أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
96202 89571

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 02-01-2012, 10:51 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

أول الخروج على الولاة معصية وآخره فوضى

للشيخ سعد الحصين
-حفظه الله-

1 – بدأت معصية الخروج على الولاة فيما سمي بالربيع العربي ( تقليداً للغربيين في وصفهم محاولة الثورة السيطرة الشيوعية في ربيع 1968 من براك التشيكية ) بدأت في شتاء 2011 ببرده وعواصفه وقسوته المقدرة على الحياة والأحياء ، لا في الربيع ( كما حدث في تشيكو سلوفاكيا ) بنداه وازدهاره وخيره المقدر من خالق كل شيء ومدبره سبحانه وبحمده .
وثورة ( براك ) من النصارى على الشيوعيين ، وثورة العرب من المنتمين إلى الإسلام على ولي أمرهم المنتمي إلى الإسلام .
وثورة التشيكو سلوفاكيين على حِلف ( وارسُو ) ثورة على الغزو والاحتلال الأجنبي ديناً ووطناً ، وثورة العرب على ولاة الأمر منهم ديناً ووطناً بتأييد من حلف الأطلسي لفرض ثقافته ونهجه المخالف لشرع الله في معاملة ولاة الأمر ونهيه عن الخروج عليهم وأمره بقتل الخارجين عليهم إلا من أهل الحلّ والعقد إذا رأوا كفراً بواحاً معهم عليه من وحي الله والفقه فيه برهان .
2 – بدأت ثورة الشتاء العربي الموافقة للفكر العلماني ( المخالف للوحي من الله والفقه فيه من أهله الأول ) برجل عصى الله ورسوله فقتل نفسه بشر وسيلة : الحرق بالنار إنكاراً لقدر الله عليه رزقه وكفراً بنعمة الله عليه بالحياة ، ولا يحرق بالنار إلا الله وحده ، وفي صحيح البخاري : " من قتل نفسه بشيء عُذب به في نار جهنم " ، وفي الصحيحين : " من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تحسّى سُماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً " ، وحرق النفس سنة بوذيي فييتنام .
3 – وبدأت ثورة الشتاء العربي ( بعد كبيرة قتل النفس ) بمظاهرة صغيرة تقودها امرأة تطالب بإطلاق زوجها الشيوعي من سجنه .
وعلى عادة العرب اتباع السَنَن السيئة ، ركضت الغوغاء عامة إلى الشوارع والميادين تعلن تأييدها المعصية والعصاة في تونس ، ثم عدد من بلاد العرب ، ولما تغلبت الثرة العاصية ركض الباحثون عن السلطة في أذناب الكلاب يقدمهم حزب الإخوان المسلمين والقوميون العرب ، والله أعلم أيهم أكثر شراً على مستقبل الإسلام والمسلمين ، كفانا الله شرهم .
4 – وأكبر حجة يجأر بها الخوارج في الحاضر هي حجة الخوارج في الماضي منذ الخوارج على عثمان - رضي الله عنه وأرضاه - : الأثَرَة في الأموال والإقطاع والوظائف ؛ ظنا منهم أنه لا يجوز لولاة الأمور إلا المساوة في العطاء وفق فكر سيد قطب تجاوز الله عنه وعنهم إذ جرّأه جهله على نقد ما سماه : ( إيثار بعض المسلمين على بعض في أيام عمر ) ، وما سماه : ( إباحة عثمان شراء الأرضين في الأقاليم ) ، العدالة الاجتماعية ، ص 175 – ط – دار الشروق ، عام 1415 .
ولم يساوِ الله تعالى بين خلقه في الرزق ( ولا الخَلْق والخُلُق ) ، وقال الله تعالى : ( أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون ) .
ولم يُساوِ النبي صلى الله عليه وسلم بين المسلمين في العطاء ولا في الأنفال ، وإنما ساوى بين من شاركوا في الغزو في الغنائم ( للراجل سهم وللفارس سهمان ) ، وقد يعطي الرجل الواحد الوادي من الغنم ، وقد يقسم ما جاءه من المال بين ثلاثة ، ولا يعطي الباقين شيئاً .
وعلى هذا النهج اليقيني سار الخلفاء الراشدون ومن تبع سنتهم – رضي الله عنهم وأرضاهم - ، رضوا بقسمة الله ورسوله ، ولم ينازعوهما بالفكر القاصر كما فعل سيد قطب ومن اقتدى به .
5 – وكانت النتيجة في كل ثورة : الفوضى أو اختلال الأمن أو الهرج أو ما يسمى اليوم : الحرب الأهلية بين طرفين أو أكثر من المواطنين ؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ( وصحابته وفقهاء الأمة ) ينهى عن منازعة الأمر أهله بل كان يبايع أصحابه على ذلك ، وكان يخبرهم ( مما أوحى الله إليه ) : أنه ستكون أثرة ، ويوصيهم بالصبر على جور الولاة ، وأن يعطوهم حقهم ، ويطلبون مالهم من الله .
6 – ولكن الله سبحانه وتعالى قدّر بفضله وإحسانه أن تكون ليبيا وحدها قدوة صالحة ، فلم تسلم من الفتنة والفوضى ، ولكن الله ميّزها بأن وجّه عدداً من الشباب السلفيين إلى هدم ما استطاعوا هدمه من أوثانها المسماة مقامات ومزارات ومشاهد وأضرحة بإذن وعون من بعض من ولاهم الله الأمر ؛ فلم يشاركوا في المعصية وانفردوا بأعظم الطاعات والأمر بأعظم المعروف ، والنهي عن أعظم المنكر ، كما فعل كل رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم بأمر الله تعالى وقَدَره .
أما المتاجرون باسم الدين لكسب السلطة فهم الضالون .
24 / 2 / 1433 هـ .

من هنـا
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 02-04-2012, 02:07 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

هذه دروس في "حكم الخروج على الحكام" و"الرد على شبه الخارجين" ألقاها الشيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله في الجزائر في مسجده البدر قبل أن يهاجر إلى المدينة النبوية:

1- 89 01 06 حكم الخروج على الحكام 1.mp3 (9.37 ميجابايت)
http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=9196&stc=1&d=129956399 3


2- 89 01 12 حكم الخروج على الحكام 2.mp3 (6.38 ميجابايت)


http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=9194&stc=1&d=129956399 3



3- 89 01 12 حكم الخروج على الحكام 3 بعد.mp3 (11.67 ميجابايت)


http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=9195&stc=1&d=129956399 3



الرد على شبه الخارجين على الحكام : تسمى السنى والخارجي.mp3 (12.53 ميجابايت)
http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=9197&stc=1&d=129956399 3


وهي دروس مهمة جدا في بابها، [واستفدنا] منها كثيرا أيام الفتنة في ذلك الوقت


والله الموفق

وفي الحقيقة تلك الدروس لا تزال في مخيلتي، وذكرياتي، لكبير أهمية تلك الدروس في ذلك الوقت بالذات وكبر وقعها علينا، وكان يأتي بالكتب أمامه، ويقرأ منها، ويأتي بالأشرطة ويسمعنا إياها، لنتحقق أن هذا فعلا وحقا كلام العلماء ونصائحهم، ومنها نصيحة ربانية للشيخ العالم أبي بكر جابر الجزائري جزاه الله خيرا.
وقد عصمنا الله بتلك الدروس والخطب، فلم ندخل في تلك الفتن والتحزبات. ولله الحمد والمنة ونسأله الثبات إلى الممات.
وأعتذر لكم عن بعض المواضع التي يصعب سماعها لأجل التسجيل القديم، ولكن يمكن سماعها مع جهد، وأدعو من يعرف تصحيح الصوت وتصفيته، بتصحيح الصوت في بعض المواضع.


منقول عن الأخ الفاضل حكيم بن منصور وفقه الله
الجزائر العاصمة

من هنـا
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 02-10-2012, 12:00 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

قال ابن الجوزي رحمه الله: (في كتاب آداب الحسن البصري لابن الجوزي صـ119- 120) :
اعلم - عافاك الله - أن جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى , ونقم الله لا تلاقي بالسيوف , وإنما تتقى وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة , والإقلاع عن الذنوب , إن نقم الله متى لقيت بالسيف ، كانت هي اقطع .
ولقد حدثني مالك بن دينار أن الحجاج كان يقول : اعلموا أنكم كلما أحدثتم ذنبا أحدث الله في سلطانكم عقوبة .
ولقد حدثت أن قائلا قال للحجاج : إنك تفعل بأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيت وكيت !
فقال : أجل , إنما أنا نقمة على أهل العراق لِما أحدثوا في دينهم ما أحدثوا , وتركوا من شرائع نبيهم - عليه السلام - ما تركوا.
وقيل : سمع الحسن - رحمه الله - رجلا يدعو على الحجاج ، فقال : لا تفعل رحمك الله , إنكم من أنفسكم أُتيتم , إنما نخاف إن عُزِل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير ..
ولقد بلغني : أن رجلا كتب إلى بعض الصالحين يشكو إليه جور العمال ،
فكتب إليه: يا أخي ! وصلني كتابك , تذكر ما أنتم فيه من جور العمال , وإنه ليس ينبغي لمن عمل بالمعصية أن ينكر العقوبة , وما أظن الذي أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب , والسلام . أ . هـ من هنـا
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 02-13-2012, 08:57 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي الشيخ العيد شريفي - هل يسوغ الخلاف في المنهج السلفي في حكم الخروج على الحاكم المسلم ؟

هل حقيقة

يسوغ الخلاف ؟
في المنهج السلفي


في حكم الخروج على الحاكم المسلم إن ظلم وفسق
؟


[ هذا مجلس جمعني الله فيه بفضله بشيخي الفاضل أبي عبد الباري العيد بن سعد شريفي الجزائري
- حفظه الله تعالى -
يوم السبت 19 من شهر ربيع الأول 1433 هـ
الموافق لِـ 11-02-2012 م ]


* * *


رابط المادة الصوتية



المادة المفرغة للمجلس :
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
أما بعد
تفضل
السائل : شيخنا استدل أحد كبار مشايخ الدعوة السلفية .
الشيخ –مقاطعا - : الآن نحتاج نضبط قضية كبار الدعوة السلفية يعني الآن عندنا لندرك هذه الحقائق وحتى لا نجعل الأمور في غير محلها إذا أردنا أن نقول كبار الدعوة السلفية ونقصد بهم الذين هم من مصاف الشيخ ناصر والشيخ بن باز والذين كانت راية الدعوة الدعوة السلفية مرفوعة على أيديهم ... وخاصة مجدد العصر الشيخ ناصر ففي هذا الشيء شوية تجني ...
السائل : يا شيخ هو أدنى ؛ مرتبة أدنى
الشيخ العيد : لما أنت قلت كبار ، أنت كبرت يعني
السائل : نعم
الشيخ العيد : قل كما نتكلم نحن اليوم دعاة الدعوة السلفية
السائل : نعم ؛ من كبار الدعاة للدعوة السلفية
الشيخ العيد : ممكن هذه تمشي ؛ بالمصطلح المعروف عندنا يعني ؛ المصطلح المعروف عندنا ؛ لما كنا في زمان مضى يتكلمون عن العلماء كانوا يجعلونهم في نفس المصاف يعني ؛ كان جماعة الشيخ ربيع يجعلون الشيخ ربيع من العلماء ؛ وغيره من طلبة العلم كالشيخ علي حسن الحلبي والمغراوي ومن كان على شاكلتهم يجعلوهم من طلبة العلم ؛ ففي ذاك الوقت كنا نحن نقول لهم ان هناك موازين نزن بها ؛ إذا جعلتم العلماء هم الذين من مصاف الشيخ ناصر وأمثالهم حتى الشيخ ربيع لم يصل إلى درجتهِم ؛ وإذا أردتم التكلم عن العلماء فكلمة العلماء تشمل من هو أكبر إلى من هو دون؛ يعني يجعل يصبح من إخواننا الذين هم على الساحة من علماء الدعوة السلفية ولا نستطيع أن نجعلهم من كبار علماء الدعوة السلفية؛ هذا الذي يجب أن ندركه وتكون الأمور مضبوطة يعني حتى لا نجعل الأمور في غير محلها؛ نعم .

