أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
8275 150261

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-17-2024, 01:46 PM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 1,129
افتراضي (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا)

يقول الله، سبحانه وتعالى:
{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

روى الطبري بإسناده عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:

وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى الْمُنَافِقُونَ، لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلا أَنْفُسَهُمْ، أَجْبَنُ قَوْمٍ وَأَرْعَبُهُ، وَأَخْذَلُهُ لِلْحَقِّ، يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظُنُونًا كَاذِبَةً، إِنَّمَا هُمْ أَهْلُ شَكٍّ وَرِيبَةٍ فِي أَمْرِ اللَّهِ، يَقُولُونَ: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}.


قال الطبري: { قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}.
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلَّذِينَ وَصَفْتُ لَكَ صِفَتَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَمْ تَشْهَدُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَشْهَدَهُمْ، وَلَمْ تَحْضُرُوا مَعَهُمْ حَرْبَ أَعْدَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيَظْهَرُ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا كُنْتُمْ تُخْفُونَهُ مِنْ نِفَاقِكُمْ، وَتَكْتُمُونَهُ مِنْ شْكِكُمْ فِي دِينِكِمْ، {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ} يَقُولُ: لَظَهَرَ لِلْمَوضِعِ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ مَصْرَعُهُ فِيهِ مَنْ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ مِنْهُمْ، وَلَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يُصْرَعَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصْرَعَ فِيهِ.

قال الطاهر ابنُ عاشور في " التحرير والتنوير":
{قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}

لَقَّن اللهُ رسولَه الجوابَ عن قولِهم: (لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا)، والجوابُ إِبطالٌ لقولهم، وتعليمٌ للمؤمنين لدفعِ ما عسى أن يقعَ في نفوسِهم من الرَّيب إذا سمعوا كلامَ المنافقين. أو هو جوابٌ للمنافقين، ويحصلُ به عِلمٌ للمؤمنين..
وهذا الجوابُ جارٍ على الحقيقةِ، وهي جَريانُ الأشياءِ على قَدرٍ من الله، والتسليمُ لذلك بعد استفراغِ الجهد في مصادفةِ المأمول.
فليس هذا الجوابُ ونظائرُه بِمُقْتَضٍ تركَ الأسبابِ؛ لأنَّ قدرَ الله، تعالى، وقضاءَه غيرُ معلومَين لنا إلا بعد الوقوع، فنحن مأمورون بالسعي فيما عساه أن يكون كاشفا عن مصادفةِ اللهِ لمأمولِنا، فإِنِ استفرغنا جهودَنا وحُرِمنا المأمولَ، علمنا أَنّ قدرَ الله جرى من قبلُ على خِلافِ مُرادِنا.
فأما تركُ الأسباب فليس من شأْنِنا، وهو مخالفٌ لِما أراد الله منا، وإعراضٌ عما أقامنا الله فيه في هذا العالم، وهو تحريفٌ لمعنى القدر.
والمعنى: لو لم تكونوا هاهُنا، وكنتم في بيوتِكم، لَخرج الذين كَتبَ اللهُ عليهم أَن يموتوا مقتولين، فقُتلوا في مضاجِعهم التي اضطجعوا فيها يومَ أُحدٍ، أَي: مَصارِعِهم. فالمراد بقوله: {كُتبَ} قُدِّرَ، ومعنى {بَرَزَ} خرج إلى البَراز، وهو الأَرض.

وقال الله، عَزَّ وجَلَّ:

{یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَقَالُوا۟ لِإِخۡوَ ٰ⁠نِهِمۡ إِذَا ضَرَبُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ كَانُوا۟ غُزࣰّى لَّوۡ كَانُوا۟ عِندَنَا مَا مَاتُوا۟ وَمَا قُتِلُوا۟ لِیَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَ ٰ⁠لِكَ حَسۡرَةࣰ فِی قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ }

قال الطبري:

يُخبر بذلك عن قول هؤلاء الكفار أنهم يقولون لمن غزا منهم فقُتل، أو مات في سفر خرج فيه في طاعةِ الله، أو تجارةٍ: لو لم يكونوا خرجوا من عندنا، وكانوا أقاموا في بلادهم ما ماتوا وما قتلوا.
{ليجعلَ اللهُ ذلك حسرةً في قلوبِهم} يعني أنهم يقولون ذلك كي يجعلَ اللهُ قولَهم ذلك حزنا في قلوبهم وغَمًّا، ويجهلون أن ذلك إلى الله جلَّ ثناؤُه وبيده.

{والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير}
يعني، جل ثناؤه، بقوله: (والله يحيي ويميت):
واللهُ المُعَجِّلُ الموتَ لِمن يشاء من حيث يشاء، والمُميت مَن يشاء كلما شاء، دون غيرِه من سائر خلقِه.
وهذا من الله، عز وجل، ترغيبٌ لعباده المؤمنين على جهادِ عدوِّهِ، والصبر على قتالِهم، وإخراجِ هيبتِهم من صدورِهم، وإنْ قلَّ عددُهم، وكَثُر عددُ أعدائهم وأعداءِ الله، وإعلامٌ منه لهم أن الإماتةَ والإحياءَ بيده، وأنه لن يموتَ أحدٌ ولا يُقتل إلا بعد فناءِ أجلِه الذي كُتب له. ونَهيٌ منه لهم إذ كان كذلك، أن يجزعوا لموتِ مَن مات منهم، أو قُتل مَن قُتل منهم في حرب المشركين.

قال ابن كثير:
يَنْهَى تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُشَابَهَةِ الْكُفَّارِ فِي اعْتِقَادِهِمُ الْفَاسِدِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ عَنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْأَسْفَارِ والحروبِ: لَوْ كَانُوا تَرَكُوا ذَلِكَ لَمَا أَصَابَهُمْ مَا أصابهم، فقال تَعَالَى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ} أَيْ: عَنْ إِخْوَانِهِمْ {إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ} أَيْ: سَافَرُوا لِلتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا {أَوْ كَانُوا غُزًّى} أي: كانوا فِي الْغَزْوِ، لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا أَيْ: فِي الْبَلَدِ مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا أَيْ: مَا ماتوا في السَّفر، وما قُتِلُوا في الغزو.

وقوله تعالى: {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} أَيْ: خَلَقَ هَذَا الِاعْتِقَادَ فِي نُفُوسِهِمْ لِيَزْدَادُوا حَسْرَةً عَلَى مَوْتِهِمْ وَقَتْلِهِمْ.

قال ابنُ باز:

والمقصودُ من هذا: الإيضاحُ للعباد أنَّه، جلَّ وعلا، هو المتصرف في عباده، وأنَّ الموت والحياة بيده؛ ليزداد المؤمنون إيمانًا وثباتًا فيما يقع من الأقدار، وأنَّ العبد يموت بأجله، سافر أو أقام، غزا أو لم يغزُ، فالآجال مضروبة ومحدودة؛ فلا ينبغي للعاقل أن يتأخّر عمَّا شرع اللهُ، أو عن طلب الرزق خوفًا من كذا، أو خوفًا من كذا، فالأرزاق بيد الله، والآجال بيد الله، وأنت مأمورٌ بالعمل الصَّالح، مأمورٌ بالجهاد، مأمورٌ بطلب الرزق، ومتى نزل الأجلُ نفذ القدر، سواء كنت غازيًا أو مُسافرًا أو بين أهلك، ولكنَّ الكفّارَ لمرضِ قلوبهم وموتِها بالكفر يظنون هذه الظنونَ الفاسدةَ، وأنَّ أبناءهم وإخوانهم لو كانوا عندَهم ما ماتوا وما قُتلوا، لو ما سافروا ما قُتلوا، ما ماتوا، لو ما غزوا، كلّ هذا من تزيين الشيطان ووساوسِه؛ ليجعل اللهُ ذلك حسرةً في قلوبهم؛ ليزدادوا عذابًا مع عذابهم، وتعبًا مع تعبهم في هذه الظنون الفاسدة والاعتقادات الباطلة.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا}
{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:09 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.