أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
53337 | 143586 |
#1
|
|||
|
|||
حكم أكل لحم الكلاب وتحرير القول فيها عند فقهاء المالكية.
الحمد لله وبعد..
فهذا بحث فقهي مختصر في مسألة حكم أكل لحم الكلاب وتحرير القول فيها في مذهب السادة المالكية.. المطلب الأول : الأقوال في المسألة: اختلف فقهاء المالكية-خلافاً للجمهور- في جواز أكل لحم السباع ومنها الكلاب على قولين : الأول : قول من يجيز أكل عموم لحوم السباع ومنها الكلاب إما بإطلاق أو مع الكراهة-على تفصيل- والقول بالكراهة هو مشهور مذهب المالكية ،ويُروى القول بالجواز من وجه ضعيف عن الإمام مالك، وهو قول ابن خويز منداد ،وانتصر له ابن العربي المالكي في تفسيره "أحكام القرآن" (2/293) ويُروى القول بالجواز عن ابن عباس وابن عمر من وجه ضعيف ،وعائشة من وجوه مختلف فيها، ويروى عنهم خلافه، قاله ابن عبد البر التمهيد ( 1/145). الثاني : قول من قال بالتحريم وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء من جميع المذاهب منهم الأئمة الثلاثة وداود، وهو قول المحققين من المالكية، وعلى هذا يدل قول مالك في الموطأ(2/496) وهو قول ابن الماجشون،وأشهب كما في "الاستذكار"(15/313) ونصّ عليه ابن عبد البر في التمهيد (1/146) والاستذكار(15/317) والقرطبي في التفسير(9/84) والصاوي في حاشيته على الشرح الصغير على أقرب المسالك (2/186) وانتصر له اللخمي في التبصرة (4/1606) وقال الحطاب في شرحه على مختصر خليل(4/30) : ولم أرَ في المذهب من نقل إباحة أكل الكلب، بل قال ابن العربي في "القبس في شرح الموطأ" (1/623) إن تحريم كل ذي ناب من السباع هو صريح المذهب".اهــ المطلب الثاني: أدلة المجيزين : والذي عول عليه من أجاز أكل كل ذي ناب من السباع هو ظاهر قول الله تعالى : ((قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)).الأنعام (145). ووجه الدلالة: أن منطوق الآية وسياقها يفيد حصر النهي والتحريم في المنصوص عليه، وتدل بمفهومها على جواز أكل ما عداها، من السباع وغيرها. قال ابن خويز منداد: تضمنت هذه الآية تحليل كل شي من الحيوان وغيره إلا ما استثني في الآية من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير، ولهذا قلنا: إن لحوم السباع وسائر الحيوان ما سوى الإنسان والخنزير مباح.(تفسير القرطبي 9/81). وقد ذهب المجيزون إلى أن الآية نزلت من أواخر ما نزل من القرآن وذلك في يوم عرفة. وفي هذا يقول ابن العربي المالكي -بعد كلام- : وهذا كله على أن مورد الآية مجهول، فإذا تبينا أن موردها يوم عرفة فلا يحرم إلا ما فيها وإليه أميل وبه أقول.اهـ ( أحكام القرآن 2/293). وأما أحاديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فقد زعم المجيزون بأنها ظنية وأن الآية قطعية والقطعي مقدمٌ على الظني، وقد ذكر ابن العربي في تفسيره إنها محتملة للكراهة أو التحريم بخلاف الآية فإنها صريحة في إباحة ما سوى المذكورات. فحاصل أدلة المجيزين هو الاستدلال بالآية من جهة كونها مفيدةً للحصر وتقرير تأخر نزولها وإحكامها ،وأما أحاديث النهي عن أكل لحوم السباع وذوات الأنياب فزعموا أنها ظنيةٌ أو محمولة على العادي والمفترس منها دون من وقع به الاستئناس كالهر مطلقا وبعض الكلاب. المطلب الثالث : أدلة المانعين: استدل من قال بتحريم أكل لحوم السباع مطلقاً ومنها الكلاب بجملة من الأدلة منها : أولاً : ما وردت به السنة الصحيحة من تحريم أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، حيث وردت السنة بألفاظ : "التحريم" و"النهي" عن أكل لحوم السباع ،وأن السنّة جاءت بالزيادة على ما ورد تحريمه في القرآن، ومن ذلك ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كل ذي ناب من السباع فأكله حرام». وروى مسلم من حديث ابن عباس قال : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. رواه مسلم. قال الشنقيطي : والأحاديث في الباب كثيرة وبه تعلم أن التحقيق هو تحريم أكل ذي ناب من السباع.