السائل : وهذا الشيخ من المعتدلين الذين نالتهم ألسنةُ التجريح والمجرحين ؛ من الذين دافعوا على المنهج الوسط؛ وينادي بالوسطية والاعتدالِ ؛ قال في لقاء تلفزيوني أن مسألةَ الخروج على الحاكم المسلمِ الظالم أو الفاسق لم يقع فيها إجماعٌ ؛ يعني هي مسألة يسعُ فيها الخلاف.
الشيخ- مقاطعاً - : هل هذا السؤال كان مطروحاً من التلفزيون أو هو تكلم بدون طرح هذا السؤال ؟
السائل : لا اذكر يا شيخ والحلقة موجودة
الشيخ العيد : حتى لا أظلم الرجل فإذا كان الطرحُ من صاحب التلفزيون أو هو طرح منه هو ننظر قبل في السياق والسباق وفي كلا الحالتين سواء كانت الحالة الأولى أو الثانية من صاحب التلفزيون أو منه هو ابتداءً ؛ يسعنا في هذا المقام حقيقةً وحق لنا كما أقول ليس نحن على نفسي وإنما أصحاب الدعوة السلفية ؛ لأني أنا المتكلم وحتى لا يساء فهمي لما أقول نحن يقولون أنه يعظم نفسه؛
لا ؛ أقول نحن أتباع الدعوة السلفية كلنا من ينتمي إلى هذه الدعوة العظيمة أن يُستدلَّ في هذا المقامِ بأثر علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاهُ وأثر عبد الله بن مسعود وتبويب البخاري – رحمه اللهُ – باب من خصّ بالحديث قوماً دون قوم ؛ وذكَرَ أثر علي بن أبي طالب حدثوا الناسَ بما يعرفون ، أتريدون - أو تحبون - أن يُكَذب الله ورسوله وحق بنا أثر عبد الله بن مسعود كذلكَ: ( مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةٌ ) ففي مثل هذا المقام الذي نحن نراهُ ونعيشهُ وتعيشه الأمة الإسلامية من خروج على الحكام ومن فوضات وثورات مثل هذا الحديث ومثل هذا الكلام الواجب على صاحب الدعوة السلفية أن لا يتطرق إليهِ ؛ واضح ؟
وأن لا يكون سبباً في سوءِ فهمهِ وحتى وإن كان فيما يقوله يعني أصابَ الحق يجب عليه أن لا يتكلم بذلكَ ،
لماذا ؟
لأن الشعوب اليوم تنتظر هي ثائرة بدون شرع وتنتظر أي مبرر شرعي حتى تسوغ لها هذه الفتن التي نراها وهذه الدماء السائلة التي نراها ؛ هذا من جهةٍ ؛ ومن جهة أخرى المتكلم بهذا في هذه المجتمعات التي لا ضابطَ لها شرعي اعلم أن النتيجة يتكون بعدها وخيمة ، سيجعلون من كلامك دليلاً وحجة في الخروج وسفك دماءِ المسلمينَ وغير ذلك.
فهذا الذي أقول كان يسع أخانا المتكلمَ هذا وما دمتُ لا أعرفهُ يعني والأولى أن لا يُذكرَ اسمه في هذا المجلس حتى لا يقول عني أنه يتحامل أو غير ذلكَ فأقول كان الواجبُ عليهِ أن يدرك مرام الكلام الذي يقولهُ وهل يحق له شرعاً أن يتكلم بمثلِ هذا الكلامِ في مثل هذا المقام أو لا، لأن الناس اليوم ثاروا ثورة – كما نقول نحن – لا حدَّ لهَا ويسفكون الدماء وتُقَتَّلُ الأرواحُ بجميع أصنافها شبابها وصبيانها ورضعها وشيوخها تقَتَّلُ من كل جهةٍ فمثل هذا الكلام كان عليهِ وَالواجب شرعاً أن لا يتكلم في بمثلِ هذه الأوصاف ومثل هذه الحالات ولا حول ولا قوة إلا باللهِ . هذا من جهة

السائل : يا شيخ ولو كان الداعي لكلامِهِ مِنْ أجلِ دفعِ التُّهَمِ عن المجوزينَ ؟
الشيخ : لا ! هذا الموطن كما قلتُ لكَ هو موطن لا يحق لا يدافع عمن جوز أو من لم يجوز لأن الناس اليوم دخلوا في المتاهةِ وسفكت الدماء، ما رأينا ثورة الآن قامَتْ لا في تونس ولا في ليبيا ولا في مصر ولا في اليمنِ ولا في سوريا ولا في أي موطنٍ آخرَ إلا وسفكت فيها الدماء وهدِّمتْ فيها وشُرِّدَتْ إلى غير ذلك لا حق له والحالة هذه بل كان عليهِ أن يُعَنِّفَ على من أجازوا هذا الفعل هذا ؛ من أجازوا مثل هذا الفعلِ يقول لهم حتى وإن كان الأمرُ جائزاً شرعاً يجبُ أن تكون الظروف مناسبة لهذا الخروجِ ويكون الذين يريدون الخروج هذا أهلا لهذا الخروجِ وتكونَ الرايةُ المرفوعة في هذا الخروجِ من أئمةِ العلمِ لا من الرُعاعِ الذينَ لا ضَابطَ لهمْ، إذن هذا الذي يجبُ أن يدركه هؤلاء وإخوانُنا الذين يتكلمُونَ بمثل هذا الكَلَامِ ؛ الذين أجازوا هم الذين يعني ذهبوا إلى أبعدِ ما يَكُونُ في سَفْكِ الدِّمَاءِ ولهذا سينالهم من الله ما ينالهم بين يديه يوم القيامة على كل دم يُسفكُ.
كل من أفتى بجواز مثل هذا الفعلِ إلا وَيتحمل تابعته بين يدي الله يوم القيامةِ خاصة إذا كان الخائض في هذه الفتنة وهذه الفتن استدلَّ بقولهِ واعتمد على قولهِ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر وقوله الحق : (مَن أُفتيَ فُتْيَا بِغَير ثَبتٍ فَإِثْمُهُ عَلَى مَن أَفْتَاهُ ) فالذي أفتاه هو الذي يتحمل تَبِعَتَهُ يوم القيامة بين يدي الله يوم القيامةِ وإنما هو خرجَ ماذا ؟
خرج سالِماً ، لأنه اعتمد على قولِ ماذا ؟
عالم ؛ إذن هذا الذي أقوله حتى الذين أجازوا هذا الفعل هذا وجوزا مثل هذا الخروج هذا كان الواجب على أخينا هذا الذي هو من المقربين إلينا كما قلت أنت على المنهج الوسط ممن لعلنا نافحنا عنهم وكافحنا عنهم وهذا لوجه الله لا نريد جزاءً ولا شُكُوراً ولا مُقَابِلَ وإنما نحنُ نتبع الحق وندافع عن الحق عن المنهجِ الحقِّ فمثلُ هذا إذاً هو وقعَ في مثلِ هذا وهو من إخواننا الطيبين يعني نقول حقيقةً أخطأَ خطأً فَادِحاً وخاصة إذا كان كما قلت أنت في التلفزيون وغيرها من الأشياء ستستغلها ستستغَلُّ هذه الكلمة وإن كانت كلمة حقٍّ ستستغل لماذا ؟ لأن الناس سيسيئون استعمالها يستعملوها في غير حق ، في غير موضعها.
السائل : يا شيخ هذه الحلقة مسجلة وقد نشرت عبر الشبكة واعتمدتها إدارة موقعهِ وهي الآن بصدد نشرها .
الشيخ : الله أكبر. الله أكبر.
السائل: يعني قد انتشرتْ وذاعتْ وشاعتْ
الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا باللهِ. نسأل الله أن يلطف بنا وبإخواننا .

