الكُنّاشة البيروتية، ( فرائد ملتقطة، وفوائد متنوّعة، من بطون كتب السلف المتفننة )

[أبو معاوية البيروتي]

تآمروا أن يقتلوه وهو يصلي بهم جماعة!!

اجتمع أصحاب الوالي أسود بن نافع بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري (ت بعد 132 هـ) على الغدر به وقتله وهم معسكرون، فبلغ الأسود ذلك ... فأمر المؤذّن فأذّن لصلاة المغرب، ثم أقام وتقدّم، وهم في فضاء. فصَلّى بهم ركعة أو ركعتين طَوَّل فيهما جدًّا، ثم وَثَب من سجوده إلى حصان له لا يُدْرَك، قد أَعَدَّه وأوقفه بين يديه، فركبه وهم سجود، فمضى. فرفعوا رؤوسهم لمّا طال عليهم السجود فإذا هم لا يحسّونه!

* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

من همّة العلّامة الزركلي العالية التي أنتجت لنا كتابه الموسوعي الأعلام!!

قال خير الدين الزركلي (1309 – 1396 هـ/ 1893 – 1976 م) رحمه الله: مطابعنا - والحمد لله - تقذف لنا في كل صباح عشرات المؤلفات ، والدراسات ، والتراجم ، والبحوث ، والتحقيقات الجديدة … وهذا الإنتاج الجليل يحتاج إلى مراجعة ، واطلاع ، وتدوين .
والتقاليد الجامعية درجت على أن يكون عمل طالب شهادتـي الماجستير والدكتوراة ـ أحياناً ـ تـحقيق مخطوط ، أو جمع ديوان شاعر .. ولا بد من معرفة ما يـجـري في هذه الجامعات ، وما تنجز من أعمال ، ثم لا بد من تسجيل كل هذا في مواطنه المناسبة أولاً بأول ، كذلك الشأن في المجلات ، وما تقدمه من بـحوث ، أو إشارات .
ولا أكتمك أن هذا العمل لا يكفيه أن تقعد في بيتك ، وتنتظر أن يأتيك ساعي البريد بالجرائد والمجلات وجديد المطبوعات ، بل لا بد لك من أن تتحرك أنت ، وتذهب إلى هنا وهناك ، لترى ما لا يمكن أن تراه وأنت في بيتك .
ولهذه الغاية ، فأنا أسافر في كل عام ـ على الأقل ـ مرة إلى مصر ، ومنها إل أوربا ، وأعوج في طريق عودتـي على تركيا ، ثم أعود إلى بيروت .
وحين أزور تركيا وأكون في استانبول أزور ( السليمانية ) وأقصد مكتبتها النفيسة العامرة بالمخطوطات ، وفي غالب الأحيان أنتقل من السليمانية إلى الجبال وإلى مناطق لا تزال مجهولة إلــى يومنا هذا ، وفيها مخطوطات عربية نادرة ، لا أظن أن لـها نظيراً في العالم . وكثير منها مكتوب بـخط مؤلفيها أنفسهم ، وموضوعاتـها في التاريخ والأدب والفلسفة والدين .
حدث مرة أني كنت في استانبول أفـتـش عن كتاب خاص ، فلم أعثر عليه ، وفجأة رأيت صديقاً ، وسألته عن الكتاب ، فقال : إنه موجود في بلدة اسمها : ( مغنيسيا ) فركبت السيارة إلى مغنيسيا ، وقضيت إحدى عشرة ساعة في الطريق إليها ، ولما زرت مكتبتها رأيتها من أغنى المكتبات ، لكنها دون فهارس حديثة ، وإنما جذاذات في تصرف الباحثين ، وهي تملأ اثني عشر درجاً ، ورحت أستعرض الدرج الأول خلال صيف كامل ، وعدت في الصيف التالي لأستعرض مخطوطات الدرج الثاني ، وظللت أعاود الزيارة سنة بعد سنة إلى أن اطلعت عليها جميعاً .
ومع هذا ، فلا يزال أمامي زيارة بلاد عـدة ، فيها كنوز لم يكشف النقاب عنها بعد ، ولم يكتب أحد عنها سطراً واحداً .
* نقله عنه بكري شيخ أمين أثناء زيارته له في منزله ببيروت في 20 رمضان 1394 هـ / 6 تشرين الأول 1974 م.

[أبو معاوية البيروتي]

دخل التاريخ من باب ..... انكسار بعض عظام ظهره! وآخر لانفكاك عظم فخذه!!

