أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
28335 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-28-2018, 05:54 AM
عمر الزهيري عمر الزهيري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 2,455
Arrow التعليق على كتاب المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه ( شمس الله تسطع على الغرب )

هذا بحثٌ لي بعنوان: التعليق على كتاب المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه ( شمس الله تسطع على الغرب )
تجده للتحميل هنا:

https://upload-files.cc/uploads/file_2018-07-29_121231.docx


وهذا نصه:


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد
فهذا الكتاب هو كتابٌ رائع وممتع وصاحبته منصفة وكتابها حوى إنجازات العرب – بغض النظر دينهم وإن كان غالبهم مسلمون - في العلوم الدنيوية من خلال كتب العرب التي ألفها علماء العرب المسلمين قديما وصحت عنهم واشتهرت في بلاد العرب وغيرها وهي في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والطب ونحوها من علومٍ دنيوية، بينت صاحبة الكتاب في كتابها ما سبق العرب فيه كثيرا من الأمم ومنها أمة الغرب النصرانية بإنصاف قل بل عز مثله.

وهذه تعليقات عليه رأيتها مهمة:

التعليق الأول:
أن عنوان الكتاب اشتهر باسم ( شمس العرب تسطع على الغرب )! مع أن عنوانه مكتوب في نسخته الألمانية هكذا ( Allahs Sonne über dem abendland ) وكلمة (عرب) غير موجودة ألبتة فيه بل مكانها توجد كلمة (الله) بالألمانية!.
نعم الكتاب يتحدث عن العرب كثيرا لكنه يتعرض ايضا في أحيانٍ قليلة للثناء على دين الإسلام لكن هذا لا يسوِّغ العبث من المترجم في عنوانه، فإن هذا العبث خيانة للأمانة!، ثم تبين لي السبب في ذلك حيث كشف الشيخ عبد الرحمن ألباني عن سبب ذلك وهو تعصب بعض من ترجمه من القوميين العرب!، وسيأتي كلامه بعد قليل.
وقد توهم الشيخ عبد الرحمن الباني إن العنوان ليس فيه كلمة الغرب لكن فيه ( أرض الظلمات ) وهي بلاد الغرب كما بينت المؤلفة في كتابها، وهذا مردود فإن كلمة ( abendland ) تعني بالألمانية ( الغرب ).
قال أخونا أيمن بن أحمد ذو الغنى في أرشيف موقع منتدى الألوكة: ( أحب أن أورد لكم فائدة مهمة تتصل بهذا الكتاب أوردها شيخنا العلامة المربي المعمَّر عبد الرحمن الباني عافاه الله وبارك في عمره، أوردها في تقديمه لكتاب (العقل عند شيخ الإسلام ابن تيمية) للشيخ الفاضل د. فهمي قطب النجار، قال (والنقل بالمعنى من الذاكرة): إن كتاب الباحثة الألمانية زيغريد هونكه (ت 1420هـ - 1999م) الصواب في اسمه كما وضعته المؤلفة:(شمس الله على أرض الظلمات)،وتعني بشمس الله: الإسلام، وبأرض الظلمات: العالم الغربي.وحين تولى ترجمة الكتاب بعض القوميين العرب أبوا بتعصبهم المقيت إلا أن يحيدوا عن جادة الأمانة العلمية والإنصاف، فجعلوا عنوان الكتاب: (شمس العرب تسطع على الغرب). ومن يتأمل عنوان الكتاب باللغة الألمانية أو الإنكليزية يلاحظ فيه بوضوح كلمة (الله). وإتماماً للفائدة أذكر أن للباحثة الألمانية كتباً أخرى في الدفاع عن المسلمين والرد على الأحكام الغربية الملفقة عنهم، وبيان أثر الحضارة الإسلامية في التطور العلمي بأوربا، منها: (ليس الله كما تزعمون)، و(أثر الأدب العربي في الآداب الأوربية).وانظر ترجمتها في (ذيل الأعلام) للأخ الأستاذ أحمد العلاونة 2/ 68. ) اهـ ومر قبل قليل التنبيه على الوهم الذي وقعه فيه الشيخ عبد الرحمن ألباني.

التعليق الثاني:
الذي يؤاخذ على المستشرقة زيغرد هوكه في كتابها ( شمس الله تسطع على الغرب ) تعظيمها للفلاسفة العرب في ما تكلموا فيه من الفلسفة! وعدم تنبهها إلى رفض الإسلام للفلسفة وعلم الكلام كما هو مبسوط في كتب العقيدة وبه قال السلف الصالح.
كتعظيمها ابن رشد الحفيد وابن سينا وابن الطفيل
وكذا تعظيمها بعض غلاة الصوفية كابن عربي وابن سبعين في جانب الفلسفة!.
بل ذكرت في معرض الثناء! نصيرَ الدين الطوسي الرافضي الزنديق لعنه الله ذاك الذي كان له دور كبير في خيانة آخر خلفاء بني العباس بالتعاون مع ابن العلقمي الرافضي الزنديق لعنة الله عليه، أنظر لذلك البداية والنهاية لابن كثير وغيرها من كتب التاريخ.
ومع ذلك هي تعظم علماء عرب مسلمين في علوم دنيوية أجادوها، فهي لم تتحقق من جميع من تتكلم عنه من حيث العقيدة أهو مسلم أم لا فبعضهم مسلمون لا شائبة على معتقدهم وبعضهم مسلمون في اعتقادهم شائبة علم الكلام والفلسفة لم يصلحوا حد الإلحادـ، وبعضهم زنادقة أوصلتهم الفلسفة وعلم الكلام إلى الإلحاد، فتنبه.
فمقصدها كان بيان سبق العرب في مجال العلوم الدنيوية لا الدينية إلا أنها مؤاخذة على ظنها أن جميع المذكورين مسلمون، فتنبه.
أما ابن سينا فهو زنديق كافر خارج عن دين الإسلام كفره الغزال في كتابه المنقذ من الضلال وكفره الفارابي كما قال الذهبي في ترجمة ابن سينا في سير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٣٥ ت ٣٤٦ ط الرسالة تحقيق مجموعة من الباحثين بإشراف شعيب الأرنؤوط، وكفره شبخ الإسلام ابن تيمية أنظر هناك في سير أعلام النبلاء هامش ١٧/ ٥٣٥ - ٥٣٦ ففيها بيان سبب تكفير العلماء المحققين له، وكفره تلميذه الإمام ابن القيِّم، ولمعرفة تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم لابن سينا أنظر النقول التالية من كتب شيخ الإسلام وبعدها نقول من كتب ابن القيم:
قال شيخ الإسلام في الاستقامة (1/ 239 - 240): ( وَكَذَلِكَ ابْن سينا فِي إشاراته أَمر بِسَمَاع الألحان وبعشق الصُّور وَجعل ذَلِك مِمَّا يُزكي النُّفُوس ويهذبها ويصفيها وَهُوَ من الصابئة الَّذين خلطوا بهَا من الحنيفة مَا خلطوا. ) اهـ
وقال في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص 96 - 97): ( أو يقولوا: إنما يعلم في الأمور المتغيرة كلياتها كما يقول ابن سينا وحقيقة هذا القول، إنكار علمه بها، فان كل موجود في الخارج فهو معين جزئي الافلاك، كل معين منها جزئي، وكذلك جميع الأعيان وصفاتها وأفعالها، فمن لم يعلم إلا الكليات، لم يعلم شيئا من الموجودات والكليات إنما توجد كليات في الأذهان، لا في الأعيان.
والكلام على هؤلاء مبسوط في موضع آخر، في رد تعارض العقل والنقل وغيره، فإن كفر هؤلاء أعظم من كفر اليهود والنصارى، بل ومشركي العرب، فإن جميع هؤلاء يقولون: إن الله خلق السماوات والأرض وإنه خلق المخلوقات بمشيئته وقدرته. ) اهـ
وقال في درء تعارض العقل والنقل (5/ 54): ( فتقدير المستلزم للإضافة بدون الإضافة ممتنع، وهذا كما أثبته ابن سينا وأمثاله من هؤلاء الملحدة. ) اهـ
وقال في منهاج السنة النبوية (6/ 438): ( وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ وَأَمْثَالُهُ (3) حَائِرُونَ بَيْنَ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ وَأَقْوَالِ سَلَفِهِمُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَمَبَاحِثُهُمْ تَدُلُّ فِي كُتُبِهِمْ عَلَى الْحَيْرَةِ وَالِاضْطِرَابِ. وَلِهَذَا صَاحِبُ هَذَا الْكِتَابِ يُعَظِّمُ الْمَلَاحِدَةَ كَالطُّوسِيِّ وَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِمَا، وَيُعَظِّمُ شُيُوخَ الْإِمَامِيَّةِ. وَلِهَذَا كَثِيرٌ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ تَذُمُّهُ وَتَسُبُّهُ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ الْإِمَامِيَّةِ. ) اهـ
وقال في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (1/ 353): ( وَهَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةُ الدَّهْرِيَّةُ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا بِمَشِيئَتِهِ وَلَا يُجِيبُ دُعَاءَ الدَّاعِي، بَلْ وَلَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ وَلَا يَعْرِفُ هَذَا الدَّاعِيَ مِنْ هَذَا الدَّاعِي وَلَا يَعْرِفُ إِبْرَاهِيمَ مِنْ مُوسَى مِنْ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ مِنْ رُسُلِهِ، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ عِلْمَهُ مُطْلَقًا كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّمَا يَعْلَمُ الْكُلِّيَّاتِ كَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ. ) اهـ
وقال في درء تعارض العقل والنقل (1/ 8 - 11): ( لهؤلاء في نصوص الأنبياء طريقتان: طريقة التبديل، وطريقة التجهيل، أما أهل التبديل فهم نوعان: أهل الوهم والتخييل، وأهل التحريف والتأويل.
فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون: إن الأنبياء أخبروا عن الله وعن اليوم الآخر، وعن الجنة والنار، بل وعن الملائكة، بأمور غير مطابقة للأمر في نفسه، ولكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن الله جسم عظيم، وأن الأبدان تعاد، وأن لهم نعيماً محسوساً، وعقاباً محسوساً، وإن كان الأمر ليس كذلك في نفس الأمر، لأن من مصلحة الجمهور أن يخاطبوا بما يتوهمون به ويتخيلون أن الأمر هكذا، وإن كان هذا كذباً فهو كذب لمصلحة الجمهور، إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا تمكن إلا بهذه الطريق.
وقد وضع ابن سينا وأمثاله قانونهم علي هذا الأصل، كالقانون الذي ذكره في رسالته الأضحوية.
وهؤلاء يقولون: الأنبياء قصدوا بهذه الألفاظ ظواهرها، وقصدوا أن يفهم الجمهور منها هذه الظواهر، وإن كانت الظواهر في نفس الأمر كذباً وباطلاً ومخالفة للحق، فقصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة.
ثم من هؤلاء من يقول: النبي كان يعلم الحق، ولكن أظهر خلافه للمصلحة.
ومنهم من يقول: ما كان يعلم الحق، كما يعلمه نظار الفلاسفة وأمثالهم.
وهؤلاء يفضلون الفيلسوف الكامل علي النبي، ويفضلون الولي الكامل الذي له هذا المشهد علي النبي، كما يفضل ابن عربي الطائي خاتم الأولياء ـ في زعمه ـ علي الأنبياء، وكما يفضل الفارابي ومبشر بن فاتك وغيرهما الفيلسوف علي النبي.
وأما الذين يقولون: إن النبي كان يعلم ذلك، فقد يقولون: إن النبي أفضل من الفيلسوف، لأنه علم ما علمه الفيلسوف وزيادة، وأمكنه أن يخاطب الجمهور بطريقة يعجز عن مثلها الفيلسوف، وابن سينا وأمثاله من هؤلاء.
وهذا في الجملة قول المتفلسفة والباطنية، كالملاحدة الإسماعيلية، وأصحاب رسائل إخوان الصفاء والفارابي وابن سينا والسهروردي المقتول، وابن رشد الحفيد، وملاحدة الصوفية الخارجين عن طريقة المشايخ المتقدمين من أهل الكتاب والسنة، ابن عربي وابن سبعين وابن الطفيل صاحب رسالة حي بن يقظان وخلق كثير غير هؤلاء.
ومن الناس من يوافق هؤلاء فيما أخبرت به الأنبياء عن الله: أنهم قصدوا به التخييل دون التحقيق، وبيان الأمر على ما هو عليه دون اليوم الآخر.
ومنهم من يقول: بل قصدوا هذا في بعض ما أخبروا به عن الله، كالصفات الخبرية من الاستواء والنزول وغير ذلك، ومثل هذه الأقوال يوجد في كلام كثير من النظار ممن ينفي هذه الصفات في نفس الأمر، كما يوجد في كلام طائفة. ) انتهى

