أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
58023 104572

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-19-2017, 08:19 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي دورة تدريس علوم الحديث للشيخ صادق بن محمد البيضاني ( متجدد)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،أما بعد
فهذه سلسلة دورة علوم الحديث الشرعية لشيخنا الشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني
وستكون على شكل حلقات .(أبو خزيمة الفضلي)
دورة تدريس علوم الحديث

الحلقة (1 )
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
المبادئ الأساسية لعلم مصطلح الحديث

وهي المقاصد المهمة التي تُبنى عليها بعض الحقائق، وقد نظمها الصبَّان بقوله:
إِنَّ مَبَادِئَ كُلِّ فَنٍ عَشَـــرَه الحدُّ والموضوعُ ثم الثَّمـــره
ونسبةٌ وفضلهُ والواضـــعْ والاسمُ واسْتمدادُ حكمُ الشــارعْ

مسائلٌ والبعضُ بالبعض اكتفى ومَن درى الجميعَ حاز الشرفــا
وأقول :
حد " مصطلح الحديث" : العلم الذي يبحث في حال الراوي والمروي من حيث القبول والرد.
ولذا فهو مقدمة لعلم الحديث الذي ينقسم إلى نوعين :
الأول علم الحديث رواية : وهو علم يختص بنقل الخبر وضبطه وتحرير ألفاظه وتدوينه.
وواضع هذا النوع على المشهور : الحافظ أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، المتوفى عام 124هـ ، حيث جمع سنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ودونها بأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، لكن كتابه الذي جمعه مفقود ، ثم تلاه أئمة الإسلام كالإمام مالك وعبد الرزاق الصنعاني وابن جريج وغيرهم كثير.
النوع الثاني علم الحديث دراية : وهو علم يبحث في حقيقة نقل الرواية وشرطها ونوعها وحكمها وحال ناقلها وشرطه وأنواع مروياته وفقهها.
وواضع هذا النوع : القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الفارسي الرامهرمزي المتوفى عام 360هجرية ، وقد ألف فيه كتابه الموسوم بـ: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي.
ولتوضيح النوعين السابقين يمكن وضع هذا المثال :
قال الإمام البخاري في صحيحه : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول : سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :" إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
فسند الحديث يبدأ بالحميدي وينتهي بعمر بن الخطاب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومتن الحديث يبدأ بقوله "إنما" وينتهي بقوله " هاجر إليه".
فعلم الحديث دراية : يبحث في هذا الخبر وأمثاله من حيث نقله بحدثنا وأخبرني وعن وقال وسمعت ونحوها ، وشروط من ينقل أو يروي مثل هذه الرواية من حيث أنه سمعه أو أخذه بالعرض أو الإيجازة، ونوع هذه الرواية من حيث الاتصال أو الانقطاع.
وحكم هذا الخبر هل هو حديث صحيح أو ضعيف.
وحال رجال السند هل هم ثقات أم لا.
كما يناقش شروط التحمل والآداء للرواية وأنواع المرويات من مرفوع وموقوف ومقطوع مع شرح الحديث وفقهه، هذا كله يختص بعلم الحديث دراية.
أما علم الحديث رواية : فيختص بنقل مثل هذا الخبر كما فعل البخاري ، فإنه نقل هذا الحديث عن شيخه الحميدي وضبط لفظه وأودعه كتابه وهذا هو علم الحديث رواية ، فهو يختلف تماماً عن علم الحديث دراية.
موضوع علم الحديث رواية : جمع ما جاء عن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- من الأحاديث مع ضبط ألفاظها ورواياتها.
وأما موضوع علم الحديث دراية فـ: دراسة حال الراوي والمروي.
ثمرة علم المصطلح : تمييز الأخبار الواردة من حيث الصحة والضعف.
نسبته : ينسب هذا الفن إلى علوم الشريعة الاصطلاحية.
فضله : يتمخض فضله في الحفاظ على أحاديث رسول الله –عليه الصلاة والسلام- ، التي بمعرفتها على أسس صحيحة نتوصل إلى فهم الشريعة وشؤونها المختلفة ، وكما يقال : شرف العلم بشرف
المعلوم.
استمداده : من أحوال السند والمتن درايةً ، ومن أقوال وأفعال وتقارير وصفات رسول الله -عليه الصلاة والسلام- روايةً.
حكمه : فرض كفاية ، إن قام به البعض سقط الإثم عن البعض الآخر ، ويتعين عند الانفراد حتى يتميز الصحيح من الضعيف.
مسائله : قواعده المختلفة وقضاياه الحديثية.
وللكلام بقية أستأنفه في حلقة قادمة بإذن الله، وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-22-2017, 02:21 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي دورة تدريس علوم الحديث الحلقة (2) بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

