أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
23260 83687

العودة   {منتديات كل السلفيين} > ركن الإمام المحدث الألباني -رحمه الله- > فوائد و نوادر الإمام الألباني -رحمه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 03-19-2011, 12:16 AM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

21 - المفضل بن سلم تفرد ببيان حاله الخطيب :
قال العلامة المحدث الألباني في ( الضعيفة ) ( 6130 ) :
( أخرجه الخطيب في "التاريخ " (13/22 - 123) من طريق المفضل بن سلم عن الأعمش عن
عباية الأسدي عن الأصبغ بن نُباتة عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ ... مرفوعاً . وقال :
"لم أكتبه إلا بهذا الإسناد ، ورجاله فيهم غير واحد مجهول ، وآخرون معروفون بغير الثقة " .
أورده في ترجمة المفضل بن سلم هذا ؛ واصفاً إياه بأنه في عداد المجهولين .
وهذا من فوائد هذا "التاريخ " الجليل ؛ فإن كتب الرجال المعروفة اليوم لا توجد هذه الترجمة فيها . ) .

22 - فوائد في ترجمة هؤلاء الثلاثة ، تفرد بنقلها إلى القراء عن حافظ الشام
ابن عساكر الإمام الألباني :
قال العلامة المحدث الألباني في ( الضعيفة )
( وابن عساكر (ص 538) من طريق نوح بن محمد بن نوح ،
زاد ابن عساكر : وأبي الفضل محمد بن عبد الله المرجاني قالا : أنبأنا الحسن بن
عرفة قال : ثنا هشيم بن بشير ... به . وقال أبو نعيم :
"غريب من حديث يونس عن الحسن ، لم نكتبه إلا من هذا الوجه"! .
وأعلّه ابن عساكر بقوله :
"وهذا إسناد فيه بعض مَن يجهل حاله ، وقد سرقه من ابن الجارود - وهو
كذاب - ؛ فرواه عن الحسن بن عرفة" .
ثم ساقه بإسناده عن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي :
أنبأنا الحسن بن عرفة ... به" .
قلت : وابن الجارود الرقي هذا لم أره فيما عندي من المراجع ، مثل : "الميزان"
و"اللسان " وغيرهما مثل : "الأنساب" للسمعاني ، و"تاريخ الرقة" للقشيري الحراني .
والله أعلم .
ومثله أبو الفضل محمد بن عبد الله المرجاني ، لم أعرفه ، وهذه النسبة :
(المرجاني) لم يوردها السمعاني في "الأنساب" ، ولا ابن الأثير في "اللباب " .
وأما نوح بن محمد بن نوح ، فقد ذكره الذهبي في "الميزان " هكذا : "نوح بن محمد الأبلي . روى عن الحسن بن عرفة حديثاً شبه موضوع " .
قلت : يعني هذا ، فقد ساقه الحافظ في "اللسان " من رواية أبي نعيم وقال عقبه :
"كلهم ثقات إلا نوحاً فلم أر من وثقه ، وقد روى هذا الحديث الحافظ ضياء
الدين في "المختارة" من هذا الوجه ، ومقتضاه على طريقته أنه حديث حسن " .
قلت : وقد فات الحافظ إشارة ابن عساكر إلى جهالة نوح هذا ، وقرينه محمد
ابن عبد الله المرجاني ؛ فلم يستدركه في "لسانه " على الذهبي ، ومثله ابن الجارود
الرقي الذي اتهمه ابن عساكر بالكذب والسرقة ، لم يستدركه الحافظ أيضاً .
وهذه فوائد في ترجمة هؤلاء الثلاثة ، تفرد بنقلها إلى القراء عن حافظ الشام
ابن عساكر كتابي هذا . فالحمد لته على توفيقه ، وأسأله المزيد من فضله .
) .


23 - تدليس التسوية :
قال العلامة الألباني في ( الضعيفة ) ( 6482 ) :
( ثم ذُكِّرت ؛ فتذكرت أن مبارك بن فضالة تدليسه ليس من النوع الذي تزول
شبهة تدليسه ونأمن شره بأن يصرح بالتحديث عن شيخه كما هنا ، وإنما تدليسه
شر من ذلك وهو المعروف عند المحدثين بـ"تدليس التسوية" (*) ، وهو الذي يسقط
غير شيخه من فوق ؛ كما كان يفعل الوليد بن مسلم ؛ فمن شيوخه الإمام
الأوزاعي ، فكان يدلس عنه : يحذف شيخ الأوزاعي ؛ إذا كان ضعيفاً ، فلما نوقش
في ذلك ؟ قال : أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء !
ولذلك ، فيشترط في المدلس تدليس التسوية أن يصرح بالتحديث بين كل
رواة الإسناد ، فتنبه لهذا ؛ فإنه مهم جداً ، فإني كنت من الغافلين عنه سنين تبعاً
لبعض من سلف من الجارحين والمخرجين ، والله يغفر لنا ولهم ! ) .
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-19-2011, 06:01 AM
عبد الله بن مسلم عبد الله بن مسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 5,131
افتراضي

اقتباس:
ومع ورود هذه الاحتمالات يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه . وهذا التحقيق مما لم أجد من سبقني إليه فإن أصبت فمن الله تعالى وله الشكر وإن أخطأت فمن نفسي وأستغفر الله من ذنبي .
وبالجملة فالمانع من الاستدلال بالحديث المرسل الذي تعدد مرسلوه أحد الاحتمالين : الأول : أن يكون مصدر المرسلين واحدا
الثاني : أن يكونوا جمعا ولكنهم جميعا ضعفاء ضعفا شديدا . ) .


بارك الله فيك أخي الحبيب على طرح هذا الموضوع المفيد! و رحم الله شيخنا الألباني رحمة واسعة!

فالشيخ الألباني رحمه الله يسقط الاستدلال بالحديث المرسل و إن تعددت طرقه، فهل من الاخوة من لا يرى هذا؟ أرجو مناقشة الموضوع لأنه كما صرح الشيخ لم يجد من سبقه إليه، لكن هذا القول قوي جداً! و الإحتمال الأول من أن مصدر المرسلين واحدا، فهذا الإحتمال وحده يكفي لإسقاط الاستدلال بالحديث المرسل و إن تعددت طرقه!
__________________
قال سفيان الثوري (ت161هـ): "استوصوا بأهل السنة خيرًا؛ فإنهم غرباء"
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 03-19-2011, 12:34 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

24 - تعريف الحديث الصحيح :
قال الإمام المحدث الألباني في ( الضعيفة ) ( 6479 ) :
( "الحديث الصحيح : هو المسند المتصل سنده ، بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ، ولم يكن شاذاً ولا معللاً ".
فالحديث الذي تتوفر فيه هذه الشروط الثلاثة فهو الحديث الصحيح ، فمن
قال من أهل العلم فِي حَدِيثِ ما : "رجاله ثقات" ؛ فإنما يعني أن توفر فيه شرط واحد ، وهو الثاني منها ؛ فقد لا يكون متصلاً ؛ ورجاله ثقات ، وقد يكون شاذاً أو معللاً ؛ ورجاله ثقات . ) .

25 - تعريف الحديث الحسن :
قال الإمام المحدث الألباني في ( الضعيفة ) ( 6479 ) :
( وبهذه المناسبة أقول : إن من طبيعة الحديث الحسن - في الغالب - أن يختلف
الحفاظ فيه ،وسبب ذلك اختلافهم في تقدير الضعف الذي فيه ؛ بل إنه قد
يختلف فيه رأي الشخص الواحد ؛ فمرة يحسنه ، ومرة يضعفه ، حسبما يترجح
عنده من قوة الضعف الذي فيه أو ضعفه ، وهذه حقيقة يعرفها ويشعر بها كل من
مارس هذا العلم الشريف دهراً طويلاً .
وإن من علم الحافظ الذهبي وفضله ، أنه تفرد بالتنبيه عليها - فيما علمت - ؛
فقال في سالته "الموقظة" (ص 28 29) - بعد أن حكى بعض الأقوال في تعريف
الحديث الحسن - :
"ثم لا تَطمَعْ بأنَّ للحسَنَ قاعدةً تندرجُ كلُ الأحاديثِ الحِسانِ فيها ، فإنَا على
إِياسٍ من ذلك ، فكم من حديث تردَّدَ فيه الحُفَّاظُ ، هل هو حسَنٌ أو ضعيفٌ أو
صحيح ؟ بل الحافظُ الواحدُ يتغيَّرُ اجتهادُه في الحديث الواحد ، فيوماً يَصِفُه
بالصحة ، ويوماً يَصِفُه بالحُسْن ، ولربما استَضعَفَه - وهذا حقٌّ - ، فإنَّ الحديثَ الحَسَنَ
يَستضعفه الحافظُ عن أن يُرَقِّيَه إلى رتبة الصحيح ، فبهذا الاعتبارِ فيه ضَعْفٌ ما ،
إذْ الحَسَنُ لا ينفك عن ضَعْفٍ ما ، ولو انفَكَّ عن ذلك ؛ لصَحَّ باتفاق ".
إذا عُرفت هذه الحقيقة ؛ سهل على القارئ اللبيب أن يعلم أنه ليس سبب
إيراداي للحديث أخيراً هنا هو اختلاف رأيي في حسان بن إبراهيم عن رأيي فيه
هناك ؛ فإنهما متقاربان جداً ؛ كما يبدو جلياً بالمقابلة بينهما ، وإنما هو أنني وقفت
على ما رجح خطأ حسان في إسناده الحديث عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، وعلى استنكار ابن عدي إياه ، فرأيت من الواجب علي أن أتجاوب مع هذا العلم الجديد ، مع علمي أن
ذلك مما يفتح باب النقد والتهجم عليَّ من بعض الحاسدين الحاقدين ، أو الجهلة
المعاندين ، فإن هذا الباب لا يمكن سده ، فقد تأول الكفار كلام الله الذي لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وحملوه على معانٍ باطلة ، فماذا عسى أن
يفعل أحدنا بمن يعادينا من الضُلال والمضللين ؟ علينا أن نمضي قدماً لبيان الحق لا
تأخذنا في ذلك لومة لائم . ) .

