مختلف الحديث عند الإمام الألباني

أبو محمد البهناسي · #1 11-03-2015, 01:23 PM

مختلف الحديث عند الإمام الألباني:
إن الحديث الصحيح أو الحسن إذا عورض بمثله وأمكن الجمع والتوفيق بينهما فهذا علم مختلف الحديث، وهو من أهم أنواع علوم الحديث؛ لا يستغني عنه محدث ولا إخباري، ولا فقيه ولا أصولي.
أما علم مشكل الحديث فموضوعه الأحاديث النبوية الصحيحة التي عورضت بآية أو حديث أو عقل أو قياس... فهو أعم من الأول؛ على قولٍ.
وهذان العِلمان (المختلف والمشكل) لا يتقنهما إلا الفحول من العلماء ممن طال باعهم في فنون شتى، ومن هؤلاء العلامة الألباني -رحمه الله-
وقد أردت أن أجمع فوائده في مختلف الحديث فقط، وأدرسها تحت عنوان: منهج الإمام الألباني في مختلف الحديث، لكن...
ولم يُرحْني بقاء الفكرة حبيسة الصدر، فمن أراد من الإخوة -في منتديات كل السلفيين!- أن يشارك في هذا الموضوع فليضع هنا -مشكورا- ما وقف عليه من جمع الألباني بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض، ويهذبْها وفق الأنموذج التالي:
1/
- قال صلى الله عليه وسلم: " البسوا من ثيابكم البياض، فانها خير ثيابكم، وكفنوا فيها ".
- وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا توفي أحدكم فوجد شيئا، فليكفن في ثوب حبرة ".
قال الألباني في أحكام الجنائز: اعلم أنه لا تعارض ... لإمكان التوفيق بينهما بوجه من وجوه الجمع الكثيرة المعلومة عند العلماء. ويخطر في بالي الآن منها وجهان:
الأول: أن تكون الحبرة بيضاء مخططة، وهذا إذا كان الكفن ثوبا واحدا، وأما إذا كان أكثر فالجمع أيسر وهو الوجه الاتي.
الثاني: أن يجعل كفن واحد حبرة، وما بقي أبيض، وبذلك يعمل بالحديثين معا.
2/
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن موسى لما سار ببني إسرائيل من مصر، ضلوا الطريق، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم: نحن نحدثك، إن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لا يخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا... الحديث.
- وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "
قال الألباني في الصحيحة: كنت استشكلت قديما... حتى وقفت على حديث ابن عمر رضي الله عنهما. " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن، قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: بلى فاتخذ له منبرا مرقاتين ".أخرجه أبو داود (1081) بإسناد جيد على شرط مسلم.
فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون " العظام "، ويريدون البدن كله، من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، كقوله تعالى: (وقرآن الفجر)، أي: صلاة الفجر. فزال الإشكال والحمد لله، فكتبت هذا لبيانه.

3/
- قال صلى الله عليه وسلم: ليس في الأرض من الجنة إلا ثلاثة أشياء: غرس العجوة، وأواق تنزل في الفرات كل يوم من بركة الجنة والحجر.
- وقال صلى الله عليه وسلم في الحجر الأسود: لولا ما مسه من أنجاس الجاهلية؛ ما مسه ذو عاهة إلا شفي، وما على الأرض شيء من الجنة غيره قال الألباني في الصحيحة: فكيف التوفيق بينهما؟
فأقول: لعل المراد بقوله: "غيره "؛ يعني: من الحجارة، وحينئذ فلا منافاة. والله أعلم.

أبو محمد البهناسي · #2 12-18-2015, 07:06 PM

4/
- قال صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يتصدق بحلي أمه و لم توصه: " احبس عليك مالك "
- وقال صلى الله عليه وسلم وقد قيل له: يا رسول الله إن أمي توفيت - و أنا غائب عنها - فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها ؟ قال : نعم.
قال الألباني في السلسلة الصحيحة: فلعل الجمع بينه و بينها أن يحمل على أن الرجل السائل كان فقيرا محتاجا، و لذلك أمره بأن يمسك ماله. ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم لم يجبه على سؤاله: فهل ينفعها إن تصدقت عنها ؟ بقوله مثلا : " لا "، و إنما قال له : " احبس عليك مالك " ، أي لحاجته إليه . هذا ما بدا لي . و الله أعلم .
5/
- عن ابن عمر: "أسفر بها عثمان"، أي كلن يسفر بالصبح.
- وعن أبى سلمان قال: "خدمت الركب فى زمان عثمان فكان الناس يغلسون بالفجر ".
قال الألباني في الإرواء: يحمل الإسفار على أول خلافته، فلما استقرت له الأمور رجع إلى التغليس الذى يعرفه من سنته صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.