كم يبلغ تعداد أمة الإسلام منذ إنزال الفرقان على سيد الأنام؟ العدد – بفضل الله - يصل لعشرات المليارات، لكن كم مِن هؤلاء المليارات دُوِّن ذكرهم في كتب التواريخ والتراجم؟ طبعاً النسبة قليلة جدًّا، وإذا نظرنا إلى أضخم كتب التراجم وهو ((تاريخ الإسلام)) للإمام الذهبي (ت 748 هـ) والذي يُترجم لنصف عمر أمة الإسلام، وجدناه يترجم – في تقدير د. بشار عواد معروف – لأربعين ألف شخصاً، وهي نسبة قليلة جدًّا لأمّة يُقَدَّر عددها بالمليارات، ولكن المؤرّخين لا يترجمون طبعاً لجميع الناس، فقط لأعلام الناس من الخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء والزهاد والأدباء والنساء – وقد يترجمون لبعض المجرمين! - ومَن اشتهر في فنّه الدنيوي أو لفعلٍ ارتكبه. وكثيراً ما يذكرون – ضمن التراجم - أسماءَ أناسٍ من غير التعريف بهم، ويجتهد الباحث في الوقوف على تراجم أولئك المغمورين في كتب تراجم أخرى، فالمؤرخون أفردوا كتب في تراجم اللغويين والشعراء والقضاة والمغنّين والأطباء والكرماء والبخلاء والعشاق وغيرهم الكثير من أصناف الناس، وقد يوفّق الباحث أحياناً في العثور على مبتغاه، ويفشل أحياناً كثيرة!
لكن حسب أولئك أنْ ذُكِروا في كتب التاريخ والتراجم، فقد ذكر الحافظ السخاوي (ت 902 هـ) أنه رُويَ في خبر - ولا أخاله يصح -: (( من وَرّخ مؤمناً فكأنما أحياه )). ومعناه صحيح، فعندما يذكرهم المؤرخ – ولو من غير ترجمةٍ لهم – فقد أحيا ذكرهم. ولهذا سأل العالم المقرئ ابن البنّاء الحنبلي (ت 471 هـ) : ((هل ذكرني أبو بكر الخطيب في ((التاريخ)) بالصدق أو بالكذب؟ فقالوا: ما ذكرك في التاريخ أصلاً! فقال ليته ذكرني في الكذابين!!)). (رواها ياقوت بإسناده في ((إرشاد الأريب)) ). فتمنّى ذكره في التاريخ ولو بصفة الكذب ليحيى ذكره!

ومن الطرائف أن يُذكَر أناساً في كتب التاريخ فقط لحادثٍ وقع لهم، ففي كتاب ((الإنباء العميم ببناء البيت الحرام الفخيم)) الذي تحدّث فيه الحافظ ابن علّان (ت 1057 هـ) عن انهدام بعض الكعبة بسبب سيلٍ عظيم أتى على مكة عام 1039 هـ لم تَرَ العين مثله في تلك الأزمنة، فأزهق مئات الأرواح ودمّر كثيراً من الممتلكات، ودمّر بعض الكعبة الشريفة، فألّف ابن علّان كتابه هذا لتدوين يوميات بناء الكعبة المشرفة بعد سقوط بعض جدرها، وقال (17 ب) : ((وسقط من البناة من المحل الذي لم يسقف عند الظهر مُعلِّمان من بناة مصر: السَّيِّد سالم القريشي، والمعلِّم سليمان البجع، فالثاني: انفك عظم فخذه، والأول انكسر بعض عظام ظهره)). اهـ.
فكان هذا الحادث السبب الوحيد الذي دفع المؤلف لذكرهم في كتابه، فأرّخ لمعلّمَي بناء مجهولين وأحيا ذكرهما وأدخلهما في كتب التاريخ ... فقط لانكسار بعض عظام ظهر أحدهم! وآخر لانفكاك عظم فخذه!! وقد لا نجد لهما أي ذكرٍ في باقي كتب التاريخ والتراجم.
وهذا ما دفع الحافظ ابن حجر لأن يترجم لحماته في كتابه ((إنباء الغمر)) ( وَفَيَات 821 هـ ) بقوله فقط: ((سارة بنت محمد بن أزدمر، حماتي ، ماتت في المحرم)). اهـ. فأحيا ذكرها فقط لأنها حماته.
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
* وكتبه
أبو معاوية مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي
غروب شمس الخميس 23 شوال 1437 هـ.

[أبو معاوية البيروتي]

طريقة لتخفيف الوزن يرويها الإمام الشافعي !