السائل: يا شيخ وذكرنا لهم مثل كلامكم لكنهم كان دأبهم دائما التماس الأعذار للشيخِ والدفاع عن فعلهِ هذا .
الشيخ : معلش.
الأخطاء التي يجب أن نُرَبَّى على خلافها وعلى ما أظن تذكر في المجالسِ الأخيرةِ لِكتاب التوحيد التي تكلما فيها عن كثير من القضايا التي كانت مخالفة للهدي النبوي وغير ذلكَ وبينا أن الحق أحق أن يُتَّبَعَ ودائما نُبَيِّنُ أنه يجب أن لا يتحزَّبَ طالبُ العلمِ لشيخهِ ومعنى التحزب للشيخ هو مناصرتهُ سواءً أخطأَ أو أصابَ وأما مناصرتُهُ إذا أصابَ فذاكَ هو واجبٌ شرعيٌّ وإتباعنا له على ما أصاب فيه لا يعد تحزبا ولا تقليداً وإنما يُعَدُّ إتِّبَاعًا للسُّنّةِ وهو يكونُ سببا في بيان هذا الحكم الذي هو حَقٌّ لأنه هو الذِي وَضَّحَهُ ونحنُ نتبعه
لماذا ؟
لأنه اسْتَدَلَّ بما يجبُ أن يُسْتَدَلَّ بهِ ؛ أما أن نربي أنفسنا ويربي أتباع الدعوة السلفية أنفسهم على غير هذا النهج النبوي السليم فهذا خَطَرٌ جَسِيمٌ ؛ وما اخَالُني إلا أني قَدْ قُلْتُهَا من قبلُ أن التربية السلفيّة الصَّحِيحَة غابتْ عن الساحةِ وأصبحت الدعوة السلفية قائمة على تقليدٍ وعلى تحزبٍ.
ورحمَ اللهُ الشيخ ناصر مجدد هذا العصرِ والمكافح والمنافح عن هذه الدعوة السلفيّةِ عندما قال تلك المقولة التي قالها : ( لأن تخالفني وأنت مخطئ خير من أن توافقني وأنت مقلدٌ ) .
هذا ليربي الأجيال على البحث عن الحق وهذا المنهج ليس منهج اليوم بل هو منهج النبي صلى الله عليه وسلمَ لأنه هو المنهج الرباني ويبدو ذلك جليًّا من خلال قوله تعالى لما قال تعالى في سورة البقرة وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فقالت الملائكة وهي تعترض اعتراضاً استفسارياً : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )
إذن هذا الاعتراض الاستفساري اعتراض استفساري على من ؟
على العليم الحكيم الخبيرِ ومع ذلك ما صدر منه سبحانه وتعالى أي إشارةٍ من لوم أو توبيخٍ أو غير ذلك للملائكةِ لأنهم في اعتراضهم اعتمدوا على علمٍ سابقٍ علمهم اللهُ إياهُ.
لكن كما يقول القائل إذا علمتَ شيئاُ فقد غابتْ عنك أشياءُ فقال المولى عز وجل مبينا سعة علمهِ رادا على علم الإنسان البسيط الذي يصل له ليس كما هو الحالُ قال المولى عز وجل : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ؛ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ... ) .
ماذا قال ؟
قال : (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )
قال المولى عز وجل : ( قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ )
إذا علمتم عن أدم شيئا فأنا أعلم عنه أشياء أخرى تخول له هذا الاختيار وهذا الاجتباء فقالوا في نهاية المطاف : (سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
إذا كانت الملائكة هكذا مع رب العالمين.
وعلى هذا النهج سار صحب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تعاملهم معه فكان إذا أخبرهم بشيء ثم فعل بخلاف ما أخبرهم به ما كان منهم إلا أن يعترضوا ولا يسلِّموا ولا يدَّعوا الخصوصية ولا يدعوا نبوة ولا علمٍ كاملٍ وَغير ذلك وإنما يعترضون لما لديهم من أدلةٍ.
فقد صلى إحدى صلاتي العشي وسلمَ فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة أم نسيتَ ؟
وما عنف عليهِ أحدٌ وما قال له النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً بل قال ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في موطن آخر لما صلى خمسا وتكلم الصحابةُ فيما بينهم قال أحدث شيء قالوا نعم صليتَ خمسا قال لو حدث شيء لأخبرتكم بهِ فلما كان الأمر يمشي على الأدلة السابقة الذكرِ ويمشي على الأصول السابقةِ فإذا جد جديد فلا بد لمن جد عنده الجديد أن يأتي بالجديد .
فكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو حدث في الصلاة شيء لأخبرتكم به ) .
لماذا ؟
لأنه يجب أن أخبركم وإلا فتمسكوا بما هو سابقٌ وهذا استصحاب الأصل السابقِ المتعارف عليه في منهجنا المنهج السلفي إذاً ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون )
وصلى بعد العصر ركعتين بعدما قد نهى عنها من قبلُ فإذا بأم سلمة تبعثُ جاريتها لتعترض عليهِ تقول قد نهيت عن الصلاة بعد العصر وها أنا أراك تصلي
وإلى غير ذلك من الأدلة التي نشأ عليها وتربى عليها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهمْ ولم يعظموا مقام الرسول إلى العصمة ولم يوصلوه إلى العصمة ليدعوا له العصمة إنما هو معصوم فيما يبلغ عن اللهِ فبعدما بلغ لهم ما جاءهم عن ربهِ فهو بشر مثلهم .
فهمت الآن يا أخانا ؟
إذن هذا هو المنهج الذي لا بد أن نعيش به وأن ننشئ الأجيال على أن تعيش به هذا أخانا كان معروف وعنده أصوله لا نرى الخروج على حكامنا إلا أن تروا كفراً بواحاً إلى غير ذلك من الأدلة السابقة الذكرِ وَالتي دندن حولها أئمة الدعوة السلفيةِ من أول يوم إلى آخر يوم إلى غير ذلكَ
ولو فعل من فعل ذلك من أئمة السلفِ وَخرج من خرج من علماء السلف على أئمتهم وغير ذلك ففي نهاية المطافِ قد استقر الأمر على ما هي عليه عقيدة أهل السنة والجماعةِ ولا نرى الخروج على أئمتنا وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلمَ إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه ماذا ؟ برهانٌ
إذن ومع ذلك ولو كان كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهانٌ ماذا يجب علينا ؟
أن نرى إلى المصالح والمفاسدِ وما يترتب ؛ وفي هذا الزمان ما رأينا في هذا الخروج إلا وبالاً يعني لحد الآن الدماء تسفك في كل الجهات والفساد سار في كل الجهاتِ .
نعم .

السائل: يا شيخ نذكر بعض أقول أهل العلم التي استدل بها
الشيخ : تفضل تفضل
السائل: الأول : قال الداودي: "الذي عليه العلماء في أمراء الجور: أنه إن قُدِر على خلْعه بغير فتنة ولا ظلم وجَبَ، وإلا فالواجب الصبر" .
الشيخ : الآن دائما وأبدا هؤلاء الأئمة كلمةخلعهعندها معنى لأننا لازم ندرك كلام السلف في هذه القضايا وكلامهم خلعه ممن ؟
هذا الخلع الذي يتكلم عنه هو من أهل الحل والعقد هم الذين يخلعونهُ هم الذين وضعوه هم الذين يخلعونه ؛ هذا الذي يعنيه أئمة السلف في ذلكَ وانظر الآن كيف تستغل هذه الكلمة كلمة خلع في غير محلها في كلمة الخروج
السائل: هو قال : ( إن قُدِر على خلْعه بغير فتنة ولا ظلم ).
الشيخ : دعني أؤصل القضية ونمشي في أصول .. هذا الذي يطرح عليه الأسئلة هو من ؟ بتع التلفزيزن هذا ؟
السائل: هو أحد المشايخ من مصر نسيت اسمه .
الشيخ : قلت الآن هذه الأمور التي هي هامة في ذاك المقام ودائما نحن ندندن حولها الآن هو يستدل ، يستدلُّ ؛ ظهر لي هذه الكلمة التي أنا كررتها كافيةٌ ؛ يستدل
فهمت أو ما فهمتَ ؟
يستدل
هو الآن يستدل على جواز الشيء، وسبحان الله رب العرش العظيم يقول الإمام الشافعي فيما يقول : لا يجوز القول في مسألةٍ إلا باستدلال لا برأي ولا بقياس ولا باستحسانٍ فهذا الذي أنا أعجب الآن .
وتو هل اعتمد على دليلٍ من حديثٍ أو آية حتى نقول يستدل ؟
إذن فالمسألة ابتداءً عند طالبِ العلمِ الذي يدركُ معنى هذا الشرعِ ومعنى الدليل والاستدلال وجه الدلالة منه هذا يكفيه ابتداءً أن القضيةَ مبنية على أراء أهل العلم وليس على أدلةٍ .
هذا الأول الذي يجب أن يتنبه له طالب العلمِ
هذا الذي يجب أن يتنبه إليه طالب العلمِ يجب عليه أن يقول في استفتائه في جواز هذا الفعل إما قال الله إما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهمتني جيداً ؟
يعني لو تنبه طالبُ العلم إلى هذه المسألة ابتداءً لما تعِبَ بعد ذلكَ ولما سار معه فيما يقوله ولو لحظة واحدة يجب أن يكون الذي يعتمده عليه فيما سيقوله بجواز الخروج على قال الله قال الرسولُ ثم بعد ذلك إذا كان وجه الدلالة من النصِّ واضحاً ظاهراً لا يحتاج أن يستند إلى قول قائلٍ يكفيه وجه الدلالة من الدليل الظاهرة
فإذا أراد أن يزيد ما ذهب إليه قوةً يذكر أراء بعض أهل العلم الذين قالوا بهذا المعنى الذي هو ذهب إليهِ ليبين للناس أنه يحسن الفهمَ ؛ يعني الآن ابتداءً ننطلق انطلاقةً علمية صحيحة .

السائل : شيخ ممكن هو لا يستدل بهذه النقول على الجواز إنما يستدل على وجود الخلاف ؛ ممكن هو لا يرى الجواز وإنما يستدل بهذه الأقوال على وجود الخلاف بين أهل العلمِ.
الشيخ : اسمع مني الآن ، أنا عندما يكون النصّ صريح في المسألة وقال عالم بقوله بخلاف ذلك لا يلتفتُ إلى قوله لأنه ليس كل خلافٍ معتبر .
السائل : يعني لا يعتبر هذا الخلاف ؟
الشيخ : غير معتبر . .
هذا لأنه مخالفٌ لنص صريحٍ نبويٍّ إلا أن تروا كفراً بواحاً ) سبحان الآن أنا قلته الآن
أنا لماذا قلت لك أنا حبيت القضية أناقشها أساسا مناقشة صحيحة لأني ما عنديش المجلس بن يدي لكن لأنه من أتى بهذه الأقوال من أهل العلم على جواز الخروج واستدل بها على جواز الرأي الثاني نقول له هذا خطأ . كان يجب عليك أن تأتي بالنص النبوي ابتداءً ثم تدعم ذلك بأراء من قال بهذا النص النبوي في حد ذاته ثمة يسلم إليك .
السائل : يعني كون الخلاف معتبر أم لا.
الشيخ : هذا هو . الآن هذه الأولى . الثانية قلنا قال الرجل تكلم عن ماذا ؟ ماذا قال الداودي ؟
السائل : "الذي عليه العلماء في أمراء الجور: أنه إن قُدِر على خلْعه بغير فتنة ولا ظلم وجَبَ، وإلا فالواجب الصبر".
الشيخ : هذا الخلع هو إزالته وليس الخروج عليهِ شتان ما بين الخلع وبين الخروج ؛ يعني يخلعونه أي أهل الحل والعقدِ يخرجونه من منصبه ويجعلون آخر مكانه؛ هذا الخلعُ وأما الخروج فذاك أمرٌ آخر. تفضل . واضح ؟ قل ماذا قلت ، كلامك أنت .
السائل : يعني أنا كل كلام أنا علقتُ عليهِ علقت على كلام الداودي على استدلالهم بهِ قلتُ يقول : (إن قُدِر على خلْعه بغير فتنة ولا ظلم وجَبَ ) . التعليق : إن الذي يخلعه هم أهل الحل والعقد . وليس بأن نخرج بناتنا ونساءنا للشوارع يصرخن .. فإن ما قاله الداودي - رحمه الله - لا علاقة له بواقعنا المعاصر .
الشيخ : لا علاقة له بقضية الخروج في المعاصر وقبل المعاصر؛ لا صلة له بالخروج وإنما هو يتكلمُ عن باب من أبواب في الفقه الإسلامي جواز عزل الإمام أو خلعِ الإمام ولا يتكلم عن الخروج عليهِ واشترك تلك الشروط في الخلعِ مع أن الخلع هو أيسر من الخروج عليهِ . نعم .
السائل : ثانياً نقل قول القاضي عياض – رحمه الله - : رحمه الله: "فلو طرأ عليه كفر أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيامُ عليه خلعُهُ ونصبُ إمامٍ عادل إن أمكنهم ذلك" من "شرح مسلم" للنووي.
الشيخ : إن أمكنهم ذلك . في الأمر هذا قضيت الخلع وإذا أطلق الخلعُ فهوَ أمر خاص بأهل الحل والعقدِ هذا الاستدلال منه القاضي عياض المتكلمُ ؟
السائل : قال : ( فلو طرأ عليه كفر أو بدعةٌ ).
الشيخ : الآن الكفر مقبول إلا أن تروا كفراً بواحاً ؛ هذا يوجبُ حتى الخروج عليهِ لكن بالشروط المطلوبة كما قال هو وذكر ثمة ، أما قضية البدعة فذاك أمرٌ آخر ، ما دعا الإمام أحمد بن حنبل ولا أئمة السلف بالخروج على الأئمة الذين كانوا يحملون فكر الاعتزال في ذلك الوقتِ ويذكر أهل السنة والجماعة أن الإمام أحمد كان يدعو لهم بالهداية وغير ذلكَ
إذن هذا حتى يدرك أنه ذكر الكفر ايتداءً ثم ذكر البدعة بعد ذكر الكفر وتعلم عند هؤلاء الناس يفرقون بين البدعة المكفرة والبدعة غير المكفرة فلا بد من النظر ، وكأنه يرى نفس الرؤية الأولى أن تكون بدعة مكفرة ثمة وجب شرعاً من إزالته أو الخروج عليه بتلك الضوابط التي ذكرها – رحمه الله تعالى – إذا لم يترتب على ذلك مفاسد .
نعم .

