أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
40560 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 10-22-2010, 04:23 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

* الوصول إلى مكَّة، ثم المسجد الحرام:

9- فإذا وصلتَ إلى مكَّة، ورأيت بيوتَها -وحدُّها اليوم قريب من (مسجد عائشة)-: تُمسِك عن التلبية وتقطعُها.
فإن تيسَّر لك الاغتِسالُ قبل دخول مكَّة: فافعل؛ وإلا: فلا حَرَج.
وولْيكنْ دُخولك إليها نهارًا -إن أمكنَ ذلك-، وإلا: فلا حَرَج.
ويجوزُ لكَ -قبل أن تدخُلَ المسجد الحرام لتعتمرَ- أن تستريحَ، أو تنام، أو تجلس، أو تأكل، أو تغتَسِل، أو تُغيِّر لباسَ الإحرام -وما أشبهَه-.


10- ثم تَدخل المسجد الحرام -مقدِّمًا قدَمَك اليُمنى-، قائلًا: اللهم صلِّ على محمَّدٍ وسلِّم، اللهم افتح لي أبوابَ رحمتِك.
أو تقول: أعوذ بالله العظيم، وبوجهِه الكريم، وسُلطانِه القَديم، مِن الشيطانِ الرجيم.
وليكنْ دخولُك المسجد الحرام -إن استطعت- مِن باب بني شَيبة، وإلا فمِن أيِّ باب آخر يتيسَّر.
فإذا رأيتَ الكعبة المشرَّفة: رفعتَ يديْكَ؛ كما ورد عن ابن عباس-رضي الله عنه- أنه قال: "تُرفعُ الأيدي في سبعة مواطن: إذا رأى البيتَ، وعلى الصَّفا، والمروة، وفي جمعِ [مُزدلِفة]، وعَرفاتٍ، وعند رميِ الجِمار".
قائلًا: اللهم أنتَ السَّلام، ومنكَ السَّلام؛ فحيِّنا ربَّنا بالسَّلام.


* بداية الطواف بالكعبة:

ثم تَستقبِلُ الحجرَ الأسود لتبدأ الطواف، فتَستَلمُه بيدك، وتُقبِّله، وتَسجُد عليه -إن استطعتَ-، قائلًا: بسم الله، اللهُ أكبر؛ كما ثبت عن ابن عمر.
ولا تُزاحم عليه؛ فإن استَلمتَه بيدك؛ فقبِّل يدَك، وإن لم تستطعْ؛ فأشِر إليه باليدِ اليُمنى مُسمِّيًا مُكبِّرًا.
واستِلامُه هو: مسحُه باليد اليُمنى.


* الطواف سبعة أشواط وأحكامُه:

11- ثم تَطوفُ سبعةَ أشواطٍ مَشيًا، جاعلًا الكعبةَ عن يسارك، مُبتدِئًا بالحجر الأسود، ومُنتهيًا إليه ليتمَّ لك شوط كامل، وذلك في كل شَوط من الأشواط السبعة.
ولا تخترق الحِجْر -المُحوَّط عليه بجنب الكعبة ببناءٍ مُنخفض نصف دائري له مدخلان- في أيِّ شوط من أشواط طوافِك؛ فإنه من البيت، والله أمرَ بالطواف بالبيت لا في البيت.


* تقبيل الحجر الأسود، أو استلامه، أو الإشارة إليه:

12- ولا تَستلم من الأركان في طوافك إلا الركنَين اليَمانيين (الحجر الأسود، والركن اليماني)؛ لأنهما على قواعد إبراهيم -عليه السلام- دون الركنين الآخرَين -ويقال لهما: الشاميَّان-؛ لأنهما داخل البيت.
أما الحجر الأسود؛ فتستلمه وتُقبِّله -كما تقدَّم-.
وكان ابنُ عمر يستلمه -سواءٌ أكان في طوافٍ أم في غير طواف-.
وأما الركن اليماني؛ فتستلمه -فقط- دون أن تَذكُر ذِكرًا معيَّنًا، ولا أن تُقبِّله أو تُقبِّل يدَك -وذلك في كل شوط-.
فإن لم تستطع استلام الركن اليماني؛ فلا تُشر إليه، ولا تُكبِّر -كحالِك مع ذَيْنك الركنَين الآخرَين-.


* المُلتزَم وفضلُه:

وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم؛ فلا يُتمسَّح بشيء منها، ولا تُستلم ولا تُقبَّل؛ إلا: (المُلتزَم): وهو ما بين الباب والحجر الأسود؛ فتضع صدرك وخدَّك ويدَيْك عليه، وتدعو بأي دُعاءٍ مأثور عام تعرفُه، وإلا: فبأي دعاءٍ خيِّر مُبارك ينفعك في الدنيا والآخرة.
(تنبيه): يُستحب أن تأتي (الملتزم) قبل طواف الوداع، أو حين دخول مكة، أو في أي طوافٍ وأي وقت؛ بحيث تضع عليه صدرك ووجهك وذراعيك وكفَّيك، وتسأل الله حاجتَك.