أما الإمام ابن القيم فقد كان يلقب ابنَ سينا بإمام الملحدين وبشيخ الملحدين.
حيث قال ابن القيم في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 267): ( ولما انتهت النوبة إلى نصير الشرك، والكفر الملحد، وزير الملاحدة، النصير الطوسى وزير هولاكو، شفا نفسه من أتباع الرسول وأهل دينه، فعرضهم على السيف، حتى شفا إخوانه من الملاحدة، واشتفى هو، فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين، واستبقى الفلاسفة، والمنجمين، والطبائعيين، والسحرة. ونقل أوقاف المدارس والمساجد، والربط إليهم، وجعلهم خاصته وأولياءه، ونصر فى كتبه قدم العالم، وبطلان المعاد، وإنكار صفات الرب جل جلاله: من عمله، وقدرته، وحياته، وسمعه، وبصره، وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، وليس فوق العرش إله يعبد البتة.
واتخذ للملاحدة مدارس، ورام جعل إشارات إمام الملحدين ابن سينا مكان القرآن فلم يقدر على ذلك. فقال: هى قرآن الخواص. وذاك قرآن العوام. ورام تغيير الصلاة وجعلها صلاتين، فلم يتم له الأمر. وتعلم السحر فى آخر الأمر. فكان ساحرا يعبد الأصنام. ) اهـ
وقال في الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (3/ 919): ( وقد وافقه في الأصل وإن خالفه في فروعه فلهذا استطال على هؤلاء الملاحدة كابن سينا وأتباعه غاية الاستطالة وقالوا القول في نصوص المعاد كالقول في نصوص الصفات. ) اهـ
وقال في شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص: 14 - 15): ( ولهذا قال شيخ الملحدين ابن سينا في إشارته العارف لا ينكر منكرا لاستبصاره بسر الله تعالى في القدر وهذا كلام نسلخ من الملل ومتابعة الرسل وأعرف خلق الله به رسله وأنبياؤه وهم أعظم الناس إنكارا للمنكر وإنما أرسلوا لإنكار المنكر فالعارف أعظم الناس إنكارا للمنكر وإنما أرسلوا لإنكار المنكر فالعارف أعظم الناس إنكارا للمنكر لبصرته بالأمر والقدر فإن الأمر يوجب عليه الإنكار والقدر يعينه عليه وينفذه له فيقوم في مقام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وفي مقام فاعبده وتوكل عليه فنعبده بأمره وقدره ونتوكل عليه في تنفيذ أمره بقدره فهذا حقيقة المعرفة وصاحب هذا المقام هو العارف بالله وعلى هذا أجمعت الرسل من أولهم إلى خاتمهم. ) اهـ

أما ابن الطفيل فهو كسابقه زنيق كافر مر قول شيخ الإسلام في درء التعارض بعد ذكره لابن الطفيل صاحب رسالة حي بن يقظان ووصفه له بانه من ملاحدة الصوفية (١ / ١١): ( ومن الناس من يوافق هؤلاء فيما أخبرت به الأنبياءُ عن الله: أنهم قصدوا به التخييل دون التحقيق، وبيان الأمر على ما هو عليه دون البوم الآخر. ) انتهى
فاين الطفيل هو كابن سينا واشباهه يرى أن إخبار الأنبياء عن العذاب والقيامة وغيرها هي تخييلات لا حقائق وهذا كفر عظيم!.

