أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
10026 139530

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله > منبر الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 10-30-2010, 04:53 PM
عبدالله اليازوري السلفي عبدالله اليازوري السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الاردن
المشاركات: 398
افتراضي

يوجد نقص في الصفحات
38-48-49 نرجوا اضافتها ورفعها للضرورة
__________________
لاتظلمن اذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه الى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعوا عليك وعين الله لم تنم

رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11-02-2010, 12:55 AM
أبوعبيدة التونسي أبوعبيدة التونسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: تونس
المشاركات: 279
افتراضي

اقتباس:
يوجد نقص في الصفحات
38-48-49 نرجوا اضافتها ورفعها للضرورة
الكتاب كاملا
من هنا
__________________
إسلام بن محمد


«إن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر؛ أعطته حقه من التمحيص والنظر، حتى تتبين صدقه من كذبه، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة؛ قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة».«تاريخ ابن خلدون» (1/35).
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11-05-2010, 02:50 AM
أبو بكر أبو بكر غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 15
افتراضي

جزيتم خيرًا.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10-12-2012, 09:21 PM
عبدالله اليازوري السلفي عبدالله اليازوري السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الاردن
المشاركات: 398
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعبيدة التونسي مشاهدة المشاركة


الكتاب كاملا
من هنا
جزاك الله خيرا اخي الكريم ولكن الرابط منتهي المدة
الرجاء اعادة رفعه مرة اخرى
__________________
لاتظلمن اذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه الى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعوا عليك وعين الله لم تنم

رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 10-12-2012, 10:58 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

وهذا رابط الكتاب من موقع شيخنا ـ حفظه الله ـ جزى الله خيرا القائمين عليه .


هنــــــــــــــــــــا




__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 10-12-2012, 11:04 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي مختصر الكتاب ..

اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم


نُبذةُ التَّحقيقِ
لأحكامِ حجِّ البيتِ العتيقِ *

لفضيلةِ الشَّيخ المُحدِّث
عَلـيِّ بـنِ حَسـن الحلبـيِّ
-حفظهُ اللهُ ونفعَ بِه-





إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ -وحده لا شَريك له-.
وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.

أمَّا بعد:

فلما "كانت (مناسك الحج) عبادةً محضة، وانقيادًا صِرفًا، وذُلًّا للنفوس، وخروجًا عن العِز والأمور المعتادة؛ وليس فيها حظٌّ للنفوس: فربما قبَّحها الشيطان في عين الإنسان، ونهاه عنها؛ ولهذا قال: {لأقعُدنَّ لهمْ صراطَك المستقيم}".

فيَلزمُ كل طالب علم، وداعٍ إلى الكتاب والسُّنة: دوامُ تعلُّمِها والتعليم لها، وتذكُّرها والتذكير بها...


فأقول -وبالله التوفيق، ومنه العون والتحقيق-:


مَـدْخَـلٌ


* رُكنية الحج في الدِّين:
- قال الله -تعالى-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.
- وقال الله -تعالى-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.
- وقال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "أيها الناس؛ قد فرَضَ اللهُ عليكم الحجَّ: فحُجُّوا" رواه مسلم (1337).
- وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "مَن أطاقَ الحجَّ، فلم يحج؛ فسواء عليه يهوديًّا مات أو نصرانيًّا".


* تاريخ فرضِ الحجِّ:
- وقد "اختلف العلماءُ في السَّنَة التي فُرض فيها الحج:
فقيل: في سنةِ خمس، وقيل: في سَنة سِت، وقيل: في سَنةِ تسع، وقيل: في سَنة عشر.
وأقربُها إلى الصَّواب القولان الأخيران؛ وهو أنه فُرضَ في سَنة تِسع، أو سَنة عشر".
والصَّواب -منهما-واللهُ أعلم- أنه في السَّنَة العاشرة من الهجرة -كما في نصِّ حديث جابر -الطويل- في صفة حجَّته -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- الذي رواه مسلمٌ في "صحيحه" (1218).


* وجوب الحجِّ مرَّةً:
- ولا يجبُ الحجُّ -في العُمُر- إلا مرةً واحدة، وما زاد: فهو تطوُّع.
وللتطوُّع بالحج أجرٌ كبير، وثواب كثير -كما وردت بذلك نصوصٌ عدة-.


* اتِّباع السُّنَّة المطهَّرة في الحج:
- حديث النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "لتأخذُوا عنِّي مناسِككم" -رواه مسلم (رقم1297)-: أصل في "التأسي به -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في كل الأعمال".
نصائحُ وتوجيهاتٌ عامَّة



أولا: الإخلاص والسُّنة: احرصْ -أخي المسلم- على أن تكون مخلصًا لله -تبارك وتعالى- في عباداتك كلِّها -عُمومًا-، وفي حجك هذا -خصوصًا-؛ والله -عزَّ وجلَّ- يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ..}؛ مُتبعًا سُنة نبيك -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فيما تفعل وتذر ...
ويَتبع هذا -ضرورةً- حرصُك على النفقة الطيِّبة، والمال الحلال؛ فالله -تعالى- طيِّب لا يقبل إلا طيِّبًا.


ثانيًا: إياكَ والمحرَّمات
: اجتنِب -أخي المسلم- المُحرَّمات الشَّرعيَّة التي كنتَ متلبسًا بها -من قبلُ-؛ كحلق اللحية، وشُرب الدُّخان، والتَّشبُّه بالكفار، والتَّختُّم بالذَّهب، و..، و...
وأنتِ -أختي المسلمة- عاهِدي الله -تبارك وتُعالى-إنْ لم تكوني ملتزمة- أن تُبادري بالالتزام بأحكام الشَّرع، وأن تتقي الله -جلَّ شأنه- في نفسِك، وأن تُحافظي على عِفتك، وأن تكوني امرأة صالحةً خيِّرة -بجلبابِها وحِجابِها-.


ثالثًا: فضلُ العلم
: احرصْ على حضور مجالس أهل العلم، واسألهم عمَّا قد يُشكل عليك مِن أمر دينك.
ولا يمنعنَّك مِن ذلك استِحياء، أو تكبُّر؛ فهُما مِن أعظم قواطع الخير، وأشد جوالب الشرِّ.


رابعًا: مكارمُ الأخلاق
: عوِّد نفسَك الصَّبرَ والاحتِمال، وإيَّاكَ والخصومة والانفعال، والوقوع في مساوئ الأخلاق والأفعال، وسقيمِ الكلمات والأقوال؛ فإنَّ "السَّفر قطعةٌ مِن العذاب"، والأصل مطاوعة الرِّفقة، ومُلاينةُ الأصحاب.

خامسًا: الحرصُ على الوقت: لا تُكثِر مِن زيارة المَتاجر والأسواق؛ إلا بقدر الحاجة وعند تَمام نُسكك؛ ليَسلم قلبُك؛ فإنَّما خرجتَ تعبُّدًا وطاعة، فالزَم نيَّتَك؛ تَغنَمْ وتَسعد.

والتِّجارة -بيعًا وشراءً- جائزة مع تحسينِ النِّيَّة، وتطهير الطَّويَّة، والبُعد عن المخالفات الشرعيَّة، وعدم جعل ذلك شغلك الشاغل!!
والله -سبحانه- يقول في شأن الحجِّ: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ..}؛ وقد ذكر المُفسِّرون فيها أقوالًا؛ منها: "هي مَنافع الدارَين جميعًا".
وقال الإمام ابن الجوزي في "زاد المَسير" (5/425) -مُرجِّحًا ومُوجِّهًا-: "وهو أصح؛ لأنه لا يكون القصد للتجارة خاصَّة؛ وإنما الأصل قصد الحج، والتِّجارة تَبَع".
وتذكرْ -أخي المسلم- أن كل صلاة مفروضة تُفوِّتها في المسجد الحرام؛ إنما هي أجر مائة ألف صلاةٍ تضيِّعهُ على نفسك!!
فالحرصَ الحرصَ...

سادسًا: أداء الحُقوق: إذا كان عليك حقوق وواجبات -ماديَّة كانت، أو معنويَّة-: فعجِّل بأدائها -وبخاصَّة نحو مَن تَعول-.
ثم اكتبْ وصيَّتك قبل سفرك، وأوصِ أهلَك وذَويكَ بالتقوى، والسُّنة، وعمل المعروف، والبُعد عن كل ما يُخالف الشَّرع.

سابعًا: الصُّحبة الصَّالحة: رافقْ في سفرك الأخيار، واحرصْ على مُلازمة الصَّالحين؛ فرسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول: "لا تُصاحِب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقيٌّ".

ثامنًا: آداب السَّفر: لا تنسَ عند التَّوديع أن تقولَ لمُودِّعيك: "أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعُه"؛ بينما هم يقولون لك: "نستودِع الله دينَك، وأمانتَك، وخواتيم عمَلِك".


تاسعًا: فضل السَّفر يوم الخميس، وأدعية المُسافر: احرصْ -عند التيسُّر- أن تُسافر أول يوم الخميس؛ فهي السُّنة. فإذا ركبتَ وسيلة النقل التي تُقِلُّك في سفرك: فادعُ دعاء السفر؛ وهو:

"اللهم أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ - وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}.