* دعاء الله وحده دعوة التَّوحيد والإيمان:
وادعُه وحده -جل وعلا- دون غيرِه؛ لقوله -سبحانه وتعالى-: {قُلْ إنَّما أدعُو ربِّي وَلا أُشرِكُ بِهِ أَحَدًا}.
فهذه دعوةُ الإسلام، وحقيقةُ الإيمان -علمًا، وعملًا، واعتِقادًا-.


* الرَّمَـل:

13- ويُسنُّ لك في طواف عمرةِ الحجِّ هذا الرمَلُ مِن الحجر، مِن الحجر الأسود إلى الركنِ اليماني. وأما منه إلى الحجر: فمشيٌ؛ وذلك في الأشواط الثلاثة الأُوَل -فقط-.
والرَّمَل: هو الهرولة، ومسارعة المشي مع مقاربةِ الخَطْو، وهو خاصٌّ بالرِّجال؛ لأن الأصل في النساء السَّكينة. وسيأتي -قريبًا- ذِكرُ النَّهي عنه-عن ابن عُمر-رضـي الله عنهما-.


* الاضْطِبـاع:

14- ويُسن لك -أيضًا-أيها الرجل- الاضطِباع في أشواط هذا الطواف جميعها؛ وهو: وضعُ الرِّداء تحت إبطِك الأيمن مع إظهار الكتِف، ورد طرفه على عاتقِك الأيسر مع تغطيتِه.
فإذا تركتَ الرَّمَل والاضطِباع؛ تكون قد خالفتَ سُنَّة نبيِّك -صلى الله عليه وسلم-، ولا إثمَ عليك -إن شاء الله-.


* الذِّكرُ والقراءةُ أثناء الطَّواف:

15- ويُستحب لك أثناء أشواط الطواف -جميعها- أن تَذكر الله -تعالى- ذِكرًا كثيرًا بغير رفعِ صوتٍ.
ومِن أفضل الذِّكر وأجمعِه: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أو: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
أو: أن تدعو بأي دعاء تَعرفه.
وإن قرأتَ شيئًا من القرآن في طوافك؛ فحَسَنٌ.
فإن كنتَ لا تستحضرُ شيئًا من الأدعية؛ فلا بأس بالاستعانة بشيءٍ مكتوب موافقٍ للكتاب والسُّنة تقرؤُه، وإلا: فقُل ما في نفسك من الخير بلا تكلُّف، وتوكَّل على الله ربِّك.


* ذِكر ما بين (الرُّكن) و(الحَجر):

16- ويُسَن أن تتلوَ بين الركن اليماني والحجر الأسود قولَ الله -سبحانه-: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وِقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وتُكرِّر هذا في الأشواط كلها.


* وجوب الطَّهارة للطَّواف:

17- ولا تَطُفْ إلا وأنت طاهر من الحدَثَين -الأكبر والأصغر-.
والنساء في ذلك كالرجال؛ بإضافة أنه لا طوافَ لهن مع حيضٍ أو نِفاس.
فإن انتقض وضوؤك أثناء شوط من الأشواط السبعة؛ فأعدِ الشَّوط نفسَه -فقط-، ولا تَستأنف بإعادة ما قبله من الأشواط.


* الشك في عدد أشواط الطواف:
وإذا شككتَ في طوافِك: هل طُفتَ ستة أشواط! أو سبعة أشواط -مثلًا-؟! فابنِ على الأقل، واجعَلْها ستًّا، وطفْ شوطًا سابعًا.
ولكن: حاذِر الوسوسة وتغليط الشيطان لك!

18- وبعد فراغك من هذا الطواف: اترُك الاضطِباع، وأَرجِع رداءَك على حالِه مُغطيًا به كتِفَيك -لزُومًا-.


* الصلاة خلف مقام إبراهيم:

19- ثم تتوجَّه إلى مقام إبراهيم تاليًا قول الله -تعالى-: {وَاتَّخِذُوا مِن مَقامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلى}؛ لتُصلي ركعتيْ سُنة الطواف خلف المقام -إن تيسر لك ذلك-، وإلا: فبِمُحاذاته -ولو مِن بعيد-.
وإلا؛ فتُصلي في أيةِ ناحية من نواحي المسجد.
ويُستحب لك أن تقرأ في هاتين الركعتين -بعد الفاتحة- سورة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} في الركعة الأولى، وسورة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} في الركعة الثانية.


