أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
82657 84309

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-29-2015, 09:45 PM
سلاف الخير سلاف الخير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: المملكة الأردنيّة الهاشميّة
المشاركات: 251
Post [تفريغ] مذهب أهل الحديث الفقهي مشهور حسن

بسم الله الرحمن الرحيم

مذهب أهل الحديث الفقهي
لــِ : فضيلة شيخنا
مشهور بن حسن آل سلمان
-سلَّمه الله-

إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه،.
أما بعد،،،


فإنّ لأَهلِ الحَديثِ مَذْهَبَاً مَذْكُوْرَاً فِيْ بُطُوْنِ المدَوَنَاتِ؛ ولَهُ ميزاتٌ وخصائصٌ، وبينَهُ وبينَ مذهبَ الفقهاءِ ومذهبِ أهلِ الظاهرِ علامات تخفى على بعضِ الطلبة؛ وهنالكَ إشارات بل نصوص واضحات في الأحاديث والآثار فيها ذكر صريح لمذهب أهل الحديث، ومذهب أهل الحديث ومذهب أهل السنَّة ومذهب أهل الأثر هو المذهب السلفي، فالسلفيّة وأهل الحديث اصطلاحان مترادفان، ولكن اصطلاح أهل الحديث وأهل السنن واردٌ في بعض النصوص النبويّة وفي بعض الآثار الصحابيّة والتابعيّة .

الخيرُ يبدأ مجتمعاً ثمَّ تتفرق أجزاؤه؛ كالأمور المادية المحسوسة في الزمن الأول الأنّور، فكان النَّاس كلهم رجالُ شُرَطة ورجالُ أمن؛ وكان العلماء كلهم هم الخطباء وهم القضاة وهم أئمة المساجد، وكان العلم والعمل والحكّام والناس مجتمعَين لا مفترقين، ثمَّ تبعثرت وتفرقت أسباب القوة في الأمة، وكما يقال هذا في الأمور الملموسة المعاشة الحياتية، يُقال أيضاً في الأمور الفقهيّة.

فالصحابةُ --رضي الله تعالى عنه- هم أفقه الناس؛ وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الأربعة؛ ولا سيما أبا بكر وعمر -رضي الله تعالى عن الجميع-.

وليس الفقه بشقشقة الأقوال وتفريعاتها وتخريجاتها، وإنّما الفقه أن تصيب الحق الذي يحبّه الحق سبحانه، فلو نظرنا في بطون دواوين الكتب الفقهيّة المطولة؛ ورحنا نبحث بالمنقاش على فقه أبا بكر وعمر لما وجدناه إلا قليلاً بخلاف الفقه الذي نجده مثلاً عن صغار الصحابة كابن عباس وابن عمر وجابر وغيرهم .

ذلك أن النوازل استجدَّت وحدثت أمور لم تكن عند السابقين؛ فاحتاج الصحابة أن يقولوا قولتهم وأن يبينوا الواجب عليهم .

أبو بكر وعمر كانت نمط الحياة في عصرهم كنمط الحياة في عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،وكان شعار أبي بكر على الرغم من حدوث الردة في عصره إنفاذ بعث أسامة، وهذا فيه رفع لشعار الاتباع وعدم تقدير المصالح والمفاسد التي تخالف الأمر الموصى به أو المنصوص عليه، فرفع منذ البداية شعار الاتباع لأنّه في أول اتباعه للنبي -صلى الله عليه وسلم- اتسع قلبه وعقله لبركة الوحي، فصدق بالإسراء والمعراج وضاقت عقول الكافرين عنه؛ حتى أنّ أبا جهل قال له بعد أن أخبره عن خبر المعراج:" لو جمعت لك كفار قريش أتخبرهم كما تخبرني؟!"، كان يستغرب من تصديق أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، وهذا شأن سائر الصحابة؛ والصحابة افترقوا في البلدان؛ وافترقت السنَّة التي في صدورهم باختلاف بلدانهم وامتازت بعضُ البلدان ببعض السنَّن؛ حتى ألّفَ محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك "الأقطار التي امتازت بسنن نبي الله -صلى الله عليه وسلم-" .

ولمّا تفرّق الصحابة في البلدان تفرقت السنَّة بتفرّقهم؛ وقرّر الإمام الشافعي في كتابه "جُمّاع العلم" أنَّه يعسر على رجل واحد أنْ يلمّ بجميع أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتفرّق السنَّة آنذاك .