دورة تدريس علوم الحديث
الحلقة (2)
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
تعريفات أولية
هناك بعض المفردات المهمة التي يجب على طالب الحديث أن يعرفها لكونها تتردد عليه كثيراً عند الخوض في غمار هذا الفن، ويمكن ذكرها على سبيل الإيجاز فأقول، وبالله التوفيق :
الحديث لغة : بمعنى الجديد ، ويرد بمعنى الكلام ومنه قوله –تعالى- :" ومَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً"([1]).
واصطلاحاً : ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ خُلُقية أو خلْقية.
مثال القول :
قوله -عليه الصلاة والسلام- :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "([2]).
ومثال الفعل :
صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام- المنقولة إلينا بواسطة صحابته الكرام -رضي الله عنهم- ، ومن ذلك حديث أبي حميد الساعدي قال : " كنت أحفظكم لصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه .. "([3]).
مثال التقرير :
إقراره -عليه الصلاة والسلام- للصحابة بأكل لحم الخيل([4]) والحمار الوحشي([5]) والضب([6]) من غير إنكارٍ عليهم.
مثال صفاته الخُلقية :
ما جاء في حسن خلقه وأدبه -عليه الصلاة والسلام- ، ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك قال : " خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين والله ما قال لي أفٍ قط، ولا قال لي لشيء لِمَ فعلت كذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟"([7]).
مثال صفاته الخَلْقية :
ما كان مجبولاً عليه من حيث الخِلْقة أو الهيئة، ومن ذلك ما رواه البراء -رضي الله عنه- قال : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً مربوعاً ، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه"([8]).
والأثر لغة : البقية.
واصطلاحاً : ما أضيف إلى الصحابي أو دونه من أهل القرون المفضلة سواء كان قولاً أو فعلاً ، تقريراً أو صفة خلقية أو خلْقية.
وقيل : مرادف للخبر ، فيطلق على المرفوع والموقوف ، وفقهاء خراسان يسمون الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر.
وسيأتي تعريف الخبر إن شاء الله.
والسنة لغة : الطريقة.
واصطلاحاً : تطلق في الأكثر على ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ، فهي مرادفة للحديث ، وقال بعضهم : تعم الحديث والأثر.
وقد تطلق على ما عليه الكتاب والسنة معاً، أو ما استقر عليه عمل الصحابة، وتارة على ما يقابل البدعة، وعند بعض الفقهاء : على ما ليس بواجب، والمشهور عند المحدثين الأول.
والخبر لغة : النبأ.
واصطلاحاً : يطلق على المرفوع وغيره فيشمل ما أضيف إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ، وما أضيف إلى غيره كالصحابة والتابعين ، وعليه يسمى كل حديثٍ خبراً ، ولا يسمى كل خبرٍ حديثاً.
وخص بعضهم الحديث بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ، والخبر بما جاء عن غيره فيكون الحديث مبايناً للخبر.
وقال آخرون : هو مرادف للحديث.
والأول أصح ما قيل فيه.
والمتن لغة : مأخوذ من المتانة بمعنى الصلابة.
واصطلاحاً : ما ينتهي إليه السند من القول أو الفعل أو التقرير أو الصفة خَلْقية أو خُلُقية.
وسمي بذلك لكون الراوي يقويه بذكر السند.
والسند لغة : مأخوذ من الاستناد بمعنى الاعتماد.
واصطلاحاً : ما اشتمل على رواة الحديث.
وسمي بذلك : لأن الناقل يستند إليه في ذكر المتن.
وهو قسمان : عالٍ ونازل.
فالعالي : ما قلَّ رجال إسناده، فإن قلُّوا إلى رسول الله –عليه الصلاة والسلام- فيسمى بالعلو المطلق، وإن قلُّوا إلى إمام كبير القدر كالإمام أحمد وغيره من الحفاظ فيسمى بالعلو النسبي.
وأما السند النازل : فهو ما كثر رجال إسناده .
وليس مذموماً، ولكن كلما قلَّ رجال السند كان قليل النقد، وهذا غالباً.
فإذا وُجِدَ سند نازل صحيح الإسناد، وآخر عالٍ دونه في الصحة قُدِّم النازل على العالي لأن الاعتبار الصحة ليس غير.
وبذا فالسند غير الإسناد لأن معنى الإسناد : رفع الحديث إلى قائله.
وهو ثلاثة أقسام :
الأول : المرفوع ، ويسمى بالحديث المُسنَد وهو ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سواء كان قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفة خُلُقية أو خلْقية.
وسمي بذلك لارتفاع شأنه ونسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- .
الثاني : الموقوف : وهو قول الصحابي أو فعله أو تقريره أو صفته.
الثالث : المقطوع : وهو قول التابعي أو فعله أو تقريره أو صفته.
والصحابي هو : مَنْ لقي النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤمناً به ومات على ذلك ولو تخللته ردته.
والتابعي : من لقي الصحابي رضي الله عنه مؤمناً ومات على ذلك.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
_____
([1]) سورة النساء ، الآية رقم (87).
([2]): أخرجه البخاري في صحيحه ( كتاب الإيمان ، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (1/ 13 رقم 10) واللفظ له ، ومسلم في صحيحه ( كتاب الإيمان ، باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (1/ 65 رقم 41 ) .
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه ( كتاب صفة الصلاة ، باب سنة الجلوس في التشهد وكانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل وكانت فقيهه (1/ 284 رقم 794 ) من رواية محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي مرفوعاً.
([4]) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل" متفق عليه.
([5]) عن أبي قتادة" : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجاً فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة فقال ( خذوا ساحل البحر حتى نلتقي ) ، فأخذوا ساحل البحر ، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أُتَاناً ، فنزلوا فأكلوا من لحمها " متفق عليه.
([6]) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطاً وسمناً وأضباً فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الضب تقذراً ، قال ابن عباس : فأُكِل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان حراماً ما أُكِل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم" متفق عليه.
([7]) متفق عليه.
([8]) متفق عليه.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-26-2017, 06:46 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