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 03-19-2011, 01:44 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

وفيك بارك الله أخي عبدالله ؛ ونفع الله بك ...
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 03-19-2011, 03:24 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

26 - الحديث الشاذ :
قال العلامة المحدث الألباني في ( مقدمة تمام المنة ) :
( القاعدة الأولى رد الحديث الشاذ :
اعلم أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون شاذا فإن تعريف الحديث الصحيح عند المحدثين :
" هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا ففي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والشاذ وما فيه علة قادحة مما في روايته نوع جرح " ( 1 ) .

والحديث الشاذ ما رواه الثقة المقبول مخالفا لمن هو أولى منه على ما هو المعتمد عند المحدثين ( 1 ) وأوضح ذلك ابن الصلاح في " المقدمة " فقال ص ( 86 ) :
" إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان مما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ أو أضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد به وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر
"
والشذوذ يكون في السند ويكون في المتن ولكل منهما أمثلة كثيرة سيأتي التنبيه على بعضها في مواطنها إن شاء الله تعالى .
التعليق : ( 1 ) " مقدمة ابن الصلاح " ( ص 8 ) .
( 1 ) " شرح النخبة " لابن حجر ( ص 13 - 14 ) .

27 - الحديث المضطرب :
القاعدة الثانية رد الحديث المضطرب :
علم مما سبق آنفا أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون معللا فاعلم أن من علل الحديث الاضطراب وقد قالوا في وصف الحديث المضطرب :
" هو الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه .
ثم قد يقع الاضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك في راو واحد وقد يقع من رواة له جماعة والاضطراب موجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط " ( 1 )
ثم ضرب على ذلك مثلا حديث الخط الذي قواه المؤلف وسيأتي الرد عليه بإذنه تعالى في فصل السترة .
التعليق : ( 1 ) " المقدمة " ( ص 103 - 104 ) .


28 - رد حديث المدلس :
القاعدة الثالثة رد الحديث المدلس التدليس ثلاثة أقسام :
1 - تدليس الإسناد وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه وقد يكون بينها واحد أو أكثر ومن شأنه أنه لا يقول في ذلك :
أخبرنا فلان ولا :
حدثنا وما أشبهها وإنما يقول :
قال فلان أو :
عن فلان . . ونحو ذلك من الصيغ الموهمة للسماع
2 - تدليس الشيوخ وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف
3 - تدليس التسوية وهو أن يجئ المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة وقد سمعة ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة
فيعمد المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل ولذلك كان شر أقسام التدليس ويتلوه الأول ثم الثاني ( 1 )
وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلا أن لا يقبل منه إلا ما صرح .
فيه بالتحديث وبعضهم لا يقبل حديثه مطلقا والأصح الأول كما قال الحافظ ابن حجر ( 1 ) على تفصيل لهم في ذلك فليراجع من شاء كتب " المصطلح "

التعليق : ( 1 ) انظر " المقدمة " وشرحها للحافظ العراقي ( ص 78 - 82 ) .
( 1 ) شرح النخبة ( ص 18 ) .


29 - رد حديث المجهول :
القاعدة الرابعة رد حديث المجهول :
قال الخطيب في " الكفاية " ( ص 88 ) :
" المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد "
وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم كذلك
قلت :
إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه وقد زعم قوم أن عدالته تثبت بذلك
ثم ذكر فساد قولهم في باب خاص عقب هذا فليراجعه من شاء
قلت :
والمجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد هو المعروف بمجهول العين وهذه هي الجهالة التي ترتفع برواية اثنين عنه فأكثر وهو المجهول الحال والمستور وقد قبل روايته جماعة بغير قيد وردها الجمهور كما في " شرح النخبة " ( ص 24 ) قال : " والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها بل يقال : هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين "
قلت : وإنما يمكن أن يتبين لنا حاله بأن يوثقه إمام معتمد في توثيقه وكأن الحافظ أشار إلى هذا بقوله : إن مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق " وإنما قلت : " معتمد في توثيقه " لأن هناك بعض المحدثين لا يعتمد عليهم في ذلك لأنهم شذوا عن الجمهور فوثقوا المجهول منهم ابن حبان وهذا ما بينته في القاعدة التالية
نعم يمكن أن تقبل روايته إذا روى عنه جمع من الثقات ولم يتبين في حديثه ما ينكر عليه وعلى هذا عمل المتأخرين من الحفاظ كابن كثير والعراقي والعسقلاني وغيرهم
( وانظر بعض الأمثلة فيما يأتي 204 - 207 ) .


30 - عدم الإعتماد على توثيق ابن حبان :
القاعدة الخامسة عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان :
قد علمت مما سبق آنفا أن المجهول بقسميه لا يقبل حديثه عند جمهور العلماء وقد شذ عنهم ابن حبان فقبل حديثه واحتج به وأورده في " صحيحه " قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " : " قال ابن حبان : من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السبر ولو كان ممن يروي المناكير ووافق الثقات في الأخبار لكان عدلا مقبول الرواية إذ الناس أقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب القدح [ فيجرح بما ظهر منه من الجرح ]
هذا حكم المشاهير من الرواة فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكون على الأحوال كلها "
" الضعفاء " ( 2 / 192 - 193 ) والزيادة من ترجمة عائذ الله المجاشعي
ثم قال الحافظ : " قلت : وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة حتى يتبين جرحه مذهب عجيب والجمهور على خلافه وهذا مسلك ابن حبان في " كتاب الثقات " الذي ألفه فإنه يذكر خلقا نص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون وكان عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ولكن جهالة حاله باقية عند غيره "
هذا كله كلام الحافظ
ومن عجيب أمر ابن حبان أنه يورد في الكتاب المذكور بناء على هذه القاعدة المرجوحة جماعة يصرح في ترجمتهم بأنه " لا يعرفهم ولا آباءهم " فقال في الطبقة الثالثة : " سهل يروي عن شداد بن الهاد روى عنه أبو يعفور ولست أعرفه ولا أدري من أبوه "
ومن شاء الزيادة في الأمثلة فليراجع " الصارم المنكي " ( ص 92 - 93 ) وقد قال بعد أن ساقها : " وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقا كثيرا من هذا النمط وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله وينبغي أن ينتبه لهذا ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق " .
ولهذا نجد المحققين من المحدثين كالذهبي والعسقلاني وغيرهما لا يوثقون من تفرد بتوثيقه ابن حبان وستأتي أمثلة كثيرة على ذلك عند الكلام على الأحاديث الضعيفة التي وثق المؤلف - أو من نقل عنه - رجالها مع أن فيها من تفرد ابن حبان بتوثيقهم من المجهولين
ومما ينبغي التنبه له أن قول ابن عبد الهادي :
" وإن كان مجهولا لم يعرف حاله " ليس دقيقا : لأنه يعطي بمفهوم المخالفة أن طريقة ابن حبان في " ثقاته " أن لا يذكر فيه من كان مجهول العين وليس كذلك بدليل قوله المتقدم في " سهل " : " لست أعرفه ولا أدري من أبوه "
ومثله ما يأتي قريبا
وكذلك قول الحافظ : " برواية واحد مشهور " يوهم أن ابن حبان لا يوثق إلا من روى عنه واحد مشهور : لأنه إن كان يعني مشهورا بالثقة كما هو الظاهر فهو مخالف للواقع في كثير من ثقاته وإن كان يعني غير ذلك فهو مما لا قيمة له لأنه إما ضعيف أو مجهول ولكل منهما رواة في " كتاب الثقات " وإليك بعض الأمثلة من طبقة التابعين عنده : 1 - إبراهيم بن عبد الرحمن العذري
قال ( 4 / 10 ) : " يروي المراسيل روى عنه معان بن رفاعة "
ثم ذكر له بإسناده عنه مرسلا : " يرث هذا العلم من كل خلف عدوله . . "
الحديث
قلت : ومعان هذا قال الحافظ نفسه فيه : " لين الحديث "
وقال الذهبي : " ليس بعمدة ولا سيما أتى بواحد لا يدرى من هو "
يعني إبراهيم هذا فهو مجهول العين وأشار ابن حبان إلى هذا فقال في ترجمة معان من " الضعفاء " ( 3 / 36 ) : " منكر الحديث يروي مراسيل كثيرة ويحدث عن أقوام مجاهيل لا يشبه حديثه حديث الأثبات "
2 - إبراهيم بن إسماعيل
قال ( 4 / 14 - 15 ) : " يروي عن أبي هريرة روى عنه الحجاج بن يسار "
قلت : الحجاج هذا - ويقال فيه : ابن عبيد - قال الحافظ فيه : فقال : " مجهول "
وكذا قال قبله أبو حاتم وغيره كما في " ميزان " الذهبي وبين وجه ذلك فقال : " روى عنه ليث بن أبي سليم وحده " وليث هذا ضعيف مختلط كما هو معروف حتى عند ابن حبان ( 2 / 231 )
3 - إبراهيم الأنصاري
قال ابن حبان ( 4 / 15 ) : " يروي عن مسلمة بن مخلد . . روى
عنه ابنه إسماعيل بن إبراهيم "
قلت : وإسماعيل هذا مجهول كما قال الحافظ ومن قبله أبو حاتم
فتبين من هذا التحقيق أن ابن حبان ترتفع جهالة العين عنده برواية واحد ولو كان ضعيفا أو مجهولا خلافا لظاهر كلام الحافظ المتقدم وإن كان لم يجزم به فإنه قال : " وكأن ابن حبان . . " وهو أخذه من قول ابن حبان الذي نقله عنه آنفا : " هذا حكم المشاهير من الرواة فأما المجاهيل . . " الخ فهو منقوض بالمثال الثاني كما هو ظاهر
وبالجملة فالجهالة العينية وحدها ليست جرحا عند ابن حبان وقد ازددت يقينا بذلك بعد أن درست تراجم كتابه " الضعفاء " وقد بلغ عددهم قرابة ألف وأربعمائة راو فلم أر فيهم من طعن فيه بالجهالة اللهم إلا أربعة منهم لكنه طعن فيهم بروايتهم المناكير وليس بالجهالة وهاك أسماءهم وكلامه فيهم :
1 - حميد بن علي بن هارون القيسي
ذكر له ( 1 / 263 - 264 ) بعض المناكير ثم قال :
" فلا يجوز الاحتجاج به بعد روايته مثل هذه الأشياء عن هؤلاء الثقات . . وهذا شيخ ليس يعرفه كثير أحد "
2 - عبد الله بن أبي ليلى الأنصاري
قال ( 2 / 5 ) :
" هذا رجل مجهول ما أعلم له شيئا يرويه غير هذا الحرف المنكر الذي يشهد إجماع المسلمين قاطبة ببطلانه "
3 - عبد الله بن زياد بن سليم قال ( 2 / 7 ) : " شيخ مجهول روى عنه بقية بن الوليد لست أحفظ له راويا غير بقية وبقية قد ذكرنا ضعفه في أول الكتاب فلا يتهيأ لي القدح فيه على أن ما رواه يجب تركه على الأحوال "
4 - أبو زيد : قال ( 3 / 158 ) : " أبو زيد
يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه ليس يدرى من هو ؟ لا يعرف أبوه ولا بلده والإنسان إذا كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبرا واحدا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيه ولا يحتج به "
ومن هنا قال ابن عبد الهادي فيما تقدم : " وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله "
لكن الصواب أن يقال عنه : " لم يعرف عينه " للأمثلة المتقدمة
والله أعلم
والخلاصة أن توثيق ابن حبان يجب أن يتلقى بكثير من التحفظ والحذر لمخالفته العلماء في توثيقه للمجهولين
لكن ليس ذلك على إطلاقه كما بينه العلامة المعلمي في " التنكيل " ( 1 / 437 - 438 ) مع تعليقي عليه
وراجع لهذا البحث ردي على الشيخ الحبشي فإنه كثير الاعتماد على من وثقه ابن حبان من المجهولين ( ص 18 - 21 )
وإن مما يجب التنبيه عليه أيضا أنه ينبغي أن يضم إلى ما ذكره المعلمي أمر آخر هام عرفته بالممارسة لهذا العلم قل من نبه عليه وغفل عنه جماهير الطلاب وهو أن من وثقه ابن حبان وقد روى عنه جمع من الثقات ولم يأت بما ينكر عليه فهو صدوق يحتج به .
وبناء على ذلك قويت بعض الأحاديث التي هي من هذا القبيل كحديث العجن في الصلاة فتوهم بعض الناشئين في هذا العلم أننى ناقضت نفسي وجاريت ابن حبان في شذوذه وضعف هو حديث العجن وسيأتي الرد عليه مفصلا إن شاء الله مع ذكر عشرة أمثلة من الرواة الذين وثقهم ابن حبان فقط وتبعه الحافظان الذهبي والعسقلاني فاطلب ذلك في بحث " كيفية الرفع من السجود " ( ص 197 - 207 ) .