السائل : وذكر إمام الحرمين الجويني قال : ( وإذا جار والي الوقت وظهر ظلمه وغشمه ولم ينزجر حين زُجر عن سوء صنيعه بالقول، فلأهل الحل والعقد التواطؤ على خلعه ولو بشهْر الأسلحة ونصب الحروب). قال الإمام النووي معلقًا عليه: ( هذا كلام إمام الحرمين، وهذا الذي ذكره من خلعه غريب، ومع هذا فهو محمول على إذا لم يُخف منه إثارة مفسدة أعظم منه) .
الشيخ : إذن يكفينا رد الإمام النووي عليه لأنه ينكر عليه تلك المقولة . فإذن أنا لا أدري ..
السائل : وهو ذكر أهل الحل والعقد.
الشيخ : أي نعم هو ذكر أهل الحل والعقد، قلت لا أدري ما الفائدة من ذكر هذه المقولة ثمة بعدما رد الإمام النووي وبين أن الأمر ليس كذلك لا أدري ما الفائدة من ذكرها وإنما هو الأصل فيها ما دام الإمام النووي رد فيكفينا كلامه.
السائل : ونقل كلام القرطبي قال : ( قال الجمهور تنفسخ إمامته ويُخلع بالفسق الظاهر المعلوم ).
الشيخ : وهذا كلها معقب عليها بنصوص الكتاب والسنة إلا أن تروا كفراً بواحاً يعني كل الكلمات هذه المذكورة معارضة لقوله صلى الله عليه وَسلم إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان .
السائل : وبهذه المناسبة أنا نقلتُ كلام القرطبي .
الشيخ : من موطن آخر
السائل : من موطن آخر من تفسير الآية 124 من سورة البقرة : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) يعني هنا ذكر أنواع الإمامة وشروط الإمامة ثم في الأخير القرطبي إن لم تتوفر شروط الإمامة في الإمام قال يعني في آخر كلامه في تفسير هذه الآية : ( والذي عليه أكثر العلماء أن الصبر على طاعة الإمام الجائز أولى من الخروج عليه لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف، وإراقة الدماء، وانطلاق أيدي السفهاء، وشن الغارات على المسلمين، والفساد على الأرض. والأول مذهب طائفة من المعتزلة، وهو مذهب الخوارج فاعلمه ).
الشيخ : إذن هذا الكلام الذي يذكر فيهِ هو مذهب الخوارج عموما الذين هم يرون مثل هذه الفعلة وقضية الخروج وتوابع الخروج هو بتع المعتزلة والخوارج يحملون هذا الفكر أكثر منهم . نعود للكلام الذي ذكره.
السائل : الذي ذكره هو ؟ قال وَقال القرطبي : ( قال الجمهور تنفسخ إمامته ويُخلع بالفسق الظاهر المعلوم ). يعني كلمة يخلع تشبه ؟
الشيخ : نفسها . الخلع من أهل الحل والعقد . يعني تنفسخُ إمامته يعني شرعاً لكن إن داوم على ما هو عليه وجبَت طاعته وهنا ذكر هنا الفسق . فهمت الآن ؟
السائل : ( بالفسق الظاهر المعلوم ) .
الشيخ : وهنا الذي يجب أن ننظر إليه الآن ونمعن النظر فيهِ في هذا الواقع الذي نحن فيه الآن يعني هذا الكلام لا صلة له بالواقعِ أن ترى من البداية العلماء يركزون عل ماذا ؟
على استقامة الإمام وطاعة الإمام لله عز وجل ويرتبون الأحكام على ذلكَ كفر فسق معصية فهي الدافع لمثل هذا هؤلاء الناس اليوم الذين نعايشهم الآن وهذه الأحاديث التي نقولها هم لا يلتفتون إليها بأي وجه من الوجوهِ هم يريدون الخروج عن الأئمة من أجل المنافعِ الماديةِ وهذا الخروج الذي هو من أجل المنافع المادية ظاهر بدون أي إشكالية بدون أي مريةٍ ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلمَ ذكره صراحة وذكر حال هؤلاء الذين يستبدون .
الناس لماذا لم يرغبوا فيهم ؟
لأنهم أكلوا الأموال واستبدوا الأموال في حد ذاتها من أجل ذلك .
إذن هم لا يريدون نزعه من أجل طاعته واستقامتهِ ؛ وخلعه من أجل ذلكَ ، ولا إزالته والخروج عليه من أجل ذلكَ إنما من أجل ما استأثر به من متاع الحياة الدنيا وهذا ما نجده أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع الفتاوى قال ما خرج خارج عن الحاكم إلا وجعل لخروجه وجهة شرعية لكن الدافع الأصلي الذي يدفعه للخروج هو ما استأثر به ذاك الحاكم من متاع الحياة الدنيا .
سبحان الله يذكره في مجموع الفتاوى يقول عموم الخروج على الأئمة الموجود الخارج يريد ليجعل لخروجه وجهة شرعية يعطيها مسوغ شرعي لكن الغالب الحقيقي الدافع لذلك هو ما استأثر به الحاكم من متاع الحياة الدنيا . ما استأثر به الحاكم من متاع الحياة الدنيا النبي صلى الله عليه وسلم ذكره صراحةً سترون بعدي أثرةً فاصبروا )
يعني هذه الأثرة وهذا استئثار الحاكم بالأموال وغير ذلك ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الصبر على ذلكَ إذن هذا وجه لتضليل المسار الذي عليه الناس اليوم هذا ما ذكره نفسه الإمام المعاصر هذا الشيخ القرضاوي أجاز هذا الخروج على الحكام قال لك لأنهم لا يحكمون شرع الله ولا يحكمون كتاب الله .
والذي سيأتي بعدهم بماذا سيحكم ؟
سيخكم كذلك بالأحكام الوضعية اليوم إذن هذا الكلام لا وجه لهُ هذه الأدلة التي ذكرها كلها لا تمت بصلة إلى حال ما هم عليه الناس اليوم وهذا العجب العجاب من إخواننا من الدعاة للدعوة السلفية الذين هم يعدون اليوم من الموجهينَ والشباب يتبعهم في ذلك فكيف الآن يرى الواقع يريدون حاكم يعطيهم مزيات مطعم ومأكل ومشرب وَملبس وغير ذلكَ .
ما يريدون غير ذلكَ .
لو وفر لهم الحاكم يعني جميع ما يحتاجونه من مأكل ... خذ الحكم وَ...كنت زنديقا أو فاسقاً نريد فقط واحد يوكلنا ويشربنا ويلبسنا ويعطينا ما نشاء .
لن يقف أحد ضدهُ .
بل كل الناس يحبونه لأنه أعطاهم ما يريدون من متاع الحياة الدنيا .

الخاتمة :
إذن ذكر هذه الأقوال من أقوال أهل العلمِ التي ركزتْ أولًا وأخيراً على استقامت الإمام وطاعة الإمام وحكمه بالإسلام وكفره وبدعته إذن ما نحن فيه لا يمت لهذا بصلة . إذن ذكر هذه الأقوال في مثل هذه المواطنِ فيها تلبيس عظييييييييم جدا جدا جدا جدا جداً .
إعطاء صورة غير صحيحة شرعاً لواقع بعيد كل البعد عن الشرعِ
احنا شفنا في تونس وشفنا في مصر الآن المواقف بتع محمد حسان في التلفاز للفاسقات والفاجرات ان ربك كتب عليك أن تلبسي هذا والاستدلال بالقضاء الكوني على جواز الفعل وغير ذلكَ .
ايش السر في ذلك ؟
سره انهم خرجوا مخرج غير سليم وخرجوا وساروا مسيرة غير شرعية في حد ذاتها فأنا لا أدري يعني حقيقة كيف الأمر يلتبس على أمثال هؤلاء الذين هم يعدون من الموجهين للدعوة السلفية .
فأنا أزداد يقينا اليوم أن فقه الدعوة السلفي الصحيح من هم على هذا النهج من أبعد ما يكون عن فقه هذا الواقع وإنزال الأحكام عليهِ التوجيه السليم بحد ذاتهِ
حقيقة والله يعني والله شيء ماذا أقول ؟
مصيبة وكارثة عظمى أن نجعل من واقع لا يبحثُ إلا على وجود حاكم يعطيه المطالب التي يشتهيها ويوفر له ديمقراطية العيش ويوفر له حق الكلام وحق العيش وحق السكن ذلك لا يبحث عن طاعته ولا عن استقامته بأي وجهٍ من الوجوهِ فنأتيهم بهذه النصوص لأقوال أهل العلم بهذه الأقوال لأهل العلمِ التي مَبْنَاها أولاً وأخيراً على طاعة الله وعلى البُعد عن الدين والاستقامة والزندقة وغير ذلك فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يعني أزيد الأمر وضوحا
يعني ربط كل إنسان من طلبة العلم الذين هم على النهج وَالجادة أن ينظروا إلى هذه القضايا نظرة صحيحةً وينظروا إلى مطالب هذه الشعوبِ وما تريد ثم ننظر إلى النصوص النبوية ابتداءً وإلى الشرع ثم بعد ذلك إن غلبتنا أنفسُنا وأردنا أن نساير هذا الواقعَ أن لا نكذب على أنفسنا وأن لا نجعل من أقوال أهل العلمِ الذين استدلوا ولو أنهم أخطئوا وهم مأجورون بين يدي الله يوم القيامةِ
لأنهم بذلوا الوسعَ وأخطئوا أما أنت فواقعك ظاهرٌ وأقوالهم ظاهرة الضعف عندك كذلكَ فكيف تجعل منها أدلة أو تجعلها سبيلاً لجواز ذكر أن الخروج على الحكام اختلف فيه أهل العلمِ هذا أمر عظيمٌ جداً
فإن أولائك الأئمة رحمهم الله تبارك وتعالى إن كان خطؤهم خطأ فإنهم تكلموا عن الإمام من ناحية الاستقامةِ والطاعة والالتزام وأما ما نراهُ اليومَ فلا يبحثون لا عن طاعة ولا عن التزامٍ ولا عن استقامة إنما يبحثونَ عن إمام يوفر لهم متاع الحياة الدنيا ويكسوهم ويلبسهم ويسكنهم ويزوجهم فيكونوا أرضى ما يكونوا عليهِ وإن كان كافراً وإن كان بوش وإن كان ريغان وإن كان ما كان من الحكام الموجودين الآن .
فانتبهوا يا أولي الأبصار
وانتبهوا أيها الإخوة إلى هذه القضايا الدقيقة التي تستوجب منا إمعان النظرِ والنظر بدقةٍ وحقيقة النظر إلى الواقعِ الذي نعيشه ونريد إصلاحهُ فليس بهذه الأقوال تصلح الواقع الذي سار الآن مسيرة لا تمت إلى الشَّرع بِصِلَةٍ ودخل في متاهة سفك الدماء إلى أبعد ما يكونُ بل أصبحت ورقة الضعف على الحكام اليوم هي كمية الدماء والأموال السائلة هي ورقة الضعف لإخراج الحكامِ يعني الذي كان يخشاهُ علماءُ السلفِ وهو سفك الدماءِ أصبح اليوم هو الورقة الأساسية للضغط به للخروج على الحكام والمطالبة من الدول الإفرنجية الكافرةِ لمساعدتهم على إزالة مثل هؤلاء الحكام .
إذن كيف ننزل أحكام الله وأقوال أهل العلم الذين أخطئوا نجعل من ذلك سبيلاً لتصحيح مسارٍ بعيدٍ عن الشَّرع كلية ولا حول ولا قوة إلا باللهِ
. حياكم الله .
وسبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليكَ .

نقلًا من هنـا
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 02-13-2012, 09:05 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي اختلط الحابل بالنّابل! فالسَّعيد من جُنِّب الفتن والغوائل!!

اختلط الحابل بالنَّابل!



فالسَّعيد من جُنِّب الفتن والغوائل!!



بقلم: علي أبو هنيَّة


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فلا زالت الفتنُ تعصفُ بهذه الأمة تَتْرى, وتموجُ بها بين الفَيْنة والأُخرى, ضاربةً بجرانها, باركةً في أعطانها, متلاطمةً أمواجُها, واسعةً فجاجُها, في زمانٍ اختلطت فيه فتنةُ الشبهاتِ بفتنة الشهوات, والأمة الإسلامية تكابدُ النَّكباتِ, وتتجرَّعُ الويلاتِ, تتقلَّب فيها -ظهراً لبطنٍ- من فتنةٍ إِلى فتنة, ومن محنةٍ إِلى محنة؛ فمن فتنة التكفير, إلى فتنة التفجير, إلى فتنةِ التَّبديع, والتَّجريح الشَّنيع, إلى ما نعانيه مؤخّراً من أمر خطير, وشرٍّ كبيرٍ, وجهلٍ مستطير؛ من ثورات, وانقلابات, ومظاهرات, ودخول السلفيين في العمل السياسي والبرلمانات, وإنشائهم للأحزاب والجماعات, ومن هرج وإراقة للدماء, وقتل للمسلمين الأبرياء -والسلفية من كل ذلك براء-, حتى صارت السلفية سلفيات! والجماعة جماعات! والصراط الواحد عشرات! فاختلط الحابل بالنابل, والدَّابر بالقابل, وكلُّ ذلك بمباركة الشرقي والغربي, وتحت اسم ما يدعى بـ(الربيع=الخريف العربي=الغربي)!! ولسنا ندري ما سيحلُّ بعدُ بالعباد, نسأله سبحانه العصمة والرشاد, والهدى والسداد, والأمن في النفوس والبلاد.
والسَّعيدُ حقاً -والله- من جُنِّبَ هذه الفتن, وعوفيَ من هذه المحن, بنصِّ حديث المصطفى, وعينِ كلام المقتفى -صلوات الله وسلامه عليه- فيما أخرجه أبو داود في سننه (4263) من حديث المقداد بن الأسود وصححه الإمام الألباني في «الصحيحة» (975) قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتن, إِنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتن, إِنَّ السَّعيدَ لمن جُنِّبَ الفتن, ولمن ابتلي فصبر فواهاً».
والذي يزيد البلاء, ويُعظِم اللأواء, أَنَّ كلَّ فتنةٍ تمرُّ بالمؤمن من هذه الفتن يوقن أنها أعظم من سابقتها, وكلَّ محنة وبليَّة أهون من لاحقتها, حتَّى إِنَّ العبد ليتمنى في قرارةِ نفسه, لو كانت فتنةُ يومه كمصيبة أمسه, لهول ما يراه, وشدَّة ما يلقاه, ومصداق ذلك ما جاء في «صحيح مسلم» (1844) وهو في «الصحيحة» (241) من حديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قبلي إِلاَّ كَانَ حَقّاً عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ, وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ, وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا, وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا, وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضاً, وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ؛ فَيَقُولُ الْمؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِى. ثُمَّ تَنْكَشِفُ, وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ؛ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ, وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ... الحديث».
قال العلّامةُ ابن عثيمين -رحمه الله-: «أخبر النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث أنه تأتي فتنٌ فيرقِّق بعضها بعضاً, أي أنَّ بعضها يجعل ما قبله رقيقاً وسهلاً, لأَنَّ الثانية أعظمُ من الأُولى, كلُّ واحدةٍ أعظمُ من الأُخرى فترقِّق ما قبلها, ولهذا قال: «يرقِّق بعضها بعضاً» فتجيء الفتنة, فيقول المؤمن: هذه مُهلِكتي, لأَنَّ أولَ ما تأتي يستعظمها فيقول: من هنا نهلك.
ثم تأتي الأُخرى فترقِّق الأولى, وتكون الأولى سهلةً بالنسبة إليها, فيقول المؤمن: هذه هذه, يعني هذه التي فيها البلاء كلُّ البلاء, نسأل الله أن يعيذنا من الفتن, ولكنَّ المؤمن يصبر ويحتسب ويلجأ إلى الله -عز وجل-, ويستعيذ بالله من الفتنة, وفي كل صلاةٍ يقول: «أعوذ بالله من عذاب جهنم, ومن عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات, ومن فتنة المسيح الدجال»».انتهى من «شرح رياض الصالحين» (2/472)
فالله الله أيها السلفيُّ الحكيم! -وليس كلُّهم حكماء- في الثبات على نهج سلفنا الأخيار, وعلمائنا الكبار, الذين ما زاغوا ولا غيَّروا, ولا بدَّلوا ولا تحيَّروا, فلا تَحِدْ عن هذا المنهج العظيم, ولا عن لزوم هذا الصراط المستقيم, وهذا المهيع القويم, لا ترضَ له بدلاً, ولا تبغِ عنه حولاً, بادر إليه, واحرص عليه, وتسلَّح بالعلم النافع فهو لك خير سلاح, وبالعمل الصالح فهو سمة أهل التُّقى والصَّلاح, واتَّقِ مقتَ الله وعقابَه, وغضبَه وحسابَه, وَزيِّنْ أقوالَك بأفعالِك, واتَّعظ بحال من خالف ذلك, فأردى نفسه في المهالك, فإِنَّ البُعدَ عن الفتن غُنْم, والقربَ منها غُرْم.
والعجبُ كلُّ العجبِ!! أن يستشرفَ للفتن من كان أشدَّ النَّاس منها تخويفاً وتنفيراً, وأكثرَهم عنها نهياً وتحذيراً, فيتولَّى كبرها, ويتحمَّل وزرها؛ فيُجوِّز التَّحزُّب المذموم, ويبيح التَّفرُّق المشؤوم, ويحمل دماء الأبرياء, ويستبيح أعراض الأتقياء, ومن شدَّة ولعه بها, واشْرِئْباب عنقه لها, يصبح ذا عقلٍ مسلوب, ورأيٍ مقلوب, ومِعلاقٍ كذوب, كما قال الشاعر:

يُقضَى على المرءِ في أَيَّامِ محنتهِ *** حتَّى يرى حَسناً ما ليسَ بالحسنِ

ويتبعه على ذلك أقوام ممتدةً إلى الفتن أعناقُهم، متطلعةً إليها أنفسُهم، مرتاحةً لها قلوبُهم، مصيخةً إلى دعواها أسماعُهم.
فراشُ نارٍ, وذبابُ طمعٍ؛ فمنهم العجب! ولهم العَطَب!
فالله الله أيها السلفيُّ الفَطِن! -وليس كلُّهم فطناء- تيقَّظ, وإياك إياك أن تقع في شَرَك الفتنة؛ فتكونَ من الذين وصفهم معاوية -رضي الله عنه- بقوله: «أَيها الناس إِنَّ لإِبليسَ من النَّاسِ إِخواناً وخُلاناً, بهم يستعدُّ, وإياهم يستعين, وعلى ألسنتهم ينطق, إن رَجوا طمعاً أَوجفوا, وإن استُغنيَ عنهم أَرجفوا, ثم يُلقِحون الفتن بالفجور, ويشققون لها حطبَ النِّفاق, عيَّابون مُرتابون, إن لَوَوا عروةَ أمر حَنِفوا, وإن دُعُوا إلى غَيٍّ أَسرفوا, وليسوا أولئك بمنتهين ولا بمقلعين ولا متعظين, حتى تصيبَهم صواعقُ خِزيٍ وبيلْ, وتحُلُّ بهم قوارعُ أَمرٍ جليلْ, تجتثُّ أصولهم كاجتثاثِ أُصول الفَقْع, فأولى لِأُولئك ثم أولى, فإنا قد قدَّمنا وأنذرنا, إن أغنى التَّقدُّم شيئاً أو نفعَ النُّذُر».انتهى من «جمهرة خطب العرب» (2/244)
ولا شكَّ أن هذه الفتن لا توقع السُّذَّج في حبائلها حتى تبدو في أولها زهية المظهر, حسنة المنظر, ثم بعد حينٍ تشبُّ وتضطرمُ نارُها, ويبانُ قبحُها وعوارُها, فإِذا هي من أقبح ما يكون, ومن أبشع ما يرى الناظرون, وقد بوَّب الإِمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه (8/122): «بابُ الفتنةِ التي تموجُ كموجِ البحر», ثم قال عقبه: «وقال ابنُ عيينةَ عن خلفِ بن حوشبٍ: كانوا يستحبون أن يتمثَّلوا بهذه الأَبياتِ عند الفتن, قال امرؤ القيس:

الحربُ أَوَّلُ ما تكونُ فتيَّةً *** تسعى بزينتها لكلِّ جهولِ


حتَّى إِذا اشتعلتْ وشَبَّ ضِرامُها *** وَلَّت عجوزاً غيرَ ذاتِ حَليلِ


شمطاءَ يُنكَرُ لونُها وتغيَّرتْ *** مَكروهةً للشَّمِّ والتَّقبيلِ».اهـ

والحقيقةُ التي لا مناصَ منها, ولا محيدَ عنها؛ أَنَّ الفتن محيطةٌ بابن آدم به تصطك, وعنه لا تنفك, والشيطان لا ييأس من إغواء العبد حتى تصعد روحه إلى باريها, وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ الموْتُ وَلُقِّنَ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ قَالَ: لَا. فَرُئِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: كُنَّا نَقُولُ لَك: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَنْتَ تَقُولُ: لَا، فَقَالَ: كَانَ إبْلِيسُ تَعَرَّضَ لِي وَقَالَ لِي: سَلِمْت مِنِّي يَا أَحْمَدُ, فَقُلْت لَهُ: مَا دَامَتْ الرُّوحُ فِي الْحُلْقُومِ لَا أَسْلَمُ مِنْك، وَكَانَ ذَلِكَ جَوَابًا لَهُ لَا لَكُمْ».اهـ انظر «سير أعلام النبلاء» (11/341), و«المدخل» (3/231)
فلا يعتدَّ بنفسه أحد, كائناً من كان, ومهما بلغ من الفضل والعلم, أو كان من أهل النُّهى والحلم, فكم قد رأينا قد سَقط من الفضلاء, وفُتِن من النبلاء, فكيف بغيرهم ومن هم دونهم؟!
لذا على العبد دوماً أن يسأل الله الثبات على الحق حتى الممات, فقد كان أكثرَ دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».«الصحيحة» (2091)
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كان يقول إذا أُثْني عليه في وجهه كما في «مدارج السالكين» (1/524): «والله! إني إلى الآن أُجدِّدُ إسلامي كلَّ وقت،وما أسلمت بعدُ إسلاماً جيِّداً».
وكيف يأمن العبد على نفسه الفتنة وقد تقلَّب في بعيدها وقريبها؟ وكيف لا تكون قد مسَّته بحرِّها ولهيبها؟ وهو يخالف جهاراً نهاراً كلام المعصوم -صلوات الله وسلامه عليه- الذي كان -من قبل- يُعلِّمه, ويُدرِّسه, ويُؤصِّل منه, ويُفرِّع عليه, ويُنظِّر به, ويدعو إليه, وينافح عنه, ويستميت بين يديه؟!!
فالله الله أيها السلفي الحليم! -وليس كلُّهم حلماء- في خِضمِّ هذه الفتن؛ تمهّل واصبر وتأنَّ, ولا تتجشَّم الصعب وتتعنَّ..
فلتقعدْ ولا تقمْ, ولتقمْ فلا تمشِ, ولتمشِ فلا تسعَ...
فقد أخرج البخاري (3406) ومسلم (7429) عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن تشرّف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذاً فليعذ به».
ومسلم (7432) عن أبي بكرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنها ستكون فتن, ألا ثم تكون فتنة؛ القاعد فيها خير من الماشي فيها, والماشي فيها خير من الساعي إليها, ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله, ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه, ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه». قال: فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: « يعمد إلى سيفه فيدق على حدِّه بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء. اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟». قال: فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين, أو إحدى الفئتين؛ فضربني رجل بسيفه, أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: «يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار».
وقد طبّق كثير من السلف نصوص البعد عن الفتنة أحسن تطبيق, واعتزال الأمر إذا اختلط ولم يتبيّن الحق على وجه التحقيق, فقد أخرج ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (4/71) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (8 / 82) عن حرملة مولى أسامة قال: «أرسلني أسامة بن زيد إلى علي بن أبي طالب وقال: إنه سيسألك الآن ويقول: ما خلف صاحبك؟ فأقرئه السلام وقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه, ولكن هذا الأمر لم أره. قال: فلم يعطني شيئاً, فذهبت إلى حسن وحسين وعبد الله بن جعفر فأوقروا لي راحلتي».
و في رواية أخرى عند الذهبي في «سير أعلام النبلاء" (2/504) «أن عليًّا لقي أسامة -رضي الله عنهما- فقال له: ما كنا نعدُّك إلا من أنفسنا يا أسامة، فلم لا تدخل معنا -أي في القتال- فقال له: يا أبا حسن، إنك والله لو أخذت بمشفر الأسد لأخذت بمشفره الآخر معك حتى نهلك جميعاً، أو نحيا جميعاً، وأما هذا الأمر الذي أنت فيه فوالله لا أدخل فيه».
وأخرج الذهبي في «السير» (1/120) «عن حسين بن خارجة الأشجعي أنه جاء إلى سعد بن أبي وقاص، وقصّ عليه مناماً رآه عن الفتنة، ثم قال له: مع أي الطائفتين أنت؟ فقال سعد: ما أنا مع واحدة منهما، فقال الرجل: فما تأمرني؟ قال: هل لك من غنم؟ قال: لا، فقال له سعد: فاشتر غنماً، فكن فيها حتى تنجلي الفتنة».
وأخرج البخاري (6676) «عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة ابن الأكوع: أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك تعرَّبت؟ قال: لا ولكن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- أذن لي في البدو».
«وعن يزيد بن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة وتزوج هناك امرأة وولدت له أولاداً, فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليال نزل المدينة».
فالله الله أيها السلفي العاقل -وليس كلُّهم عقلاء- في اعتزال هذه الآفات, واجتناب هذه المدلهمّات, فإنَّ هذه الفتن لا تبقي أحداً ولا تذر, فلا يغترَّ بإيمانه وعمله إنسان! فالحذر الحذر..
نسأله -سبحانه- أن يُكلِّلنا برضاه, وأن يثبِّتنا على الحق حتى نلقاه.


والحمد لله رب العالمين


الاثنين: 20/ربيع أول/1433هـ
الموافق: 13/2/2012م
عناتا-القدس

من هنـا
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 05-06-2012, 09:55 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

قال الإمام ابن القيم -رحمهُ الله-:
(تأمل حكمتَه تعالى في أن جعل ملوكَ العباد وأمراءَهم وولاتهم مِن جنس أعمالهم؛ بل كأن أعمالَهم ظهرت في صُور وُلاتِهم وملوكهم، فإن استقاموا استقامت ملوكُهم، وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جارُوا جارت ملوكُهم وولاتُهم، وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فوُلاتهم كذلك، وإن منعوا حقوق الله لديهم وبَخلوا بِها منعت ملوكُهم وولاتُهم ما لهم عندهم من الحق ونحلوا بها عليهم، وإن أخذوا مِمن يستضعفونه ما لا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوكُ ما لا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكل ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجُه الملوكُ منهم بالقوة.
فعمَّالُهم ظهرت في صُور أعمالهم.
وليس في الحكمة الإلهية أن يولَّى على الأشرار الفجار إلا مَن يكون من جنسهم.
ولما كان الصدرالأول خيار القرون وأبرَّها كانت وُلاتُهم كذلك، فلما شابوا شابت لهم الولاةُ.
فحِكمة الله تأبى أن يولِّي علينا في مثل هذه الأزمان مثلَ معاوية وعمر بن عبد العزيز -فضلا عن مثل أبي بكر وعمر-؛ بل وُلاتنا على قدرنا، وولاة مَن قبلنا على قدرهم، وكل مِن الأمرين موجب الحكمة ومُقتضاها). "مفتاح دار السعادة".
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 05-07-2012, 01:42 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

(( ومن هذه المفاهيم الخاطئة: إدخال العامة فيما هو من خصائص أهل الحل والعقد فإن هذا خلاف سياسة القرآن والسنة، أما القرآن فهو قول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}.
هذه الآية فيها فوائد عظيمة جدا، من هذه الفوائد:
أن إذاعة الأخبار -وهذا ما ابتُلينا به في هذا العصر، وأحيانا تكون هذه الأخبار موجَّهة لضرب الحاكم بالشعب وضرب الشعب بالحاكم كما هو حادث وجرى- أن الله -تبارك وتعالى- يقول لا تبثوا هذه بين الناس، هذا أمر يكرهه الله ولا يحبه، وينهى عنه، لماذا؟ لأنه:
أولاً: يشغل عن دين الله، يشغل عن ذكر الله ويجعل الناس همهم حديث بعضهم بعضا فقط.
الأمر الثاني: أنه يثير الفتن بين المسلمين.
ومن هذا:
فإن ما يسمى -اليوم- بالمظاهرات، ويقولون إن هذه المظاهرات أسقطت نظامين من أنظمة الحكم؛ فدل هذا على أنها مشروعة، وأنها مطلوبة شرعًا!
فنقول: قد قال تبارك وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}، فليس كل مصلحةٍ اعتبرها الناسُ مصلحةً فهي مصلحة شرعية؛ لأن الشارعَ حينما يأمر بالمصلحة فإنه يأمر بالمصلحة الغالبةِ التي تكونُ مبادئُها وعواقبُها إلى خير، ويكون الحظُّ الأكبرُ منها للشريعةِ والدِّين والعقيدة.
ولو تأملنا ما جرى في تونس وفي مصر؛ نعلم أنَّه لا حظَّ للعقيدةِ ولا للشريعة فيما جرى، وأنَّ المسألة هي مسألة تغيير أشخاص؛ إنما الغرب أرادوا افتعالَ هذه الأمور حتى يبسُطوا يدَهم باسم الديمقراطيَّة، ويتحكَّموا، ويُملوا على الحُكام بما شاؤوا )).
من محاضرة للشيخ عبد الله العبيلان -حفظه الله- بعنوان: "مفاهيم خاطئة في السياسة الشرعية".
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 05-07-2012, 02:03 AM
أم معاذ أم معاذ غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: تونس
المشاركات: 55
افتراضي

لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم
__________________
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 05-13-2012, 02:01 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 10-12-2012, 01:33 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