دورة تدريس علوم الحديث

الحلقة (3)

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
درجات رجال الحديث


وتعدادها على المشهور أربع درجات :

الأولى : المُسْنِد وهو راوي الحديث الذي يسند حديثه بذكر السند ممن سمعه إلى نهاية السند.

الثانية : المُحَدِّث : وهو العالم بالحديث روايةً ودرايةً.

الثالثة : الحافظ : وهو المحدث لكنه يزيد عنه بكثرة حفظ الروايات سنداً ومتناً.

الرابعة : الحاكم : وهو من أحاط بجميع الأحاديث روايةً ودرايةً بحيث لا يخفى عليه إلا ما ندر.

وليس من هذه الدرجات الثقة والمجروح ونحوهما وسيأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى عند ذكر مراتب الجرح والتعديل، إذ قد يكون المُسْنِد أو المُحَدِّث أو الحافظ أو الحاكم موصوفاً بنوع جرح مع بقاء درجته العلمية السالفة الذكر.

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-26-2017, 06:51 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

دورة تدريس علوم الحديث

الحلقة (4 )

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
مراحل تدوين الحديث وعلومه

لقد كان الناس على عهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يتلقون الأحاديث منه مباشرةً ، وكان الصحابة آنذاك فريقين قوم يحفظونه عن ظهر قلب وهم الأكثر ، وآخرون يكتبونه ويدونونه في الصحف.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه (كتاب الزهد والرقائق ، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم (4/ 2298 رقم 3004)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه".

قال القاضي [ عياض ]: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثيرون منهم وأجازها أكثرهم ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف ، واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي ، فقيل هو في حق من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة إذا كتب وتحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه كحديث :" اكتبوا لأبي شاة" ، وحديث صحيفة علي -رضي الله عنه- ، وحديث كتاب عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات ، وحديث كتاب الصدقة ونصب الزكاة الذي بعث به أبو بكر -رضي الله عنه- أنساً -رضي الله عنه- حين وجهه إلى البحرين ، وحديث أبي هريرة :" أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب " وغير ذلك من الأحاديث ، وقيل إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث ، وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن فلما أمن ذلك أذن في الكتابة ، وقيل : إنما نهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ"([1]) اهـ.

ولما مات -عليه الصلاة والسلام- ظل الناس يتناقلونه جيلاً بعد جيل بهاتين الطريقتين حتى ظهرت مدرسة الرأي وبدأ الكذب يظهر في حديث رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من ضعاف النفوس والمندسين في صفوف المسلمين فخشي أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز من خطر ذلك فدعا إلى تدوين الحديث النبوي وجمعه في كتاب أو كتب مستقلة ، فتصدر لذلك رجلان حافظان هما أبو بكر ابن حزم ، ومحمد بن مسلم الزهري ، وكان الظفر في هذا الميدان للزهري وذلك في بداية المائة الثانية.

ثم تسابق المحدثون في هذا القرن إلى تدوين كل ما وقفوا عليه من الأحاديث والآثار دون أن يفردوا الأحاديث على حده، بل جمعوا الحديث ممزوجاً بأقوال الصحابة والتابعين.
فظهر في هذا القرن الإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج البصري المتوفى سنة 155هـ وكتابه يُعد بعد كتاب الزهري أول مصنف في علم الحديث واسمه "السنن" ، ثم تلاهما ربيع بن صبيح السعدي البصري من أتباع التابعين المتوفى سنة 160هـ ، ثم صنف سفيان بن عيينة ومالك بن أنس بالمدينة المنورة ، وعبد الله بن وهب بمصر ، ومعمر وعبد الرزاق باليمن ، وسفيان الثوري ومحمد بن فضيل بن غزوان بالكوفة ، وحماد بن سلمة وروح بن عبادة بالبصرة ، وهشيم بواسط ، وعبد الله بن مبارك بخراسان.

وكان مطمح نظرهم ومطرح بصرهم بالتدوين ضبط معاقد القرآن والحديث ومعانيهما ، ثم دونوا فيما هو كالوسيلة إليهما كغريب الحديث والناسخ والمنسوخ والجرح والتعديل ونحوها .