31 - القاعدة السادسة قولهم : رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث علمت من القاعدة الأولى تعريف الحديث الصحيح وأن من شروطه أن يسلم من العلل التي بعضها الشذوذ والاضطراب والتدليس كما تقدم بيانه وعليه فقول بعض المحدثين في حديث ما : " رجاله رجال الصحيح " أو : " رجاله ثقات " أو نحو ذلك لا يساوي قوله : " إسناده صحيح " فإن هذا يثبت وجود جميع شروط ( الصحة التي منها السلامة من العلل بخلاف القول الأول فإنه لا يثبتها وإنما يثبت شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبهذا لا تثبت الصحة كما لا يخفى .
وثمة ملاحظة أخرى وهي : أنه قد يسلم الحديث المقول فيه ذلك القول من تلك العلل ومع ذلك فلا يكون صحيحا لأنه قد يكون في السند رجل من رجال الصحيح ولكن لم يحتج به وإنما أخرج له استشهادا أو مقرونا بغيره لضعف في حفظه أو يكون ممن تفرد بتوثيقه ابن حبان وكثيرا ما يشير بعض المحققين إلى ذلك بقوله : " ورجاله موثقون " إشارة إلى أن في توثيق بعضهم لينا فهذا كله يمنع من أن تفهم الصحة من قولهم الذي ذكرنا القاعدة السادسة قولهم : رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث علمت من القاعدة الأولى تعريف الحديث الصحيح وأن من شروطه أن يسلم من العلل التي بعضها الشذوذ والاضطراب والتدليس كما تقدم بيانه وعليه فقول بعض المحدثين في حديث ما : " رجاله رجال الصحيح " أو : " رجاله ثقات " أو نحو ذلك لا يساوي قوله : " إسناده صحيح " فإن هذا يثبت وجود جميع شروط ( الصحة التي منها السلامة من العلل بخلاف القول الأول فإنه لا يثبتها وإنما يثبت شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبهذا لا تثبت الصحة كما لا يخفى . )

32 - القاعدة السابعة عدم الاعتماد على سكوت أبي داود :
اشتهر عن أبي داود أنه قال في حق كتابه " السنن " : " ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح "
فاختلف العلماء في فهم مراده من قوله : " صالح " فذهب بعضهم إلى أنه أراد أنه حسن يحتج به
وذهب آخرون إلى أنه أراد ما هو أعم من ذلك فيشمل ما يحتج به وما يستشهد به وهو الضيف الذي لم يشتد ضعفه وهذا هو الصواب بقرينة قوله : وما فيه وهن شديد بينته فإنه يدل بمفهومه على أن ما كان فيه وهن غير شديد لا يبين " .
فدل على أنه ليس كل ما سكت عليه حسنا عنده ويشهد لهذا وجود أحاديث كثيرة عنده لا يشك عالم في ضعفها وهي مما سكت أبو داود عليها حتى إن النووي يقول في بعضها : وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر " ومع هذا فقد جرى النووي رحمه الله على الاحتجاج بما سكت عنه أبو داود في كثير من الأحاديث ولم يعرج فيها على مراجعة أسانيدها فوقع بسبب ذلك في أخطاء كثيرة
وقد رجح هذا الذي فهمناه عن أبي داود العلماء المحققون أمثال ابن منده والذهبي وابن عبد الهادي وابن كثير وقد نقلت كلماتهم في مقدمة كتابي " صحيح أبي داود "
ثم وقفت على كلام الحافظ ابن حجر في هذه المسألة وقد ذهب فيه إلى هذا الذي ذكرناه وشرحه واحتج له بما لا تراه لغيره ولولا خشية الإطالة لنقلته هنا فأكتفي بالإحالة إلى مصدره وهو " توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار " ( 1 / 196 - 199 ) للإمام الصنعاني .

33 -
القاعدة الثامنة رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا يوثق بها :
اشتهر أيضا بين كثير من العلماء الاعتماد على رمز السيوطي للحديث بالصحة والحسن أو الضعف وتبعهم في ذلك الشيخ السيد سابق ونرى أنه غير سائغ لسببين : 1 - طروء التحريف على رموزه من النساخ فكثيرا ما رأيت الحديث فيه مرموزا له بخلاف ما ينقله شارحه المناوي عن السيوطي نفسه وهو إنما ينقل عن " الجامع " بخط مؤلفه كما صرح بذلك في أوائل الشرح وهو نفسه يقول فيه :
" وأما ما يوجد في بعض النسخ من الرمز إلى الصحيح والحسن والضعيف بصورة رأس " صاد وحاء وضاد " فلا ينبغي الوثوق به لغلبة تحريف النساخ على أنه وقع له ذلك في بعض دون بعض كما رأيته بخطه "
2 - أن السيوطي معروف بتساهله في التصحيح والتضعيف فالأحاديث التي صححها أو حسنها فيه قسم كبير منها ردها عليه الشارح المناوي وهي تبلغ المئات إن لم نقل أكثر من ذلك وكذلك وقع فيه أحاديث كثيرة موضوعة مع أنه قال في مقدمته : " وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب "
وقد تتبعتها بصورة سريعة وهي تبلغ الألف تزيد قليلا أو تنقص كذلك وأرجو أن أوفق لإعادة النظر فيها وإجراء قلم التحقيق عليها وإخراجها للناس ومن الغريب أن قسما غير قليل فيها شهد السيوطي نفسه بوضعها في غير هذا الكتاب فهذا كله يجعل الثقة به ضيفة نسأل الله العصمة
ثم يسر الله تبارك وتعالى فجعلت " الجامع الصغير وزيادته " المسمى ب " الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير " قسمين : " صحيح الجامع . . " و " ضعيف الجامع . . " وعدد أحاديث هذا ( 6469 ) حديثا والموضوع منها ( 980 ) حديثا على وجه التقريب وهو مطبوع كالصحيح والحمد لله تعالى .