وكان الحديث هو الفقه والفقه هو الحديث، وهنالك عشرات الحوادث سُئل فيها الصحابة والتابعون عن مسائل فلم يتكلموا بكلمة إلا أنّهم أسندوا حديثاً للنَّبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا الباب جدير بالجمع.
الفقه مرّ بمراحل كثيرة ومن دوّن في تأريخ التشريع وتأريخ الفقه ذكر سبعة مراحل، فذكر :

المرحلة الأولى:-
الفقه في عهد النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وكان التشريع والإفتاء والقضاء ببركة الوحي؛ وكان هنالك صلة دائمة بين السماء والأرض؛ ثمَّ بعد عهد النَّبي -صلى الله عليه وسلم-
المرحلة الثانية:-
الفقه في عصر الخلفاء الراشدين إلى آخر القرن الأول؛ وهذه المرحلة يسمّيها العلماء بالنّسبة إلى ما اجتمع من تراث في أوقات متأخرة هي المرحلة التمهيديَّة .

ومن بدايات عقود القرن الثاني إلى آواخر القرن الثالث كانت مرحلةً مهمة جداً، وأصبح الفقه عَلَماً على نوع من أنواع العلوم، وتكوَّنت فيه المدارس الفقهيّة والاجتهادات التي سمّيت فيما بعد بالمذاهب الفقهيّة، ولا سيما المذاهب الفقهيّة الأربعة، وهي على الترتيب الزمني مذهب الحنفية ثمَّ المالكية ثمَّ الشافعية ثمَّ الحنابلة وهذه تسمّى بالمرحلة التأسيسيَّة.

ومن آواخر الثالث إلى منتصف القرن الرابع الهجري بلغ الفقه أوجه؛ وانتشرت المذاهب، ووقع التدوين والتصنيف في مسائل الفقه، وبدأ التفريع والتخريج على أقوال الأئمة، وهذه المرحلة سمّهاها من دوّن في تاريخ التشريع: مرحلة الكمال في الفقه.

ثمَّ من منتصف القرن الرابع إلى منتصف القرن السابع بعد غزو التتار بغداد، نشطت حركةُ التحرير والتخريج والترجيح؛ وجعل هنالك مذاهب قواعد لكل مذهب من المذاهب وغلب على هذه المرحلة التعصب والتقليد.

ثمَّ المرحلة السادسة:-
قبل الأخيرة من بعد منتصف القرن السابع إلى تدوين ما يسمَّى بمجلة "الأحكام العدليّة" وقد دوّنت سنة 1286هـ القرن الثالث عشر هجري، وبدأ العمل بمجلة" الأحكام العدليّة" من قِبَلِ الدولة العثمَّانيّة سنة 1292 هـ إلى هذا الوقت، بدأ الفقه بالانحطاط وبدأ الجمود على أقوال الفقهاء؛ حتى أنَّ مفتي بخارى لما قامت الثورة البلشفية الشيوعية أفتاهم بمنع استخدام البارود، ووجوب الاقتصار على السيف والسنان، فضاعت البلاد بسبب غباء بعض المفتين .

ومن بعد تلك المرحلة ،مرحلة مجلة "الأحكام العدليّة" التي قُنن فيها الفقه الحنفي على شكل مواد قانونيّة ووضع لها شروحات، وأصبحت المحاكم القضائية المحاكم الشرعية تحكم بما في هذه المجلة، ولا يمكن لقرائح العلماء أنْ تكون فيها إحاطة وشمول وبركة وخير ما في نصوص الوحي ،فتدَّرج البُعدُ عن الوحي شيئا ً فشيئاً ولكنْ مع هذا بقيت مدرسةُ أهلِ الحديثِ تتمثلُ بينِ الحينِ والحين بأشخاص كان لهم دور في التجديد.

وأما المرحلة الأخيرة من مراحل الفقه ما بعد المجلة العثمَّانية إلى هذا الوقت، وهذا وقتٌ تحتار أن تُصنفَ فيه المنشغلين فيه بالعلم؛ فهم على درجات وتختلف بواعثهم؛ ولكنْ امتاز هذا العصر بما يسمى بالفقه المقارن وأصبح المفتي والباحث يذكر المذاهب وغالباً لا يذكر الدليل ولا الراجح .
وقد سمعت شيخنا -رحمه الله- الإمام الألباني يقول:" الذي يذكر الفقه المقارن ويذكر أقوال الفقهاء ولا يذكر الراجح منها؛ حاله كحال من يجمع طرق الحديث ولا يُظهرُ درجته"- والطرق لا تجمّع حتى تظهر درجة الحديث- .