وفي أوائل القرن الثالث : ظهرت فكرة تجريد الحديث الصحيح وإفراده بالتدوين.
فظهر شيخ الإسلام وحسنة الأيام محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256 هجرية، فألف كتابه الموسوم بـ " الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسننه وأيامه" في الحديث الصحيح المجرد، وهو أول من ألف في ذلك ، ثم تلاه تلميذه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري المتوفى سنة 261هجرية - فألف كتابه الصحيح حيث حذا فيه حذو البخاري ، ثم تسابق العلماء فأفردوا كتباً كثيرة في الأحاديث وأخرى في الآثار.

ولما جاء القرن الرابع غلب على أعلامه تهذيب تلك الكتب
المؤلفة وتبويبها والاعتناء بها وجمع ما اشتملت عليه من الأحكام والفوائد ونحو ذلك.

ويظهر أن مرحلة تدوين أصول الحديث انتهت بنهاية هذا القرن.

وفي هذا القرن بدأ الاهتمام بوضع قواعد مصطلح الحديث فظهر شيخ الإسلام القاضي أبو محمد الرامهرمزي المتوفى عام 360هجرية وألف فيه كتابه : المحدث الفاصل بين الراوي والواعي.

قال الحافظ ابن حجر : " لكنه لم يستوعب ، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري لكنه لم يهذب ولم يرتب ، وتلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجاً ، وأبقى أشياء للمتعقب ، ثم جاء الخطيب أبو بكر البغدادي فصنف في قوانين الراوية كتاباً سماه " الكفاية " وفي آدابها كتابه " الجامع لآداب الشيخ والسامع " وقلَّ فن من فنون الحديث إلا وقد صنَّف فيه كتاباً مفرداً ، ثم جاء بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصيب فجمع القاضي عياض كتاباً لطيفاً سماه " الإلماع إلى أصول الرواية والسماع " ، وأبو حفص الميَّانجي جزءً سماه " ما لا يسع المحدث جهله " إلى غير ذلك من التصانيف التي اشتهرت وبُسِطت واخْتُصِرت إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فجمع لمَّا وَلِي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور " المقدمة" فهذب فنونه وأملاه شيئاً بعد شيء ، فلهذا لم يتناسب وضعه ، واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة فجمع في كتابه ما تفرق في غيره ، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره ما بين ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومنتصر ومعارض له ومقتصر"([2]).

إلى أن جاء الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني المصري فلخَّص المهم من هذا الاصطلاح مما جمعه في كتابه الحافظ ابن الصلاح مع فرائد ضُمَّتْ إليه وفوائد زيدت عليه في أوراق قليلة هي في نفسها جليلة سماها " نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر" ثم شرحها بكتاب سماه " نزهة النظر " ، كما ألف كتاب " النكت على مقدمة ابن الصلاح" وكتباً أخرى في الطبقات والرجال والشروح واهتم اهتماماً بالغاً بعلوم الحديث حتى صار الناس عيالاً عليه في هذه الصناعة إلى يومنا هذا.

وبهذه المقدمة التاريخية الموجزة يتبين أن مراحل تدوين الحديث أو علم الحديث روايةً متقدمة عن مراحل علم الحديث دراية.
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.
______

([1]) أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي ، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1392هـ (18/ 129).
([2]) ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ، نزهة النظر شرح نخبة الفكر ، مكتبة طيبة ، المدينة ، الطبعة الأولى ، 1404هـ ، (ص16،17) بتصرف.…
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-29-2017, 01:52 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

دورة تدريس علوم الحديث

الحلقة (5)

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

شبهة حول الإمام المحدث الزهري:

أثار بعض المستشرقين شبهةً حول تدوين السنة، فقالوا : المؤرخون المسلمون يقولون إن السنة لم تدون إلا في عهد الحافظ محمد بن مسلم الزهري وبين الزهري ومحمد -عليه الصلاة والسلام- أكثر من مائة عام ، فكيف تكون السنة محفوظة والزهري لم يدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- ؟!

والجواب : أنها شبهة داحضة من عدة جهات :

االجهة الأول : أن روايات الزهري كانت سماعاً بواسطة مشايخه التابعين عن الصحابة بالأسانيد المحفوظة ، ولم يرو عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، كما روى عن تابع التابعين ومنهم بعض تلامذته عن التابعين عن الصحابة، وروى عن بعض الصحابة مباشرة لكونه ادرك بعضهم كأنس وسهل وهذا قليل.

الثانية : أن بعض الصحابة كما تقدم في الحلقة الرابعة كانوا يكتبون، ومنهم من يحفظ ، فينقل عنهم التابعيون كتابة أو مشافهة ، وعن التابعين أو تابعيهم أخذ الزهري وغيره، كما روى عن بعض الصحابة مباشرة لكونه ادرك بعضهم كأنس وسهل كما تقدم.

الثالثة : أن الزهري إنما روى بعض مسموعاته ولم يرو أحاديث السنة كلها ، فهناك الكثير من الروايات الصحيحة التي هي عن غير الزهري.

الرابعة : أن الكتاب الذي قيل إن الزهري جمعه مفقود ، ولو كان محفوظاً لما كان هو السنة دون غيره من الأحاديث باتفاق المحدثين.