أما ابن رشد فهو الملقب بالحفيد وهو فقيه مالكي صاحب كتاب ( بداية المجتهد وكفاية المقتصد ) – وقد اشتهر بـ ( ونهاية المجتهد ) وصوابه ( وكفاية ) فقد نص على عنوانه كما ذكرناه ابن رشد نفسه في كتابه هذا كما ذكر شارح كتابه الشيخ سامح بن عباس في شرحه الصوتي في الشبكة العنكبوتية في موقع اليوتيوب – قلت: ولعل المؤلف عنون له بالعنوانين -، وهو مع الأسف من المتفلسفة، وهو خيرٌ من ابن سينا فإنه كثير المخالفة له – كما نص ابن القيم وسيأتي كلامه – وأقرب الفلاسفة للإسلام لكنه قال بمقولات كفرية صريحة المناقضة للقرآن والسنة لا وجه تُتَأَوَّلُ به فقد نص شيخ الإسلام على أن ابن رشد أقرب الفلاسفة للإسلام ومع ذلك وصفه بالإلحاد ونقل عنه مقولات كفرية منها أن إخبار الأنبياء عن الله واليوم الآخر والجنة والنار والملائكة إنما هو تخييل! غير مطابق لحقيقة هذه الأمور! وهذا كفر صريح! قلال به ابن سينا قبله!، وسيأتي كلام شيخ الإسلام بعد قليل.
لكن التحقيق أنه عالم عظيم الشأن في الفقه بلا شك إلا ما زل فيه فقد زلت قدمه حين خاض في الفلسفة وعلم الكلام عفا الله عنه، فإن له قدم صدق في الإسلام كما بَيَّنَ الشيخ سامح بن عباس – من مشايخ مصر الفضلاء - شارح كتاب ( بداية المقتصد وكفاية المجتهد ) – في شرحه الصوتي في الشبكة العنكبوتية في موقع اليوتيوب – فإنه أفاد جزاه الله خيرًا بعد أن ذكر ما أخذه العلماء على ابن رشد أن له قَدَمُ صِدْقٍ فيه الإسلام فلولا صدق نيته مع ربه ما انتشر كتابه ( بداية المجتهد وكفاية المقتصد ) هذا الإنتشار العظيم بين علماء المسلمين وما كانوا ليعظموا كتابه، فهذه قرينة تدل على أن الرجل زلت قدمه عند كلامه في الفلسفة ويدل للذك أنه أقرب الفلاسفة إلى الإسلام كما صرح شيخ الإسلام ابن تيمية وخالف ابن سينا في مواضع كثيرة كما صرح ابن القيم.
قال الإمام الذهبي عند ترجمته لابن رشد في سير أعلام النبلاء ط الرسالة ( 21/ 208 ): ( وَوَلِيَ قَضَاءَ قُرْطُبَة، فَحُمِدَت سيرَته.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة فِي (تَارِيخ الحكمَاء) : كَانَ أَوحد فِي الفِقْه وَالخلاَف، وَبَرَعَ فِي الطِّبّ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي مَرْوَانَ بن زهر مَوَدَّة.
وَقِيْلَ: كَانَ رَثَّ البِزَّة، قوِيّ النَّفْس، لاَزم فِي الطِّبّ أَبَا جَعْفَرٍ بنَ هَارُوْنَ مُدَّة، وَلَمَّا كَانَ المَنْصُوْرُ صَاحِب المَغْرِب بقُرْطُبَة، اسْتدعَى ابْن رُشْدٍ، وَاحْتَرَمه كَثِيْراً، ثُمَّ نَقَمَ عَلَيْهِ بَعْدُ -يَعْنِي: لأَجْل الفَلْسَفَة-. ) اهـ وقال بعد قليل في سير أعلام النبلاء (21/ 310): ( وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَوْط الله، وَسَهْل بن مَالِكٍ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُرْوَى عَنْه . ) اهـ
ومر قول شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (1/ 8 - 11): ( لهؤلاء في نصوص الأنبياء طريقتان: طريقة التبديل، وطريقة التجهيل، أما أهل التبديل فهم نوعان: أهل الوهم والتخييل، وأهل التحريف والتأويل.
فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون: إن الأنبياء أخبروا عن الله وعن اليوم الآخر، وعن الجنة والنار، بل وعن الملائكة، بأمور غير مطابقة للأمر في نفسه، ولكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن الله جسم عظيم، وأن الأبدان تعاد، وأن لهم نعيماً محسوساً، وعقاباً محسوساً، وإن كان الأمر ليس كذلك في نفس الأمر، لأن من مصلحة الجمهور أن يخاطبوا بما يتوهمون به ويتخيلون أن الأمر هكذا، وإن كان هذا كذباً فهو كذب لمصلحة الجمهور، إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا تمكن إلا بهذه الطريق.
وقد وضع ابن سينا وأمثاله قانونهم علي هذا الأصل، كالقانون الذي ذكره في رسالته الأضحوية.
وهؤلاء يقولون: الأنبياء قصدوا بهذه الألفاظ ظواهرها، وقصدوا أن يفهم الجمهور منها هذه الظواهر، وإن كانت الظواهر في نفس الأمر كذباً وباطلاً ومخالفة للحق، فقصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة.
ثم من هؤلاء من يقول: النبي كان يعلم الحق، ولكن أظهر خلافه للمصلحة.
ومنهم من يقول: ما كان يعلم الحق، كما يعلمه نظار الفلاسفة وأمثالهم.
وهؤلاء يفضلون الفيلسوف الكامل علي النبي، ويفضلون الولي الكامل الذي له هذا المشهد علي النبي، كما يفضل ابن عربي الطائي خاتم الأولياء ـ في زعمه ـ علي الأنبياء، وكما يفضل الفارابي ومبشر بن فاتك وغيرهما الفيلسوف علي النبي.
وأما الذين يقولون: إن النبي كان يعلم ذلك، فقد يقولون: إن النبي أفضل من الفيلسوف، لأنه علم ما علمه الفيلسوف وزيادة، وأمكنه أن يخاطب الجمهور بطريقة يعجز عن مثلها الفيلسوف، وابن سينا وأمثاله من هؤلاء.
وهذا في الجملة قول المتفلسفة والباطنية، كالملاحدة الإسماعيلية، وأصحاب رسائل إخوان الصفاء والفارابي وابن سينا والسهروردي المقتول، وابن رشد الحفيد، وملاحدة الصوفية الخارجين عن طريقة المشايخ المتقدمين من أهل الكتاب والسنة، ابن عربي وابن سبعين وابن الطفيل صاحب رسالة حي بن يقظان وخلق كثير غير هؤلاء.
ومن الناس من يوافق هؤلاء فيما أخبرت به الأنبياء عن الله: أنهم قصدوا به التخييل دون التحقيق، وبيان الأمر على ما هو عليه دون اليوم الآخر.
ومنهم من يقول: بل قصدوا هذا في بعض ما أخبروا به عن الله، كالصفات الخبرية من الاستواء والنزول وغير ذلك، ومثل هذه الأقوال يوجد في كلام كثير من النظار ممن ينفي هذه الصفات في نفس الأمر، كما يوجد في كلام طائفة. ) انتهى
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (17/ 295): ( وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِالْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ غَيْرِهِمْ بِالْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ أَنْ يَجْعَلُوهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ فِي الذَّمِّ وَهَذَا تَقْصِيرٌ عَظِيمٌ بَلْ أُولَئِكَ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ إذَا حَقَّقْت مَا يَقُولُهُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ كَابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ وَجَدْت غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ شَرْطًا فِي وُجُودِ الْعَالَمِ لَا فَاعِلًا لَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ مِنْ الْمُدَّعِينَ لِلتَّحْقِيقِ مِنْ مَلَاحِدَةِ الصُّوفِيَّةِ كَابْنِ عَرَبِيٍّ وَابْنِ سَبْعِينَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّ هَذَا الْعَالَمَ مَوْجُودٌ وَاجِبٌ أَزَلِيٌّ لَيْسَ لَهُ صَانِعٌ غَيْرُ نَفْسِهِ وَهُمْ يَقُولُونَ: الْوُجُودُ وَاحِدٌ وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ خَالِقٌ خَلَقَ مَوْجُودًا آخَرَ وَكَلَامُهُمْ فِي الْمَعَادِ وَالنُّبُوَّاتِ وَالتَّوْحِيدِ شَرٌّ مِنْ كَلَامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعُبَّادِ الْأَصْنَامِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُجَوِّزُونَ عِبَادَةَ كُلِّ صَنَمٍ فِي الْعَالَمِ لَا يَخُصُّونَ بَعْضَ الْأَصْنَامِ بِالْعِبَادَةِ. ) اهـ
وقال الإمام ابن القيِّم في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 263): ( وأبو الوليد بن رشد يحكى مذهب إرسطو غير ما حكاه ابن سينا، ويغلطه فى كثير من المواضع. وكذلك أبو البركات البغدادى يحكى نفس كلامه على غير ما يحكيه ابن سينا. ) اهـ
وجاء في فتوى رقم 130484بتاريخ: 2009-10-19 تحت عنوان ( بعض المآخذ في عقيدة ابن رشد الحفيد ) في موقع الشيخ محمد بن صالح المنجد ما نصه: ( السؤال: ما هي عقيدة الإمام ابن رشد ، وما حقيقة خلافه مع الإمام أبي حامد الغزالي ؟ جزاكم الله خيراً .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ابن رشد اسم مشترك بين ابن رشد الحفيد ، وابن رشد الجد ، وكلاهما يُكنَى بأبي الوليد ، وكلاهما يحمل اسم : محمد بن أحمد ، كما أن كلا منهما تولى قضاء قرطبة .

والمقصود في السؤال هو ابن رشد الحفيد ، المتوفى سنة (595هـ)، المشهور باشتغاله وتأليفه في الفلسفة ، أما ابن رشد الجد فلم يشتغل بها ، وتوفي سنة (520هـ).

قال الأبار : لم ينشأ بالأندلس مثله كمالا وعلما وفضلا ، وكان متواضعا ، منخفض الجناح ، يقال عنه : إنه ما ترك الاشتغال مذ عقل سوى ليلتين : ليلة موت أبيه ، وليلة عرسه ، وإنه سود في ما ألف وقيد نحوا من عشرة آلاف ورقة ، ومال إلى علوم الحكماء ، فكانت له فيها الإمامة . وكان يُفزع إلى فتياه في الطب كما يفزع إلى فتياه في الفقه ، مع وفور العربية ، وقيل : كان يحفظ ديوان أبي تمام والمتنبي .