34 - القاعدة التاسعة سكوت المنذري على الحديث في " الترغيب " ليس تقوية له :
الأصل أنه لا يجوز إيراد الحديث الضعيف إلا ببيان حاله كما سيأتي بيانه ولذلك يظن بعضهم أن ما سكت عليه المنذري في " الترغيب والترهيب " يدل على أنه غير ضعيف عنده وعليه جرى الشيخ السيد سابق في غير ما حديث وهو ذهول عن اصطلاح المنذري الذي صرح به في مقدمة الكتاب حيث قال رحمه الله ( ص 4 ) : " فإذا كان إسناد الحديث صحيحا أو حسنا أو ما قاربهما صدرته بلفظة " عن " وكذلك إذا كان مرسلا أو منقطعا أو معضلا أو في إسناده راو مبهم أو ضعيف وثق أو ثقة ضعف وبقية رواة الإسناد ثقات أو فيهم كلام لا يضر أو روي مرفوعا والصحيح وقفه أو متصلا والصحيح إرساله أو كان إسناده ضعيفا لكن صححه أو حسنه بعض من خرجه أصدره أيضا بلفظة " عن " ثم أشير إلى إرساله أو انقطاعه أو عضله أو ذلك الراوي المختلف فيه فأقول رواه فلان من رواية فلان أو من طريق فلان أو في إسناده فلان أو نحو هذه العبارة
وإذا كان في الإسناد من قيل فيه : كذاب أو وضاع أو متهم أو مجمع على تركه أو ضعفه أو ذاهب الحديث أو هالك أو ساقط أو ليس بشيء أو ضعيف جدا أو ضعيف فقط أو لم أر فيه توثيقا بحيث لا يتطرق إليه احتمال التحسين صدرته بلفظة " روي " ولا أذكر ذلك الراوي ولا ما قيل فيه البتة فيكون للإسناد الضعيف دلالتان : تصديره بلفظة " روي " وإهمال الكلام عليه في آخره "
وقد فصلت القول على كلامه هذا وما فيه من الإجمال والغموض والمؤاخذات في مقدمة " صحيح الترغيب " فراجعها فإنها مهمة جدا ) .
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 03-19-2011, 03:33 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

26 - الحديث الشاذ :
قال العلامة المحدث الألباني في ( مقدمة تمام المنة ) :
( القاعدة الأولى رد الحديث الشاذ :
اعلم أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون شاذا فإن تعريف الحديث الصحيح عند المحدثين :
" هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا ففي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والشاذ وما فيه علة قادحة مما في روايته نوع جرح " ( 1 ) .

والحديث الشاذ ما رواه الثقة المقبول مخالفا لمن هو أولى منه على ما هو المعتمد عند المحدثين ( 1 ) وأوضح ذلك ابن الصلاح في " المقدمة " فقال ص ( 86 ) :
" إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان مما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ أو أضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد به وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر
"
والشذوذ يكون في السند ويكون في المتن ولكل منهما أمثلة كثيرة سيأتي التنبيه على بعضها في مواطنها إن شاء الله تعالى .
التعليق : ( 1 ) " مقدمة ابن الصلاح " ( ص 8 ) .
( 1 ) " شرح النخبة " لابن حجر ( ص 13 - 14 ) .

27 - الحديث المضطرب :
القاعدة الثانية رد الحديث المضطرب :
علم مما سبق آنفا أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون معللا فاعلم أن من علل الحديث الاضطراب وقد قالوا في وصف الحديث المضطرب :
" هو الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه .
ثم قد يقع الاضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك في راو واحد وقد يقع من رواة له جماعة والاضطراب موجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط " ( 1 )
ثم ضرب على ذلك مثلا حديث الخط الذي قواه المؤلف وسيأتي الرد عليه بإذنه تعالى في فصل السترة .
التعليق : ( 1 ) " المقدمة " ( ص 103 - 104 ) .


28 - رد حديث المدلس :
القاعدة الثالثة رد الحديث المدلس التدليس ثلاثة أقسام :
1 - تدليس الإسناد وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه وقد يكون بينها واحد أو أكثر ومن شأنه أنه لا يقول في ذلك :
أخبرنا فلان ولا :
حدثنا وما أشبهها وإنما يقول :
قال فلان أو :
عن فلان . . ونحو ذلك من الصيغ الموهمة للسماع
2 - تدليس الشيوخ وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف
3 - تدليس التسوية وهو أن يجئ المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة وقد سمعة ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة
فيعمد المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل ولذلك كان شر أقسام التدليس ويتلوه الأول ثم الثاني ( 1 )
وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلا أن لا يقبل منه إلا ما صرح .
فيه بالتحديث وبعضهم لا يقبل حديثه مطلقا والأصح الأول كما قال الحافظ ابن حجر ( 1 ) على تفصيل لهم في ذلك فليراجع من شاء كتب " المصطلح "

التعليق : ( 1 ) انظر " المقدمة " وشرحها للحافظ العراقي ( ص 78 - 82 ) .
( 1 ) شرح النخبة ( ص 18 ) .


29 - رد حديث المجهول :
القاعدة الرابعة رد حديث المجهول :
قال الخطيب في " الكفاية " ( ص 88 ) :
" المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد "
وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم كذلك
قلت :
إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه وقد زعم قوم أن عدالته تثبت بذلك
ثم ذكر فساد قولهم في باب خاص عقب هذا فليراجعه من شاء
قلت :
والمجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد هو المعروف بمجهول العين وهذه هي الجهالة التي ترتفع برواية اثنين عنه فأكثر وهو المجهول الحال والمستور وقد قبل روايته جماعة بغير قيد وردها الجمهور كما في " شرح النخبة " ( ص 24 ) قال : " والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها بل يقال : هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين "
قلت : وإنما يمكن أن يتبين لنا حاله بأن يوثقه إمام معتمد في توثيقه وكأن الحافظ أشار إلى هذا بقوله : إن مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق " وإنما قلت : " معتمد في توثيقه " لأن هناك بعض المحدثين لا يعتمد عليهم في ذلك لأنهم شذوا عن الجمهور فوثقوا المجهول منهم ابن حبان وهذا ما بينته في القاعدة التالية
نعم يمكن أن تقبل روايته إذا روى عنه جمع من الثقات ولم يتبين في حديثه ما ينكر عليه وعلى هذا عمل المتأخرين من الحفاظ كابن كثير والعراقي والعسقلاني وغيرهم
( وانظر بعض الأمثلة فيما يأتي 204 - 207 ) .