قال الشافعي رحمه الله : كان ملك في الزمان الأول ، وكان مثقًلا كثير اللحم لا ينتفع بنفسه ، فجمع المُتطبّبين وقال : احتالوا لي حيلة يخفّ عني لحمي هذا قليلا. فما قدروا له على صفة. قال : فُنُعِتَ له رجل عاقل أديب متطبّب ، فبعث إليه فأُشْخِصَ فقال : تعالجني ولك الغنى ؟ قال : أصلح الله الأمير، أنا رجل مُتطبِّب ومنجّم ، دعني أنظر الليلة في طالعك أي دواء يوافق طالعك فأسقيك. قال: فغدا عليه. فقال : أيها الملك ، الأمانَ . قال : لك الأمان . قال : رأيت طالعك يدل على أن عمرك شهر، فإن أحببت حتى أعالجك فإن أردتَ بيان ذلك فاحبسني عندك ، فإن كان لقولي حقيقة فحلّ عني ، وإلا فاستقص عليَّ . قال : فحبسه. ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس وخلا وحده مغتمًّا ، ما يرفع رأسه يعدّ أيامه ، كلما انسلخ يوم ازداد غمًا حتى هزل وجفّ لحمه ، ومضى لذلك ثمانية وعشرون يومًا ، فبعث إليه فأخرجه فقال : ما ترى ؟ قال : أعزّ الله الملك ، أنا أهون على الله من أن أعلم الغيب ، والله ما أعرف عمري ، فكيف أعرف عمرك ؟ إنه لم يكن عندي دواء إلا الغم فلم أقدر أن أَجْلبَ إليك الغم إلا بهذه العلّة فأذابت شحم الكلى . قال : فأجازه وأحسن إليه.

مناقب الشافعي للبيهقي ( 2 / 121 ) .

[أبو معاوية البيروتي]

ينبغي لك أيها الطالب في العلم أن تحرص على قراءة التراجم

قال الشيخ صالح آل الشيخ في محاضرة له:
ينبغي لك أيها الطالب في العلم أن تحرص على قراءة التراجم؛ لأن الآن ما شاء الله أول الكلام كان منكم من هو شارد وسارح ورايح في ألف وادي؛ لكن لما بدأت القصة انشدت الأذهان، هذا في طبيعة الإنسان اقرأ التراجم تراجم وسير العلماء وسير الأولين تنشط وتستجم للعلم لأن العلم منه ملح ومنه عقد.

العقد غليظة صعبة لكن ملح العلم سهلة وتستلذ بها، لهذا كان الزهري وغيره من العلماء قال هاتوا لنا من أخباركم هاتوا لنا من أشعاركم فإن للقلب إحماضة أو كما قال.

فلا بد من مطالعة التراجم لتنشط.
* منقول من شريط الوصايا الجلية للاستفادة من الدروس العلمية

[أبو معاوية البيروتي]

((أكلة "المغربية" عمرها يتجاوز الأربع مئة سنة!))

قال الشيخ محمد العربي العزوزي - البيروتي مهاجراً -:
كنت يوماً مدعوًّا عند الشيخ أحمد قشلان ومعنا جمع من أهل العلم والفضل، فجرى ذكر نوع من الطعام المعروف عند أهل الشام بالـ" المغربية"، ولقد كانت من جملة أنواع الإكرام الذي أكرمنا به، فقال بعض أهل العلم ممن كان حاضراً: لا أدري لأي شيء يحبون المغاربة هذا النوع من الطعام؟! وهو عجين ثقيل على المعدة يعسر هضمه!
فأجبته بأن الحكيم الشيخ داود الأنطاكي (ت 1008 هـ) ذكرها في ((تذكرته)).
فقال: عجباً لأي مناسبة يذكرها وهي ليست من طعام بلاده؟
فكأنه أنكر وجودها في ((التذكرة))، فطلبت من الشيخ أحمد المذكور إحضار التذكرة، فأحضرها فإذا الأمر كما ذكرت، وذكر منافعها وأنها مغذية مولدة لدم نقي، فعجب الشيخ وسكت.
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