اللهم إنا نسألكَ في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى، ومِن العمل ما تَرضَى، اللهم هَوِّنْ علينا سَفرَنا هذا، واطوِ عنا بُعدَه، اللهم أنتَ الصاحبُ في السَّفر، والخليفةُ في المال والأهل.

اللهم إني أعوذ بكَ من وَعْثاءِ السفر، وكآبةِ المَنظرِ، وسوءِ المُنقَلبِ في المال والأهل".

وعند رجوعك من السفر تدعو الدعاءَ السَّابق -نفسَه-، ثم تَزيد:

"آيِبونَ، تائِبون، عابِدون، لربِّنا حامِدون"، "صدقَ الله وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزمَ الأحزابَ -وحده-".


عاشرًا: فضل العلم وكُتُبه: اقتنِ كتابًا -أو كُتيِّبًا- مِن الكتب التي فَصَّلت في أحكام الحج، وبخاصة: كتب مشايخنا أئمة أهل السنة:

الشَّيخ ابن باز، والشَّيخ الألباني، والشَّيخ ابن عُثيمين -رحمهم الله-أجمعين-؛ لتستعين بها على أداء نُسكك -وَفق المنهج النبوي، والسبيل المَرضي-.

واحرصْ -كذلك- على الكتب التي جَمعت الأذكار النبويَّة الصَّحيحة:

ككتابِ "صحيح الكلِم الطيِّب" -لشيخنا الألباني-، أو كتاب "مُهذَّب عمل اليوم والليلة" -بقلمي-، أو كتاب "حصن المسلم" -للأخ الشيخ سعيد القحطاني-، أو غير ذلك مما في معناه؛ حتى تَحرص على إقامة كل ذِكر في موضعه -في إقامتك وسفرك-.
أَحكامٌ وتَنبيهاتٌ هامَّةٌ



أولًا: شروط وجوبِ الحج: إنما يجبُ الحجُّ على كل مستطيع ببدنه: ملَك الزاد والرَّاحلة، ووجد أمن الطريقِ، والله -تعالى- يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}.


ثانيًا: أفعال لا حرج فيها للمُحرِم: ليس عليكَ وأنتَ مُحرِم مِن حرجٍ إذا اغتسلتَ، أو بدَّلت لباس الإحرام، ولو أدَّى ذلك إلى دَلْك رأسك، أو حكِّه، أو تسريح شعرك؛ فكل هذا جائز.


ثالثًا: الحجامة للمُحرِم: لا حرج على مَن احتاج إلى الحِجامة أثناء إحْرامه لمَرَض أونحوه -ولو أدَّاه هذا إلى أن يحلِق مَوضع الحجامة مِن شعرِه إذا احتجم في رأسه-.
والله -سبحانه- يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.


رابعًا: حُرمة سفر النساء بلا مَحرم: لتحذرِ النِّسوة السَّفرَ دون مَحرم؛ فهذا حرامٌ بيِّن، والنص فيه جليٌّ ظاهر.
ومثلُه -بل قد يكون أشد- سفر المرأة مع جماعة من النِّسوة -يُقال: الثقات (!)-، مُتوهِّمات أن ذلك جائز!! وحقيقته عكسُ ذلك...
وقد رأيتُ بعضَ الناس (!) يُسمِّي هذا الصنيع -لتسويغه!- (عُصبة النساء)!!
فكان ماذا؟!
ووجود المَحرم لبعضهنَّ ليس ذا صِلة -مِن حيث الإباحة- بالأخريات!!
بل إن وجودَه (بينهن!) أدعَى لمُضاعفة سُبل الإثم وأسبابه، وفتحِه على أبوابه!


خامسًا: قطع الطَّواف للصلاة: إذا قُطع طواف الحاج -أي طواف كان- بإقامة صلاة الفريضة؛ فلا يَستأنف طوافه كلَّه، ولا يُعِدْ شَوطَه الذي أتمَّه؛ وإنما يُتمِّم مِن حيث وقفَ -حسبُ-.


سادسًا: أداء صلاة الجنازة: لا تُفوِّت -أخي المسلم- على نفسك أداء الصلاة على جنائز المسلمين -التي يُصلَّى عليها في مسجد الكعبة-أو غيره-بعد الفرائض-؛ فهي باب عظيم من الأجر لك، ونفع للمتوفَّى الذي تصلي عليه.
ودعكَ من السآمة من ذلك لكثرتها -أحيانًا-؛ فالحرصَ الحرصَ..
واعلم أن أداء هذه الصَّلاة بين أشواط الطواف -أو السعي- غير مؤثِّر على شيء منها.


سابعًا: أحكام المرأة الحائض: إذا حاضت المرأة -أو نُفِستْ-؛ فإنها تفعل (كل شيء) سوى الطَّواف، والسَّعي، والصَّلاة -سواء أكان حيضُها قبل الميقات أم بعده-؛ بمعنى: أنها تُحرِم مع بقاء أحكام الإحرام ومحظوراته عليها.
ويجوز لها أن تدعو ربَّها، وتَذكره -سبحانه-، وتجلس في المَسجد، إلى أن تَطهر: فتطوف وتَسعى.
أمَّا إذا حاضتْ أثناء الطَّواف، فتقطع طوافَها مُسارعةً.. إلى أن تَطهر..


ثامنًا: جواز الأدوية المانعة لنُزول الحيض: يجوز للمرأة أن تتناول بعضَ الأدوية -أو (الإبر)- المانعة للحيض -قبل سفرها للحجِّ، أو أثناءَه-، ولكن يُشترط في ذلك: إذْن الولي، واستشارة الطَّبيب المسلم المتفقِّه بشَرعه، العارف بِطبِّه؛ حتى لا تترتَّب عليها -في ذلك- أضرار جانبيَّة.


تاسعًا: حج الصَّبي: يُعامَل الصبي المميِّز الذي يُرادُ له الحج أو الاعتمار معاملةَ الكبير؛ فيُعلَّم الإحرام، ومحظوراتِه، وأحكام الطَّواف والسعي.. وغير ذلك.
وأمَّا إن كان غير مميِّز: فإنَّ وليَّه يُحرِم عنه، ويُلبِّي عنه، ويَحمله بين يديه -إن لم يستطع الطَّواف أو السَّعي أو غير ذلك- وحده.


عاشرًا: فضل زيارة المدينة النبويَّة: زيارة المدينة النبويَّة ليست مِن أعمال الحج أو العمرة -في قليل أو كثير-، ولكن يُستحب للمسلم -في أي وقت- زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه، فإن أجرَ الصلاة المفروضة فيه كأجر ألف صلاةٍ فيما سواه -إلا المسجد الحرام-.
فإذا وصلتَ المسجد النبويَّ: تصلي -أولًا- تحيَّة المسجد.
فإن لم يكن ثَمَّ وقت صلاة مفروضة: تتوجَّه -مباشرة- نحو القبر النَّبويِّ لتُسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى صاحبَيْه -أبي بكرٍ وعمر-رضيَ اللهُ عنهُما- بكلِّ آدابٍ شرعيَّة، وسكينةٍ مَرعيَّة، ثم تَمضي.
وإلا؛ فصلاةُ الفريضة هي الأصلُ، ثم الزيارة -بعدُ-.
والنِّساء في ذلك كالرجال؛ إلا أن المرأة لا يجوز لها الإكثار من الزِّيارة وتَكرارها.
ويُستحب لك -أخي المسلم- زيارةُ مسجد قُباء والصلاة فيه؛ فإنه أول مسجدٍ أُسِّس على التقوى في الإسلام، وقد كان رسولُ الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- يَقصِده، ويقولُ -مُرغِّبًا في ذلك-: "صلاةٌ في مسجدِ قُباء: كعُمرة".
واحرصْ أن يكونَ ذلك "كلَّ سبتٍ -ماشيًا وراكبًا-" -إن تيسَّر-؛ كما كان يفعل نبيُّنا -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-.
ولو زُرتَ مَقبرة بقيعِ الغَرقد -وهي معروفة- للعِظة والاعتِبار: ففي ذلك خيرٌ كثير -إن شاء اللهُ-، وأجر كبير؛ فإن فيها كثيرًا من قُبور الصَّحابة والتَّابعين، وأهل العلم والفضل والدِّين، وتدعو لهم بالدُّعاء المأثور: "السلامُ عليكم أهلَ الدِّيار من المؤمنين والمسلِمين، وإنَّا -إن شاء اللهُ- بكُم لاحِقون، أسأل اللهَ لنا ولكم العافية".
ومن الابتداع في الدِّين: القراءةُ على المقابر بشيءٍ من القرآن -لا الفاتحة، ولا غيرها-.
وإنما السُّنة: الدُّعاء -فقط-.


حادي عشر: فضل ماء زمزم وحَمْله: يُستحبُّ أن تَحملَ ماء زمزمَ معك إلى بلدِك -لِما له مِن فضل-؛ فقد فعل (قريبًا) مِن ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن من غير إيقاعِ مشقَّةٍ على نفسِك، ولا على أصحابِك ورُفقائِك.


