أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
79912 | 85137 |
#1
|
|||
|
|||
مقال رائع للأخ سعيد النواصرة على موقع جراسا
الوطنُ يئنُّ .. وَيشْكو عُقوقَ أبنائِه ! ولو كانَ .. وإنْ .. فلا بدَّ مِن صَوْنه وبِنائِه !
أرى وطننا - وقد غُرزت في خاصرته الخناجر المسمومة ! ( الأقلام المذمومة !) ، و عُرفت في أجنبته الحناجر المحمومة !! - كأنه أبٌ مصدوم بأبنائه ، أو أم ٌّ مكلومة .. ! وكلْمُ اللسان أشدّ من كلْمِ السّنان ! والفتنة أولها كلمة ! مكة – زادها الله شرفاً – هي أحب البلاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما هاجر منها قال : ' ما أطيبك من بلدة وأحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك ' . ولما سكن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة – زادها الله شرفاً - كان يسأل ربه عز وجل أن يحببها إليه ويقول : ' اللهم حبّب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشدّ ' . فكان أن أحبها حباً شديداً ؛ روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : ' كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر، فنظر إلى جدران المدينة ، أوضع راحلته ، وإن كان على دابة حركها من حبّها ' . في مثل هذه الأحاديث دليل على مشروعية حب الوطن ؛ قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى - في ( فتح الباري ) : ' وفي الحديث دلالة على فضل المدينة ، وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه ' ولذلك تغنى الشعراء قديماً بحب الوطن ، ولم ينكر عليهم العلماء ؛ أنشد ابن الرومي يقول : ولي وطن آليت ألا أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكا وحَبّب أوطان الرجال إليهم مآربٌ قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا وأنشد آخر : لقرب الدار في الإقتار خير من العيش الموسع في اغتراب ! والوطن : ( مكانُ إقامة الإنسان وَمقَرُّه ، وإليه انتماؤه ، وُلد به أو لم يولد) ! ؛ كما في ' القاموس المحيط ' للفيروز آبادي . قال عبد الله بن المبارك – رحمه الله – كما روى الإمام الحاكم : ' إنّ من أقام في مدينة أربعُ سنين فهو من أهلها، وروي ذلك عن غيره أيضاً ؛ والله أعلم' قال الأخ جمال الحارثي في رسالته ( المفهوم الصحيح لحب الوطن في الإسلام ) : ' وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه ، ويحن إليه إذا غاب عنه ، ويدافع عنه إذا هوجم ، ويغضب له إذا انتُقص ... ! والبعض لا يكنّ لوطنه حباً، بل يستوي عنده من يذم وطنه ومن يثني عليه ! ، ولا يفرق بين قادح ومادح، وهادم وبانٍ، بل والأعظم من هؤلاء، من يُلبِّس على الناس بنشر الأكاذيب المختلقة ! ، ونشر الرذيلة عن وطنه ، وينسى الفضائل ، بل ويسترها، فإنا لله وإنا إليه راجعون ' انتهى إنّ من أعجب العجب أن تفرح حين يذمُّ وطنك ، أو – على الأقل – لا تغضب إذا انتقصَ في ( فضائحية ) سفيهة !! ، أو قلم ٍ مأجور من الشيطان أو أعوانه ! ، أو لا تحزن لمصابه ، أو إذا غضبت وحزنت فلم تنتصر له ولو بالكلمة الطيبة المضبوطة بأحكام الشرع ؛ فإذا وجدت ذلك في نفسك فاعلم أنك لست على خير ، وسل الله تعالى – بعد ذلك - أن يهبك سلامة القلب ! . وما ظنك بمن ولد أو عاش على هذه الأرض ؟! ثم هو لا يحسن إلا ذكر النقائص والعيوب والأخطاء ؛ بإثارة الناس وتحريضهم و تحريشهم ؛ متذرعاً بإرادة ( الإصلاح ) بأي ثمن !! ؛ متدرّعاً الغيرة على الوطن ! . وآخرون .. كان ( الربيع العربي !!! ) فرصتهم التي لم يحلموا بها ! فراحوا يطالبون الوطن بحقوقهم المسلوبة ، وأموالهم المنهوبة ! ، والآن الآن ! وإلا كانت له ( الحراكات ) بالمرصاد ؛ كفعل مضاد ، وأيّاً كان الحصاد ( .. )! . والأعظم من أولئك صنفان : الأول : أحزاب ٌ لبست قميص الإسلام ؛ فتحركت من منطلق أصول ثابتة في الدين لا يُختلف عليها ولها الأثر العظيم في تمكين الأمة وأمنها وصلاحها كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ ولكنّ تطبيقها يحتاج إلى أهل الدراية من العلماء المجتهدين لتحرير الضوابط الشرعية المتعلقة بتطبيق تلك الأصول ؛ فإن تصدر لهذا الأمر من ليس بأهل للاجتهاد المسوِّغ له الإفتاء أو الكلام في الأمور العامة ؛ حصل من المفاسد ما الله به عليم . وإن أصاب فإن ' موافقته للصواب - إن وافقه من حيث لا يعرفه - غير محمودة والله أعلم ' كما قال الإمام الشافعي رحمه الله . وانظروا اليوم ما عانت الأمة والوطن بسبب ( الإفتاء من غير أهله ! ) ؛ وخاصة في النوازل كالإضرابات والمظاهرات وحكم ( من قتل فيها ) ! والخروج على الحكام ، وغير ذلك مما نراه كل يوم من الجرأة في الفتوى . قال أبو الحصين الأسدي – رحمه الله - : ' إنّ أحدكم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر ' ( .. ) ! الثاني : أناس ليسوا على شيء - سواء من العلم الشرعي أو العقل وأحياناً من الدين أيضاً كالأحزاب العلمانية !! - ؛ دأبهم إثارة الناس وتأجيج نار الفتن ؛ بخطبهم ، وتنظيرهم ، و ( مقالاتهم !) و ( تحليلاتهم السياسية ) ! ومؤامراتهم ؛ وهؤلاء عادة ما يكونون سبب الفتن العامة التي يكثر فيها القتل ؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : ' إن بين يدي الساعة الهرجَ , قالوا : و ما الهرجُ ? قال : القتل , إنه ليس بقتلكم المشركين , و لكن قتل بعضكم بعضا ( حتى يقتل الرجل جاره و يقتل أخاه و يقتل عمه و يقتل ابن عمه ) قالوا : و معنا عقولنا يومئذ ? قال : إنه لَتُنزَعُ عقولُ أهل ذلك الزمان , و يُخَلَّفُ له هباءٌ من الناس , يحسب أكثرهم أنهم على شيء و ليسوا على شيء ' ، والحديث صححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى . والهباءُ : ما تطاير في البيت وتراه في ضوء الشَّمس شبيهًا بالدُّخان، ويُضرب به المثل لما لا يُعتدّ به ؛ ( كما في المعجم ) . وما يثير الدهشة أنهم يتكلمون بلغة – أو بغلّة – ( المصلحة الوطنية ) و ( الإصلاح ) و ( حقوق الشعب ) و ( إرادة الشعب !! ) كل الشعب !! . وإذا ما حدُثتهم أحاديث الفتن ، وما قد يكون فيها من قتل وتقاتل و ( استباحة للأموال ) بالاعتداء على ممتلكات المسلمين ، وتخويف الناس و .. و .. ! صدّوك و( أفتوك ) : أنه لا بد من تضحيات !! ؛ لا فضّ فوك ! . حدّثوني عن تلك المصلحة الوطنية التي يحرق من أجلها مقرُّ محافظة أو بلدية أو ... ؟ ! أو يُطْعنُ أو يُقتل رجلُ أمنٍ مسلم آمن ؟ ! حدّثوني عن ( حقوقكم ) التي تُضيّعُون من أجلها حقوقَ الناس وتضرونهم ؛ وأقصد الإضرابات ؟! حدّثوني عن ( الحريات !! ) التي تبغونها ؟ حدّثوني عن الإشاعات والسبّ والقذف .. ؟ هذه التضحيات ؟!! هذا هو العقوق يا أبناء الوطن !! واحذروا بعده الفتنة .. واسمعوا لهذا الأثر العظيم عن إمام أهل السنة والجماعة العالم المبجّل أحمد بن حنبل . روى الخلّال عن محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أنَّ أبا الحارثِ حدَّثَهُم قال : سألتُ أبا عبد الله ( يعني : الأمام أحمد ) في أمرٍ كان حدث في بغداد ، وهَمَّ قومٌ بالخروج ! فقلتُ : يا أبا عبد الله ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم ؟!! فأنكرَ ذلكَ عليهم ، وجعل يقول : سُبحان الله ! الدّماءَ الدّماءَ ! لا أرى ذلك ، ولا آمرُ به ؛ الصَّبرُ على ما نحن فيه خيرٌ من الفتنةِ : يُسفكُ فيها الدّماءُ ، ويُستباح فيها الأموال ! ، وينتهك في المحارم ! . أَما علمتَ ما كانَ الناسُ فيه ؟! يعني أيام الفتنةِ قلتُ : والناسُ اليوم ! أليس هم في فتنةٍ يا أبا عبد الله ؟! قالَ : وإنْ كانَ فإنَّما هي فتنةٌ خَاصةٌ فإذا وقع السَّيفُ عَمَّتِ الفتنةُ ، وانقطعتِ السُّبلُ ؛ الصَّبرُ على هذا ، ويَسلم لك دينُكَ خَيرٌ لك . ورأيتُه يُنكرُ الخروجَ على الأئمة ، وقالَ : الدّماءَ ، لا أَرَى ذلكَ ، ولا آمر به ُ . يا أبناء الوطن ! عمان ومعان والطفيلة والسلط وإربد والرمثا والمفرق والعقبة وكل مدينة أردنية عزيزة .. أي إخواني ! ولو كان هنالك شيء من الفساد والظلم ، وإنْ أصابنا بعضُه أو منه .. ولو كان هنالك نقص من الأموال ، وإنْ أصابنا بعضُه أو منه .. ولو كان هنالك حقوق لنا ، وإن مُنعت عنّا .. ولو كان ... وإنْ ... الصَّبرُ على ما نحن فيه خيرٌ من الفتنة ! الصَّبرُ على هذا ، ويَسلم لك دينُك خَيرٌ لك . كلماتٌ تكتب بماء العين .. ! أسأل الله العظيمَ ربًّ العرش الكريم أن يهدينا سبُل السلام والإيمان ، وأن يجعل وطننا الأردن واحة أمن وخير واطمئنان وسائر بلاد المسلمين ، وان يوفق وليَّ أمرنا لما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد . وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين سعيد النواصره |
#2
|
|||
|
|||
نفع الله بكم
|
|
|