* الشرب من ماء زمزم وفضله:

20- ويُستحب لك -بعدُ- أن تشرب من ماء زمزم، وأن تصبَّ على رأسك منه، وأن تدعو بدعاء ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-؛ إذ كان يقول عند شُرب ماء زمزم: (اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشِفاءً من كل داء).
وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ماء زمزم لِما شُرب له"؛ فإن شربتَه لمرضك شفاك الله -بإذنه-سبحانه-، وإن شربتَه ليقطع ظمأك قطعه، وإن شربته لجوع شبعتَ؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ماء زمزم: طعام طُعم، وشفاءُ سُقم".
ويجوزُ لك أن تستحضر عند شُربك له نيَّة صالحة من خير الدنيا والآخرة؛ كالعلم النافع، أو العمل الصالح، أو الرِّزق الحلال، أو حُسن الختام والوفاة على الإيمان...


21- وبعدَ ذلك ترجعُ لتستلم الحجر الأسود، فإن لم تستطع: أشرتَ إليه قائلًا: "بسم الله، الله أكبر" -على التفصيل السابق-.






يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 10-25-2010, 01:49 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

أعمال الحج
يوم الثامـ 8 ـن:
(يوم التَّروِيَة)



1- لُبس لباس الإحرام:

البسْ ثياب الإحرام من المكان الذي أنتَ فيه في مكةَ، وقِف مُستقبِلًا القِبلةَ قائلًا -لتدخلَ في الإحرام-: (لبَّيك اللهم حَجَّة)، وقلْ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم هذه حَجَّة لا رياء فيها ولا سُمعة"، ثم ارفع صوتَك بالتَّلبية: (لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك...) -كما تقدَّم شرحُه-.


2-المَبيت بمِنى:

اذهبْ إلى (مِنَى) بعد الشُّروق، وصلِّ خمسَ صلواتٍ -ثمةَ-؛ فتُصلِّي الظهر والعصر والعِشاء ركعتين ركعتَين قصرًا -دون جمع-.
والفجر والمغرب لا تُقصَران -إجماعًا-.
وبِتْ فيها لتُصلي الصبح هنالك.



qqqqq


يوم التاسـ 9 ـع
(يوم عرَفة)



3-الوقوف في عرفة:

اذهب إلى (عرفة) يوم التَّاسع بعد الشُّروق، مُلبِّيًا ومُكبِّرًا.
وصلِّ الظهر والعصر فيها قصرًا وجمْعًا -جمع تقديم بأذان واحد، وإقامتَين-بدون صلاة سُنَّة- مع الإمام؛ لتشهد خُطبته في مسجد نَمِرَة.
وبعد الخطبة وأداء صلاتَي الظهر والعصر: تنطلق إلى عرفة، فتقف موقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الصَّخرات أسفل الجبل -إن تيسَّر لك ذلك-؛ وإلا: فـ"عرفة كلُّها موقف" -كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم-.
وتأكدْ أنك في (عرفة) وداخل حدودها؛ لأن الموقف في (عرفة) رُكن أساس؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الحجُّ عرفة".
وقِف مستقبِلًا القِبلة رافعًا يديْك، داعيًا اللهَ وحده.
واحذر دعاء أحدٍ من دون الله.
واستمر مُلبِّيًا ومُهلِّلًا بتهليل الرسول -صلى الله عليه وسلم- القائل: "خير الدُّعاء دُعاء يومِ عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنَّبيُّون من قَبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير".
وقال -أيضًا-: "أحبُّ الكلامِ إلى الله أربع: سُبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أكبر".
وابقَ على هذا الحال -ذِكرًا، ودُعاءً، وتضرُّعًا- حتى تَغرب الشمسُ.


4-المَبيت بِمُزدَلِفة:

انزِلْ من (عرفة) بعد الغُروب بهدوءٍ متوجِّهًا إلى (مُزدَلِفة)، فإذا وصلتَها: صلِّ المغرب والعشاء قصرًا وجمْعًا -جمع تأخيرٍ بأذان واحدٍ وإقامتَين- بدون صلاة سُنَّة.
وبِتْ فيها وُجوبًا لتصلي الفجر.
وقد قال الشيخ ابن عثيمين (23/97): "مَن لم يَبِتْ في مُزدَلِفة؛ فقد عصى الله ورسولهُ"؛ فهو: "واجبٌ -على الصحيح-".
كما في "فتاوى الشيخ ابن باز (17/277).
وبعد أدائك صلاة الفجر في مُزدلفَة: تتوجَّه إلى (المَشْعَر الحرام) -وهو في مُزدلِفة-، فتستقبل القِبلة، وتدعو الله -تعالى- وتحمدُه، وتُكبِّره، وتُهلِّلُه، حتى تُسفِر الشمسُ جدًّا.
ثم تَنطلق إلى مِنى -قبل طلوع الشَّمس- لرميِ الجمرة.
وأثناء سيرك إلى مِنى: تَمُرُّ بـ(وادي مُحسَّر)، فإذا وصلتَ بطنَ الوادي أسرعتَ السَّير -إذا استطعتَ-؛ فهو الموضعُ الذي ردَّ اللهُ -تعالى- فيه كيدَ أصحاب الفيل...
ويُسمحُ للضعفاء بالانصراف بعد نصف الليل؛ ولكن: لا يجوزُ أن يَرمُوا، أو يطوفوا إلا بعد طُلوع الشَّمس.