ثاني عشر: (جُدَّة) ليست ميقاتًا: بعضُ طلبة العلم يَعُدُّ مدينة (جُدَّة) -بذاتِها- ميقاتًا من المواقيتِ المكانيَّة للحجِّ والعُمرة!!
وهذا حُكم لا دليل عليه البتَّةَ...
والحق في هذه المسألة -باختصار-: أن (جُدَّة) ميقاتٌ لأهلها، والمُقيمين بِها، أو مَن لا يَمر بميقات -أو يحاذيه- إلا بعد نُزوله جُدَّة؛ فتكون جُدة -حينئذٍ- ميقاتَه.
وأما غيرُهم: فلا بُدَّ -لزومًا- أن يَمرُّوا بميقات، أو يُحاذوا أحد المواقيت؛ فيُحرِموا ثمَّة.


ثالث عشر: وجوب السُّترة للمُصلِّي: لا يجوز لك أن تَمرَّ بين يدي أحد من المصلِّين.
ولا يجوز لك -كذلك- أن تُصلي إلى غيرِ سُترةٍ -وهي حاجز ذو ارتفاع تضعُه أمامك- مِن ساريَةٍ أو جِدار.
ولو استقبَلتَ ظَهرَ أحد إخوانكَ المصلِّين: أجزَأك.
وإذا مرَّ أحد بينك وبين سُترتك: فامنعهُ بيدك.
وهذا الحُكم عامٌّ في المساجد -كلِّها-: المسجد الحرام، و المسجد النبويِّ، وغيرهما مِن المساجد -ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-، وإلا؛ فالله -تعالى- يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ويقول: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}؛ فتُقدِّر لذلك قَدْرَه -زادني اللهُ وإياك حرصًا، وعِلمًا، وعملًا-.


رابع عشر: القصر، والجمع، والفِطر: أحكام السَّفر -كلُّها-مِن قصْر، وجَمعٍ، وفِطر- تقومُ بها مِن غير حرجٍ أو تحرُّج -أثناء سفرك لحجِّك-.
والأصل المحافظةُ على الصلوات جماعةً في عامَّة المساجد -والحَرَمان الشَّريفان أفضلها-ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-؛ حرصًا على أجرِها وثوابِها.
وأما الصِّيام: فلا مانع منه للقادر عليه، الرَّاغب به -بلا حرج-.


خامس عشر: عِظم الذَّنب في مكة: قال سماحةُ أستاذِنا العلامة الشَّيخ عبد العزيزِ بنُ عبدِ الله بنِ بازٍ -رحمه الله- في "فتاويه" (16/134-135):
"الأدلة الشرعيَّة دلَّت على أن الحسنات تُضاعَف: الحسنة بعشر أمثالِها. وتُضاعَف بكميَّات كثيرة في الزَّمان الفاضل -كرمضان وعشر ذي الحجة-، والمكان الفاضل -كالحَرَمَين-.
وأمَّا السَّيِّئات؛ فالذي عليه المحقِّقون من أهل العلم: أنها تُضاعف من حيث الكيفيَّة -لا من حيث العدد-؛ لقول الله -سبحانه-: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
فمَن همَّ بالإلحاد في الحرم المكيِّ؛ فهو متوعَّد بالعذاب الأليم؛ لأن الله -تعالى- قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيِهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، فإذا ألحدَ أيَّ إلحادٍ -وهو: الميلُ عن الحق-؛ فإنه متوعَّد بهذا الوعيد -لهذه الآية الكريمة-؛ لأن الوعيد على الهمِّ بالإلحاد يدل على أن الوعيد في نفس الإلحاد أشدُّ وأعظم".


سادس عشر: مسألة (الحجِّ عن الغَير): مسألة كُبرى اشتَهَر فيها الكلامُ بين أهل العلم.
وجاءت معظم الروايات التي تأذن به موصولة بـ(الأب)، أو (الأم)، أو (الأخ)؛ إلا حديثُ (شُبرمة) -المشهور-، وفي مَتنِه اختلاف -على صِحة سندِه!-.
فمرةً ذكر: "أخ لي، أو قريب لي"! ومرةً سمَّاه: "نُبَيشة"! ومرةً ذكر: "أنَّه أوصى"!
وانظر "المعظم الأوسط" (2/118) للطبراني، و"سنن البيهقي الكبرى" (4/337)، و(5/179)، "البدر المنير" (6/45-54) لابن الملقن، و"الإرواء" (994) لشيخِنا، و"الإصابة" (3/312)، و(6/421) للحافظ ابن حجر.
وشرطُ جواز الحج عن الغَير: أن يكون المَحجوج عنه؛ إما: (مَيتًا)، أو (عاجزًا عن الحج)، وأن يكون الحاج عنه قد حجَّ عن نفسِه.
ويجوزُ لمَن يحجُّ عن غيره أن يأخذ (نفقة الحج) ممَّن -أو عمَّن- ناب عنه في الحج، ولكن لا يجوز له أخذُ أُجرةٍ على الحج -وهي الزيادة على (نفقة الحج)-.
فالذي لا ينبغي سواه: عدم التوسُّع في هذا الباب العميق، وإعطاؤه قدْرَه الدَّقيق.
أنـواعُ الحَـجِّ



الحج ثلاثة أنواع:

أولًا: حج القِرَان: وهو لمَن ساق هَدْيَه معه، مُحرِمًا بالعمرة والحج -جميعًا-؛ قائلًا عند التلبية: (لبَّيك اللهم عُمرةً وحَجًّا؛ لا رِياء فيهما ولا سُمْعَة).
فإذا وصل مكَّة طاف طواف العمرة -وهو طواف القُدوم- استحبابًا، ثم سعى بين الصَّفا والمروةَ للعُمرة والحجِّ -سعيًا واحدًا-.
ويستمر على إحرامِه حتى يَحلَّ منه يوم العيد.



ثانيًا: حَج الإِفراد: وهو أن يُحرِم بالحجِّ مُفرِدًا -دون عُمرة-؛ قائلًا عند التَّلبية: (لبَّيك اللهمَّ حَجًّا؛ لا رِياء فيه ولا سُمْعة).
فإذا وصل مكةَ: طاف طواف القُدُوم -استحبابًا-، وسعَى سَعْيَ الحَج.
ويَستمر على إحرامِه حتى يَحل منه يوم العيد.
وليس على الحاجِّ المُفرِد هَدْيٌ.
ويجوز أن يؤخِّر السَّعي -في هذَيْن النَّوعين- إلى ما بعدَ طواف الحجِّ.
... فعملُ الحاج المُفرِد والحاجِّ القارِن سواء؛ إلا أنَّ القارِنَ عليهِ الهديُ -لقيامِه بالنُّسُكَيْن: الحج والعُمرة- دون المُفرِد.



ثالثًا: حج التَّمتُّع: وهو القيام بعُمرةٍ في أشهر الحجِّ، ثم التَّحلُّل منها، ثم الإحرام بالحجِّ في يوم الثَّامِن مِن ذي الحجة، قائلًا عند التَّلبية بها: (لبَّيك اللهمَّ عُمرةً مُتمتِّعًا بها إلى الحج؛ لا رِياءَ فيها ولا سُمعة).
وهو الأيسر على النَّفس، والأفضل في اتِّباع الشَّرع؛ فقد أمر النبيُّ -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- به أصحابَه بقولِه: "مَن حجَّ منكم: فلْيُهِلَّ بعُمرةٍ في حَجَّة".
وعلى الحاجِّ المتمتِّع هديٌ -إن استطاع-.
فإن لم يستطع الهَدْي: فعليه صيامُ ثلاثة أيَّام في الحجِّ -حتى لو كانت أيام التَّشريق-، وسبعة عند رُجوعه إلى أهلِه وبلده.
والنبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "دخَلتِ العُمرةُ في الحجِّ إلى يومِ القيامة" وشبَّك بين أصابعِه -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
... فبقي (حج القِرَان) لمَن ساق الهديَ -مع كونِه مفضولًا-.
والأصل في (الإفراد) أنه لأهل مكة -خُصوصًا-؛ لقول الله -تَعالى-: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
إلا لمَن ضاق عليه الوقتُ، ولم يَستطع القيامَ بعُمرة؛ فيُدخِل الحجَّ على العمرة -إن استطاع-بعدُ-.
والقولُ بنسخ (الإفراد) -للعُموم-أو بُطلانه- عَسِر جدًّا؛ مع ما ورد عن عدد من الصحابة مِن حجِّهم إفرادًا بعد رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، "وهم كانوا لسُنَّتِه أشد اتِّباعًا" -كما في "مصنف ابن أبي شَيبة" (14301)-.
نعم؛ التمتُّع -كيفما كان- أفضل؛ لوُرودِ الحضِّ عليه، والإرشاد إليه عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
مَواقِيتُ الحجِّ المَكانيَّةُ


فإذا سافر الحاج قاصدًا بلاد الحرَمَين الشَّريفَيْن؛ فإنَّه يمُرُّ -ولا بُدَّ- بواحدٍ من مواقيت الإحرام الشَّرعيَّة المكانيَّة التي حدَّدتْها السُّنَّةُ النبويَّة، أو يُحاذيها إذا كان مُسافرًا بالطائرة -مثلًا-؛ فالواجبُ -حينئذٍ-: أن يُحرمَ عندها، ولا يَجوز أن يُجاوزَها دون إحرام.