فوائد حول كتاب ((الأنساب)) للسمعاني

- قال يحيى ابن جُنيد في ((سيرة الإمام أبي سعد السمعاني من خلال كتابه الأنساب)) (ص 10/ ط. 1437 هـ / 2016 م) : يتبيّن من مقدمة ((الأنساب)) أن أبا شجاع البسطامي هو من دفع الإمام السمعاني (ت 562 هـ) إلى تأليف الكتاب، وأنه شرع في جمعه سنة 550 هـ في مدينة سمرقند، كما بَيَّن فيها منهج تأليفه على طريقة المعجمات، ويبدو أنه لم يتم الكتاب في أثناء إقامته في سمرقند؛ إذ يذكر في مادة (الدلغاطاني) (نسبة إلى قرية دلغاطان من قرى مَرْو) أن صاحبه فضل الله بن محمد الدلغاطاني كان يحثّه على إتمام هذا الكتاب ويعجبه هذا المجموع.
ولم يُشِرْ السمعاني إلى وفاة الدلغاطاني - التي كانت في المحرم سنة 557 هـ - يعني أنه أتمَّ الكتاب في مَرْو في المدة ما بين 551 هـ و 557 هـ، ومن ثَمَّ فإنَّ تأليفه الكتاب كان بعد ((الذيل)) و((تاريخ مرو))، يؤكّد ذلك أن تأليف ((الذيل)) كان في بغداد أثناء تردّده إليها وإقامته بها من سنة 532 هـ إلى 537 هـ، كما أنه يشير إلى تاريخ مرو في ((الأنساب)) في أكثر من موضع.
- حفظ لنا السمعاني في الأنساب مادة علمية غزيرة قَلَّ نظيرها في أمور دينية وتاريخية واقتصادية واجتماعية وأدبية ولغوية، وقد درس الجوانب الحضارية فيه نجيب عبد الفتاح جيلاني محمد في رسالته ((كتاب الأنساب للسمعاني: دراسة حضارية)) التي قدّمها عام 1433 هـ/ 2012 م إلى قسم التاريخ والحضارة في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة.
- توجد من ((الأنساب)) أكثر من ثلاثين نسخة مخطوطة متناثرة في أنحاء العالم، بعضها كاملة، وأخرى أجزاء منه.
- عدد الأعلام: في نسخة دار الكتب العلمية (1419 هـ/ 1998 م) المطبوعة في ستة مجلدات؛ بلغ ترقيم عدد الأعلام 11506 أعلام.
- قال أكرم البلوشي في مقالته ((السمعاني وكتابه ((الأنساب))، دراسة تحليلية)): بقي هذا الكتاب رهين عالم المخطوطات قرابة ثمانية قرون من الزمن، وذلك منذ عصر المؤلف حتى العصر الحديث، إذ هيَّأ الله له مَن أزاح عنه الغبار وأخرجه إلى ساحة النور، فطُبع عدة طبعات لعل أفضلها تلك التي شرع بها العلاَّمة الفاضل الشيخ عبد الرحمن المعلِّمي اليماني رحمه الله، فأخرج منه ست مجلدات محققة، تولَّت إصدارها دائرة المعارف الإسلاميَّة بحيدر آباد الدكن في الهند.‏ ثم توالى تحقيق الأجزاء الستة المتبقية على يد مجموعة من الباحثين ... وقد تولى طبع الأجزاء الستة الأخيرة وإخراج الكتاب بشكله الكامل السيد أمين دمج في بيروت.(قال أبو معاوية البيروتي: وقد أهداني إياها حذيفة ابنُ الناشر أمين دمج كاملة إلا المجلد التاسع).
- وأختم بهذه الطُرفتين: قال السمعاني: سمعت الأديب محمود بن علي النسفي بسمرقند، يقول: سمعت دهقاناً من أهل كاسن يقول: قد ذكر الله تعالى قريتنا! قلت: وأين؟ قال: في قوله تعالى: {وكأساً دهاقاً}!!
وقال السمعاني: سمعت الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني شيخ الزيدية بالكوفة يقول: لـمّا انصرفت من الشام دخلت الحديثة مجتازاً، فسألوا عن اسمي، فقلت: عمر. فأرادوا أن يقتلوني لأنّ اسمي عمر، حتى قلت: إني علوي وإني كوفي، فتخلصت منهم؛ وإلا كادوا أن يقتلوني!
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

((نظام "الإطفائية" عرفه المسلمون منذ أيام الدولة الأموية))

