أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
60049 | 94165 |
#1
|
|||
|
|||
كلام للإمام ابن القيم يكتب بماء الذهب
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين:
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِلَفْظِ النَّصِّ مَهْمَا أَمْكَنَهُ؛ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ وَالدَّلِيلَ مَعَ الْبَيَانِ التَّامِّ، فَهُوَ حُكْمٌ مَضْمُونٌ لَهُ الصَّوَابُ، مُتَضَمِّنٌ لِلدَّلِيلِ عَلَيْهِ فِي أَحْسَنِ بَيَانٍ، وَقَوْلُ الْفَقِيهِ الْمُعَيَّنِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَالْأَئِمَّةُ الَّذِينَ سَلَكُوا عَلَى مِنْهَاجِهِمْ يَتَحَرَّوْنَ ذَلِكَ غَايَةَ التَّحَرِّي، حَتَّى خَلَفَتْ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ رَغِبُوا عَنْ النُّصُوصِ، وَاشْتَقُّوا لَهُمْ أَلْفَاظًا غَيْرَ أَلْفَاظِ النُّصُوصِ، فَأَوْجَبَ ذَلِكَ هَجْرَ النُّصُوصِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ لَا تَفِي بِمَا تَفِي بِهِ النُّصُوصُ مِنْ الْحُكْمِ وَالدَّلِيلِ وَحُسْنِ الْبَيَانِ، فَتَوَلَّدَ مِنْ هِجْرَانِ أَلْفَاظِ النُّصُوصِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْحَادِثَةِ وَتَعْلِيقِ الْأَحْكَامِ بِهَا عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ. فَأَلْفَاظُ النُّصُوصِ عِصْمَةٌ وَحُجَّةٌ بَرِيئَةٌ مِنْ الْخَطَأِ وَالتَّنَاقُضِ وَالتَّعْقِيدِ وَالِاضْطِرَابِ، وَلَمَّا كَانَتْ هِيَ عِصْمَةَ عُهْدَةِ الصَّحَابَةِ وَأُصُولِهِمْ الَّتِي إلَيْهَا يَرْجِعُونَ كَانَتْ عُلُومُهُمْ أَصَحَّ مِنْ عُلُومِ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَخَطَؤُهُمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ أَقَلَّ مِنْ خَطَأِ مَنْ بَعْدَهُمْ، ثُمَّ التَّابِعُونَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَذَلِكَ، وَهَلُمَّ جَرَّا، وَلَمَّا اسْتَحْكَمَ هِجْرَانُ النُّصُوصِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ كَانَتْ عُلُومُهُمْ فِي مَسَائِلِهِمْ وَأَدِلَّتِهِمْ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالِاضْطِرَابِ وَالتَّنَاقُضِ. وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سُئِلُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ يَقُولُونَ: قَالَ اللَّهُ كَذَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا، أَوْ فَعَلَ رَسُول اللَّهِ كَذَا، وَلَا يَعْدِلُونَ عَنْ ذَلِكَ مَا وَجَدُوا إلَيْهِ سَبِيلًا قَطُّ، فَمَنْ تَأَمَّلَ أَجْوِبَتَهُمْ وَجَدَهَا شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ، فَلَمَّا طَالَ الْعَهْدُ وَبَعُدَ النَّاسُ مِنْ نُورِ النُّبُوَّةِ صَارَ هَذَا عَيْبًا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ يَذْكُرُوا فِي أُصُولِ دِينِهِمْ وَفُرُوعِهِ قَالَ اللَّهُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ.اه نبهنا عليه شيخنا الحبيب العيد شريفي وفقه الله في مجلس شرح صحيح البخاري يوم الأربعاء الفارط[/size] |
#2
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا.
وحفظ الله العيد شريفي. ومن بديع كلامه _ رحمه الله_ وهو قريب مما ذكرت بارك الله فيك: وَأَكْثَرُ آفَاتِ النَّاسِ مِنَ الْأَلْفَاظِ, وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَعِزُّ فِيهَا تَصَوُّرُ الْحَقِّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَالتَّعْبِيرُ الْمُطَابِقُ، فَيَتَوَلَّدُ مِنْ ضَعْفِ التَّصَوُّرِ، وَقُصُورِ التَّعْبِيرِ: نَوْعُ تَخْبِيطٍ, وَيَتَزَايَدُ عَلَى أَلْسِنَةِ السَّامِعِينَ لَهُ وَقُلُوبِهِمْ، بِحَسَبِ قُصُورِهِمْ، وَبُعْدِهِمْ مِنَ الْعِلْمِ. فَتَفَاقَمَ الْخَطْبُ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ, وَالْتَبَسَ طَرِيقُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الصَّادِقِينَ بِطَرَائِقِ الزَّنَادِقَةِ الْمُلْحِدِينَ, وَعَزَّ الْمُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا, فَدَخَلَ عَلَى الدِّينِ مِنَ الْفَسَادِ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ, وَأُشِيرَ إِلَى أَعْظَمِ الْخَلْقِ كُفْرًا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلْحَادًا فِي دِينِهِ: بِأَنَّهُ مِنْ شُيُوخِ التَّحْقِيقِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالسُّلُوكِ. وَلَوْلَا ضَمَانُ اللَّهِ بِحِفْظِ دِينِهِ، وَتَكَفُّلِهِ بِأَنْ يُقِيمَ لَهُ مَنْ يُجَدِّدُ أَعْلَامَهُ، وَيُحْيِي مِنْهُ مَا أَمَاتَهُ الْمُبْطِلُونَ, وَيُنْعِشُ مَا أَخْمَلَهُ الْجَاهِلُونَ: لَهُدِّمَتْ أَرْكَانُهُ، وَتَدَاعَى بُنْيَانُهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: (ج3_ص573), ط دار طيبة.
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها". الاعتصام للشاطبي (1_494). قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟! |
|
|