فهذه المواقيت -الآتي ذِكرُها- مُختصَّة بمَن كان مِن أهلها، أو مَرَّ بها مِن غير أهلِها؛ وهي:

1- ذو الحُلَيفة: وهي ميقات أهل المدينة ومَن وردَ مِن غيرِ أهل المدينة ممَّن كانت طريقَهم، واشتهرتْ عند العامَّة باسم (لا أصل له)؛ وهو: (آبارُ علي)! وهي تَبعُد (450كم) عن مكة.


2- الجُحفة: وهي ميقاتُ أهل الشَّام والمغرب ومِصر ومَن ورد طريقَهم، وهي اليوم في مدينة (رابِغ)، وهي تَبعُد (183كم) عن مكَّة.


3-
قرن المنازِل: وهي ميقاتُ أهل نجدٍ ومَن ورَدَ طريقَهم، واسمُها اليوم: (السَّيْل الكبير)، وهي تبعد (75كم) عن مكة.


4-
يَلملَم: وهي ميقاتُ أهل اليمن ومَن وردَ طريقَهم، وهي اليومَ تُسمَّى (السَّعْدِيَّة)، وهي تَبعد (92كم) عن مكَّة.


5-
ذات عِرق: وهي ميقاتُ أهلِ العراق ومَن وردَ طريقَهم، وهي اليومَ تُسمَّى (الضَّرِيبَة)، وهي تَبعد (94كم) عن مكَّة.
(عُمرةُ التَّمتُّع)


أعمـالُ العُمـرةِ



ثـلاثُ فوائـدٍ:

الأولـى: قد ثبت عن ابن عباسٍ -رضـي الله عنهما- تسميتُه العُمرة بـ (الحجِّ الأصغر) -كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (13659)-.


الثَّانيـة
: اعتمر النبيُّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- أربعَ عُمَرٍ في حياتِه الشَّريفة -كما في "شرح العُمدة" (26/73 و 253)-.


الثَّالثـة
: وَوَرد عن ابن عمَر -رضـي الله عنهما- أنه كان يُهدي في العمرةِ بدَنةً بدنةً -كما في "الموطأ" (1/378)-.

وهذا -كما وصفه الشيخ ابنُ عثيمين في "فتاويه" (23/372)-: "مِن السُّنن المندثرة".

وقال الإمام النَّووي في "المجموع" (8/356): "اتَّفقوا على أنه يُستحب لمَن قصد مكة -لحجٍّ (أو عمرة)- أن يُهدِي هدْيًا من الأنعام، ويَنحرَه هناك، ويُفرِّقه على المساكين الموجودين في الحرَم".



وتفصيـل أعمـال العمـرة كالتَّالـي:

* الإحـرام:

1-
عندما تصل -أخي المسلم- إلى ميقاتِ الإحرامِ: يُستحبُّ لك -قبل الإحرامِ- أن تغتسلَ، وتتطيَّب في بدنِك دون مسِّه لِباس الإحرام، وللرِّجال دون النِّساء.
ثم تَلبسُ ما ليس مَخِيطًا مِن الثِّياب: إزارًا لا يُفصِّل أعضاء بَدَنك، تستُر به جُزء بدنك السُّفلي، ورِداءً -كذلك- تستُر به جُزء بدنِك العُلويِّ؛ وهذا هو لِباس الإحرام.

ثم تُحرِم مستقبِل القِبلة قائلًا: (
لبَّيك اللهم بعُمرة، متمتِّعًا فيها إلى الحجِّ، لا رياءَ فيها ولا سُمعة).
ثم تشترطُ قائلًا: (
اللهم مَحِلِّي حيثُ حبَستَني)؛ حذرًا مِن أي عارِضٍ -كمَرض أو خوفٍ- يمنعُك مِن إتمامِ حجِّك.
فإن وقع لك شيءٌ مِن ذلك -وكنتَ قد اشترطتَ-؛ فيجوز لكَ التَّحلُّل -حينئذٍ- خروجًا من النُّسُك دون إيجاب دم الفِدية عليك.

وأمَّا مَن قطع حجَّه -مِن غير اشتِراطٍ-: فيجبُ عليه دمُ الفِدية، وقضاءُ حجِّه.



*
التَّلبيـة:

2-
ثم تُلبِّي -مكرِّرًا- قائلًا: لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إن الحمدَ والنِّعمةَ لك والملكَ، لا شريك لك.
ولكَ أن تقول -أيضًا-:
لبَّيك ذا المَعارِج، لبَّيكَ ذا الفواضِل.
أو:
لبَّيكَ إلهَ الحقِّ.
أو:
لبَّيك وسَعدَيْك، والخيرُ بِيَدَيْك، والرَّغباءُ إليكَ والعملُ.
أو:
لبَّيك مرغوبًا أو مَرهوبًا، لبَّيكَ ذا النَّعماءِ والفضلِ الحسَن.
ويُسنُّ لك أن تَخلِط التَّلبية بالتَّكبير والتَّهليل.

ولا ينبغي أن تكون التَّلبيةُ جماعيَّةً متواطئةً بصوتٍ واحد؛ إلا للتَّعليم -وبِقَدْرِه-، ومِن غير اتِّفاقٍ وترتيبٍ لها أو حرصٍ عليها.

فإذا وقعتْ -دون ذلك-؛ فلا بأس.


3-
وتظلُّ مُكرِّرًا التلبيةَ مستمرًّا بها حتى ترى أول بُيوت مكَّة. وحدُّها -اليومَ- مسجدُ التَّنعيم.
ويُسنُّ رفعُ الصوت بالتَّلبية -جدًّا-.

والنِّساء في ذلك كالرِّجال؛ إلا أن تُخشى الفتنةُ.


4-
وليس للإحرام صلاةٌ مخصوصةٌ به.
لكن: مَن أدركتْه صلاة الفريضة في الميقات؛ صلَّى ثم أحرَم عقِب صلاتِه؛ كما صحَّ عن النبي -صلى اللهُ عليه وسلم-؛ فقد أحرَم -عليهِ الصلاةُ والسلامُ- بعد ذلك لمَّا انطلقتْ به دابتُه.



*
محظـوراتُ الإحـرام:

5-
فإذا قُلتَ: (لبَّيكَ اللهم عُمرةً) -التي هي عمرة الحجِّ-؛ حَرُم عليك -بالإحرام- لُبسُ المَخيط؛ كـ(الدشداشة)، والثَّوب، والقَميص، والسَّراويل، والجَوارِب، وغطاءِ الرَّأس؛ كالطاقيَّة والغُترة.
ومِن ذلك: الألبسة الداخليَّة -أيضًا-...


6-
ومَن لم يجدْ نَعلَين؛ فلْيلْبس خُفَّيْن، ولا يَلزمهُ قطعُهما دون الكعبَين.
ومَن لم يجدْ إزارًا -مضطرًّا-؛ فلْيلْبس سراويل.



*
أمـور لا حَـرج منها للمُحـرِم:

ولك أن تستعملَ (الشَّمسيَّة-المظلَّة-)، وحِزام النقود، وأن تلبس النظَّارة، والسَّاعة، والخاتَم -وما أشبه ذاك-.


7-
ويَحرم عليك -بالإحرام- قصُّ الشَّعر، ومسُّ الطِّيب، والصَّيد، و الخِطبة، وعقدُ النِّكاح، والجِماع ودواعيه.


*
مِـن فقـهِ إحـرامِ النِّسـاء:

8-
وأما المرأةُ: فتُحرم بمَلابِسها المُعتادة -دون تخصيصِ ثوبٍ أخضر أو أبيض!!-؛ إذْ كل الألوان -في الألبسة الشَّرعيَّة بالنسبة للنِّساء- سواء؛ ما لم يكُن ثوبَ شُهرة.
ولكنْ: لا تُغطِّي المرأة وجهَها، ولا كفَّيها حالةَ إحرامِها، ولا تَلبس البُرقع، ولا النِّقابَ, ولا القُفَّازَين.

ولكن: يجوزُ لها -إذا مرَّت بالرِّجال- أن تُلقيَ على رأسِها غطاءً يَستُر وجهها دون أن تَشدَّه عليه.

* الوصول إلى مكَّة، ثم المسجد الحرام:

9- فإذا وصلتَ إلى مكَّة، ورأيت بيوتَها -وحدُّها اليوم قريب من (مسجد عائشة)-: تُمسِك عن التلبية وتقطعُها.
فإن تيسَّر لك الاغتِسالُ قبل دخول مكَّة: فافعل؛ وإلا: فلا حَرَج.

وولْيكنْ دُخولك إليها نهارًا -إن أمكنَ ذلك-، وإلا: فلا حَرَج.

ويجوزُ لكَ -قبل أن تدخُلَ المسجد الحرام لتعتمرَ- أن تستريحَ، أو تنام، أو تجلس، أو تأكل، أو تغتَسِل، أو تُغيِّر لباسَ الإحرام -وما أشبهَه-.