امتاز هذا العصر بالدراسات المتخصصة الشديدة، ولا سيما في المراحل الأكاديميَّة المراحل العليَّا ،وامتاز أيضاً بوجود المجامع الفقهيّة، التي جمعت بين شرح النوازل من قبل المتخصصين سواء في الاقتصاد او في الطب أو في العلوم الإنسانيّة مع الفقهاء والقول الجماعي -أي الاجتهاد الجماعي- .
الذي يهمنا من هذه الأدوار بالدراسة والبحث والإشارات التأريخيَّة المهمة المرحلة الثانية والثالثة -أي مرحلة الفقه في عهد الخلفاء الراشدين ومرحل الفقه من بدايات القرن الثاني إلى نهايات القرن الثالث-، التي امتازت بوجود المذاهب الفقهية الأربعة؛ والذي يجمع هاتّين أنَّ المسائل كان تصدر منهم في هاتين المرحلتيّن على الحديث وكانوا يسمَّون بأهل الحديث.

فقد ثبت عن عمر بطرق كثيرة أنه قال :[إِنَّهُ سَيَأْتِي نَاسٌ يُجَادِلُونَكُمْ بِشُبُهَاتِ الْقُرْآنِ فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ ]،أصحاب السنَّن اصطلاح موجود على لسان عمر؛والمراد بأصحاب السنَّن الذين علموا السنَّة والقرآن، فما كان القرآن ينفك عن السنَّة ولا السنَّة تنفك عن القرآن .
الله يقول: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} فذكر الله في الآية تنزيلين:
ذكر تنزيلاً على قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وذكر تنزيلا للنَّاس.
والتنزيل الأول: هو القرآن، والتنزيل الثاني: هو السنَّة.
وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار -رضي الله تعالى عنه- قال نْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ )) وكان هشام بن حسان يقول كما عند ابن عساكر في تاريخ دمشق :[أن جبريل ينزل بالسنَّة كما ينزل بالقرآن] والنَّبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث المعروف: ((لا ألفينّ أحدكم متكئاً على أريكة، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألا وإني أُوتيتُ الكتاب ومثله معه، ألا وإنه مثل القرآن أو أعظم)).

وثبت عند الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" بسنده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، والحديث صحيح وله طرق كثيرة، وهو موجود في السلسلة الصحيحة برقم مئتين وثمَّانين يقول أبو سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- حين كان يرى الشباب مقبلين على طلب العلم كان يقول عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى الشَّبَابَ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْصَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوَسَّعَ لَكُمْ فِي الْمَجَالِسِ ، وَأَنْ يُفَهَّمَكُمُ الْحَدِيثُ فَإِنَّكُمْ خَلَوْفُنَا وَأَهْلُ الْحَدِيثِ بَعْدَنَا " فإذاً أهل الحديث اصطلاح كان معروفاً في عهد الصحابة، وكذلك كان معروفاً في عهد التابعين، وكان لهم مذهب يسمّى بمذهب أهل الحديث وهو الأصل.

فكما أنَّ الحديث شجرة بذرتها في المدينة، ونمت وترعرعت في البصرة والكوفة، وأينعت وأتت بثمَّارها فيما وراء النهر؛ فإنَّ الفقه كذلك؛ بدأ في المدينة بالوحي؛ والوحي كافٍ وشافٍ ولكن لا غنية لنا عن فهم من تنزّل عليه الوحي؛ فهم الأصحاب والتابعين؛ ولذا زكاهم رسول الله رب العالمين؛ زكاهم لكون أقوالهم معتبرة عندنا، فبدأ الفقه في المدينة ثمَّ لما حوَّل عليُّ الخلافة إلى الكوفة نبتت مدرسة أهل
الكوفة.

والفقه في الجملة مدرستان:
مدرسة أهل الحجاز وهي التي يغلب عليها الأثر والدليل والنقل.
ومدرسة أهل الرأي؛ ومنهم من يقول ومدرسة أهل العراق وأن أردت ان تسبر وأن تفحص وأن تدقق تقول مدرسة المدينة ومدرسة الكوفة؛يعني المراد بأهل الحجاز المدينة والمراد بأهل العراق الكوفة؛ لأن علياً نزلها ومكث في آخر حياته في آخر خمس سنوات؛ وظهر منها فقه غزير .