ومن أشهر مصنفاته : ( بداية المجتهد ) في الفقه ، و ( الكليات ) في الطب ، و ( مختصر المستصفى ) في الأصول ، ومؤلفات أخرى كثيرة في الفلسفة ، اهتم فيها بتلخيص فكر فلاسفة اليونان ، فألف : كتاب ( جوامع كتب أرسطوطاليس ) ، وكتاب ( تلخيص الإلهيات ) لنيقولاوس ، كتاب ( تلخيص ما بعد الطبيعة ) لأرسطو ، ولخص له كتبا أخرى كثيرة يطول سردها ، حتى عرف بأنه ناشر فكر أرسطو وحامل رايته ، وذلك ما أدى به في نهاية المطاف إلى العزلة ، فقد هجره أهل عصره لما صدر منه من مقالات غريبة ، وعلوم دخيلة .

قال شيخ الشيوخ ابن حمويه : لما دخلت البلاد ، سألت عن ابن رشد ، فقيل : إنه مهجور في بيته من جهة الخليفة يعقوب ، لا يدخل إليه أحد ، لأنه رفعت عنه أقوال ردية ، ونسبت إليه العلوم المهجورة ، ومات محبوسا بداره بمراكش .

يمكن مراجعة سيرته في " سير أعلام النبلاء " (21/307-310)

ثانيا :

قد طال الجدل حول حقيقة عقائد ابن رشد ، وكثرت المؤلفات ما بين مؤيد ومعارض ، واضطربت الأفهام في تحديد عقائده ومذاهبه .

ولضيق المقام ههنا عن الدراسة المفصلة لعقائد ابن رشد ، سنكتفي بذكر بعض المآخذ المجملة التي كانت مثار جدل في مؤلفاته :

1- تأويل الشريعة لتوافق الفلسفة الآرسطية :

لعل الاطلاع على ترجمة ابن رشد الموجزة السابقة كاف للدلالة على هذه التوجهات الفكرية لدى ابن رشد ، فقد أُخِذَ بفكر أرسطو ، حتى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " هو من أتبع الناس لأقوال آرسطو " انتهى. " بيان تلبيس الجهمية " (1/120)، وحاول جاهدا شرحه وبيانه وتقريره للناس بأسلوب عربي جديد ، وهو - خلال ذلك - حين يرى مناقضة فكر أرسطو مع ثوابت الشريعة الإسلامية ، يحاول سلوك مسالك التأويل البعيدة التي تعود على الشريعة بالهدم والنقض ، وكأن فلسفة أرسطو قرين مقابل لشريعة رب العالمين المتمثلة في نصوص الكتاب والسنة ، ولذلك كتب كتابه المشهور : " فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال ".

2- اعتقاده بالظاهر والباطن في الشريعة :

يقول ابن رشد : " الشريعة قسمان : ظاهر ومؤول ، والظاهر منها هو فرض الجمهور ، والمؤول هو فرض العلماء ، وأما الجمهور ففرضهم فيه حمله على ظاهره وترك تأويله ، وأنه لا يحل للعلماء أن يفصحوا بتأويله للجمهور ، كما قال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يفهمون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " انتهى.

" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/99) طبعة مركز دراسات الوحدة العربية.

وقد استغرق ابن رشد في تقرير هذه الفكرة الباطنية في كتبه ، حتى إنه جعل من أبرز سمات الفرقة الناجية من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنها هي " التي سلكت ظاهر الشرع ، ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس " انتهى. " الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/150).

ولذلك توسع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرد على خصوص كلام ابن رشد في هذا الكتاب ، وبيان بطلان التفسير الباطني لنصوص الشريعة ، وذلك في كتابيه العظيمين : " بيان تلبيس الجهمية " ، ودرء تعارض العقل والنقل .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وابن سينا وأمثاله لما عرفوا أن كلام الرسول لا يحتمل هذه التأويلات الفلسفية ؛ بل قد عرفوا أنه أراد مفهوم الخطاب : سلك مسلك التخييل ، وقال : إنه خاطب الجمهور بما يخيل إليهم ؛ مع علمه أن الحق في نفس الأمر ليس كذلك . فهؤلاء يقولون : إن الرسل كذبوا للمصلحة . وهذا طريق ابن رشد الحفيد وأمثاله من الباطنية " انتهى.

" مجموع الفتاوى " (19/157) .

3- مال في باب " البعث والجزاء "، إلى قول الفلاسفة أنه بعث روحاني فقط ، بل وقع هنا في ضلالة أعظم من مجرد اعتقاده مذهب الفلاسفة في البعث الروحاني ؛ حيث جعل هذه المسألة من مسائل الاجتهاد ، وأن فرض كل ناظر فيها هو ما توصل إليه . قال :

" والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها " انتهى.

" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/204)

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأولئك المتفلسفة أبعد عن معرفة الملة من أهل الكلام : ( فمنهم من ظن أن ذلك من الملة .

ومنهم من كان أخبر بالسمعيات من غيره ، فجعلوا يردون من كلام المتكلمين ما لم يكن معهم فيه سمع ، وما كان معهم فيه سمع كانوا فيه على أحد قولين : إما أن يقروه باطنا وظاهرا إن وافق معقولهم ، وإلا ألحقوه بأمثاله ، وقالوا إن الرسل تكلمت به على سبيل التمثيل والتخييل للحاجة ، وابن رشد ونحوه يسلكون هذه الطريقة ، ولهذا كان هؤلاء أقرب إلى الإسلام من ابن سينا وأمثاله ، وكانوا في العمليات أكثر محافظة لحدود الشرع من أولئك الذين يتركون واجبات الإسلام ، ويستحلون محرماته ، وإن كان في كل من هؤلاء من الإلحاد والتحريف بحسب ما خالف به الكتاب والسنة ، ولهم من الصواب والحكمة بحسب ما وافقوا فيه ذلك .

ولهذا كان ابن رشد في مسألة حدوث العالم ومعاد الأبدان مظهرا للوقف ، ومسوغا للقولين ، وإن كان باطنه إلى قول سلفه أميل ، وقد رد على أبي حامد في تهافت التهافت ردا أخطأ في كثير منه ، والصواب مع أبي حامد ، وبعضه جعله من كلام ابن سينا لا من كلام سلفه ، وجعل الخطأ فيه من ابن سينا ، وبعضه استطال فيه على أبي حامد ، ونسبه فيه إلى قلة الإنصاف لكونه بناه على أصول كلامية فاسدة ، مثل كون الرب لا يفعل شيئا بسبب ولا لحكمة ، وكون القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح ، وبعضه حار فيه جميعا لاشتباه المقام " انتهى.

" منهاج السنة " (1/255)

4- ولعل من أبرز سمات منهج ابن رشد في كتبه ، وفي الوقت نفسه من أبرز أسباب أخطائه هو عدم العناية بالسنة النبوية مصدرا من مصادر التشريع .

يقول الدكتور خالد كبير علال حفظه الله : " ابن رشد لم يُعط للسنة النبوية مكانتها اللائقة بها كمصدر أساسي للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم ، ولم يتوسع في استخدامها في كتبه الكلامية والفلسفية ، ففاتته أحاديث كثيرة ذات علاقة مباشرة بكثير من المواضيع الفكرية التي تطرق إليها ، كما أن الأحاديث التي استخدمها في تلك المصنفات كثير منها لم يفهمه فهما صحيحا ، وأخضعه للتأويل التحريفي خدمة لفكره وأرسطيته " انتهى.

" نقد فكر الفيلسوف ابن رشد " (ص/97)

هذه بعض الخطوط العريضة التي يمكن أن توضح بعض مآخذ العلماء على عقيدة ابن رشد الحفيد ، وهي في محصلها ترجع إلى إلغاء كثير من موازين الشريعة التي ضبط بها الشارع حدودها ، والدعوة إلى سلوك التأويل والاجتهاد في بعض مسلماتها ، انطلاقا من أفكار دخيلة جاءت من حضارات قديمة بائدة .