10- ثم تَدخل المسجد الحرام -مقدِّمًا قدَمَك اليُمنى-، قائلًا: اللهم صلِّ على محمَّدٍ وسلِّم، اللهم افتح لي أبوابَ رحمتِك.
أو تقول:
أعوذ بالله العظيم، وبوجهِه الكريم، وسُلطانِه القَديم، مِن الشيطانِ الرجيم.
وليكنْ دخولُك المسجد الحرام -إن استطعت- مِن باب بني شَيبة، وإلا فمِن أيِّ باب آخر يتيسَّر.

فإذا رأيتَ الكعبة المشرَّفة: رفعتَ يديْكَ؛ كما ورد عن ابن عباس-رضي الله عنه- أنه قال: "تُرفعُ الأيدي في سبعة مواطن: إذا رأى البيتَ، وعلى الصَّفا، والمروة، وفي جمعِ [مُزدلِفة]، وعَرفاتٍ، وعند رميِ الجِمار".

قائلًا:
اللهم أنتَ السَّلام، ومنكَ السَّلام؛ فحيِّنا ربَّنا بالسَّلام.


* بداية الطواف بالكعبة:

ثم تَستقبِلُ الحجرَ الأسود لتبدأ الطواف، فتَستَلمُه بيدك، وتُقبِّله، وتَسجُد عليه -إن استطعتَ-، قائلًا: بسم الله، اللهُ أكبر؛ كما ثبت عن ابن عمر.
ولا تُزاحم عليه؛ فإن استَلمتَه بيدك؛ فقبِّل يدَك، وإن لم تستطعْ؛ فأشِر إليه باليدِ اليُمنى مُسمِّيًا مُكبِّرًا.

واستِلامُه هو: مسحُه باليد اليُمنى.


* الطواف سبعة أشواط وأحكامُه:

11- ثم تَطوفُ سبعةَ أشواطٍ مَشيًا، جاعلًا الكعبةَ عن يسارك، مُبتدِئًا بالحجر الأسود، ومُنتهيًا إليه ليتمَّ لك شوط كامل، وذلك في كل شَوط من الأشواط السبعة.
ولا تخترق الحِجْر -المُحوَّط عليه بجنب الكعبة ببناءٍ مُنخفض نصف دائري له مدخلان- في أيِّ شوط من أشواط طوافِك؛ فإنه من البيت، والله أمرَ بالطواف بالبيت لا في البيت.


* تقبيل الحجر الأسود، أو استلامه، أو الإشارة إليه:

12- ولا تَستلم من الأركان في طوافك إلا الركنَين اليَمانيين (الحجر الأسود، والركن اليماني)؛ لأنهما على قواعد إبراهيم -عليه السلام- دون الركنين الآخرَين -ويقال لهما: الشاميَّان-؛ لأنهما داخل البيت.
أما الحجر الأسود؛ فتستلمه وتُقبِّله -كما تقدَّم-.

وكان ابنُ عمر يستلمه -سواءٌ أكان في طوافٍ أم في غير طواف-.

وأما الركن اليماني؛ فتستلمه -فقط- دون أن تَذكُر ذِكرًا معيَّنًا، ولا أن تُقبِّله أو تُقبِّل يدَك -وذلك في كل شوط-.

فإن لم تستطع استلام الركن اليماني؛ فلا تُشر إليه، ولا تُكبِّر -كحالِك مع ذَيْنك الركنَين الآخرَين-.


* المُلتزَم وفضلُه:

وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم؛ فلا يُتمسَّح بشيء منها، ولا تُستلم ولا تُقبَّل؛ إلا: (المُلتزَم): وهو ما بين الباب والحجر الأسود؛ فتضع صدرك وخدَّك ويدَيْك عليه، وتدعو بأي دُعاءٍ مأثور عام تعرفُه، وإلا: فبأي دعاءٍ خيِّر مُبارك ينفعك في الدنيا والآخرة.
(تنبيه): يُستحب أن تأتي (الملتزم) قبل طواف الوداع، أو حين دخول مكة، أو في أي طوافٍ وأي وقت؛ بحيث تضع عليه صدرك ووجهك وذراعيك وكفَّيك، وتسأل الله حاجتَك.


* دعاء الله وحده دعوة التَّوحيد والإيمان:
وادعُه وحده -جل وعلا- دون غيرِه؛ لقوله -سبحانه وتعالى-: {
قُلْ إنَّما أدعُو ربِّي وَلا أُشرِكُ بِهِ أَحَدًا}.
فهذه دعوةُ الإسلام، وحقيقةُ الإيمان -علمًا، وعملًا، واعتِقادًا-.


* الرَّمَـل:

13- ويُسنُّ لك في طواف عمرةِ الحجِّ هذا الرمَلُ مِن الحجر، مِن الحجر الأسود إلى الركنِ اليماني. وأما منه إلى الحجر: فمشيٌ؛ وذلك في الأشواط الثلاثة الأُوَل -فقط-.
والرَّمَل:
هو الهرولة، ومسارعة المشي مع مقاربةِ الخَطْو، وهو خاصٌّ بالرِّجال؛ لأن الأصل في النساء السَّكينة. وسيأتي -قريبًا- ذِكرُ النَّهي عنه-عن ابن عُمر-رضـي الله عنهما-.


* الاضْطِبـاع:

14- ويُسن لك -أيضًا-أيها الرجل- الاضطِباع في أشواط هذا الطواف جميعها؛ وهو: وضعُ الرِّداء تحت إبطِك الأيمن مع إظهار الكتِف، ورد طرفه على عاتقِك الأيسر مع تغطيتِه.
فإذا تركتَ الرَّمَل والاضطِباع؛ تكون قد خالفتَ سُنَّة نبيِّك -صلى الله عليه وسلم-، ولا إثمَ عليك -إن شاء الله-.


* الذِّكرُ والقراءةُ أثناء الطَّواف:

15- ويُستحب لك أثناء أشواط الطواف -جميعها- أن تَذكر الله -تعالى- ذِكرًا كثيرًا بغير رفعِ صوتٍ.
ومِن أفضل الذِّكر وأجمعِه: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أو: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

أو: أن تدعو بأي دعاء تَعرفه.

وإن قرأتَ شيئًا من القرآن في طوافك؛ فحَسَنٌ.

فإن كنتَ لا تستحضرُ شيئًا من الأدعية؛ فلا بأس بالاستعانة بشيءٍ مكتوب موافقٍ للكتاب والسُّنة تقرؤُه، وإلا: فقُل ما في نفسك من الخير بلا تكلُّف، وتوكَّل على الله ربِّك.


* ذِكر ما بين (الرُّكن) و(الحَجر):

16- ويُسَن أن تتلوَ بين الركن اليماني والحجر الأسود قولَ الله -سبحانه-: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وِقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وتُكرِّر هذا في الأشواط كلها.


* وجوب الطَّهارة للطَّواف:

17- ولا تَطُفْ إلا وأنت طاهر من الحدَثَين -الأكبر والأصغر-.
والنساء في ذلك كالرجال؛ بإضافة أنه لا طوافَ لهن مع حيضٍ أو نِفاس.

فإن انتقض وضوؤك أثناء شوط من الأشواط السبعة؛ فأعدِ الشَّوط نفسَه -فقط-، ولا تَستأنف بإعادة ما قبله من الأشواط.


* الشك في عدد أشواط الطواف:
وإذا شككتَ في طوافِك: هل طُفتَ ستة أشواط! أو سبعة أشواط -مثلًا-؟! فابنِ على الأقل، واجعَلْها ستًّا، وطفْ شوطًا سابعًا.

ولكن: حاذِر الوسوسة وتغليط الشيطان لك!

18- وبعد فراغك من هذا الطواف: اترُك الاضطِباع، وأَرجِع رداءَك على حالِه مُغطيًا به كتِفَيك -لزُومًا-.


* الصلاة خلف مقام إبراهيم:

19- ثم تتوجَّه إلى مقام إبراهيم تاليًا قول الله -تعالى-: {وَاتَّخِذُوا مِن مَقامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلى}؛ لتُصلي ركعتيْ سُنة الطواف خلف المقام -إن تيسر لك ذلك-، وإلا: فبِمُحاذاته -ولو مِن بعيد-.
وإلا؛ فتُصلي في أيةِ ناحية من نواحي المسجد.

ويُستحب لك أن تقرأ في هاتين الركعتين -بعد الفاتحة- سورة: {
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} في الركعة الأولى، وسورة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} في الركعة الثانية.


* الشرب من ماء زمزم وفضله:

20- ويُستحب لك -بعدُ- أن تشرب من ماء زمزم، وأن تصبَّ على رأسك منه، وأن تدعو بدعاء ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-؛ إذ كان يقول عند شُرب ماء زمزم: (اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشِفاءً من كل داء).
وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "
ماء زمزم لِما شُرب له"؛ فإن شربتَه لمرضك شفاك الله -بإذنه-سبحانه-، وإن شربتَه ليقطع ظمأك قطعه، وإن شربته لجوع شبعتَ؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ماء زمزم: طعام طُعم، وشفاءُ سُقم".
ويجوزُ لك أن تستحضر عند شُربك له نيَّة صالحة من خير الدنيا والآخرة؛ كالعلم النافع، أو العمل الصالح، أو الرِّزق الحلال، أو حُسن الختام والوفاة على الإيمان...