وشاع وذاع عند كثير من الطلبة أنَّ أهل الكوفة يعملون بالرأي ولا يأخذون بالحديث وهذا ليس بدقيق! فسمة المدرستين في العصر الأول الأنوّر في عصر الصحابة والتابعين أنهم ما كانوا يتركوا الدليل بقول أحد أو لرأي أو لقياس، عُرف عن أهل الكوفة أنهم يشققون الأقوال؛ ويتكلمون في المسائل التي لم تقع بعد في المسائل الافتراضية؛ وإنما وقع هذا فيما بعد؛ فكان الفقه والحديث توأمين وكانا بمثابة الوجهين للعملة، فالعملة لا تروج بوجه دون الآخر، والذي ينظر في فقه المدينة وعلى رأسهم الإمام مالك يحتار كيف يصنفه! حتى أن بعض المعاصرين أمين الخولي له كتاب "الإمام مالك" يقول :"تستطيع أن تقول أنّ مالكاً لم يكن إلا مقلداً، لأنّه ما قال قولاً في كتابه الموطأ إلا ويقول ولقد أدركت على هذا أهل المدينة أو أدركت شيخنا على هذا"، ومالك وأحمد يلتقيان في مدرسة واحدة؛ حتى أنّ بعض من اعتنى بتشقيق الأقوال ما حسب خلاف أحمد في المذاهب؛ لأن أحمد لا يُفتي بقول إلا وقد سُبق بقول صحابي أو تابعي أو تابع تابعي أو من هو في طبقة شيوخه؛ حتى لو أنه رآهم اختلفوا على أربعة أقوال قال في المسألة أربعة أقوال؛ وإن رآهم اختلفوا على ستة أقوال قال في المسألة ستة أقوال؛ لذا قالوا عن أحمد تابعي جليل تأخر به الزمن وهكذا مالك .

والعجيب لابن قتيبة فقد ذكر في كتابه "المعارف" أهل الفقه أهل الرأي وأهل الحديث من الفقهاء وجعل مالكاً من أهل الرأي؛ فمالك من أهل الرأي نعم، ومن أهل الحديث نعم، أحمد من أهل الرأي نعم، ومن أهل الحديث نعم ،لكن على الرأي بمفهوم السلف وليس على الرأي المتأخر .

والذي يقرأ بدايات "إعلام الموقعين" فقد أفرد ابن القيم فصلاً عن السلف في ذم الرأي ،ثمَّ أردفه بفصل آخر في عمل السلف في الرأي ويظهر من الفصلين أنهما متعارضان ومتناقضان،ثمَّ وفقّ بين ذلك فقال :"كان السلف في عصر الصحابة والتابعين إن سُئلوا عن مسألة لم يجدوا فيها نصاً اجتهدوا وقالوا: هذا رأينا ولم يلزموا أحداً"؛ يُبدي الرأي ولا يلزم، فالتعصب والتمذهب ساقط من العصور الأولى، لأنّ الإلزام لم يكن معروفاً عندهم إلا بنصوص الوحيّ.

وهكذا كان الائمة الأربعة ما ألزموا أحداً بأنْ يأخذ قولاً افترعوه واجتهدوا فيه من غير نص من الوحي كتاباً وسنّة.

ولكن في العصور المتأخرة وبحكم ما استجدَّ من أشياء وبحكم البيئة ؛ امتازت مدرسة الحجاز عن مدرسة الكوفة -مدرسة العراق-الحجاز عاصمة الإسلام الأولى؛ مهبط الوحي؛ العادات والتقاليد وعمل أهل المدينة بالجملة متماسك؛ المخالفات غير ظاهرة، العمل في العصور الأولى كان موروثاً والعمل الموروث لأهل المدينة حجة .

العراق والحجاز ولا سيما لما اتسعت رقعة الإسلام في عهد عمر فرمى بالإسلام -رضي الله تعالى عنه- رمية واسعة، فكانت عندهم عادات وتقاليد ومسائل تَفرُق كثيراً عن أهل المدينة فاضطَّر الفقهاء للإجابة على هؤلاء أن يتكلموا بآرائهم، وخالط الحنفيَّة بعض المعتزلة، فكان جلُّ المعتزلة حنفية، وأصول المعتزلة تقديم العقل على النقل؛ فضعف الاستدلال بالنقل في هذه المدرسة، ولما أمر عمر بن عبدالعزيز أبا بكر بن حزم بأن يجمع أحاديث النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ،وأمر بتدوين السنَّة بدأت خصيصة لأهل الحديث، وبدأوا يمتازون بحضور وتصانيف ووجود، ومن ههنا بدأ الافتراق بين أهل الحديث وأهل الفقه؛ مع القول أنَّ أهل الفقه وعلى رأسهم أصحاب المذاهب هم أهل حديث.

