أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
74934 85137

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر اللغة والأدب و الشعر - للنساء فقط

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 05-12-2012, 08:36 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه

تتمــــــّـــــــة

مُثَبِّتِ الأحكامِ بالأصولِ *** معينِ مَنْ يَصْبُو إلى الوصولِ

هذه براعة استهلال واضحة أوضح من الأولى.
قوله: (مثبت الأحكام بالأصول) : أي أنه تعالى ثبت الأحكام بأصولها، وأصول الأحكام أدلتها، وسميت أصولاً؛ لأن الأحكام تُبنى عليها، ولهذا إذا أتى بالمسألة في المغني[(6)] يقول: الأصل في هذا قوله تعالى: .... الآية.
وأدلة الأحكام، سيأتي في النظم أنها أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح [(7)].
(الأحكام) : هي ما يثبت بخطاب الشرع من إيجاب أو تحريم أو كراهة أو استحباب أو إباحة.
وأصول الأحكام اثنان يتفرع عنهما اثنان: أما الأولان: فهما الكتاب والسنّة فإنهما أصل الأصول، وعليهما مدار الأحكام الشرعية من عقدية وقولية وفعلية.
وأما الأصلان الآخران الفرعان: فهما الإجماع والقياس الصحيح.
هذه هي الأصول الأربعة التي تنبني عليها أحكام الشريعة المطهّرة: الكتاب، والسنّة، والإجماع، والقياس الصحيح.
بهذه الأصول الأربعة تثبت الأحكام، ولا يبقى لأحد منازعة فيما ثبت. ومن المعلوم أنه يقدّم القرآن ثم السنّة ثم الإجماع ثم القياس، حتى إن العلماء ـ رحمهم الله ـ قالوا: إن أي قياس مخالف للكتاب والسنّة؛ فإنه قياس فاسد مردود على قائله ويسمّى عندهم: فاسد الاعتبار.
وعلم من قوله: (مثبت الأحكام بالأصول) أن ما لا دليل عليه فليس بثابت؛ لأن الدليل بمنزلة البيّنة بل إن الله سمّاه بيّنة. قال تعالى: {{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ}} [الحديد: 25] .
وليس كل شيء له دليل؛ بل من الأشياء ما دليله إيجابي، ومنها ما دليله عدمي؛ فالأدلة قد تكون عدمية فيقال: الدليل عدم الدليل وقد تكون إيجابية فيقال: الدليل قوله تعالى... فإذا قال قائل مثلاً : هذا النوع من البيع حرام، نقول له: أين الدليل؟ لأن الأصل أن البيوع حلال.
وإذا قلنا : هذا النوع من البيع حلال، فطالبنا بالدليل، فإننا نقول: الدليل عدم الدليل أي: ليس هناك دليل يدل على التحريم، والأصل هو الحل.
قوله: (معين من يصبو إلى الوصول) : يصبو بمعنى: يميل، ومنه سِنُّ الصِّبا لأن الغالب أن الصبي سريع الميلان، كلُّ شيء يجذبه، وكلُّ شيء يصرفه، ولهذا سمي سِنُّ الصِّبا ـ بكسر الصاد ـ أما الصَّبا ـ بفتح الصاد ـ فهي الريح الشرقية، ومنه الحديث: «نصرت بالصَّبا وأهلكت عاد بالدبور» [(8)] .
والدبور: الريح الغربية.
(معين من يصبو إلى الوصول) : أي: أن الله تعالى يعين من يميل إلى الوصول، أي: وصول الحق، فإنه ـ جلّ وعلا ـ يعين كل شخص يطلب الوصول إلى الحق، لكن قد يتخلف المقصود لوجود مانع أو لحكمة أرادها الله - عزّ وجل - بمعنى أن الإنسان قد يبذل جهده، ولكن لا يصل إلى مقصوده لحكمة يريدها الله - عزّ وجل - قد يبتلي الله العبد، فلا يتمكن من الوصول في أول محاولة أو ثاني محاولة حتى يعلم الله عزّ وجل من هو صادق في الطلب، ومن ليس بصادق.
ومن ذلك أن الله - تعالى - يُديل أعداءه أحياناً على أوليائه، لينظر من يصبر ومن لا يصبر {{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}} [محمد: 31].
وإلا فالأصل أن كل إنسان يقصد الوصول إلى الحق بنية صادقة، فإنه لا بد أن يصل إليه. وما أحسن عبارة قالها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في «العقيدة الواسطية»: «من تدبر القرآن طالباً الهدى منه، تبيّن له طريق الحق» [(9)] .
فكل إنسان يصبو إلى الوصول ويستعين بالله - عزّ وجل - مع بذل الجهد فإن الله يعينه ما لم يكن إثماً، أما الإنسان الكسول الذي لا يصبو إلى الوصول، وإنما يريد أن يمضي الأوقات فقط ويقتلها فإن هذا يذهب عليه دهره سدىً، لا يستفيد، لكن الإنسان الذي يعمل بجد، ويريد أن يصل إلى غاية حميدة، فهذا يعان ويصل إلى مقصوده.
ولهذا يجب علينا نحن ـ ونحن نطلب العلم ـ أن يكون لنا هدف نسعى إلى الوصول إليه لا مجرد إمضاء الوقت فقط؛ بل نطلب العلم للوصول إلى الغاية وهي أن أعْلَم، ثم أعمل، ثم أُعَلِّم، ثم أدعو، هذه غايتي، والعامل العابد غايته الوصول إلى الله - عزّ وجل -، إلى مرضاة الله: {{يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً}} [الفتح: 29].
ومن يصلّي ليسقط الفرض فقط، هذا لا شك أنه يجزئ وتبرأ به الذمة، لكن الذي ينبغي أن يصلّي ليَصِلَ إلى غاية، وهي أنه كلما صلّى فريضة ارتقى درجة.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
_________

[6] كتاب «المغني» لابن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله.
[7] انظر: شرح البيت رقم (49 - 50).
[8] أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نصرت بالصّبا» (988)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصّبا والدبور (900/17)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[9] انظر: مجموع الفتاوى (3/137).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.