21- وبعدَ ذلك ترجعُ لتستلم الحجر الأسود، فإن لم تستطع: أشرتَ إليه قائلًا: "بسم الله، الله أكبر" -على التفصيل السابق-.
أعمال الحج
يوم الثامـ 8 ـن:
(يوم التَّروِيَة)



1- لُبس لباس الإحرام:

البسْ ثياب الإحرام من المكان الذي أنتَ فيه في مكةَ، وقِف مُستقبِلًا القِبلةَ قائلًا -لتدخلَ في الإحرام-: (
لبَّيك اللهم حَجَّة)، وقلْ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم هذه حَجَّة لا رياء فيها ولا سُمعة"، ثم ارفع صوتَك بالتَّلبية: (لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك...) -كما تقدَّم شرحُه-.


2-
المَبيت بمِنى:

اذهبْ إلى (مِنَى) بعد الشُّروق، وصلِّ خمسَ صلواتٍ -ثمةَ-؛ فتُصلِّي الظهر والعصر والعِشاء ركعتين ركعتَين قصرًا -دون جمع-.

والفجر والمغرب لا تُقصَران -إجماعًا-.

وبِتْ فيها لتُصلي الصبح هنالك.




يوم التاسـ 9 ـع
(يوم عرَفة)



3-الوقوف في عرفة:

اذهب إلى (عرفة) يوم التَّاسع بعد الشُّروق، مُلبِّيًا ومُكبِّرًا.

وصلِّ الظهر والعصر فيها قصرًا وجمْعًا -جمع تقديم بأذان واحد، وإقامتَين-بدون صلاة سُنَّة- مع الإمام؛ لتشهد خُطبته في مسجد نَمِرَة.

وبعد الخطبة وأداء صلاتَي الظهر والعصر: تنطلق إلى عرفة، فتقف موقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الصَّخرات أسفل الجبل -إن تيسَّر لك ذلك-؛ وإلا: فـ"
عرفة كلُّها موقف" -كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم-.
وتأكدْ أنك في (عرفة) وداخل حدودها؛ لأن الموقف في (عرفة) رُكن أساس؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "
الحجُّ عرفة".
وقِف مستقبِلًا القِبلة رافعًا يديْك، داعيًا اللهَ وحده.

واحذر دعاء أحدٍ من دون الله.

واستمر مُلبِّيًا ومُهلِّلًا بتهليل الرسول -صلى الله عليه وسلم- القائل: "
خير الدُّعاء دُعاء يومِ عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنَّبيُّون من قَبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير".
وقال -أيضًا-: "
أحبُّ الكلامِ إلى الله أربع: سُبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أكبر".
وابقَ على هذا الحال -ذِكرًا، ودُعاءً، وتضرُّعًا- حتى تَغرب الشمسُ.



4-
المَبيت بِمُزدَلِفة:

انزِلْ من (عرفة) بعد الغُروب بهدوءٍ متوجِّهًا إلى (مُزدَلِفة)، فإذا وصلتَها: صلِّ المغرب والعشاء قصرًا وجمْعًا -جمع تأخيرٍ بأذان واحدٍ وإقامتَين- بدون صلاة سُنَّة.

وبِتْ فيها وُجوبًا لتصلي الفجر.

وقد قال الشيخ ابن عثيمين (23/97): "مَن لم يَبِتْ في مُزدَلِفة؛ فقد عصى الله ورسولهُ"؛ فهو: "واجبٌ -على الصحيح-".

كما في "فتاوى الشيخ ابن باز (17/277).

وبعد أدائك صلاة الفجر في مُزدلفَة: تتوجَّه إلى (المَشْعَر الحرام) -وهو في مُزدلِفة-، فتستقبل القِبلة، وتدعو الله -تعالى- وتحمدُه، وتُكبِّره، وتُهلِّلُه، حتى تُسفِر الشمسُ جدًّا.

ثم تَنطلق إلى مِنى -قبل طلوع الشَّمس- لرميِ الجمرة.

وأثناء سيرك إلى مِنى: تَمُرُّ بـ(وادي مُحسَّر)، فإذا وصلتَ بطنَ الوادي أسرعتَ السَّير -إذا استطعتَ-؛ فهو الموضعُ الذي ردَّ اللهُ -تعالى- فيه كيدَ أصحاب الفيل...

ويُسمحُ للضعفاء بالانصراف بعد نصف الليل؛ ولكن: لا يجوزُ أن يَرمُوا، أو يطوفوا إلا بعد طُلوع الشَّمس.
يوم العاشـ 10 ـر
(يومُ النَّحر، وهو يوم العيد)


5-رمي جمرة العقبة الكبرى:

والأصل في حِكمة رمي الجمرات -هنا، وما بعدها- ما صحَّ عن ابن عباس -رضيَ الله عنهما-: أن النبي -صلى اللهُ عليه وسلَّم- قال: "
لمَّا أتى إبراهيمُ خليلُ الله المناسِك؛ عَرَضَ له الشيطانُ عند جمرةِ العقبة، فرماهُ بسبعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض، ثم عَرَض له عند الجَمْرة الثَّانية، فرماهُ بسبعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض، ثم عَرَضَ له عند الجَمْرة الثالثة، فرماه بسبعِ حَصَيات حتى ساخَ في الأرض".
قال ابن عباس: الشيطانَ ترجُمون، وملَّة أبيكم تتَّبعون.



(تنبيهات)

الأول: حجم حصى الجَمْرة يكون قدْر الحِمِّصة؛ (أي: بالقَدْر الذي تضعُه بين الإبهام والوُسطى) -كذا في "الشرح الممتع" (3/320)-.

الثاني
: حكمَ الشيخُ ابن عثيمين في "فتاويه" (23/264-265) ببِدعة غَسل الحصى..
مع أنه قد ورد عن بعض السَّلف غسلُه -كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (4/27).

نعم؛ لم يصح ذلك عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه الكرام -رضِي الله عنهم-.

وعدم التكلُّف أَولى.


الثَّالث
: نبَّه الشيخ ابنُ عثيمين في "الفتاوى" (23/281) على استحباب لفظ (رمي الجمَرات)، لا (رَجمِها!)؛ "وذلك لأنَّ هذا هو التَّعبير الذي عبَّر به النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-... وكلَّما كان الإنسان في لفظه مُتَّبعًا لِما في الكتاب والسُّنَّة: كان أَولى وأحسن".
قلتُ: وهذا توجيهٌ حسَنٌ؛ مع كونِ المعنى اللُّغوي واحدًا -تقريبًا-؛ فانظر "القاموس" (1435)، و"شرحه" (32/218).


الرَّابع
: أفاد الشيخ ابن عثيمين -رحمهُ اللهُ- في "فتاويه" (23/130-131) بجوازِ رمي الجمَرات مِن فوق الجِسر في الدَّور الثاني لها.
ولكن: هل ثمَّة مُفاضلةٌ بينهما؟!

قال الشيخ -رحمهُ الله- (23/276): "الأفضل أن تَنظرَ ما هو أيسرُ لك؛ فما هو أيسرُ هو الأفضل؛ لأن المهم أن تؤديَ العبادةَ بطُمأنينة وحضور قلب ويُسر".

الخامس: في "فتاوى الشَّيخ ابن عثيمين" (23/140-149) سَرْد أحد عشر خطأً يقعُ فيه عامَّة النَّاس أثناء الرَّمي؛ فلتُنظر؛ لتُحذَر.

... فاخرُج -بعد فجر يوم العيد- مِن (مُزدلِفة) قبل الشُّروق إلى (مِنى) مُلبِّيًا، وعليك السَّكينة.

وتبدأ يومك بِرمي الجمْرة الكُبرى -وهي (جمرة العقبة)- جاعلًا (مكَّة) عن يسارك، و(مِنى) عن يمينك، بسبعِ حَصيات صغيرة تأخذها مِن (مِنى)، مُكبِّرًا مع كل حصاةٍ، وذلك بعد الشُّروق، ولو إلى آخر الليل، عالِمًا بوُقوعها في حوضِ المَرمَى.

فإذا (جزمتَ) أنها لم تقعْ فيه -دون وَسواس أو تشويش!-؛ فأعِدْها.

ولا يُشترط -بل لا يُستحب!- أن تتقصَّد إصابة العَمود الشَّاخص الذي في وسط حوض الرَّمي!!

واقطعِ التَّلبيةَ بعد الانتهاء من الرَّمي.

والبَسْ ثيابَك، وتطيَّبْ، ويَحل لك كلُّ شيء إلا النساء؛ لحديث عائشة، قالت: "
طيَّبتُ رسول الله بيديَّ لحَجَّة الوداع، للحِلِّ والإحرام؛ حين أحرَمَ، وحين رمَى جمْرة العقَبة يوم النَّحر قبل أن يطوفَ بالبيت".


6-
الذبح:

اذبَح ذبيحَتَك في (مِنى) أو (مكَّة) -إما في يوم العيد، أو في أيٍّ من أيام التَّشريق الثَّلاثة التالية له-، وكُلْ منها، وأطعِمْ مَن تحب -حتى الفقراء-.

ويجوزُ لك التَّوكيل في الذَّبح؛ فتدفعُ ثمنها إلى مَن تثقُ به من الأفراد والمؤسَّسات.