ولذا في عصور التابعين وتابعي التابعين وتابعيهم كان ذكر شهير لأهل الحديث ،يقول الإمام الشَعبي:" لو استقبلت من أمري ما استدبرت ؛ما رويت إلا ما أجمع عليه أهل الحديث" أهل الحديث موجودين زمن الشعبي؛ والشعبي أدرك خمسمئة من الصحابة وسمع من ست وثمَّانين منهم، ففي زمن الصحابة ايش يقول؟ يقول :"لو استقبلت من أمري ما استدبرت ؛ما رويت إلا ما أجمع عليه أهل الحديث أهل الحديث" وكان أبو بكر بن عياش وهو تابعيٌ كان يقول:" أهل الحديث في الإسلام كأهل الإسلام في سائر الملل"، أبو بكر بن عياش تابعي يقول:" أهل الحديث" إذاً لهم حضور؛ لهم وجود فأنتم أهل حديث، فلما يقال أهل الحديث يعني السلفيون الذين يتبعون السلف ،فعجبي ممن ينكر أن يكون هنالك وجود لأهل الحديث!!.

وهذا معروف أيضا في عصر تابعي التابعين فأخرج الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" عن سفيان الثوري كان يقول:" لو أنَّ أهل الحديث لا يأتوني لأتيتهم إلى بيوتهم"،سفيان تابع تابعي ايش يقول؟ لو أنَّ أهل الحديث لا يأتوني لأتيتهم إلى بيوتهم "،وهذا أمر أيضاً معروف، فالزهري مثلاً وهو من التابعين ممن لهم رواية عن أنس ،ممن لهم سماع من أنس الإمام محمد بن شهاب الزهري،وفَد في حدود سنة ثمَّانين من الهجرة على الخليفة عبد الملك بن مروان فأملى عبدالملك بن مروان أربعمئة حديث؛ فاستغرب الزهري وذهب إلى طلبته، وقال لهم:" أين أنتم يا اصحاب الحديث؟!".

فكان أصحاب الحديث؛هذا التعبير كان معروفاً عندهم؛ ولذا يقول محمد بن الحسن الشيباني في "الموطأ" له يقول:" كان ابن شهاب أعلم عند أهل الحديث بالمدينة من غيرهم"، فلأهل الحديث مذهب خاص بهم،ولهذا المذهب سمات؛ ويميزهم عن أهل الظاهر؛ فكثير من المتمذهبين لا يميزون بين أهل الحديث وأهل الظاهر؛ وهذاما سنبيَّنه -إن شاء الله تعالى- في دروسنا القادمة .

أهل الحديث همهم أنْ تكون السنَّة منشورة؛ وأنْ تكون أعلامها ظاهرة؛ وأنْ تكون حكما على أقوال الخلق وأنْ تكون حاكمة لا محكومة؛ وأنْ يُحاكم بها ويُحكم بها؛ وأنْ يُحاكم إليها ويُحكم بها .
وحتى يبينوا المراد من السنَّة بدأ التصنيف بذكر الأحاديث المرفوعة مع الآثار الصحابية والتابعية كما حصل مع ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في المصنفين، وكما فعل مالك في "الموطأ"، وكما ذكر الشاطبي في "الموافقات" صنيع مالك في "الموطأ" ينبئ عن حجية أقوال الصحابة بلا بدّ؛ وعلى حجية الشيء الذي كان معمولاً به في زمن السلف؛ وتحكيم فهم السلف بلا بد، هذا صنيع الإمام مالك؛ هكذا صنيعه في "الموطأ" .

ثمَّ أمتنّ الله –عزَّ وجل-- على هذه الأمة بالإمامين الكبيرين الجليلين أميري المؤمنين في الحديث الإمام أبو عبدالله محمد بن عبدالله جعلي البخاري والأمام الحسين مسلم بن حجاج النيسابوري، فألفا صحيحيهما واشغلا الدنيا واشغلا أهل الحديث بالصحيحين.