30 - عدم الإعتماد على توثيق ابن حبان :
القاعدة الخامسة عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان :
قد علمت مما سبق آنفا أن المجهول بقسميه لا يقبل حديثه عند جمهور العلماء وقد شذ عنهم ابن حبان فقبل حديثه واحتج به وأورده في " صحيحه " قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " : " قال ابن حبان : من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السبر ولو كان ممن يروي المناكير ووافق الثقات في الأخبار لكان عدلا مقبول الرواية إذ الناس أقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب القدح [ فيجرح بما ظهر منه من الجرح ]
هذا حكم المشاهير من الرواة فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكون على الأحوال كلها "
" الضعفاء " ( 2 / 192 - 193 ) والزيادة من ترجمة عائذ الله المجاشعي
ثم قال الحافظ : " قلت : وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة حتى يتبين جرحه مذهب عجيب والجمهور على خلافه وهذا مسلك ابن حبان في " كتاب الثقات " الذي ألفه فإنه يذكر خلقا نص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون وكان عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ولكن جهالة حاله باقية عند غيره "
هذا كله كلام الحافظ
ومن عجيب أمر ابن حبان أنه يورد في الكتاب المذكور بناء على هذه القاعدة المرجوحة جماعة يصرح في ترجمتهم بأنه " لا يعرفهم ولا آباءهم " فقال في الطبقة الثالثة : " سهل يروي عن شداد بن الهاد روى عنه أبو يعفور ولست أعرفه ولا أدري من أبوه "
ومن شاء الزيادة في الأمثلة فليراجع " الصارم المنكي " ( ص 92 - 93 ) وقد قال بعد أن ساقها : " وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقا كثيرا من هذا النمط وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله وينبغي أن ينتبه لهذا ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق " .
ولهذا نجد المحققين من المحدثين كالذهبي والعسقلاني وغيرهما لا يوثقون من تفرد بتوثيقه ابن حبان وستأتي أمثلة كثيرة على ذلك عند الكلام على الأحاديث الضعيفة التي وثق المؤلف - أو من نقل عنه - رجالها مع أن فيها من تفرد ابن حبان بتوثيقهم من المجهولين
ومما ينبغي التنبه له أن قول ابن عبد الهادي :
" وإن كان مجهولا لم يعرف حاله " ليس دقيقا : لأنه يعطي بمفهوم المخالفة أن طريقة ابن حبان في " ثقاته " أن لا يذكر فيه من كان مجهول العين وليس كذلك بدليل قوله المتقدم في " سهل " : " لست أعرفه ولا أدري من أبوه "
ومثله ما يأتي قريبا
وكذلك قول الحافظ : " برواية واحد مشهور " يوهم أن ابن حبان لا يوثق إلا من روى عنه واحد مشهور : لأنه إن كان يعني مشهورا بالثقة كما هو الظاهر فهو مخالف للواقع في كثير من ثقاته وإن كان يعني غير ذلك فهو مما لا قيمة له لأنه إما ضعيف أو مجهول ولكل منهما رواة في " كتاب الثقات " وإليك بعض الأمثلة من طبقة التابعين عنده : 1 - إبراهيم بن عبد الرحمن العذري
قال ( 4 / 10 ) : " يروي المراسيل روى عنه معان بن رفاعة "
ثم ذكر له بإسناده عنه مرسلا : " يرث هذا العلم من كل خلف عدوله . . "
الحديث
قلت : ومعان هذا قال الحافظ نفسه فيه : " لين الحديث "
وقال الذهبي : " ليس بعمدة ولا سيما أتى بواحد لا يدرى من هو "
يعني إبراهيم هذا فهو مجهول العين وأشار ابن حبان إلى هذا فقال في ترجمة معان من " الضعفاء " ( 3 / 36 ) : " منكر الحديث يروي مراسيل كثيرة ويحدث عن أقوام مجاهيل لا يشبه حديثه حديث الأثبات "
2 - إبراهيم بن إسماعيل
قال ( 4 / 14 - 15 ) : " يروي عن أبي هريرة روى عنه الحجاج بن يسار "
قلت : الحجاج هذا - ويقال فيه : ابن عبيد - قال الحافظ فيه : فقال : " مجهول "
وكذا قال قبله أبو حاتم وغيره كما في " ميزان " الذهبي وبين وجه ذلك فقال : " روى عنه ليث بن أبي سليم وحده " وليث هذا ضعيف مختلط كما هو معروف حتى عند ابن حبان ( 2 / 231 )
3 - إبراهيم الأنصاري
قال ابن حبان ( 4 / 15 ) : " يروي عن مسلمة بن مخلد . . روى
عنه ابنه إسماعيل بن إبراهيم "
قلت : وإسماعيل هذا مجهول كما قال الحافظ ومن قبله أبو حاتم
فتبين من هذا التحقيق أن ابن حبان ترتفع جهالة العين عنده برواية واحد ولو كان ضعيفا أو مجهولا خلافا لظاهر كلام الحافظ المتقدم وإن كان لم يجزم به فإنه قال : " وكأن ابن حبان . . " وهو أخذه من قول ابن حبان الذي نقله عنه آنفا : " هذا حكم المشاهير من الرواة فأما المجاهيل . . " الخ فهو منقوض بالمثال الثاني كما هو ظاهر
وبالجملة فالجهالة العينية وحدها ليست جرحا عند ابن حبان وقد ازددت يقينا بذلك بعد أن درست تراجم كتابه " الضعفاء " وقد بلغ عددهم قرابة ألف وأربعمائة راو فلم أر فيهم من طعن فيه بالجهالة اللهم إلا أربعة منهم لكنه طعن فيهم بروايتهم المناكير وليس بالجهالة وهاك أسماءهم وكلامه فيهم :
1 - حميد بن علي بن هارون القيسي
ذكر له ( 1 / 263 - 264 ) بعض المناكير ثم قال :
" فلا يجوز الاحتجاج به بعد روايته مثل هذه الأشياء عن هؤلاء الثقات . . وهذا شيخ ليس يعرفه كثير أحد "
2 - عبد الله بن أبي ليلى الأنصاري
قال ( 2 / 5 ) :
" هذا رجل مجهول ما أعلم له شيئا يرويه غير هذا الحرف المنكر الذي يشهد إجماع المسلمين قاطبة ببطلانه "
3 - عبد الله بن زياد بن سليم قال ( 2 / 7 ) : " شيخ مجهول روى عنه بقية بن الوليد لست أحفظ له راويا غير بقية وبقية قد ذكرنا ضعفه في أول الكتاب فلا يتهيأ لي القدح فيه على أن ما رواه يجب تركه على الأحوال "
4 - أبو زيد : قال ( 3 / 158 ) : " أبو زيد
يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه ليس يدرى من هو ؟ لا يعرف أبوه ولا بلده والإنسان إذا كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبرا واحدا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيه ولا يحتج به "
ومن هنا قال ابن عبد الهادي فيما تقدم : " وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله "
لكن الصواب أن يقال عنه : " لم يعرف عينه " للأمثلة المتقدمة
والله أعلم
والخلاصة أن توثيق ابن حبان يجب أن يتلقى بكثير من التحفظ والحذر لمخالفته العلماء في توثيقه للمجهولين
لكن ليس ذلك على إطلاقه كما بينه العلامة المعلمي في " التنكيل " ( 1 / 437 - 438 ) مع تعليقي عليه
وراجع لهذا البحث ردي على الشيخ الحبشي فإنه كثير الاعتماد على من وثقه ابن حبان من المجهولين ( ص 18 - 21 )
وإن مما يجب التنبيه عليه أيضا أنه ينبغي أن يضم إلى ما ذكره المعلمي أمر آخر هام عرفته بالممارسة لهذا العلم قل من نبه عليه وغفل عنه جماهير الطلاب وهو أن من وثقه ابن حبان وقد روى عنه جمع من الثقات ولم يأت بما ينكر عليه فهو صدوق يحتج به .
وبناء على ذلك قويت بعض الأحاديث التي هي من هذا القبيل كحديث العجن في الصلاة فتوهم بعض الناشئين في هذا العلم أننى ناقضت نفسي وجاريت ابن حبان في شذوذه وضعف هو حديث العجن وسيأتي الرد عليه مفصلا إن شاء الله مع ذكر عشرة أمثلة من الرواة الذين وثقهم ابن حبان فقط وتبعه الحافظان الذهبي والعسقلاني فاطلب ذلك في بحث " كيفية الرفع من السجود " ( ص 197 - 207 ) .

31 - القاعدة السادسة قولهم : رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث علمت من القاعدة الأولى تعريف الحديث الصحيح وأن من شروطه أن يسلم من العلل التي بعضها الشذوذ والاضطراب والتدليس كما تقدم بيانه وعليه فقول بعض المحدثين في حديث ما : " رجاله رجال الصحيح " أو : " رجاله ثقات " أو نحو ذلك لا يساوي قوله : " إسناده صحيح " فإن هذا يثبت وجود جميع شروط ( الصحة التي منها السلامة من العلل بخلاف القول الأول فإنه لا يثبتها وإنما يثبت شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبهذا لا تثبت الصحة كما لا يخفى .
وثمة ملاحظة أخرى وهي : أنه قد يسلم الحديث المقول فيه ذلك القول من تلك العلل ومع ذلك فلا يكون صحيحا لأنه قد يكون في السند رجل من رجال الصحيح ولكن لم يحتج به وإنما أخرج له استشهادا أو مقرونا بغيره لضعف في حفظه أو يكون ممن تفرد بتوثيقه ابن حبان وكثيرا ما يشير بعض المحققين إلى ذلك بقوله : " ورجاله موثقون " إشارة إلى أن في توثيق بعضهم لينا فهذا كله يمنع من أن تفهم الصحة من قولهم الذي ذكرنا القاعدة السادسة قولهم : رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث علمت من القاعدة الأولى تعريف الحديث الصحيح وأن من شروطه أن يسلم من العلل التي بعضها الشذوذ والاضطراب والتدليس كما تقدم بيانه وعليه فقول بعض المحدثين في حديث ما : " رجاله رجال الصحيح " أو : " رجاله ثقات " أو نحو ذلك لا يساوي قوله : " إسناده صحيح " فإن هذا يثبت وجود جميع شروط ( الصحة التي منها السلامة من العلل بخلاف القول الأول فإنه لا يثبتها وإنما يثبت شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبهذا لا تثبت الصحة كما لا يخفى . )

32 - القاعدة السابعة عدم الاعتماد على سكوت أبي داود :
اشتهر عن أبي داود أنه قال في حق كتابه " السنن " : " ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح "
فاختلف العلماء في فهم مراده من قوله : " صالح " فذهب بعضهم إلى أنه أراد أنه حسن يحتج به
وذهب آخرون إلى أنه أراد ما هو أعم من ذلك فيشمل ما يحتج به وما يستشهد به وهو الضيف الذي لم يشتد ضعفه وهذا هو الصواب بقرينة قوله : وما فيه وهن شديد بينته فإنه يدل بمفهومه على أن ما كان فيه وهن غير شديد لا يبين " .
فدل على أنه ليس كل ما سكت عليه حسنا عنده ويشهد لهذا وجود أحاديث كثيرة عنده لا يشك عالم في ضعفها وهي مما سكت أبو داود عليها حتى إن النووي يقول في بعضها : وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر " ومع هذا فقد جرى النووي رحمه الله على الاحتجاج بما سكت عنه أبو داود في كثير من الأحاديث ولم يعرج فيها على مراجعة أسانيدها فوقع بسبب ذلك في أخطاء كثيرة
وقد رجح هذا الذي فهمناه عن أبي داود العلماء المحققون أمثال ابن منده والذهبي وابن عبد الهادي وابن كثير وقد نقلت كلماتهم في مقدمة كتابي " صحيح أبي داود "
ثم وقفت على كلام الحافظ ابن حجر في هذه المسألة وقد ذهب فيه إلى هذا الذي ذكرناه وشرحه واحتج له بما لا تراه لغيره ولولا خشية الإطالة لنقلته هنا فأكتفي بالإحالة إلى مصدره وهو " توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار " ( 1 / 196 - 199 ) للإمام الصنعاني .

33 -
القاعدة الثامنة رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا يوثق بها :
اشتهر أيضا بين كثير من العلماء الاعتماد على رمز السيوطي للحديث بالصحة والحسن أو الضعف وتبعهم في ذلك الشيخ السيد سابق ونرى أنه غير سائغ لسببين : 1 - طروء التحريف على رموزه من النساخ فكثيرا ما رأيت الحديث فيه مرموزا له بخلاف ما ينقله شارحه المناوي عن السيوطي نفسه وهو إنما ينقل عن " الجامع " بخط مؤلفه كما صرح بذلك في أوائل الشرح وهو نفسه يقول فيه :
" وأما ما يوجد في بعض النسخ من الرمز إلى الصحيح والحسن والضعيف بصورة رأس " صاد وحاء وضاد " فلا ينبغي الوثوق به لغلبة تحريف النساخ على أنه وقع له ذلك في بعض دون بعض كما رأيته بخطه "
2 - أن السيوطي معروف بتساهله في التصحيح والتضعيف فالأحاديث التي صححها أو حسنها فيه قسم كبير منها ردها عليه الشارح المناوي وهي تبلغ المئات إن لم نقل أكثر من ذلك وكذلك وقع فيه أحاديث كثيرة موضوعة مع أنه قال في مقدمته : " وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب "
وقد تتبعتها بصورة سريعة وهي تبلغ الألف تزيد قليلا أو تنقص كذلك وأرجو أن أوفق لإعادة النظر فيها وإجراء قلم التحقيق عليها وإخراجها للناس ومن الغريب أن قسما غير قليل فيها شهد السيوطي نفسه بوضعها في غير هذا الكتاب فهذا كله يجعل الثقة به ضيفة نسأل الله العصمة
ثم يسر الله تبارك وتعالى فجعلت " الجامع الصغير وزيادته " المسمى ب " الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير " قسمين : " صحيح الجامع . . " و " ضعيف الجامع . . " وعدد أحاديث هذا ( 6469 ) حديثا والموضوع منها ( 980 ) حديثا على وجه التقريب وهو مطبوع كالصحيح والحمد لله تعالى .