في أيام ولاية عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي (ت 86 هـ) – وكان أمير مصر لمدة عشرين سنة -، كان في جزيرة الروضة خمس مئة فاعل معدّة لحريق يكون في البلد أو هدم.
والروضة تُطلق على الجزيرة التي بين مدينة مصر ومدينة الجيزة، وعرفت في أوّل الإسلام بالجزيرة، وبجزيرة مصر، ثم قيل لها جزيرة الحصن، ثم أُطْلِق عليها ((الروضة)).
وفي قصبة القاهرة – في زمن الدولة الفاطمية بين القرن الرابع والخامس الهجري – كان من رسم أرباب الحوانيت أن يعدّوا عند كل حانوت زيراً مملوءاً بالماء مخافة أن يحدث الحريق في مكان فيطفأ بسرعة.
وفي سنة سبع عشرة وخمس مئة: تقدم أمر الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله إلى الواليين بمصر والقاهرة بإحضار عرفاء السقائين وأخذ الحج على المتعيشين منهم بالقاهرة بحضورهم، متى دعت الحاجة إليهم ليلاً ونهاراً، وكذلك يعتمد في القربيين، وأن يبيتوا على باب كل معونة، ومعهم عشرة من الفعلة بالطوارئ والمساحي، وأن يقوما لهم بالعشاء من أموالهما بحكم فقرهم، انتهى.
وفي عهد السلطان المملوكي الناصر بدر الدين، شَبَّ حريق في القاهرة عام 751 هـ، فلم يبقَ بالقاهرة سقاء إلا وأُحْضِر لإطفاء الحريق، وكانت الجمال تحمل الروايا بالماء من باب زويلة إلى البندقانيين.
قال أبو معاوية البيروتي: وهذا من إنجازات المسلمين الحضارية التي سبقوا بها أوروبا بمئات السنين!
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

من غرائب أسماء التمر في نجد!

خصى البغل: هذا اسم لتمر في نجد خشن أحمر اللون، هو أكبر ما يكون لكن طعمه قليل الحلاوة، والناس المتأنقون في أكلهم لا يتذوقونه!

ومن غرائب أسماء التمر في نجد:
خنزير: وهو من أدنى أجناس التمر في نظر أهل البلاد ، ولا يأكله إلا الفقراء، وسُمّي كذلك لأنه لا يليق آكله إلا بالخنازير!

ومن غرائب الأسماء أيضاً:
أصابع العروس: تمرها طويلة، وحمراء بطول البلحة.

وأيضاً من الغرائب:

خْصَيَّة: تمرة صفراء البسرة، وسُمّيَت كذلك لأنها بقدر خصية الولد!

* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

205 - سبب تسلّط نساء مصر على رجالها !!
قال ابن كثير في (( البداية والنهاية )) - بعد أن ذكر غرق فرعون وجنوده - : هلك الملك وحاشيته وأمراؤه وجنوده ولم يبق ببلد مصر سوى العامة والرعايا، فذكر ابن عبدالحكم في (( تاريخ مصر )) أنه من ذلك الزمان تسلّط نساء مصر على رجالها بسبب أن نساء الأمراء والكبراء تزوّجن بمن دونهن من العامة، فكانت لهنَّ السطوة عليهم، واستمرت هذه سنة نساء مصر إلى يومك هذا. اهـ.
والنص في (( فتوح مصر وأخبارها )) لابن عبد الحكم ( ت 257 هـ ) هو التالي: كان نساء أهل مصر حين غرق من غرق منهم مع فرعون من أشرافهم ولم يبق إلا العبيد والأجراء لم يصبرن عن الرجال، فطفقت المرأة تعتق عبدها وتتزوجه، وتتزوج الأخرى أجيرها، وشرطن على الرجال أن لا يفعلوا شيئاً إلا بإذنهنّ فأجابوهنّ إلى ذلك، فكان أمر النساء على الرجال.
قال عثمان: فحدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أنّ نساء القبط على ذلك إلى اليوم اتباعاً لِما مضى منهم لا يبيع أحدهم ولا يشتري إلا قال: أستأمر امرأتي. اهـ.

إضافة:

جبروت المرأة المصرية وفقه المالكية

جاء في حاشية الصفتي على الجواهر الزكية ص164-165، في باب الإمامة، فيمن لا تجوز إمامتهم:

" أي من كل مرتكب كبيرة ............... ومن يعطي زوجته دراهم لتدخل بها الحمام متجردة مع نساء متجردات، أو كانت هي متجردة فقط أو هن متجردات فقط. أو أقرها على دخوله ولو لم يعطها دراهم. ومحل كون ذلك من الكبائر ما لم تعكر عليه زوجته في أمر معيشته كنساء مصر فإنه إذا دفع لها دراهم للحمام لا يحرم عليه ذلك؛ لأنه إذا منعها من الذهاب إلى الحمام تنكد عليه في أمر معيشته وربما كان ذلك سببا في طلاقها".
رضي الله عن سادتنا المالكية
منقول