أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
46151 | 88813 |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
المِرقاة إلى معرفة وجوه التشبيه النبوي للمؤمن مع أخيه بـ (المِرآة)..
كتب بعضُ إخواننا من أفاضل طلبة العلم-زاده الله توفيقاً-:
المِرقاة إلى معرفة وجوه التشبيه النبوي للمؤمن مع أخيه بـ (المِرآة).. أخوّة الدين تقتضي إحسانَ الظن بأخيك ، والتماسَ الأعذار له ، وسترَ عيبه ، وصَوْنَ عِرضه ، ونصحَه بنيّة إصلاحِه ، والأخذِ بيده . وقد صوّر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأخوّةَ الإيمانيةَ بقوله : «المؤمن مرآة المؤمن ، يَكُفُّ عليه ضَيعتَه ، ويحوطه مِن ورائه ». وفي هذا الحديث –على وَجازته- وقفاتٌ بلاغيةٌ شرعيةٌ عظيمةٌ.. تدفعنا -حثيثاً- لتأمّل دقائقِ معانيه ، واستنباط عميقِ خوافيه. فوجوهُ الشبَه بين المؤمن والمِرآة كثيرة ، وفيها تجلّت جوامعُ الكَلِم ، ومَفاتِحُ الحِكم - التي أُوتِيَها النبي -صلى الله عليه وسلم-. فمِن أسرار هذا التشبيه البليغ ما يلي : 1- أنّ المؤمن يُري أخاه عيوبَه التي لا يُمكنه أن يراها من نفسه ؛ كما أن كثيراً من أعضاء الجسد وعيوب البدن لا يُمكن رؤيتُها إلا بالمرآة: فيُعلّمك أخوك المؤمن إذا جَهِلتَ ، ويُذكّرك إذا نسيتَ ، وينبّهك إذا غَفِلتَ ، ويصوّبك إذا أخطأتَ . 2- والمرآة صادقةٌ فيما تعكسُه مِن هيئتك : وكذلك المؤمن صادقٌ معك ، لا يحمل تُجاهَك غِلاًّ ولا غِشّاً ؛ يُريك حسناتِك ويشكرك عليها ، ويُريك سيئاتِك وينبّهك إليها . 3-وهو يُريه عيوبَه كما هي -دون تهويل أو تضخيم- : والمرآة إنما تُريك ما في بدنك نفسَه - دون زيادةٍ - ؛ إلا إذا كان الخللُ في المرآة -نفسها- . 4- أنّ المرآة صافيةٌ ناصعةٌ : كصفاء قلب المؤمن في إخلاصِه لنصيحة أخيه وحبّ الخير له . وكذلك مَن اجتمع فيه خلائقُ الإيمان ، وتكاملت عنده آدابُ الإسلام ، ثم تجوهر باطنُه عن أخلاق النفس : ترقّى قلبُه إلى ذروة الإحسان ، فيصيرُ لصفائه كالمرآة : إذا نظر إليه المؤمنون رأَوْا قبائحَ أحوالهم في صفاء حاله ، وسوءَ آدابهم في حُسن شمائلِه . 5- كما أنّ المرآة بالِغةُ النعومة في مَلْمَسِها : ومِثلُها : نعومة ذلك الأخ - في تعاملِه ، وكلامه ، ونصيحته- . 6- أنّ المرآة صامتةٌ ؛ تُريك ما في بدنك بصمت : وهكذا المؤمنُ الناصحُ الصادقُ : ينصحك ولا يفضحك ، يُخافتك ويهمس في أُذُنك بخطئك ؛ فلا تسمعه أذنك الأخرى . 7- إذا ابتعدتَ عن المرآة : زالت صورتك : وهكذا المؤمن - إذا غبت عنه - : كتم سرَّك ، ولم يهتك سترَك ، بل تناسى عيبَك ، ولم يقلِّب في قلبِه ذنبَك . 8- المرآة مِن خاصّةِ الإنسان ، ومن مقتنياتِه التي يحتفظ بها : وكذلك الأخ المؤمنُ الصالحُ الناصحُ ؛ مما ينبغي أن يُقتنى ويحتفظ بودِّه وخُلّته . 9- أنّ المرآة مِن أهمّ وسائل الزينة ، بل لا يَكاد يتمُّ التزيُّن إلا بها : وهكذا لا يتمُّ تزيُّنُ المؤمنِ في حياته إلا بأخٍ له ، تتلاقَحُ معه أوصافُهما ، وتتكامَلُ أخلاقُهما . 10- المرآة بالِغةُ الحساسِيّة ؛ فهي تحتاجُ إلى رعايةٍ خاصةٍ لتحتفظَ بنقائها ، وتَسْلَمُ من انكسارها : فكذلك في تعاملِك مع أخيك المؤمنِ ؛ لابد مِن مراعاته ، فلا تأتيه إلا بما تحبُّ أن يأتيَك . 11- أنّك كلَّما نظرتَ إلى المرآة : لا ترى إلا نفسَك ، فلو اجتهدتَ لأن ترى جِرْمَ المرآة : لرأيتَ نفسَك : وكذلك أنت مع أخيك: منشغلٌ بنفسِك ، وإصلاحِ خللِها ، وإكمالِ نقصِها عن تتبُّع إخفاقاتِ أخيك ، وزلّاته ، وسَقَطاتِه . 12-أنّ المرآة لا تُريك إلا الموضعَ الذي تحتاجُه منها ، فلا تتتبّع المواضعَ الأخرى: وهكذا المؤمنُ مع أخيه ؛ يُغْضي عنه ، ولا يَستقصي له ؛ كما قال رَجاءُ بنُ حَيْوَة : ( مَن عاتب إخوانَه على كل شيء : كَثُرَ أعداؤه ) . وقال بشّار بن بُرْد : إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً *** صَديقَكَ لَم تَلْقَ الَّذي لا تُعاتِبُهْ فَعِشْ واحِداً أَو صِلْ أَخاكَ فَإِنَّهُ *** مُفارِقُ ذَنْبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُهْ إِذا أَنتَ لَم تَشرَبْ مِراراً عَلى القَذى *** ظَمِئْتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفُو مَشارِبُهْ 13-أنّ المرآة لا تطّلعُ إلا على الظاهرِ ؛ فلا سبيلَ لها إلى الباطنِ :
وهكذا هذا المؤمنُ : يعاملُ أخاه بظاهرِه ، ولا يتكلّفُ الخوضَ في باطنه ، ولا يطعنُ في نيّته ؛ فضلاً عن صدقشه وإيمانِه . ...والله الموفّق -بفضله-وحدّه- إلى كل خير.. فبربّكم: أين نحن من بعض هذه المعاني العاليات الغاليات!؟ |
|
|