وهذا يعني أن السنة حفظها أئمة كثيرون ، وتناقلوها كتابةً ومشافهةً بأسانيد متصلة ، وأن الزهري إمام من أولئك الأئمة ، جمع ما وقف عليه من المرويات ولم يجمع سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- كلها ولم يتفوه بذلك إمام معتبر ، فبئس ما قال المستشرقون.

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-03-2017, 07:00 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي دورة تدريس علوم الحديث الحلقة (6) بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

دورة تدريس علوم الحديث
الحلقة (6)

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
طرق جمع الحديث النبوي وأنواع الكتب المؤلفة فيه

استعمل المحدثون أربعة طرق في جمع الأحاديث :

الأولى : جمع الأحاديث وآثار الصحابة والتابعين ممزوجة مع بعضها.

وأرباب هذه الطريقة كثيرون منهم ابن جريج وله كتاب " السنن" ومالك وله " الموطأ " وعبد الرزاق الصنعاني وله " المصنف" وغيرهم.

الثانية : إفراد الأحاديث في كتب مستقلة كمسند أحمد بن حنبل ، وكتب أصحاب السنن الأربعة.

وأصحاب هذه الطريقة لا تخلو كتبهم من ذكر بعض الآثار إلا أنها قليلة بالنظر إلى كثرة الأحاديث.

الثالثة : إفراد الآثار في كتب مستقلة ككتاب السنن لسعيد بن منصور.
إذ أغلب مروياته آثار.

الرابعة : جمع الحديث الصحيح المجرد على حده، ككتاب صحيح البخاري ومسلم.

وهذا بالنظر إلى الجمع والتأليف ، وأما بالنظر إلى التقسيم

والتبويب فلهم أربعة طرق أيضاً :
الأولى : طريقة الأبواب الفقهية وذلك بذكر الأحاديث حسب الأبواب الفقهية كما فعل أصحاب الكتب الستة.

الثانية : طريقة المسانيد ، وذلك بذكر أحاديث كل صحابي على حِدَه بحيث يتقدمهم أعلاهم في الفضل فما دون كتقديم أحاديث العشرة المبشرين بالجنة على غيرهم كما فعل أحمد وأبو يعلى الموصلي والطيالسي في مسانيدهم.

الثالثة : طريقة المعاجم وذلك بترتيب الكتاب على أسماء الصحابة حسب المعجم ، وقد يتقدمهم ابتداء أعلاهم في الفضل فما دون كتقديم أحاديث العشرة المبشرين بالجنة على غيرهم ، ثم حسب المعجم كما فعل الطبراني في الكبير أو بترتيب الكتاب على أسماء الشيوخ كما فعل في الأوسط والصغير.

الرابعة : طريقة الأجزاء ، كإفراد أحاديث صحابي أو مسألة ونحو ذلك ، كصحيفة همام في روايته لأحاديث أبي هريرة ، وككتاب الزهد لابن المبارك ، وجزء الفاتحة للإمام البخاري.

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-08-2017, 01:06 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي أقسام الخبر باعتبار وصوله إلينا

دورة تدريس علوم الحديث
الحلقة (7)

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

أقسام الخبر باعتبار وصوله إلينا
ينقسم الخبر باعتبار وصوله إلينا إلى متواتر وآحاد.

أولاً المتواتر : وهو لغةً من التواتر بمعنى التتابع.
واصطلاحاً : الخبر الذي يرويه جمع عن جمع ، يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب ، ويكون مستند خبرهم الحس كحدثنا وأخبرنا.

وشروطه أربعة :
الأول : أن يكون الإخبار عن علمٍ لا ظن.
الثاني : أن يكون الجمع في كل طبقة من غير حد لعددهم.
الثالث : أن يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب.
الرابع : أن يكون مستند خبرهم الحس كحدثنا وأخبرنا.
فإذا حصلت هذه الشروط أفاد العلم اليقيني.

والتواتر نوعان : لفظي ومعنوي.
فالمتواتر اللفظي : ما تواتر لفظه كحديث " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ".

فإنه رواه نيف وستون من الصحابة منهم العشرة ، والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما.
وحديث " نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها "([1]) فإنه مروي عن نحو ثلاثين صحابياً.

ومنها " إن القرآن أنزل على سبعة أحرف " فإنه مروي عن سبع وعشرين صحابياً ، والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما.
والمعنوي : ما تواتر بمعناه كأحاديث رفع اليدين في الدعاء فقد
ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- نحو مائة حديث فيها " أنه رفع يديه في الدعاء " وهي في قضايا مختلفة ، فكل قضية منها لم تتواتر بعينها ، ولكن القدر المشترك فيها وهو الرفع عند الدعاء متواتر باعتبار المجموع.
وقد ألفت في الأحاديث المتواترة مجموعة من الكتب منها : كتاب الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي ، ومنها كتاب : نظم المتواتر للكتاني.