qqqqq


يوم العاشـ 10 ـر
(يومُ النَّحر، وهو يوم العيد)


5-رمي جمرة العقبة الكبرى:

والأصل في حِكمة رمي الجمرات -هنا، وما بعدها- ما صحَّ عن ابن عباس -رضيَ الله عنهما-: أن النبي -صلى اللهُ عليه وسلَّم- قال: "لمَّا أتى إبراهيمُ خليلُ الله المناسِك؛ عَرَضَ له الشيطانُ عند جمرةِ العقبة، فرماهُ بسبعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض، ثم عَرَض له عند الجَمْرة الثَّانية، فرماهُ بسبعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض، ثم عَرَضَ له عند الجَمْرة الثالثة، فرماه بسبعِ حَصَيات حتى ساخَ في الأرض".
قال ابن عباس: الشيطانَ ترجُمون، وملَّة أبيكم تتَّبعون.


(تنبيهات)

الأول: حجم حصى الجَمْرة يكون قدْر الحِمِّصة؛ (أي: بالقَدْر الذي تضعُه بين الإبهام والوُسطى) -كذا في "الشرح الممتع" (3/320)-.

الثاني: حكمَ الشيخُ ابن عثيمين في "فتاويه" (23/264-265) ببِدعة غَسل الحصى..
مع أنه قد ورد عن بعض السَّلف غسلُه -كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (4/27).
نعم؛ لم يصح ذلك عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه الكرام -رضِي الله عنهم-.
وعدم التكلُّف أَولى.

الثَّالث: نبَّه الشيخ ابنُ عثيمين في "الفتاوى" (23/281) على استحباب لفظ (رمي الجمَرات)، لا (رَجمِها!)؛ "وذلك لأنَّ هذا هو التَّعبير الذي عبَّر به النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-... وكلَّما كان الإنسان في لفظه مُتَّبعًا لِما في الكتاب والسُّنَّة: كان أَولى وأحسن".
قلتُ: وهذا توجيهٌ حسَنٌ؛ مع كونِ المعنى اللُّغوي واحدًا -تقريبًا-؛ فانظر "القاموس" (1435)، و"شرحه" (32/218).

الرَّابع: أفاد الشيخ ابن عثيمين -رحمهُ اللهُ- في "فتاويه" (23/130-131) بجوازِ رمي الجمَرات مِن فوق الجِسر في الدَّور الثاني لها.
ولكن: هل ثمَّة مُفاضلةٌ بينهما؟!
قال الشيخ -رحمهُ الله- (23/276): "الأفضل أن تَنظرَ ما هو أيسرُ لك؛ فما هو أيسرُ هو الأفضل؛ لأن المهم أن تؤديَ العبادةَ بطُمأنينة وحضور قلب ويُسر".
الخامس: في "فتاوى الشَّيخ ابن عثيمين" (23/140-149) سَرْد أحد عشر خطأً يقعُ فيه عامَّة النَّاس أثناء الرَّمي؛ فلتُنظر؛ لتُحذَر.
... فاخرُج -بعد فجر يوم العيد- مِن (مُزدلِفة) قبل الشُّروق إلى (مِنى) مُلبِّيًا، وعليك السَّكينة.
وتبدأ يومك بِرمي الجمْرة الكُبرى -وهي (جمرة العقبة)- جاعلًا (مكَّة) عن يسارك، و(مِنى) عن يمينك، بسبعِ حَصيات صغيرة تأخذها مِن (مِنى)، مُكبِّرًا مع كل حصاةٍ، وذلك بعد الشُّروق، ولو إلى آخر الليل، عالِمًا بوُقوعها في حوضِ المَرمَى.
فإذا (جزمتَ) أنها لم تقعْ فيه -دون وَسواس أو تشويش!-؛ فأعِدْها.
ولا يُشترط -بل لا يُستحب!- أن تتقصَّد إصابة العَمود الشَّاخص الذي في وسط حوض الرَّمي!!
واقطعِ التَّلبيةَ بعد الانتهاء من الرَّمي.
والبَسْ ثيابَك، وتطيَّبْ، ويَحل لك كلُّ شيء إلا النساء؛ لحديث عائشة، قالت: "طيَّبتُ رسول الله بيديَّ لحَجَّة الوداع، للحِلِّ والإحرام؛ حين أحرَمَ، وحين رمَى جمْرة العقَبة يوم النَّحر قبل أن يطوفَ بالبيت".


