أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
52730 | 88813 |
#1
|
|||
|
|||
{ ورتل القرآن ترتيلا }
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم قال الله -تعالى-: ﴿ وَرَتِّلِ القُرْءَانَ تَرْتِيلًا ﴾ قال ابن الجَزَريِّ -رحمه الله- في " التمهيد في علم التَّجويد ": ( سُئل عليُّ بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه- عن هذه الآية؛ فقال: " التَّرتيل: هو تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف ". وروى ابن جريج عن مجاهد أنه قال: أيْ: ترسَّلْ فيه تَرَسُّلاً. وروى جُبير عن الضَّحَّاك: أي: انبذْهُ حَرْفًا حرفًا. وروى مقسم عن ابن عباس: أي: بيِّنْهُ تَبيينًا. وقال علماؤنا: أيْ: تَلَبَّثْ في قراءته، وافصلِ الحرفَ مِنَ الحرفِ الَّذي بعده، ولا تستعجلْ؛ فتُدْخِلَ بَعْضَ الحروف في بعض. ولم يقتصرْ -سبحانه وتعالى- على الأمْرِ بالفعل حتَّى أكَّدَهُ بِمَصْدَرِه؛ تعظيمًا لشأنه، وترغيبًا في ثوابه. وقالَ -تعالى-: ﴿ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان:32]؛ أي: نزَّلْناه على التَّرَسُّل، وهو المُكْث، وهو ضدُّ العَجَلة، وقال تعالى : ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ﴾ [الإسراء:106]؛ أي: عَلَى تَرَسُّلٍ ) انتهى. قال النَّوويُّ -رحمه الله- في " التِّبيان في آداب حَمَلة القرآن ":
( وينبغي أن يُرتِّلَ قراءتَه. وقد اتَّفقَ العُلماءُ -رضي اللهُ عنهم- علَى استحبابِ التَّرتيل. قال الله -تعالى-: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾. وثَبَتَ عَنْ أمِّ سَلَمةَ -رضي الله عنها- " أنَّها نَعَتَتْ قراءةَ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قراءةً مُفسَّرةً حَرْفًا حَرْفًا ". رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائي. قال التِّرمذيُّ: حديثٌ حَسَنٌ صحيح. وعن مُعاويةَ بن قُرَّة، عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ -رضي الله عنه- قال: " رأيتُ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يومَ فتحِ مكَّةَ علَى ناقتِهِ، يقرأُ سورةَ الفَتحِ، فرجَّعَ في قراءتِهِ ". رواه البخاريُّ ومسلم. وعن مُجاهدٍ أنَّه سُئل عن رجُلَين: قرأ أحدُهما البقرةَ وآلَ عمران، والآخَرُ البقرةَ وحدَها، وزَمَنُهُما ورُكوعُهما وسجودُهما وجُلوسُهما سواءٌ؛ قال: الَّذي قرأ البقرة وَحْدَها أفضلُ. وعن ابن عبَّاس -رضي الله عنهما- قال: لأَنْ أقرأَ سورةً أُرتِّلُها أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أقرأَ القرآنَ كُلَّهُ. وقَدْ نُهِيَ عَنِ الإفراطِ في الإسراع، ويُسَمَّى الهذَّ، فثَبَتَ عَنِ عبد الله بنِ مسعود -رضي الله عنه- أنَّ رجلاً قال له: إنِّي أقرأُ المفصَّل في ركعةٍ واحدةٍ، فقال عبد الله بنُ مسعود: " هذًّا كهَذِّ الشِّعر، إنَّ أقوامًا يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ تراقيَهُمْ، ولكنْإذا وَقَعَ في القلبِ فَرَسَخَ فيه نَفَعَ ". رواه البُخاريُّ ومسلمٌ، وهذا لفظُ مسلمٍ في إحدى رواياته. قال العلماء: التَّرتيلُ مُستَحَبٌّ للتَّدبُّرِ ولغيرِه. قالوا: ولهذا يُستحَبُّ التَّرتيلُ للعَجَميِّ الَّذي لا يَفهمُ مَعناه؛ لأنَّ ذلك أقربُ إلَى التَّوقير والاحترامِ، وأشدُّ تأثيرًا في القلب ) انتهى. |
#2
|
|||
|
|||
أحسنت على نقل هذه الفوائد والدرر أختي عائشة لا حرمك الله الأجر.