ثانياً : الحديث الآحاد ، جمع واحد ، وهو لغة : ما يخبر به شخص واحد.
واصطلاحاً : ما كان دون المتواتر كأن يفقد شرطاً فأكثر من شروط التواتر.
وأكثر الأحاديث من سبيل الآحاد ، ولا يلزم منها الصحة فمنها الصحيح وغيره.
وأقسامه ثلاثة : مشهور وعزيز وغريب.
وسيأتي بيانها بمشيئة الله في اللقاء القادم.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
______ا

([1]) أخرجه ابن ماجه بلفظه في سننه (افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم ، باب من بلغ علماً (1/ 86 رقم 236) من حديث أنس بن مالك مرفوعاً ، والحديث أخرجه بمعناه الأربعة إلا النسائي.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-18-2017, 03:08 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي أقسام الحديث الآحاد

دورة تدريس علوم الحديث

الحلقة (8)

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

أقسام الحديث الآحاد

ينقسم الحديث الآحاد إلى ثلاثة أقسام، وهي : مشهور وعزيز وغريب.

أولاً : المشهور وهو مأخوذ في اللغة من الشهرة.

واصطلاحاً: ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة ولم يبلغ حد التواتر.

فالحد الأدنى ألا يقل عن ثلاثة في جميع طبقات الرواة ، ولا مانع من الزيادة في بعض طبقات الرواة.

ويسمى عند بعضهم، وخاصة الفقهاء بالمستفيض.

مثال المشهور : حديث " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يَبق عالمٌ اتخذ الناس رؤساً جهالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "([1]).

وهذا المثال باعتبار رجال إسناده ، وأما باعتبار شهرته كحديث منقول فإنه ينقسم عند المحدثين إلى أربعة أقسام :

الأول : مشهور صحيح كالحديث السابق : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلماء "وأمثاله من الأحاديث.

الثاني : مشهور غير صحيح كحديث : " يوم نحركم يوم فطركم "([2]).

الثالث : مشهور بين أهل الحديث وغيرهم كقوله -صلى الله عليه وسلم- "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"([3]) وأمثاله من الأحاديث.

الرابع : مشهور بين أهل الحديث خاصة دون غيرهم كرواية محمد بن عبد الله الأنصاري عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " قنت شهراً بعد الركوع يدعو على رَعْل وذكوان "([4]).

فهذا مشهور بين أهل الحديث ، ومخرج في الصحيح ، وله رواة عن أنس غير أبي مجلز ، ورواه عن أبي مجلز غير التيمي ورواه عن التيمي غير الأنصاري ، ولا يعلم ذلك إلا أهل هذه الصنعة ، وأما غيرهم فقد يستغربونه من حيث أن التيمي يروي عن أنس وهو ها هنا يروي عن واحد عن أنس.

ثانياً : العزيز وهو مأخوذ في اللغة من العزة بمعنى القوة والغلبة والمنعة، وقد يرد بمعنى القلة.

واصطلاحاً : ما رواه اثنان في كل طبقة.

وقد يرويه أكثر من اثنين في بعض الطبقات ، لكن الحد الأدنى ألا يقل عن اثنين في جميع طبقات الرواة.

مثال العزيز : حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين"([5]).

رواه عن أنس قتادة بن دعامة وعبد العزيز بن صهيب ، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ، ورواه عن عبد العزيز إسماعيل بن علية وعبد الوارث ورواه عن كلٍ جماعة.

كما جاء الحديث عن أبي هريرة ، فالحديث عزيز.

وللكلام بقية، سنتكلم من خلالها عن القسم الثالث من أقسام الأحاد، وهو قسم الغريب " الفرد" بإذن الله.

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
_____
([1]) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو.
([2]) حديث لا أصل له ، قال أحمد : أربعة أحاديث تدور على ألسنة الناس ولا أصل لها عن رسول الله " من آذى ذمياً فأنا خصمه يوم القيامة " ، و " من بُشر بخروج آذار بشر بالجنة " ،
و"يوم نحركم يوم فطركم" ، و " للسائل حق وإن جاء على فرس ". [ بدر الدين أبو محمد محمود
بن أحمد العيني ، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (15/ 89) .
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه ( كتاب الإيمان ، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (1/ 13 رقم 10) واللفظ له ، ومسلم في صحيحه ( كتاب الإيمان ، باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (1/ 65 رقم 41).
([4]) متفق عليه.
([5]) متفق عليه.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10-21-2017, 05:48 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي القسم الثالث من أقسام الأحاد "الغريب