6-الذبح:

اذبَح ذبيحَتَك في (مِنى) أو (مكَّة) -إما في يوم العيد، أو في أيٍّ من أيام التَّشريق الثَّلاثة التالية له-، وكُلْ منها، وأطعِمْ مَن تحب -حتى الفقراء-.
ويجوزُ لك التَّوكيل في الذَّبح؛ فتدفعُ ثمنها إلى مَن تثقُ به من الأفراد والمؤسَّسات.
فإن لم تَملك ثمنَها: فصُم ثلاثةَ أيَّام في الحج، وسبعةً إذا رجعتَ إلى أهلك.
والمرأة في ذلك كالرجل.
وهذا واجبٌ على الحاجِّ المتمتِّع -فقط-.
وأما قوله -تعالى-: {ولا تَحلِقُوا رؤُوسَكُم حتَّى يَبلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ}؛ فالمُراد به: "وقت حُلولِه؛ لا أنه يذبحه فعلًا".
كذا في "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/163).
فمَن حلَق قبل الذَّبح: فلا حرج عليه -إن شاء الله-.


7- الحلْق:

احلِقْ شعرَك كلَّه، أو قصِّره كلَّه، والحلقُ أفضل.
والمرأة تَجمع شعرها -كلَّه-، وتقصُّ مِن طرفه بقدْر رأس الأصبع -الأُنْمُلة-.
ولا يُجزئ ما يفعله كثيرٌ من النَّاس في هذا الزَّمان من أخذ قليلٍ من الشَّعر للرجال!
فالواجبُ: أن يُعَمَّ الشَّعر كلُّه بالتقصير؛ حتى يُعرَف الرجل بأنه -حقيقةً- مُقصِّرٌ شعرَه.
وفي قول الله -تعالى-: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} فائدةٌ فقهيَّة:
فقد قال ابن عبَّاس -رضي الله عنه-: "التَّفث: الرَّمي، والذَّبح، والحلق، والتقصير، والأخذ من الشَّارب واللِّحية".
وكان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر؛ قبض على لحيتِه؛ فما فضَل أخذه. رواه البخاري (5892).
وهذا هو المراد نفسُه من أثَري ابن عبَّاس وعطاء.


8- الطَّواف والسَّعي:

ثم توجَّه إلى مكَّة؛ فطُفْ حول الكعبة سبعًا -وهو (طواف الإفاضة)-، واسْعَ بين الصفا والمروة سبعًا -كما تقدَّم شرحُهما في (أعمال العمرة)-تمامًا-.
وبعد تمام الطَّواف والسَّعي: تحِل لك زوجتُك بعد أن كانت حرامًا بإحرامك.
وإذا لم يتيسَّر لك الطوافُ والسعي في هذا اليوم؛ فافعلْ في أيٍّ من أيام التَّشريق، فإن لم تستطع؛ ففي أيٍّ من أيام ذي الحجة.
ويَشترط (بعضُ كبار أهل العلم) لذلك: بقاء الحاج مُحرِمًا حتى يطوف طواف الإفاضة؛ لوُرُود حديث صحيح في ذلك -ولو احتِياطًا-.
والسُّنَّة -وهذا هو الأفضل بلا رَيب-: ترتيبُ أعمال يوم العيد على النحو التالي:
رمي جمرة العقبة.
فالذبح.
فالحلْق.
فطوافُ الإفاضة.
فالسَّعي للمتمتِّع -استِحبابًا-.
فإن قدَّمتَ منها شيئًا أو أخَّرتَ: جاز -إن شاء الله-؛ لقول النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: "لا حرجَ، لا حرجَ".


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 10-26-2010, 10:47 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

يوم الحادي عشـ 11 ـر -فما بعدَه-
(أيَّام التَّشريق الثَّلاثة)


9- المَبيت بمِنى للرَّمي:

ارجِع إلى (مِنى) ياني يومٍ بعد يوم العيد، وبِتْ فيها -وُجوبًا- للرَّمي -ليلتَي الحادي عشر والثاني عشر- إذا أردتَ التَّعجُّل.
ويَبدأ وقتُ الرَّمي بعد الزَّوال، ويَمتد إلى الليل.
وقد أفاد الشيخُ ابن عثيمين -رحمه الله- في "فتاويه" (22/273 و 283 و 285 و 288 و 290)، و(23/127-128)؛ بأنه لا يوجد دليلٌ يُحدد الرَّمي بالغُروب؛ بل قد صحَّ الدليل على جواز الرمي مساءً؛ قال:
"فدلَّ هذا على أن هذه العبادة لا تختص بالنَّهار، وإذ لم تختصَّ بالنَّهار: فالليل كلُّه وقت".
فارمِ الجمرات الثلاث بالتَّرتيب: مبتدِئًا بالصُّغرى بسبعِ حصياتٍ لكل جمرةٍ، تلتقطُها مِن (مِنى) -إن شئتَ- مكبِّرًا مع كلِّ حصاة، مستقبل القِبلة.
فإذا فرغتَ: تمشي قليلًا لتقف -بَعدها- أمامها -لا عن يمين، ولا عن يسار-، مُستقبلًا القِبلةَ، رافعًا يدَيكَ، داعيًا الله وحده كثيرًا طويلًا.
ثم ارمِ الجمرةَ الوُسطى بالطريقة نفسِها.
فإذا فرغتَ: تمشي قليلًا، لتقف بعدها إلى جهة الشَّمال، مُستقبِلًا القِبلة، رافعًا يدَيك، داعيًا الله وحده كثيرًا دُعاءً طويلًا.
ثم ارمِ الجمرة الكُبرى: جاعِلًا (مِنى) عن يمينك، و(مكة) عن يَسارك.
ولا تقفْ بعدَها للدُّعاء.
ارمِ الجمَرات الثلاث في اليوم الثالث من العِيد -أيضًا- كما فعلتَ في اليوم الثاني منه.
والله -تعالى- يقول: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى...}:
فإذا أردتَ التعجُّل: فإن رميَ اليوم الثالث يَسقط عنك؛ فاخرُج مِن (مِنى) قبل غُروب اليوم الثاني من أيام التشريق؛ وإلا: وجبَ عليك المَبيت في (مِنى) ورميُ الجمرات الثلاث في اليوم الثالث من أيام التشريق -كما ورد عن ابن عمر-فيما رواه عنه مالكٌ في "الموطَّأ" (1/407)-، وتكون بِفعلكَ هذا مِن المتأخِّرين نائلًا الثواب الأكثر -بإذن الله-.
ويجوز للمعذورِ أن يؤخِّر رمي اليوم الثاني من أيام العيد إلى اليوم الثالث، والثالث إلى الرابع.
ويجوزُ التَّوكيل في الرَّمي عن النِّساء الضعيفات والمرضى والضُّعفاء والصِّغار -في حالة الضرورة القصوى-.
قلتُ: ولعل أصل تجويز هذا التَّوكيل: مبني على ما صحَّ عن ابن عمر -رضيَ الله عنهما-:
أنه كان يحُج بصبيانِه، فمن استطاع منهم أن يرميَ؛ رمى، ومَن لم يستطِع؛ رمَى عنه. كما رواه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" (13843) عنه.
لكنَّ توسُّع كثير من المتوسِّعين: ليس من هذا الحق المُبين.

(فـائـدة): "من أراد الرَّمي عن غَيره؛ فله حالتَان؛ وهما:

أن يَرمي عن نفسه جميعَ الجِمار، ثم عن مُستنيبِه.
والأخرى: أن يرمي عن نفسه، وعن مُستنيبِه عند كلِّ جمرة.
وهذا هو الصَّواب؛ دفعًا للحَرج والمشقة، ولعدم الدَّليل الذي يوجِب خِلاف ذلك".
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مَنسكِه" (ص85):
"ويُستحب ألَّا يدَع الصَّلاة في مسجد مِنى -وهو مسجد الخَيف- مع الإمام؛ فإن النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- وأبا بكر وعُمر كانوا يُصلُّون بالنَّاس قصرًا بلا جمْعٍ بمِنى، ويقُصر الناسُ كلهم خلفَهم -أهلُ مكة، وغير أهل مكة".


10- طواف الوداع:
وهو واجب لغير الحائض والنُّفساء، ويكون السَّفر بعدَه مباشرة -ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-.
فإذا خرجتَ من الحرَم؛ فقدِّم رِجلَك اليُسرى قائلًا: "اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمد، اللهمَّ إني أسألكَ مِن فضلك".
وإذا أردتَ مُغادرةَ مكة؛ فارحلْ كما ترحلُ مِن أي بلدٍ.
وكذلك مغادرتك المسجد الحرام؛ تكون بلا تكلُّف؛ كما تُغادر أي مسجد.
فإذا سافرتَ ووصلتَ بلدك: فابدأ بالمسجد؛ فصلِّ فيه ركعتَين؛ شُكرًا لله -سبحانه- على ما منَّ به عليك مِن نعمة العمل الصالح والعافية والسَّلامة.


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10-28-2010, 10:25 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

الدِّماءُ في الحجِّ



يقول الله -تعالى- في بيان أثر ما يتقرَّب به إليه عِبادُه فيما يذبحونه مِن ذبائح له -سبحانَه-: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}.
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (10/70):
"يقول -تعالى-: إنما شرع لكم نَحر هذه الهدايا والضَّحايا؛ لتذكُروه عند ذبحها؛ فإنه الخالق الرازق؛ لأنه لا ينالُه شيء من لُحومِها ولا دمائها؛ فإنه -تعالى- هو الغني عما سواه.
وقد كانوا في جاهليَّتهم -إذا ذبحوها لآلهتِهم- وضعوا عليها من لحوم قرابينِهم، ونضحوا عليها مِن دمائها، فقال -تعالى-: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا}".