أهل الحديث مدرسة كانت معروفة ظاهرة بارزة بل كان الأمراء والحكام والملوك يغبطون أصحابها ويرون أنَّ المحدثين في نعمة يتمنَّون لو أنَّهم نالوا شيئاً منها، وستأتينا بعض القصص أو بعض الكلمات في هذا الباب؛ لكن الذي أريد أنْ أؤكد عليه أنَّ الأئمة المعروفين وبعض المنسوبين لمذهب أبي حنيفة أصحاب مذهب الإمام أبي حنيفة، وخصوصاً الإمام أبو يوسف يعقوب بن ابراهيم القاضي هم من أهل الحديث فذكر الخطيب البغدادي في ترجمة أبو يوسف القاضي يعقوب بن ابراهيم،قال:"وكان يحب أهل الحديث ويميل إليهم"، وذكر الذهبي في" تذكرة الحفاظ "عن ابن معين أنه سُئل عن أبي يوسف فقال عنه:" كان من أهل الحديث وأهل السنَّة"كيف لا؟!وقد أخرج الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" بسنده إلى ابراهيم الخنفي قال:"خرج أبو يوسف من بيته فوجد على باب بيته طلبه علم الحديث ، فقال:" يا مرحبا؛ والله إنكم خير الناس على وجه الأرض اليوم"- أنتم يا طلبة علم الحديث خير الناس على وجه الأرض اليوم- فهو من أهل الحديث هل وأما إن أردنا أن نقول عن مالك أو الشافعي أو أحمد من أهل الحديث! فنصبح أضحوكة، الأمر لا يحتاج إلى تدليل، فالإمام مسلم في مقدمة صحيحه لما ذكر أئمة الحديث الذي عابوا على الرواة وزيفوا الكذب والوهم الذي وقع في رواياتهم فلما ذكر أهل الحديث فمثل عليهم فقال:" كمالك ابن انس وشعبة بن حجاج وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي وغيرهم"، فلما مثَّل على أهل الحديث بدأ بمالك -رحمه الله تعالى- مالك كان يقول:" وددت لو أني جلدت على كل فتوى افتيتها من غير دليل -يعني من كتاب أو قول صحابي- أفتيتها برأيي أن أجلد جلدة وأن أخرج كفافاً لا لي ولا عليّ" ولذا لا تكاد تجد له إلا أقوال يسيرة جداً وهو كأحمد، عنده من سعة الرواية ومعرفة الأقوال الصحابيّة والتابعيّة بعد الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة ما يكفي ويغني.

فالرأي عند الضرورة عند القياس وإن قال به صاحبه، فليست قوة الرأي كقوة النص، فإن أفتيتك برأيي فلا تُلزَم به، ما كان صاحب حديث إن أفتى برأي أن يلزم المُفتى له بفتواه، هذه ميزة مهمة لأهل الحديث .
سمى الشهرستاني من السلف في "الملل والنحل" أئمة أهل الحديث فقال:" هم أهل الحجاز وهم مالك بن أنس ومحمد بن ادريس الشافعي وسفيان الثوري وأصحابه والإمام أحمد بن حنبل وأصحابه"، لذا قال الإمام الذهبي في "تذكرة الحفاظ" عن الإمام مالك": كان إمام أهل الحديث في زمانه".

الشافعي بلا شك من أهل الحديث ومن أئمة أهل الحديث؛ خرج الشافعي من مكة طالباً بعد أن تَلّمذ على مفتيها ومحدثها فأخذ الحديث عن محدثها أبي محمد سفيان بن عيينة الهلالي وعلى مفتيها مسلم بن خالد الزنجي ،وبعد غياب رجع إليها حاجاً ؛فجلس في بيت الله الحرام وقال للناس:"سلوني ولا يسألني أحد عن شيء إلا أجبته بكتاب الله؛ فقام له رجل من عوام الناس فقال يا إمام يا أبا عبد الله: لقد دست زنبوراً أي حشرة وأنا محرم؛ فما هو جوابك من كتاب الله؟

فحمد الشافعي الله تعالى وأثنى عليه وصلى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- وتلا قول الله-عزَّ وجل- في سورة الحشر :"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" ثمَّ أسند حديث العرباض بن سارية وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم-:((وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) ثمَّ أسند إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أن محرماً سأله أنه قتل زنبوراً وهو محرم فقال:" ماذا عليّ؟ فقال له عمر ليس عليك شيء ،فقال الشافعي:" هذا جوابي من كتاب الله"،- وهو من أئمة أهل الحديث- ولذا قال الإمام النووي في ترجمته في "تهذيب الأسماء" قال عن الشافعي:" ثمَّ رحل إلى العراق؛ ونشر علم الحديث؛ وأقام مذهب أهله هناك"-أقام الشافعي مذهب أهل الحديث لأنه لما ذهب وجد الناس فرقتين؛ فرقة تقول بالرأي الخالص،وفرقة تسند اسناداً خالصاً،فجلس هنا وههنا وقال:" والله لا يجتمع عليّ في حلقة واحدة" فجلس وحدث وجمعهم –رحمه الله تعالى -.

وكان المزني يقول في مختصره :"لو جاز لأحد أن يقلد أحداً ما قلدت إلا الشافعي"، وهو من أخص خواص الشافعي فكان الشافعي يلقنه بأن التقليد ليس من دين الله --عزَّ وجل-- ومن قرأ "إيقاظ الهمم"لصالح الفلاّني يعلم الكلمات السمان والمهمات في نهي الأئمة الأربعة وتلاميذهم الكبار من التقليد.