ولأجل ذلك احتفى به كثير من المحسوبين على التوجهات العلمانية والليبرالية المتحررة اليوم ، حتى نسبوا ريادة الفكر التنويري للفيلسوف ابن رشد ، وهم يعلمون أن كثيرا من العلوم الواردة في كتبه تعد من العلوم البائدة التي يجزم العلم الحديث بخطئها ، ولكن غرضهم تمجيد كل فكر متحرر من ثوابت الشريعة ، متحرر من حقائق نصوصها إلى المجازات والتأويلات ، وفي الوقت نفسه يلبس لبوس الدين والعلم والفقه ، فرأوا في ابن رشد ضالتهم ، وفي كتبه رائدا لهم ، وإن كنا نحسب أن في كتبه من إظهار التمسك بالشريعة والرجوع إليها ما لا نجده في كتب هؤلاء القوم ، وكان عنده من لزوم الجانب العملي في الشريعة ، وتعظيمها في الفقه والقضاء والفتيا ما لا يعجب القوم ، ولا يبلغون معشاره : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ !!
والله أعلم . ) إنتهى كلام الشيخ المنجد

أما ابن عربي وابن سعبين وأشباههم فهم من غلاة الصوفية القائلين بوحدة الوجود كفار خارجين عن الملة كفرهم شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في مجموع الفتاوى (10/ 162): ( وَهَؤُلَاءِ يَصِلُ بِهِمْ الْكُفْرُ إلَى أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ عِبَادٌ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُمْ مُعَبَّدُونَ وَلَا بِمَعْنَى أَنَّهُمْ عَابِدُونَ؛ إذْ يَشْهَدُونَ أَنْفُسَهُمْ هِيَ الْحَقَّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ طَوَاغِيتُهُمْ كَابْنِ عَرَبِيٍّ صَاحِبِ " الْفُصُوصِ " وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُلْحِدِينَ الْمُفْتَرِينَ كَابْنِ سَبْعِينَ وَأَمْثَالِهِ وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ هُمْ الْعَابِدُونَ وَالْمَعْبُودُونَ وَهَذَا لَيْسَ بِشُهُودِ لِحَقِيقَةِ؛ لَا كَوْنِيَّةٍ وَلَا دِينِيَّةٍ؛ بَلْ هُوَ ضَلَالٌ وَعَمًى عَنْ شُهُودِ الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ حَيْثُ جَعَلُوا وُجُودَ الْخَالِقِ هُوَ وُجُودَ الْمَخْلُوقِ وَجَعَلُوا كُلَّ وَصْفٍ مَذْمُومٍ وَمَمْدُوحٍ نَعْتًا لِلْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ إذْ وُجُودُ هَذَا هُوَ وُجُودُ هَذَا عِنْدَهُمْ. ) اهـ
وقال في الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق (ص: 106): ( وقد يقول بعضهم يكون أولاً فقيرًا ثم يصير نبيًّا ثم يصير إلهًا وحينئذ يدخلون إلى النوع الثالث من الفناء وهو فناء المُلْحِدين الذين يقولون الوجود واحد كابن عَرَبي وابن سَبْعين وابن الفارض والقُوْنَوي والتِّلِمْساني وأمثالهم ممن يجعل الوجود الخالق هو الوجود المخلوق وربما جعلوه حالاًّ فيه ومذهبهم دائر بين الاتحاد والحلول ... ) اهـ
و ابن عربي هذا لعنه الله - وهو غير الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله كما سيأتي بيانه - هو كافر قال بإيمان ابليس! وفرعون! ومشركي قريش! وقال بوحدة الوجود! أي أن الخالق والمخلوق واحد! أنظر تفصيل ذلك في كتاب الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق فقد تعرض لذلك في كتابه في مواضع كثيرة، وابن عربي هذا كفره جماهير العلماء وقد نقل تكفيرهم - وهم عدد كبير - الإمام تقي الدين الفاسي في ترجمته لابن عربي في كتابه ( العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ) وقد أخرج الشيخ المحدث علي بن حسن الحلبي هذه الترجمة وحققها في جزءٍ أسماه ( جزء فيه عقيدة ابن عربي وحياته وما قاله المؤرخون والعلماء فيه ) في ما يزيد على 70 صفحة فانظره فإنه مهم، وانظر كتاب ( بلوغ غاية الأماني في الرد على مفتاح التّيِجَاني ) لأحمد بن الكوري العلوي الشنقيطي فقد نقل تكفيره عن ثلاثٍ وخمسين من العلماء. وانظر كتاب ( ابن عربي عقيدته وموقف علماء المسلمين منه - من القرن السادس إلى القرن الثالث عشر - ) للشيخ دغش بن شبيب العجمي، فإنه كتاب مفصل في شأن ابن عربي هذا يقع في 927 صفحة.
وابن عربي نكرة هكذا دون الألف والام في ( عربي ) هو الكافر محيي الدّين محمّد بن عليّ بن محمّد الطّائيّ الحاتميّ، المعروف ب «ابن عربيّ»، المتوفّى سنة (638 هـ).المكيّ صاحب كتاب فصوص الحكم وكتاب الفتوحات المكية، أما ابن العربي المعرفة أي بالألف واللام في ( العربي ) فهو القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي، الشهير (المتوفى: 543هـ) صاحب كتاب ( أحكام القرآن ).
وقد تردد بعض قليل جدا من العلماء في الجزم بتكفيره!، وهذا مردود فإن جماهير العلماء كفروه كما مرت الإشارة إليه، وقد ذكر الإمام تقي الدين الفاسي في ص 74 من ( جزء فيه عقيدة ابن عربي وحياته وما قاله المؤرخون والعلماء فيه ) بتحقيق علي الحلبي أن مادحي ابن عربي قسمان هما:
1- قسمٌ مدحوه لعدم معرفتهم واطلاعهم على كلامه الكفري المنكر لِما عرفوه مما اشتهر عنه من فضله وزهده وإيثاره واجتهاده في العبادة ولم يعرفوا ما في كلامه من منكرات كفرية لعدم إطلاعهم على كتبه تلك ككتاب ( فصوص الحكم ) وكتاب ( الفتوحات المكية ) فأحسنوا الظن به لذلك.
وهؤلاء معذورون لجهلهم لحقيقة حال هذا الكافر الزنديق عليه لعنة الله.
2- قسمٌ مدحوه مع معرفتهم بكلامه الكفري المنكر معتقدين أن كلامه له تأويلاً سائغاً وهؤلاء من أتباع ابن عربي في طريقته فكلامكم مُطَّرَحٌ لا عبرة به لأنهم يريدون بمدحهم له تزكيةَ معتقدهم.
وقد قرر الفاسي ان هؤلاء مثل ابن عربي في الحكم فهم كفارٌ مثله ونقل ذلك عن جمع من العلماء في كتابه لأن كلام ابن عربي كثيرٌ منه مما يستحيل أن لا يعرف مسلمٌ أنه كفر لصراحة الكفر البواح فيه.
هذان هما القسمان في كلام الإمام الفاسي عليه رحمة الله والحق أن ثمة قسمٌ ثالث وهو:
3- قسمٌ مدحوه مع علمهم بأن إعتقاده كفر خوفاً على أنفسهم من إيذاء أهل البدع من أتباعه لهم لكثرتهم وإحاطتهم بهم في زمانهم، ذكر ذلك الإمام المحدث محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله فقد اطلعت على كلامه قبل زمن وهو يعلق على كلام الذهبي في ( الميزان ) بشأن ابن عربي هذا الذي كان الذهبي يعتذر له فيه! وقد نقل كلام الذهبي من ( الميزان ) الإمام الفاسي في كتابه هذا ومعلومٌ أن الذهبي ذمه في كتابه الآخر ( سير أعلام النبلاء ) وسيأتي كلامه في ذمه وتكفير مقالته بشكل قطعي دون مديح ولا اعتذارٍ له - ينقله الألباني عنه - ، قال الإمام الألباني عليه رحمة الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14/ 135 ح 6559 عند تخريجه الحديث المنكر الذي بلفظ ( نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نِكَاح الْجِنّ ): [ ( فائدة ): قال الذهبي في ترجمة ابن عربي الصوفي من "الميزان": "نقل رفيقنا ( أبو الفتح اليعمري ) - وكان متثبتاً - قال: سمعت الإمام تقي الدين بن دقيق العيد يقول: سمعت شيخنا أبا محمد بن عبد السلام السلمي ( هو: العز بن عبد السلام ) يقول - وجرى ذكر أبي عبد الله بن عربي الطائي - فقال: هو شيخ سوء شيعي كذاب. فقلت له: وكذاب أيضاً؟ قال: نعم، تذاكرنا بدمشق التزويج بالجن، فقال: هذا محال، لأن الإنس جسم كثيف، والجن روح لطيف، ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف. ثم بعد قليل رأيته وبه شجة! فقال: تزوجت جنية، فرزقت منها ثلاثة أولاد، فاتفق يوماً أني أغضبتها، فضربتني بعظم حصلت منه هذه الشجة، وانصرفت فلم أرها بعد. هذا أو معناه.
قلت: وما عندي أن محيي الدين تعمد كذباً، لكن أثرت فيه تلك الخلوات والجوع فساداً وخيالاً وطرف جنون، وصنف التصانيف في تصرف الفلاسفة وأهل الوحدة. فقال أشياء منكرة، عدها طائفة من العلماء مروقاً وزندقة، وعدها طائفة من إشارات العارفين، ورموز السالكين، وعدها آخرون من متشابه القول، وأن ظاهرها كفر وضلال، وباطنها حق وعرفان، وأنه صحيح في نفسه كبير القدر.
وآخرون يقولون: قد قال هذا الباطل والضلال، فمن الذي قال: إنه مات عليه؟!
فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وتاب إلى الله، فإنه كان عالماً بالآثار والسنن، قوي المشاركة في العلوم.
وقولي أنا فيه: إنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت، وختم لهم بالحسنى.
فأما كلامه فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية، وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عباراتهم، تبين له الحق في خلاف قولهم، وكذلك من أمعن النظر في "فصوص الحكم"، لاح له العجب. فإن الذكي أذا تأمل من ذلك الأقوال والنظائر والأشباه، فهو يعلم بأنه أحد رجلين: إما من الاتحادية في الباطن، وإما من المؤمنين بالله الذي يعدون أن هذه النحلة من أكفر الكفر. نسأل الله العافية.) إنتهى وهذا نهاية ما قاله الذهبي هناك في الميزان.
ثم قال الألباني هناك مُعَلِّقاً مباشرة بعد كلام الإمام الذهبي: ( قلت: لقد كان الذهبي رحمه الله في زمانه محاطاً بالاتحاديين، فاضطر إلى اتقاء شرهم، وإلا فالحق ما قاله في "السير" ( 23/48 ): "ومن أراد تواليفه كتاب "الفصوص"، فإن كان لا كفر فيه، فما في الدنيا كفر. نسأل الله العفو والنجاة، فواغوثاه بالله" اهـ. ) إنتهى، والسير هو سير أعلام النبلاء للذهبي أي أن الذهبي صرح بكفر ابن عربي في كتابه سير أعلام النبلاء لما حوى كتاب فصوص الحكم لابن عربي من كفر ظاهر لا مِرْيَةَ فيه!.