أقول:

والواردُ في دماء الحج خمسةُ أنواع:

1- دم التمتُّع والقِران:

قال -تعالى-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}.
وقد تقدَّم بيان أحكامهما.


2- دم الفِدية:

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- في "شرح العُمدة" (2/574): "الأصلُ في هذه الفِدية قولُه -سبحانه-: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}؛ فأباح الله -سبحانه- الحَلْق للمريض، ولمَن في رأسه قَمل يُؤذيه، وأوجبَ عليه الفِدية المذكورة.
وفسَّر مقدارَها رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- كما في حديث كعبِ بن عُجْرة -وهو الأصل في هذا الباب-، فقال له: "فاحلِقْ، واذبَح، أو صُم ثلاثة أيَّام، أو تصدَّق بثلاثة آصُعٍ -جمع (صاع)- بين سِتَّة مساكين".
وقد أجمع المسلمون على مثل هذا.
وتقديرُه -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- لِما ذُكر في كتاب الله مِن صيام، أو صدقة، أو نُسُك: مثل تقديرِه لأعداد الصلاة وللركعات والأوقات وفرائض الصَّدقات ونُصُبِها، وأعداد الطَّواف والسَّعي والرَّمي وغير ذلك؛ إذْ كان هو المُبيِّن عن الله معاني كِتابِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-".


3- دمُ الجزاء:

قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}.
وهذا في صيد البر -فقط-.
وأمَّا صيد البحر؛ فجائز -دون أي جزاء-.
ولا يجوز لمَن عليه دم الجزاء أن يأكل من ذبيحتِه؛ لما ورد من النهي عن ذلك في قول ابن عبَّاس -رضي الله عنهُما-.


4- دم الوطء:

وهو دمٌ واجبٌ على الحاج إذا جامع أهله أثناء إحرامِه.
وقد أجمع العلماء على إيجاب الهَدْي -بِبَدَنةٍ: إبل أو بقرة- على مَن هذا حالُه.
وقد نقل ذلك ابنُ المُنذِر في "الإجماع" (رقم144).
وقال الإمامُ ابنُ قُدامة في "المغني" (3/544): "وأما مَن أفسد حَجَّه بالجماع: فالواجب فيه بدَنَة -بقول الصحابة المنتشِر الذي لم يَظهر خلافُه-، فإن لم يجدْ: فصيامُ ثلاثة أيَّام في الحج، وسبعة إذا رجعَ -كصيام المُتعة-".


5- دم الإحصار:

وهو الدم الذي يجبُ على الحاج لانحِباسِه عن إتمامِ المناسِك -بعضًا، أو كُلًّا-، وعدم تمكُّنه من أدائِها؛ لمَرضٍ أو عدو -أو نحو ذلك-.
وهذا إذا لم يكنْ قد اشترط عند إحرامِه؛ بقوله: "اللهم مَحِلِّي حيث حبسْتَني".
قال الله -تعالى-: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.
ومن العلماء من خصَّ (الإحصار) بسبب العدو!
والصواب العموم؛ فقد قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة في "الاختيارات" (119): "والمُحْصَر -بمرضٍ أو ذهاب نفقةٍ- كالمُحصَر بعدُوٍّ".
وفي "صحيح البخاري" (1809) عن ابن عباس -رضيَ اللهُ عنهما- قال: أحصِرَ رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلَّم-، فحلَق رأسَه، وجامع نساءَه، ونحر هدْيَه؛ حتى اعتمر عامًا قابلًا.
وقد بيَّن الشيخُ ابنُ عثيمين -رحمةُ اللهِ عليهِ- في "فتاويه" (23/437) أن على (المُحصَر) أن "يتحلَّل، ويذبح هدْيَه -إذا تيسَّر-، ويَحلق، وينتهي نُسكُه.
ثم عليه إعادة الحج -من جديد- في العام القادم إذا كان لم يُؤدِّ الفريضة؛ فإن كان قد أدَّى الفريضة: فالصَّحيح أنه لا يجبُ عليه الإعادة".
وفي "صحيح البخاري" (1701)، و"صحيح مسلم" (1321) عن عائشة، قالت: "أَهدَى النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- مرَّةً غنمًا".
وموضِع ذبحِ هدْي الإحصار: هو المكان الذي فيه صاحبُه -دون تكلُّف-.

