاصة في تحريم هذا المحل . السؤال الخامس : ما حكم رجل أتى زوجته وهو صائم صيام نافلة ؟ الجواب : من أتى زوجته وهو صائم صيام نافلة ، كمن صام نافلة ، فأكل، وحكمه فيه خلاف بين الفقهاء ، فذهب المالكية والحنفية إلى وجوب القضاء ، قالوا من تلبس بطاعة فأفسدها فيجب عليه أن يقضيها ، فيقضي يوماً مكانه ، ودليلهم على ذلك قالوا : الأدلة كثيرة منها قوله تعالى : {ولا تبطلوا أعمالكم} فهذا أبطل عمله ، ومنها قوله الأعرابي الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام وذكر له صيام شهر رمضان ، فقال : هل علي غيره ؟ قال { لا ، إلا أن تطوع} فقالوا : إن إلا هنا موصولة وليست مقطوعة ، فإن تطوعت ، فأصبح التطوع في حقك واجباً ، والصواب في هذه المسألة مذهب أحمد والشافعي ، ومذهبهم من أفسد صوماً تلبس به ، وكان هذا الصوم نافلة ، لا شيء عليه ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح الذي جاء في المسند ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء أتم وإن شاء أفطر } فإن أفطر فلا شيء عليه وهي كذلك ، إن كانت صائمة تفطر ولا شيء عليها . السؤال السادس : هل يلزم من الشيء المحرم أن يكون نجساً ؟ الجواب : لا يلزم من الشيء المحرم أن يكون نجساً ، فأكل الشيء الضار مثل الطين حرام لكنه ليس بنجس ، والدخان حرام فمن صلى وفي جيبه علبة سجائر صلاته ليست باطلة ، لأن الدخان ليس بنجس ، ولو كان الدخان نجساً لكان كل من صلى وفي جيبه علبة سجائر صلاته باطلة ، فلا يلزم من التحريم التنجيس ، حتى أن الحشيشة والخمر ، على أرجح الأقوال ليستا بنجستين ، مع حرمتهما فلا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً . السؤال السابع : لي مبلغ من المال عند شخص ، وعندما أذهب إليه مطالباً بحقي من المال أشرب عنده القهوة ، هل يدخل هذا في الربا ؟ الجواب : هذا سؤال يذكر عن أبي حنيفة أنه لما كان يذهب يتقاضى دينه من تاجر فكان لا يجلس في ظل بيته ، فلما سئل عن ذلك قال: "كل قرض جر نفعاً فهو ربا" فلا أريد قرضي أن يجر هذا النفع ، لكن هذا ليس بحديث ، وإنما هذه قاعدة فقهية صحيحة ، قال بها جمع من التابعين وعلى رأسهم قتادة ، وأسند ذلك عنه عبد الرزاق في المصنف في الثامن منه ، فكل قرض جر نفعاً فهو باطل وحرام ، فالقرض لا يجر النفع ، لأن القرض طاعة وعبادة ، ولمن أقرض غيره قرضاً حسناً كما ثبت في صحيح ابن حبان ، له نصف ثواب الصدقة ، فرجل أقرض رجلاً مئة دينار ، ثم أرجع له المئة دينار ، فللرجل الذي قد أقرض ثواب التصدق بخمسين ديناراً ، فثواب القرض الحسن نصف ثواب الصدقة ، لذا لا يجوز أن يبتغي من وراء قرضه أجراً . وهنا السائل يقول : أنا أشرب عنده فنجان قهوة ، وأنا أزيد فأقول : يرسل إلي بهدية ، فهل هذا جائز ؟ إن كانت الهدية من أجل القرض فهي غير جائزة ، أما لو كانت علاقة بينك وبين هذا الشخص الذي أقرضته فتذهب إليه ، ويضيفك ويعطيك من غير القرض ، فقبول الهدية أمر جائز ، وضيافة فنجان القهوة لا أثر لها على القرض هذه الأيام ، فهذه الضيافة عرفية ، فلو جئته وأنت لست مقرضاً له ، فستشرب هذا الفنجان فلا حرج ولا حرمة فيه ، فالحرمة في أن تعطى شيئاً زيادة على القرض من أجل القرض . أما رجل أقرض رجلاً شيئاً ، فرد إليه قرضه ، فحفظ المقترض لمقرضه هذا الجميل ، فأراد بعد أن رد إليه قرضه أن يكرمه فهل في هذا حرج ؟ لا حرج في هذا ن فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : {من صنع إليكم معروفاً فكافئوه} وأقل المكافئة الشكر فيجب على من صنع معه معروف أن يكافىء من صنع معه معروفاً ، وأقلها أن تقول له : جزاك الله خيراً ، بارك الله فيك ، وماشابه ، فهذا أمر واجب ، فلو أنك زودت على الشكر هدية فلا حرج ، لكن إن كنت هذه الهدية تؤخذ بالتلميح أو بالتصريح ، وفيها شرط ضمني مع القرض ، تصبح هذه الهدية ربا . السؤال الثامن : من فاته الركوع الأول من صلاة الكسوف أو الخسوف ، هل تفوته تلك الركعة ؟ أم يعتد بها ؟ وهل الخطبة بعد الصلاة سنة أم لا ؟ الجواب : أصبحت صلاة الخسوف ، ولله الحمد ، سنة مشهورة ، وشاعت وذاعت في الفترة الأخيرة ، بسبب الإقبال على العلم الشرعي فإنهم الطلبة يقومون بما يتعلمون ويظهرونه ، وأحسن سبيل للتعليم ، أن يظهر في الواقع ، فالقلة الذين يضبطون الأمور في التصور والذهن ، والكثرة يتعلمون بالتطبيق والعمل . فكما حصل الكسوف من قريب ، ومن أشراط الساعة كثرة الخسوف والكسوف ، وقد أصبح كثيراً في الفترة الأخيرة . وصلاة الخسوف والكسوف ركعتان ، في كل ركعة ركوعان ، نركع ثم نقوم ونقرأ الفاتحة وما تيسر ثم نركع ثم التسميع والتحميد ثم السجود فالسائل يسأل : رجل جاء ولم يدرك الركوع الأول من الركعة الأولى وأدرك الركوع الثاني من الركعة الأولى ، فهل يعتبر هذه الركعة أم لا ؟ فالمسألة مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم ، وهي مذكورة في المبسوطات من كتب الفقهاء ، فقال الإمام ابن قدامة في المغني "إذا أدرك المأموم الإمام في الركوع الثاني ، احتمل أن تفوته ركعة " قلت : وهذا الخلاف على الرواية التي تقول أنه يركع ركوعين وبعض الفقهاء يرون أن صلاة الخسوف تكون ثلاث ركعات في الركعة الواحدة ،فمن أدرك ركوعين من الثلاثة يعتد بها ركعة ، قال شارح المغني : " فأما على الرواية التي يركع أكثر من ركوعين ، فإنه يكون مدركاً للركعة ، إذا فاته ركوع واحد ، لإدراكه معظم الرك2عة وقال حكاه ابن عقيل : والصواب أن صلاة الخسوف في كل ركعة ركوعان ،والصواب أنه لا يعتد المسبوق بالركعة التي فاته فيها الركوع الأول ، بل يجب عليه بعد أن يسلم الإمام أن يأتي بركعة كاملة ، ويركع في هذه الركعة ركوعين ، لأن صلاة الكسوف عبادة والعبادة توقيفية ، فيقتصر فيها على ما يثبت من كيفيتها وفق النصوص الصريحة ، وهذا مذهب غير واحد من المحققين من أهل العلم . أما الخطبة ، فعلى أرجح الأقوال إنها سنة ، فقد استحبها الإمام الشافعي واسحق ابن راهويه وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث كما قال ابن حجر في الفتح ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت بعد أن ذكرت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الركعتين ، قالت ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال هما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، وترجم الإمام البخاري على هذا الحديث : باب خطبة الإمام في الكسوف ، وعلق فقال : وقالت عائشة وأسماء، خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبخاري إذا علق شيئاً في صحيحه ، وجزم به يكون صحيحاً عنده ، ولكنه ليس على شرطه ، والله أعلم .. السؤال التاسع : ما حكم لبس الساعات والنظارات المذهبة للرجال ؟ الجواب : لون الذهب ليس كالذهب ،ولذا النظارة أو الساعة المطلية بالذهب ليست ذهباً ، فهي ليست حراماً على الرجال ولكن لا أرى ذلك حسناً لسببين : الأول : في ذلك ترفه أو تشبه بالمترفين والثاني : في ذلك مظنة للقدح في الدين ، فهذا كلما جلس في مجلس يقول : يا إخواني هذه الساعة ليست ذهباً ، وإنما هي لون ذهب ومطلية بالذهب حتى لا يتهم هذا الإنسان في دينه ، فإن أعز شيء على الإنسان دينه لذا قال العلماء من أتى المسجد والجماعة انتهت يصلي في المسجد منفرد وهذه الصلاة في المسجد منفرد أحب عند الله من الصلاة منفرد في البيت ، قالوا لماذا؟ قالوا : حتى لا يتهم بقلة الدين ، والاتهام بقلة الدين قديماً كانت سبباً لأن لا يزوج الإنسان ولا يباع منه ولا يشترى وهذا لما كان الدين عزيزاً ، فالإنسان عليه أن يبتعد عن أي سبب يجعل الناس يقدمون في دينه ،والموفق من وفقه الله . السؤال العاشر : كيف كانت صفة زواج الصحابة رضي الله عنهم ، وكيف نستطيع أن نعمل عرساً على طريقتهم في هذه الأيام ؟ الجواب : الصحابة رضي الله عنهم أقل الناس كلفة وهم بعيدون كل البعد عن التكلف فكان الواحد منهم إن طلب امرأة هو الذي يحدد مهرها ، فمن السنة أن يحدد المهر الزوج وليس ولي أمرها وعلى ولي الأمر أن يتأكد من دينه وخلقه وإن كان ولي الأمر أراد أن يبيع ابنته فليطلب هو المهر، وأما إن كان يريد أن يشتري الرجال ، فيقول : أنا قبلتك لدينك ولخلقك وأنت الذي تحدد المهر ثم بعد ذلك الرجال لا يعرفون الغناء ولا يعرفون الرقص ، وهذا للنساء فمن السنة أن يحصل الغناء عند النساء من غير ان يسمع الرجال ومن غير خلطة الرجال بل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء الأنصار لما زفت امرأة إلى رجل منهم فقال : { هل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني } قالت عائشة : تقول ماذا ؟ قال : { تقول : أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم لولا الذهب الأحمر ماحلت بواديكم لولا الحنطة السمراء ما سمنت غداريكم فالنبي صلى الله عليه وسلم علم النساء كيف يغنين ، فالنساء يغنين فيما بينهن ولا حرج ، لكن يغنين بكلمات لا تتنافى مع الحشمة والخلق ، بخلاف كلام الفسقة والفجرة ، مما يلقى ويذاع عبر وسائل الإعلام ، أما الرجال فلا يعرفون الاجتماع في أعراسهم إلا على الوليمة فالمسلم إن فرح وأراد أن يظهر فرحه يطعم من يحب ، وقال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة : "لم يكن رجال السلف الصالح يجتمعون في أعراسهم إلا على الوليمة فلم يكونوا يعرفون ضرب الكف بالكف ولا ضرب الكف بالدف ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال " ومن السنة أن يكون الاجتماع على الطعام بعد أن تزف العروس إلى عريسها وليس قبل ، فبعد أن يحصل الاجتماع بين العروسين يدعي الزوج أو ولي أمره الناس على طعامه وفي هذا الطعام ، ومعنى تقديم الطعام الحبور ، وتمام السرور في قبول هذه الزوجة وأنها على خلق وأنها على خير . هذا باختصار حال السلف الصالح في زواجهم ، بعيداً عن الكلفة والتعقيد ، لأنهم يعلمون أن الزواج هو سترة على الزوجة ، كما أنه سترة على الزوج ، وحقيقة إن لم نهتدي بهديهم ونقتدي بما يفعلون في زواجهم ، فإن العنوسة كما نرى اليوم ستكون لا يكاد يخلو منها بيت ، فالسعيد من يسر ، فأكثر النساء بركة أقلهن مهراً ، ففرق بين أن ينظر الزوج إلى زوجته ويتذكر سهولة والدها ويسره فيهنأ بهذه الزوجة ، ففرق بين هذا وبين من كلما نظر إليها تذكر ديونه وهمومه ، فهذا لا بد أن ينعكس على الزوجة فالصورة الأولى كريمة وتكون البركة في حياتها أما الثانية مظهرية كذابة جوفاء ، كما هو شعار كثير من الناس إلا من رحم الله التي هي مظاهر دون حقائق ودون أخلاق ودون ديانة نسأل الله العفو والعافية . السؤال 11 : ما رأيكم في كتاب فخر الدين الرازي " مفاتيح الغيب "؟ الجواب : كتاب مفاتيح الغيب تفسير الرازي ، فسر فيه القرآن ، خرج فيه عن منهج السلف في الأسماء والصفات فأول ، واختار مذهب الأشاعرة بقوة ، ورد كثيراً من الآيات والأحاديث ، واستطرد في ذكر الشبه ، حتى أنهم قالوا فيه : يذكر الشبهة نقداً ، ويجيب عليها نسيئة ، يذكر الشبهة ويفصل فيها ، ثم يقول الجواب عن هذه الشبهة يأتي فيما بعد ، وقد يأتي بعد عشرة أجزاء ، فتعلق الشبهة في النفس والجواب لا يبقى على البال ، وقد يفصل كثيراً في الشبهة ويردها بكلام موجز ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، استطرد كثيراً في العلوم العقلية ، حتى قيل في تفسيره أنه حوى كل شيء إلا التفسير ، فبإيجاز هو نافع لطالب علم شبعان ريان من علم الشريعة يعرف الأصيل من الدخيل ، ويعرف الجيد من الرديء ، ويعرف الصحيح من السقيم ، أما أن ينشأ عليه طالب العلم المبتدىء في التفسير فلا ، والله أعلم .. السؤال 12 : استأذنت زوجي ، وهو في أمريكا ، على الهاتف ، في صيام نافلة فلم يأذن لي ، فهل لي ان أصوم ؟ الجواب : نعم ،يجوز للمرأة أن تصوم صيام النفل ، وزوجها غير حاضر وإن لم يأذن وقد صح في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {لا تصوم امرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه } فإن لم يأذن الزوج وهو غير حاضر وغير شاهد فلا عبرة بإذنه فهذه المرأة استأذنت زوجها وهو غائب، ليس شاهد وهو لم يأذن لأن الإذن لحقه ولحضوره وجوده فإن كان موجوداً فلا تصوم النفل إلا بإذنه ، فإن كان حاضراً وعلى المرأة صيام واجب ، كالقضاء وكفارة اليمين والنذر ، فلا عبرة بإذن الزوج في الصيام الواجب . السؤال 13 : ما حكم غيبة النصارى ؟ الجواب : الأحكام الشرعية لا تتعلق بالذوات وإنما تتعلق بالأفعال ،فالغيبة مذمومة في حق المسلم وفي حق النصراني ، ولكن غيبة المسلم أشد لأن للمسلم على المسلم حقوقاً ، لكن غيبة النصراني حرام ، فالسرقة مثلاً حرام من المسلم ومن النصراني ، فكما لا تجوز سرقة النصراني كذلك لا تجوز غيبته ، لأن الأحكام الشرعية كما قلنا ، تتعلق بالأفعال لا بالذوات ، وقد سئل ابن وهب تلميذ الإمام مالك عن غيبة النصارى فقال : أوليسوا هم من الناس ؟ قال السائل : بلى ، قال : فإن الله تعالى يقول { وقولوا للناس حسناً } فربنا قال {قولوا للناس} ولم يقل للمسلمين والناس تشمل مسلمهم وكافرهم وكتابيهم ، ويجب أيضاً على المسلم أن يحفظ لسانه من الغيبة فإن طال لسانه في الكتابي والكافر فسيجره ذلك لأن يطول في المسلم فإن طال في المسلم البعيد فسينتقل ذلك للمسلم القريب ، وقد ينتقل للرحم أيضاً ، بل ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه من الإيذاء ومن الشتم ، والسب حتى للحيوان ، فقد كان تقي الدين السبكي يوماً يمشي مع ابنه فنبحهم كلب فقال الابن ، وهو صغير : اخرس يا كلب يا ابن الكلب ، فغضب الأب وقال : لا تقل هكذا ، احفظ لسانك يا بني ، فإنك إن عودت لسانك على هذا الكلام فإنه سيخرج منك دون إرادتك ، فهذه تربية الإمام السبكي لابنه ، والذي أصبح يوماً علماً من أعلام الشافعية وكبرائهم ، فإن الإنسان لا يوضع له القبول في الأرض ولاينتفع الناس منه ، لا سيما إن كان طالب علم ، إلا إن عد أنفاسه ، وقبل أن يتكلم بكلمة يتأنى فيها ،وما ندم ساكت قط ، والكلمة كما قال بعض السلف : كالنور يخرج من الجحر ،فإن خرج لا يعود ، فعلى المسلم أن يحفظ لسانه من الغيبة والنميمة والكذب والإيذاء على الكافر والكتابي لأن الشرع حرم ذلك ، بغض النظر أنت تنم من أو تغتاب من .. السؤال 14 : ولدي يصاحب رفقاء سوء ، فما نصيحتكم له ؟ الجواب : نصيحتي له ولغيره أن لا يصاحب إلا مؤمناً ، فربنا عز وجل يخبرنا عن أهل النار أول ما يقذف بهم في النار فإن الواحد منهم يبحث عن صاحبه ، لأنه لا يصل إلى النار إلا من خلال الصاحب السيء فقال تعالى { وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين } وهم القرناء ، ولذا القرين لا ينفع صاحبه يوم القيامة إلا إن كان مؤمناً ، قال تعالى { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } فالأصحاب بعضهم لبعض عدو يوم القيامة إلا المتقين ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم {لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي } ويقول الإمام الأوزاعي : "صاحبك رقعتك فيك" فالصاحب يرقع والصاحب التقي يجر صاحبه إلى الخير ، وقد قالت العرب : الصاحب ساحب ، وقال بعض الفلاسفة : قل من صاحبك أقل لك من أنت ، وقد قال الشاعر : عن القرين لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي ويقول الخوارزمي : لا تصحب الكسلان في حاجاته كم صالح بفاسد آخر يفسد عدوى البليد إلى الجليد سريعة والجمر يوضع في الرماد فيخمد وكان سفيان بن عينة – رحمه الله - يتمثل قول الشاعر : لكل امرىء شكل يقر بعينه وقرة عين الفسد أن يصحب الفسد فالعاقل في هذه الحياة يصحب إنساناً ينفعه يوم الدين ، فقد ثبت في صحيح قوله صلى الله عليه وسلم أن إنساناً يؤمر به في النار ويكون له أخ في الدنيا ، فيذهب إلى الله عز وجل ويبقى يطلب من الله ويلح على الله في الدعاء والسؤال ، ويقول : يا رب ؛ إن فلاناً أخي ، كنا نصلي معاً، ونصوم معاً ، ونفطر معاً ، وأدخلتني الجنة وأدخلته النار ، فيقول الله له : اذهب وخذ أخاك وأدخله الجنة ، فقد يدخل الإنسان الجنة بأخ يصاحبه في الدنيا ، فاحرص على أن لا تصاحب إلا من هو أعلى منك ديانة وعلماً ، فإن قصرت فلعل الله ينفعك به . السؤال 15 : ما صحة حديث { من عرفني وعصاني سلطت عليه من لا يعرفني } ؟ الجواب : هذا ليس بحديث قدسي ، وإن شاع وذاع لكن قال ابراهيم بن محمد البيهقي المحدث ، قال في كتابه " المحاسن والمساوىء" في صفحة 500 منه ، قال : روي عن عبد الله بن سلام أنه قال : "قرأت في الكتب : قال الله تبارك وتعالى { من عرفني وعصاني سلطت عليه من لا يعرفني } فهذه حكمة ومعناها حسن ، وهي مليحة ، فالله جل وعلا سلط علينا نحن معشر المسلمين ، ونحن نعرفه وعصيناه ، من لا يعرفه من اليهود والكفار" فهذه حكمة قرأها عبدالله بن سلام في كتب قد نزلت على بعض الأنبياء سابقاً .. السؤال 16 : ما صحة حديث { الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة } ؟ الجواب : هذا حديث شاع على ألسنة العوام هذه الأيام ، ويقول المحدثون : هذا حديث لا أصل له، فيحرم على الرجل أن يقول قال صلى الله عليه وسلم ويذكر الحديث ، فهذا حديث لا وجود له بإسناد في كتب الحديث ، وقال الإمام السيوطي في كتابه " الدر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" بعد أن قرر أنه لا أصل له ، قال : ويغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم { لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة } ولو أن الإمام السيوطي رحمه الله ، قال : يغني عن هذا الحديث ما أخرجه الإمام أحمد في المسند، من حديث أنس من قوله صلى الله عليه وسلم {أمتي كالمطر ، لا يدرى ، الخير في أوله أم في آخره } لكان أقرب إلى { الخير في وفي أمتي...} من {لا تزال طائفة ...} والله أعلم ... السؤال 17 : ما صحة قصة تلك المرأة التي لا تتكلم إلا بالقرآن ؟ الجواب : هذه قصة طويلة وجدتها مسندة عند ابن حبان في كتابه "روضة العقلاء" صفحة 49 ، وإسنادها واهٍ جداً ، فيه رجل اسمه محمد بن زكريا الغلابي ، وهذا الرجل قال عنه الدارقطني : متهم بالوضع ، وقال ابن حبان عنه : يروى عن المجاهيل ، وهذه القصة رواها عن بعض المجاهيل ، والقصة طويلة ، يرددها بعض الوعاظ والخطباء ،ويرددها بعض الناس في مجالسهم،أما نص القصة فهو : قال الإمام ابن حبان : أنبأنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابرهيم بن عمرو بن حبيب ، حدثنا الأصمعي قال : بينا أنا أطوف بالبادية إذا بأعرابية تمشي وحدها على بعير لها ، فقلت : يأ أمة الجبار ، من تطلبين ؟ فقالت: {من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له}. قال: فعلمت أنها قد أضلت أصحابها، فقلت لها: كأنك قد أضللت أصحابك؟ فقالت: {ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكماً وعلماً} فقلت لها: يا هذه، من أين أنت؟ قالت: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} فعلمت أنها مقدسية ، فقلت لها: كيف لا تتكلمين؟ قالت: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فقال أحد أصحابي: ينبغي أن تكون هذه من الخوارج! فقالت: { ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسؤولاً} فبينما نحن نماشيها، إذ رفعت لنا قباب وخيم، فقالت: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} قال: فلم أفطن لقولها، فقلت: ما تقولين؟ فقالت: {وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام} قلت: بمن أصوت وبمن أدعو؟ قالت: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة}{يا زكريا إنا نبشرك}{يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض}، قال فإذا نحن بثلاثة إخوة كاللآلىء، فقالوا: أمنا ورب الكعبة، أضللناها منذ ثلاث، فقالت: {الحمد لله الذي ذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} فأومأت إلى أحدهم فقالت: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه} فقلت: إنها أمرتهم أن يزودونا، فجاؤوا بخبز وكعك، فقلت: لا حاجة لنا في ذلك، فقلت للفتية: من هذه منكم؟ قالوا: هذه أمنا، ماتكلمت منذ أربعين سنة إلا من كتاب الله، مخافة الكذب، فدنوت منها، فقلت: يا أمة الله أوصني، فقالت: {ما أسألكم عليه أجرأً إلا المودة في القربى}، فعلمت أنها شيعية، فانصرفت .أ.هـ ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وقد أومأ إلى هذه القصة في الشرح الممتنع، في آخر السادس منه، يقول: يحرم جعل القرآن بدلاً من الكلام، وأنا رأيت زمن الطلب قصة في جواهر الأدب، عن امرأة لا تتكلم إلا بالقرآن، وتعجب الناس الذين يخاطبونها، وقالوا لها: أربعون سنة لا تتكلم إلا بالقرآن، مخافة أن تزل، ويغضب عليها الرحمن، نقول هي زلت، فالقرآن لا يجعل بدلاً من الكلام، لكن لا بأس للإنسان أن يستشهد بالآية على قضية وقعت .أ.هـ، فحتى لو أنها صحت ، فلا يجوز للإنسان أن يترك الكلام ، لأن أورع الناس وأتقاهم محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه ، وما فعلوا هذا ، ولو كان خيراً لفعلوه ، فالقصة ركبها الغلابي هذا ، فكذب فيها على الأصمعي . السؤال 18 : ما أبرز ما قيل في كعب الأحبار، من حيث عدالته؟ علماً أن البعض يقول : إنه مجروح يروي الإسرائيليات؟ الجواب: الكلام عن كعب طويل جداً ، وكعب كان يهودياً فأسلم، ولم يعرف عن أحد أنه قدح فيه، وقد علم المزي في تهذيب الكمال له علامة الشيخين، البخاري ومسلم ، والصواب أن أصحاب الصحيحين ذكروه عرضاً، ولم يسندا شيئاً من طريقه، ولا نعرف له رواية يحتاج إليها أهل العلم. وكذب على كعب كثيراً ، وكعب روى عن بني إسرائيل فأكثر، وكان بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم ينقل بعض ما روى، وكانوا يفحصون أخباره، وقد كانت له مهارة متميزة في تفسير الأخبار التي قد وردت عن أهل الكتاب، وصوابه في إنزال الأخبار، إن ثبت عنه ، أكثر من خطأه، ولكن الذي يصح عنه قليل، فرأى كثير من الرواة الكذابين والمطعون بهم مجالاً لأن يعلقوا ترهاتهم وأكاذيبهم على كعب، وإن لم يصح عن كعب أنه كذب، لكن كذبه في بعض الأخبار، فبعض الأخبار التي قصها لم تقبل منه، وإنما ردت عليه، فكل ما قيل في كذبه يحمل على تكذيب الرواية التي قالها وليس على أنه يختلق الكذب، هذا أعدل الأقوال فيه، ومن رامَ التفصيل، فقد تكلم عليه بكلام بديع طويل، فيه تحرير وتدقيق، ذهبي هذا العصر: الشيخ المعلمي اليماني، في كتابه "الأنوار الكاشفة" صفحة 105 ، وما بعد ، هذا باختصار، والكلام يحتاج إلى إطناب وليس هذا محله . السؤال 19 : كتاب القول الثبت في صيام يوم السبت لابن حجر، هل هو مذكور في الفتح، وما هي كتب التراجم التي نرجع إليها لمعرفة كتب ابن حجر؟ الجواب : أحسن كتاب عن حياة الحافظ ابن حجر العسقلاني، أمير المؤمنين في الحديث هو "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر} لتلميذه المختص به السخاوي رحمه الله، وطبع حديثاً في ثلاث مجلدات وذكر السخاوي هذا الكتاب في الجواهر والدرر، في الجزء الثاني منه ص 664، وذكره السيوطي أيضاً في " نظم" ص 47، والكتاتي في فهرس الفهارس في الأول منه ص 247، وهذا الكتاب مفقود ، لا نعرف عنه وجوداً . السؤال العشرون : هل ثبت حديث أو رواية لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح ؟ الجواب : لقد كتب في ترجمة الصحابة جمع من العلماء ومن بينهم الحافظ أبو نعيم الأصبهاني له كتاب اسمه "معرفة الصحابة" ومن محاسن هذا الكتاب أنه يذكر لكل صحابي عدد الأحاديث التي له، فقال في ترجمة حمزة رضي الله عنه في الجزء الثاني في صفحة 673 ، قال: أسند عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديثين ، فحمزة لم يكثر الرواية بسبب تقدم وفاته ، فإنه قد مات في أحد . السؤال الحادي والعشرون : هل النافع والضار والعارف والباقي من أسماء الله عز وجل ؟ الجواب : لم يثبت نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأسماء، لذا فلا يجوز لأحد أن يسمى بها، كعبد الباقي وكعبد النافع وكذلك العارف والضار. والعلماء يمنعون من إطلاق العارف على الله، أو يقول أحد لما يسأل، فبدل أن يقول الله أعلم يقول الله يعرف ، وهذا كلام كفر لا يجوز ، لأنه يوجد فرق في اللغة بين العلم والمعرفة، ذلك أن المعرفة يسبقها جهل والعلم لا يسبقه جهل ، فإذا قلت: يعرف الله، فلازم ذلك أن يكون الله جاهلاً ثم عرف، فيحرم على المسلم أن يقول، الله يعرف ، أو يعرف الله ، وينبغي أن يقال: يعلم الله ، فالعارف ليست من أسماء الله وقد نصص على جمع من أهل العلم منهم : ابن اللحام في كتابه المختصر ص36، فقال: ولا يوصف سبحانه بأنه عارف،وذكره بعضهم إجماعاً، أما من قالها جهلاً فلا يكفر، ويعذر بها بالجهل ، ولكن إن عذر بها بالجهل ، فقد لا يسلم من الإثم . السؤال 22 : هل نزع الخفين ناقض للوضوء ؟ الجواب: نزع الخف ناقض للمسح، وليس بناقض للوضوء، فمن توضأ ومسح على خفيه، ثم نزعهما يبقى وضوءه صحيحاً، ونزع الخفين ناقض للمسح إن أرجع الخفين إلى رجله دون وضوء بغسل، فهذا ينقض المسح لا الوضوء، لأن نواقض الوضوء توقيفية، ولم يقم دليل شرعي على أن نزع الخفين من القدم ناقض للوضوء، لذا من خلع خفيه بعد المسح أو بدلهما فلا يجوز له أن يمسح على خفيه ويبقى وضوؤه صحيحاً، لأسباب ثلاثة : الأول : لم يقم دليل على نقضان الوضوء ، والأصل في النواقض التوقيف . الثاني : أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وغيره: أن أبا بكر وعلياً رضي الله تعالى عنهما توضئا ومسحا ونزعا وصليا، فصلى أبو بكر وعلي بعد مسح وقد خلع كل منهما الخفين. الثالث : نظائر المسألة؛ أرأيتم إن توضأ رجل ومسح على شعر رأسه، ثم ذهب إلى الحلاق ، فحلق شعر رأسه ، فلا يجب عليه وضوء جديد إذا أراد أن يصلي. وهذا السبب الثالث دليل عقلي ، وليس أصلاً مسلماً به في المسألة ، وإنما يستأنس به، لأنه يوجد فرق بين شعر الرأس والخف، حيث أن الأول متصل والثاني منفصل، والعلماء يفرقون بين المتصل والمنفصل في أشياء كثيرة، فمثلاً شعر المرأة عورة لا يجوز النظر إليه، لكن إن قصته ورمته في الطريق فلا يحرم النظر إليه ، وكذلك لو قال الرجل لزوجته: يدك طالق فإنها تطلق، أما لو قال لها: ثوبك طالق فلا تطلق، فالخف ليس كالشعر من هذه الحيثية ، ولكن لما ثبت من الأثر وإعمالاً للقاعدة الأصلية من أن الأصل في النواقض التوقيف، ولم يرد نص على أن من نزع خفه الممسوح عليه يبطل وضوءه . السؤال 23: هل مس العورة ينقض الوضوء؟ الجواب: الخلاف مشهور بين أهل العلم في مسألة مس العورة والواجب أعمال الأدلة كلها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: {من مس ذكره فليتوضأ} وسئل صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر، فقال: {هل هو إلا بضعة منك} وقد ذهب شيخ الإسلام وجماهير الفقهاء إلى أنه إن مست العورة على أنها قطعة من الإنسان كما يمس الإنسان يده أو رجله فهذا مس من غير شهوة وإن تقصد مس ذاك المكان عامداً فلا يكون ذلك إلا بشهوة فجماهير أهل العلم يوفقون بين الأدلة كلها إعمالاً لها جميعاً، فيقولون: مس العورة بشهوة ينقض الوضوء، ومس العورة بغير شهوة لا ينقض الوضوء لأن قوله عليه الصلاة والسلام{هل هو إلا بضعة منك} إشارة إلى أن المس ليس بناقض إن كان يمس كما تمس سائر الأعضاء . فالمرأة التي تغسل لابنها وتمس عورته لا ينتقض وضوئها وكذلك الحال أيضاً إن مست النجاسة فإن مس النجاسة لا ينقض الوضوء، وإنما الواجب غسل المكان الذي أصابته النجاسة . السؤال 24: هل الاتصال بالهاتف بأحد الأقارب يعتبر من صلة الرحم ؟ وهل يجب على الرجل أن يصل ابنة عمه أو ابنة عمته، خاصة إذا كان هو الأقرب لها؟ الجواب : الواجب على المسلمين أن تكون صلاتهم حسنة مع بعضهم بعضاً ، والرحم قسمان : رحم عام ، ورحم خاص، والمسلم للمسلم رحم ، والرحم الخاص ممن اجتمعت أنت أصولك أو فروعك وإياه في رحم ، فانت تجتمع في رحم الأم مع إخوانك وأخواتك، وأبوك يجتمع مع أعمامك وعماتك في رحم واحد وخالاتك وأخوالك يجتمعون مع أمك في رحم واحد ، أو أن الرحم: من ترثهم ويرثوك، والمطلوب من الإنسان أن يقدم الأقرب فالأقرب والصلة عرفية فما يعد في أعراف الناس قطيعة فهو قطيعة وما يعد وصلاً فهو وصل، وليس الواصل بالمكافىء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فليس الواصل الذي يكافىء الناس إن جاؤوه أتاهم وإن هجروه هجرهم ، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه فيجب على الإنسان أن يصل والراجح أن الذكور والإناث من الرحم وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها وعلل ذلك بقوله {إنكم إن فعلتم ذلكم قطعتم أرحامكم} فعمة الزوجة رحم لها ، وكذلك خالتها ، وابنة العم والعمة وابنة الخال والخالة ليستا من الرحم الخاص إلا في صور نادرة كأن تفقد المرأة جميع رحمها ولم يبق لها إلا ابن العم وهو القائم على أمرها وهو الذي تأتي وتشتكي المظلمة من الزوج أو الأهل إليه فحينئذ تلحق بالرحم الخاص ويجب عليه أن يتعاهدها بالشروط الشرعية من عدم المصافحة والخلوة وعدم المحادثة إلا فيما يعود بالنفع أو فيما تكون فيه حاجة والصلة العرفية أن الناس يزورون بعضهم في المناسبات الاجتماعية كالزواج والأفراح والأتراح والتهنئة في المناسبات التي لا مخافة فيها وهكذا والحديث والمرور اليسير هو من الصلة، والحديث بالهاتف نوع من الصلة ولكن لا يجوز الاقتصار عليه، ولكن وجوده خير من عدمه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الحاكم وغيره قوله {بلوا أرحامكم ولو بالسلام} فالصلة بالهاتف من البلل فهو خير من القطيعة ولكن ليس هو الصلة المطلوبة وهذا الواجب يتفاوت باختلاف أحوال الأشخاص ؛ فالغني الواجب عليه في الصلة أن يتعاهد الفقراء من رحمه ، وقد صح عن أبي داود وغيره من حديث ابن مسعود أن الصدقة على ذي الرحم صدقتان ، والواجب على الجالس غير المقدار الواجب على العالم ، والمرابط على الثغور، فلما تتزاحم الحقوق يقدم الإنسان الأولى فالأولى ، ويجب على الجميع أن يكون واصلاً لرحمه على قدر استطاعته ولقد وجدت أن أصعب فرض في دين الله أن تعطي كل ذي حق حقه ، أن تعطي الزوجة حقها ، والرحم حقوقهم والأولاد حقوقهم والجيران حقوقهم والطلبة حقهم والشيخ حقه والعمل حقه والدنيا حقها وهكذا ، فهذا أصعب واجب والموفق من وفقه الله . السؤال 25: كيف يتوضأ المريض بسلس البول والمستحاضة ؟ ومن لايستطيع المحافظة على وضوءه لفترة زمنية ؟ الجواب : يجب على كل مسلم الصلاة وإن لم يستطع الوضوء ولا يجوز له أن يقصر فيها ، وبعض الناس لمرض أو لكبر سن لا يستطيع أن يبقى على وضوء، فلعله وهو يتوضأ ينتقض وضوءه، إما بسلس بول أو سلس ريح أو الاستحاضة للمرأة ، فمثل هؤلاء يجب عليهم الوضوء لكل صلاة عند دخول الوقت فعند سماعه الآذان يتوضأ ويصلي بوضوءه هذا ما شاء من النواف ويكون هذا العذر في حقه معفواً عنه وبالآذان الثاني ينتقض وضوءه وهذا من الأحاجي والألغاز التي تذكر في كتب الفقهاء وهو أن هناك ناقض للوضوء وهو الأذان ففي حق من يكون الأذان ناقضاً للوضوء؟ فالأذان ينقض وضوء أصحاب الأعذار ، كالسلس والاستحاضة وما شابه، قول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة {توضئي لكل صلاة } أي : لوقت كل صلاة وفي بعض الطرق زيادة {ولو قطر الدم على الحصير قطراً} ونقول لصاحب السلس توضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت وصل ولو قطر البول على الحصير قطراً، وإياك أن تترك الصلاة ، وهذا عذر معفو عنه لأنه فوق الإرادة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها . السؤال 26 : ما المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم { حتى يأتي أمر الله } في حديث الطائفة المنصورة ؟ الجواب : حديث الطائفة المنصورة متواتر{لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم} وفي رواية عند أحمد {إلا الأواد تصيبهم} وهو ما يكدر الخاطر لكن لا يستطيع أحد أن يضرهم وأن تقطع شامتهم وأن يزيلهم لأن الزرع الذي زرعه الله لا يستطيع أحد كائن من كان أن يحصده ، فهذا زرع الله وهذه الطائفة باقية إلى يوم القيامة حتى يأتي أمر الله وفي رواية عند مسلم حتى تقوم الساعة ، فأمر الله : قيام الساعة ، فيرسل الله ريحاً تأخذ المؤمنين فلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق . السؤال 27: رجل نسي في صلاته السجدة الأولى أو الثانية ، ماذا عليه ، ومتى يكون سجود السهو ، قبل السلام أم بعده ؟ الجواب : سجود السهو على أرجح أقوال أهل العلم أنه واجب ، لأمر النبي به ، فمن أخطأ في صلاته بزيادة أو نقصان فيجب عليه أن يسجد للسهو ، ووقع خلاف بين أهل العلم في مكان سجود السهو ، أهو قبل التسليم أم بعد التسليم ؟ فالشافعية قالوا قبل التسليم بإطلاق ، والحنابلة والمالكية قالوا : ينظر للسبب، فإن كان من زيادة فهو بعد التسليم ، وإن كان من نقصان فهو قبل التسليم وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سجد قبل وسجد بعد ، فسجد قبل التسليم لما قام للثالثة ، ولم يجلس للأوسط ولما صلى خامسة سجد بعد التسليم ، واستقرأ المالكية والحنابلة الأسباب ، فوجدوا قاعدة مطردة : فمتى زاد النبي في الصلاة سجد بعد السلام ومتى أنقص النبي من صلاته سجد قبل السلام ، وهذا أرجح الأقوال أما من فاتته سجدة فيجب عليه أن يأتي بركعة بدلها ويلغي هذه الركعة التي نسي فيها السجدة ، فرجل في صلاة المغرب مثلاً وهو في الركعة الثانية يقرأ الفاتحة ، تذكر أنه ما سجد السجدة الثانية من الركعة الأولى فيلغي الركعة الولى وتصبح الثانية بالنسبة إليه أولى ، فلا يجلس للتشهد ويقوم ويجهر بالتي بعدها إن كان إماماً، أما إن قام للركعة الثانية وقبل أن يبدأ بالفاتحة سبح له المصلون فيجلس ويأتي بسجدة ثانية ويجب عليه سجود السهو لأنه قام قياماً زائداً ، وحسب القاعدة يسجد بعد السلام . السؤال 28 : كم مسافة القصر للمسافر ؟ وكم مدة القصر ؟ وهل الجمع والقصر في السفر واجب أم مستحب ؟ الجواب : الجمع رخصة باتفاق العلماء وأما القصر فقد وقع فيه خلاف والراجح عند الفقهاء ، وهذا مذهب أبي حنيفة ، أن القصر غريمة ، ولا يحل للمسافر أن يتم ، وإن أتم أثم ، ويجب على المسافر أن يقصر ، لحديث عائشة {فرضت الصلاة ركعتان ركعتان فزيدت في الحضر وأقرت في السفر} فالأصل في القصر أنه غريمة ولا يجوز للمسافر أن يتركه . أما الجمع فله أن يفعله ، وله أن يتركه ، وهو رخصة فقد ثبت أن النبي جمع في السفر وثبت أنه ترك الجمع ، فقد ثبت أنه قصر في منى ولم يجمع لأنه مستقر بها ، فالمستقر في مكانه لماذا يجمع؟ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلمأنه كان إذا جد به السير جمع فمتى احتاج المسافر بل متى احتاج الإنسان للجمع جمع ، بالشروط الشرعية . فالجمع رخصة والقصر غريمة ، فالمسافر إن صلى إماماً أو منفرداً يقصر ، أما إن صلى مأموماً خلف مقيم فإنه يتم ولا يجوز له أن يقصر ، فقد ثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن إتمام المسافر خلف المقيم فقال : يتم ؛ تلك سنة أبي القاسم ، وقول الصحابي تلك سنة أبي القاسم ، لها حكم الرفع كما هو مقرر في علم المصطلح . أما مسافة القصر فهذا مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم وخلاف شهير بينهم لوجود الآثار وقد تضاربت عن الصحابة والتابعين في المسألة ، منهم من طول كأبي حنيفة وقال القصر يكون في مسافة 24 فرسخاً فأكثر ، وجماهير الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة قالوا : المسافة للقصر تكون 16 فرسخاً ، والفرسخ يساوي خمسة كيلو مترات وأربعين متراً. فتكون مسافة القصر قرابة واحد وثمانين كيلو متراً ، وهذا يكون في الذهاب دون الإياب ، والشيعة يرخصون كثيراً وأرجح الأقوال ومذهب المحققين من العلماء ، أن العبرة في السفر بالعرف ، فما يسمى في أعراف الناس أنه سفر فله أن يقصر ، ويجمع إن احتاج للجمع ،إما جمع تقديم أو جمع تأخير ويفعل الأرفق به . السؤال 29 : رجل عليه كفارة صيام شهرين متتابعين وأراد السفر فأفطر فهل يتم صومه؟ أم أنه يبدأ من جديد ؟ الجواب : صيام شهرين متتابعين يكون في حق من قتل مؤمناً خطأ أو من جامع زوجته في نهار رمضان أو من ظاهر فمثل هؤلاء عليهم صيام شهرين متتابعين فمن وجب في ذمته صيام شهرين متتابعين وطرأ عليه عذر شرعي ، يجوز له أن يفطر ، بشرط أن لا يتخذ السفر حيلة لأن يفطر فإن دعت حاجة وكان من عادته السفر ولم ينشىء السفر للفطر ، فله أن يفطر وكذلك المريض إن خشي على نفسه بل قد يكون الفطر في حق البعض واجباً فامرأة قتلت ابنها خطأ فوجب عليها صيام شهرين متتابعين فجاءتها العادة الشهرية فيجب عليها أن تفطر ويحرم عليها الصيام ومتى انتهت العادة يجب عليها أن تباشر الصيام وتتابع وكذلك المسافر بمجرد إقامته يجب عليه أن يتابع الصيام ومن أفطر يوماً من غير عذر يجب عليه أن يبدأ الصيام من جديد. والمعتبر في السفر أن يسافر سفراً مباحاً أو سفر طاعة وسفر الطاعة مثل : الحج ، العمرة ، والجهاد ، وطلب العلم ، وصلة الرحم ، والسفر المباح مثل : سفر التجارة والتنزه الذي في غير معصية ووقع الخلاف بين أهل العلم فيمن سافر سفراً محرماً فهل يجوز له أن القصر والفطر ؟ والراجح عند أهل العلم أن لا يجوز له ذلك وهذا من باب التضييق على أهل المعصية، أما صيام النذر فالأفضل أن يرجئه إذا كان عليه سفر . السؤال 30: إذا لم يستطع الرجل أن يعق عن ولده الذكر إلا بذبيحة واحدة ، فما عليه؟ وهل يجوز للمستطيع أن يوكل من يعق عنه خارج بلده ، في بلد يكون فيه سعر الذبيحة أقل بكثير من بلادنا ؟ وهل يعق الرجل عن ولده المتوفى قبل موعد العقيقة ؟ الجواب : العقيقة تكون في اليوم السابع فمن رزق مولوداً وعاش سبعة أيام فيجب عليه أن يفك رهنه بأن يذبح عقيقة ، فإن مات قبل السابع فلا شيء عليه . والعقيقة تكون عن الجارية شاة ، وعن الذكر شاتان ، وفي حديث ابن كرز : عن الذكر شاتان متكافئتان فمن السنة أن تكون الشاتان متكافئتين ، أي متشابهتين، أما من لا يستطيع أن يعق عن الذكر إلا بشاة واحدة فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ،أما من كان مستطيعاً أن يعق بشاتين ولكن عق بواحدة فقد قصر ، أما هل يجزى ذلك ؟ ففيه نزاع ، فقال الشوكاني في نيل الأوطار: أصل السنة شاة ، وتمامها اثنتان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بشاة، وهذا كلام فيه نزاع، وأصح الروايات رواية النسائي: {عق النبي عن الحسن والحسين بكبشين كبشين } فوافقت السنة القولية السنة الفعلية ، ولذا الواجب على المستطيع أن يعق عن الغلام شاتين . ويجوز للعم أو الجد أو القريب بأن يعق عنه لأن الذي عق عن الحسن والحسين جدهما أبو القاسم صلى الله عليه وسلم . والعقيقة شرعت من أجل إشهار النسب فيذبح الإنسان لذلك ، وله أن يوزعها نيئاً ، وله أن يطهوها ويدعو إليها وله أن يتصدق ويدخر أو أن يهدي فالحكمة أن يشتهر بين الناس أن فلاناً رزق مولوداً . ومن لم يستطع أن يعق في بلده ، فليس واجباً عليه أن يبحث عن أفقر بلاد المسلمين ، ويوكل رجلاً يذهب هناك ويذبح ولكن لو فعل أجزأه ذلك ، فلا يوجد عندنا دليل أن هذا باطل أو لا يجزىء ولكن السنة العملية عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يعقون ويشهرون النسب . ولا يشترط جنس الذبيحة سواء كان بلدياً أو رومانياً مثلاً أجزأ فالعبرة بنهر الدم . ولا يشترط في العقيقة شروط الأضحية وإن قال بهذا بعض الفقهاء فلم يقوم دليل عليه والأفضل أن تكون بكبش أصلح كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم .. السؤال 31: إذا لبث الحاج في مكة حتى الثامن من ذي الحجة ، ثم خرج إلى عرفة مباشرة دون المبيت بمنى ، فهل عليه شيء ؟ الجواب : من السنة أن يبيت الحاج بمنى يوم التروية ولا أعرف أحداً أوجبه ، فهو سنة فمن تركه فاته أجره، وحجه صحيح . السؤال 32: هل في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تحريك الأصبع بين السجدتين ؟ الجواب : ذهب إلى تحريك الأصبع بين السجدتين بعض المعاصرين من العلماء وقد ورد في حديث أخرجه عبد الرازق في المصنف برقم 2522 ، ومن طريقه أحمد في المسند في الرابع 317، والطبراني في الكبير في الثاني والعشرين ص 34 ،عن النوري عن عاصم بن كليب عن الشاشي عن أبيه عن وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه وذكر صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما فيها {وسجد ووضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ، وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ، ثم أشار بسبابته ثم سجد } هذا الحديث خالف فيه عبدالرزاق جماعات كثيرة من الرواة ، فقد أخرج الحديث وفيه تحريك السبابة ولم يحدد موطن التحريك ولكن السياق يقتضي أن التحريك كان بعد السجدة الثانية وصرح بأن هذا التحريك كان بعد التشهد : ابن عيينة وشعبة وأبو الأحوص وأبو عوانة وزهير بن معاوية وموسى بن ابي كثير ، فالخلاصة أن تحريك السبابة بين السجدتين شاذ ، شذ عبدالرزاق فخالف غيره فلا تشرع الإشارة بالسبابة بين السجدتين وإنما بعد التشهد كما رواها عاصم بن كليب من حديث وائل بن حجر . وهنا يطرأ سؤال : رجل مقطوع أصابع اليد اليمنى فهل يشرع له أن يشير بالسبابة اليسرى ؟ لا يشرع له ذلك لأنه لا يستطيع أن يفعل لإنعدام هذا المكان ، فلا يجوز له أن ينقل كمن قدمه مقطوعة فلا يشرع له في الوضوء غسل الساق ، والله أعلم ... السؤال 33 : كيف يكون الخوارج ضلالاً وهم أصحاب نسك وعبادة ؟ الجواب : أما القول بأن الخوارج أصحاب نسك وعبادة ، فنعم ، فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : {سيأتي أقوام يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يتجاوز حلاقيهم} لكن كيف يكون ضلالاً؟ لأن الفساد أصله في أمرين : إما فساد في الإرادة وهذه لما تفسد تقعد صاحبها عن عمل الصالحات ، وقد يقع في المحظورات ، وإما فساد في التصور ، يكون التصور خطأ ، فالإنسان يعبد ويجتهد ويكون تصوره لدين الله خطأ ، وكما أن النقصان من الطاعات معصية ، فإن الزيادة عن الواجب معصية ، وفساد الخوارج الذين كفروا علياً ومن معه فسادهم في التصور وفساد التصور أخطر من فساد الإرادة فمن فهم شيئاً في دين الله خطأ وتعدى على الدين ، وإرادته سليمة ، هذا أخطر على الإسلام والمسلمين ممن فهم الإسلام صواباً ، وإرادته فاسدة وتصوره صحيح ، فصاحب الكبيرة يزني ، يشرب الخمر ، ويعترف بالتقصير ، ويتوب ، أما صاحب البدعة كيف يتوب؟ هو يتصور أنه يعبد الله في هذه البدعة فكيف يتوب منها؟ والخوارج أهل هوى ، والخوارج كانوا ينازعون الأصحاب على الحكم، ولذا كفروا الناس ، وقد ظفرت بأثر للحسن البصري ذكره أبو حيان التوحيدي في كتابه "البصائر والذخائر" في الجزء الأول ص 156، يعطي إشارة على الفساد الموجود عند الخوارج، قال "أتى رجل من الخوارج إلى الحسن البصري ، فقال له : ما تقول في الخوارج؟ قال الحسن : هم أصحاب دنيا، قال : ومن أين قلت أنهم أصحاب ، والواحد منهم يمشي بين الرماح حتى تتكسر فيه، ويخرج من أهله وولده ، قال الحسن : حدثني عن السلطان ! هل منعك من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والعمرة ! قال : فأراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها" أ.هـ. أي أنك قاتلته على أن تكون صاحب رئاسة وصاحب سلطنة، فالخوارج أصحاب دنيا على رأي الحسن البصري والفساد في تصورهم . السؤال 34 : لقد قمت بحساب صلاة الظهر عملياً باستخدام عود فوجدت أن ظل العود وقت الزوال أطول من طول العود نفسه ، فهل هذا ممكن ؟ الجواب : هذا الأخ لم يحسن ضبط وقت الظهر ، فلو أردنا ضبط وقت الظهر فكيف نضبطه؟ فالشمس كما تعلمون تسير من جهة المشرق وتتحول إلى جهة المغرب ، وتكون قبل وقت الظهر في كبد السماء ، ولو كنا في منطقة خط الاستواء فإن الظل في هذا الوقت يتلاشى بالكلية ، ولكن في بلادنا هذه فإن الظل لن يتلاشى أبداً، لأن الشمس لا تكون عامودية فإذا أردنا ضبط وقت الظهر، نقوم بالآتي : نأتي بشاخص، ويفضل أن يكون مدبب الرأس ، حتى يظهر الظل وطوله وقصره بوضوح من خلال هذا الرأس المدبب ، وهذا الشاخص يثبت في قاعدة والأحسن أن تكون دائرية ويرسم حول هذا الشاخص دوائر منتظمة ومتقاربة بمسافات متساوية وتعرض هذا الشاخص للشمس ، وننظر فيه قبل آذان الظهر بنصف ساعة مثلاً ، فيكون ظل الشاخص الآن في جهة الغرب ،ومع تحول الشمس إلى جهة الغرب فإن الظل ينقص ، ونعرف هذا النقصان من خلال الدوائر الموجودة على القاعدة ، لما يصير النقص في الظل على أكبر حال، ويستوي ويثبت هذا النقصان يكون هذا الوقت الصلاة فيه مكروهة أول زيادة في الطول بعد تمام النقص والتحول إلى جهة الشرق يكون هذا هو وقت آذان الظهر الشرعي . السؤال 35 : هل يجوز أن تكون عصمة الطلاق بيد المرأة ؟ الجواب : إن الحقوق قسمان : مادية ، ومعنوية ، والحقوق المعنوية المجردة غير الحسية قسمان : شرعية وكسبية ، فالكسبية : التي يكتسبها الإنسان من خلال مهارته ويعرف من خلال العرف العام أنها لفلان دون فلان ، والشرعية هي ما أعطى الله من حق للإنسان ولا يعرف أنها لفلان دون فلان، ومثال الحقوق المعنوية الكسبية التي تكون لفلان دون فلان ويحصل عليها الإنسان بجد واجتهاد وكسب : حق الابتكار والاختراع والماركة المسجلة ، حق التأليف ، الخلوات . والحقوق المعنوية الشرعية مثل : حق الشفعة ، حق المبيت عند الزوجة فمثل هذه الحقوق لا تكون لفلان دون فلان، بل لكل الناس فهي ليست حقوق كسبية . والحق المعنوي الكسبي يباع ويشترى ، فإن المال عند العلماء ماله قيمة عرفية محترمة ، أي قيمة لا تصادم نصاً؛ فالخنزير والخمر في شرع الله ليسا مالاً. أم االحقوق المعنوية الشرعية المجردة فلا تباع ولا تشترى ، فلو ان ضرة ساومت ضرتها على ليلتها، مقابل مبلغ من المال ثم لم تعطها فلا يقضى عليها بأن تعطيها لأن هذا حق شرعي لا يباع ولا يشترى . فالعصمة حق معنوي وقع فيه خلاف بين الفقهاء هل هو شرعي أم كسبي ؟ والراجح أنه شرعي محض، لأنه ليس خاصاً برجل دون رجل ، ولأن الله عز وجل لما قال : {الرجال قوامون على النساء} علل ذلك بأمرين فقال : {بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } فالرجل هو الذي ينفق على المرأة ، والمرأة إن كانت غنية لا تنفق عليه ، فالتعليل شرعي محض، فالتفضيل بيد الشرع ، والشرع هو الذي بيده أن يأمر من الذي ينفق على من ، فالعصمة حق معنوي شرعي عند جماهير أهل العلم ، وهي عند أبي حنيفة حق كسبي بخلاف الأئمة الثلاثة ، ورأيهم هو الراجح والصواب ، لأن الرجل هو الأصلح لقيادة الأسرة . السؤال 36: هل الرهان حلال أم حرام ؟ الجواب : الرهان أن كان طرف واحد فهو جعالة ، ولا حرج فيه، فرجل يقول لآخر: أتسابق وإياك ، فإن سبقتني أجعل لك كذا ، وإن سبقتك فلا شيء عليك، وأيضاً لو كانت الجعالة من طرف ثالث فهي حلال ، الرهان يكون من طرفين وجماهير أهل العلم يحرمونه ويعتبرونه قماراً، واستثنى من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، استثنيا الرهان على ما يوقع الأبدان في الجهاد وعلى ما يفتح الأذهان في العلم . قال ابن القيم : الفروسية فروسيتان : فروسية بالسيف والسنان، وفروسية بالعلم والبيان، ومن لم يكن من أهل هاتين الفروسيتين ، ولا ردءاً لأهلها، فهو كلٌ على نوع بني الإنسان، فابن القيم وشيخه يجوزان الرهان من الطرفين على مسائل العلم الظاهرة الثابتة في الكتاب والسنة وعلى أصول المسائل وعلى ما يقوي الأبدان في الجهاد، وأدلتهم قوية، فاستدلا على جواز الرهان من الطرفين على ما يوقع ويقوي الأبدان في الجهاد بقصة النبي صلى الله عليه وسلم مع ركانة- وهو رجل قوي لم يكن يستطيع أحد أن يصرعه- فالتقى ذات يوم مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : أتصارعني؟ فقال له النبي : نعم ، أصارعك! قال : من يغلب له شاة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: قبلت، فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فغلبه في المرة الأولى والثانية والثالثة وكان هذا في مكة ، قال أبو حنيفة : هذه المغالبة تجوز في ديار الكفر ولذا اتكأ أبو حنيفة على جواز الربا في ديار الكفر على هذا الحديث، وذهب جماهير الفقهاء إلى أن هذه منسوخة ولا ندري ما الناسخ؟ فابن تيمية وابن القيم رحمهما الله قالا: الرهان من الطرفين على المسائل التي تعين على الجهاد من أمثال : رمي الأهداف الدقيقة ، وما يقوي البدن جائز ، وكذلك المسابقة على المسائل الأصلية الكلية في العلم ،واستدلا على ذلك بمراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كفار قريش في أيهما يغلب : الروم أم الفرس! فراهنهم على أن الروم سيغلبون الفرس خلال ثلاث سنوات فلما بلغ الأمر النبي صلى الله عليه وسلم قال له : هلا زودت لأن الله تعالى قال {وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} والبضع من الثلاث إلى التسع، قال أبو حنيفة: هذا في ديار الكفر؛ فالمراهنة والمراباة بين المسلم والكافر في ديار الكفر جائزة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : هذا خطأ فهذا ليس بمنسوخ أولاً وليس في ديار الكفر دون ديار المسلمين ثانياً والحلال حلال في ديار المسلمين وديار الكفر والحرام حرام في ديار الإسلام وديار الكفرلذا من يعتمد على هذا الحديث فيفتي المسلمين في ديار الكفر أن يتعاملوا مع البنوك الربوية فهو مخطىء ولا يجوز الاعتماد على هذا الحديث في مثل ذلك. وهذا حديث محكم وليس بمنسوخ وتجوز المراهنة من الطرفين على ما يوقع الأبدان وينقح الأذهان في مسائل العلم الكبار وفيما عداه لا تجوز المراهنة من الطرفين والله أعلم .. ومن باب الفائدة الزائداة أن الإمام ابن القيم قد سجن بسبب هذه المسألة؛ سجنه السبكي عفا الله عنه ، وألف كتاباً كبيراً سماه "الفروسية الكبرى" ذكر فيه مئة دليل على صحة قوله . السؤال 37: هل تجوز القراءة من المصحف في الصلاة ؟ الجواب : هذا العمل أقل الأقوال فيه الكراهية ، لأنه يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم العملي وهدي أصحابه. وفرق بين من يقرأ عن ظهر قلب فيؤثر حفظ القرآن على سمته وهديه ، وبين من يقرأ القرآن عن حاضر، فهذا لا يجعل الإمام أو المصلي صاحب سمت فالناس اليوم في حاجة إلى أخلاق العلماء وسمتهم وهديهم كما هم بحاجة إلى علم العلماء ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {يؤم القوم أقرؤهم} فالقراءة عن حاضر تلغي هذا الحديث ؛ لأن جميع الناس يعرفون القراءة عن حاضر والعلماء مجمعون على وجوب حفظ الفاتحة ، وهذه القراءة تلغي هذا الاجتماع والقراءة من المصحف في الصلاة فيها عدة محاذير منها: أن يتشبع الإنسان بما لم يعط ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول {المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور} فهذا يصلي الناس خلفه وهم يقولون ما أحفظه ما أتقنه ، ما أجوده ، فهو متشبع بما لم يعط وأيضاً فيه حركة زائدة من تقليب الصفحات وما شابه ، والأصل في الصلاة السكون كما ثبت في حديث عبادة في صحيح مسلم {اسكنوا في صلاتكم} وأيضاً فيها مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أن يلقي الرجل ببصره إلى مكان سجوده ، فالأصل أن يقرأ الإنسان من حفظه ومن المحاذير أيضاً؛ أن يزهد الأئمة والمسلمين في حفظ القرآن ويخالف في قبض اليمنى على اليسرى ، لكن لو حصل اضطرار، كامرأة في بيتها لا تحفظ من كتاب الله وأرادت أن تصلي الكسوف أو الخسوف وأرادت أن تطيل فلها ذلك ، فقد ثبت أن عائشة رضي الله عنها كان لها مولى يصلي بها قيام رمضان وكان يقرأ من مصحف فهذا جائز للضرورة والله أعلم .. السؤال 38 : زوجي يفرق بين المعاملة بيني وبين أخوته وأمه ، ودائماً أشعر أن حواجز بيني وبينه، فما حكم معاملته تلك؟ الجواب : أما الرجل فعليه أن يقدم أمه على زوجته يقدم رغبة أمه ، وأن يبرها على زوجته هذا أولاً والأمر الثاني : لا يعني ذلك أن يهمل الرجل زوجته وإن أثقل واجب في دين الله ، أن يعطي الإنسان كل ذي حق حقه، أن يعطي زوجته حقها ، وأمه حقها ، وهكذا.... فالواجب على الرجل أن يحسن معاملة الزوجة والزوجة لا تقاد بالعقل ومخطىء من ناقش زوجته وأراد أن يقودها من خلال الحجة والبرهان قال الله تعالى {أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} فالمرأة عاطفتها غالية وعقلها مغلوب بالنسبة إلى عاطفتها ولذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام عن النساء أنهن {ناقصات عقل ودين} المراد : أن عواطفهن أغلب من عقولهن ، ولا يمنع أن توجد امرأة عقلها أرجح من عقل الرجال، فقبل نحو مئة وخمسين سنة كان الناس في ليبيا يرجعون إلى امرأة فقيهة بزت الرجال، كانت تسمى "وقاية" وكانوا يقولون في معضلات المسائل: اذهبوا إلى وقاية فإن عصابتها خير من عمائمنا ، والمرأة تقاد من خلال العاطفة والكلام الطيب فقد قال ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- في تفسير قوله تعالى{أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} قال:"يقدر الرجل أن يجعل كل حجة تذكرها المرأة أن يجعلها عليها" لأنها في الخصام غير مبين فهي بحاجة إلى الكلام الطيب وأن تملأ مشاعرها ولذا جوز الشرع أن يكذب عليها فيما لا يضيع لها حقاً ، وهذا هو سر التعامل مع النساء ، أن تحسس المرأة أنك بحاجة إليها ، وأنها سدت ما تريد من أمور منها، فحينئذ لا يوجد من هو أسعد منها، فهذه طبيعة المرأة. فخطأ من هذا الزوج أن يشعرها بهذا الشعور وأن يهمل مشاعرها لكن مع هذا عليه أن يقدم أمه على زوجته وأن يعطي كل ذي حق حقه ، دون أن يشعرها بهذا الشعور، فلا يشعرها أن لها نداً من أم له أو أخت له، لكن يشعرها أنه لا يستغني عنها ، وأنها هي التي تملأ عواطفه وهي المقدمة عنده . وأمرنا ربنا أن نحسن معاشرة النساء {وعاشروهن بالمعروف} وقال صلى الله عليه وسلم: {استوصوا بالنساء خير؛ فإنهن عوان عندكم} أي أسيرات محبوسات، فالمرأة أسيرة محبوسة عندك فأحسن إليها، وخيركم خيركم لأهله . إن أزعجك شيء من المرأة غيبه عن لسانك وغيبه عن مشاعرك وعقلك، أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يفرك مؤمن مؤمنة إن لم يرض منها خلق رضي منها آخر} أي لا يبغض، فلا يجعل الشيء الناقص فيها هو وديدنه وبين عينيه وعلى لسانه ، فلن يسعد وتشتد معه الأمور ويبقى النكد يحيط به ، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.. السؤال 39: ما حكم الإكرامية التي يأخذها الموظف دون طلب منه وهي خارجة عن راتبه الذي يتقاضاه؟ الجواب: الواجب على العامل أن يتقن عمله {إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه} فإذا أتقنه ولم تستشرف نفسه هذ المال ، ولم يقصر ، ولم يصرح، ولم يلوح، فأعطي بطيب نفس شيئاَ من المال فلا حرج في هذا . أما إن قصر حتى يعطى هذا المال، وبدأ يلف ويدور ويصرح، ويلمح فهذا حرام ، والله أعلم... السؤال 40: هل صح في أحاديث الأبدال شيء؟ الجواب: لم يصح شيء في أحاديث الأبدال وعقيدة الأبدال والأقطاب والأوتداد والأغواث عقيدة فاسدة ولعل في بعضها بل في بعضها كفر صريح . بعض الناس يعتقد أنه يوجد اثنا عشر بدلاً وأربع أغواث والملك لا يرزق أحداً ولا يميته إلا إذا استأذن منهم فهذه كلها خرافات ما أنزل الله بها من سلطان . وقد ألف الإمام السخاوي كتاباً سماه : نظم الآل في حديث الأبدال}وصرح فيه بأن جميع حديث الأبدال موضوعة أو واهية . فالأبدال والأقطاب والأوتاد والأغواث عقيدة فاسدة لم يرد فيها حديث . السؤال 41: أريد الخروج مع زوجي لأداء صلاة الجمعة في المسجد وهو يرفض ذلك ؟ الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم يقول {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله} فإذا رغبت زوجتك أن تأتي المسجد فلا تمنعها وإن كان ذهابها للمسجد هو الذي يفقهها ولا تستطيع أن تفقهها في بيتك لعدم المقدرة أو لعدم وجود وقت وفقهها فقط يكون في المسجد ، وهذا الفقه يسقط واجباً عينياً عنها كأن تتعلم أحكام صلاتها أو حيضها أو طهارتها وطلبت منك الذهاب فيجب عليك أن تلبي. أما إن كان هذا العلم الشيء الزائد عن الحد الواجب وطلبت فلك أن تمنع، ولكن تكون خالفت إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله}. السؤال42: هل البدء في صلاة تحية المسجد حال الآذان جائز؟ الجواب: متى استطعنا أن نجمع جميع الطاعات فهذا حسن فإن تزاحمت طاعتان في وقت واحد فالإنسان يفعل الأعلى والأغلى ويترك الأدنى . فإنسان دخل والآذان يؤذن وأقل وقت بين الأذان والإقامة هو بين المغرب والعشاء خمس دقائق فيبقى واقف ولا يجلس حتى لا يخالف أمرالنبي صلى الله عليه وسلم فيردد مع الأذان ومن ردد مع الأذان ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال {اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته} وجبت له شفاعة النبي يوم القيامة، فنقول له ردد مع الأذان ثم صل تحية المسجد، اجمع بين الطاعات لكن لو أن رجلاً دخل المسجد والإمام على المنبر والمؤذن يؤذن للجمعة نقول له ابدأ بالصلاة ولا تردد مع الأذان لأن الترداد مع الأذان سنة، والاستماع إلى خطبة الجمعة واجب ، وهو بين أمرين: إما أن يصلي تحية المسجد والإمام يخطب وإما أن يصليها والمؤذن يؤذن ، والخطبة هي الأعلى والأغلى لأنها فريضة والترداد سنة، فمن الشائع عند الكثير من الناس اليوم لما يدخلون والإمام على المنبر والمؤذن يؤذن يبقى واقفاً يردد مع الأذان فلما يبدأ الإمام بالخطبة يصلي تحية المسجد، وهذا خطأ . السؤال 43: رجل طلق زوجته طلقة واحدة ثم مات قبل انتهاء عدتها، هل ترث منه؟ الجواب: المرأة في العدة زوجة، والمرأة تنفصل عن زوجها تحديداً لما ترتدي ثيابها بعد غسلها من الحيضة الثالثة، فإن دخل عليها وهي تغتسل فله أن يقول لها: أرجعتك ، فإن ارتدت ثيابها بعد غسل الحيضة الثالثة تخرج أجنبية عن زوجها. فمن مات زوجها وهي في عدتها ترث منه، لأنها زوجة، ففي العدة لها أن تتزين له وأن تتكشف عليه ومتى قبلها بشهوة أو مسها بشهوة أو جامعها انقطعت العدة ورجعت زوجة، فإن صبر ألا يمسها بشهوة ولا يقبلها ولا يجامعها ثلاث حيضات وهي في بيته، حينئذ تصبح أجنبية، فانظروا ما أعظم الشرع، ويحرم على المرأة أن تقضي عدتها خارج بيت زوجها، فأيها الأب لو جاءتك ابنتك وقالت لك: طلقني زوجي، فتجب عليك شرعاً أن تقول لها: اذهبي إلى بيته واعتدي عنده، والمصلحة الشرعية، بل المصلحة الدنيوية – واستغفر الله لهذا- فإن المصلحة الدنيوية هي في المصلحة الشرعية، فمن ظن أن له مصلحة في أمر دنياه بإجابة داعي هواه والخروج عن أمر مولاه فهو آثم ، فالمصلحة في الشرع لك ولهذه المرأة هي أن تقضي العدة في بيت زوجها لا بيت أبيها فإن أبى زوجها فهو آثم . السؤال 44: من صام تطوعاً ، فأكل أو شرب ناسياً، فماذا عليه ؟ الجواب : بعض الفقهاء كالمالكية يفرقون بين صيام النفل وصيام الفرض، والصواب عند أهل العلم أنه لا فرق بين صيام الفرض وصيام النفل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من أكل أو شرب ناسياً فإنما أطعمه الله وسقاه فليتم صومه} ولم يقل فرضه فمن أكل أو شرب في صيام الفريضة أو في صيام النافلة يتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه . السؤال 45: هل يشترط في الآثار والأخبار لا سيما التاريخية منها ما يشترط في الأحاديث النبوية المرفوعة؟ الجواب: بلا شك ، فنحن نعتقد أننا لا نستطيع أن نفهم السنة إلا بفهم الصحابة والتابعين، لذا لا يجوز لنا أن نأخذ عن الصحابة والتابعين إلا ما ثبت . والتاريخ فيه أعراض للناس ولا يجوز أن تقدح بأعراض الناس باخبار الكذابين وأخبار الضعفاء وأخبار الواهين لذا الواجب في الأخبار التاريخية والآثار السلفية الواردة عن الصحابة والتابعين أن نتثبت من صحتها قبل الاستدلال بها. والقول بأن الخبر التاريخي والأثر يتوسع فيه ، نقول نعم يتوسع فيه ، لكن التوسع يكون من حيث أننا لا نتشدد فيه كما نتشدد في الحديث، فالحديث المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيه تهديد ووعيد شديد {من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار} فليس الكذب عليه صلى الله عليه وسلم كالكذب على غيره، فالتشديد فيه من حيث هذه الحيثية ولكن الأصل في الأخبار أن نمحصها وأن نبحث عن صحتها وأي خبر في خبر اختلط صحيحه بواهيه وأنت لا تفليه ولا تبحث عن ناقليه . ووجدت نقلين لإمامين أحدهما قديم والآخر معاصر فيهما التنصيص على وجوب التثبت من صحة الأخبار، فيقول شيخ الإسلام (في 13/247) "وهذا الأصل ينبغي أن يعرف؛ فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك} والنقل الآخر لشيخنا في السلسلة الصحيحة في الجزء الخامس ص 331 قال : " وقد يظن بعضهم أن كل ما يروى في كتب التاريخ والسيرة أن ذلك صار جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي لا يجوز إنكار شيء منه وهذا جهل فاضح وتنكر بالغ للتاريخ الإسلامي الرائع ، الذي تميز عن تاريخ الأمم الأخرى بأنه هو وحده الذي يملك الوسيلة العلمية لتميز ما صح منه مما لم يصح، وهي نفس الوسيلة التي يميز بها الحديث الصحيح من الضعيف، ألا وهي الإسناد الذي قال فيه بعض السلف : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ولذلك لما فقدت هذه الأمة هذه الوسيلة العظمى : امتلأ تاريخها بالسخافات والخرافات . إذن الواجب أن نثبت ، والتاريخ فيه مدح وقدح لأعراض الناس وقد أمرنا ربنا بأن نتثبت، ولا يجوز لنا أن نلصق التهم بالفضلاء ونعتمد على قصص وردت عن الضعفاء أو متروكين أو عن كذابين أو عن مجهولين والله أعلم ... السؤال 46: ما عدة المرأة المطلقة وماعدة المتوفى عنها زوجها؟ الجواب : أما عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، كما قال الله تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربع أشهر وعشراً} فمن مات عنها زوجها سواء كانت صغيرة أو كبيرة سواء كان مدخولاً بها أم غير مدخول بها فمن كتبت كتابها ومات عنها زوجها قبل الدخول يجب عليها العدة أربعة أشهر وعشراً، تبقى في بيتها لا تخرج منه إلا عند الضرورة والحاجة ، فأم السنابل رضي الله عنها لما مات زوجها خرجت تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: {أمكثي في بيتك} وما لامها وما عنفها على خروجها فخروج المرأة المعتدة للفتوى جائز لأنه حاجة وضرورة، وكذلك خروجها لحاجياتها الأساسية لكن لا يجوز لها أن تبيت إلا في بيت زوجها فإن كانت لا تستطيع أن تبيت لمحاذير شرعية، أو لأن الحياة لا تصلح في هذا البيت كأن تكون عروساً مطموعاً بها بينها وبين أسلافها خلوة فتنتقل إلى بيت أبيها أو كأن تكون في بلاد غربة فتنتقل إلى بيت آخر تقضي فيه عدتها ولا تخرج منه إلا للحاجة والضرورة ، وفي العدة لا يجوز أن يصرح للمرأة بالزواج منها لكن التلميح والتلويح لا حرج فيه، لقوله تعالى{ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} وذلك مثل رجل مات ابنه وترك زوجة عروساً ورأى هذه العروس فيها خير، وله ابن آخر مقبل على الزواج فأراد أن تكون زوجة لهذا الولد فيحرم أن يصرح بالنكاح لكن بالتلميح والتلويح ، كأن يقول لها : يا بنية أنت صاحبة خلق ودين فإن شاء الله لن تخرجي من هذا البيت أو نحو هذه العبارة . والمرأة في العدة يحرم عليها: أن تكتحل تزيناً أما إن احتاجت إلى الكحل تطبباً جاز، ويحرم عليها الخضاب، وتطبباً جائز، ولا يجوز لها أن تتجمل أو أن تلبس المنمق من الثياب ولا يكون الحداد بالسواد، فإنه حداد الأعاجم ، سواء بالعلم على سطح البيت أو لبسه وهذا حداد الأعاجم وهي عادة قبيحة شاعت وذاعت بين المسلمين اليوم فمن فعله فهو متشبه بهم ،وملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فحزننا وفرحنا في داخلنا . ولا حرج على المرأة في الحداد أن تنتقل من شقة إلى شقة أو إلى سطح البيت فإن خرجت لغير حاجة ثم تابت وعادت لا تبطل عدتها ولا تقضيها. أما المطلقة فإن كانت غير مدخول بها فلا عدة عليها بنص القرآن {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن...}الآية وأما إن كانت من ذوات الحيض فعدتها ثلاث قروء {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} أي حيضات على الراجح من أقوال الفقهاء . واما إن كانت يائساً أو صغيرة لم تحض فعدتها ثلاثة أشهر قال تعالى {واللائي يئسن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} وهذا يدل على أن زواج الصغيرة جائز لأن الله قد جعل لها عدة . وأما الحامل فأجلها أن تضع حملها {وإن كن أولات حمل فأجلهن أن يضعن حملهن}. وأما إن كانت متوفى عنها زوجها وحامل فتتربص أبعد الأجلين . السؤال 47: إذا توفي زوج عن زوجته وليس له فرع وارث مثل ابن أو ابنة كم ترث الزوجة في مثل هذه الحال؟ الجواب : الزوج له حالتان لا ثالث لهما وكذلك المرأة كما ورد في سورة النساء فإن كان للزوج فرع وارث ، ابن أو بنت؛ سواء من هذه المرأة أو من غيرها ومات ، فالزوجة ترث الثمن وإن لم يكن له ولد ، فالزوجة ترث الربع. والزوجة إن ماتت ولها أولاد وإن كان هؤلاء الأولاد من غير هذا الزوج ، فالزوج يرث الربع وإن لم يكن لها أولاد لا من هذا الزوج ولامن غيره فالزوج له النصف . السؤال 48: ما حكم تغيير لون الشعر سواء بالأصباغ أو بالحناء؟ الجواب : من السنة أن يختضب الرجل والمرأة بالحناء وخضاب الرجل يكون على الحال الذي استخدم عند الصحابة والتابعين ويكون في اللحية والشعر إن كان فيهما شيب ، أما في اليدين والرجلين فلا يجوز للرجل أن يستخدم الحناء إلا تطبباً ، أما من باب التزيين ففي هذا تشبه بالنساء فلا يحل له أن يحني رجله أو يديه إلا من باب التطبيب أما الشيب في اللحية أو الشعر وإن كان قليلاً فمن السنة أن يحني الشيب فقد صبغ النبي صلى الله عليه وسلم لحيته وشعرات الشيب قليلة . أما من كان شعره أسوداً لا شيب فيه رجلاً كان أم امرأة فلا يغير ولا يحل ذلك . وتغيير الشيب يجوز بشرط ألا يكون بالسواد فلما جاء والد أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان شعر رأسه ولحيته أبيضاً أمره النبي بالصبغ وقال {جنبوه السواد} وقد صح عن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {سيأتي أقوام آخر الزمان يصبغون بالسواد كحواصل الحمام لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها} فذهب المحققون من العلماء وهذا مذهب الشافعي إلى حرمة تغيير الشيب بالسواد . السؤال 49: ما حكم الرقص للنساء ؟ الجواب : قال الإمام النووي في كتابه المنهاج: {ويباح رقص ما لم يكن بتكسر وتثن كهيئة مخنث} فرقص النساء في الأعراس إذا كان فيه تثن وتكسر وفيه هز أرداف كما تفعل الفاجرات فهو حرام ، وأما الرقص الذي فيه ذهاب ومجيء للتعبير عن الفرح كما تفعل الجدات فهذا لا حرج فيه وقد قال إمام الحرمين: "الرقص ليس بمحرم فإنه حركات على استقامة أم اعوجاج ولكن كثرته تخرم المروءة " وهذا الرقص حيث لا يراها الرجال فهذا أمر جائز. واما رقص الزوجة لزوجها فهو حلال على كل حال ، والله أعلم ... السؤال 50: هل على سيارة الأجرة (التكسي) زكاة مال ؟ الجواب : الأصول لا زكاة فيها ؛ السيارات ؛ الدور ؛ الأراضي ؛ آلات الصناعة ؛ هذه لا زكاة فيها والزكاة في ريعها فإن تجمع مال وبلغ النصاب وحال عليه الحول وملك ملكاً تاماً فحينئذ تجب عليه الزكاة ، وإلا فلا ، والله أعلم ...