أما الإمام أحمد يقول شيخ الإسلام في "منهاج السنَّة النبوية" :"وأما الإمام أحمد -رحمه الله- فكان على مذهب أهل الحديث" يقول ابن عبد البر في كتاب "الانتقاء" وذكر فيه فضائل الخلفاء الثلاثة على أحمد ،ولما يجعلوه فقيها قال كلمة أغنتنا عن ذكر مذهبه؛ قال كلمة جميلة في كتابه "الانتقاء" صفحة مئة وسبعة قال عن الإمام أحمد:"وله اختيار في الفقه على مذهب أهل الحديث وهو إمامهم "-أمام أهل الحديث الإمام أحمد- فالقول بأنَّ الأئمة الثلاثة -أعني مالك والشافعي وأحمد وبعض أصحاب الإمام أبي حنيفة- من أهل الحديث هذا أمر بديهي، ولكن ظهرت التفريعات والتخريجات وفي العصور المتأخرة ظهرت قواعد المذاهب، وأصبح قول المذهب غير قول أحمد؛ والمذهب المعتمد عند الشافعية غير قول الإمام محمد بن ادريس الشافعي،مع أنَّ الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أخذ عنه كثير من أئمة الحديث، أخذ عنه البخاري ومسلم وأبو داوود، ولهم كتب في مسائل أحمد ومسائل أحمد لأبي داوود مطبوعة، فهم أخلص أصحاب أحمد؛ وهم أقرب إلى حقيقة مذهب الإمام أحمد من متأخري الحنابلة،واتِباع الإمام له مفهوم شرعي ؛كيف كان التلاميذ يتبعون ائمتهم؟!

كانوا يتبعون حجتهم وكان شعارهم العبرة بالدلائل لا بالقائل ،أقوال الإمام يُحتج لها ولا يُحتج بها، فهي تحتاج للدليل وليست هي بدليل مستقل، ولذا للإمام ابن القيّم كلمة مهمة ينبغي أن نقف عندها طويلاً لنميّز بين أصحاب الحديث من أتباع هؤلاء الأئمة ممن لازموهم ورأوهم، لنميز بينهم وبين المتأخرين المنسوبين إليهم ،يقول:" لو كان أتباعهم المقلدين الذين هم مقرون على أنفسهم ويقر عليهم جميع أهل العلم أنّهم ليسوا من أولي العلم؛ لكان سادات العلماء دائرين مع الحجة ليسوا من أتباعهم، والجهال أسعد باتباعهم منهم، يقول:وهذا علم حال بل من خالف واحدا منهم للحجة فهو المتبع له" من خالف الشافعي بحجة هو المتبع للشافعي، دون من أخذ بقوله دون حجة، من أخذ بقول الشافعي دون حجة ليس بمتبع للشافعي، وهذا هدم للمذهبية أصلا؛ يقول:"وهكذا القول في اتباع الأئمة معاذ الله أن يكونوا هم المقلدون لهم الذين ينزلّون آرائهم منزلة النصوص بل يتركون لها النصوص، فهؤلاء ليسوا من اتباعهم.

ثمَّ ذكر كلاماً جميلاً جداً قال فيه:" فاتبع الناس لمالك ابن وهب وطبقته ممن يحكِّم الحجة وينقاد للدليل أين كان، وكذلك أبو يوسف محمد اتبع لأبي حنيفة من المقلدين له مع كثرة مخالفته ما له،قالوا المسائل التي اتفق عليهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن حسن الشيباني سبعة عشرة مسألة؛ وغالباً أبو حنيفة أصحابه أبو يوسف ومحمد يخالفوه يقول الإمام ابن القيم :"وكذلك البخاري ومسلم وأبو داوود والأثرم، وهذه الطبقة من أصحاب الإمام أحمد أتبع له من المقلدين المحض المنتسبين إليه؛وعلى هذا فالوقف على اتباع الأئمة أهل الحجة والعلم أحقّ به من المقلّدين في نفس الأمر .

فإذاً الأئمة الأربعة أهل حديث؛ وأهل الحديث هم أهل القرآن والسنَّة؛ وأهل الحديث لقبٌ شريفٌ عُرف من زمن الصحابة وبقي مستمراً في عصور الخير كلها إلى هذا الزمان حتى ظهر التعصب المقيت، وأصبح الأتباع هم المقلدون الذين لا يقفون على الأدلة، فبقي أهل الحديث يمتازون بالأصالة مثل هذه الورقة البيضاء، إذ جاء قوم فدبغوها بلون وجاء آخرون فدبغوها بلون آخر وفرقة أخرى دبغتها بلون ثالث ورابع وخامس وبقيت بقية من البياض، فالمتعصب يظنّ أنّ البقية الباقية من البياض يظنها مذهباً كسائر المذاهب!.