دورة تدريس علوم الحديث
الحلقة (9)
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
والغريب لغة بمعنى الفرد.
واصطلاحاً : ما رواه واحد في جميع طبقات الرواة ، ولا مانع من الزيادة في بعض طبقات الرواة.
ويقال له حديث الفرد.
وينقسم من حيث القبول والرد : إلى صحيح وضعيف :
مثال الغريب الصحيح : حديث مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً " السفر قطعة من العذاب "([1]).
ومثال الغريب الذي ليس بصحيح، وهو الغالب على الغريب كحديث علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " من قرأ القرآن واستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار"([2]) .
قال أبو عيسى الترمذي في سننه : " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وليس إسناده بصحيح ، وحفص بن سليمان أبو عمر بَزَّازٌ كوفي يُضعف في الحديث.اهـ
وقد حذر العلماء من الغرائب :
قال مالك : شر العلم الغريب ، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس.
وقال عبد الرزاق : كنا نرى أن غريب الحديث خير فإذا هو شر.
كما ينقسم الغريب ويقال له [ الفرد ] من حيث إسناده إلى : فرد مطلق وفرد نسبي.
فالفرد المطلق : ما ينفرد بروايته عن الصحابي واحد من التابعين كحديث النهي عن بيع الولاء([3]) فإنه تفرد به عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر.
وقد يتفرد به راوٍ عن ذلك المتفرد كحديث شعب الإيمان([4]) فإنه تفرد به أبو صالح عن أبي هريرة ، وتفرد به عبد الله بن دينار عن أبي صالح.
وقد يستمر التفرد في جميع رواته أو أكثرهم، وفي مسند البزار والمعجم الأوسط للطبراني أمثلة كثيرة لذلك.
وفي هذه الحالة يقول أهل الحديث فيه : تفرد به فلان عن فلان.
ومن ذلك أيضاً حديث : " إنما الأعمال بالنيات " فإنه حديث فرد تفرد به عمر -رضى الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ثم تفرد به عن عمر علقمة بن وقاص ، ثم عن علقمة محمد بن إبراهيم ، ثم عنه يحيى بن سعيد.
والحديث متفق عليه من حديث عمر -رضي الله عنه- .
على أن حديث النية قد جاء عن أبي سعيد الخدري وغيره عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ذكره الدارقطني وغيره.
ولكن النظر في التفرد من حيث أنه فرد صحيح عن عمر بن الخطاب ولم يصح عن غيره من الصحابة.
والفرد النسبي نوعان :
الأول : ما تفرد بروايته واحد ممن بعد التابعين ولو تعددت الطرق إليه.
ومثاله : حديث " لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه "([5]).
فقد رواه جماعة عن محمد بن موسى عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وذكره.
فجميعاً انفردوا بروايتهم هذه عنه، ولا يعني هذا أن الحديث ليس له طرق أخرى، بل له طرق أخرى وشواهد كثيرة، وإنما الانفراد من حيث هذه الرواية دون غيرها.
ومن هذا النوع أيضاً : ما انفرد به الثقة خلافاً للأوثق أو الثقات، وكذا ما انفرد به الضعيف خلافاً للثقة، وما انفرد به الوضاع، كل هذا من سبيل الفرد النسبي.
الثاني : ما كان التفرد فيه من حيث الجهة خاصة كقولهم : تفرد به أهل مكة، أو تفرد به أهل اليمن ونحو ذلك.
وهو ضربان :
الأول : ما انفرد به شخص عن أهل بلد أخرى.
مثاله : حديث جابر في قصة الشجوج : " إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه، ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده "([6]).
قال الدارقطني في سننه : " قال أبو بكر ابن أبي داود : هذه سنة تفرد بها أهل مكة وحملها أهل الجزيرة.
لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق وليس بالقوي.أهـ
الثاني : ما انفرد به أهل بلد عن شخص كحديث : " القضاة ثلاثة"([7]).
تفرد به أهل مرو عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.
فائدة :
قال الحافظ ابن حجر : إن أهل الاصطلاح قد غايروا بين الفرد والغريب من حيث كثرة الاستعمال وقلته.
فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق.
والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، وهذا من حيث إطلاق الاسم عليهما، وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون، فيقولون في المطلق والنسبي تفرد به فلان أو أغرب به فلان([8]).أهـ.
ولا يسوغ الحكم بالتفرد إلا بعد الاعتبار.
والاعتبار : هو تتبع الطرق من الجوامع والمسانيد والأجزاء لذلك
الحديث الذي يُظن أنه فرد لِيُعلم هل له رواية متابع أو هل له شاهد أم لا؟.
ومظنةُ معرفة الطرق التي يحصل بها المتابعات والشواهد وينتفي بها التفرد هو كتب الأصول الحديثية كالجوامع والمسانيد والأجزاء، وسيأتي الكلام عن الاعتبار في فصل مستقل إن شاء الله.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
____
([1]) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
([2]) أخرجه الترمذي في سننه ( كتاب فضائل القرآن ، باب ما جاء في فضل قارئ القرآن 5/ 171 رقم 2905).
([3]) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال " : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء ، وعن هبته " متفق عليه.
([4]) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه.
([5]) الحديث حسن لغيره ، وقد أخرجه أحمد وغيره ، وخَرَّجَتْه بكافة طرقه وشواهده " الزوجة أم محمد البيضاني حفظها الله " في كتابها " حكم البسملة عند الوضوء " .
([6]) أخرجه أبو داود في سننه ( كتاب الطهارة ، باب [ في ] المجروح يتيمم (1/ 93 رقم 336)، كما أخرجه غيره، والحديث حسن إن شاء الله.
([7]) أخرجه الأربعة في السنن، وهو حديث صحيح.
([8]) ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ، نزهة النظر شرح نخبة الفكر (ص28،29).
**
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10-25-2017, 06:26 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي أقسام الخبر باعتبار الصحة والضعف