34 - القاعدة التاسعة سكوت المنذري على الحديث في " الترغيب " ليس تقوية له :
الأصل أنه لا يجوز إيراد الحديث الضعيف إلا ببيان حاله كما سيأتي بيانه ولذلك يظن بعضهم أن ما سكت عليه المنذري في " الترغيب والترهيب " يدل على أنه غير ضعيف عنده وعليه جرى الشيخ السيد سابق في غير ما حديث وهو ذهول عن اصطلاح المنذري الذي صرح به في مقدمة الكتاب حيث قال رحمه الله ( ص 4 ) : " فإذا كان إسناد الحديث صحيحا أو حسنا أو ما قاربهما صدرته بلفظة " عن " وكذلك إذا كان مرسلا أو منقطعا أو معضلا أو في إسناده راو مبهم أو ضعيف وثق أو ثقة ضعف وبقية رواة الإسناد ثقات أو فيهم كلام لا يضر أو روي مرفوعا والصحيح وقفه أو متصلا والصحيح إرساله أو كان إسناده ضعيفا لكن صححه أو حسنه بعض من خرجه أصدره أيضا بلفظة " عن " ثم أشير إلى إرساله أو انقطاعه أو عضله أو ذلك الراوي المختلف فيه فأقول رواه فلان من رواية فلان أو من طريق فلان أو في إسناده فلان أو نحو هذه العبارة
وإذا كان في الإسناد من قيل فيه : كذاب أو وضاع أو متهم أو مجمع على تركه أو ضعفه أو ذاهب الحديث أو هالك أو ساقط أو ليس بشيء أو ضعيف جدا أو ضعيف فقط أو لم أر فيه توثيقا بحيث لا يتطرق إليه احتمال التحسين صدرته بلفظة " روي " ولا أذكر ذلك الراوي ولا ما قيل فيه البتة فيكون للإسناد الضعيف دلالتان : تصديره بلفظة " روي " وإهمال الكلام عليه في آخره "
وقد فصلت القول على كلامه هذا وما فيه من الإجمال والغموض والمؤاخذات في مقدمة " صحيح الترغيب " فراجعها فإنها مهمة جدا ) .
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 03-19-2011, 03:46 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

26 - الحديث الشاذ :
قال العلامة المحدث الألباني في ( مقدمة تمام المنة ) :
( القاعدة الأولى رد الحديث الشاذ :
اعلم أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون شاذا فإن تعريف الحديث الصحيح عند المحدثين :
" هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا ففي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والشاذ وما فيه علة قادحة مما في روايته نوع جرح " ( 1 ) .

والحديث الشاذ ما رواه الثقة المقبول مخالفا لمن هو أولى منه على ما هو المعتمد عند المحدثين ( 1 ) وأوضح ذلك ابن الصلاح في " المقدمة " فقال ص ( 86 ) :
" إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان مما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ أو أضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد به وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر
"
والشذوذ يكون في السند ويكون في المتن ولكل منهما أمثلة كثيرة سيأتي التنبيه على بعضها في مواطنها إن شاء الله تعالى .
التعليق : ( 1 ) " مقدمة ابن الصلاح " ( ص 8 ) .
( 1 ) " شرح النخبة " لابن حجر ( ص 13 - 14 ) .

27 - الحديث المضطرب :
القاعدة الثانية رد الحديث المضطرب :
علم مما سبق آنفا أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون معللا فاعلم أن من علل الحديث الاضطراب وقد قالوا في وصف الحديث المضطرب :
" هو الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه .
ثم قد يقع الاضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك في راو واحد وقد يقع من رواة له جماعة والاضطراب موجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط " ( 1 )
ثم ضرب على ذلك مثلا حديث الخط الذي قواه المؤلف وسيأتي الرد عليه بإذنه تعالى في فصل السترة .
التعليق : ( 1 ) " المقدمة " ( ص 103 - 104 ) .


28 - رد حديث المدلس :
القاعدة الثالثة رد الحديث المدلس التدليس ثلاثة أقسام :
1 - تدليس الإسناد وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه وقد يكون بينها واحد أو أكثر ومن شأنه أنه لا يقول في ذلك :
أخبرنا فلان ولا :
حدثنا وما أشبهها وإنما يقول :
قال فلان أو :
عن فلان . . ونحو ذلك من الصيغ الموهمة للسماع
2 - تدليس الشيوخ وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف
3 - تدليس التسوية وهو أن يجئ المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة وقد سمعة ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة
فيعمد المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل ولذلك كان شر أقسام التدليس ويتلوه الأول ثم الثاني ( 1 )
وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلا أن لا يقبل منه إلا ما صرح .
فيه بالتحديث وبعضهم لا يقبل حديثه مطلقا والأصح الأول كما قال الحافظ ابن حجر ( 1 ) على تفصيل لهم في ذلك فليراجع من شاء كتب " المصطلح "

التعليق : ( 1 ) انظر " المقدمة " وشرحها للحافظ العراقي ( ص 78 - 82 ) .
( 1 ) شرح النخبة ( ص 18 ) .


29 - رد حديث المجهول :
القاعدة الرابعة رد حديث المجهول :
قال الخطيب في " الكفاية " ( ص 88 ) :
" المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد "
وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم كذلك
قلت :
إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه وقد زعم قوم أن عدالته تثبت بذلك
ثم ذكر فساد قولهم في باب خاص عقب هذا فليراجعه من شاء
قلت :
والمجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد هو المعروف بمجهول العين وهذه هي الجهالة التي ترتفع برواية اثنين عنه فأكثر وهو المجهول الحال والمستور وقد قبل روايته جماعة بغير قيد وردها الجمهور كما في " شرح النخبة " ( ص 24 ) قال : " والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها بل يقال : هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين "
قلت : وإنما يمكن أن يتبين لنا حاله بأن يوثقه إمام معتمد في توثيقه وكأن الحافظ أشار إلى هذا بقوله : إن مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق " وإنما قلت : " معتمد في توثيقه " لأن هناك بعض المحدثين لا يعتمد عليهم في ذلك لأنهم شذوا عن الجمهور فوثقوا المجهول منهم ابن حبان وهذا ما بينته في القاعدة التالية
نعم يمكن أن تقبل روايته إذا روى عنه جمع من الثقات ولم يتبين في حديثه ما ينكر عليه وعلى هذا عمل المتأخرين من الحفاظ كابن كثير والعراقي والعسقلاني وغيرهم
( وانظر بعض الأمثلة فيما يأتي 204 - 207 ) .