ومن كشف الله عن بصيرته ووقف على حقيقة الأمر علم أنّ هذه البقية هي الأصل والفطرة ،فالخير موصول وسيظهر ذلك جليّاً وأنَّ هذا الخير ينبع على مدى الأزمان واختلاف العصور وتعدد الأمصار ينبع من إقدام أناس يمنّ الله --عزَّ وجل-- عليهم بإحياء السنَّة، فتأتينا نقولات من بطون كتب التراجم والتاريخ هو هو، وسنة الله --عزَّ وجل-- فيه باقية ثابتة .

هذا الأمر يعني لو قيل مثلاً من أبرز علماء الحديث تكلم عن مذهب أهل الحديث، من أبرز أهل الحديث؟ سمّينا جماعة ونزيد إليهم ابن أبي شيبة وكيع بن جراح، عبدالرحمن بن مهدي ،علي بن المديني،ابن جرير الطبري،ابن خزيمة، ابن ماجه، الترمذي، النسائي، ابن السكب،بقي بن مخلد، محمد بن وضاح القرطبي، هؤلاء أعلام أهل الحديث ولهم فقه بلا شك؛ ولهذا الفقه ميزة.

وأختم كلمتي ببعض القَصص أو بعض الأخبار التي فيها تعظيم أو تمنّي الحكّام أن يكونوا من أهل الحديث ،أخرج الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" بسنده إلى محمد بن عباس المصري قال:" سمعت هارون الرشيد يقول: طلبت أربعاً فوجدتها في أربع :طلبت الكفر فوجدته في الجهمية ،وطلبت الكلام والشغب فوجدته في المعتزلة ،وطلبت الكذب فوجدته في الرافضة، وطلبت الحق فوجدته في أهل الحديث" .

ويُذكر أيضاً عن المنصور الملك العباسي كما في "تاريخ الخلفاء" للسيوطي، أنّه سئل :"هل بقيت لك شهوة من الدنيا؟ فقال المنصور: نعم بقي في نفسي حاجة واحدة أني أتمنى أن أجلس على موضع مرتفع، ويكون أهل الحديث جالسين حولي، ويقول الواحد منهم: حدثنا رحمك الله".

كانوا يعرفون أنَّ أهل الحديث هم أهل الحق؛ أهل الحديث أهل النَّبي -صلى الله عليه وسلم-؛ صحبوا أنفاسه -صلى الله عليه وسلم- ،ودخل محمد بن سليمان في المسجد الحرام فرأى أصحاب الحديث خلف رجل من المحدثين ملازمين له فالتفت إلى من معه وقال:" لأَنْ يَطَأَ هَؤُلاءِ عَقِبِي كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الْخِلافَةِ ".

فكان المحدثون لهم كلمة؛ لهم صولة؛ وكانوا معروفين بالديانة وكانوا معروفين بالوقوف على الآية والحديث، يعيشون ببركة السماء ببركة الوحي؛ على يقين من أمرهم؛ صدروهم منشرحة ببركة الوحي،
فعجبي لا ينتهي ممن أنكر أنْ يكون لأهل الحديث مذهباً !.

ذكر ابن قتيبة في المعارف في صفحة خمسمئة و واحد إلى صفحة خمسمائة وسبعة وعشرين مئة عالم من فقهاء الحديث، مذهب أهل الحديث هكذا بهذا الاسم "مذهب أهل الحديث" مذكور في كتاب[...] بعنوان "مذهب اهل الحديث" في سبعة وسبعين موطن وبعنوان أصحاب الحديث" في ثلاثة عشر موضوع وفي "المغني" مذكور مذهب أهل الحديث اثنا عشر مرة وفي "مذهب اهل السنن" مذكور إحدى عشر مرة ،وهذا من باب عطف العام على الخاص .وسيأتينا تفصيل ذلك في المحاضرة القادمة؛ وما المراد بأهل الحديث على وجه التخصيص ؟ويذكر بعض أعلامه وسآتي بنماذج على مسائل من بطون الكتب الفروعيّة الفقهية ويذكر فيها أهل الحديث حتى نتبين في درسنا القادم من هم أهل الحديث -إن شاء الله-.


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


يتبع -إن شاء الله-
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:54 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.