اهـ (أضواء البيان 2/296). ثانياً : أنه لو جاز أكل الكلب لجاز بيعه، وقد ثبت النهي الصريح عن ثمنه وبيعه، ففي الصحيحين من حديث أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن. ومن حديث أبي هريرة أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال : (لا يحل ثمن الكلب و لا حلوان الكاهن و لا مهر البغي). وروى أبو داود بإسناد صحيح من حديث ابن عباس أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال : إذا جاء أحد يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا. وفي صحيح مسلم من حديث رافع بن خديج أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث» وهذا نص في التحريم لقوله تعالى: (ويحرم عليهم الخبائث). ثالثا : أنه يلزم على قول من جعل الآية حاصرة للمحرمات المطعومة تجويز شرب الخمر وأكل لحوم الحُمر الأهلية وما لم يُذكر اسم الله عليه حيث إن صيغة الحصر تدل على اختصاص التحريم بما نصّت عليه وجوازه فيما عداها، وهذا ما لم يقل به أحد. لذا قال الحافظ ابن عبد البر في (التمهيد 1/142) : ويلزمه- أي من يقول بحصر المحرمات بالمنصوص عليه في الآية- على أصله هذا أن يحل أكل الحمر الأهلية وهو لا يقول هذا في الحمر الأهلية لأنه لا تعمل الذكاة عنده في لحومها ولا في جلودها ولو لم يكن عنده محرما إلا ما في هذه الآية لكانت الحمر الأهلية عنده حلالا وهو لا يقول هذا ولا أحد من أصحابه وهذه مناقضة وكذلك يلزمه أن لا يحرم ما لم يذكر اسم الله عليه عمدا ويستحل الخمر المحرمة عند جماعة المسلمين.اهــ فإذا جاز إلحاق جملة أخرى من المحرمات سوى ما في الآية من خلال نصوص أخرى صحيحة فقد حصل المطلوب، إذ ليس إلحاق البعض بأولى من الآخَر حيث إن الإلحاق ممكن بل هو المتعيّن، لذا قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (9/84) : والصحيح في هذا الباب ما بدأنا بذكره، وأن ما ورد من المحرمات بعد الآية مضمومٌ إليها معطوفٌ عليها.اهــ المطلب الرابع : أجوبة المانعين عن أدلة المجيزين: سبق أن مرتكز أدلة المجيزين إنما هو على الآية الكريمة : ((قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ..)) وقد اختلف أهل العلم في حكم هذه الآية وتأويلها على أقوال : الأول: أن الآية مكية وأن كلَّ محرم حرمه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أو جاء في الكتاب فإنه مضمومٌ إليها وهو زيادة حكم من الله عز وجل على لسان نبيه-صلى الله عليه وسلم- على هذا أكثر أهل العلم من أهل النظر والفقه والأثر. الثاني: أن الآية منسوخة بقوله-صلى الله عليه وسلم- : أكل كل ذي ناب من السباع حرام، أخرجه مالك، وهو حديث صحيح. الثالث : أن الآية محكمة ولا يحرم إلا ما فيها. تفسير القرطبي (9/80-81). وأرجح هذه الأقوال هو القول الأول ،وهو الذي عليه أكثر أهل العلم سلفاً وخلفاً، وأضعفها هو القول الثالث حيث إن أكثر الفقهاء مخالفون له متبعون لما دلت عليه السنة، وفي هذا يقول الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (1/145) : وأما سائر فقهاء المسلمين في جميع الأمصار فمخالفون لهذا القول متبعون للسنة في ذلك ،وقال أكثر أهل العلم والنظر من أهل الأثر وغيرهم : إن الآية محكمة غير منسوخة وكل ما حرمه رسول الله مضموم إليها وهو زيادة من حكم الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا فرق بين ما حرم الله في كتابه أو حرمه على لسان رسوله بدليل قول الله عز وجل: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول). وقوله : (من يطع الرسول فقد أطاع الله). وقوله : (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) قال أهل العلم : القرءان والسنة. وقوله: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).