30 - عدم الإعتماد على توثيق ابن حبان :
القاعدة الخامسة عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان :
قد علمت مما سبق آنفا أن المجهول بقسميه لا يقبل حديثه عند جمهور العلماء وقد شذ عنهم ابن حبان فقبل حديثه واحتج به وأورده في " صحيحه " قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " : " قال ابن حبان : من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السبر ولو كان ممن يروي المناكير ووافق الثقات في الأخبار لكان عدلا مقبول الرواية إذ الناس أقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب القدح [ فيجرح بما ظهر منه من الجرح ]
هذا حكم المشاهير من الرواة فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكون على الأحوال كلها "
" الضعفاء " ( 2 / 192 - 193 ) والزيادة من ترجمة عائذ الله المجاشعي
ثم قال الحافظ : " قلت : وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة حتى يتبين جرحه مذهب عجيب والجمهور على خلافه وهذا مسلك ابن حبان في " كتاب الثقات " الذي ألفه فإنه يذكر خلقا نص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون وكان عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ولكن جهالة حاله باقية عند غيره "
هذا كله كلام الحافظ
ومن عجيب أمر ابن حبان أنه يورد في الكتاب المذكور بناء على هذه القاعدة المرجوحة جماعة يصرح في ترجمتهم بأنه " لا يعرفهم ولا آباءهم " فقال في الطبقة الثالثة : " سهل يروي عن شداد بن الهاد روى عنه أبو يعفور ولست أعرفه ولا أدري من أبوه "
ومن شاء الزيادة في الأمثلة فليراجع " الصارم المنكي " ( ص 92 - 93 ) وقد قال بعد أن ساقها : " وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقا كثيرا من هذا النمط وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله وينبغي أن ينتبه لهذا ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق " .
ولهذا نجد المحققين من المحدثين كالذهبي والعسقلاني وغيرهما لا يوثقون من تفرد بتوثيقه ابن حبان وستأتي أمثلة كثيرة على ذلك عند الكلام على الأحاديث الضعيفة التي وثق المؤلف - أو من نقل عنه - رجالها مع أن فيها من تفرد ابن حبان بتوثيقهم من المجهولين
ومما ينبغي التنبه له أن قول ابن عبد الهادي :
" وإن كان مجهولا لم يعرف حاله " ليس دقيقا : لأنه يعطي بمفهوم المخالفة أن طريقة ابن حبان في " ثقاته " أن لا يذكر فيه من كان مجهول العين وليس كذلك بدليل قوله المتقدم في " سهل " : " لست أعرفه ولا أدري من أبوه "
ومثله ما يأتي قريبا
وكذلك قول الحافظ : " برواية واحد مشهور " يوهم أن ابن حبان لا يوثق إلا من روى عنه واحد مشهور : لأنه إن كان يعني مشهورا بالثقة كما هو الظاهر فهو مخالف للواقع في كثير من ثقاته وإن كان يعني غير ذلك فهو مما لا قيمة له لأنه إما ضعيف أو مجهول ولكل منهما رواة في " كتاب الثقات " وإليك بعض الأمثلة من طبقة التابعين عنده : 1 - إبراهيم بن عبد الرحمن العذري
قال ( 4 / 10 ) : " يروي المراسيل روى عنه معان بن رفاعة "
ثم ذكر له بإسناده عنه مرسلا : " يرث هذا العلم من كل خلف عدوله . . "
الحديث
قلت : ومعان هذا قال الحافظ نفسه فيه : " لين الحديث "
وقال الذهبي : " ليس بعمدة ولا سيما أتى بواحد لا يدرى من هو "
يعني إبراهيم هذا فهو مجهول العين وأشار ابن حبان إلى هذا فقال في ترجمة معان من " الضعفاء " ( 3 / 36 ) : " منكر الحديث يروي مراسيل كثيرة ويحدث عن أقوام مجاهيل لا يشبه حديثه حديث الأثبات "
2 - إبراهيم بن إسماعيل
قال ( 4 / 14 - 15 ) : " يروي عن أبي هريرة روى عنه الحجاج بن يسار "
قلت : الحجاج هذا - ويقال فيه : ابن عبيد - قال الحافظ فيه : فقال : " مجهول "
وكذا قال قبله أبو حاتم وغيره كما في " ميزان " الذهبي وبين وجه ذلك فقال : " روى عنه ليث بن أبي سليم وحده " وليث هذا ضعيف مختلط كما هو معروف حتى عند ابن حبان ( 2 / 231 )
3 - إبراهيم الأنصاري
قال ابن حبان ( 4 / 15 ) : " يروي عن مسلمة بن مخلد . . روى
عنه ابنه إسماعيل بن إبراهيم "
قلت : وإسماعيل هذا مجهول كما قال الحافظ ومن قبله أبو حاتم
فتبين من هذا التحقيق أن ابن حبان ترتفع جهالة العين عنده برواية واحد ولو كان ضعيفا أو مجهولا خلافا لظاهر كلام الحافظ المتقدم وإن كان لم يجزم به فإنه قال : " وكأن ابن حبان . . " وهو أخذه من قول ابن حبان الذي نقله عنه آنفا : " هذا حكم المشاهير من الرواة فأما المجاهيل . . " الخ فهو منقوض بالمثال الثاني كما هو ظاهر
وبالجملة فالجهالة العينية وحدها ليست جرحا عند ابن حبان وقد ازددت يقينا بذلك بعد أن درست تراجم كتابه " الضعفاء " وقد بلغ عددهم قرابة ألف وأربعمائة راو فلم أر فيهم من طعن فيه بالجهالة اللهم إلا أربعة منهم لكنه طعن فيهم بروايتهم المناكير وليس بالجهالة وهاك أسماءهم وكلامه فيهم :
1 - حميد بن علي بن هارون القيسي
ذكر له ( 1 / 263 - 264 ) بعض المناكير ثم قال :
" فلا يجوز الاحتجاج به بعد روايته مثل هذه الأشياء عن هؤلاء الثقات . . وهذا شيخ ليس يعرفه كثير أحد "
2 - عبد الله بن أبي ليلى الأنصاري
قال ( 2 / 5 ) :
" هذا رجل مجهول ما أعلم له شيئا يرويه غير هذا الحرف المنكر الذي يشهد إجماع المسلمين قاطبة ببطلانه "
3 - عبد الله بن زياد بن سليم قال ( 2 / 7 ) : " شيخ مجهول روى عنه بقية بن الوليد لست أحفظ له راويا غير بقية وبقية قد ذكرنا ضعفه في أول الكتاب فلا يتهيأ لي القدح فيه على أن ما رواه يجب تركه على الأحوال "
4 - أبو زيد : قال ( 3 / 158 ) : " أبو زيد
يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه ليس يدرى من هو ؟ لا يعرف أبوه ولا بلده والإنسان إذا كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبرا واحدا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيه ولا يحتج به "
ومن هنا قال ابن عبد الهادي فيما تقدم : " وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله "
لكن الصواب أن يقال عنه : " لم يعرف عينه " للأمثلة المتقدمة
والله أعلم
والخلاصة أن توثيق ابن حبان يجب أن يتلقى بكثير من التحفظ والحذر لمخالفته العلماء في توثيقه للمجهولين
لكن ليس ذلك على إطلاقه كما بينه العلامة المعلمي في " التنكيل " ( 1 / 437 - 438 ) مع تعليقي عليه
وراجع لهذا البحث ردي على الشيخ الحبشي فإنه كثير الاعتماد على من وثقه ابن حبان من المجهولين ( ص 18 - 21 )
وإن مما يجب التنبيه عليه أيضا أنه ينبغي أن يضم إلى ما ذكره المعلمي أمر آخر هام عرفته بالممارسة لهذا العلم قل من نبه عليه وغفل عنه جماهير الطلاب وهو أن من وثقه ابن حبان وقد روى عنه جمع من الثقات ولم يأت بما ينكر عليه فهو صدوق يحتج به .
وبناء على ذلك قويت بعض الأحاديث التي هي من هذا القبيل كحديث العجن في الصلاة فتوهم بعض الناشئين في هذا العلم أننى ناقضت نفسي وجاريت ابن حبان في شذوذه وضعف هو حديث العجن وسيأتي الرد عليه مفصلا إن شاء الله مع ذكر عشرة أمثلة من الرواة الذين وثقهم ابن حبان فقط وتبعه الحافظان الذهبي والعسقلاني فاطلب ذلك في بحث " كيفية الرفع من السجود " ( ص 197 - 207 ) .

31 - القاعدة السادسة قولهم : رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث علمت من القاعدة الأولى تعريف الحديث الصحيح وأن من شروطه أن يسلم من العلل التي بعضها الشذوذ والاضطراب والتدليس كما تقدم بيانه وعليه فقول بعض المحدثين في حديث ما : " رجاله رجال الصحيح " أو : " رجاله ثقات " أو نحو ذلك لا يساوي قوله : " إسناده صحيح " فإن هذا يثبت وجود جميع شروط ( الصحة التي منها السلامة من العلل بخلاف القول الأول فإنه لا يثبتها وإنما يثبت شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبهذا لا تثبت الصحة كما لا يخفى .
وثمة ملاحظة أخرى وهي : أنه قد يسلم الحديث المقول فيه ذلك القول من تلك العلل ومع ذلك فلا يكون صحيحا لأنه قد يكون في السند رجل من رجال الصحيح ولكن لم يحتج به وإنما أخرج له استشهادا أو مقرونا بغيره لضعف في حفظه أو يكون ممن تفرد بتوثيقه ابن حبان وكثيرا ما يشير بعض المحققين إلى ذلك بقوله : " ورجاله موثقون " إشارة إلى أن في توثيق بعضهم لينا فهذا كله يمنع من أن تفهم الصحة من قولهم الذي ذكرنا القاعدة السادسة قولهم : رجاله رجال الصحيح ليس تصحيحا للحديث علمت من القاعدة الأولى تعريف الحديث الصحيح وأن من شروطه أن يسلم من العلل التي بعضها الشذوذ والاضطراب والتدليس كما تقدم بيانه وعليه فقول بعض المحدثين في حديث ما : " رجاله رجال الصحيح " أو : " رجاله ثقات " أو نحو ذلك لا يساوي قوله : " إسناده صحيح " فإن هذا يثبت وجود جميع شروط ( الصحة التي منها السلامة من العلل بخلاف القول الأول فإنه لا يثبتها وإنما يثبت شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبهذا لا تثبت الصحة كما لا يخفى . )

32 - القاعدة السابعة عدم الاعتماد على سكوت أبي داود :
اشتهر عن أبي داود أنه قال في حق كتابه " السنن " : " ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح "
فاختلف العلماء في فهم مراده من قوله : " صالح " فذهب بعضهم إلى أنه أراد أنه حسن يحتج به
وذهب آخرون إلى أنه أراد ما هو أعم من ذلك فيشمل ما يحتج به وما يستشهد به وهو الضيف الذي لم يشتد ضعفه وهذا هو الصواب بقرينة قوله : وما فيه وهن شديد بينته فإنه يدل بمفهومه على أن ما كان فيه وهن غير شديد لا يبين " .
فدل على أنه ليس كل ما سكت عليه حسنا عنده ويشهد لهذا وجود أحاديث كثيرة عنده لا يشك عالم في ضعفها وهي مما سكت أبو داود عليها حتى إن النووي يقول في بعضها : وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر " ومع هذا فقد جرى النووي رحمه الله على الاحتجاج بما سكت عنه أبو داود في كثير من الأحاديث ولم يعرج فيها على مراجعة أسانيدها فوقع بسبب ذلك في أخطاء كثيرة
وقد رجح هذا الذي فهمناه عن أبي داود العلماء المحققون أمثال ابن منده والذهبي وابن عبد الهادي وابن كثير وقد نقلت كلماتهم في مقدمة كتابي " صحيح أبي داود "
ثم وقفت على كلام الحافظ ابن حجر في هذه المسألة وقد ذهب فيه إلى هذا الذي ذكرناه وشرحه واحتج له بما لا تراه لغيره ولولا خشية الإطالة لنقلته هنا فأكتفي بالإحالة إلى مصدره وهو " توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار " ( 1 / 196 - 199 ) للإمام الصنعاني .

