أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
5617 97777

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-13-2016, 05:35 AM
أبو عبد الله عادل السلفي أبو عبد الله عادل السلفي غير متواجد حالياً
مشرف منبر المقالات المترجمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية
المشاركات: 4,043
افتراضي ✿ مغبة القيل والقال..( الشيخ أبو أويس رشيد الإدريسي)

بسم الله الرحمان الرحيم

✿ مغبة القيل والقال..

"هؤلاء قوم ملوا العبادة وخف عليهم القول وقل ورعهم فتكلموا" ؟!
(الحسن البصري- رحمه الله)


تقوم صراعات، وتتفرق جماعات، وتذهب أوقات، وتضيع جهود وطاقات، وتثور فتن وشبهات، ... وحين تدقق في مبدأ الأمر ومصدره، تجد الشرارة الأولى، من( كلمات طائشة)!، أو (اتهامات ظالمة)!، أو (نقولات باطلة)!، أو (تصورات خاطئة)!، وهكذا دواليك ...، ثمار حنظل للقيل والقال.. ، فـ" الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر، ويخبر بمكنونات السرائر، لا يمكن استرجاع بوادره، ولا يقدر على رد شوارده، فحق على العاقل أن يحترز من زلـله، بالإمساك عنه، أو بالإقلال منه "1.

قال أبو بكر محمد بن القاسم - رحمه الله -:" كان شيخنا أبو إسحاق الشيرازي - رحمه الله - إذا أخطأ أحد بين يديه، قال له : (أي سكتة فاتتك)"2.

ومن لا يملك الشفتين يسخو** بسوء اللفظ من قيل وقال

قال عليه الصلاة والسلام:" إن الله كره لكم .. قيل و قال ..." 3.

ومعناه كما قال الإمام مالك - رحمه الله - :" هُوَ الْإِكْثَارُ مِنْ الْكَلَامِ وَالْإِرْجَاف نَحْو قَوْلِ النَّاسِ: قَالَ فُلَانٌ، وَفَعَلَ فُلَانٌ، وَالْخَوْض فِيمَا لَا يَنْبَغِي " 4.

وعلى (الإقلال) من الكلام سار السلف الصالح الكرام، كما وصفهم بذلك إمام المحدثين بالبصرة عبد الرحمن بن مهدي - رحمه الله - حيث قال:" أدركت الناس وهم على الجُمل.
قال الإمام أحمد - رحمه الله - معقبا : ( يعني: لا يتكلمون، أي: لا يخاصمون، إنما هي جُمل يسيرة بحروف معدودة، تقليلا من الكلام حتى المباح، وإبعادا لاحتمالات الزلل عند الإكثار )! " 5.

وعليه " فمن عرف قدر السلف عرف أن سكوتهم عما سكتوا عنه من ضروب الكلام وكثرة الجدال 6 والخصام والزيادة في البيان على مقدار الحاجة لم يكن عياً ولا جهلا ولا قصوراً، وإنما كان ورعا وخشية للَّه واشتغالا عما لا ينفع بما ينفع، وسواء في ذلك كلامهم في أصول الدين وفروعه... وغير ذلك مما تكلموا فيه، فمن سلك سبيلهم فقد اهتدى ومن سلك غير سبيلهم ودخل في كثرة السؤال والبحث والجدال والقيل والقال، فإن اعترف لهم بالفضل وعلى نفسه بالنقص كان حاله قريباً .. وإن ادعى لنفسه الفضل ولمن سبقه النقص والجهل فقد ضل ضلالا مبيناً وخسر خسراناً عظيما" 7.

فالعجب – إذن - كل العجب ممن يتحفظ عن خمْرٍ وبضْع، و لم يحترز من لفظاته بل يطلق الكلام كيفما وقع (!!) كما قال ابن قيِّم الجوزيَّة – رحمه الله – مُشيراً إلى هذا المعنى : " ومن العجب أنَّ الإنسان يهون عليه التحفُّظ والاحتراز من أكل الحرام ، والظُّلم ، والزِّنا ، والسَّرقة ، وشُرب الخمر ، ومن النَّظر المحرَّم وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، حتى يُرى الرجُل يُشار إليه بالدين والزُّهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلْقي لها بالاً ينزل منها أبعدَ ممَّا بين المشرق والمغرب ، وكم ترى من رجل متورِّع عن الفواحش والظُّلم ، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات لا يُبالي ما يقول " 8.