اهــ وقد زعم ابن العربي المالكي أن هذه الآية مدنية مكية في قول الأكثر وأنها نزلت على النبي-صلى الله عليه وسلم- يوم نزل عليه قوله :( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) فقال : "وذلك يوم عرفة ولم ينزل بعدها ناسخ،فهي محكمة". اهــ (أحكام القرآن 2/290). وقد ردَّ القرطبي دعوى ابن العربي بأن الآية مدنية مكية فقال : "وزعم ابن العربي أن هذه الآية مدنية مكية في قول الأكثرين،نزلت على النبي-صلى الله عليه وسلم- يوم نزل عليه (اليوم أكملت لكم دينكم) ولم ينزل بعدها ناسخ فهي محكمة فلا محرّم إلا ما فيها وإليه أميل.. قال الإمام القرطبي : وهذا ما رأيتُه قاله غيرُه.اهــ (التفسير 9/82). وقال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (1/146) : وليس في هذه الآية دليل على أن لا حرام على آكل إلا ما ذكر فيها وإنما فيها أن الله أخبر نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يخبر عباده انه لم يجد في القرءان منصوصا شيئا محرما على الآكل والشارب إلا ما في هذه الآية وليس ذلك بمانع أن يحرم الله في كتابه بعد ذلك وعلى لسان رسوله أشياء سوى ما في هذه الآية ،وقد أجمعوا أن سورة الأنعام مكية وقد نزل بعدها قرءان كثير وسنن عظيمة وقد نزل تحريم الخمر في المائدة بعد ذلك وقد حرم الله على لسان نبيه أكل كل ذي ناب من السباع وأكل الحمر الأهلية وغير ذلك فكان ذلك زيادة حكم من الله على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-.اهــ فالقول بأن الآية من آخر ما نزل غيرُ مُسَلَّم به بل هي مكيةٌ على التحقيق حيث لم يكن في الشريعة في وقت نزولها شيءٌ محرّم غير هذه الأشياء، ثم نزلت سورة المائدة بالمدينة وزيد في المحرمات كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة والخمر وغير ذلك، وحرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم بالمدينة أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. يقول الإمام القرطبي في "التفسير" (9/83): وأما القائلون بالتحريم فظهر لهم وثبت عندهم أن سورة" الأنعام" مكية، نزلت قبل الهجرة، وأن هذه الآية قصد بها الرد على الجاهلية في تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، ثم بعد ذلك حرم أمورا كثيرة كالحمر الإنسية ولحوم البغال وغيرها، وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. قال أبو عمر: ويلزم على قول من قال:" لا محرم إلا ما فيها" ألا يحرم ما لم يذكر اسم الله عليه عمدا، وتستحل الخمر المحرمة عند جماعة المسلمين، وفي إجماع المسلمين على تحريم خمر العنب دليل واضح على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد وجد فيما أوحي إليه محرما غير ما في سورة" الأنعام" مما قد نزل بعدها من القرآن.اهــ المطلب الخامس: مذهب الإمام مالك ومحققي أصحابه هو التحريم : من خلال ما تقدم فإن الصحيح من مذهب الإمام مالك ومحققي أصحابه هو القول بتحريم أكل لحوم الكلاب وعموم السباع العادية، حيث ورد النهي صريحاً بذلك على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا يسعُ العالمَ والفقيه إلا أن يُسلم بما صحّت به السنّة ووردت به الآثار، والإمام مالك -كما سائر الأئمة- متبعٌ للسنة معظمٌ لها،وقد صرّح كثير من أصحاب الإمام مالك أن صريح المذهب هو تحريم أكل لحوم الكلاب وأنه مذهب الإمام مالك الذي في الموطأ وفي هذا يقول ابن العربي المالكي في " القبس في شرح موطأ مالك بن أنس" ( 1/623) : وتحريم كل ذي ناب من السباع هو صريح المذهب وبه ترجم مالك في الموطأ حين قال: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع. ثم ذكر الحديث وعقّبه بعد ذلك بأن قال: وهو الأمر عندنا.اهـ ويقول الصاوي المالكي في حاشيته على الشرح الصغير (2/186) : روى المدنيون عن مالك تحريم كل ما يعدو من هذه الأشياء كالأسد أو النمر والثعلب والكلب، وما لا يعدو يُكره أكله ولكن المشهور الأول الذي مشى عليه شارحنا، وقد علمتَ أن في الكلب الإنسي قولين بالحرمة والكراهة،وصحح ابن عبد البر التحريم.