دورة تدريس علوم الحديث
الحلقة (10)
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني

أقسام الخبر باعتبار الصحة والضعف

وينقسم الخبر باعتبار صحة الرواية وضعفها إلى ثلاثة أقسام : صحيح وحسن وضعيف.
فالصحيح والحسن مقبولان ، والضعيف مردود ، وإليك إيضاح ذلك :
أولاً الصحيح : وهو لغة السالم من العلة.
واصطلاحاً : ينقسم إلى قسمين : صحيح لذاته وصحيح لغيره.
فأما الصحيح لذاته : فهو الحديث الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه ، ولا يكون شاذاً ولا معللاً بعلة قادحة خفية.
ومثاله : ما أخرجه البخاري في صحيحه ، قال حدثنا محمد بن منهال حدثنا يزيد بن زريع حدثنا عمر بن محمد بن زيد عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : " خالفوا المشركين ، وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ، وكان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ"([1]) .
فهذا الحديث صحيح لذاته لتوفر شروط الصحة فيه، وهي :
1ـ اتصال إسناده : فقد سمعه البخاري من شيخه محمد بن منهال، وابن منهال سمعه من شيخه يزيد بن زريع ، وابن زريع سمعه من شيخه عمر بن محمد ، وعمر سمعه من شيخه نافع ، ونافع سمعه من شيخه ابن عمر ، وابن عمر سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام-.
فهذا متصل بمجرد أن كل تلميذ سمع من شيخه ما حدَّث به وهكذا إلى منتهاه.
2ـ أن رواته ، وهم رجاله : كلهم عدول وليس في عدالتهم ما يسقطهم عن مرتبة العدالة ؛ لانتفاء كبائر الذنوب عنهم ومفسقات الأمور.
3ـ الضبط : ومعناه أن كل راوٍ أدَّى ما حدث به بمثل ما سمعه لفظاً أو معنى، سواء أدَّاه من حفظه أو من كتابه.
لأن الضبط ضبطان : ضبط كتاب ، وضبط صدر.
4ـ سلامته من العلة القادحة الخفية : كأن يكون أحد الرواة لم يسمعه من شيخه مباشرة وإنما بواسطة ، فدلَّس فيه بإسقاط الواسطة.
5ـ أنه سلم من الشذوذ ، فلم يخالف أحد الرواة الثقات غيره من الثقات في الرواية.
وسيأتي قريباً تعريف الشذوذ والإعلال في الحديث في موضعه مفصلاً إن شاء الله.
وأما الصحيح لغيره : فهو الحسن لذاته إذا اعتضد بمثله ولو بطريق واحد أو شاهد واحد، إذا اختلف مخرجه وكانت رتبة رجاله متقاربة في رتبة مَنْ خَفَّ ضَبْطُه.

ومثاله :
حديث ابن عباس : " أن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اغتسلت من الجنابة ، فتوضأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بفضلها فذكرت ذلك له فقال : "إن الماء لا ينجسه شيء".
أخرجه النسائي في السنن الصغرى ( كتاب المياه ، ولم يبوب للحديث (1/ 173 رقم 325).
وإسناده : حسن.
وله شواهد أخرى تقويه إلى درجة الصحيح لغيره ، وقد جاء بالرواية المشهورة : عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس . الحديث.
ورواية سماك عن عكرمة مختلف فيها والراجح أنها رواية مضطربة.
فإذا علمت ذلك فاعلم أنه اختلف في سماك على أقوال واتهم بأنه يخطئ في حديثه ، وأنه اختلط قبل موته .
وحاصل ما يترجح في حاله : أنه حسن الحديث مالم يكن الحديث من أوهامه أو مما سمع منه بعد الاختلاط أو من روايته عن عكرمة خاصة.
والعبرة وجود المتابع إن تابعه على ماروى وكان مقبول الرواية فذاك .
وأما أن ينفرد به سماك عن عكرمة فلا .
ولكن تابع سماكاً إسرائيل بن يونس بروايته عن عكرمة عن ابن عباس وذكر الحديث .
أخرجه عبدالرزاق في مصنفه رقم (396).
وإسناده: حسن
وجاء من حديث عائشة وهذا شاهد لحديث ابن عباس.
أخرجه النسائي في السنن الكبرى (1/ 74 رقم 49) من طريق شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الماء لا ينجسه شيء".
والمقدام بن شريح ثقة من رجال مسلم ، وأبوه هو شريح بن هانئ بن يزيد وهو ثقة من رجال مسلم وأهل السنن.
وحديث عائشة حسن لذاته ، فالحديث بهذا الشاهد صحيح لغيره، وبالله التوفيق.
_______
([1]) أخرجه البخاري في صحيحه ( كتاب اللباس ، باب تقليم الأظفار 5/ 2209 رقم 5553).
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.