فالله الله في حفظ المنطق والكلام، والحذر الحذر من القيل والقال والخصومات دون زمام، فـ " ما رأيت شيئا أذهب للدين ، ولا أنقص للمروءة ، ولا أضيع للذة ، ولا أشغل للقلب من الخصومة" 9.

قال العلامة السعدي - رحمه الله -:" ..كثرة القيل والقال، فإن ذلك من دواعي الكذب، وعدم التثبت، واعتقاد غير الحق، ومن أسباب وقوع الفتن، وتنافر القلوب،ومن الاشتغال بالأمور الضارة عن الأمور النافعة،
وقل أن يسلم أحد من شيء من ذلك، إذا كانت رغبته في القيل والقال " 10.

ولو ذهبنا نزن كلامنا بميزان السلف الصالح لعلمنا حقيقة ما نحن عليه، والغلط الذي نحن فيه 11، بل لصح في حق بعضنا ما نقله مروان بن محمد قال: قيل لإبراهيم بن أدهم - رحمه الله -:" إن فلانا يتعلم النحو "، فقال: " هو إلى أن يتعلم الصمت أحوج " 12.

لكن هكذا الحال المرير إذا غفل الناس عن فقه الأولويات حيث تصير الوسائل غايات (!!)..

قال ابن فارس - رحمه الله - في أماليه نقلا عن أبي الحسن القطان - رحمه الله - : وسمعته يقول :" أصبت ببصري، وأظن أني عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة " 13.

قال الإمام الذهبي - رحمه الله - معلقا:" صدق والله، فقد كانوا مع حسن القصد، وصحة النية، (غالبا يخافون من الكلام)!، و(إظهار المعرفة والفضيلة)!،واليوم (يكثرون الكلام)!! مع نقص العلم، وسوء القصد،ثم إن الله (يفضحهم)، و(يلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه) ، فنسأل الله التوفيق والإخلاص" 14، والمسامحة والخلاص.

فاعلم – يا رعاك الله - أن القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها، فصحح نيتك، وحسن قصدك، (فكم من اعتقاد فاسد مخزون في الجنان فضحه اللسان 15 عند حلول الإحن والمحن وتحقق الافتتان).

قال الإمام ابن بطة - رحمه الله -:"إن هذه الفتن والأهواء قد فضحت خلقا كثيرا، وكشفت أستارهم عن أصول قبيحة، فإنَ أصون الناس لنفسه: (أحفظهم للسانه)، و(أشغلهم بدينه)، و(أتركهم لما لا يعنيه)" 16.

ومن ثم ترى الذين أطلقوا لألسنتهم العنان – والقلم أحد اللسانين - بدون ميزان في الساحة الدعوية خاصة: (ملوا الطاعات)!، و(ثقلت عليهم العبادات)!، حتى بخلوا على أنفسهم بتهليلات وتسبيحات..، فإن" طول الصمت مفتاح العبادة " 17 والقربات.

قال الإمام ابن رجب - رحمه الله -:" فما سكت من سكت من كثرة الخصام والجدال من سلف الأمة جهلا ولا عجزاً، ولكن سكتوا عن علم وخشية للَّه، وما تكلم من تكلم وتوسع من توسع بعدهم لاختصاصه بعلم دونهم، ولكن حباً للكلام وقلة ورع كما قال الحسن وسمع قوما يتجادلون:( هؤلاء قوم ملوا العبادة، وخف عليهم القول، وقل ورعهم فتكلموا ) " 18.

لكن كما قيل :" إذا أراد الله بقوم شراً ألزمهم الجدل ومنعهم العمل " 19، فعلى المكلف – إذن - " أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فـ (السنة الإمساك عنه)، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء " 20.

وضابط ذلك كشف عنه الإمام الشاطبي - رحمه الله - حيث قال:" تعرض مسألتك على الشريعة، فإن صحت في ميزانها، فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله، فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة، فاعرضها في ذهنك على العقول، فإن قبلتها فلك أن تتكلم فيها إما على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم، وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ، فالسكوت 21 عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية والعقلية"22.

وإذا اغتممت _ عبد الله _ بالسكوت في (محله)؟!، فتذكر سلامتك من زلل اللسان 23، واحرص على ذكر الرحمن، فإن " ذكر الناس داء، وذكر الله دواء " كما قال ابن عون - رحمه الله - .