كلمة فضيلة الشَّيخ علي الحلبي -حفظه الله-
حول المظاهرات وما سمِّي بـ: (مسيرة الزحف المقدَّس)!
إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شَريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أمَّا بعد:
فإنَّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله، وخيرَ الهَدْي هديُ محمد -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدَثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
وبعدُ:
فهذا -أيُّها الإخوةُ المشاهِدون، وأيتُها الأخوات المُشاهِدات-؛ لقاؤُنا العلميُّ المتجدِّدُ -بتوفيق المولى-سُبحانه وتَعالى- في برنامجكم الأسبوعيِّ: «فتاوى الأثر»، أستقبلُ فيه اتصالاتِكم واستفساراتكم واستفتاءاتِكم، ونُجيب بحسب ما يعيننا اللهُ -تعالى- عليه، والأمرُ في ذلك كما قال عبدُ اللهِ بنُ مسعود -رضي اللهُ عنه-: «مَن علِم علمًا؛ فليحدِّثْ به، ومَن لم يعلَم؛ فليقلْ: اللهُ أعلم».
ولا بدَّ مِن كلمةٍ -قبل بداية هذا البرنامج واستقبال أسئلتِكم واستفساراتِكم واستفتاءاتِكم-..
أقول: لا بد من كلمةٍ متعلِّقةٍ بحدَثٍ يجري في بلادِنا الأردن -وهي جزءٌ من البلاد المبارَكة-بلاد الشَّام-، البلاد التي بارك اللهُ فيها؛ لأنَّها حول المسجدِ الأقصى، وفي إطارِه ومُحيطِه-ردَّه الله-تعالى-مِن اغتصاب المغتصِبين، وإخوانِ القردةِ والخنازير-.
ذلكم أنَّنا على موعد بعد غدٍ -فيما سمِعنا، وسمع غيرُنا، وامتلأ القولُ في السَّهل والجبل!- بمسيرة -أُطلق عليها عدةُ أسماءٍ- ضدَّ الفسادِ، وطمعًا في الإصلاح!!
وابتداءً -هنا- عندنا مُسلَّمتان، ونحن نتكلَّم بالمنطق العلمي، بمنطقِ الحُجَّة والدَّليل -بغض النَّظر عن خطأ أو صوابٍ قد يصدرُ منا أو يبدُر عنا-؛ فالعلمُ اجتهادٌ في أصلِه، ثم خطأٌ أو صواب في نتيجتِه، ثم أجرٌ أو أجران عند الله -تباركَ وتعالى-.
المُسلَّمةُ الأُولى: أنَّنا -مِن حيث الرأيُ الفقهيُّ- نميلُ إلى أن المظاهراتِ والمسيرات -بكافَّة أشكالِها- لا تجوز، وهذا هو رأيُ أئمَّة العِلم الكبار -في هذا الزَّمان-مُجتمعةً أقوالُهم-: الشَّيخ ابن باز، والشَّيخ الألباني، والشَّيخ ابن عثيمين، ومَن في إطارِهم من أهل السُّنَّة ودعاة منهج السَّلف.
وأصولُ الأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المُنكر مُنضبطةٌ في الشَّريعة، لا نحتاجُ إلى أن نستوردَ مِن عقائدَ أخرى، أو مِن أفكارٍ أخرى أمرًا زائدًا على ما في دينِنا -سواءٌ سُمِّيت هذه المسيرات أو هذه المظاهرات: سِلميَّة، أو غير سِلميَّة-؛ بالتَّجربة قلَّ أن تَسلمَ مظاهرةٌ -حتى لو سُمِّيت سِلميَّة- من الأذى أو الإيذاء -فضلًا عما هو أكبرُ مِن ذلك-.
نعم؛ قد يُقال لي -وقد قيل-: نعم؛ تَسلَم بعضُ المظاهرات مِن ذلك.
فأقول: هذا نادر، والنَّادر لا حُكم له.
والحمدُ لله أنَّنا في هذا البلد المُبارَك -على كثرةِ ما جرى-خلال سَنةٍ ونصف أو زيادة-مِن مُظاهرات واعتصامات وكذا-؛ لا تزال الأمورُ -بشكلٍ عامٍّ- فيها انضباطٌ، وفيها حِفظ للأمنِ المُجتمعي، وفيها وعيٌ مِن جميع الأطراف؛ ولكنَّ الذي نخشاه أن تنفلتَ الأمورُ.
ومهما حاولَ مُنظِّمو هذه المسيرات أن يَضبِطوا؛ قد يضبطون مائةً.. مائتين.. ألفًا.. ألفَين..؛ لكنْ لن يستطيعوا أن يَضبطوا كلَّ أحد؛ لأنَّ كلَّ إنسان يأتي ومعهُ خَلفيَّةٌ ذِهنيَّةٌ فِكريَّة معيَّنة، إن خيرًا فخَير، وإن شرًّا فشَر!!
المُسَلَّمة الثَّانية: أنَّنا ضد الفساد، ومع الإصلاح.
وعندما نتكلَّم عن الفساد لا نتكلَّم -أوَّل ما نتكلَّم- عن الفساد السِّياسيِّ، أو الفساد الاقتصادي -وهما أكثرُ شيءٍ يتكلَّم عنه دُعاةُ المسيرات والمظاهرات!-؛ ولكنَّنا -نحن- عندما نتكلَّم؛ فإنَّنا نتكلَّم -أوَّل ما نتكلَّم- عن الفساد الاعتقاديِّ، والفساد الأخلاقيِّ، والفساد السُّلوكيِّ، الذي منهُ ينتجُ -كثمرةٍ ونتيجة- الفسادُ السِّياسي، والفساد الاقتصادي أو المالي، فلا نُريد أن نَقلبَ الصورةَ، وأن نعكس القضيَّة؛ إنَّما نبتدئُ بما هو أهمُّ.
عندما جاء النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلى أهل قُريش مِن أكابرِهم -وهم مَن هم في ذلك الزَّمن في مكَّة-، قالوا له: إن أردتَ مُلكًا ملَّكناك، وإن أردتَ مالًا أعطيناك!
ليس هذا هو الحلَّ!
ليس الحلُّ -فقط-بالنِّسبةِ لنا -نحن المسلمين-وإن جاز التَّعبير أضعها بين قوسين: (الإسلاميِّين!)-..
مع أن مصطلح (الإسلاميِّين!) أنا لا أحبُّه كثيرًا -معذرةً!-؛ لأن فيه تفريقًا بين أصنافِ أهلِ الإسلام؛ فصار المسلمُ شيئًا، والإسلاميُّ كأنَّه شيءٌ آخر!!
لكن: هذا شيءٌ درَج، ويُقصد به الدُّعاة، وإن قُصد به فئةٌ خاصَّة -اليوم- مِن الدُّعاة!
ونحن لسنا مع هذا التَّقسيم -ابتداءً-.
فالذين يُريدون الإصلاحَ عليهم أن يقتدوا بسيِّد المُصلِحين -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وسيِّد المُجاهِدين -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وسيِّد الآمِرين بالمعروف والنَّاهين عن المُنكر -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- بماذا بدأ، وكيف بدأ.
بدأ بالعقيدةِ، وبإصلاحِ الأخلاق، وبإصلاحِ السُّلوك، وبإصلاحِ العبادة والصِّلة مع الله -عزَّ وجلَّ-.
أمَّا السياسة والاقتصاد؛ نعم أمران مهمِّان؛ لكنَّهما ليسا في الأهميَّة بالدَّرجة الأولى.
نحنُ -أكرِّر بوضوح- نحن ضدَّ الفساد من أيةِ جهةٍ صدرَ هذا الفساد، ومن أي إنسانٍ ظهر هذا الفسادُ، ونربأُ بكلِّ ذي مسؤوليَّة أن يتستَّر أو أن يُغطِّي على أهل الفساد.
ولا صلاحَ للمجتمعِ والفردِ وللدَّولة لمَن هو في موقعِ المسؤوليَّة إلا بأنْ يُخلِّصَ المجتمعَ من الفاسِدين، ومِن المفسِدين، الذين هم في المجتمع بِذرةُ شرٍّ، كلما استمرَّ وجودُها؛ كلَّما كبرَ أثرُها، وعظُمت سيئاتُها ومساوئُها.
فيجبُ إيقافُ هؤلاء -مهما كانوا، وأينما كانوا- عند حدِّهم؛ لكن: كيف؟! هنا السؤال المهمُّ، وهنا المعضِلة!
أنا أقول:
الجميع -الآن- يعترفُ أنَّه هنالك فسادًا، وأنَّ هذا الفسادَ في مستويات شتَّى مُتعدِّدة، وأنَّه مضى عليه -وللأسفِ- عشراتُ السِّنين..؛ فأنا أقول -أخاطبُ أصحابَ القلوب الحيَّة، والضَّمائر النقيَّة-:
هل فسادٌ مضى عليه سنون وسنون يُمكن أن ينتهيَ ببضعة شهور؟!!
لماذا لا يكونُ هنالك تعاوُن إيجابيٌّ يشعر المجتمعُ فيه بالرَّاحةِ والاطمئنان، بالأمنِ والإيمان والأَمان، بالحُبور والسُّرور.. أنَّ هنالك تعاملًا إيجابيًّا بين المواطِن والمسؤول لإيقاف هذا الفاسد، وقَصْرِ شرِّه، وإنهاءِ فتنتِه -بدلًا مِن أن نخرجَ من فتنةٍ فرديَّة لنوقعَ المجتمع لفتنةٍ جماعيَّة!-.
هذه أمور لا أظنُّ أحدًا -لا أقول مِن أهل الإسلام؛ بل مِن بني الإنسان- سَويًّا في فِكرِه، سَويًّا في تصوُّرِه، سَويًّا في إراداتِه يُنكرُها، أو يَرفضُها، أو لا يَقبلُها!
هذا مما يجبُ أن تأتلفَ عليه القلوب والنُّفوس والعقولُ والضمائر؛ لننطلقَ بصوتٍ واحد ضمنَ الهُدوءِ والطمأنينة والوعي والمسؤوليَّة والنَّظر في مآلاتِ الأشياء بكلمةٍ تُوقِفُ هذا الفاسدَ، أو ذلك المُفسدَ عند حدِّه.
والوجهُ الآخر لِمضادَّة الفساد: هو الدَّعوةُ إلى الإصلاح.
أيضًا؛ الدعوةُ إلى الإصلاح لها ضوابطُها.
هنالك أمورٌ يَعرفُ الجميعُ أن مجال إصلاحِها موجود؛ لكنْ: لهذا الإصلاح مراحل.
وأنا -الحقيقة- لا أريدُ أن أدخل في التَّفاصيل -سواء فيما يتعلَّق بموضوع الانتخابات والأصوات-من جهةٍ-، أو في الحكومة البرلمانية، أو التَّعديلات الدُّستوريَّة-.. أنا أقول: هذا -كلُّه- ليس قرآنًا كريمًا، وليس «صحيحَ البُخاري»!
الدُّستور وغيرُ الدُّستور قابلٌ للأخذ والعطاء، ونحن نقولُها -ها هنا-مدويةً-:
يجبُ أن تكون أحكامُ الدِّين والدُّنيا والدَّساتير -كلِّها- في العالَم -أجمع-رضيَ من رضي، وأبَى من أبى- مُنبثقةً عن الإسلام، راضيةً بالإسلام، راجعةً إلى الإسلام.. واللهِ؛ سيكون فيها السعادة، وسيكون فيها الغَناء والهَناء، وسيكونُ فيها دفعُ البلاء واللَّأواء، سيكونُ فيها راحةُ الفردِ والمجتمع وطمأنينةُ الحاكِم والمحكوم.
أمَّا أن نعيش بنظرةٍ سَوداويَّة، وحالةٍ فوضويَّة، لا نعرفُ مستقبَلَنا، ولا نضمنُ أو نضبطُ مستقبل أُسَرِنا وأبنائِنا؛ بحجَّة: دفع الفساد، أو مضادَّة الفساد، أو المطالبة في الإفساد..! -وبخاصَّة إذا تولَّى هذا الأمرَ بعضُ النَّاس -معذرةً!- الذين لا يخلو قولُهم مِن حماقة! -نسأل الله العافية-؛ فلا نراهم يَقبَلون القولَ والقول الآخر، وهم في الوقت الذي يُنادون فيه بالدِّيمقراطيَّة!!
لا الإسلام قَبِلوا -أن يقبَلوا حُكمَ المجتهد وقولَه-، ولا الدِّيمقراطيَّة قَبِلوا -أن يَقبَلوا الرَّأي والرَّأي الآخر-!!
ماذا تريدون؟!!
لا تُريدون الإسلام، وأنتم تُظهرونه؟!
ولا تَقبَلون الدِّيمقراطيَّة، وأنتم تتغنَّون بها؟!
إذن: ما الحل؟!
وأين المصير؟!
وأين المسير؟!!
إلى متى.. وإلى أين؟!
أن أتَّهمك، وأن أطعنَ فيه؛ هذا مِن أسهل شيء!
قلتَ: خائن!
أقول: أنتَ خائنٌ أكبر!
قلتَ: مجرم!