وأما:

الدَّم لتَركِ نُسُك
-ما لم يكن رُكنًا-، أو لارتِكاب محظور -فيما لا نصَّ فيه-:


فقد روى الإمام مالكٍ في "الموطَّأ" (1035) بسند صحيح: عن ابن عباس -رضيَ اللهُ عنها- قولَه: "مَن نسيَ مِن نسُكه شيئًا -أو ترَكه-؛ فليُهرِقْ دمًا".
وقال الحافظ ابنُ الملقِّن في "البدر المُنير" (6/92):
"(أو) ليست للشكِّ؛ بل للتقسيم، و المراد: يُريق دمًا -سواء ترَكه عمدًا، أم سهوًا-".
قلتُ: ينفي قولَه: "سهوًا" -ومثله الجاهل- ما رواه البخاري (1536) ومسلم (1180): عن يَعلَى بن مُنيَة، أنه قال لعمر -رضيَ الله عنه-: أرِني النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- حين يُوحَى إليه، قال: فبينما النبيُّ -صلى الله عليهِ وسلَّم- بالجعْرانة -ومعه نفر من أصحابه- جاءه رجل، فقال: يا رسول الله؛ كيف ترى في رجلٍ أحرمَ بعُمرة وهو متضمِّخ بطيب؟
فسكت النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ساعةً، فجاءهُ الوحي، فأشار عمر -رضيَ الله عنه- إلى يَعلى، فجاء يَعلَى -وعلى رسول الله-صلى اللهُ عليه وسلم- ثوبٌ قد أُظِلَّ به- فأدخل رأسَه، فإذا رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مُحمَرُّ الوجه -وهو يَغِطُّ-، ثم سُرِّي عنه، فقال: "أين الذي سأل عن العُمرة؟"، فأتى الرجل، فقال: "اغسِل الطيبَ الذي بكَ ثلاث مرات، وانزِع عنك الجُبَّة، واصنعْ في عمرتك كما تصنعُ في حجَّتِك".
قلتُ لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: نعم.
وقد قال الحافظ ابن حجرٍ في "فتح الباري" (3/395):
"واستُدل به على أن مَن أصابه طِيبٌ في إحرامِه -ناسيًا، أو جاهِلًا-، ثم علِم، فبادر إلى إزالته؛ فلا كفارة عليه".
قلتُ: ومثله -لزومًا- لُبس ثوبِه، و عدم لُبسه لباس الإحرام -من إزارٍ ورداء-كما هو وارد في لفظ الحديث نفسه-.



(الخلاصة):


فحُكم الوجوب -إذًا- لاحقٌ المتعمِّدَ -حسبُ-.
أما الناسي والجاهل: فليس عليه في ذلك إثم، ولا كفَّارة -إن شاء الله-تعالى-.
وبِذا؛ لا نضرب النُّصوص بعضَها ببعض؛ وإنما نجمعُها، ونوالف بينها.
والله الموفِّق -لا ربَّ سواه-.


qqqqq

الخاتِمـة
-نسأل الله حُسنَها-

هذا آخر ما تيسَّر لي ذِكرُه من أحكام (حج التمتُّع) في هذا الكتاب؛ سائلًا الله -سبحانه وتعالى- أن يَتقبَّل منا -جميعًا- العمل الصالح، ويرزقنا العلم النافع.
وصلى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.



qqqqq



وكتبَه......................
علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد......
الحلبي الأثري...................
الأردن الزرقاء................
ضحى يوم الجمعة، غُرة ذي القعدة سنة1425هـ



______________
في الكتاب -قبل الخاتمة- (ملحق صور) لمناسك الحج للتسهيل، فليراجع.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 10-28-2010, 11:26 AM
ام عباده ام عباده غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: الاردن
المشاركات: 196
افتراضي

جزاك الله خيراً اختي الفاضلة "أم زيد"
وبــارك ونفع بك .
__________________
تَفنى اللَذاذَةُ مِمَّن نالَ صَفوَتَها
مِنَ الحَرامِ وَيَبقى الإِثمُ وَالعارُ

تُبقي عَواقِبَ سوءٍ في مَغَبَّتِها
لا خَيرَ في لَذَةٍ مِن بَعدِها النارُ
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 10-28-2010, 12:20 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي أم زيد على هذا العمل الطيب
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 11-07-2010, 08:22 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

سلمت يمناك ابنتي الغالية " أم زيد ".
جزاك الله وشيخنا الهمام علي الحلبي " أبو الحارث " خير الجزاء، وجعل ما خطـّـت أيمانكما أحرفاً من نور في صحفكما.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 11-08-2010, 01:35 AM
مناصرة الرسول مناصرة الرسول غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: عمان-الأردن
المشاركات: 278
افتراضي

جزاكِ الله خيرا وبارك فيك أختي أم زيد.
جهود مباركة لا حرمك الله الأجر.
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 10-12-2012, 10:41 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 07-08-2021, 12:04 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

لتحميل الكتاب : من هنا


نقلا من هنا
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.