اهــ ويقول ابن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (15/312) : ما ترجم به مالك - رحمه الله - هذا الباب وما رسم فيه من حديث أبي هريرة وحديث أبي ثعلبة يدل على أن مذهبه في النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع أنه نهي تحريم لا نهي ندب وإرشاد كما زعم أكثر أصحابنا ويشذ ذلك قوله : وعلى ذلك الأمر عندنا.اهــ ويقول القرطبي المالكي في "التفسير" (9/83) : وقد اختلفت الرواية عن مالك في لحوم السباع والحمير والبغال فقال مرة : هي محرمة، لما ورد من نهيه -عليه الصلاة السلام- عن ذلك، وهو الصحيح من قول على ما في الموطأ. وقال مرة: هي مكروهة وهو ظاهر المدونة لظاهر الآية.اهــ ويقول الحطاب في "مواهب الجليل شرح مختصر الشيخ خليل" (4/30) : فيتحصل من هذا أن الكلب فيه قولان: بالتحريم والكراهة، والذي يأتي على ما مشى عليه المصنف وصححه صاحب الشامل القول بالكراهة، وصحح ابن عبد البر التحريم فقال : الصحيح تحريم الكلاب والسباع العادية، وهو مذهب الموطإ انتهى.. ولم أر في المذهب من نقل إباحة أكل الكلب والله أعلم. اهــ ويقول أبو الحسن اللخمي المالكي في "التبصرة" (4/1605-1606) : واختُلِفَ في كل ذي ناب من السِّباع، فقال عبد الملك بن الماجشون في كتاب ابن حبيب: الأسود والنمور والذئاب واللبؤة والكلاب حرامٌ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ". وعلى هذا يدلُّ قول مالك في الموطأ؛ لأنه قال في الرسم: باب تحريم أكل ذي ناب من السباع، ثم أدخل الحديث (1). وقال الأبهري وابن الجهم: هي مكروهة، لقول الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}. والأول أصوب لوجوه: أحدها: أنَّ قوله تعالى: {لَا أَجِدُ} إخبارٌ عن الماضي، ولا يقضي ذلك على أنه لا يجد في المستقبل، ولا أنَّه لا ينزل عليه تحريم غير تلك الأربع. والثَّاني: أن ذلك قد وُجد، فحرَّم ذبائح المجوس والخمر وهما مطعومان، لم تتضمن تلك الآية تحريمهما. والثَّالث: أنَّ الآية مكيةٌ والحديثَ مدنيٌ، والمتأخِّر يقضي على المتقدِّم، ولا يعترض هذا بحديث أبي ثعلبة - رضي الله عنه - في قوله: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ كْلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ لأنَّه يحتمل التحريم والكراهية. وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مقيد، والمقيد يقضي على المطلق.اهــ ويقول محمد الأمين الشنقيطي المالكي في "أضواء البيان" ( 2/294) : واعلم أن مالك بن أنس - رحمه الله - اختلفت عنه الرواية في لحوم السباع، فروي عنه أنها حرام، وهذا القول هو الذي اقتصر عليه في «الموطأ» ; لأنه ترجم فيه بتحريم أكل كل ذي ناب من السباع، ثم ساق حديث أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - بإسناده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع» ، ثم ساق بإسناده حديث أبي هريرة مرفوعا: «أكل كل ذي ناب من السباع حرام» ، ثم قال: وهو الأمر عندنا، وهذا صريح في أن الصحيح عنده تحريمها، وجزم القرطبي بأن هذا هو الصحيح من مذهبه، وروي عنه أيضا أنها مكروهة، وهو ظاهر «المدونة» ، وهو المشهور عند أهل مذهبه.. ثم قال : الذي يظهر رجحانه بالدليل هو ما ذهب إليه الجمهور من أن كل ما ثبت تحريمه بطريق صحيحة من كتاب أو سنة فهو حرام، ويزاد على الأربعة المذكورة في الآيات، ولا يكون في ذلك أي مناقضة للقرآن ; لأن المحرمات المزيدة عليها حرمت بعدها.اهــ فيتحصل من هذا أن صريح مذهب الإمام مالك ومحققي أصحابه هو تحريم أكل لحوم الكلاب والسباع وإن كان بعض أصحاب الإمام يقولون بالجواز إلا أن القول بالجواز مرجوح في المذهب. والحمد لله رب العالمين.. وكتب : محمد يوسف خشان- عفا الله عنه-. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|