التعليق الثالث:
أودعت المؤلفة بعض أحاديث ضعيفة وموضوعة بل لا أصل لها! في كتابها فمثلا ذكرت في فصل علم التنجيم في كتابها هذا ص 167 حديثًا بلفظ ( تعلموا السحر ولا تعملوا به ) !.
قلت: وهو حديث لا أصل له مع نكارة متنه مما يدل على أنه متنٌ موضوع، فإن تعلمه كفر كما نص القرآن فقد قال تعالى: { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [البقرة: 102].
وجاء في الفتوى رقم 14011 من فتاوى الشيخ محمد بن صالح المنجد في موقعه ( الإسلام سؤال وجواب ) في الشبكة العنكبوتية ما نصه: ( ما صحة حديث سمعته عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعلموا السحر ولا تعملوا به ) ؟.
الجواب: الحمد لله
هذا الحديث باطل لا أصل له ، ولا يجوز تعلم السحر ولا العمل به وذلك منكر بل كفر وضلال ، وقد بين الله إنكاره للسحر في كتابه الكريم في قوله تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) البقرة / 102 ، 103 .
فأوضح سبحانه في هذه الآيات أن السحر كفر وأنه من تعليم الشياطين ، وقد ذمهم الله على ذلك وهم أعداؤنا ، ثم بين أن تعليم السحر كفر ، وأنه يضر ولا ينفع ، فالواجب الحذر منه .
لأن تعلم السحر كله كفر ، ولهذا أخبر عن الملكين أنهما لا يعلمان الناس حتى يقولا للمتعلم إنما نحن فتنة فلا تكفر ، ثم قال : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) فعلم أنه كفر وضلال وأن السحرة لا يضرون أحدا إلا بإذن الله ، والمراد بذلك إذنه سبحانه الكوني القدري لا الشرعي الديني ؛ لأنه سبحانه لم يشرعه ولم يأذن فيه شرعا بل حرمه ونهى عنه ، وبين أنه كفر ومن تعليم الشياطين كما أوضح سبحانه أن من اشتراه أي اعتاده وتعلمه ليس له في الآخرة من خلاق؛ أي من حظ ولا نصيب ، وهذا وعيد عظيم ، ثم قال سبحانه : ( وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) والمعنى باعوا أنفسهم للشيطان بهذا السحر ، ثم قال سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) فدل ذلك على أن تعلم السحر والعمل به ضد الإيمان والتقوى ومناف لهما ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ) إنتهى كلام الشيخ محمد بن صالح المنجد.
وجاء في الفتوى رقم 6289 من فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه: ( وأما ما ذكرت من قول: (تعلموا السحر ولا تعملوا به) فليس بحديث لا صحيح ولا ضعيف فيما نعلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز. ) اهـ
وجاء في الفتوى رقم 6970 ما نصه: ( لم يصح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، بل هو خبر موضوع.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز. ) اهـ
وينبغي التنبه إلى أن علم التجيم هو ليس بعلم بل شرك يعتقد من يعمل به أن الأحداث على الأرض تتأثر بحركات الكواكب وهذا شرك إذ لا يكون من شيء على الأرش إلا بمشيئة الله لا مشيئة الكواكب!، وهذا متقرر في كتب العقيدة أنظر كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد للعلامة محمد بن صالح العثيمين.
وكلام المؤلفة في كتابها ص 166 باطل حول التنجيم فإنها أنكرت على بعض من في الكنيسة في الغرب إنكارهم حصول الحوادث على الأرض بتأثير حركة النجوم ثم عقبته بأن بعض من في الكنيسة يعتقد أن حوادث الحيوانات والنباتات فقط تتأثر بحركة النحوم! ثم تعقبته بأن المسلمون أحلوا التنجيم محل عبادة الكواكب! ولم توضح أكثر من ذلك!، فيبدو أنها تقرر تأثر الحوادث على الأرض بحركة الكواكب! وتنسب هذا للمسلمين!، ومعلوم أن دين الإسلام يرفض التنجيبم ويحكم بأنه شرك كما هو مبسوط في كتب العقيدة أنظر الكتاب السابق وكتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب، أما علم الفلك فليس من التنجيم في شيء وهو علم نافع في حسابات الفلكية ونحو ذلك مما له صلة.
وذكرت في ص 351 هذه الأحاديث ( أطلب العلم من المهد إلى اللحد ) و( أطلبوا العلم ولو في الصين ) – وبعضهم يذكره هكذا ( ولو كان في الصين ) – و(حبر الطالب أقدس من دم الشهيد ) وكررت حديث ( تعلموا السحر ولا تعملوا به )!
قلت: وهذه كلها لا تصح عن النبي صلى الله هليه وسلم، فحديث ( أطلب العلم من المهد إلى اللحد ) و(حبر الطالب أقدس من دم الشهيد ) منها لا أصل له.
ومر الكلام على حديث ( تعلموا السحر ولا تعملوا به ).
أما حديث ( أطلبوا العلم ولو في الصين ) – أو ( بالصين ) وبعضهم يذكره هكذا ( ولو كان بالصين ) – فهو حديث باطل موضوع وليس ( لا أصل له ) كما ظن بعضهم!، فإنه له أصل لكنه باطل ضعيف جدا.
وحكم بوضعه الألباني في ضعيف الجامع ح 906 و907 فقال في الموضعين: ( موضوع ) اهـ، وأورده الألباني في السلسلة الضعيفة ح 416 بلفظ ( أطلبوا العلم ولو بالصين ) ثم قال: ( باطل، رواه ابن عدي (207 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 106) وابن عليك النيسابوري في " الفوائد " (241 / 2) وأبو القاسم القشيري في " الأربعين " (151 / 2) والخطيب في " التاريخ " (9 / 364) وفي " كتاب الرحلة " (1 / 2) والبيهقي في " المدخل " (241 / 324) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (1 / 7 - 8) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (28 / 1) كلهم من طريق الحسن بن عطية حدثنا أبو عاتكة طريف بن سلمان عن أنس مرفوعا، وزادوا جميعا: " فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم " وقال ابن عدي: وقوله: ولو بالصين، ما أعلم يرويه غير الحسن بن عطية.
وكذا قال الخطيب في " تاريخه " ومن قبله الحاكم كما نقله عنه ابن المحب ومن خطه على هامش " الفوائد " نقلت، وفي ذلك نظر فقد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (196) عن حماد بن خالد الخياط قال: حدثنا طريف بن سليمان به، وقال: ولا يحفظ " ولو بالصين " إلا عن أبي عاتكة، وهو متروك الحديث و" فريضة على
كل مسلم " الرواية فيها لين أيضا متقاربة في الضعف.
فآفة الحديث أبو عاتكة هذا وهو متفق على تضعيفه، بل ضعفه جدا العقيلي كما رأيت والبخاري بقوله: منكر الحديث، والنسائي: ليس بثقة، وقال أبو حاتم:
ذاهب الحديث، كما رواه ابنه عنه (2 / 1 / 494) وذكره السليماني فيمن عرف بوضع الحديث، وذكر ابن قدامة في " المنتخب " (10 / 199 / 1) عن الدوري أنه قال: وسألت يحيى بن معين عن أبي عاتكة هذا فلم يعرفه، وعن المروزي أن أبا عبد الله يعني الإمام أحمد ذكر له هذا الحديث؟ فأنكره إنكارا شديدا.
قلت: وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 215) وقال: قال ابن حبان: باطل لا أصل له.
وأقره السخاوي في " المقاصد " (ص 63) ، أما السيوطي فتعقبه في " اللآليء " (1 / 193) بما حاصله: أن له طريقين آخرين:
أحدهما من رواية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم العسقلاني بسنده عن الزهري عن أنس مرفوعا به، رواه ابن عبد البر، ويعقوب هذا قال الذهبي: كذاب، ثم ذكر أنه روى بإسناد صحيح، من حفظ على أمتي أربعين حديثا وهذا باطل.
والآخر: من طريق أحمد بن عبد الله الجويباري بسنده عن أبي هريرة مرفوعا، الشطر الأول منه فقط، قال السيوطي: والجويباري وضاع.
قلت: فتبين أن تعقبه لابن الجوزي ليس بشيء!
وقال في " التعقبات على الموضوعات " (ص 4) :
" أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " من طريق أبي عاتكة وقال: متن مشهور وإسناد ضعيف، وأبو عاتكة من رجال الترمذي ولم يجرح بكذب ولا تهمة، وقد وجدت له متابعا عن أنس، أخرجه أبو يعلى وابن عبد البر في " العلم " من طريق كثير بن شنظير عن ابن سيرين عن أنس، وأخرجه ابن عبد البر أيضا من طريق عبيد بن محمد الفريابي عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس.
ونصفه الثاني، أخرجه ابن ماجه، وله طريق كثيرة عن أنس يصل مجموعها إلى مرتبة الحسن، قاله الحافظ المزي، وأورده البيهقي في " الشعب " من أربع طرق عن أنس، ومن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.
ولنا عليه تعقبات:
أولا: لينظر فيما نقله عن البيهقي هل يعني النصف الأول من الحديث أعني " اطلبوا العلم ولوبالصين " أم النصف الثاني فإن هذا هو المشهور وفيه أورد السخاوي قول البيهقي المذكور لا في النصف الأول وعليه يدل كلامه في " المدخل " (242 - 243) ثم تأكدت من ذلك بعد طبع " الشعب " (2 / 254 - 255) .
ثانيا: قوله: إن أبا عاتكة لم يجرح بكذب يخالف ما سبق عن السليماني، بل وعن النسائي إذ قال " ليس بثقة " لأنه يتضمن تجريحه بذلك كما لا يخفى.
ثالثا: رجعت إلى رواية كثير بن شنظير هذه في " جامع ابن عبد البر " (ص 9) فلم أجد فيها النصف الأول من الحديث، وإنما هي بالنصف الثاني فقط مثل رواية ابن ماجه، وأظن أن رواية أبي يعلى مثلها ليس فيها النصف الأول، إذ لوكان كما ذكر السيوطي لأوردها الهيثمي في " المجمع " ولم يفعل.
رابعا: رواية الزهري عن أنس عند ابن عبد البر فيها عبيد بن محمد الفريابي ولم أعرفه، وقد أشار إلى جهالته السيوطي بنقله السند مبتدءا به، ولكنه أو هم بذلك أن الطريق إليه سالم، وليس كذلك بل فيه ذاك الكذاب كما سبق!
ثم وجدت ترجمة الفريابي هذا عند ابن أبي حاتم (2 / 2 / 335) بسماع أبيه منه.
وذكره ابن حبان في " الثقات " (8 / 406) وقال: مستقيم.
الحديث فالآفة من يعقوب.
خامسا: قوله: وله طرق كثيرة ... يعني بذلك النصف الثاني من الحديث كما هو ظاهر من كلامه، وقد فهم منه المناوي أنه عنى الحديث كله! فقد قال في شرحه إياه بعد أن نقل إبطال ابن حبان إياه وحكم ابن الجوزي بوضعه:
ونوزع بقول المزي: له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن: ويقول الذهبي في " تلخيص الواهيات ": روى من عدة طرق واهية وبعضها صالح.
وهذا وهم من المناوي رحمه الله فإنما عنى المزي رحمه الله النصف الثاني كما هو ظاهر كلام السيوطي المتقدم، وهو الذي عناه الذهبي فيما نقله المناوي عن " التلخيص "، لا شك في ذلك ولا ريب.
وخلاصة القول: إن هذا الحديث بشطره الأول، الحق فيه ما قاله ابن حبان وابن الجوزي، إذ ليس له طريق يصلح للاعتضاد به.
وأما الشطر الثاني فيحتمل أن يرتقي إلى درجة الحسن كما قال المزي، فإن له طرقا كثيرة جدا عن أنس، وقد جمعت أنا منها حتى الآن ثمانية طرق، وروى عن جماعة من الصحابة غير أنس منهم ابن عمر وأبو سعيد وابن عباس وابن مسعود وعلي، وأنا في صدد جمع بقية طرقه لدراستها والنظر فيها حتى أتمكن من الحكم عليه بما يستحق من صحة أو حسن أو ضعف.
ثم درستها وأو صلتها إلى نحو العشرين في " تخريج مشكلة الفقر " (48 - 62) وجزمت بحسنه.
واعلم أن هذا الحديث مما سود به أحد مشايخ الشمال في سوريا كتابه الذي أسماه بغير حق " تعاليم الإسلام " فإنه كتاب محشوبالمسائل الغريبة والآراء الباطلة التي لا تصدر من عالم، وليس هذا فقط، بل فيه كثير جدا من الأحاديث الواهية والموضوعة، وحسبك دليلا على ذلك أنه جزم بنسبة هذا الحديث الباطل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ثانى حديث من الأحاديث التي أوردها في " فضل العلم " من أول كتابه (ص 3) وغالبها ضعيفة، وفيها غير هذا من الموضوعات كحديث " خيار أمتي علماؤها، وخيار علمائها فقهاؤها " وهذا مع كونه حديثا باطلا كما سبق تحقيقه برقم (367) فقد أخطأ المؤلف أو من نقله عنه في روايته، فإن لفظه: " رحماؤها " بدل " فقهاؤها "!
ومن الأحاديث الموضوعة فيه ما أورده في (ص 236) " صلاة بعمامة أفضل من خمس وعشرين ... و" إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة " وقد تقدم الكلام عليهما برقم (127 و159) .
ومنها حديث " المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون " (ص 4 منه) وسيأتي بيان وضعه برقم (782) إن شاء الله تعالى.
ومن غرائب هذا المؤلف أنه لا يعزو الأحاديث التي يذكرها إلى مصادرها من كتب الحديث المعروفة، وهذا مما لا يجوز في العلم، لأن أقل الرواية عزو الحديث إلى مصدره، ولقد استنكرت ذلك منه في أول الأمر، فلما رأيته يعزي أحيانا ويفترى في ذلك، هان علي ما كنت استنكرته من قبل! فانظر إليه مثلا في الصفحة (247) حيث يقول:
روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كتب هذا الدعاء وجعله بين صدر الميت وكفنه لم ينله عذاب القبر (!) ولم ير منكرا ولا نكيرا (!) وهو هذا ... "، ثم ذكر الدعاء.
فهذا الحديث لم يروه الترمذي ولا غيره من أصحاب الكتب الستة ولا الستين! إذ لا يعقل أن يروي مثل هذا الحديث الموضوع الظاهر البطلان إلا من لم يشم رائحة الحديث ولومرة واحدة في عمره!
وفي الصفحة التي قبل التي أشرنا إليها قوله: في " صحيح مسلم " قال صلى الله عليه وسلم: " من غسل ميتا وكتم عليه غفر الله له أربعين سيئة ".
فهذا ليس في " صحيح مسلم " ولا في شيء من الكتب، وإنما رواه الحاكم فقط والبيهقي بلفظ: " أربعين مرة ".
فهذا قل من جل مما في هذا الكتاب من الأحاديث الموضوعة والتخريجات التي لا أصل لها، ويعلم الله أنني عثرت عليها دون تقصد، ولو أنني قرأت الكتاب من أوله إلى آخره قاصدا بيان ما فيه من المنكرات لجاء كتابا أكبر من كتابه! وإلى الله المشتكى!
وأما ما فيه من المسائل الفقهية المستنكرة فكثيرة أيضا، وليس هذا مجال القول في ذلك، وإنما أكتفي بمثالين فقط، قال (ص 36) في صدد بيان آداب الاغتسال: وأن يصلى ركعتين بعد خروجه سنة الخروج من الحمام!
وهذه السنة لا أصل لها البتة في شيء من كتب السنة حتى التي تروى الموضوعات!
ولا أعلم أحدا من الأئمة المجتهدين قال بها!
وقال (ص 252 - 253) : لا بأس بالتهليل والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يعني جهرا قدام الجنازة، لأنه صار شعارا للميت، وفي تركه ازدراء به، وتعرض للتكلم فيه وفي ورثته، ولوقيل بوجوبه لم يبعد!
وهذا مع كونه من البدع المحدثة التي لا أصل لها في السنة فلم يقل بها أحد من الأئمة أيضا، وإنى لأعجب أشد العجب من هؤلاء المتأخرين الذين يحرمون على طالب العلم أن يتبع الحديث الصحيح بحجة أن المذهب على خلافه، ثم يجتهدون هم فيها لا مجال للاجتهاد فيه لأنه خلاف السنة وخلاف ما قال الأئمة أيضا الذين يزعمون تقليدهم، وايم الله إني لأكاد أميل إلى الأخذ بقول من يقول من المتأخرين بسد باب الاجتهاد حين أرى مثل هذه الاجتهادات التي لا يدل عليها دليل شرعى ولا تقليد لإمام! فإن هؤلاء المقلدين إن اجتهدوا كان خطؤهم أكثر من إصابتهم، وإفسادهم أكثر من إصلاحهم، والله المستعان.