فإن لم تَملك ثمنَها: فصُم ثلاثةَ أيَّام في الحج، وسبعةً إذا رجعتَ إلى أهلك.

والمرأة في ذلك كالرجل.

وهذا واجبٌ على الحاجِّ المتمتِّع -فقط-.

وأما قوله -تعالى-: {ولا تَحلِقُوا رؤُوسَكُم حتَّى يَبلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ}؛ فالمُراد به: "وقت حُلولِه؛ لا أنه يذبحه فعلًا".

كذا في "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/163).

فمَن حلَق قبل الذَّبح: فلا حرج عليه -إن شاء الله-.



7-
الحلْق:

احلِقْ شعرَك كلَّه، أو قصِّره كلَّه، والحلقُ أفضل.

والمرأة تَجمع شعرها -كلَّه-، وتقصُّ مِن طرفه بقدْر رأس الأصبع -الأُنْمُلة-.

ولا يُجزئ ما يفعله كثيرٌ من النَّاس في هذا الزَّمان من أخذ قليلٍ من الشَّعر للرجال!

فالواجبُ: أن يُعَمَّ الشَّعر كلُّه بالتقصير؛ حتى يُعرَف الرجل بأنه -حقيقةً- مُقصِّرٌ شعرَه.

وفي قول الله -تعالى-: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} فائدةٌ فقهيَّة:

فقد قال ابن عبَّاس -رضي الله عنه-: "التَّفث: الرَّمي، والذَّبح، والحلق، والتقصير، والأخذ من الشَّارب واللِّحية".

وكان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر؛ قبض على لحيتِه؛ فما فضَل أخذه. رواه البخاري (5892).

وهذا هو المراد نفسُه من أثَري ابن عبَّاس وعطاء.



8-
الطَّواف والسَّعي:

ثم توجَّه إلى مكَّة؛ فطُفْ حول الكعبة سبعًا -وهو (طواف الإفاضة)-، واسْعَ بين الصفا والمروة سبعًا -كما تقدَّم شرحُهما في (أعمال العمرة)-تمامًا-.

وبعد تمام الطَّواف والسَّعي: تحِل لك زوجتُك بعد أن كانت حرامًا بإحرامك.

وإذا لم يتيسَّر لك الطوافُ والسعي في هذا اليوم؛ فافعلْ في أيٍّ من أيام التَّشريق، فإن لم تستطع؛ ففي أيٍّ من أيام ذي الحجة.

ويَشترط (بعضُ كبار أهل العلم) لذلك: بقاء الحاج مُحرِمًا حتى يطوف طواف الإفاضة؛ لوُرُود حديث صحيح في ذلك -ولو احتِياطًا-.

والسُّنَّة -وهذا هو الأفضل بلا رَيب-: ترتيبُ أعمال يوم العيد على النحو التالي:

رمي جمرة العقبة.

فالذبح.

فالحلْق.

فطوافُ الإفاضة.

فالسَّعي للمتمتِّع -استِحبابًا-.

فإن قدَّمتَ منها شيئًا أو أخَّرتَ: جاز -إن شاء الله-؛ لقول النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: "لا حرجَ، لا حرجَ".
يوم الحادي عشـ 11 ـر -فما بعدَه-
(أيَّام التَّشريق الثَّلاثة)


9- المَبيت بمِنى للرَّمي:

ارجِع إلى (مِنى) ياني يومٍ بعد يوم العيد، وبِتْ فيها -وُجوبًا- للرَّمي -ليلتَي الحادي عشر والثاني عشر- إذا أردتَ التَّعجُّل.
ويَبدأ وقتُ الرَّمي بعد الزَّوال، ويَمتد إلى الليل.
وقد أفاد الشيخُ ابن عثيمين -رحمه الله- في "فتاويه" (22/273 و 283 و 285 و 288 و 290)، و(23/127-128)؛ بأنه لا يوجد دليلٌ يُحدد الرَّمي بالغُروب؛ بل قد صحَّ الدليل على جواز الرمي مساءً؛ قال:
"فدلَّ هذا على أن هذه العبادة لا تختص بالنَّهار، وإذ لم تختصَّ بالنَّهار: فالليل كلُّه وقت".
فارمِ الجمرات الثلاث بالتَّرتيب: مبتدِئًا بالصُّغرى بسبعِ حصياتٍ لكل جمرةٍ، تلتقطُها مِن (مِنى) -إن شئتَ- مكبِّرًا مع كلِّ حصاة، مستقبل القِبلة.
فإذا فرغتَ: تمشي قليلًا لتقف -بَعدها- أمامها -لا عن يمين، ولا عن يسار-، مُستقبلًا القِبلةَ، رافعًا يدَيكَ، داعيًا الله وحده كثيرًا طويلًا.
ثم ارمِ الجمرةَ الوُسطى بالطريقة نفسِها.
فإذا فرغتَ: تمشي قليلًا، لتقف بعدها إلى جهة الشَّمال، مُستقبِلًا القِبلة، رافعًا يدَيك، داعيًا الله وحده كثيرًا دُعاءً طويلًا.
ثم ارمِ الجمرة الكُبرى: جاعِلًا (مِنى) عن يمينك، و(مكة) عن يَسارك.
ولا تقفْ بعدَها للدُّعاء.
ارمِ الجمَرات الثلاث في اليوم الثالث من العِيد -أيضًا- كما فعلتَ في اليوم الثاني منه.
والله -تعالى- يقول: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى...}:
فإذا أردتَ التعجُّل: فإن رميَ اليوم الثالث يَسقط عنك؛ فاخرُج مِن (مِنى) قبل غُروب اليوم الثاني من أيام التشريق؛ وإلا: وجبَ عليك المَبيت في (مِنى) ورميُ الجمرات الثلاث في اليوم الثالث من أيام التشريق -كما ورد عن ابن عمر-فيما رواه عنه مالكٌ في "الموطَّأ" (1/407)-، وتكون بِفعلكَ هذا مِن المتأخِّرين نائلًا الثواب الأكثر -بإذن الله-.
ويجوز للمعذورِ أن يؤخِّر رمي اليوم الثاني من أيام العيد إلى اليوم الثالث، والثالث إلى الرابع.
ويجوزُ التَّوكيل في الرَّمي عن النِّساء الضعيفات والمرضى والضُّعفاء والصِّغار -في حالة الضرورة القصوى-.
قلتُ: ولعل أصل تجويز هذا التَّوكيل: مبني على ما صحَّ عن ابن عمر -رضيَ الله عنهما-:
أنه كان يحُج بصبيانِه، فمن استطاع منهم أن يرميَ؛ رمى، ومَن لم يستطِع؛ رمَى عنه. كما رواه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" (13843) عنه.
لكنَّ توسُّع كثير من المتوسِّعين: ليس من هذا الحق المُبين.

(فـائـدة): "من أراد الرَّمي عن غَيره؛ فله حالتَان؛ وهما:

أن يَرمي عن نفسه جميعَ الجِمار، ثم عن مُستنيبِه.
والأخرى: أن يرمي عن نفسه، وعن مُستنيبِه عند كلِّ جمرة.
وهذا هو الصَّواب؛ دفعًا للحَرج والمشقة، ولعدم الدَّليل الذي يوجِب خِلاف ذلك".
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مَنسكِه" (ص85):
"ويُستحب ألَّا يدَع الصَّلاة في مسجد مِنى -وهو مسجد الخَيف- مع الإمام؛ فإن النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- وأبا بكر وعُمر كانوا يُصلُّون بالنَّاس قصرًا بلا جمْعٍ بمِنى، ويقُصر الناسُ كلهم خلفَهم -أهلُ مكة، وغير أهل مكة".


10- طواف الوداع:
وهو واجب لغير الحائض والنُّفساء، ويكون السَّفر بعدَه مباشرة -ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-.
فإذا خرجتَ من الحرَم؛ فقدِّم رِجلَك اليُسرى قائلًا: "اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمد، اللهمَّ إني أسألكَ مِن فضلك".
وإذا أردتَ مُغادرةَ مكة؛ فارحلْ كما ترحلُ مِن أي بلدٍ.
وكذلك مغادرتك المسجد الحرام؛ تكون بلا تكلُّف؛ كما تُغادر أي مسجد.
فإذا سافرتَ ووصلتَ بلدك: فابدأ بالمسجد؛ فصلِّ فيه ركعتَين؛ شُكرًا لله -سبحانه- على ما منَّ به عليك مِن نعمة العمل الصالح والعافية والسَّلامة.
الدِّماءُ في الحجِّ



يقول الله -تعالى- في بيان أثر ما يتقرَّب به إليه عِبادُه فيما يذبحونه مِن ذبائح له -سبحانَه-: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}.
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (10/70):

"يقول -تعالى-: إنما شرع لكم نَحر هذه الهدايا والضَّحايا؛ لتذكُروه عند ذبحها؛ فإنه الخالق الرازق؛ لأنه لا ينالُه شيء من لُحومِها ولا دمائها؛ فإنه -تعالى- هو الغني عما سواه.

وقد كانوا في جاهليَّتهم -إذا ذبحوها لآلهتِهم- وضعوا عليها من لحوم قرابينِهم، ونضحوا عليها مِن دمائها، فقال -تعالى-: {
لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا}".