وكذلك ذكر الإمام الألباني -رحمه الله- في "صفة الصلاة" (ص84): (( ثم يقرأ الفاتحة، ويقطِّعها آية آية: {بسم اللهِ الرحمنِ الرحيم}، ثم يقف، ثم يقول: {الحمد لله رب العالمين}، ثم يقف، ثم يقول: {الرحمنِ الرحيم}، ثم يقف، ثم يقول: {مالك يومِ الدِّين}، وهكذا إلى آخر السورة، وكذلك كانت قراءته كلها، يقف على رؤوس الآي، ولا يصلها بما بعدها )). وذكر -رحمه الله-في الحاشية- قول الإمام أبي عمرو الداني في "المكتفى "(5/2): (( وكان جماعة من الأئمة السالفين والقراء الماضين يستحبون القطع على الآيات، وإن تعلق بعضهن ببعض )). ثم قال: (( وهذه سُنة أعرض عنها جمهور القراء في هذه الأزمان -فضلًا عن غيرهم- )) اهـ. وهنا خطر ببالي مبحث آخر: بالنسبة للوقف على رؤوس الآي؛ إن كان الوقف على رأس الآية يستلزم معنى لا يليق؛ فكيف التصرف؟ هل نقف -أيضًا- عملا بالسنة مطلقًا؟ أم هناك حكم خاص في بعض الآيات؟ كآية -مثلا-: {ويل للمصلين}؟ إن كان لديك ثمة علم أختي فلا تحرمينا الفائدة. وفقك الله لكل خير |
#3
|
|||
|
|||
بوركت -أختي الفاضلة أم زيد- ، ونفع الله بكِ. جاء في " البرهان في علوم القرآن " للزَّركشيِّ ( 1 / 427 - ط دار الفكر ): ( رَوَتْ أمُّ سلمة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم كان يقطِّع قراءته آيةً آيةً، ومعنَى هذا: الوقفُ على رؤوس الآي. وأكثر أواخر الآي في القرآن تامٌّ أو كافٍ، وأكثر ذلك في السُّور القِصار الآي؛ نحو: الواقعة. قال: وهذا هو الأفضل؛ أعني: الوقف على رؤوس الآيِ، وإن تعلَّقت بما بعدها. وذهب بعضُ القرَّاء إلى تتبُّع الأغراض والمقاصد، والوقف عند رُؤوس انتهائها، واتباعُ السنَّةِ أَوْلَى. وممَّن ذكر ذلك: الحافظ أبو بكر البيهقيُّ في كتاب " شُعَب الإيمان " وغيره، ورجَّح الوقف على رؤوس الآيِ، وإن تعلَّقت بما بعدها. قلتُ: وحكَى النحَّاس عن الأخفش عليّ بن سليمان أنَّهُ يُستحبُّ الوقوف علَى قوله: { هدًى للمتَّقين }؛ لأنَّه رأس آية، وإن كان متعلِّقا بما بعده ) انتهى. ويُلحظ أنَّه لَم توضَع علامة الوقف الممنوع ( لا ) على رأسِ آيةٍ في مصحف المدينة النبويَّة، بخلاف بعضِ المصاحف الأُخْرَى. أمَّا الوقف على قوله تعالى: { فويل للمصلِّين } في سورة الماعون؛ ففيه فائدة رأيتُها منقولةً عن الشيخ ابن عُثيمين -رحمه الله- قبل أيام -في أحد المنتديات-؛ حيث ذَكَرَ بأنَّ الابتداء بقوله تعالى: { الذين هم عن صلاتهم ساهون }، من بعد الوقف على: { فويل للمصلِّين } يكون كأنه الغيث على الأرض اليابسة، وهذا هو السرّ في أنَّ الأَوْلَى الوقف على رؤوس الآي، وإن كان لها تعلُّق بما بعدها. [ من شريط للشيخ -رحمه الله- في تفسير سورة الأنعام ]. ولكن: استوقفتني آيتان في سورة الصافات، في قوله تعالى: { ألا إنَّهم من إفكم ليقولون - ولد الله وإنهم لكاذبون }؛ إذ رأيتُ من القراء من يصل بينهما، بعد الوقف على الأُولَى منهما، وأول من سمعتُ منه هذا: القارئ مشاري بن راشد -وفقه الله لهداه ومرضاته-؛ إذ استمعتُ إلى مصحفه المرتَّل كاملاً، ولم أجدْه وصل بين آيتين إلا في هذا الموضع، وفي موضعٍ آخَر في صدر سورة آل عمران -فقط-، ثم استمعتُ إلى عدد من القراء؛ فبعضهم -وبخاصة قراء مصر- وصلوا بين الآيتين، ولم يبتدئوا بـ { ولد الله }، وبعضهم لم يصلْ، وابتدأ بالآيةِ. ثم وجدتُّ أبا بكر الأنباريَّ ( ت 328 ) -رحمه الله- يذكر في كتابه " إيضاح الوقف والابتداء " ( ص 450 ) أنَّ الابتداء بقوله تعالَى: { وَلَدَ اللهُ } [ الصافات 152 ] قبيحٌ؛ قال: ( ولا [ تقف ] على قوله: { ألا إنَّهم مِّنْ إفْكِهِمْ ليقولونَ } [ الصافات 151 ] ثم تبتدئ: { ولدَ اللهُ } ) انتهى. هذا، والله تعالى أعلم.
|
|
|