وإليك مثالا ثالثا هو أخطر من المثالين السابقين لتضمنه الاحتيال على استحلال ما حرمه الله ورسوله، بل هو من الكبائر بإجماع الأمة ألا وهو الربا! قال ذلك المسكين (ص 321): " إذا نذر المقترض مالا معينا لمقرضه ما دام دينه أو شيء منه صح نذره، بأن يقول: لله علي ما دام المبلغ المذكور أو شيء منه في ذمتي أن أعطيك كل شهر أو كل سنة كذا.
ومعنى ذلك أنه يحلل للمقترض أن يأخذ فائدة مسماه كل شهر أو كل سنة من المستقرض إلى أن يوفي إليه دينه، ولكنه ليس باسم ربا، بل باسم نذر يجب الوفاء به وهو قربة عنده! ! فهل رأيت أيها القاريء تلاعبا بأحكام الشريعة واحتيالا على حرمات الله مثلما فعل هذا الرجل المتعالم؟ أما أنا فما أعلم يفعل مثله أحد إلا أن يكون اليهود الذين عرفوا بذلك منذ القديم، وما قصة احتيالهم على صيد السمك يوم السبت ببعيدة عن ذهن القاريء، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم الشحم جملوه، أي ذوبوه، ثم باعوه وأكلوا ثمنه "! رواه الشيخان في " صحيحيهما " وهو مخرج في " الإرواء " (1290) بل إن ما فعله اليهود دون ما أتى به هذا المتمشيخ، فإن أولئك وإن استحلوا ما حرم الله، فإن هذا شاركهم في ذلك وزاد عليهم أنه يتقرب إلى الله باستحلال ما حرم الله!! بطريق النذر!
ولا أدري هل بلغ مسامع هذا الرجل أم لا قوله صلى الله عليه وسلم: " لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود، فترتكبوا محارم الله بأدنى الحيل " رواه ابن بطة في " جزء الخلع وإبطال الحيل " وإسناده جيد كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (2 / 257) وغيره في غيره، والذي أعتقده في أمثاله أنه سواء عليه أبلغه هذا الحديث أولا، لأنه ما دام قد سد على نفسه باب الاهتداء بالقرآن والسنة والتفقه بهما استغناء منه عنهما بحثالات آراء المتأخرين كمثل هذا الرأي الذي استحل به ما حرم الله، والذي أظن أنه ليس من مبتكراته! فلا فائدة ترجي له من هذا الحديث وأمثاله مما صح عنه صلى الله عليه وسلم وهذا يقال فيما لوفرض فيه الإخلاص وعدم اتباع الهو ى نسأل الله السلامة.
ومع أن هذا هو مبلغ علم المؤلف المذكور فإنه مع ذلك مغرور بنفسه معجب بعلمه، فاسمع إليه يصف رسالة له في هذا الكتاب (ص 58) : " فإنها جمعت فأوعت كل شيء (!) لا مثيل لها في هذا الزمان، ولم يسمع الزمان بها حتى الآن، فجاءت آية في تنظيمها وتنسيقها وكثرة مسائلها واستنباطها، ففيها من المسائل ما لا يوجد في المجلدات، فظهرت لعالم الوجود عروسا حسناء، بعد جهو د جبارة وأتعاب سنين كثيرة، ومراجعات مجلدات كثيرة وكتب عديدة، فهي الوحيدة في بابها والزبدة في لبابها، تسر الناظرين وتشرح صدر العالمين!
ولا يستحق هذا الكلام الركيك في بنائه العريض في مرامه أن يعلق عليه بشيء، ولكني تساءلت في نفسي فقلت: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الذين يمدحون غيرهم " احثوا في وجوه المداحين التراب " فماذا يقول فيمن يمدح نفسه وبما ليس فيه؟ فاللهم عرفنا بنفوسنا وخلقنا بأخلاق نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
هذه كلمة وجيزة أحببت أن أقولها حول هذا الكتاب " تعاليم الإسلام " بمناسبة هذا الحديث الباطل نصحا مني لإخواني المسلمين حتى يكونوا على بصيرة منه إذا ما وقع تحت أيديهم، والله يقول الحق ويهدى السبيل. ) انتهى
وقال العجلوني في كشف الخفاء ت هنداوي (2/ 48 - 49 ح 1665) عند كلامه على حديث "طلب العلم فريضة على كل مسلم": ( رواه بن ماجه وابن عبد البر في العلم له في حديث حفص بن سليمان عن أنس مرفوعًا بزيادة "وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب"، قال في "المقاصد": وحفص ضعيف جدًا، بل اتهمه بعضهم بالوضع والكذب، لكن نقل عن أحمد أنه صالح، وله شاهد عن ابن شاهين وقال إنه غريب.
قال ورويناه في ثاني السمعونيات بسند رجاله ثقات عن أنس، بل يروي عن نحو عشرين تابعيًا كالنخعي وإسحاق بن أبي طلحة وسلام الطويل وقتادة والمثنى بن دينار والزهري وحميد -كلهم- عن أنس، ولفظ حميد عنه: "طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم"، ورواه زياد عنه، وزاد: "والله يحب إغاثة اللهفان"، ولأبي عاتكة في أوله: "اطلبوا العلم ولو في الصين". وفي كل منها مقال، وكذا قال ابن عبد البر: إنه يروي عن أنس من وجوه كثيرة، كلها معلولة لا حجة في شيء منها عند أهل العلم بالحديث من جهة الإسناد.
وقال البزار إنه روي عن أنس بأسانيد واهية، قال وأحسنها ما رواه إبراهيم بن سلام بسنده عن أنس مرفوعًا، ومع ذلك فإبراهيم بن سلام لا يعلم روي عنه إلا أبو عاصم.
وفي الباب عن أبي وجابر وحذيفة والحسين بن علي وابن عباس وابن عمر وعلي وابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وأم هانئ وآخرين.
وبسط الكلام في ذلك العراقي في "تخريجه الكبير" على الإحياء. ومع ذلك كله قال البيهقي: متنه مشهور، وإسناده ضعيف, وروي من أوجه كلها ضعيفة.
وسبقه إلى ذلك الإمام أحمد على ما نقله عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" إذا قال: لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء، وكذا قال إسحاق بن راهويه وأبو علي النيسابوري.
ومثل به ابن الصلاح للمشهور الذي ليس بصحيح. وتبع في ذلك الحاكم لكن قال العراقي: قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه كما بينته في تخريج "الإحياء".
وقال المزي: إن طرقه تبلغ رتبة الحسن. كذا في المقاصد.
لكن قال الحافظ ابن حجر في "اللآلئ" بعد أن ذكر روايته عن علي وابن مسعود وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر وأبي سعيد، من طرق فيها مقال، ورواه ابن ماجه في "سننه" عن أنس مرفوعًا بلفظ: "طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب". وهو حسن.
وقال المزي: روي من طرق تبلغ رتبة الحسن، وأخرجه ابن الجوزي في "منهاج القاصدين" من جهة أبي بكر بن داود، وقال: ليس في حديث طلب العلم فريضة أصح من هذا، انتهى. أي: كلام ابن حجر. ) انتهى
أما حديث ابن ماجة في تخريج العجلوني فصحيح دون ( وواضع العلم ... ) إلخ فإنه ضعيف جدًا فقد قال الألباني في تعليقه على سنن ابن ماجة ح 224: (صحيح - دون قوله " وواضع العلم ... " إلخ فإنه ضعيف جدا - تخريج مشكلة الفقر (86) ، المشكاة (218) ، التعليق الرغيب (1 / 54) ، الضعيفة تحت الحديث (416). ) اهـ
أما حديث ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) فهو حديث صحيح صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ح 3913 وصحيح الترغيب والترهيب ح 72.
فكتاب هذه المستشرقة حوى عددا من الأحاديث الضيعفة فكن على حذر من ذلك.

التعليق الرابع: أثنت المؤلفة على العلاج بالموسيقى الذي كان معروفا لدى بعض أطباء العرب، ومعلوم أن الموسيقى محرمة أنظر كتاب ( تحريم آلات الطرب ) للإمام المحدث الألباني رحمه الله.
تم التعليق والحمد لله.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-28-2018, 10:41 AM
عمر الزهيري عمر الزهيري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 2,455
افتراضي

الليلة سوف أضيف أسماء بعض الفلاسفة التي عظمتهم المستشرقة صاحبة الكتاب وأوضح حالهم وأنقل شيء من تراحمهم إن شاء الله.
سيكون ذلك في أصل الموضوع ان شاء الله
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:00 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.