__________________
To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. |
#7
|
|||
|
|||
السؤال 51: هل يجوز للزوج أن يطلب من زوجته صيام نافلة ، ويجبرها على ذلك ؟
الجواب: لا يجوز للرجل أن يغير حكماً شرعياً، لكن له أن يرغبها، فقد ثبت في صحيح الإمام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم طرق الباب على علي وكانت ابنته فاطمة تحته، وأمرهما بقيام الليل، فقال علي: أرواحنا بيد الله إن شاء أرسلها وإن شاء ردها، فلم يأمره صلى الله عليه وسلم، وخرج وهو يقرأ {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} فعلم علي أن أمر رسول الله سواء كان ولي أمر لهما أو كان نبياً فإنه ما أمر أمراً حتماً واجباً لقيام الليل فقيام الليل حكمه سنة ، فيكون هذا من باب الترغيب، فإن أمر الزوج زوجته أن تقوم الليل فأبت فلا يجوز شرعاً أن يقول عنها ناشز ، لأن حكم الشرع أقوى من حكمه، والله أعلم.. السؤال 52: هل كلمة "يسعد الله" الدارجة على ألسنة الناس ، أو شتم الحرم من ألفاظ الكفر؟ الجواب: كلمة "يسعد الله" كلمة قبيحة ، فالله جل في علاه كل شيء بحاجة إليه، وهو ليس بحاجة إلى أحد ، حتى أن عرشه الذي قد استوى عليه سبحانه هو بحاجة إليه ، فالعرش بحاجة إلى الله ، والله ليس بحاجة أحد، فمن يستطيع أن يسعد الله؟ ولكن تقول بدل هذه الكلمة : أسعدك الله! أو : أسأل الله أن يسعدك! فهذا كلام شرعي ، لأن الله هو الفاعل، أما كلمة "يسعد الله" فهذا يريد أن يعبر عن فرحه بكلمة ليست حسنة فهي ليست بمأثورة أولاً وفيها إشعار بأن المخلوق له قدرة على التصرف في شيء من خواص الخالق. أما شتم الحرم فهو كبيرة فاللعن حرام، والمسلم إن لعن مسلماً ولم تأت هذه اللعنة في مكانها رجعت عليه ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان} فالمؤمن لا يلعن، وصح أيضاً عنه أنه قال: {لا يكون اللعانون شفعاء يوم القيامة} والحرم الذي يلعنه ، ماذا يريد منه : مكة أم المدينة أم الأهل؟ هذه كلها لعنها كبيرة من الكبائر فهذه كلمة قبيحة ينبغي أن يقلع عنها كل مؤمن ، ولا يجوز لأحد أن يلعن أحداً إلا من ورد وجاز في حقه اللعن ، والله أعلم .... السؤال 53: ما حكم من أفطر يوماً من رمضان عامداً متعمداً؟ وما كفارة ذلك؟ الجواب: الراجح أن الواجب عليه التوبة وأن يكثر من صيام النافلة ولا يوجد في حقه كفارة تكفر الذنب الذي فعله لعظمه وكبره فلا يوجد شيء إن فعله قد زال ذنبه فيبقي أمره إلى سيده ، إن شاء عفا وإن شاء عاقب، والله أعلم ... السؤال 54: شخص يصلي في الجماعة ، فشعر بخروج شيء منه هل يسلم ويخرج أم يكمل صلاته؟ الجواب: إن كان تيقن على طهارته، وعلى صحتها، فلا يزول اليقين بالشك ، ويبقى على يقينه في وضوءه ولا يخرج منه حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما قال البغوي في شرح السنة: وهذا بشرط ألا يكون المصلي أطرش أو أنه لا يشم، فإن كان الرجل سوياً وطبيعياً وانقدح في نفسه، ولم يتثبت ولم يتيقن أن انتقض وضوءه فيستصحب الأصل ، ويبقى على اليقين وهو الوضوء حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، والله أعلم . السؤال 55: طفل مات ولم يبلغ سن البلوغ هل نجزم له بالجنة سواء كان والديه مسلمين أم كافرين ؟ الجواب: فرق بين الطفل الذي قد مات وأبوه مسلم وبين الطفل الذي قد مات وأبوه كافر. أما أطفال المسلمين فإنا نجزم لهم بالجنة لأنه أخبر بذلك من أطلعه الله على شيء من الغيب {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {صغاركم دعاميص أهل الجنة} والدعاميص جمع دعموص والدعموص: ذويبة تبقى في الماء لا تنفك عنه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن صغارنا هم في الجنة يبقون فيها لا يخرجون منها كحال هذه الذويبة الصغيرة المعروفة عند العرب التي تبقى في الماء ولا تخرج منه، وثبت في صحيح حديثه صلى الله عليه وسلم عن ابن حبان وغيره أنه قال: {أولاد المسلمين في جبل في الجنة يكفلهم ابراهيم وسارة} فصغار المسلمين في الجنة لأنهم غير مؤاخذين فالقلم لا يجري عليهم إلا بعد البلوغ ، أما أولاد المشركين فقد وقع فيهم خلاف كبير، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم تردد في حالهم وقال: {الله أعلم بما كانوا عاملين} ووردت أحاديث أنهم في النار وآخر أنهم في الجنة وأحاديث من لون آخر تجمع بين ما ورد في الباب والذي يرتضيه المحققون من العلماء ما ثبت في أحاديث عديدة أن أولاد المشركين وأهل الفترة الذين لم يأتهم نبي والمجانين والمعتوهين ومن أدركوا الإسلام على كبر والأصم والأبكم هذه الأصناف من الناس يمتحنون في عرصات يوم القيامة وتشعل لهم النيران ويقال لهم : اقتحموها فإن استجابوا دخلوا الجنة وإن أبوا دخلوا النار. وهذا الامتحان ثابت في أحاديث عديدة ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله في أواخر كتابه "طريق الهجرتين" وأحاديث الامتحان تجمع بين جميع ما ورد في الباب، لذا الراجح عن المحققين من العلماء؛ أن أولاد المشركين يمتحنون فإن فازوا ونجحوا نجوا وإلا هلكوا وصمام الأمان في هذا الأمر أن الله تعالى عادل حرم الظلم على نفسه وحرمه على عباده ، والله أعلم ... السؤال 56: إذا دخل أحد المسجد ووجد من يدرس فيه فهل يجلس لاستماع درس العلم أم يصلي تحية المسجد أولاً؟ الجواب : لا بد من صلاة ركعتي تحية المسجد في كل حال من الأحوال فقبل الجلوس في المسجد يبتدأ فيه الصلاة تعظيماً للمكان وهاتان الركعتان واجبتان فمن دخل المسجد والإمام في صلاة الفجر يصلي معه وقد عظم المكان بهاتين الركعتين ولا داعي للقضاء ، فالمراد من هاتين الركعتين تعظيم المكان فمن دخل المسجد وهنالك درس وقد صلى الفريضة والراتبة لا يحل له أن يجلس في المسجد حتى يصلي ركعتين لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما في قوله: {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس فيه حتى يركع ركعتين} ومن علامات الساعة ألا تعظم المساجد، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة أن تجعل المساجد طرقات ، يدخل من باب ويخرج من آخر توفيراً للمسافات ، ومن علامات الساعة أيضاً أن يجلس في المساجد دون صلاة الركعتين . والراجح عند العلماء وهذا مذهب جماهيرهم سلفاً وخلفاً أن من دخل المسجد والإمام على المنبر يخطب للجمعة فلا يحل للداخل أن يجلس حتى يركع ركعتين . وأما ما يتناقله الناس من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا صعد الإمام المنبر فلا صلاة ولا كلام} فهذا كلام باطل ومنكر ، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فيجوز للرجل والإمام على المنبر أن يصلي تحية المسجد ويجوز له أن يتكلم والإمام على المنبر في وقت جلوسه بين الخطبتين وقد ثبت ذلك عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يتكلمون والإمام على المنبر حال سكوته بين الخطبتين . وقد ثبت في صحيح مسلم أن صحابياً دخل المسجد واسمه سليك الغطفاني فجلس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر {قم فصل ركعتين وتجوز بهما} فمن السنة للداخل إن كان الإمام يخطب للجمعة أو كان هناك درس علم من السنة أن يتجوز المصلي بالركعتين فيصليهما ويعطيهما حقهما على نوع عجلة . وهناك خرافة سائدة بين الناس أن من دخل المسجد فجلس ولم يصل تحية المسجد فإنها تسقط من ذمته بجلوسه وهذا كلام ليس له نصيب من الصحة فسليك الغطفاني جلس ومع جلوسه قال له النبي صلى الله عليه وسلم {قم فصل ركعتين وتجوز بهما} والله أعلم .. السؤال 57: دخل رجل في صلاة الجماعة مسبوقاً فهل يتابع الإمام في توركه في التشهد أم لا؟ الجواب: يقول النبي صلى الله عليه وسلم{ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا} هذه أصح الروايات وأشهرها وورد في بعض الروايات وهي في صحيح مسلم {وما فاتكم فاقضوا} فأصح الروايات وأشهرها من الناحية الحديثية كما قال مسلم في كتابه التمييز فيما نقل عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري رواية فأتموا فالذي يدركه المأموم مع الإمام يكون أول صلاته ولا يكون آخرها فمثلاً رجل دخل وقد أدرك الركعة الثالثة من المغرب فعلى رواية فأتموا تكون هذه الركعة الأولى له ، فيجلس مضطراً ولا يفترش فيقوم ليأتي بركعة أخرى فإن كان لا يشوش على من جنبه فيسن له أن يجهر في الركعة الثانية ثم يجلس للتشهد الوسط ثم يقوم ويأتي بثالثة وهذا مذهب الشافعي وأحمد . واما على رواية فاقضوا وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك فيقوم ليقضي الأولى والثانية وما أدرك هي الثالثة فيقوم ويبدأ بدعاء الاستفتاح ويجهر بالركعتين ويقرأ بعد الفاتحة ما تيسر ولا يجلس للتشهد بعد أن يتم ركعة بعد تسليم الإمام لأنه يقضي الأولى ويجلس بعد الثانية ثم يسلم والأصوب والأصح حديثياً وفقهياً هو رواية فأتموا. ومن المالكية من فرق بين الأقوال على رواية {فأتموا} وجعل الأفعال على رواية فاقضوا فدعاء الاستفتاح من الأقوال فلا يقضيه ، والتشهد من الأفعال فيكون على رواية فاقضوا والصواب ما حد منا، والله أعلم .. السؤال 58 : ما حكم العادة السرية ؟ الجواب : ما يسمى اليوم بالعادة السرية وقديماً كان يسمى الإستمناء أي أن يخرج الرجل منيه بإرادته وهذا أمر ينافي الاستعفاف الواجب ، ولا يكون ذلك إلا من جراء النظر الحرام ففعل الإستمناء تلذذاً حرام ، لأن الله عز وجل أمر بحفظ الفرج إلا من الزوجة أو الأمة قال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} أي من ابتغى الشهوة وراء الزوجة والأمة فأولئك هم العادون، ومن يتعد حدود ما أنزل الله فقد ظلم نفسه. ففعل الإستمناء تلذذ حرام إلا مع الزوجة فقد ذكر غير واحد من الفقهاء أنه يجوز للرجل أن تستمني له زوجته ، كما يجوز أن يريق ماءه في غير الفرج، حال كونها معذورة أو مريضة أو ما شابه. أما إن أحاطت الرجل المعصية من كل مكان وجرب الصيام ولم ينفع معه فاضطر لأن يفعل ذلك من باب ارتكاب أخف الضررين ، وأهون الشرين ، فيقول علماء الحنفية : نرجو أن يسلم رأساً برأس ؛ فخوفه من الوقوع بالزنا طاعة وارتكابه لهذا العمل من أجل أن الزنا دانٍ منه قريب يستطيع أن يتمكن منه ففعل هذا ليكسر حدة شهوته ؛ قالوا : نرجو أن يسلم رأساً برأس . ومع هذا أقول: هذا عمل قبيح، وينبغي للإنسان أن يحافظ على بصره ليحفظ فرجه وفعله تلذذاً ليس كفعله حال هجوم الشهوة وإحاطة الخطيئة بالإنسان فالشر بعضه أهون من بعض. وعلاج هذا الأمر : الصيام ، وكثرة الذكر ، وإنهاك البدن في الرياضات الشرعية والانشغال بالأمور السامية وعدم الخلوة مع النفس والاستشعار بمراقبة الله عز وجل وحفظ البصر، وعدم الاستماع إلى الغناء، وكثرة مصاحبة الصالحين، وخير علاج عملي لهذا : الزواج الشرعي ، وإني أرغب أولياء الأمور والشباب في الزواج الشرعي المبكر ، فإن له حسنات عظيمة ، سواء كان ذلك في حق الأزواج أو الزوجات ، فيا عبدالله : مجرد ما تبلغ ابنتك الحيض، إن جاءها من يطلبها وكان كفؤاً، فلا تقل : صغيرة ، وإن كنت ذا مال وترى مخايل الرجولة في ابنك ، واستطعت أن تزوجه فافعل ولا تتأخر ولا تقصر ، ونسأل الله عز وجل التوفيق للجميع .. السؤال 59: هل زوج الأخت يعد محرماً؟ بحيث يسافر معها هو وزوجته وكذلك زوج الخالة بوجود الخالة ، أفتونا مأجورين . الجواب : يحرم الجمع بين الأختين فإن ماتت الزوجة فيجوز للرجل أن يتزوج أختها وكذلك خالة الزوجة وعمة الزوجة فهذه حرمتها حرمة مؤقتة ، ولذا لا يكون الرجل محرماً إلا لمن تحرم عليه حرمة مؤبدة، فلا يجوز لأحد أن يسافر مع امرأة على أن يكون محرماً لها ، وقد تكون حلالاً له في يوم من الأيام . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحن: {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم} وهذا المحرم محرم عليها حرمة مؤبدة ، ولفظ امرأة الوارد في الحديث {لا يحل لامرأة} نكرة في سياق النهي وهذا من ألفاظ العموم عند علماء الأصول ، فسواء كانت هذه المرأة كبيرة ميئوس منها أم صغيرة ولو كن نساءاً مع بعضهن بعضاً أيضاً لا يحل ذلك ، فلا يحل للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم إلا لضرورات تقدر بقدرها، مثل أن تكون المرأة أسيرة ففرت من أسرها، فلا تنتظر المحرم حتى تنتقل من ديار الكفر إلى ديار الإسلام، فهذا سفر ضروري أو امرأة مات عنها زوجها في بلاد الغربة ولا محرم لها، ولم يتمكن أحد أن يأتي بها، فهي معذورة لأن هذه ضرورة . وهكذا فالأصل الحرمة والجواز يكون للضرورة والضرورة تقدر بقدرها، والله أعلم .. السؤال 60: ما صحة الحديث {تعلموا السحر، ولا تعملوا به}؟ الجواب: حديث لا أصل له ، لا يجوز أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي لا أصل له عند علماء الحديث يطلق على إحدى معنيين : إما أنه يطلق على كلام لا إسناد له، بالكلية، كما فعل ابن السبكي في كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" لما ترجم لأبي حامد ، محمد بن محمد بن محمد بن محمد الغزالي، المتوفى سنة 505هـ ، فذكر فصلاً بديعاً في الأحاديث التي لا أصل لها في كتاب إحياء علوم الدين ، وبلغ عددها قرابة الألف ، هذه أحاديث لا أسانيد لها أبداً، ووهم فيها أبو حامد ، وقال : قال صلى الله عليه وسلم. والنوع الثاني من الذي يقال فيه: لا أصل له ، حديث مداره على كذاب ، اختلقه وصنعه، فيقال في هذا الحديث لا أصل له من كلامه ، صلى الله عليه وسلم. فهذا الحديث {تعلموا السحر ....} لا أصل له من النوع الأول : أي لا إسناد له ويقال إن هذا عجز بيت شعر ، يقول الشاعر: العلم بالشيء خير من الجهل به وتعلموا السحر ولا تعملوا به ولا يتعلم الساحر السحر ويكون ساحراً، إلا والعياذ بالله لما يؤمر بالكفر، ويستجيب للكفر، ولذا قال عمر بن الخطاب : حد الساحر ضربة بالسيف، والله أعلم .. السؤال 61: هل فحص المرأة الدخلي يوجب الغسل ؟ وهذا الفحص يكون من أجل العلاج . الجواب : إن نواقض الوضوء ونواقض الغسل ونواقض الصلاة ونواقض الصيام وما شابه توقيفية ، ففحص الطبيبة المرأة فحصاً داخلياً لا يوجب الغسل . لكن لا يجوز للمرأة أن يفحصها رجل طبيب مع وجود الطبيبة والمرأة تطبب عند المسلمة أولاً، فإن لم تجد المسلمة تتحول إلى الكتابية، والكتابية مقدمة على الطبيب المسلم ، فإن لم تجد الكتابية فتتحول إلى الطبيب المسلم، فإن لم تجد المسلم تتحول إلى الكتابي ، فإن من المخالفات وتساهلات كثير من النساء هذه الأيام أنهن يتطببن بداية وأصالةً عند النصراني، ويتركن الطبيبات أو الأطباء المسلمين ، فإن حصل ضرورة فحص داخلي فهذا ليس بناقض للغسل . وبعض الأطباء يستفتوننا يقولون : أيؤاخذنا ربنا بما نجد في أنفسنا من شهوة لما نعالج النساء؟ فالطبيب ليس آلة فهو بشر فيه إحساس وعلى المرأة أن تنتبه إلى هذا ، فلا يحل لها أن تتكشف على طبيب مع وجود الطبيبة فأين الحياء من النساء، وأين الغيرة من الرجال؟ فلا يجوز ذلك إلا لضرورة ، والله أعلم ... السؤال 62: هل يجوز ضمان التكسي ؟ الجواب : اليوم شاع وذاع أن صاحب التكسي يعطيه لرجل، فيعمل عليه، ويطلب منه أن يعطيه ملبغاً معيناً كل يوم ، فهذه المسألة تحتاج إلى تخريج على أصل ، وعلى قاعدة ، وقد فكرت فيها طويلاً من سنوات مضت، وتباحثت فيها مع بعض من أظن أن عنده الفقه والعلم ، وبعضهم ممن يحمل أعلى الشهادات في تخصص البيوع خاصة، فسمعت أجوبة ومما سمعت قول بعضهم : إن قلنا أنه أجرة ، فيكون هذا الضمان جائز، ونظرت في الفرق بين الأجارة والشركة، فانشرح صدري إلى جواب بعد طول تأمل ، أرجو الله إن كان صواباً أن ينشره، وأن يذيع بين طلبة العلم وأن يقف عنده الناس، وإن كان خلاف ذلك، فمني ومن الشيطان ، واستغفر الله عنه.. فأقول المنفعة إن ملّكها صاحبها إلى غيره وكانت تحتمل وجوهاً عديدة، والذي يفصل في هذه الوجوه مستثمرها، فهذه أجارة. وإن كانت رقبة ذات عين ، أعطاها مالكها لرجل ، ولا تستثمر إلا على جهة واحدة، لا ثاني فيها، فهذه شركة وليست أجارة .. فمثلاً أعطى المحل لرجل، وهو الذي يفصل طريقة الاستثمار، فله أن يجعل محمصاً، وله أن يجعله بقالة، وله أن يجعله صالوناً، فهو الذي يفصل ويتحمل التبعة، فأنا أعطيه منفعة وهو يفصل، ولا أسأله عن ربحه وخسارته وأنا آخذ مبلغاً مقابل هذه الأجارة كل شهر، ولا أنظر هل ربح أو خسر ، فهو يتحمل تبعة ذلك . لكني لو سلمته رقبة أو عيناً وهذه العين لا يستثمر إلا على جهة واحدة لا ثاني لها، فالعقد الذي بيني وبينه ليس أجارة، وإنما العقد الذي بيني وبينه شركة ، وهذه نوع من أنواع الشركات وأنواع الشركات كثيرة في الفقه، وتسمى هذه الشركة عند أهل العلم "المضاربة" فالذي يملك الرقبة شخص والذي يستثمرها شخص آخر، وقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز أن يجتمع على من يعمل ومن يستثمر خسران الجهد مع خسران المال فإن وقع ربح، فبينهما، وإن وقعت الخسارة فعلى صاحب المال خسارة المال، وعلى المستثمر خسارة الجهد والعمل ، فلا تجتمع الخسارتان على المستثمر . فالتكسي يستثمر على جهة واحدة لا ثاني لها، فهذا العقد الذي بين مالك التكسي ومستثمر التكسي هو شركة إذن فمن يعمل سائقاً على التكسي بعد أن يجد ويجتهد ولا يقصر- والذي يحدد التقصير أهل المهنة على الأعراف المعروفة بينهم – فإن لم يقصر وجد واجتهد ولم يحصل مبلغ ضمان التكسي فيحرم على مالك التكسي أن يخسر مستثمر هذا التكسي جهده وماله . ولكن اليوم ، وللأسف، يوجد أزمة ثقة بين الناس فالأصل أن تكون العلاقة بين السائق ومالك التكسي علاقة شركة ، يتفقون على نسبة، النصف، الثلث ، وماشابه، حتى لا يجمع على السائق خسارتين ، خسارة العمل وخسارة المال ، والله أعلم ... السؤال 63: هل صحيح أن الحجر الأسود من حجارة الجنة نزل أبيضاً فسودته خطايا العباد؟ الجواب: نعم ؛ ثبت ذلك في جامع الإمام الترمذي: {نزل الحجر الأسود من الجنة أبيض من الثلج فسودته خطايا بني آدم} قال ابن العربي المالكي في شرحه الترمذي: " أنظروا إلى أثر الذنوب على القلوب فإن كان أثرها هكذا على الحجر فما بالكم بأثرها على قلب البشر؟" فهذا حديث صحيح وثابت وللذنوب أثر عظيم على سائر الحياة ومن يتتبع النصوص يعلم ذلك حتى أن أثرها كان أثرها على الحجر فسودته ، والله أعلم ... السؤال 64: إذا صلى رجلان جماعة فهل يتقدم الإمام عن المأموم قليلاً كما يفعل بعض الناس أم يقف بمحاذاة الإمام؟ الجواب : الصواب إن صلى اثنان معاً فهما جماعة فأقل الجماعة اثنان ، بل ذهب غير واحد من المحققين إلى أن الجمعة تقام باثنين ؛ وإن صلى الاثنان جماعة فريضة أو نافلة فلا يشرع للمأموم أن يتخلف عن الإمام أو أن يتأخر عنه بل يسن أن يقف حذاءه وبجنبه دون تأخر. وترجم البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة على حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لما صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم وقف على يمينه فقال البخاري: باب: يقوم عن يمين الإمام سواءً إذا كانا اثنين وقال : وأدار رسول الله صلى الله عليه وسلم جابراً إلى يمينه ووضعه بجانبه لما وقف عن يساره، وهذه القصة ثابتة في الصحيحن فالنبي وضعه بجانبه ولم يؤخره عنه وفي الموطأ بإسناد صحيح عن عبد الله بن عيين بن مسعود قال: دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه؛ وروى عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج قال : قلت لعطاء: الرجل يصلي مع الرجل ، أين يكون منه؟ قال: إلى شقه الأيمن ، قلت: أيحاذي به حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر؟ قال: نعم، قلت: أتحب أن يساويه حتى لا تكون بينهما فرجة ؟ قال : نعم. فالسنة أن يقف المأموم عن يمين الإمام من غير فرجة بينهما ومن غير تأخر عنه هذا هو الصواب الذي جانبه كثير من الناس اليوم ، والله أعلم ... السؤال 65: هل يسن الدعاء عند ختم القرآن ؟ وهل الأثر المروي عن أنس في ذلك صحيح؟ الجواب : نعم؛ ثبت في جملة آثار أن لخاتم القرآن دعوة مستجابة وكان أنس بن مالك كما ورد في سند سعيد بن منصور إن ختم القرآن جمع زوجه وأهل بيته ودعا، وكانت زوجته وأهل بيته يؤمنون فلا حرج في ذلك . أما الدعاء الطويل الذي يقال في الصلوات فلا أصل له في السنة ولا من فعل سلف الأمة، وكذلك كتاب "دعاء ختم القرآن" المنسوب لابن تيمية فهو كذب وافتراء عليه . وكذلك لا داعي للتلحين في الدعاء يدعى بدعاء كالمعتاد ، والله أعلم ... السؤال 66: تصيبني أحياناً وساوس في حقيقة وجود الجنة والنار واليوم الآخر، فما نصيحتكم لنا للوقاية من هذه الوساوس؟ الجواب: أحمد الله ربك فأنت على خير، ولا حرج ولا ضير في الذي تجده في نفسك ، فإنه لا يشعر بوساوس الشيطان إلا من كان في قلبه نوع صفاء، فقد ثبت في صحيح الإمام مسلم في كتاب الإيمان في باب الوسوسة في الإيمان فأخرج مسلم بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم {أو قد وجدتموه؟} قالوا نعم ، فقال صلى الله عليه وسلم: {ذاك صريح} وفي رواية : محض الإيمان . ولما سئل علي رضي الله عنه كيف هذا محض الإيمان ؟ فقال: أرأيتم إلى اللص ؟ فإنه لا يطمع إلا في البيت النفيس، فالإنسان يجد في نفسه الوساوس لما يكون في قلبه صفاء، أما من كان الشيطان قد عشعش وباض وفرخ في قلبه فلا يجد أثراً للوسوسة ، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا تقوم الساعة حتى يأتي الشيطان لأحدكم فيقول له : من خلق هذا ؟ فيقول الله ، فيقول له من خلق هذا ؟ فيقول الله ، فيقول له من خلق الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم من وجد ذلك في نفسه فليتعوذ بالله من الشيطان وليتفل عن يساره} وفي رواية { فليقرأ سورة الإخلاص} فهذه علامة خير وقد وجدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن تُدرأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم . السؤال 67: ما صحة الحديث الذي رواه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { ثلاثة أقسم عليهن ، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه : ما نقص مال عبد من صدقة ، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها، إلا زاده الله بها عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر} ؟ الجواب: هذا الحديث أخرجه الترمذي وغيره عن أبي كبشة الأنماري، رضي الله تعالى عنه، وهو صحيح ، صححه غير واحد من الحفاظ ، وله معنى مليح ، ولا سيما أوله ، فقد انتشر وذاع على ألسنة الناس {ما نقص مال عبد من صدقة} وكان بعض السلف لما يأتيهم الذين يطلبون المال كانوا يقولون يا مرحباً بمن ينقل أموالنا من دار إلى دار، فالمال الذي تدفعه يزيد، فهو ينتقل من هذه الدار الفانية إلى الدار الباقية، ولا تخفى قصة الشاة وكتفها، من حديث عائشة رضي الله عنها لما ذبح الرسول صلى الله عليه وسلم الشاة وأمر بالتصدق بها جميعاً فلما سأل عائشة فقالت ذهب كلها إلا الكتف ، فقال صلى الله عليه وسلم{بقي كلها إلا الكتف}. فالمال لا ينقص من صدقة ، وربنا تدرج معنا ، فبدأ بقوله {لله ملك السماوات والأرض} ثم ملكنا وقال{وأنفقوا مما رزقناكم } ثم قال {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} فجعله لنا ورغبنا في النفقة ثم يخلفه، ثم تدرج معنا فقال { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً} فالله الذي ملكك وأعطاك يستقرضك وهذا من كرمه سبحانه ولذا لما سمع بهذه الآية أبو الدحداح خرج من أحب ما يملك . فنسأل الله أن يعيننا على شرور أنفسنا وأن يرزقنا الصدقة والتي هي سبب من أسباب الثبات على الدين ، فهذه الطاعة يغفل عنها كثير من الناس وثبت في صحيح ابن حبان {سبق درهم مئة ألف درهم} فرجل عنده دينار تصدق بنصف دينار خير من رجل عنده مليارات تصدق بمئة ألف . فلا تبخل على نفسك بالصدقة للطاعة لا لثمرتها وقد أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: {اتقوا النار ولو بشق تمرة } فلا تستقل الصدقة وانقذ نفسك بها ، فهذا سبب من أسباب الثبات . السؤال 68: هل نتصدق على من يأتي المسجد ويسأل ؟ الجواب : من يأتي المسجد ويسأل لا يعطى،ومن شككت فيه لا تعطيه ولكن لا تنهره ولا تعطي إلا من تظن فيه الخير فإن ظننت به وأعطيته وبان لك على خلاف ما ظننت فإن الله يقبل صدقتك، كما في الصحيحين {قال رجل : لا تصدقن بصدقة ، فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، قال : اللهم لك الحمد على غني، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، قال : اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني فأتي فقيل له : أما صدقتك فقد قبلت ، أما الزانية فلعلها تستعف عن زناها ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله عز وجل ولعل السارق يستعف بها عن سرقته فقبل الله منه وكان صادقاً مخلصاً} وهذا بخلاف رجل آخر يؤتى به يوم القيامة فيسحب وأول ما تسعر به النار والعياذ بالله ، وكان قد تصدق على الفقراء ولكن لم تكن له نية صالحة, تصدق ليقال عنه كريم ، فيعرفه الله بنعمه فيعرفها، فيقول له ما فعلت ، فيقول يارب تصدقت وأنفقت في سبيلك فيقول الله له: كذبت ، بل تصدقت ليقال كريم وقد قيل فيؤخذ ويسحب على وجهه في النار. وتأملوا حال هذا الرجل كيف أنه يستسيغ الكذب على الله وهو بين يديه ؟ وهذا لأنه أقام عمله على أصل معوج، فبقي يكذب ويكذب حتى وأنه بين يدي الله أصبح وهو يعلم أن الله يعلم السر وأخفى لكنه كذب من شدة كذبه واعوجاجه في الدنيا والموفق في هذه الحياة من يتهم نفسه ويحتقر نفسه . السؤال 69: أيهما أفضل عند دخول المسجد : السلام على من في المسجد ؛ أم الانشغال بالصلاة أولاً؟ الجواب : بلا شك أن الأفضل عند دخول المسجد أن ينشغل الإنسان أولاً بتحية المسجد ثم بعد أن يصلي تحية المسجد يلقي السلام على من فيه. وقد استنبط ابن القيم ذلك من حديث المسيء صلاته، فإنه ذهب فصلى ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : السلام عليكم ، فقال ابن القيم : فيحسن بالمصلي أن يبدأ أولاً بتحية المسجد ثم بعد ذلك يقبل على الناس بالسلام . لكن إن واجهك أخاك فابدأه بالسلام لكن لا تتقصد أن تبدأ الناس بالسلام قبل تحية المسجد، فإنه الأقرب للسنة ، والله أعلم . السؤال 70: ما حكم من هجر أخاه فوق ثلاث ثم صالحه بعد ذلك هل يجب عليه توبة؟ الجواب : لا يجوز لمسلم أن يهجر أخاه لحظ نفسه فوق ثلاث ويجوز له أن يهجر لحظ النفس أخاه ثلاث فدون ذلك ، لما ثبت في الصحيح من حديث أنس { لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث} فجوز الشرع هجران الأخ ثلاثة أيام فدون ذلك . وأما إن استمر الهجران بعد ثلاث من أجل حظ النفس فهذا أمر غير مشروع والأعمال لا ترفع لله عز وجل ويقول الله عز وجل: {أمهلوا هذين حتى يصطلحا} وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وخيرهما الذي يبدأ بالسلام} وقال {السابق سابق إلى الجنة} . وأما الهجران من أجل الدين فوق ثلاث فهو مشروع وهو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم العملية وسنة صحبه. والهجران المشروع فوق ثلاث جائز في صورتين كليتين؛ الأولى : هجر إيجابي زاجر، ويكون في حق من أعطاه الله سلطة مادية أو معنوية كهجران الزوج لزوجته وهجران الأب لابنه وهجران الشيخ لتلاميذه وهكذا ، ويكون بشرط أن يغلب على ظن الهاجر أن المهجور بهذا الهجران يعود إلى حظيرة الحق والدين ويشعر بقصوره وبجرمه وبمخالفته الشرعية . والنوع الثاني من الهجران المشروع فوق ثلاث: الهجران الوقائي المانع كهجران من يخالط أهل الفساد ، وأهل الفسق والبدع ، فتاب منهم فعليه أن يهجرهم حتى يتقوى ولا يتأثر بهم، حتى يشتد ويقوى دينه ثم يعود إليهم ناصحاً آمراً ناهياً. والهجران كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله : إنما هو دواء يجب أن يستخدم في وقته وبمقداره فلا يجوز أن يستخدم في غير وقته وبغير مقداره. فالمسائل المحتملة والتي وقع فيها خلاف بين العلماء المعتبرين لا يجوز أن يقع الهجران بين طلبة العلم بسببها فقد ناقش يونس بن عبد الأعلى الصدفي الإمام الشافعي في بضع وعشرين مسألة ولم يتفقا على مسألة فأخذ الشافعي بيد يونس وقال: ألا يسعنا أن نكون إخوة وإن لم نتفق في مسألة . ويجب أن يكون الهجران من أجل الله ولا يجوز أن يغلف الهجران بالدين، وفي حقيقته إنما يكون من أجل الدنيا، والضابط في الهجران من أجل الدين ما وقع بين أبي بكر ومسطح رضي الله عنهما فمسطح ابتلي بحادثة الإفك وخاض مع الخائضين في عرض عائشة ، وكان أبو بكر ينفق على مسطح، ومع خوضه بقي ينفق عليه، وهي ابنته وأيضاً زوجة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما أنزل الله برائتها من السماء قطع أبو بكر النفقة قال ابن أبي جمرة: لو أن أبا بكر قطع النفقة بمجرد خوض مسطح في عرض عائشة لهجره من أجل حظ نفسه، ولكنه لما رأيناه كان يعطيه مع خوضه في عرض عائشة وضع النفقة عنه بعد أن برأها الله من السماء، كان هجران أبي بكر إياه من أجل الدين . فعلى من يهجر أن يعلم : هل هذه المسائل يجوز الهجران من أجلها أم لا؟ ثم يبحث عن دافعه هل هذا الهجران من أجل الله أم أنه مغلف بالشرع؟ وفي حقيقته هوى، وهذه لا يقدر عليها إلا الموفقون ، جعلنا الله منهم . السؤال 71: ما هو حد عورة المرأة على المرأة وعلى محارمها؟ الجواب: الشائع عند كثير من الناس أن عورة المرأة على المرأة وعلى المحارم هو ما بين السرة والركبة وهذا أمر خطأ . والصواب ما ذكره الله في سورة النور فقال: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن.....} وذكر جل المحارم ، فيجوز للمرأة أن تبدي للمحارم وللنساء العضو الذي يقبل الزينة والعضو الذي لا يقبل الزينة ، لا يجوز لها أن تظهره إلا للزوج، لعموم الحديث الوارد {المرأة عورة}. فالشعر يقبل الزينة مثلاً، فيجوز أن تظهره والرقبة وأعلى الصدر يقبل الزينة فلها أن تظهره واليدين تقبل الزينة فلها أن تظهر يديها وكذلك أسفل الساقين تقبل الزينة بالخلخال فلها أن تظهرهما. أم أن تبدي فخذها أو ثديها أو ظهرها وما شابه على النساء أو المحارم فهذا حرام. وكذلك لا يجوز أن تظهر أمام المحارم بما يصف العورة كالبنطال الضيق أو الشيء الشفاف فهذا كله حرام ولكن لها أن تظهر مبتذلة في لباسها المبتذل في عملها في البيت كالفستان تحت الركبة والبنطال فوقه قميص طويل يكاد يصل للركبتين وما شابه فلها أن تظهر أمام محارمها على هذا الحال. وإذا أرادت أن ترضع ابنها فتلقم ابنها الثدي من تحت غطاء ولا تظهر ثديها أمام أبيها أو إخوانها وهذا من الحياء الذي يجب على النساء أن يفعلنه ويحططن له. السؤال 72: ما هو حكم التقبيل؟ الجواب : التقبيل منه المشروع ومنه الممنوع والمشروع منه قبلة الرحمة التي تقع للابنة أو القبلة التي فيها احترام وتبجيل لأهل العلم مثبت في الصحيح أن أبا بكر عاد ابنته عائشة وهي تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقبلها من خدها وثبت أن ابن عباس لما كان طالب علم عند زيد بن ثابت كان يهيء له دابته ليركب عليها فوضع زيد يده على الدابة وأراد أن يصعد على الدابة فانحنى ابن عباس إلى يد شيخه وأستاذه زيد وقبل يده ، فقال زيد لابن عباس: لماذا فعلت هكذا؟ قال : هكذا أمرنا أن نفعل بعلماءنا، فاستغفله زيد وقبل يده فقال له ابن عباس: لماذا فعلت هكذا؟ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا . ولكن هذا لا يكون شعاراً وإنما يقع فلتة أما أن يعود الشيخ التلاميذ بعد كل صلاة وبعد كل لقاء أن يعطيهم اليد ويقبلونها فهذا علامة كبر وعلامة ذل للتلاميذ وهذا شعار لا يجوز وما كان هذا الشعار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه ولا بين الأصحاب بين جاهلهم وعالمهم وبين صغيرهم وكبيرهم فهذا شعار أهل البدع الآن وشعار المسلمين عند اللقاء المصافحة، وعند القدوم من السفر أو بعد طول غياب تشرع المعانقة بين الرجال فيما بينهم، وبين النساء فيما بينهن أما التقبيل عند ذلك فهو مكروه إن كان بغير شهوة وأما بشهوة فهو حرام وتقبيل الفم لا يكون إلا للزوجة. وأما وضع اليد على الجبين فسماه سفيان : السجدة الصغرى، فيقع التقبيل من غير وضع اليد على الجبين ، والله أعلم .. السؤال 73: هل دعاء زيارة المقبرة خاص بالزيارة أم هو عام لكل من يمر بالمقبرة؟ الجواب: الذي أراه أن الدعاء عام، وليس فقط للزيارة فكل من مر بالمقبرة يسن له أن يدعو فالدعاء نافع ويتأكد ذلك بما أخرجه ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص قال صلى الله عليه وسلم: إذا مررتم بقبور المشركين فقولوا: أبشروا بالنار} فعلق النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بالتبشير بالنار لكافرين بالمرور فكذلك أهل الإيمان يدعى لهم بالمغفرة إن حصل المرور، والله أعلم ... السؤال 74: هل يجوز فتح حساب في البنك وهل يجوز التعامل بالشيكات لحاجة العمل ؟ الجواب: التعامل مع البنوك الأصل فيه الحرمة فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يلعن أكل الربا فقط وإنما لعن آكل الربا ومطعم الربا والناس يتفاوتون في حاجتهم إلى البنوك بتفاوت أعمالهم والأصل في التعامل مع البنك أن يكون بحذر وقدر، والقدر يكون على حسب الورع والتقوى . واليوم يوجد بين المسلمين تساهل في التعامل مع البنوك ، فالبنك تعامل معه بحذر، فلا تجعل في حسابك إلا الشيء المضطر إليه، وإن استطعت أن تخلص من البنك، فهذا هو الواجب عليك، لأن الأصل في التعامل مع البنك في دائرة المحذور وليس في دائرة الجواز. ويجوز التعامل عند الضرورة ، وكل منا أدرى بضرورته فليس التاجر الذي يحتاج إلى فتح الاعتمادات كالذي لا يحتاجها وليس من تأتيه الحوالة كمن لا تأتيه حوالة، فالتعامل يكون بقدر وعلى حذر ، والله الموفق.. السؤال 75: ما الفرق بين الحيض والاستحاضة؟ الجواب : الحيض لا يجوز للمرأة أن تصلي وأن تصوم به، وهو دم أسود يعرف، أي تنبعث منه رائحة كريهة وتصطحبه بعض الآلام ، وله عادة دورية تعرفه النساء من خلاله. أما الاستحاضة فهي ركضة من ركضات الشيطان وهو ما يسمى اليوم بدم النزيف، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم دم عرق، وهو أحمر لا يوجد له وقت ولا تصطحبه آلام ، ولا تنبعث منه رائحة، فهو دم كسائر الدماء والمستحاضة تصلي وتتوضأ لكل صلاة ولا تلتفت لنزول الدم، وتصوم ، والله أعلم .... السؤال 76: ما حكم صلاة رجل يبحث عن الإمام الذي يجمع بين الصلاتين فيحضر صلاة الجماعة لأجل الجمع ليس إلا، وماحكم صلاة الإمام الذي يجمع في أوقات قد لا يسمح فيها الجمع؟ الجواب: الأصل في الإمام أن يعمل بالاستصحاب ، أي إبقاء ما كان على ما كان عليه، فالأصل عند الإمام أن يصلي الصلاة لوقتها، حتى يتبرهن له بيقين، أو بالظن الغالب، أن الشرع قد أذن بنقل هذه الصلاة من وقتها إلى وقت آخر، فالأجواء القلقة والأجواء المحيرة لا جمع فيها، استصحاباً للأصل، لا سيما بين الظهر والعصر، لطول المسافة، وأما بين المغرب والعشاء لو تساهل الإمام قليلاً لا حرج، لكن بعد أن يغلب على ظنه المسوغ الذي يجوز من أجله الجمع. أما المأموم فإن رأيت أن الإمام توسع في الجمع، لا أفارقه بل أجمع معه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرنا أنه سيأتي في آخر الزمان أمراء يصلون الصلاة على غير ميقاتها، قالوا : ماذا نصنع ، قال{صلوا معهم واجعلوها سبحة} فإن رأيت الإمام يجمع من غير مسوغ فلا تفارقه واجعلها نافلة، وإن كنت ممن يشار إليه بالبنان وسكوتك يحسب عليك ويغرر العوام فيجب شرعاً عليك البيان ، كمافعل ابن سعود مع عثمان لما أتم بمنى وإن كنت من العوام فصل واخرج وأعد الصلاة في وقتها. أما بالنسبة للذي لا يأتي الجماعة إلا للجمع فما دام أن الجمع جائز لسائر المصلين فإن الجمع جائز له، ولكن يحرم عليه التخلف عن صلاة الجماعة.. السؤال 77: ما صحة هذا الحديث: {من جمع بين الصلاتين من غير عذر، فقد أتى باباً من أبوبا الكبائر}؟ الجواب: هذا حديث ضعيف جداً أخرجه الترمذي وغيره وفيه راوٍ اسمه : الحسين بن علي بن قيس، وهو متروك فهذا الحديث ضعيف جداً فلا يجوز الاعتماد عليه من أجل ترك الجمع. السؤال 78: ما حكم الشرب قائماً؟ الجواب: وقع فيه خلاف بين أهل العلم، والتفصيل فيه يطول جداً ولكني أختصر على قدر الاستطاعة. فقد روى بإسناده إلى أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائماً فقيل لأنس: والأكل؟ قال أنس: ذلك شرٌ، وفي رواية عند مسلم عن أنس قال: {زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب الرجل قائماً} وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر من شرب قائماً أن يستقيء، وثبت في صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يشرب قائماً فقال له: {أتحب أن يشرب معك هر؟} قال :لا ، فقال له صلى الله عليه وسلم {كيف وقد شرب معك الشيطان} ولذا فالأصل في المسلم أن يشرب جالساً وأن يشرب على ثلاث دفعات بعد التسمية ، ثم يحمد الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يشرب هكذا: {إنه أهنأ وأمرأ وأبرأ} وأما شرب النبي قائماً، فقد صح ذلك والراجح عند أهل العلم أن إعمال الأدلة كلها خير من إهمال بعضها، والأصل أن تنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحرام وعن المكروه، قال غير واحد من أهل العلم: أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الشرب قائماً هو ليصرف النهي من التحريم إلى الكراهية وهذا المسلك ليس بصواب. والصواب ما اختاره بعض المحققين من العلماء وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو أن الأصل في الشرب قائماً حرام ويجوز الشرب قائماً للضرورة، فشرب النبي صلى الله عليه وسلم من شن وهو قائم ، فمثلاً إذا كان هناك ثلاجة ولم تستطع أن تشرب منها إلا قائم فلا حرج ، فلا تشرب قائماً إلا عند الحاجة. فالأصل أن ننزه النبي صلى الله عليه وسلم عن فعل المكروه الذي يبتعد عنه أهل العلم ، فالنبي أولى بذلك ، فقاعدة أن النبي إذا فعل المنهى عنه ليصرفه من التحريم إلى الكراهة، ليست بصواب ، ناقشها الشاطبي في الموافقات مناقشة حسنة، وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم إن نهى عن شيء وفعله فيكون النهي على حال، والفعل على حال آخر، والله أعلم.. السؤال 79: هل مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على شيء دليل على وجوبه ؟ الجواب: فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدلل على الوجوب، وأيضاً فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاصاً به، إنما هو عام للأمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، إن فعل وترك فهذا مندوب، أما إن داوم على فعل فهذا سنة مؤكدة. ومداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على فعل لا يجعله واجباً إلا في صورة واحدة؛ إن كان فعله استجابة لأمر أمر الله به، فمثلاً قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} لم يرد أين القطع إلا من هذا المكان ، فكان هذا الفعل في القطع من هذا المكان واجباً ففعله صلى الله عليه وسلم امتثالاً لأمر ولم يفعله إلا على نحو واحد، فعلمنا أن هذا الفعل على هذا النحو هو امتثال الأمر، فنحكم للفعل بالوجوب للأمر وليس للفعل ، والله أعلم .. السؤال 80: ما الحد المسموح فيه للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته؟ الجواب: استدل بعض الحنابلة بقصة غير صحيحة وهي أن علياً أرسل ابنته أم كلثوم إلى عمر فكشف عمر عن ساقها لينظر إليها لأنه كان خطيباً، فاستدلوا بهذه القصة على أنه يجوز للخطيب أن ينظر إلى مخطوبته، وأن يراها في لباسها المبتذل في بيتها فينظر إلى شعرها وساقها وساعديها، وهذه القصة غير صحيحة . والصواب أنه لا يجوز للخطيب أن ينظر إلا للوجه والكفين، والوجه كما قال العلماء، هو مكمن الجمال واليدان منهما يعرف هل هي سمينة أم نحيلة فهذه ينظر إليها للضرورة وما عدا ذلك فالأصل الستر، والله أعلم . السؤال 81: هل يجوز للمرأة أن تؤم النساء؟ الجواب : نعم يجوز للمرأة أن تؤم النساء وأن تجهر بصلاتها ما لم يسمعها الأجانب ، ويسن لها أن تقف بينهن ولا تتقدم عليهن ، فقد قالت تميمة بنت سلمة: {أمت عائشة نساءً في الفريضة في المغرب وقامت وسطهن وجهرت بالقراءة} وقال يحيى بن سعيد: كانت عائشة تؤم النساء في التطوع وتقوم وسطهن، فهذا أثر في التطوع وذاك في الفريضة . وقالت ابنة حصين : أمتنا أم سلمة في صلاة العصر ، فقامت بيننا. فهذه الآثار تدلل على جواز أن تؤم المرأة النساء في الفريضة والنافلة وأن تجهر فيما يجهر به ، وأن تقف بينهن. وأيضاً أن المرأة تؤذن وتقيم ، والحديث الذي فيه: {ليس على النساء آذان} لا أصل له، والقاعدة عند العلماء أن المرأة كالرجل في الخطاب ، فأي خطاب خوطب به الرجال فالنساء يدخلن فيه تبعاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {النساء شقائق الرجال} وأما الخطاب الموجه للنساء فالرجال لا يدخلون فيه إلا بقرينة ، والله أعلم. السؤال 82: الحديث الذي ورد فيه { أن من علامات الساعة أن المساجد تتخذ طرقات} ضعفه الشيخ ناصر في السلسة الضغيفة، فما ردكم ؟ الجواب: الشيخ ضعف الزيادة التي في آخره، أما الحديث الذي ذكرناه أن من علامات الساعة أن يجلس في المساجد دون الصلاة فيه وأن تتخذ المساجد طرقات فالشيخ يصححه ولا يضعفه ، فقد قال الشيخ رحمه الله في السلسلة الضعيفة برقم 1531، أخرج الحاكم في المستدرك عن خارجة بن الصلت قال : "دخلت مع عبد الله يوماً المسجد فإذا القوم ركوع فمر رجل فسلم عليه؛ فقال ابن مسعود : صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: أنه لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقات وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة، وحتى تتجر المرأة وزوجها، وحتى تغلو الخيل والنساء ثم ترخص إلى يوم القيامة} قال الشيخ بعد كلام على الحديث: وبالجملة الحديث علته الجهالة وإنما أوردته من أجل قوله: {وحتى تغلو الخيل والنساء ثم ترخص إلى يوم القيامة، فإني لم أجد له شاهداً يقويه ، وأما سائره فصحيح ثابت من طرق"، فذكر الشيخ للحديث في الضعيفة لا يعني أن ضعيف فالضعيف منه الزيادة في آخره . السؤال 83: هل يجوز حج من عليه دين ؟ الجواب : من عليه دين له أن يحج ويستأذن صاحب الدين فإن أذن له يحج وإلا صاحب الدين أحق بماله من المال الذي سينفقه بالحج ، ولكن ذهابه للحج ليس بواجب فهو غير مستطيع، لكن إن أذن له وذهب فهذا حسن. وقد كان بكر بن عبدالله المزني، التابعي الجليل ، كان يحج وعليه دين فلما كان يسأل عن ذلك كان يقول: قال صلى الله عليه وسلم: {تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر نفياً} فيا أيها الفقير : إن أردت الغنى تابع بين الحج والعمرة فهذا كنز لا يعرفه إلا المجرب، فكان بكر بن عبدالله المزني يقول: أرجو بحجي الغنى والسداد. السؤال 84: ما رأيكم في كتاب "الأسطورة التي هوت" علاقة الجان بالإنسان؟ الجواب: هذا لا يصلح أن يكون كتاباً ، فهذا يصلح لأن يكون مسلسلاً أو فيلماً. وأهل السنة يقولون تلبس الجني للإنسي شيء ثابت وصحيح ، بل ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا تثاءب أحدكم فليغط فاه! فإن الشيطان يدخل} بل تفهم من قوله تعالى: { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } إن كل من أكل الربا في هذه الحياة الدنيا فهو ممسوس. فدخول الجني بدن الإنسي أمر لا يمتنع لأن الجن أرواح لا أجساد فيها ونحن البشر أرواح وأجساد ، ويوجد في الجسد فضاء وفراغ وهذا الروح يحل في هذا الفراغ ، فما الذي يمنع والنصوص الصريحة تثبت ذلك ، وأن هذه عقيدة أهل السنة وذكر ذلك أحمد وغيره . أما أن تكون مسألة اشبهت على كاتب فيجعلها الأسطورة التي هوت؛ فليس هكذا لغة أهل العلم ، وهذا العنوان بعيد بعد الأرض عن السماء عن لغة أهل العلم وما في جوهره خطأ محض يخالف ما عليه المحققون من العلماء فلا أنصح أحداً أن يقتنيه ولا أن يشتريه ولا أن ينظر فيه . السؤال 85: هل قول المؤذن " ألا صلوا في الرحال" يكون بعد الأذان أو بعد الحيعلتين؟ الجواب: قول المؤذن: " ألا صلوا في رحالكم" هذه سنة كادت أن تهجر وتموت هذه الأيام ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وهذ تقال في اليوم المطير أو اليوم الذي يقع فيه المسوغ لترك صلاة الجماعة وتكون بعد الأذان كما في صحيح مسلم من حديث ابن عمر وهذا الذي رجحه النووي في شرحه على صحيح مسلم قال: لكي يبقى الأذان على نسقه ، وقد ثبت أيضاً في سنن النسائي الكبرى باباً ذكر فيه أوجهاً عديدة منها: أن تقال: " ألا صلوا في الرحال" بدل الحيعلتين ، ومنها أن تقال بعد الحيعلتين وكل هذه الأوجه صحيحة وترجيح النووي حسن وطيب ولا سيما أنه وقع التصريح فيه في حديث ابن عمر. وهذه السنة الغائبة عن الناس هذه الأيام تعلم لهم بالقول والعمل ، والأصل أن يتطابق القول والفعل، وسنة عملية تفعل في المجتمع ، أسهل وأضبط وأحفظ من قبل العوام من السنة التي تبقى نظرية ، فمثلاً باب البيوع الآن من أصعب أبواب الفقه على الطلبة ، رغم أنه كان في العصر الأول من أسهل أبواب العلم ، لأن الأحكام الشرعية في تراها في المتجر عند العامي؛ لأنه يبيع ويشتري وفق الشريعة فلما كان عملياً كان سهلاً ولما انحرفت الحياة عما يحب الله ويرضى وأصبحت الحياة علمانية ومادية بحتة ، أصبحنا نستشكل ما يجري بين البائع والمشتري، فالقول والعمل يتعاضدان في بيان السنن والأحكام . السؤال 86: هل يؤخذ بالأحاديث الضعيفة ؟ وهل الأحاديث الضعيفة مراتب ؟ الجواب: بلا شك أن الأحاديث الضعيفة مراتب فمنها الضعيف ضعفاً يسيراً ومنها الضعيف ضعفاً شديداً ومنها الموضوع وبالنسبة للعمل بالحديث الضعيف فأرجح الأقوال وهذا مذهب إمامي الدنيا في الحديث، الإمام البخاري والإمام مسلم ، مذهبهما أنه لا يعمل في الحديث الضعيف حتى في فضائل الأعمال . السؤال 87: ما صحة هذا الأثر "الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له" ومن قائلها؟ الجواب: المقولة المذكورة منكرة ، ودخيلة على الإسلام وقد جمع للدنيا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستثمروا أموالهم وكانوا حريصين عليها كحرص والي بيت المال على بيت مال المسلمين ، فلم يجمعوها لأهوائهم ولا لشخوصهم ولا لملذاتهم . وهذه المقولة نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أخرجها مرفوعة أحمد في مسنده في (6/71) من حديث عائشة وسأله عن هذا الحديث تلميذه الخلال فقال : هذا حديث باطل، كما نقله ابن قدامة في " المنتخب من الحلل " . وهنا فائدة لا بد أن ينتبه لها طالب العلم وهي أن أحمد في مسنده ليس شرطه ألا يذكر فيه إلا الصحيح فقد ذكر مئات الأحاديث في مسنده وسئل عنها وأعلها ، وكان يتحاشى أن يذكر في كتابه الأحاديث الموضوعة أما الضعيف والضعيف جداً فكان يذكره في مسنده . ورويت هذه المقولة عن ابن مسعود وأخرجها أحمد في كتاب الزهد ، ولكن إسنادها منقطع فلم تثبت مرفوعة ولا موقوفة وهي منكرة وقد قال عنها أحمد أنها حديث باطل أي فيه ما يخالف شرع الله عز وجل. والله أعلم .. السؤال 88 : هل تجوز الصلاة بين السواري في المسجد عند ضيق المسجد بالمصلين؟ وأيهما أولى : الصلاة بين السواري أو الطوابق الأخرى للمسجد ؟ وهل يشترط أن يرى المأموم الإمام؟ وبناء عليه: هل يجب هدم مساحة من أعلى المسجد لكي يرى المأمومون الإمام ؟ الجواب: أما هدم شيء من أعلى المسجد فهذا لا دليل عليه وبالتالي فالصلاة تجوز كصلاة النساء في مصلاهن في طابق آخر لا يرين الرجال ولا الإمام ويصلين والصلاة صحيحة ، وكذلك إن لم ير المأموم الإمام وهو في طابق علوي مثلاً، فالصلاة صحيحة لكن لو وقع الهدم فهذا أمر حسن؛ لكي تقع المتابعة عند انقطاع التيار الكهربائي بالنظر ويرفع صوته الناظر، ويكون مبلغاً . أما حكم الصلاة بين السواري، فالأصل في الصفوف أن تكون متراصة ومتقاربة ومتصلة ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : {من وصل صفاً وصله الله ، ومن قطع صفاً قطعه الله} أي وصله الله بثوابه ، وصله بجنته ووصله برضاه ، ومن قطع صفاً قطعه الله من ثوابه، ومن رضاه، وعن جنته، فنهى الشرع عن تقطيع الصفوف الحسية لكي لا تقع المقاطعة المعنوية، والشحناء والبغضاء ، فلذا يجب أن يصلي المسلمين بصفوف متراصة كالحب الذي في قلوبهم على بعضهم بعضاً، لذا كان الصحابة يتناهون عن الصلاة بين السواري التي تقطع صفوفهم، فقد أخرج ابن ماجه والطيالسي وابن خزيمة وغيرهم عن ضرة بن إياس المزني، رضي الله عنه ، قال:"كنا ننهى أن نصلي بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طرداً" وأخرج الترمذي وأبو داود والنسائي وغيرهم عن عبد الحميد بن محمود قال: "صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين ، فلما صلينا، قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان وغيرهم. لكن إن اضطررنا إلى الصلاة بين السواري فنصلي بينها اضطراراً وإن تلاشينا الصلاة بين السواري فينبغي ألا نفر من هذا المحذور ، فنقع في محذور آخر وهو أن نباعد بين الصفوف، فالصفوف الأصل منها أن تكون متقاربة وأن يكون الصف خلف السرية مباشرة وكذلك الذي قبل السارية فقد أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن أنس رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {رصوا صفوفكم وقاربوا بينها} وأما صلاة المنفرد بين السواري أو الإمام فلا حرج فيها، والصلاة بين الساريتين دون تتميم الصف عن اليمين والشمال أيضاً لا حرج فيها لأن التراص وعدم الانقطاع حاصل وإن ضاق المسجد فنصلي بين السواري ولا حرج والله أعلم . وإذا حضر المصلي المسجد ووجد الصف بين السواري وهو غير منقطع فلا حرج وإن كان في المكان المكروه فالأحوط أن لا يقف خلف الصف منفرداً لأن صلاة المنفرد خلف الصف باطلة على أرجح الأقوال وينتظر. وبالنسبة للمسجد الحرام والمسجد النبوي وكذلك المسجد الأقصى فالعلماء يستثنون هذه المساجد بأحكام خاصة للضرورة والحاجة ولكن المطلوب أن نتقي الله ما استطعنا والحرص على التبكير ، لأنه لا يقع في إشكال إلا المتأخر ، وهذين المسجدين معموران والحاجة ماسة لأن يصلي بين السواري خاصة في المواسم ، لكن مع الحرص على أصل القاعدة ما استطعنا وإلا لا حول ولا قوة إلا بالله . السؤال 89: هل نحن مسيرون أم مخيرون ؟ الجواب: نحن مسيرون ومخيرون معاً ولم يسألنا ربنا عما نحن مسيرون فيه، فألوان بشرتنا، ومكان ووقت مولدنا، وأطوالنا، وماشابه فهذه لا نسأل عنها، وهذا أمر لم نخير ولا نحاسب عليه. لكن نحن مخيرون في أعمالنا وأفعالنا ونسأل عنها بين يدي الله عز وجل ، والله أعلم . السؤال 90: هل يجوز كشف وجه المرأة على أخي الزوج، خاصة عند وجودهم في بيت واحد ؟ الجواب: الذي أراه ولا سيما، في مثل هذه الصورة الجواز ، بشرط أن تنعدم الفتنة ، فإن ضاق البيت ولا تستطيع هذه المرأة أن تستقل ببيت، لفقر الزوج وعاشت في بيت عام، فيجب عليها أن تحفظ نفسها فلا يجوز لها أن تتكشف على أسلافها بأن تظهر شعرها أوشيئاً من مفاتنها، والواجب عليها أن تحفظ نفسها إلا وجهها وكفيها، فالوجه والكفان لها رخصة في الكشف والإبداء حتى من يوجب على المرأة أن تغطي وجهها وكفيها، في مثل هذه الصورة وعند هذه الحاجة يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين . فلا حرج أن تبدي المرأة وجهها وكفيها بشرط انعدام الفتنة ومقدمات الفتنة وألا ينظر إليها بريبة فإن حصلت الفتنة ومقدماتها فيجب عليها أن تتسر ، والله أعلم . السؤال 91: يقال إن "كتاب الروح" لابن القيم منسوب إليه، وليس له هل هذا صحيح ؟ الجواب : ويقال أيضاً أنه ألفه في أول تحصيله العلمي ، ويقال أنه ألف هذا الكتاب قبل أن يلتقي شيخ الإسلام ابن تيمية ويتتلمذ عليه . لكن من يقرأ الكتاب قراءة تدبر وفحص وتمحيص يجد أن هذه الدعاوي سبيلها النقض، ونهايتها الرفض المحض، على الرغم من اشتهارها، فعند التحقيق لا تكون إلا طنين ذباب أو صرير باب. ولقد قرأت الكتاب وعندي فيه نسخ خطية ونسبته ثابتة لابن القيم نسبة لا يجوز لأحد أن يتشكك فيها . فقد ذكر ابن القيم كتابه "الروح" في كتابه "التبيان في أقسام القرآن" ونسبه إليه جمع من أهل العلم ، كابن حجر والسيوطي والشوكاني وغيرهم، واختصره الحافظ البقاعي ، تلميذ ابن حجر قديماً في كتاب سماه "سر الروح" وهو مطبوع والبقاعي نسب الكتب لابن القيم . وأما القول بأن ابن القيم قد كتبه قبل أن يلتقي بان تيمية فهذا خطأ أيضاً فقد ذكر ابن القيم ابن تيمية في "الروح" عشر مرات. والناظر في مسائل الكتاب وهي إحدى وعشرين مسألة يلمح فيها نفس ابن القيم وأسلوبه في النقاش والجدال والتقرير ومعارضة الخصم ، فكتاب الروح أصيل وليس دخيل على ابن القيم ومن شكك فيه فهو واهم . السؤال 92: ما حكم الجوائز التشجيعية في محلات التسوق؟ الجواب: كثرت الجوائز في محلات البيع وهم يعملون بطاقات، ويعملون قرعة، ويعطون جوائز، وبعضها يكون ثميناً. وهذه الجوائز أراها مشروعة بثلاثة شروط: شرط يعود إلى السلعة، وشرط يعود إلى المشتري، وشرط يعود إلى البائع. أما الشرط الذي يعود للسلعة فهو : أن يكون سعر السلعة قبل الجائزة وبعد الجائزة، هو هو ، فإن زيد سعر السلعة بعد الجائزة، فهذه الزيادة تكون قماراً، فمن اشترى السلعة يريد الجائزة عند ذلك فهو يقامر بالثمن المزاد على السلعة ، على الجائزة . أما الشرط الذي يخص المشتري فهو: أنه لايجوز للمشتري أن يشتري السلعة وهو ليس بحاجة إليها، وإنما يشتريها من أجل الجائزة، فإن اشتراها من أجل الجائزة فهو يقامر ، فإن كان له حاجة في هذه السلعة واختار هذا النوع من السلع ولم يختر النوع الآخر لعله يحصل له تبعاً الجائزة فهذا جائز. والشرط الثالث الذي يعود لصاحب السلعة فهو: ألا يكون مقصد صاحب السلعة من هذه الجائزة الإضرار بغيره ، إنما يكون مقصده أصالة ترويج سلعته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { لا ضرر ولا ضرار} وقوله: {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه} . وبعد حصول الشروط الثلاثة يجوز الفصل بالقرعة ، فالقرعة مشروعة بكتاب الله ، وفي عدة أحاديث، فمن كتاب الله قوله تعالى: { } وقوله: { } أما الأحاديث فمنها أن سعد أعتق ستة عبيد وكانوا كل ما يملك ، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعتق اثنين وأمره أن يجعل بينهم قرعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر أقرع بين نساءه، فالقرعة جائزة في تحديد الفائز بالجائزة. ولكن نقول القرعة المشروعة تكون بعد أن يتثبت الشرع الحق، فلما تتساوى الحقوق تأتي القرعة ، فتفصل صاحب الحق ويكون جميع المقترع بينهم لهم حق في هذا الشيء، فالزوجات إن سافر الرجل فكلهن لهن حق في رفقته، فتزاحمت الحقوق، فتفصل القرعة بينهن وكذلك لو تزاحم اثنان على فرجة في الصف الأول وكل له حق فيها والأصل أن لا يدعها أحد فتفصل القرعة بينهما، وكذلك لو دعي رجل إلى أكثر من وليمة وكان كل منهم له حق في الإجابة، فتفصل القرعة في ذلك. أما إن لم يثبت الشرع الحق وإنما القرعة هي التي تثبت الحق، فهذا أصبح قماراً فاليانصيب مثلاً، لا يوجد لأحد حق في الجائزة ، وإنما الذي يحدد القرعة فهذا هو القمار. ومنه لعب الصغار بقطع النقد المعدنية ذات الوجهين ومنه النرد إلى غير ذلك من صور القمار المعروفة . السؤال 93: هل هناك حد أدنى لعدد أيام النفاس ؟ وهل ينتهي بانقطاع الدم دون خروج القصة البيضاء؟ الجواب: النفساء هي المرأة التي تلد أو تسقط مولوداً مخلقاً حياً أو ميتاً فإن أسقطت مضغة لحم غير مخلقة أو دم فهذه مستحاضة وليست نفساء. ووقت بدء النفاس خلاف بين الفقهاء فمنهم من قال مجرد نزول الدم سواء كان مع الولادة أو قبل الولادة بقليل يبدأ النفاس عند ذلك، ومنهم من قال : لو كان نزول الدم قبل الولادة بيومين ومنهم من قال ثلاثة أيام ومنهم من زاد، والذي أراه راجحاً في هذه المسألة مذهب الإمام الشافعي، رحمه الله وهو سهل ميسور ، وهو أن النفاس هو الدم الذي ينزل مع الولد وأما ما ينزل قبل الولد فهو ليس بنفاس فمهما رأت المرأة قبل الولادة فهذا ليس بنفاس وتبقى ذمتها مشغولة بالصلاة. وأما أقل النفاس فلا يوجد له حد فقد يكون أقل النفاس يوم فمتى رأت المرأة مادة الطهر الأبيض بعد الولد وعلى إثر نزول الدم فهي طاهر . وأما أقصى حد للنفاس فكما ثبت في سنن أبي داود من حديث أم سلمة رضي الله عنها، قال: {وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للنفساء أربعين يوماً} فإن لم تر الطهر بعد مضي أربعين تغتسل وتصلي ولا تزيد على الأربعين، والله أعلم ... السؤال 94: شاب ملتزم هو قادر على العمل ولا يعمل، ما رأيكم فيه؟ الجواب: رأيي فيه ما أثر عن ابن مسعود وعن عمر قال: {أرى الشاب فيعجبني فأسأل عن عمله فيقولون لا يعمل فيسقط من عيني} والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إن أطيب كسب الرجل من يده} ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يده خشنة فقال: {هذه يد يحبها الله ورسوله} وقال أيضاً: {إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها} وقال أيضاً: {كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول}، فأن يجلس الرجل بحجة الديانة وبحجة الدروس في المسجد والعبادة ويترك من يعول فهذا آثم، وهذا يخفى عليه أن العمل بنية أن يعف نفسه وزوجه وأولاده فلا يخفى عليه أن هذا عبادة، فقد ثبت في الصحيحن قوله صلى الله عليه وسلم {الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله } . وأخرج البيهقي في الشعب عن عمر رضي الله عنه قال: {يا معشر القراء (أي العباد) ارفعوا رؤوسكم، ما أوضح الطريق، فاستبقوا الخيرات، ولا تكونوا كلاً على المسلمين} فلا تكن كلاً على غيرك، وقال محمد بن ثور: كان سفيان الثوري يمر بنا ونحن جلوس في المسجد الحرام فيقول: ما يجلسكم ، فنقول : ماذا نصنع؟ فكان يقول: اطلبوا من فضل الله ولا تكونوا عيالاً على المسلمين، وكان سفيان رحمه الله يعتني بماله, جاءه يوماً طالب علم يسأله عن مسألة وهو يبيع ويشتري، وألح في المسألة ، فقال له سفيان: يا هذا اسكت فإن قلبي عند دراهمي، وكان له ضيعة وكان يقول: لو هذه الضيعة لتمندل لي الملوك . وكان أيوب السختياني يقول: الزم سوقك فإنك لا تزال كريماً مالم تحتج إلى أحد. وليس الفقر من مقاصد ديننا ويؤثر عن علي أنه قال: {لو كان الفقر رجلاً لقتلته} وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول{اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر}. فالواجب على الإنسان أن يعمل وأن يجد ويجتهد وألا يضيع من يعول، فإن قعد فهذا ليس بمتوكل وإنما هذا هو المتواكل وهذا صنيع الكسالى، فالرجل خلق في هذه الدنيا ليعمل ويكد ويجتهد، وكان الأنبياء أهل صنائع، وكان أبو بكر رضي الله عنه أتجر الناس ، فالجالس هذا إما أنه يفهم الدين خطأ، أو هو متواني متواكل ، ونقول له حسن نيتك واكسب الحلال واتق الله في عملك وأنت في طاعة واحرص على الجماعة وعلى دروس العلم ولكن لا تضيع من تعول ومن فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر ، ومن يعمل فهذا هو الغني ، فإن الغني ليس الثراء وإنما غنى النفس فلا تسأل أحداً ووفق الله الجميع لما يحب ويرضى.. السؤال 95: بعض المصلين يفتح رجليه أثناء استواء الصف أكثر من حاجته فيضيق على من بجواره، فهل هذا صواب؟ الجواب: البعض يريد أن يسد الفرج فيتتبع الفرجة ويتوسع في فتح رجليه وتنظر إليه فتشفق عليه من وقفته من شدة فتحه لقدميه، فنقول له: بارك الله فيك ينبغي لك أن تطبق هذه السنة بفقه وعلم. فإن رأيت فرجة وأنت على يمين الإمام فاقرب وألصق بالذي على يسارك واجعل الفرجة عن يمينك والعكس إن كنت على يسار الإمام تجعل الفرجة عن يمينك وتفتح رجليك بمقدار كتفيك، فإن سد الفرج لا يكون بين الأقدام فقط وإنما من الأعلى أيضاً، بين المناكب فالأصل في المناكب أن تتراص كالأقدام فتكون الصفوف مستوية فتجعل الفرجة عن جانبك ومن يجانبك يقرب ومن بجانبه يقرب وهكذا يكون الصف متراص وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {رصوا صفوفكم وقاربوا بينها}. السؤال 96: ما حكم من ينعت العلماء بأنهم علماء حيض ونفاس؟ الجواب: إن العلماء هم أولياء الله، وقال الشافعي في تفسير قوله تعالى: {ألا إن أولياء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فلا أعرف من هم" وأن يعطي الله عز وجل علم دينه لبعض الناس فهذه علامة خير. وعلماء هذه الأمة كأنبياء بني اسرائيل؛[وهذا لم يصح مرفوعاً لكن صح فهماً ودراية]، فالأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورثوا العلم، والنبوة ليست مكتسبة وإنما هي هبة من الله وكذلك العلم، قال صلى الله عليه وسلم: {من يرد الله به خيراً يفقه في الدين}. والطعن في العلماء والنبز علامة شر ، وقد قال ابن عساكر رحمه الله: "لحوم العلماء مسمومة وعادة الله فيمن انتهكها معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء في الثلب، ابتلاه الله بموت القلب} ، فمن اغتاب أخاه أكل لحمه، ومن اغتاب العلماء والصلحاء، يأكل لحماً مسموماً واللحم المسموم يقتل البدن ولكن لحوم العلماء والصلحاء تقتل القلب، فهذا القلب يصبح لا يعي عن الله عز وجل ولا عن رسوله مراده، فيكون مهاناً كما قال تعالى: {ومن يهن الله فما له من مكرم}. وموقع علماء أمة محمد في أمة محمد يساوي موقع أمة محمد في سائر الأمم وهذه قاعدة قامت عندي أدلة كثيرة على صحتها فإن كان العلماء هم الذين يحكمون وهم المقدمون والناس معهم قلباً وقالباً فإن أمة محمد هي المقدمة بين الأمم وهي التي تحكم في الأمم والعكس بالعكس. وهذا الفرق بيننا وبين سلفنا فإن العلماء كانوا ينكرون ويسمع لهم فهذا العز بن عبدالسلام، أنكر على المماليك لما صاروا حكاماً فأعلن على المنبر وقال: هؤلاء مماليك وبيعة المماليك باطلة فيجب أن يشتروا أنفسهم ويحرروا أنفسهم حتى تصلح بيعتهم فأوذي، فخرج من القاهرة فخرج جميع أهل القاهرة معه، فمروا على دير، فقال الراهب: ما بال الشيخ؟ فأخبروه الخبر، فقال: لو كان من ديننا لغسلنا رجليه وشربنا مرقة رجليه، فلما رأى المماليك حال الناس اضطروا أن يعلنوا وأن يشتروا أنفسهم وأن يعلنوا البيعة من جديد فسماه العلماء : بائع الملوك، سلطان العلماء، رحمه الله ، ولذا قال الشاعر: إن الأكابر يحكمون على الورى وعلى الأكابر تحكم العلماء ومن فاته العلم وقت شبابه فكبر عليه أربعاً لوفاته وقال سفيان : صنفان إذا صلحا صلح سائر الناس وإذا فسدا فسد سائر الناس : العلماء والأمراء، وقال أبو بكر الوراق : الناس ثلاثة : أمراء وعلماء وفقراء، إذا فسدت الأمراء فسدت المعيشة وإذا فسد الفقراء فسدت الأخلاق وإذا فسد العلماء فسد الدين، ولو نتخيل أن بلدة فيها مرض معدي ولا يوجد بها طبيب فما هو حال الناس؟ الهلاك؛ وكذلك سبب قلة دين الناس عدم وجود العلماء ، فهم تعليم الناس هم لا يحمله إلا من هو أقل من الكبريت الأحمر، فالناس كلهم يريدون الوظيفة والمال، وأصبح الدين مهنة كبقية المهن فإن وصلنا إلى هذا الحال ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، فأمراض منتشرة ولا أطباء لها ، لذا لا تستغرب ما نرى من حال الناس اليوم وإنا لله وإنا إليه راجعون. السؤال 97: ماذا نقول بين الخطبتين يوم الجمعة ، أنستغفر الله ، أم نقرأ الفاتحة ؟ وهل يجوز الكلام بين الخطبتين ؟ الجواب : نعم؛ يجوز الكلام بين الخطبتين فالشرع سكت عما بين الخطبتين فافعل ما شئت ، إن شئت أن تتكلم لك ذلك ، وإن شئت أن تذكر الله لك ذلك ، ولا نفعل شيء على وجه الدوام وعلى وجه التعبد والحديث الذي يقول: {إذا صعد الإمام المنبر فلا صلاة و لاكلام} حديث باطل وقد كان الناس في زمن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه يتكلمون وهو على المنبر بين الخطبتين . لكن الخطورة والحرج أن تتكلم والإمام يخطب ففي حديث أبي هريرة في الصحيح : {إذا قلت لأخيك والإمام يخطب يوم الجمعة : أنصت، فقد لغوت} فالكلام ممنوع والإمام يخطب فإن جلس بين الخطبتين أبيح الكلام ، والله أعلم .. السؤال 98 : ما حكم صلاة المرأة وعلى أظفارها طلاء؟ الجواب : الطلاء على الأظافر، أو ما يسمى (المناكير) مادة عازلة تحول بين الماء والظفر، فإن توضأت ثم وضعت الطلاء ثم انتقض وضوئها, فوضوئها الجديد لا يجزئ حتى تزيل الطلاء، ولا تجوز لها صلاة ولا يجوز لها وضوء حتى تزيل المناكير . السؤال 99: ما هي نسبة الربح في التجارة ؟ الجواب : لم يثبت حد في الشرع لنسبة الربح في التجارة ولكن العلماء يقولون بجواز التسعير، فإن سعر أولياء الأمور سلعة ، فيجب على التجار أن يتقيدوا بالسعر ، ويحرم عليهم أن يزيدوا عليها، وهذا التسعير من المصالح المرسلة والغالب على هذه السلع أن تكون من السلع المهمة الضرورية والرئيسية. والشيء الذي لم يسعر ينبغي أن يتقيد فيه بأعراف أهل التجارة فكل سلعة عند التجار سعران أعلى وأدنى، فلا يجوز لك استغفال الآخرين فتبيعه بسعر غير سعر السوق. وهذا السعر الأعلى والأدنى يحدده حال الزبون والكمية التي يأخذها الزبون فالغني ليس كالفقير وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عروة البارقي دينار ووكله بأن يشتري له شاة، فاشترى عروة الشاة بدينار وباعها بدينارين فرجع إلى السوق واشترى شاة بدينار ، ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالشاة والدينار وأقره على صنيعه ، فربح مائة بالمائة ، وكان الربح حلالاً ولكن قد يربح في رطل سكر خمس قروش ويكون حراماً، فالعبرة بأسعار السوق ، وألا يكون غرر ولا تدليس ولا استغلال وما شابه، والله أعلم ... السؤال المئة : هل يجوز للمرأة أن تحرم بالحج أو العمرة وهي حائض؟ وما حكم أخذ الدواء لمنع ذلك؟ الجواب: المرأة لا يجوز لها أن تمر عن الميقات دون إحرام ولو كانت حائض فتبقى في بيتها حتى تطهر وتفعل أفعال الحج إلا الطواف إن كانت في حج وإن كانت في عمرة تبقى في بيتها حتى تطهر ثم تغتسل ولا داعي لأن تذهب إلى الميقات ولا إلى التنعيم لأنها تبقى على إحرامها، ثم تعتمر. فإن جاءها الحيض بعد أن أكملت الطواف فجماهير أهل العلم يجوزون لها أن تسعى وهي حائض وتتحلل من عمرتها ولها أن تأخذ الدواء لمنع الحيض ولا سيما في الحج لأنه قد تأتيها العادة في اليوم التاسع أو العاشر ولا بد أن تطوف الإفاضة وهو من أركان الحج فإذا انتظرت ستأخر الركب الذي معها ، فأن تأخذ ما يمنع نزول الحيض لا حرج وإن كان فيه نوع ضرر لكن هذا الضرر محتمل وهذا الحج – كما يقال- رحلة العمر. وفي مصنف عبد الرزاق أثرين (برقم 1219، 1220) فيهما جواز أخذ المرأة في زمن الصحابة والتابعين أشياء تمنع نزول دم الحيض، فسئل ابن عمر عن امرأة تطاول بها دم الحيض فأرادت أن تشرب دواءً يقطع الدم عنها، فلم ير ابن عمر بأساً ونعت ابن عمر لها ماء الأراك قال معمر: وسمعت ابن أبي نجيح يسأل عن ذلك فلم ير بذلك بأساً فأخذ هذا الدواء أيسر لها وللركب الذي معها، والله أعلم .
__________________
To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts. |
#8
|
|||
|
|||
جهد موفق بوركتم
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|