33 -
القاعدة الثامنة رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا يوثق بها :
اشتهر أيضا بين كثير من العلماء الاعتماد على رمز السيوطي للحديث بالصحة والحسن أو الضعف وتبعهم في ذلك الشيخ السيد سابق ونرى أنه غير سائغ لسببين : 1 - طروء التحريف على رموزه من النساخ فكثيرا ما رأيت الحديث فيه مرموزا له بخلاف ما ينقله شارحه المناوي عن السيوطي نفسه وهو إنما ينقل عن " الجامع " بخط مؤلفه كما صرح بذلك في أوائل الشرح وهو نفسه يقول فيه :
" وأما ما يوجد في بعض النسخ من الرمز إلى الصحيح والحسن والضعيف بصورة رأس " صاد وحاء وضاد " فلا ينبغي الوثوق به لغلبة تحريف النساخ على أنه وقع له ذلك في بعض دون بعض كما رأيته بخطه "
2 - أن السيوطي معروف بتساهله في التصحيح والتضعيف فالأحاديث التي صححها أو حسنها فيه قسم كبير منها ردها عليه الشارح المناوي وهي تبلغ المئات إن لم نقل أكثر من ذلك وكذلك وقع فيه أحاديث كثيرة موضوعة مع أنه قال في مقدمته : " وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب "
وقد تتبعتها بصورة سريعة وهي تبلغ الألف تزيد قليلا أو تنقص كذلك وأرجو أن أوفق لإعادة النظر فيها وإجراء قلم التحقيق عليها وإخراجها للناس ومن الغريب أن قسما غير قليل فيها شهد السيوطي نفسه بوضعها في غير هذا الكتاب فهذا كله يجعل الثقة به ضيفة نسأل الله العصمة
ثم يسر الله تبارك وتعالى فجعلت " الجامع الصغير وزيادته " المسمى ب " الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير " قسمين : " صحيح الجامع . . " و " ضعيف الجامع . . " وعدد أحاديث هذا ( 6469 ) حديثا والموضوع منها ( 980 ) حديثا على وجه التقريب وهو مطبوع كالصحيح والحمد لله تعالى .

34 - القاعدة التاسعة سكوت المنذري على الحديث في " الترغيب " ليس تقوية له :
الأصل أنه لا يجوز إيراد الحديث الضعيف إلا ببيان حاله كما سيأتي بيانه ولذلك يظن بعضهم أن ما سكت عليه المنذري في " الترغيب والترهيب " يدل على أنه غير ضعيف عنده وعليه جرى الشيخ السيد سابق في غير ما حديث وهو ذهول عن اصطلاح المنذري الذي صرح به في مقدمة الكتاب حيث قال رحمه الله ( ص 4 ) : " فإذا كان إسناد الحديث صحيحا أو حسنا أو ما قاربهما صدرته بلفظة " عن " وكذلك إذا كان مرسلا أو منقطعا أو معضلا أو في إسناده راو مبهم أو ضعيف وثق أو ثقة ضعف وبقية رواة الإسناد ثقات أو فيهم كلام لا يضر أو روي مرفوعا والصحيح وقفه أو متصلا والصحيح إرساله أو كان إسناده ضعيفا لكن صححه أو حسنه بعض من خرجه أصدره أيضا بلفظة " عن " ثم أشير إلى إرساله أو انقطاعه أو عضله أو ذلك الراوي المختلف فيه فأقول رواه فلان من رواية فلان أو من طريق فلان أو في إسناده فلان أو نحو هذه العبارة
وإذا كان في الإسناد من قيل فيه : كذاب أو وضاع أو متهم أو مجمع على تركه أو ضعفه أو ذاهب الحديث أو هالك أو ساقط أو ليس بشيء أو ضعيف جدا أو ضعيف فقط أو لم أر فيه توثيقا بحيث لا يتطرق إليه احتمال التحسين صدرته بلفظة " روي " ولا أذكر ذلك الراوي ولا ما قيل فيه البتة فيكون للإسناد الضعيف دلالتان : تصديره بلفظة " روي " وإهمال الكلام عليه في آخره "
وقد فصلت القول على كلامه هذا وما فيه من الإجمال والغموض والمؤاخذات في مقدمة " صحيح الترغيب " فراجعها فإنها مهمة جدا ) .
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 03-22-2011, 09:39 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

35 - نصيحة العلامة المحدث الألباني للناشئين في علم الحديث :
قال الإمام المحدث الألباني في ( الضعيفة ) تحت هذا الحديث :
(
5418 - ( الثوم من طيبات الرزق ) .
مقطوع ضعيف
أخرجه الترمذي (1812 - حمص) : حدثنا محمد بن حميد : حدثنا زيد الحباب عن أبي خلدة عن أبي العالية قال : ... فذكره موقوفاً عليه .
قلت : ومع وقفه لا يصح الإسناد إليه ؛ لأن محمد بن حميد - وهو الرازي - مع حفظه ؛ فقد ضعفوه .
وإنما حملني على تخريج هذا المقطوع - خلافاً لعادتي - : أنني رأيت أحد المعلقين على رسالة "موضوعات الصغاني" قد وهم وهماً فاحشاً في هذا ، فقال (ص 60) :
".. فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "الثوم من طيبات الرزق" . وهذا الحديث أخرجه الترمذي في "جامعه" ، كتاب الأطعمة ، باب ما جاء في الرخصة في أكل الثوم : "تحفة الأحوذي" (5/ 530) عن أبي العالية بسند صحيح" !!
هذا كلامه بالحرف الواحد ! فهو ينقله مقطوعاً ، ويصيره مرفوعاً ، فعلى ماذا يدل هذا التناقض ؟! أقل ما يقال : إنه لم يفهم هذا العلم بعد ، فلا يجوز لمثله أن يتولى فن التخريج والتحقيق إلا بعد أن يمضي عليه زمن يشعر هو في نفسه بأنه قد استوى عوده ، ويشهد له من له سابقة في هذا المجال ، ولهذا أنصح دائماً إخواننا الناشئين في هذا العلم أن لا يتسرعوا بنشر ما يخرجونه أو يحققونه ، وإنما يحتفظون بذلك لأنفسهم إلى أن ينضجوا فيه .
والحق والحق أقول : إن من فتن هذا الزمان حب الظهور وحشر النفس في زمرة المؤلفين ، وخاصة في علم الحديث الذي عرف الناس قدره أخيراً بعد أن أهملوه قروناً ، ولكنهم لم يقدروه حق قدره ، وتوهموا أن المرء بمجرد أن يحسن الرجوع إلى بعض المصادر من مصادره والنقل منها ؛ صار بإمكانه أن يعلق وأن يؤلف ! نسأل الله السلامة من العجب والغرور !! ) .
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 03-22-2011, 10:10 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

36 - قول التابعي من السنة كذا ليس له حكم المرفوع :
قال العلامة المحدث الألباني في ( الإرواء ) ( 3/41 ) :
( وأبو سلمة بن عبد الرحمن تابعي ؛ وقول التابعي : من السنة كذا في حكم الموقوف لا المرفوع ؛
بخلاف قول الصحابي ذلك فإنه في حكم المرفوع ) .

37 - تفسير الصحابي للقرآن له حكم المرفوع :
قال العلامة المحدث الألباني في ( التوسل ) تحت هذا الأثر :

فأخرج الحاكم عنه { فتلقى آدم من ربه كلمات . . . } قال : أي رب ألم تخلقني بيدك ؟ قال : بلى . قال : ألم تنفخ في من روحك ؟ قال : بلى قال : أي رب ألم تسكني جنتك ؟ قال : بلى . قال : ألم تسبق رحمتك غضبك ؟ قال : بلى . قال : أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة ؟ قال بلى . قال : فهو قوله : { فتلقى آدم من ربه كلمات } وقال الحاكم : ( صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي وهو كما قالا
قلت : وقول ابن عباس هذا في حكم المرفوع من وجهين :
الأول : أنه أمر غيبي لا يقال من مجرد الرأي
الثاني : أنه ورد في تفسير الآية وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع كما تقرر في محله ولا سيما إذا كان من قول إمام المفسرين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي دعا له رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) .


38 - قول الصحابي في أسباب النزول له حكم المرفوع :
قال العلامة المحدث الألباني في ( الصحيحة )
( حديث خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال : " خرجت مع عبد الله بن
عمر فلحقه أعرابي فقال له : قول الله : *( و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا
ينفقونها في سبيل الله )* ؟ قال له ابن عمر : من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له
إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهورا للأموال . ثم
التفت ، فقال : ما أبالي لو كان لي أحد ذهبا أعلم عدده و أزكيه و أعمل فيه
بطاعة الله عز وجل " . أخرجه ابن ماجه ( 1787 ) و البيهقي ( 4 / 82 ) من طريق
ابن شهاب حدثني خالد بن أسلم به . و علقه البخاري ( 3 / 250 ) مختصرا .
و إسناده صحيح . و هو و إن كان موقوفا فهو في حكم المرفوع لأنه في أسباب النزول
و ذلك لا يكون إلا بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم و حديث ابن عمر هذا هام
جدا في تفسير آية الإنفاق هذه فإن ظاهرها وجوب إنفاق جميع ما عند المسلم من
الذهب و الفضة و قد أخذ بهذا الظاهر بعض الأحزاب الإسلامية في العصر الحاضر
و لم يلتفتوا إلى هذا الحديث المبين للمراد منها و أنها كانت قبل فرض الزكاة
المطهرة للأموال ، فلما نزلت قيدت الآية و بينت أن المقصود منها إنفاق الجزء
المفروض على الأموال من الزكاة و على ذلك دلت سائر الأحاديث التي وردت في الترهيب من منع الزكاة و كذلك سيرة السلف الصالح فإن من المقطوع به أن عثمان و عبد الرحمن بن عوف و غيرهما من أغنياء الصحابة لم ينفقوا أموالهم كلها بل ماتوا و قد خلفوا لورثتهم أموالا طائلة كما هو مذكور في كتب السيرة و التراجم . ) .
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 04-03-2011, 06:19 AM
عبد الله بن مسلم عبد الله بن مسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 5,131
افتراضي

بارك الله فيك!
__________________
قال سفيان الثوري (ت161هـ): "استوصوا بأهل السنة خيرًا؛ فإنهم غرباء"
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:37 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.