أقول:


والواردُ في دماء الحج خمسةُ أنواع
:

1-
دم التمتُّع والقِران:

قال -تعالى-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}.
وقد تقدَّم بيان أحكامهما.



2-
دم الفِدية:

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- في "شرح العُمدة" (2/574): "الأصلُ في هذه الفِدية قولُه -سبحانه-: {
فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}؛ فأباح الله -سبحانه- الحَلْق للمريض، ولمَن في رأسه قَمل يُؤذيه، وأوجبَ عليه الفِدية المذكورة.
وفسَّر مقدارَها رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- كما في حديث كعبِ بن عُجْرة -وهو الأصل في هذا الباب-، فقال له: "
فاحلِقْ، واذبَح، أو صُم ثلاثة أيَّام، أو تصدَّق بثلاثة آصُعٍ -جمع (صاع)- بين سِتَّة مساكين".
وقد أجمع المسلمون على مثل هذا.

وتقديرُه -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- لِما ذُكر في كتاب الله مِن صيام، أو صدقة، أو نُسُك: مثل تقديرِه لأعداد الصلاة وللركعات والأوقات وفرائض الصَّدقات ونُصُبِها، وأعداد الطَّواف والسَّعي والرَّمي وغير ذلك؛ إذْ كان هو المُبيِّن عن الله معاني كِتابِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-".



3-
دمُ الجزاء:

قال -تعالى-: {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}.
وهذا في صيد البر -فقط-.

وأمَّا صيد البحر؛ فجائز -دون أي جزاء-.

ولا يجوز لمَن عليه دم الجزاء أن يأكل من ذبيحتِه؛ لما ورد من النهي عن ذلك في قول ابن عبَّاس -رضي الله عنهُما-.



4-
دم الوطء:

وهو دمٌ واجبٌ على الحاج إذا جامع أهله أثناء إحرامِه.

وقد أجمع العلماء على إيجاب الهَدْي -بِبَدَنةٍ: إبل أو بقرة- على مَن هذا حالُه.

وقد نقل ذلك ابنُ المُنذِر في "الإجماع" (رقم144).

وقال الإمامُ ابنُ قُدامة في "المغني" (3/544): "وأما مَن أفسد حَجَّه بالجماع: فالواجب فيه بدَنَة -بقول الصحابة المنتشِر الذي لم يَظهر خلافُه-، فإن لم يجدْ: فصيامُ ثلاثة أيَّام في الحج، وسبعة إذا رجعَ -كصيام المُتعة-".



5-
دم الإحصار:

وهو الدم الذي يجبُ على الحاج لانحِباسِه عن إتمامِ المناسِك -بعضًا، أو كُلًّا-، وعدم تمكُّنه من أدائِها؛ لمَرضٍ أو عدو -أو نحو ذلك-.

وهذا إذا لم يكنْ قد اشترط عند إحرامِه؛ بقوله: "
اللهم مَحِلِّي حيث حبسْتَني".
قال الله -تعالى-: {
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.
ومن العلماء من خصَّ (الإحصار) بسبب العدو!

والصواب العموم؛ فقد قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة في "الاختيارات" (119): "والمُحْصَر -بمرضٍ أو ذهاب نفقةٍ- كالمُحصَر بعدُوٍّ".

وفي "صحيح البخاري" (1809) عن ابن عباس -رضيَ اللهُ عنهما- قال: أحصِرَ رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلَّم-، فحلَق رأسَه، وجامع نساءَه، ونحر هدْيَه؛ حتى اعتمر عامًا قابلًا.

وقد بيَّن الشيخُ ابنُ عثيمين -رحمةُ اللهِ عليهِ- في "فتاويه" (23/437) أن على (المُحصَر) أن "يتحلَّل، ويذبح هدْيَه -إذا تيسَّر-، ويَحلق، وينتهي نُسكُه.

ثم عليه إعادة الحج -من جديد- في العام القادم إذا كان لم يُؤدِّ الفريضة؛ فإن كان قد أدَّى الفريضة: فالصَّحيح أنه لا يجبُ عليه الإعادة".

وفي "صحيح البخاري" (1701)، و"صحيح مسلم" (1321) عن عائشة، قالت: "
أَهدَى النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- مرَّةً غنمًا".
وموضِع ذبحِ هدْي الإحصار: هو المكان الذي فيه صاحبُه -دون تكلُّف-.


وأما:


الدَّم لتَركِ نُسُك
-ما لم يكن رُكنًا-، أو لارتِكاب محظور -فيما لا نصَّ فيه-:


فقد روى الإمام مالكٍ في "الموطَّأ" (1035) بسند صحيح: عن ابن عباس -رضيَ اللهُ عنها- قولَه: "
مَن نسيَ مِن نسُكه شيئًا -أو ترَكه-؛ فليُهرِقْ دمًا".
وقال الحافظ ابنُ الملقِّن في "البدر المُنير" (6/92):

"(أو) ليست للشكِّ؛ بل للتقسيم، و المراد: يُريق دمًا -سواء ترَكه عمدًا، أم سهوًا-".

قلتُ: ينفي قولَه: "سهوًا" -ومثله الجاهل- ما رواه البخاري (1536) ومسلم (1180): عن يَعلَى بن مُنيَة، أنه قال لعمر -رضيَ الله عنه-: أرِني النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- حين يُوحَى إليه، قال: فبينما النبيُّ -صلى الله عليهِ وسلَّم- بالجعْرانة -ومعه نفر من أصحابه- جاءه رجل، فقال: يا رسول الله؛ كيف ترى في رجلٍ أحرمَ بعُمرة وهو متضمِّخ بطيب؟

فسكت النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ساعةً، فجاءهُ الوحي، فأشار عمر -رضيَ الله عنه- إلى يَعلى، فجاء يَعلَى -وعلى رسول الله-صلى اللهُ عليه وسلم- ثوبٌ قد أُظِلَّ به- فأدخل رأسَه، فإذا رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مُحمَرُّ الوجه -وهو يَغِطُّ-، ثم سُرِّي عنه، فقال: "
أين الذي سأل عن العُمرة؟"، فأتى الرجل، فقال: "اغسِل الطيبَ الذي بكَ ثلاث مرات، وانزِع عنك الجُبَّة، واصنعْ في عمرتك كما تصنعُ في حجَّتِك".
قلتُ لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: نعم.

وقد قال الحافظ ابن حجرٍ في "فتح الباري" (3/395):

"واستُدل به على أن مَن أصابه طِيبٌ في إحرامِه -ناسيًا، أو جاهِلًا-، ثم علِم، فبادر إلى إزالته؛ فلا كفارة عليه".

قلتُ: ومثله -لزومًا- لُبس ثوبِه، و عدم لُبسه لباس الإحرام -من إزارٍ ورداء-كما هو وارد في لفظ الحديث نفسه-.




(الخلاصة):



فحُكم الوجوب -إذًا- لاحقٌ المتعمِّدَ -حسبُ-.

أما الناسي والجاهل: فليس عليه في ذلك إثم، ولا كفَّارة -إن شاء الله-تعالى-.

وبِذا؛ لا نضرب النُّصوص بعضَها ببعض؛ وإنما نجمعُها، ونوالف بينها.

والله الموفِّق -لا ربَّ سواه-.



الخاتِمـة
-نسأل الله حُسنَها-

هذا آخر ما تيسَّر لي ذِكرُه من أحكام (حج التمتُّع) في هذا الكتاب؛ سائلًا الله -سبحانه وتعالى- أن يَتقبَّل منا -جميعًا- العمل الصالح، ويرزقنا العلم النافع.

وصلى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.







وكتبَه......................
علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد......
الحلبي الأثري...................
الأردن الزرقاء................
ضحى يوم الجمعة، غُرة ذي القعدة سنة1425هـ
قام باختصاره الأخت (أم زيد ).
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 10-16-2012, 02:41 PM
عبدالله اليازوري السلفي عبدالله اليازوري السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الاردن
المشاركات: 398
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوالأشبال الجنيدي الأثري مشاهدة المشاركة
وهذا رابط الكتاب من موقع شيخنا ـ حفظه الله ـ جزى الله خيرا القائمين عليه .


هنــــــــــــــــــــا




جزاك الله خيرا اخي الكريم
__________________
لاتظلمن اذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه الى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعوا عليك وعين الله لم تنم

رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 09-27-2013, 11:09 PM
عبدالله اليازوري السلفي عبدالله اليازوري السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الاردن
المشاركات: 398
افتراضي

للرفع والتذكير
__________________
لاتظلمن اذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه الى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعوا عليك وعين الله لم تنم

رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 09-27-2013, 11:12 PM
عبدالله اليازوري السلفي عبدالله اليازوري السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الاردن
المشاركات: 398
افتراضي

نرجوا من شيخنا اعادة طبع الكتاب لانه غير متوفر في المكتبات
__________________
لاتظلمن اذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه الى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعوا عليك وعين الله لم تنم

رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 04-07-2014, 11:26 AM
السلفي السطائفي السلفي السطائفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: سطيف حرسها الله من كل مكروه
المشاركات: 167
افتراضي

الهم احفظ شيخنا ووفقه لنشر العلم في زمن كثر فيه القيل والقال
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.