أقول: أنتَ سيِّد المجرِمين، ومِن أكابر مُجرميها!
قلتَ: أنتَ أفتَيتَ بكذا وكذا بالباطل!
أقول: بل أنتَ أفتيتَ كذا وكذا بالباطل!
أين قولُ الله: {قُلْ هاتُوا بُرهانَكُم إِنْ كُنتُم صادِقينَ}؟
أين قولُ مَن قال مِن أهل العلم:
والدَّعاوى ما لَم تُقيموا عليها ... بيِّناتٍ أصحابُها أدعياءُ
وبين هذا وذاك قولُ النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-:
«البيِّنةُ على المدَّعِي واليمينُ على مَن أنكر».
يأتي بعضُ النَّاس ليردَّ -كما توهَّم!- على كلامٍ قلتُه -لا يخرجُ عن الإطارِ الذي ذكرتُه في الدَّقائق القليلة الماضية-؛ فإذا به يقول: فلان -ويقصدني- أفتى بقتلِ (س) -من النَّاس-، أو (ص) -من الناس-!!
والله؛ إنَّ هذا الزَّعم -كما يقال- مما تضحكُ منهُ الثَّكالى!!
نعم؛ مما تضحكُ منهُ الثَّكالى!!
أيُّها الإخوة والأخوات:
منهجُنا معروف وواضح ومعلَن، ليس عندنا أسرار، وليس عندنا دسائس، وليس عندنا أمور تحت الطَّاولة، وأمور فوق الطاولة..، ما هنا؛ هنا -دون مثنويَّة، ومِن غير تردُّد-.
نحن لا نُجيزُ قتل الكفَّار المستأمَنين في بلاد المسلمين؛ فكيف نُجيزُ المسلمين في بلاد المسلمين؟!!
للأسف!
هذه بدهيَّة، هذه قضيَّة ينبغي أن تكونَ مُتصوَّرةً في الأذهان أَبيَنَ تصوُّر وأوضحَه.
لكن: عندما يفقد الإنسانُ مُقوِّمات البحث العِلمي؛ فإنَّه يخبط خبط عشواء، لا يستطيع أن يُدافع عن نفسِه، أو عن فكرتِه إلا بالطعن واللَّعن والسَّب والشَّتم والاتِّهام!
الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول:«مَن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه؛ أسكنهُ اللهُ ردغةَ الخَبال حتى يخرجَ مِمَّا قال»، وردغةُ الخَبال -كما في حديثٍ آخر-: «عُصارة أهل النار».
فتاوى القتل ليست مِنا، وليست عنَّا، وليستْ طريقتَنا.
مَن مارسَ القتلَ في الشَّوارع وفي الطُّرقات لا أنتظرُ فتوى فلان أو عِلان أو زيد أو عمرو -فضلًا عن أن يُفترَى عليه بنقيضِ قولِه-..!
على أنَّني أقول -بالنِّسبة إلى هذه الجزئيَّة-:
هذا أمرٌ مضى عليه أربعُ سنوات، وكذَّبناه -منذُ لحظتِه الأُولى-، وكتبنا في الإنترنت، وكتبنا في بعضِ الصُّحف، وحتَّى بعض القنوات الفضائيَّة -الشَّهيرة- عقدتْ معنا لقاءً في ذلك..؛ لكن: هؤلاء -للِأسف!-أو بعضهم- كالتَّاجر المفلِس يبحثُ في الدَّفاتر القديمة -وللأسف الشديد!-..
أيضًا؛ قضيَّة أخرى:
يقول: هذا ضدَّ الإصلاح، وهذا ضد المصلِحين!!
إمَّا أوافقك في كلِّ ما تقول، وإمَّا أن أكون ضدك؟!
إما أن أكون معك نسخة طبق الأصل، أو أكون خائنًا، أو عميلًا، أو مِن جماعة السَّلاطين -كما يقال-؟!
لم أسعَ يومًا -والحمدُ لله- إلى نيابة، ولا إلى وزارة، ولا إلى وظيفة..
هذا الكلامُ يُقال لمن يَفعل ما يفعل -اليوم- طمعًا في مستقبل له وزارة وله نيابة، وله حكومة.. -ولو على ما أنتم ترَون وتخشون ونخشى ويخشى كلُّ ذي نظرٍ مما هو واقع ما له من دافع-؛ إلا أن يتغمدنا الله برحمته.
وأنا على مثلِ اليقين: أن شعبَنا ومُواطنينا وإخوانَنا وأهلَنا وأبناءَنا على وعيٍ كاملٍ؛ أن يكونوا -أوَّل ما يكونون- حُماةً لأنفسِهم؛ أن يُحكِّموا العقلَ، أن يكون التَّأنِّي رائدَهم، وأن يكونَ التمهُّل في الأمور قائدَهم، وأن يَعلموا أن الفوضى إذا حصلتْ؛ فإن نتيجتَها خطيرة ووبيئة وقاتلة، ومَن رأى العبرةَ بأخيه؛ فلْعتبر.
انظروا هنا وهناك وهنالك -ممن هم حولنا، وممن هم قريبون منَّا- ماذا يُعانون من الفوضى، وماذا يُعانون من اللامسؤوليَّة إذا انفلتَ عِقدُ الفتنة، وانفرط سِلكُه وِنظامُه.
فالعميلُ والخائنُ هو الذي يخونُ وطنَه، يخونُ دينَه، الذي يقدِّم مصلحةَ الحزبِ والشَّخصيَّة والأنا على مصلحة المجتمع والأمَّة.
وأنا أعتقدُ أنَّه لا يوجد تناقضٌ -البتةَ- بين أن نقرَّ هذا الأصلَ -مِن جهة-، وأن نطالبَ بالإصلاح ضمن القنوات الشَّرعيَّة -من جهةٍ أخرى-، وأن نكونَ ضدَّ الفساد -مِن جهةٍ ثالثة-؛ لكنْ: بعضُ الناس يتصوَّرون أنه لا طريق إلا هذا الطريق، ولا سبيل إلا هذا السَّبيل!
يا أخي؛ فلْتقل ما تريد أن تقول، ولْتفعل ما تريد أن تفعل؛ لكنْ -وأنت تقول: (أنا إسلامي)!، أو تقولها-أكثرَ وأكثر-: (أنا ديمقراطي)!-؛ لماذا لا تَقبل القولَ الآخر والكلام فيه -بهدوءٍ وإنصافٍ ورَويَّة-، ليس فيه طعن، وليس فيه تجريح، ليس فيه تخوين..
لماذا: إمَّا أن تكونَ معي، أو أن تكونَ ضدِّي؟! أم أنَّكم نسيتُم هذه سياسة مَن؟
ما بالُنا نستعمل سياسة عدوِّ الأمس بأحوال اليوم -وللأسف الشَّديد-؟!
وآخر ماذا يقول؟
يقول: (هذه فتاوى مُسَيَّسة)!
وهذه عبارة -في الحقيقة- لا يُراد من ورائها إلا الطعن!
أي فتاوى مُسَيَّسة..؟! وهذا منهجُنا الذي أنتَ تعرفُه، وأنتَ تعرفه.. وأنتَ تعرفه منذ أن فتَحْنا أعينَنا على العلم والدعوة..
هل تغيَّر منهجُنا؟.
هل تغيرت طريقتُنا؟
نحن نُفرِّق بين أن نُسَيِّس الدِّين، وبين أن نفصلَ الدِّينَ عن السياسة.
فصلُ الدِّين عن السِّياسة لا يجوز -بأيِّ حالٍ من الأحوال-.
أمَّا تَسيِيسُ الدِّين؛ فهذه أخطرُ وأشدُّ وأنكى!
لأنَّها قد تَخرج من أناسٍ لا يريدون خيرًا للمجتمع، ولا للوطن، ولا للأمَّة، ولا دين الأمَّة!!
لذلك: نحن عندما نتكلَّم في الدِّين بالحجَّة -فيما نعتقد-.. أن نكون أخطأ أم أصبنا-أكرِّر هذه الجزئيَّة- أن نكون أخطأ أم أصبنا؛ هذه مسألةٌ أخرى، وقضيَّة أخرى؛ كما قال الإمامُ مالك: «ما مِنَّا إلا رادٌّ ومردودٌ عليه؛ إلا النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-»..؛ لكن:
رُدَّ علي بأدب.. رُدَّ عليه برِفق.. ردَّ عليه برحمة..
لماذا ترد عليَّ بالعُنف والتخوين؟!!
لماذا تردُّ عليَّ بالعبارات الصَّلِفة التي أستطيع أن أَقلِبَها عليكَ بأشدَّ!
فإذا كان لكَ قلم؛ فعندنا أقلام!
وإذا كان لكَ لسان؛ فعندنا ألسِنة!
لكن هذا ليس هو الخُلُقَ المحمَّديَّ، وليس هو الأدبَ النَّبويَّ -الذي تعلَّمناه، وتربَّينا عليه، ونحرصُ عليه-وإن كان ذلك-كلُّه-في نقصٍ-نسأل الله أن يسترَ فيه علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين والمسلمات-.
يقولون: (فتاوى مُسَيَّسة)!!
لا تحاكِمونا على المواقف؛ حاكِمونا على المبادئ.
هذه مبادئُنا منذ أن فتحنا أعينَنا على العلم، لَم تَمرَّ قضيَّةٌ كبرى مِن قضايا الأمة؛ إلا ولنا فيها قولٌ كما كان مشايخُنا؛ وبخاصَّة: الشَّيخ الألباني-رحمه الله- الذي جلسَ في هذا البلد، ودُفن في ثرى هذا البلد..
جلس أكثر مِن عشرين سَنَة، وقد فتح الله -تعالى-على يديه- قلوبَ العباد وعموم البلاد -مِن بركة هذا البلد، ومِن توفيق الله له في هذا البلد-، وانتشر علمُه، وانطلقَ نجمُه في هذا البلد، وانتشرت مؤلفاتُه في هذا البلد..، ومع ذلك؛ لم يسكت!
ونحن لن نسكت..!
لكنَّنا: لا نستعمل لغةَ التَّهديد، ولا نستعمل لغةَ الوعيد، ولا نستعملُ لغةَ التَّخوين!
نحن نستعمل لغةَ العِلم؛ نقول: (اتَّقوا الله)!
ألا يعجبكم أن نقول: (اتَّقوا الله)؟!
لماذا تَضيقون صدرًا بقولِنا لكم: (اتَّقوا الله) وقد قالها الله -تَعالى- للمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ}، وقد قالها الله -تَعالى- لنبيِّه الأمين: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ اتَّقِ الله}، أم أنَّكم فوق هذا الأمر الإلهي؟!
أم أنَّ الحزبيَّة طغت وطفت حتى تجاوزتْ شريعةَ الإسلام ودين الإسلام وآدابَ الإسلام وأخلاقَ الإسلام؟!!
ليس هذا هو ما يريدُه الله مِنا!
يريدُ الله مِنَّا ما أمرَنا به: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}.
لا يريدُ اللهُ -تباركَ وتَعالى- منَّا أن نتفرَّق شذَر ومذرَ في بلد -أقول- له خصوصية متميِّزة -ومتميِّزة جدًّا-أنتَ تُدركها-يا أخي المسلم!-، وأنتِ تدركينها-يا أختي المسلمة!-..
أنا أخاطب العقولَ -لا أريد أن أخاطبَ العواطف-كما يفعل غيري!-..
أُخاطب الضَّمائر -لا أريد أخاطبَ الحماساتِ-..
أريد أن أنظر المآلات -قبل أن أنظر إلى أوائل الخطوات-!
نعم؛ فالفقيهُ هو الذي ينظر إلى مآلات الأمور، ولا ينظرُ إلى مبادئها ومفاتيحها وأوَّلياتها وأولوياتها.
إن النَّاظرين إلى أوَّليات الأمور -دون إدراكِ عواقبِها وعقباتها ومآلاتِها ونتائجِها وثمراتِها-؛ هؤلاء ليسوا مِن الفقه في شيء!
ولئن كانت المطالبةُ بنقضِ الفساد مُؤدِّيةً إلى إفسادٍ أكبر؛ كانت هذه مُطالبةً محرَّمة بإجماع الأمة.
لماذا لا تقرؤون ولا تتفقَّهون بما قرَّره الإمام عزُّ الدِّين ابن عبد السَّلام -الذي كثيرًا ما تتغنَّون ونتغنَّى بسيرتِه وبمواقفه البطوليَّة الشُّجاعة-؟!!
لماذا لا تنظرون إلى تأصيلاتِه في هذا الباب في كتابه: «قواعد الأحكام في مصالح الأنام»؟
أقام كتابَه -كلَّه-على مصالح الأنام..
تفريغ: أم زيد
من هنـا اللقاء مسجًّلًا


(*) كانت الكلمة في افتتاحيَّة برنامج (فتاوى الأثر) -على قناة الأثر-، اللقاء التاسع عشر.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:34 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.