أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
40477 | 151323 |
#1
|
|||
|
|||
مجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب
قال تعالى : *( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون )* و نحوها من الآيات و الأحاديث
الدالة على أن دخول الجنة بالعمل ، و قد أجيب بأجوبة أقربها إلى الصواب : أن الباء في قوله في الحديث : " بعمله " هي باء الثمنية ، و الباء في الآية باء السببية ، أي أن العمل الصالح سبب لابد منه لدخول الجنة ، و لكنه ليس ثمنالدخول الجنة ، و ما فيها من النعيم المقيم و الدرجات . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض فتاويه : " و لهذا قال بعضهم : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، و محو الأسباب أن تكون سببا نقص في العقل ، و الإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع ، و مجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب ، فإن المطر إذا نزل و بذر الحب لم يكن ذلك كافيا في حصول النبات ، بل لابد من ريح مربية بإذن الله ، و لابد من صرف الانتفاء عنه ، فلابد من تمام الشروط و زوال الموانع ، و كل ذلك بقضاء الله و قدره . و كذلك الولد لا يولد بمجرد إنزال الماء في الفرج ، بل كم ممن أنزل و لم يولد له ، بل لابد من أن الله شاء خلقه فتحبل المرأة و تربيه في الرحم و سائر ما يتم به خلقه من الشروط و زوال الموانع . و كذلك أمر الآخرة ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة ، بل هي سبب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فذكر الحديث ) ، و قد قال تعالى : *(ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )* . فهذه باء السبب ، أي بسبب أعمالكم ، و الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم باء المقابلة ، كما يقال : اشتريت هذا بهذا . أي ليس العمل عوضا و ثمنا كافيا في دخول الجنة ، بل لابد من عفو الله و فضله و رحمته ، فبعفوه يمحو السيئات ، و برحمته يأتي بالخيرات ، و بفضله يضاعف الدرجات . و في هذا الموضع ضل طائفتان من الناس : 1 - فريق آمنوا بالقدر و ظنوا أن ذلك كاف في حصول المقصود فأعرضوا عن الأسباب الشرعية و الأعمال الصالحة . و هؤلاء يؤول بهم الأمر إلى أن يكفروا بكتب الله و رسله و دينه . 2 - و فريق أخذوايطلبون الجزاء من الله كما يطلبه الأجير من المستأجر ، متكلين على حولهم وقوتهم و عملهم ، و كما يطلبه المماليك . و هؤلاء جهال ضلال : فإن الله لم يأمرالعباد بما أمرهم به حاجة إليه ، و لا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا به ، و لكن أمرهم بما فيه صلاحهم ، و نهاهم عما فيه فسادهم . و هو سبحانه كما قال : " يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، و لن تبلغوا نفعي فتنفعوني " . فالملك إذاأمر مملوكيه بأمر أمرهم لحاجته إليهم ، و هم فعلوه بقوتهم التي لم يخلقها لهم فيطالبون بجزاء ذلك ، و الله تعالى غني عن العالمين ، فإن أحسنوا أحسنوالأنفسهم ، و إن أساءوا فلها . لهم ما كسبوا ، و عليهم ما اكتسبوا ، *( من عمل صالحا فلنفسه ، و من أساء فعليها و ما ربك بظلام للعبيد )* " . انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله منقولا من " مجموعة الفتاوى " ( 8 / 70 - 71 ) و مثله في " مفتاح دار السعادة " لتلميذه المحقق العلامة ابن قيم الجوزية ( ص 9 - 10 ) و " تجريد التوحيد المفيد " ( ص 36 - 43 ) للمقريزي ."سلسلة الأحاديث الصحيحة (6-101)
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ زَوْجَـةُ أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|