قال الإمام الذهبي - رحمه الله - معلقا:" قلت: إي والله، فالعجب منا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداء ، قال الله تعالى: (فاذكروني أذكركم)، (ولذكر الله أكبر)، وقال: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله، ومن أدمن الدعاء ولازم قرع الباب فتح له" 24.


.................................................

. 1. أدب الدنيا والدين للماوردي - رحمه الله – ص: 265
. 2. سير أعلام النبلاء 18/455
. 3. رواه البخاري ومسلم في آخرين
. 4. المنتقى لأبي الوليد الباجي - رحمه الله - 4/458
. 5. فضائح الفتن ص: 32
6. من صفات (العالم) و (طالب العلم ) العاقل أنه لا يسعى إلى المناظرة والمجادلة إلا " على جهة (الاضطرار)! ..لا على الاختيار " أخلاق العلماء للآجري - رحمه الله – ص: 39.
وقال العلامة تقي الدين الهلالي - رحمه الله - :" ومن رأيي أني أبعد عن المناظرة وأتجنبها، فإذا (اضطررت)! إليها استعنت بالله وخضت غمارها.. " الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة ص: 31.
وقال الإمام الذهبي – رحمه الله – في معرض الكلام عن إخلاص طالب العلم : " وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوى و ( حب المناظرة )!، ومِن قَصْد التكثر بعلمه، ويزري على نفسه، فإن تكثر بعلمه، أو قال أنا أعلم من فلان فبعدا له " السير 7/17.
. 7. فضل علم السلف على علم الخلف 9
. 8. الجواب الكافي ص: 54
. 9. الأذكار للإمام النووي - رحمه الله – ص: 371
. 10. بهجة قلوب الأبرار ص: 171
11. الغلط القائم عند بعض الناس على (التعالي) و(التصابي) في الساحة الدعوية – خاصة – أساسه: ( اللغط )..، فأبعدوا النجعة وراموا الشطط، وقد قيل :" الغلط تحت اللغط " حلية طالب العلم ص: 22.
. 12. حلية الأولياء 8/16
13. وفي معجم الأدباء 12/221، وتذكرة الحفاظ 3/857:" أصبت ببصري، وأظن أني عوقبت بكثرة بكاء أمي أيام فراقي لها في طلب الحديث والعلم".
. 14. سير أعلام النبلاء 15/465
15. قال العلامة الطيبي - رحمه الله -:" اللسان ترجمان القلب، وخليفته في ظاهر البدن " تحفة الأحوذي 7/75.
. 16. الإبانة الكبرى 2/596
. 17. كتاب الصمت للإمام ابن أبي الدنيا - رحمه الله – ص: 222
. 18. فضل علم السلف على علم الخلف ص: 34_35
19. كما قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله - ، أنظر تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي - رحمه الله - 1/135 في آخرين.
. 20. رياض الصالحين للإمام النووي - رحمه الله – ص: 483
21. يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -:" فأما إذا كان المأمور أو المنهي لا يتقيد بالممكن: إما (لجهله)، وإما (لظلمه)، و(لا يمكن) إزالة جهله وظلمه، فربما كان الأصلح (الكف والإمساك) عن أمره ونهيه، كما قيل: (إن من المسائل مسائل جوابها السكوت، كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء، والنهي عن أشياء، حتى علا الإسلام وظهر)" مجموع الفتاوي 20/59.
. 22. الموافقات 4/191
23. نعم، بيان الحق (بأصوله وقواعده وضوابطه)؟!، والرد على المخالف (بشرطه وأدبه و"مقداره")؟!، من الصواب والهدى، فافهم ..حتى لا تهرول في غير المسعى.
24. سير أعلام النبلاء 6/369


كتبه:
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي
__________________
قال أيوب السختياني: إنك لا تُبْصِرُ خطأَ معلِّمِكَ حتى تجالسَ غيرَه، جالِسِ الناسَ. (الحلية 3/9).

قال أبو الحسن الأشعري في كتاب (( مقالات الإسلاميين)):
"ويرون [يعني أهل السنة و الجماعة ].مجانبة كل داع إلى بدعة، و التشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار، و النظر في الفقه مع التواضع و الإستكانة وحسن الخلق، وبذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة و النميمة والسعادة، وتفقد المآكل و المشارب."


عادل بن رحو بن علال القُطْبي المغربي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.